عبد الملك بن مروان عبد الملك بن مروان بن الحكم الاموي القرشي: ابو الوليد: من اعاضم الخلفاء ودهاتهم. نشأ في المدينة، فقيها واسع العلم، متعبدا، ناسكا. وشهد يوم الدار مع ابيه. واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن 16 سنة. وانتقلت اليه الخلافة بموت ابيه (سنة 65هـ) فضبط امورها وظهر بمظهر القوة، فكان جبارا على معانديه، قوي الهيبة. واجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد مقتل مصعب وعبد الله ابني الزبير في حربهما مع الحجاج الثقفي. ونقلت في ايامه الدواوين من الفارسية والرومية إلى العربي، وضبطت الحروف بالنقط والحركات. وهو اول من صك الدنانير في الاسلام، وكان عمر بن الخطاب قد صك الدراهم. وكان يقال: معاوية للحلم، وعبد الملك للحزم. ومن كلام الشعبي: ماذاكرت احدا الا وجدت لي الفضل عليه، الا عبد الملك، فما ذاكرته حديثا ولا شعرا الازادني فيه. وكان ابيض طويلا اعين رقيق الوجه، افوه مفتوح الفم مشبك الاسنان بالذهب، مقرون الحاجبين، مشرف الانف، ليس بالنحيل ولا البدين، ابيض الرأس واللحية؛ ونقش خاتمه (آمنت بالله مخصا). توفي في دمشق.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 165
أمير المؤمنين الأموي عبد الملك بن مروان بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي. أمير المؤمنين. بويع بعهد من أبيه في خلافة ابن الزبير. وبقي على مصر والشام، وابن الزبير على باقي البلاد مدة سبع سنين. ثم غلب عبد الملك على العراق وما والاها حتى قتل ابن الزبير واستوثق الأمر لعبد الملك. كان عابدا ناسكا بالمدينة، وشهد يوم الدار مع أبيه وهو ابن عشر سنين، وحفظ أمرهم.
قال ابن سعد: واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن ست عشرة. قال الشيخ شمس الدين: وهذا لا يتابع عليه. وسمع عثمان وأبا هريرة وأبا سعيد وأم سلمة، وبريرة مولاة عائشة، وابن عمر، ومعاوية. قال مصعب ابن عبد الله: أول من سمي عبد الملك في الإسلام عبد الملك بن مروان. وأمه عائشة بنت معاوية ابن أبي العاص. وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة سعدي ابن المسيب، وعبد الملك، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب. وعن ابن عمر، قال: ولد الناس أبناء، وولد مروان أبا. وقال مالك؛ سمعت يحيى بن سعيد يقول: أول من صلى في المسجد ما بين الظهر والعصر عبد الملك.
وقال ابن عائشة: أفضى الأمر إلى عبد الملك، والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا فراق بيني وبينك!
وكان له سبع عشر ولدا، ومات في شوال سنة ست وثمانين للهجرة. وفي تاريخ القضاعي: لقبه رشح الحجر لبخله؛ وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس؛ وكان ربعة إلى الطول أقرب، أبيض ليس بالبادن ولا النحيف، مقرون الحاجبين، كبير العينين، مشرف الأنف، كثير الشعر، متفلج الفم، مشبك الأسنان بالذهب، أبخر، كان يلقب أبا الذبان، يزعمون أن الذبابة إذا مرت بفيه ماتت لشدة بخره.
ولد يوم جلس عثمان للخلافة، وكان ملكه مع سني ابن الزبير إحدى وعشرين سنة وستة أشهر، وخلص له ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر. ولما مات صلى عليه ابنه الوليد. كان كاتبه قبيصة بن ذؤيب، وسرجون بن منصور، وعلى رسائله أبو الزعيزعة. وفي أيامه حولت الدواوين إلى العربية. وفي تاريخ القضاعي: وكتب له روح بن زنباع. وكان حاجبه أبو يوسف مولاه، ثم أبو درة، ونقش خاتمه: آمنت بالله مخلصا. وفي أيامه نقشت الدنانير والدراهم بالعربية سنة ست وسبعين. وكان على الدنانير قبل ذلك كتابة بالرومية، وعلى الدراهم كتابة بالفارسية، وكانت المثاقيل في الجاهلية اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي.
كتب إلى الحجاج مرة رسالة منها: قد بلغني عنك إسراف في القتل، وتبذير في المال، وهاتان خلتان لا أحتمل عليهما أحدا، وقد حكمت عليك في العمد بالقود وفي الخطأ بالدية، وفي الأموال تردها إلى مواضعها، وسيان منع حق أو إعطاء باطل، لا يؤنسنك إلا الطاعة، ولا يوحشنك إلا المعصية. وكتب في آخر كتابه:
وإن ترمني غفلة قرشية | فيا ربما قد غص بالماء شاربه |
وإن تر مني غضبة أموية | فهذا وهذا كل ذا أنا صاحبه |
سأملي لذي الذنب العظيم كأنني | أخو غفلة عنه وقد جب غاربه |
فإن كف لم أعجل عليه وإن أبى | وثبت عليه وثبة لا أراقبه |
أدنيته مني ليسكن روعه | فأصول صولة حازم مستمكن |
غضبا لديني والخلافة إنه | ليس المسيء سبيله كالمحسن |
فصحت ولا شلت وضرت عدوها | يمين هراقت مهجة ابن سعيد |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0
عبد الملك بن مروان ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الخليفة، الفقيه، أبو الوليد الأموي. ولد: سنة ست
وعشرين.
سمع عثمان، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وأم سلمة، ومعاوية، وابن عمر، وبريرة، وغيرهم.
ذكرته لغزارة علمه.
حدث عنه: عروة، وخالد بن معدان، ورجاء بن حيوة، وإسماعيل بن عبيد الله، والزهري، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، وآخرون.
تملك بعد أبيه الشام ومصر، ثم حارب ابن الزبير الخليفة، وقتل أخاه مصعبا في وقعة مسكن، واستولى على العراق وجهز الحجاج لحرب بن الزبير، فقتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين، واستوسقت الممالك لعبد الملك.
قال ابن سعد: كان قبل الخلافة عابدا ناسكا بالمدينة. شهد مقتل عثمان وهو ابن عشر، واستعمله معاوية على المدينة -كذا قال- وإنما استعمل أباه.
وكان أبيض، طويلا، مقرون الحاجبين، أعين، مشرف الأنف، رقيق الوجه، ليس بالبادن، أبيض الرأس واللحية.
عبد الله بن العلاء بن زبر: عن يونس بن ميسرة، عن عبد الملك، أنه قال على المنبر: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’ما من مسلم لا يغزو، أو يجهز غازيا أو يخلفه بخير إلا أصابه الله بقارعة قبل الموت’’.
قال عبادة بن نسي: قال ابن عمر: إن لمروان ابنا فقيها، فسلوه.
وقيل: إن أبا هريرة نظر إلى عبد الملك وهو غلام فقال هذا يملك العرب.
جرير بن حازم، عن نافع قال: لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك.
وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة: سعيد بن المسيب، وعبد الملك، وعروة، وقبيصة بن ذؤيب.
وعن ابن عمر: ولد الناس أبناء وولد مروان أبا.
وعن يحيى بن سعيد الأنصاري: أول من صلى بين الظهر والعصر عبد الملك بن مروان، وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر.
إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: ما جالست أحدا إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبد الملك وقيل: إنه تأوه من تنفيذ يزيد جيشه إلى حرب ابن الزبير فلما ولي الأمر جهز إليه الحجاج الفاسق.
قال ابن عائشة أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف بين يديه، فأطبقه، وقال: هذا آخر العهد بك.
قلت: اللهم لا تمكر بنا.
قال الأصمعي: قيل لعبد الملك: عجل بك الشيب. قال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة.
قال مالك: أول من ضرب الدنانير عبد الملك، وكتب عليها القرآن.
وقال يوسف بن الماجشون: كان عبد الملك إذا جلس للحكم، قيم على رأسه بالسيوف.
وعن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كان عبد الملك كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر مسجد دمشق. فقالت: بلغني أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة! فقال: إي والله والدماء.
وقيل: كان أبخر.
قال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام، وهي صغار في جنب عفوك يا كريم فاغفرها لي.
قلت: كان من رجال الدهر ودهاة الرجال وكان الحجاج من ذنوبه.
توفي في شوال سنة ست وثمانين، عن نيف وستين سنة.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 139
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن
عبد مناف بن قصي. وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. فولد عبد الملك الوليد ولي الخلافة وسليمان ولي الخلافة ومروان الأكبر. درج. وداود. درج. وعائشة وأمهم أم الوليد ابنة العباس بن جزء بن الحارث بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض. ويزيد بن عبد الملك ولي الخلافة ومروان ومعاوية. درج. وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس. وهشام بن عبد الملك ولي الخلافة وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأبا بكر بن عبد الملك وهو بكار وأمه عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي. والحكم بن عبد الملك. درج. وأمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان وأمها أم الحكم بنت ذؤيب بن حلحلة بن عمرو بن كليب الأعمى بن أصرم بن عبد الله بن قمير بن حبشية بن سلول. وعبد الله بن عبد الملك ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمدا وسعيد الخير والحجاج لأمهات أولاد. وفاطمة بنت عبد الملك تزوجها عمر بن عبد العزيز بن مروان وأمها أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة. قال وكان عبد الملك يكنى أبا الوليد وولد سنة ست وعشرين في خلافة عثمان بن عفان وشهد يوم الدار مع أبيه وهو ابن عشر سنين. وحفظ أمرهم وحديثهم. وشتا المسلمون بأرض الروم سنة اثنتين وأربعين.
وهو أول مشتى شتوه بها فاستعمل معاوية على أهل المدينة عبد الملك بن مروان وهو يومئذ ابن ست عشرة سنة فركب عبد الملك بالناس البحر.
قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني قال: سمعت شيخا يحدث عند دار كثير بن الصلت أن معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يوم ومعه عمرو بن العاص فمر بهما عبد الملك بن مروان فقال معاوية: ما آدب هذا الفتى وأحسن مروته. فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إن هذا الفتى أخذ بخصال أربع وترك خصالا ثلاثا. أخذ بحسن الحديث إذا حدث وحسن الاستماع إذا حدث وحسن البشر إذا لقي وخفة المؤونة إذا خولف. وترك من القول ما يعتذر منه. وترك مخالطة اللئام من الناس. وترك ممازحة من لا يوثق بعقله ولا مروته.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن
عبد العزيز عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: وحدثني إبراهيم بن الفضل عن المقبري أن عبد الملك بن مروان لم يزل بالمدينة في حياة أبيه وولايته حتى كان أيام الحرة. فلما وثب أهل المدينة فأخرجوا عامل يزيد بن معاوية وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان عن المدينة وأخرجوا بني أمية خرج عبد الملك مع أبيه. فلقيهم مسلم بن عقبة بالطريق قد بعثه يزيد بن معاوية في جيش إلى أهل المدينة. فرجع معه مروان وعبد الملك بن مروان وكان مجدورا فتخلف عبد الملك بذي خشب. وأمر رسولا أن ينزل مخيض وهي فيما بين المدينة وذي خشب على اثني عشر ميلا من المدينة وآخر يحضر الوقعة يأتيه بالخبر. وهو يخاف أن تكون الدولة لأهل المدينة. فبينا عبد الملك جالس في قصر مروان بذي خشب يترقب إذا رسوله قد جاء يلوح بثوبه فقال عبد الملك: إن هذا لبشير. فأتاه رسوله الذي كان بمخيض يخبره أن أهل المدينة قد قتلوا ودخلها أهل الشام. فسجد عبد الملك ودخل المدينة بعد أن برأ.
وقال غير محمد بن عمر: كان أهل المدينة قد أخذوا على بني أمية حين أخرجوهم العهود والمواثيق أن لا يدلوا على عورة لهم ولا يظاهروا عليهم عدوا.
فلما لقيهم مسلم بن عقبة بوادي القرى قال مروان لابنه عبد الملك. ادخل عليه قبلي لعله يجتزئ بك مني. فدخل عليه عبد الملك فقال له مسلم. هات ما عندك. أخبرني خبر الناس وكيف ترى. فقال: نعم. ثم أخبره بخبر أهل المدينة ودله على عوراتهم وكيف يؤتون ومن أين يدخل عليهم وأين ينزل. ثم دخل عليه مروان فقال: إيه ما عندك؟ قال: أليس قد دخل عليك عبد الملك؟ قال: بلى.
قال: فإذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني. قال: أجل. ثم قال مسلم: وأي رجل عبد الملك! قل ما كلمت من رجال قريش رجلا به شبها.
قال: أخبرنا أبو عبيد عن أبي الجراح قال: أخبرني محمد بن المنتشر عن رجل من همدان من وداعة من أهل الأردن قال قال: كنا مع مسلم بن عقبة مقدمه المدينة فدخلنا حائطا بذي المروة فإذا شاب حسن الوجه والهيئة قائم يصلي.
فطفنا في الحائط ساعة وفرغ من صلاته. فقال لي: يا عبد الله أمن هذا الجيش أنت؟ قلت: نعم. قال: أتؤمون ابن الزبير؟ قلت: نعم. قال: ما أحب أن لي ما على ظهر الأرض كله وأني سرت إليه. وما على ظهر الأرض اليوم أحد خير منه.
قال فإذا هو عبد الملك بن مروان. فابتلي به حتى قتله في المسجد الحرام.
قالوا: وكان عبد الملك قد جالس الفقهاء والعلماء وحفظ عنهم. وكان قليل الحديث.
قال محمد بن عمر: بويع مروان بن الحكم بالخلافة بالجابية يوم الأربعاء لثلاث خلون من ذي القعدة سنة أربع وستين. فلقي الضحاك بن قيس الفهري بمرج راهط فقتله. ثم بايع بعد ذلك لابنيه عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة.
قال محمد بن عمر: فأخبرنا موسى بن يعقوب عن أبي الحويرث قال: مات مروان بن الحكم بدمشق لهلال شهر رمضان سنة خمس وستين. فاستقبل عبد الملك الخلافة من يومئذ.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم عن أبيه قال:
تهيأ مصعب بن الزبير للخروج إلى عبد الملك وسار حتى أتى باجميرا قرية على شط الفرات دون الأنبار بثلاثة فراسخ. فنزلها. وبلغ عبد الملك فجمع جنوده ثم سار فيهم يؤم العراق لقتال مصعب. وقال لروح بن زنباع وهو يتجهز: والله إن في أمر هذه الدنيا لعجبا. لقد رأيتني ومصعب بن الزبير أفقده الليلة الواحدة من الموضع الذي نجتمع فيه فكأني واله. ويفقدني فيفعل مثل ذلك. ولقد كنت أوتى باللطف فما أراه يجوز لي أكله حتى أبعث به إلى مصعب أو ببعضه. ثم صرنا إلى السيف. ولكن هذا الملك عقيم ليس أحد يريده من ولد ولا والد إلا كان السيف.
وإنما يقول هذا القول عبد الملك لأن خالد بن يزيد بن معاوية وعمرو بن سعيد بن العاص جالسان معه. فأرادهما به. وهو يومئذ يخافهما. قد عرف أن عمرو بن سعيد أطوع الناس عند أهل الشام وخالد بن يزيد بن معاوية قد كان مروان أطعمه في العقد له بعده. فعقد مروان لعبد الملك ولعبد العزيز بعد عبد الملك. فأيس خالد. وهو مع عبد الملك على الطمع والخوف.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي فروة عن أبيه قال: لما سار عبد الملك من دمشق يؤم العراق إلى مصعب لقتاله. فكان دون بطنان حبيب بليلة. جلس خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد فتذاكرا أمر عبد الملك
ومسيرهما معه على خديعة منه لهما ومواعيد باطلة. قال عمرو: فإني راجع.
فشجعه خالد على ذلك. فرجع عمرو إلى دمشق فدخلها والسور يومئذ عليها وثيق.
فدعا أهل الشام فأسرعوا إليه. وفقده عبد الملك وقال: أين أبو أمية؟ فقيل له:
رجع. فرجع عبد الملك بالناس إلى دمشق فنزل على مدينة دمشق فأقام عليها ست عشرة ليلة حتى فتحها عمرو له وبايعه. فصفح عنه عبد الملك ثم أجمع على قتله.
فأرسل إليه يوما يدعوه فوقع في نفسه أنها رسالة شر. فركب إليه فيمن معه ولبس درعا مكفرا بها ودخل على عبد الملك فتحدث ساعة. وقد كان عهد إلى يحيى بن الحكم إذا خرج إلى الصلاة أن يضرب عنقه. ثم أقبل عليه فقال له: أبا أمية ما هذه الغوائل والزبى التي تحفر لنا؟ ثم ذكره ما كان منه. وخرج إلى الصلاة ورجع ولم يقدم عليه يحيى فشتمه عبد الملك. ثم أقدم هو ومن معه على عمرو بن سعيد فقتله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم عن أبيه قال:
أقام عبد الملك تلك السنة فلم يغز مصعبا. وانصرف مصعب إلى الكوفة. فلما كان من قابل خرج مصعب من الكوفة حتى أتى باجميرا فنزلها. وبلغ ذلك عبد الملك فتهيأ للخروج إليه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة أبو علقمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن رجاء بن حيوة قال: لما أجمع عبد الملك المسير إلى مصعب تهيأ لذلك وخرج في جند كثير من أهل الشام. وسار عبد الملك وسار مصعب حتى التقيا بمسكن. ثم خرجوا للقتال. واصطف القوم بعضهم لبعض. فخذلت ربيعة وغيرها مصعبا فقال: المرء ميت على كل حال. فو الله لأن يموت كريما أحسن من أن يضرع إلى من قد وتره.
لا أستعين بهم أبدا ولا بأحد من الناس. ثم قال لابنه عيسى: تقدم فقاتل. فدنا ابنه فقاتل حتى قتل. وتقدم إبراهيم بن الأشتر فقاتل قتالا شديدا وكثره القوم فقتل.
ثم صاروا إلى مصعب وهو على سرير له فقاتلهم قتالا شديدا وهو على السرير حتى قتل. وجاء عبيد الله بن زياد بن ظبيان فاحتز رأسه فأتى به عبد الملك فأعطاه ألف دينار فأبى أن يأخذها. ثم دعا عبد الملك أهل العراق إلى البيعة له فبايعوه وانصرف إلى الشام.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا مصعب بن ثابت عن أبي الأسود عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: وحدثنا شرحبيل بن أبي عون عن أبيه. وغيرهما أيضا قد حدثني قالوا: لما قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير بعث الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير بمكة في ألفين من جند أهل الشام وكتب إلى طارق بن عمرو يأمره أن يلحق بالحجاج. فسار طارق في أصحابه وهم خمسة آلاف فلحق الحجاج. فحصروا ابن الزبير وقاتلوا ونصبوا عليه المنجنيق. وحج بالناس الحجاج سنة اثنتين وسبعين وابن الزبير محصور. ثم صدر الحجاج وطارق فنزلا بئر ميمون ولم يطوفا بالبيت ولم يقربا النساء ولا الطيب إلى أن قتل ابن الزبير. فطافا بالبيت وذبحا جزورا. وحصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين ستة أشهر وسبعة عشر يوما. وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين. وبعث برأسه إلى عبد الملك بن مروان بالشام.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال:
أجمع الناس على عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين. وكتب إليه ابن عمر بالبيعة. وكتب إليه أبو سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع بالبيعة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أن عبد الملك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم سنة خمس وسبعين. وهو أول من أحدث ضربها ونقش عليها.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا خالد بن ربيعة بن أبي هلال عن أبيه قال: كانت مثاقيل الجاهلية التي ضرب عليها عبد الملك بن مروان اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي. وكانت العشرة وزن سبعة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن ابن كعب بن مالك قال: أجمع لعبد الملك على تلك الأوزان.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي الزناد عن أبيه قال: أقام الحج للناس سنة خمس وسبعين عبد الملك بن مروان. فلما مر بالمدينة نزل في دار أبيه فأقام أياما ثم خرج حتى انتهى إلى ذي الحليفة وخرج معه الناس فقال له
أبان بن عثمان: أحرم من البيداء. فأحرم عبد الملك من البيداء.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر الزهري عن أبي عبيد قال: سمعت قبيصة بن ذؤيب يقول: أنا أمرت عبد الملك أن يحرم من البيداء.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه قال: رأيت عبد الملك بن مروان يلبي بعد أن دخل الحرم حتى طاف بالبيت ثم أمسك عن التلبية. ثم لم يزل يلبي حتى راح إلى الموقف. قال فذكرت ذلك لابن عمر فقال:
كل ذلك قد رأيت. فأما نحن فإنما نأخذ بالتكبير.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عبد الملك بن مروان أنه خطب في حجته في أربعة أيام قبل التروية ويوم عرفة والغد من يوم النحر ويوم النفر الأول أربعة أيام.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن أبي فروة قال:
سمعت عبد الله بن عمرو بن أويس العامري يقول: سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقبيصة بن ذؤيب: هل سمعت في الوداع بدعاء موقت؟ فقال: لا. فقال عبد الملك: ولا أنا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن موسى عن عكرمة بن خالد عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة قال: طفت مع عبد الملك بن مروان بالبيت فلما كان الشوط السابع دنا من البيت يتعوذ فجذبته فقال: ما لك يا حار؟
قلت: يا أمير المؤمنين أتدري أول من فعل هذا؟ عجوز من عجائز قومك. قال فمضى عبد الملك ولم يتعوذ.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن موسى بن ميسرة قال: طاف عبد الملك بن مروان للقدوم فلما صلى الركعتين قال له الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: عد إلى الركن الأسود قبل أن تخرج إلى الصفا. فالتفت عبد الملك إلى قبيصة فقال قبيصة: لم أر أحدا من أهل العلم يعود إليه. فقال عبد الملك: طفت مع أبي فلم أره عاد إليه. ثم قال عبد الملك: يا حار تعلم مني كما تعلمت منك حيث أردت أن ألتزم البيت فأبيت علي. قال: أفعل يا أمير
المؤمنين. ما هو بأول علم استفدت من علمك.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عوف بن الحارث قال: رأيت جابر بن عبد الله دخل على عبد الملك فرحب به عبد الملك وقربه فقال جابر: يا أمير المؤمنين إن المدينة حيث ترى وهي طيبة سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهلها محصورون. فإن رأى أمير المؤمنين أن يصل أرحامهم ويعرف حقهم فعل. قال فكره ذلك عبد الملك وأعرض عنه. وجعل جابر يلح عليه حتى أومأ قبيصة إلى ابنه وهو قائده. وكان جابر قد ذهب بصره. أن أسكته. قال فجعل ابنه يسكته. قال جابر: ويحك ما تصنع بي؟ قال: اسكت.
فسكت جابر. فلما خرج أخذ قبيصة بيده فقال: يا أبا عبد الله إن هؤلاء القوم صاروا ملوكا. فقال له جابر: أبلى الله بلاء حسنا فإنه لا عذر لك وصاحبك يسمع منك.
قال: يسمع ولا يسمع. ما وافقه سمع. وقد أمر لك أمير المؤمنين بخمسة آلاف درهم فاستعن بها على زمانك. فقبضها جابر.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: أقام الحج سنة خمس وسبعين عبد الملك بن مروان ثم صدر فمر على المدينة فخطب الناس على المنبر. ثم أقام خطيبا له آخر وهو جالس على المنبر فتكلم الخطيب. فكان مما تكلم به يومئذ أن وقع بأهل المدينة وذكر من خلافهم الطاعة وسوء رأيهم في عبد الملك وأهل بيته وما فعل أهل الحرة. ثم قال: ما وجدت لكم يا أهل المدينة مثلا إلا القرية التي ذكر الله في القرآن فإن الله قال: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} النحل: 112.
فبرك ابن عبد فقال للخطيب: كذبت لسنا كذلك. اقرأ الآية التي بعدها: {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} النحل: 113. وإنا آمنا بالله ورسله. فلما قال ذلك ابن عبد وثب الحرس عليه فالتفوا به حتى ظننا أنهم قاتلوه. فأرسل إليهم عبد الملك فردهم عنه. فلما فرغ الخطيب ودخل عبد الملك الدار أدخل عليه ابن عبد. قال فما أجاز أحدا أكثر من جائزته ولا كسا أحدا أكثر من كسوته.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد قال: لما تكلم عبد الملك بما تكلم به ورد عليه أبي وثبت الشرطة إلى أبي فدخلوا به إلى عبد الملك بن مروان. قال فأغلظ له بعض الغلظة بين يدي أهل الشام. قال فلما خرج أهل الشام قال له: يا ابن عبد قد رأيت ما صنعت وقد عفوت ذلك عنك. وإياك أن تفعلها بوال بعدي فأخشى أن لا يحمل لك ما حملت. إن أحب الناس إلي هذا الحي من قريش وحليفنا منا وأنت أحدنا.
ما دينك؟ قال: خمسمائة دينار. قال فأمر له بخمسمائة دينار وأجازه بمائة دينار سوى ذلك. قال وكساه كسوة فيها كساء خز أخضر عندنا قطعة منه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن المسور بن رفاعة قال: سمعت ثعلبة بن أبي مالك القرظي يقول: رأيت عبد الملك بن مروان صلى المغرب والعشاء في الشعب فأدركني دون جمع فسرت معه فقال: صليت بعد؟
فقلت: لا لعمري. قال: فما منعك من الصلاة؟ قال قلت: إني في وقت بعد.
فقال: لا لعمري ما أنت في وقت. قال ثم قال: لعلك ممن يطعن على أمير المؤمنين عثمان. رحمه الله. فأشهد علي أبي لأخبر أنه رآه صلى المغرب والعشاء في الشعب. فقلت: ومثلك يا أمير المؤمنين يتكلم بهذا وأنت الإمام! وما لي وللطعن عليه وعلى غيره؟ قد كنت له لازما ولكني رأيت عمر. رحمه الله. لا يصلي حتى يبلغ جمعا. وليست سنة أحب إلي من سنة عمر. فقال: رحم الله عمر.
فعثمان كان أعلم بعمر. لو كان عمر فعل هذا لاتبعه عثمان. وما كان أحد أتبع لأمر عمر من عثمان. وما خالف عثمان عمر في شيء من سيرته إلا باللين فإن عثمان لان لهم حتى ركب. ولو كان غلظ عليهم جانبه كما غلظ عليهم ابن الخطاب ما نالوا منه ما نالوا. وأين الناس الذين كان يسير فيهم عمر بن الخطاب والناس اليوم! يا ثعلبة إني رأيت سيرة السلطان تدور مع الناس. إن ذهب اليوم رجل يسير بتلك السيرة أغير على الناس في بيوتهم وقطعت السبل وتظالم الناس وكانت الفتن. فلا بد للوالي أن يسير في كل زمان بما يصلحه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن أبي موسى الحناط عن ابن كعب قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: يا أهل المدينة إن أحق الناس أن يلزم الأمر الأول لأنتم. وقد سالت علينا أحاديث من قبل هذا المشرق لا نعرفها ولا نعرف منها إلا قراءة القرآن. فالزموا ما في مصحفكم الذي
جمعكم عليه الإمام المظلوم. رحمه الله. وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم. رحمه الله. فإنه قد استشار في ذلك زيد بن ثابت ونعم المشير كان للإسلام. رحمه الله. فأحكما ما أحكما وأسقطا ما شذ عنهما.
قالوا: وكان عبد الملك بن مروان قد هم أن يخلع أخاه عبد العزيز بن مروان ويعقد لابنيه الوليد وسليمان بعده بالخلافة. فنهاه عن ذلك قبيصة بن ذؤيب وقال له: لا تفعل هذا فإنك تبعث به عليك صوتا نعارا. ولعل الموت يأتيه فتستريح منه.
فكف عبد الملك عن ذلك ونفسه تنازعه أن يخلعه. فدخل عليه ليلة روح بن زنباع الجذامي وكان يبيت عند عبد الملك ووسادهما واحد. وكان أحلى الناس عند عبد الملك. فقال: يا أمير المؤمنين لو خلعته ما انتطحت فيه عنزان. قال: ترى ذلك يا أبا زرعة؟ قال: إي والله. وأنا أول من يجيبك إلى ذلك. فقال نصيح: إن شاء الله. قال فبينا هو على ذلك وقد نام عبد الملك بن مروان وروح بن زنباع إلى جنبه إذ دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقا. وكان عبد الملك قد تقدم إلى حجابه فقال: لا يحجب عني قبيصة أي ساعة جاء من ليل أو نهار. إذا كنت خاليا أو كان عندي رجل واحد. وإن كنت عند النساء أدخل المجلس وأعلمت بمكانه. فدخل وكان الخاتم إليه. وكاتب السكة إليه. تأتيه الأخبار قبل عبد الملك فيقرأ الكتب قبله ثم يأتي بها منشورة إلى عبد الملك فيقرؤها إعظاما لقبيصة. فدخل عليه فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في أخيك. قال: وهل توفي؟ قال: نعم. قال فاسترجع عبد الملك بن مروان ثم أقبل على روح فقال: أبا زرعة كفانا الله ما كنا نريد وما أجمعنا عليه. وكان ذلك مخالفا لك يا أبا إسحاق. فقال قبيصة: وما هو؟
فأخبره بما كان. فقال قبيصة: يا أمير المؤمنين إن الرأي كله في الأناة. والعجلة فيها ما فيها. فقال عبد الملك: ربما كان في العجلة خير كثير. أرأيت عمرو بن سعيد. ألم تكن العجلة في أمره خيرا من التأني فيه؟ وأمر عبد الملك ابنه عبد الله بن عبد الملك على مصر وعقد لابنيه الوليد وسليمان بعده بالخلافة. وكتب في البلدان فبايع لهما الناس. وكان موت عبد العزيز في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين.
قال: أخبرنا محمد بن عمر عن رجاله من أهل المدينة قالوا: قد حفظ عبد الملك عن عثمان وسمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وغيرهم من أصحاب رسول الله. وكان عابدا ناسكا قبل الخلافة.
قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي عن نافع قال: لقد رأيت عبد الملك بن مروان وما بالمدينة شاب أشد تشميرا ولا أطلب للعلم منه.
وأحسبه قال: ولا أشد اجتهادا.
قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي قال: سمعت أبي يحدث عن جعفر بن عطية مولى خزاعة عن ابن قبيصة بن ذؤيب عن أبيه قال: كنا نسمع نداء عبد الملك بن مروان من وراء الحجرات: يا أهل النعم لا تقللوا شيئا منها مع العافية.
قال: أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال: أخبرنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن محمد بن صهيب أنه رأى عبد الملك بن مروان يبتاع بمنى بدنة.
قال: أخبرنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: سمعت ابن شهاب يسأل عن ربط الأسنان بالذهب قال: لا بأس به. ربط عبد الملك بن مروان أسنانه بالذهب.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا سفيان عن ابن جريج عن الزهري أن عبد الملك بن مروان كان يشد أسنانه بالذهب.
أخبرنا معن بن عيسى قال: حدثنا معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس أن عبد الملك بن مروان ربط أسنانه بذهب.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو معشر نجيح قال: مات عبد الملك بن مروان بدمشق يوم الخميس للنصف من شوال سنة ست وثمانين وله ستون سنة.
فكانت ولايته من يوم بويع إلى يوم توفي إحدى وعشرين سنة وشهرا ونصفا. وكان تسع سنين منها يقاتل فيها عبد الله بن الزبير ويسلم عليه بالخلافة بالشام ثم بالعراق بعد مقتل مصعب. وبقي بعد مقتل عبد الله بن الزبير واجتماع الناس عليه ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر إلا سبع ليال. وقد روي لنا أنه مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة. والأول أثبت وهو على مولده سواء.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 172
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف: مات سنة ست وثمانين، قال الواقدي: مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وذكر القتيبي أنه مات وله اثنتان وستون سنة. وروى عبادة بن نسي قال: قيل لابن عمر: إنكم معشر أشياخ قريش توشكون أن تتفرقوا فمن نسأل بعدكم؟. قال: إن لمروان ابنا فقيها فاسألوه. وقال أبو الزناد: كان يعد فقهاء المدينة أربعة: سعيد وعبد الملك وعروة وقبيصة.
دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 62
عبد الملك بن مروان بن الحكم. أنى له العدالة وقد سفك الدماء وفعل الافاعيل
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 2- ص: 664
عبد الملك بن مروان بن الحكم الخليفة الأموي
م سنة 186 هـ.
كان رواية للأنساب خاصة نسب قريش.
قال محمد بن مسلم الزهري - وقد امتحنه في صنوف من العلم حتى بلغ الأنساب: جعل يسألني عن أنساب قريش فلهو كان أعلم بها مني.
دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 36
عبد الملك بن مروان بن الحكم، الأموي، القرشي، أبو الوليد، أراه.
قال الحسن، عن ضمرة: مات سنة ست وثمانين.
وقال محمود، عن وهب، عن أبيه، عن قتادة: ولي عبد الملك أربع عشرة سنة، وكانت فتنة ابن الزبير، رضي الله عنهما، ثمان سنين.
أصله مديني، سكن الشام.
وقال ابن المنذر: عن عبد الله بن عبيد الله بن عنبسة، عن عمه سليمان بن عبد الله، قال: دخل عبد الملك على عثمان، رضي الله عنه، وهو غلام، فقبله.
دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 5- ص: 1
ابنه عبد الملك بن مروان أبو الوليد
غزا إفريقية مع معاوية بن حديج سنة أربع وثلاثين في آخر خلافة عثمان وبعثه معاوية هذا إلى مدينة يقال لها جلولا في ألف رجل فحاصرها عبد الملك أياماً فلم يصنع شيئا فأنصرف راجعا فلم يسر إلا يسيرا حتى رأى في ساقة الناس غباراً شديدا فظن أن العدو قد طلبهم فكر بجماعة من الناس لذلك وبقي من بقي على مصافهم وتسرع سرعان الناس فإذا مدينة جلولا قد قوع حائطها فدخلها المسلمون وغنموا ما فيها وانصرف عبد الملك إلى معاوية بن حديج، ولعبد الملك في تمنيه الخلافة وإجابة دعائه بذلك خبر غريب يدخل في باب الأماني الصادقة وقد رويته عن الحافظ أبي الربيع بن سالم بقراءتي عليه من طريق أبي على بن سكرة الصدفي بإسناده إلى الشعبي قال لقد رأيت عجبا كنا بفناء الكعبة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم ليقم كل رجل منكم فليأخذ بالركن اليماني ويسأل الله حاجته فإنه يعطى من سعة قم يا عبد الله ابن الزبير فإنك أول مولود ولد في الهجرة فقام فأخذ بالركن اليماني ثم قال اللهم إنك عظيم ترجى لكل عظيم أسألك بحركة وجهك وبحرمة عرشك وحرمة نبيك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز ويسلم علي بالخلافة وجاء حتى جلس فقالوا قم يا مصعب بن الزبير فقام حتى أخذ بالركن اليماني ثم قال اللهم إنك رب كل شيء وإليك يصير كل شيء أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق وتزوجني سكينة بنت الحسين وجاء حتى جلس وقالوا قم يا عبد الملك بن مروان فقام وأخذ بالركن اليماني فقال اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين ذات النبت بعد القفر أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك وأسألك بحرمة وجهك وأسألك بحقك على جميع خلقك وبحق الطائفين حول بيتك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني مشرق الأرض ومغربها ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه ثم جاء حتى جلس ثم قالوا قم يا عبد الله بن عمر فقام حتى أخذ بالركن اليماني ثم قال اللهم إنك رحمان رحيم أسألك برحمتك التي سبقت غضبك وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة قال الشعبي فما ذهبت عيناي من الدنيا حتى رأيت كل واحد منهم أعطى ما سأل وبشر عبد الله بالجنة ورؤيت له ومن شعر عبد الملك وقد هم بقتل بعض أهله ثم صفح عنه
هممت بنفسي همة لو فعلتها | لكان كثيرا بعدها ما ألومها |
ولكنني من أسرة عبشمية | إذا هي همت أدركتها حلومها |
إذا أنت لم تترك أموراً كرهتها | وتطلب رضاي بالذي أنت طالبه |
وتخش الذي لم يخش مثلك لم تكن | كذي الدر رد الدر في الضرع حالبه |
فإن تر مني وثبة أموية | فهذا وهذا كل ذا أنا صاحبه |
وإن تر مني غفلة قرشية | فيا ربما قد غص بالماء شاربه |
فلا تأمنني والحوادث جمة | فإنك مجزي بما أنت كاسبه |
وإني لأغضى جفن عيني على القذى | وأزور بالأمر الذي أنا راكبه |
وأملي لذي الذنب العظيم كأنني | أخو غفلة عنه وقد جب غاربه |
فإن آب لم أعجل عليه وإن أبى | وثبت عليه وثبة لا أراقبه |
إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقى | أذاك فيومي لا توارى كواكبه |
وما لامرئ يعصى الخليفة جنة | تقيه من الأمر الذي هو راكبه |
أسالم من سالمت من ذي مودة | ومن لم تسالمه فإني محاربه |
إذا قارف الحجاج فيك خطيئة | فقامت عليه بالصياح نوادبه |
وإن أنا لم أدن النصيح لنصحه | وأقص الذي دبت على عقاربه |
وأعط المواسي | ترد الذي ضاقت على مذاهبه |
فمن يتقى بوسي ويرعى مودتي | ويخشى الردى والدهر جم عجائبه |
فأمري إليك اليوم ما قلت قلته | ومالم تقله لم أقل ما يقاربه |
ومهما ترد مني فإني أريده | وما لم ترد مني فإني مجانبه |
بي على الرضا | مدى الدهر حتى يرجع الدر حالبه |
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية الأموي، أبو الوليد، المدني ثم الدمشقي، أمير المؤمنين.
ذكره ابن حبان في كتاب ’’ الثقات ’’، وقال: كان من فقهاء أهل المدينة وقرائهم قبل أن يلي ما ولي وهو بغير الثقات أشبه.
وعند التاريخي: كان مروان سمى ابنه القاسم، فلما بلغه النهي عن ذلك سماه عبد الملك.
وذكر المزي شيئا من حاله من عند ابن سعد ووفاته من عند غيره.
وابن سعد قد تولى جميع ذلك، فقال: قال مسلم بن عقبة: وأي رجل عبد الملك؟! قل ما كلمت من رجال قريش رجلا به شبها.
أنبا محمد بن عمر بن واقد حدثني أبو معشر قال: مات عبد الملك بدمشق يوم الخميس في النصف من شوال سنة ست وثمانين، فكانت ولايته من يوم بويع إلى يوم مات إحدى وعشرين سنة وشهر ونصف، كان تسع سنين منها يقاتل ابن الزبير، وسلم عليه بالخلافة في الشام ثم بالعراق بعد قتل مصعب، وبقي بعد مقتل ابن الزبير واجتماع الناس عليه ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر إلا سبع ليال، وقد روى لنا أنه مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة، والأول أثبت وهو على مولده سواء.
وفي ’’ حلى العلى ’’ لعبد الدائم القيرواني: عن الشعبي: كان عبد الملك يدعى حمامة المسجد، وكان لا يخابر بين صبيان المكاتب تحرجا وتورعا فلما ولي الخلافة قال له ابن المسيب: بلغني أنك شربت الطلاء. قال: نعم والدماء.
وقال الطبري في ’’ طبقات الفقهاء ’’: كان من مقدمي التابعين في العلم والفضل.
وفي ’’ الجمهرة ’’: عادة وهو خليفة حسان بن بحدل ومنظور بن زيد بن أفعى بالشام قال: ومالي في دمشق ولا [مر ما شئت أن عرضه ولا] ومالي بعد حسان ابن عمرو ومالي بعد منظور خليل وقال المبرد: كان عبد الملك من العلم والرأي بموضع ومن أكثر الناس علما وأبرعهم أدبا وأحسنهم في شبيبتة ديانة ولما قتل عمر [] المصحف في حجره فطرحه فقال: هذا فراق بيني وبينك [ق35/ب].
وفي تاريخ البخاري الصغير داخل عبد الملك بن مروان على عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فقبله، وزاد في ’’ الكبير ’’: وقال لي: محمود عن وهب عن أبيه عن قتادة: ولي عبد الملك أربعة عشر سنة، وكانت فتنة ابن الزبير ثمان سنين.
وفي ’’ تاريخ أبي الفرح ’’: قال الشعبي: دخلت على عبد الملك في علة أعوده فقلت: كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أصبحت كما قال عمرو بن قميئة:
كأني وقد جاوزت سبعين حجة | خلفت بها عني عذار |
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى | فما بال من يرمي وليس برام |
فلو أنها نبل إذا لاتقيتها | ولكنما أرمي بغير سهام |
ظنت شكى إلى النفس تجهشه | وقد حملتك سبعا بعد سبعينا |
فإن تراوى ثلاثا تلقى أملا | وفي الثلاث رفأ للثمانين |
كأني وقد جاوزت تسعين حجة | خلعت بها عن منكبي ردا يبا |
أليس في مائة قد عاشها رجل | وفي تبلغ عشر دونها عمر |
ولقد سئمت من الحياة وطولها | وسؤال هذا الناس كيف لبيد |
فإن بز مني غفلة فرشية | فرئيتما قد غص شاربه |
وإن بز مني وثبة أسوة | فهذا وهذا حلة أنا راكبه |
فلا يأمني والحوادث جمة | فإنك تجزي ما أنت كاسبه |
وإن أغض جفن العين يوما | على القذى وأورد بالأمر الذي أنا طالبه |
فذلكم للأمر العظيم كأنني أخو | غفلة عنه وقد شال غاربه |
فإن كف لم أعجل عليه وإن أنا | وثبت عليه وثبة لا أراقبه |
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 8- ص: 1
عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي
كنيته أبو الوليد كان من فقهاء أهل المدينة وقرائهم قبل أن يلي وقد ذكرنا أنسابه في كتاب الخلفاء وهو بغير الثقات أشبه
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 5- ص: 1
عبد الملك بن مروان
تزوج مروان بن الحكم امرأة يزيد بن معاوية بعده فدخل خالد بن يزيد بن معاوية إلى مروان بن الحكم فكلمه خالد يوماً بشيء فقال له مروان يا بن الرطبة فشكا خالد إلى أمه فقال إنه قال لي كذا وكذا قالت إنه لا يقول لك ذلك بعد فغمته بمرفقة فقتلته فلم يعاتب عبد الملك خالدا بشيء وكان يقال إن لعبد الملك حلما دخل عبد الرحمن بن أم الحكم وكان خيارا فقال له عبد الملك مالي أراك كأنك عاض على صوفة يريد عنفقته فقال له عبد الرحمن والله يا أمير المؤمنين يقبلن فأي ولا يشممن قفاي فعرف عبد الملك انه إنما عيره بالبخر فسكت وكان ابخر يقال انه ولد لستة اشهر فدخل عليه رجل من أهل العراق فعرض له عبد الملك بما يكره فقال له العراقي أن ها هنا قوما لم تنضجهم الأرحام ولم يولدوا لتمام فقال له عبد الملك من هم ويلك قال سويد بن منجوف منهم يا أمير المؤمنين وإنما أراده هو وكان سويد حاضرا فلما خرجوا قال له سويد أحسنت إليه ما يسرني أنك نقصته شيئاً مما كان
دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف الأموي، الخليفة:
بويع بعد أبيه مروان بديار مصر والشام، وخرج عليه بالشام عمرو بن سعيد بن العاص، المعروف بالأشدق، فلاطفه حتى سلم نفسه إليه بأمان، فغدر به وذبحه صبرا بيده - فيما قيل - ثم سار إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير، فلقيه مصعب بدير الجاثليق، والتقى الجمعان، فقتل مصعب، ثم وجه عبد الملك الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة، فحاربه حتى قتل ابن الزبير، في جمادى الأولى - وقيل الأخرى - سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وصفا الأمر بعد ذلك، لعبد الملك في جميع البلاد، وانفرد بالخلافة حتى مات، ولم ينازعه أحد إلا غلبه.
ويقال: إنه سأل الله تعالى في ذلك في المستجار، عند الركن اليماني، في مقابلة الملتزم، وهو موضع يستجاب فيه الدعاء، كما سبق في مقدمة هذا الكتاب.
وكان قبل دخوله في الإمرة، ناسكا متعبدا، وأنكر على يزيد بن معاوية، ما صنعه جيشه الذي كان فيه الحصين بن نمير، من محاصرة ابن الزبير بمكة، ورمى المنجنيق على الكعبة.
فلما ولى، صنع الحجاج بأمره جميع ما أنكره، ويقال: إنه حين جاءه الأمر، كان يقرأ في المصحف، فوضعه من يده، وقال: {هذا فراق بيني وبينك} [الكهف: 78].
وكان رأي - فيما قيل - أنه يبول في الجوانب الأربعة من المسجد النبوي. فقص ذلك على سعيد بن المسبب، وقيل على محمد بن سيرين، فأخبره بأنه يلى أمر الأمة، أربعة من أولاده، فكان كذلك؛ لأنه لما مات، ولى الخلافة بعده ابنه الوليد حتى مات، ثم أخوه سليمان بن عبد الملك حتى مات، ثم يزيد بن عبد الملك، بعد عمر بن عبد العزيز، ثم هشام بن عبد الملك، ولا نعلم أحدا ولى أمر الأمة أربعة نفر، أولاد رجل واحد، إلا هؤلاء، أولاد عبد الملك، ثم أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، وأدلى أولاد الناصر على عبد الملك، ولى الأمر منهم ثمانية نفر، سبق ذكرهم في ترجمة أبيهم الملك الناصر.
توفى عبد الملك، في شوال سنة ست وثمانين من الهجرة، وكان يلقب: رشح الحجر؛ لبخله، وأبا ذبان؛ لبخره.
وسئل عنه بعض الكبار، فقال: ما أقول في شخص، الحجاج من سيئاته، تجاوز الله عنه.
ومن المآثر التي له بمكة، أنه عمر المسجد الحرام عمارة حسنة، وسقفه بالساج، وجعل في رأس كل أسطوانة خمسين مثقالا، وبعث بمال عظيم لعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادى بمكة، وعمل ردما على أفواه السكك، تحصينا لدور الناس من السيل، فعمل ذلك كله مع ضفائر المسجد الحرام. وذلك لما بلغه خبر سيل الجحاف بمكة.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 1