المظفر العامري عبد الملك (المظفر) بن محمد (المنصور) ابن عبد الله بن ابي عامر المعافري، ابو مروان: ثاني امراء الاندلس من الاسرة العامرية. كان في ايام ابيه (المنصور) ينوب عنه في الحجابة للمؤيد الاموي(هشام بن الحكم) بقرطبة. ثم كان مع ابيه في غزواته التي مات بها (في مدينة سالم) ولما شعر ابوه بدنو اجله رده إلى قرطبة واوصاه بضبطها. فأسرع اليها. وجاءه نعي ابيه، فدخل على المؤيد، فأخبره فخلع عليه وكتب له بولاية الحجابة مكان ابيه (سنة 392هـ) فقام بأمور فقام بأمور الدولة كبيرها وصغيرها، واسقط عن البلاد سدس الجباية، وتلقب بسيف الدولة (الملك المظفر بالله) وعاد المؤيد إلى انزوائه. احبه أهل الاندلس وازدهرت البلاد في عهده حتى قالوا: انه (لم يولد بالاندلس مولود اسعد منه على ابيه وعلى نفسه وحاشيته وبلاده) وكان من اشد الناس حياءا، فاذا دخل الحرب فهو الاسد، حطما وشدة. وكان داهية حازما، ولي الحجابة - بل الامارة او السلطة المطلقة - وملوك الافرنج يرتقبون الخلاص من ابيه، ويتحفزون لنقض ما كان بينهم وبينه من (مسالمة) في الثغور، فجهز الجيوش، وقاتل من قاتله، فهابوه. وحضر احدهم شانجه (Sanche III, Le Grand) إلى قرطبة مسالما، سنة 394هـ ، فاصطحبه عبد الملك معه في اقتحامه جليقية (Galice) وظل على المسالمة بعد ذلك إلى سنة 396هـ ، وشعر عبد الملك باستعداده لحربه، فسابقه بالغزو، سنة 397هـ ، وقهره وعاد إلى قرطبة. وكان قليل بضاعة العلم، فلم يكن للادب في ايامه ما كان له في ايام ابيه. وقال ابن حيان: كان مائلا إلى مجالسة الجفاة من البرابر والافرنج، منهمكا في الفروسية وآلاتها. الا انه تمسك بمن كان يألفهم ابوه (من خطيب وشاعر ونديم وشطرنجي ومعدل وتاريخي وغيرهم) كما يقول ابن بسام، وقررهم على مراتبهم، ولم ينقصهم سوى الاختلاط به وحضور مجالس انسه، في جملة خاصته. وكان محبا لاظهار ابهة الملك، والتأنق في مراكبه هو واصحابه، بحلي الفضة المرصعة بالذهب، وفيه ميل إلى اللذات. غزا الافرنج سبع غزوات، ومات في السابعة منها بمنزلة ام هانئ بمقربة من ارملاط (Guadimellato) بعلة الذبحة، وقيل مسموما. قال ابن عميرة: كانت ايامه اعيادا.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 163