العاضد لدين الله عبد الله (العاضد) بن يوسف بن الحافظ، العلوي الفاطمي، ابو محمد: آخر ملوك الدولة الفاطمية (العبيدية) بمصر والمغرب. بويع له بمصر سنة 555هـ ، بعد موت الفائز. وكان الضعف قد ظهر على رجال هذه الدولة، واستبد الوزراء والمستشارون من الترك وغيرهم بالامر. وفي ايامه قوى السلطان صلاح الدين (يوسف بن ايوب) وتولى وزارته وتصرف في شؤون الملك، ثم قطع خطبته وامر بالخطبة للمستضئ بالله العباسي. وكان العاضد في مرض موته، فمات ولم يعلم بذلك. فهو آخر من دعى بأمير المؤمنين من العبيدين الفاطميين بمصر، وآخر من ولي الخلافة منهم. وكانت مدتهم 268 سنة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 147

العاضد صاحب مصر عبد الله بن يوسف.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0

العاضد صاحب مصر عبد الله بن يوسف. هو العاضد لدين الله أبو محمد ابن يوسف ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي المصري. هو آخر خلفاء المصريين. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة في أولها وتوفي سنة تسع وستين وخمسمائة لما هلك الفائز ابن عمه واستولى الملك الصالح طلائع على الديار المصرية بايع العاضد وأقامه صورة وكان كالمحجور عليه لا يتصرف في أمر. وكان رافضيا سبابا خبيثا إذا رأى سنيا استحل دمه، وقتل ابن رزيك ووزر له شاور ودخل أسد الدين شيركوه إلى القاهرة وقتل شاور، ووزر له شيركوه على ما هو مذكور فيما تقدم في ترجمتهما. ومات شيركوه فوزر له صلاح الدين يوسف على ما سيأتي في ترجمة صلاح الدين، وتمكن صلاح الدين من المملكة ولم يزل يستدعي منه الخيل والرقيق وغيره إلى أن أخذ منه فرسا كان راكبه، فسيره إليه وشق خفيه ولزم بيته وبقي معه صورة إلى أن خلعة وخطب لأمير المؤمنين المستضيء بأمر الله العباسي وأزال تلك الدولة وكانوا أربعة عشر خليفة منهم ثلاثة بإفريقية وهم: المهدي، والقائم، والمنصور، وأحد عشر بمصر وهم: المعز، والعزيز، والحاكم، والظاهر والمستنصر، والمستعلي، والآمر، والحافظ، والظافر، والفائز، والعاضد، يدعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي واشتهروا بين العوام فيقولون الدولة الفاطمية والعلوية، وقد أوضحت ذلك في ترجمة عبيد الله المهدي. وتسلم الملك الناصر صلاح الدين قصر الخلافة واستولى على ما كان فيه من الذخائر وكانت عظيمة الوصف، وقبض على أولاد العاضد وأهله وحبسهم في مكان واحد بالقصر وأجرى عليهم ما يموتهم وعفى آثارهم. واستمر البيع في موجودهم مدة عشر سنين، ولم يوجد في خزائنهم من المال كثير لأن شاور ضيعه وصانع به الفرنج. ومن عجائب ما وجد فيها قضيب زمرد طوله شبر وشيء في غلظ الإبهام فأخذه صلاح الدين وأحضر صائغا ليقطعه فاستعفى الصائغ من ذلك فرماه السلطان فانكسر ثلاث قطع وفرقه على نسائه. ووجد طبل القولنج الذي صنع للظافر، وكان من ضربه خرج منه الريح واستراح من القولنج، فوقع إلى بعض أمراء الأكراد فلم يدر ما هو فكسره لأنه ضربه فضرط، ووجد إبريق عظيم من الحجر المانع، فكان من جملة ما أرسل إلى بغداد من التحف. ثم إن موفق الدين خالد بن القيسراني وصل إلى مصر من جهة نور الدين الشهيد وطالبه بجميع ما حصله فشق ذلك على صلاح الدين وهم بشق العصا، ثم إنه أمر بعمل الحساب وعرضه على موفق الدين وأراه جرائد الأجناد وأرسل معه هدية إلى نور الدين على يد الفقيه عيسى، وهي خمس ختمات إحداهن مكتوبة بالذهب بخط يانس في ثلاثين جزءا، وختمة بخط مهلهل، وختمة بخط الحاكم البغدادي، وختمة بخط راشد في عشرة أجزاء، وختمة بخط ابن البواب، وثلاثة أحجار بلخش وزنها أربعة وأربعون مثقالا، وست قصبات مرد وزنها ثلاثة عشر مثقالا وثلث وربع، وياقوتة وزنها سبعة مثاقيل، وحجر أزرق وزنه ستة مثاقيل وسدس، ومائة عقد جوهر وزنها مائة وخمسة وسبعون مثقالا، وخمسون قارورة دهن بلسان، وعشرون قطعة بلور وأربع عشرة قطعة جزع، وإبريق يشم، وطشت يشم، وسقرق مينا مذهب، وصحون وزبادي صيني أربعون قطعة، وكرتين عود وزنهما خمسون رطلا بالمصري ومائة ثوب أطلس وأربع وعشرون بقيارا مذهبة، وأربعة وعشرون ثوبا حريرا، وأربعة وعشرون من الوشي، وحلة فلفلي مذهبة، وحلة مريش صفراء مذهبة، وغير ذلك أنواع قماش قيمتها مائتان وعشرون ألف دينار مصرية وعدة من الخيل والغلمان والجواري وشيئا كثيرا من السلاح. ويقال إن دار الكتب كان بها ألف ومائتان وعشرون نسخة بتاريخ الطبري وكانت تحتوي على ألفي ألف وستمائة ألف كتاب، وكان فيها من الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة حصل القاضي الفاضل نخبها أنه اعتبرها، وكلما أعجبه شيء قطع جلده ورماه في البركة، فلما فرغ الناس من شراء الكتب اشترى هو تلك على أنها مخرومة، ذكر ذلك ابن أبي طي. وقال: أخبرني بذلك جماعة من المصريين منهم الأمير شمس الخلافة موسى بن محمد، وساروا بهذه الهدية فلم تصل إلى نور الدين لأنهم اتصلت بهم وفاة نور الدين في الطريق، وقيل: إنها أعيدت جميعها إلى صلاح الدين لأنه وضع على موفق الدين والفقيه عيسى من نهبهما في الطريق. وكان موت العاضد بذرب مفرط، وقيل: مات غما لما بلغه قطع خطبتهم من مصر، وقيل: سم نفسه. ومات يوم عاشوراء بعد قطع الخطبة بيوميات قلائل. يقال: إن صلاح الدين لما بلغته وفاته قال: لو علمت قرب أجله ما روعته بقطع الخطبة. حكى ابن المارستاني في سيرة الوزير عون الدين ابن هبيرة أنه رأى إنسان من أهل بغداد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة كأن قمرين أحدهما أنور من الآخر والأنور منهما مسامت القبلة وله لحية سوداء فيها طول، ويهب أدنى نسيم فيحركها وظلها في الأرض، وكأن الرجل يتعجب من ذلك وكأنه يسمع أصوات جماعة يقرؤن بألحان وأصوات لم يسمع قط مثلها، وكأنه يسأل بعض من حضر فقال: ما هذا؟ فقال: قد استبدل الناس بإمامهم. قال: وكأن الرجل استقبل القبلة وهو يدعو الله أن يجعله إماما برا نقيا. واستيقظ الرجل وبلغ هذا المنام الوزير ابن هبيرة إذ ذاك ببغداد فعبر المنام بأن الإمام الذي بمصر يستبدل به وتكون لدعوة لبني العباس لمكان اللحية السوداء. وقوي هذا عنده حتى كاتب نور الدين الشهيد حين دخل أسد الدين شيركوه إلى مصر في أول مرة بأنه يظفر بمصر وتكون الخطبة لبني العباس بها على يده. وفي قطع خطبة خلفاء مصر يقول العرقلة:

ويقال: إن الشريف الجليس وهو رجل شريف كان يجلس مع العاضد ويحادثه عمل دعوة لشمس الدولة توران شاه أخي السطان صلاح الدين بعد انقراض دولة الفاطميين غرم عليها مالا كثيرا وأحضرها جماعة من أكابر أمراء الدولة الصلاحية، فلما جلسوا على الطعام قال شمس الدولة للشريف، حدثنا بأعجب ما رأيت! قال: نعم! طلبني العاضد يوما ولجماعة من الندماء فلما دخلنا عنده وجدنا عنده مملوكين من الترك عليهم أقبية مثل أقبيتكم وقلانس كقلانسكم وفي أوساطهم مناطق كمناطقكم فقلنا: يا أمير المؤمنين ما هذ الذي ما رأيناه قط؟! فقال: هذه هيئة الذين يملكون ديارنا ويأخذون أمولنا وذخائرنا. وكتب صلاح الدين إلى وزير بغداد على يد شمس الدين محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي الذي خطب أول شيء بمصر للعباسيين من إنشاء القاضي الفاضل كتابا؛ منه:
وقد توالت الفتوح غربا ويمنا وشاما، وصارت البلاد والشهر بل الدهر حرما حراما، وأضحى الدين واحدا بعدما كان أديانا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صما وعميانا، والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شايعة، ذلك بأنهم آتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا، وكذبوا بالنار فجعلت لهم نار الحتوف، ونثرت أقلام الظبى حروف رؤوسهم نثر الأقلام للحروف، ومزقوا كل ممزق، وأخذ منهم بكل مخنق، وقطع دابرهم، ووعظ آئبهم غابرهم، ورغمت أنوفهم ومنابرهم، صدقا وعدلا، وليس السيف عمن سواهم من الفرنج بصائم، ولا الليل عن السير إليهم بنائم، ولا خفاء عن المجلس الصاحبي أن من شد عقد خلافة وحل عقد خلاف، وقام بدولة وقعد بأخرى قد عجز عنها الأخلاف والأسلاف، فإنه مفتقر إلى أن يشكر ما نصح، ويقلد ما فتح، ويبلغ ما اقترح، ويقدم حقه ولا يطرح، ويقرب مكانه، وإن نزح، وتأتيه التشريفات الشريفة. ويقال: إن المعز لما أتى إلى القاهرة قال لديوان الإنشاء: أكتبوا لنا ألقابا تصلح لنا أن نتلقب بها. فكتبوا لهم ألقابا آخر ما كان فيه لقب العاضد، فقدر الله تعالى أن آخر من ملك منهم كان لقبه العاضد، وهذا فأل عجيب. وقد تقدم في ترجمة الخبوشاني فصل يتعلق بالعاضد. وكان الفقيه عمارة اليمني قد رثى أهل القصر بهذه القصيدة اللامية، وهي:
قلت: أنا شديد التعجب من الفقيه عمارة وهو كان من أهل السنة معروفا بذلك في أيامهم لم يتشيع، وكيف رثاهم بهذه المرثية خصوصا هذه الأبيات الأخيرة وكأنها ألحقت في هذه القصيدة أو عملت على لسانه حتى أغري السلطان صلاح الدين بشنقه على ما يأتي في ترجمته، لكن القصيدة من نفسه والله أعلم.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0

العاضد صاحب مصر العاضد لدين الله خاتم الدولة العبيدية أبو محمد عبد الله ابن الأمير يوسف بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر، العبيدي الحاكمي المصري الإسماعيلي المدعي هو وأجداده، أنهم فاطميون.
مولده سنة ست وأربعين وخمس مائة.
أقامه طلائع بن رزيك بعد الفائز، فكان من تحت حجره، لا حل لديه ولا ربط. وكان العاضد سبابا خبيثا متخلفا.
قال القاضي شمس الدين بن خلكان: كان إذا رأى سنيا استحل دمه، وسار وزيره الملك الصالح طلائع سيرة مذمومة، واحتكر الغلات، وقتل عدة أمراء، وأضعف أحوال الدولة بقتل ذوي الرأي والبأس، وصادر وعسف.
وفي أيام العاضد أقبل حسين بن نزار بن المستنصر بن الظاهر، العبيدي من الغرب في جمع كثير، فلما قارب مصر غدر به خواصه، وقبضوا عليه، وأتوا به العاضد، فذبحه في سنة سبع وخمسين. وتزوج العاضد ببنت طلائع، وأخذ طلائع في قطع أخبار العسكر والأمراء، فتعاقدوا بموافقة العاضد لهم على قتله، فكمن له عدة في القصر، فجرحوه، فدخل مماليكه، فقتلوا أولئك، وحملوه، فما أمسى، وذلك في رمضان سنة ست وخمسين.
وولي مكانه ولده الملك العادل رزيك. وكان مليح النظم، قوي الرفض، جوادا شجاعا، يناظر على الإمامة والقدر، وعمل قبل موته بثلاث ليال:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 452