طالب الحق عبد الله بن يحيى بن عمر بن الاسود الكندي الجندي الحضرمي، ابو يحيى، الملقب بطالب الحق: امام اباضي، من أهل اليمن. كان قاضيا بحضرموت. وخلع طاعة مروان بن محمد. وبويع له بالخلافة. واستولى على صنعاء ومكة، بعد حروب. وعظم امره، وتبعه ابو حمزة (المختار بن عوف) فوجه اليهما مروان جيشا بقيادة عبد الملك بن محمد السعدي، فالتقى عبد الملك بأبي حمزة، في وادي القرى (من اعمال المدينة) فقتله، واستمر زاحفا نحو اليمن، فأقبل اليه طالب الحق، فالتقيا على مقربة من صنعاء، فاقتتلا، فقتل طالب الحق وارسل رأسه إلى مروان بالشام.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 144
طالب الحق الخارجي الإمام عبد الله بن يحيى الكندي، أحد بني عمرو بن كنانة. كان من حضرموت مجتهدا عابدا. كان يقول قبل أن يخرج: لقيني رجل فأطال النظر إلي وقال: ممن أنت؟ فقلت: من كندة، فقال: من أيهم؟ فقلت: من بني شيطان، فقال: والله لتملكن ولتبلغن وادي القرى، وذلك بعد أن تذهب إحدى عينيك. وقد ذهبت وأنا أتخوف ما قال، وأستخير الله. فرأى باليمن جورا ظاهرا، وعسفا شديدا، وسيرة قبيحة، فقال لأصحابه: ما يحل لنا المقام على ما نرى، ولا يسعنا الصبر عليه، وكتب إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الذي يقال له كرزين مولى تميم - وكان ينزل في الأزد - وإلى غيره من الإباضية بالبصرة يشاورهم في الخروج، فكتبوا إليه: إن استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل! وشخص إليه المختار بن عوف الأزدي وبلج بن عقبة السقوري في رجال من الإباضية، وأتوه إلى حضرموت وسموه طالب الحق وكثر جمعه، وتوجه إلى صنعاء سنة تسع وعشرين ومائة في ألفين، وجرت له حروب ثم دخلها وجمع الخزائن والأموال فأحرزها. ولما استولي على بلاد اليمن خطب؛ فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ووعظ وذكر وحذر، ثم قال: إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإجابة من دعا إليهما. الإسلام ديننا، والكعبة قبلتنا، والقرآن إمامنا، رضينا بالحلال حلالا لا نبغي به بدلا، ولا نشتري به ثمنا، حرمنا الحرام، ونبذناه وراء ظهورنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإلى الله المشتكى، وعليه المعول. من زنا فهو كافر، ومن سرق فهو كافر، ومن شرب الخمر فهو كافر، ومن شك في أنه كافر فهو كافر، ندعوكم إلى فرائض بينات وآيات محكمات وآثار يقتدى بها، ونشهد أن الله صادق فيما وعد، وعدل فيما حكم، ندعوكم إلى توحيد الرب، واليقين بالوعد والوعيد، وأداء الفرائض، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والولاية لأهل ولاية الله، والعداوة لأعداء الله. أيها الناس إن من رحمة الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون على الألم في جنب الله، يقتلون على الحق سالف الدهور شهداء، فما نسيهم ربهم {وما كان ربك نسيا}، أوصيكم بالتقوى، وحسن القيام على ما وكلتم بالقيام به فابلوا الله بلاء حسنا في أمره وزجره. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم. وأقام بصنعاء أشهرا يحسن السيرة، وأتته الشراة من كل جانب. ولما كان وقت الحج جهز أبا حمزة المختار بن عوف، وبلج بن عقبة، وأبرهة بن الصباح إلى مكة في سبعمائة وقيل: في ألف، وأمره أن يقيم بمكة إذا صدر الناس ويوجه بلجا إلى الشام، وجرت حروب وخطوب يطول شرحها. ثم إن مروان انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس وقدم عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي، فالتقى أبو حمزة وابن عطية بأسفل مكة، فخرج أهل مكة مع ابن عطية، فقتل أبو حمزة على فم الشعب، وتفرق الخوارج، وصلب أبو حمزة وأبرهة بن الصباح وعلي بن الحصين ولم يزالوا كذلك إلى أن حج مهلهل الهجيمي في خلافة أبي العباس فأنزلهم ودفنهم. وكان ابن عطية قد بعث برأس أبي حمزة إلى مروان وخرج إلى الطائف وقاتل عبد الله بن يحيى وجرت بينهما حروب، وآخر الأمر التقيا في مكان كثير الشجر والكرم والحيطان، فترجل عبد الله بن يحيى في ألف فارس، وقاتلوا حتى قتلوا وبعث عبد الملك بن عطية برأس عبد الله بن يحيى إلى مروان مع ابنه يزيد ابن عبد الملك.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0