التجاني عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد ابن أب يالقاسم، أبو محمد التونسي: رحالة، أديب من أعيان الكتاب. ولد ونشأ بتونس. وعمل بديوان الإنشاء في البلاط الحفصي، وتولى الإشراف على رسائل كبير الدولة الأمير زكريا بن أحمد اللحياني، (سنة 706هـ) وصحبه في رحلة قام بها، وفارقه في مدينة طرابلس الغرب، وعاد إلى تونس في شهر صفر 708هـ ، وكانت غيبته عامين وثمانية أشهر وأياما، دون مشاهداته بها في كتابه (رحلة التجاني - ط) وبويع الأمير اللحياني بتونس (سنة 711) فولي صاحب الترجمة ديوان رسائله، إلى أن غادر البلاد سنة (717) ووقعت أحداث توفي التجاني في خلالها. له مصنفات، غير الرحلة، منها (الوفاء ببيان فوائد الشفاء - خ) نحو نصفه (في مكتبة جامع الزيتونة، بتونس، الرقم 1321) و (تحفة النظيم) في الأدب والتراجم، و (نفحات النسرين، في مخاطبة ابن شبرين) و (أداء اللازم) في شرح مقصورة حازم القرطاجني، وغير ذلك.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 125
التجاني عبد الله بن محمد بن أحمد التجاني، والده من كتاب العلامة وصاحب القلم الأعلى، كان عالما أديبا شاعرا، اعتنى والده بتربيته ولقنه مبادئ العلوم، وقرأ على قريبيه أبي الحسن علي بن إبراهيم التجاني النحوي اللغوي الأديب الشاعر وعمر التجاني، وعلى بن عبد الكريم العوفي الصفاقسي الأصل وأبي القاسم عبد الوهاب بن فائد الكلاعي، وغيرهم.
كان من جملة كتاب الإنشاء على عهد السلطان محمد المعروف بأبي عصيدة في بداية القرن الثامن. وفي عهد الأمير أبي يحيى زكريا ابن اللحياني استصفاه لنفسه وقرب منزلته منه ورسمه في خواص كتابه وصاحبه في رحلته في جهات تونس وليبيا من منتصف سنة 708/ 1308 وفارق مخدومه من أرض ليبيا لأسباب صحية وسياسية.
وبعد هذه الرحلة عاد إلى تونس مباشرا لخطته بديوان الإنشاء وبعد قليل مات السلطان أبو عصيدة خلال سنة 709/ 1309 فاجتاحت الاضطرابات البلاد بسبب التنازع على السلطة من أمراء البيت الحفصي، ودامت مدة عامين بين الأمراء، أبي زكريا بن أبي زيد الملقب بالشهيد وأبي البقاء خالد وغيرهما، ولم يستقر لهم الملك إلا قليلا.
وفي أثناء هذه الاضطرابات كان شيخ الموحدين أبو يحيى زكريا ابن اللحياني قد عاد من الحج واستقر بمدينة طرابلس يراقب الأمور من بعيد، ويترصد الفرص إلى أن هجم بجموع من أنصاره على تونس واستولى على الحكم في سنة 711/ 1311 وقلد كاتب سره القديم صاحب
الترجمة رئاسة ديوان الإنشاء وهي خطة العلامة الكبرى.
وتخلى أبو زكريا يحيى بن اللحياني عن الملك لفائدة ابنه وولي عهده محمد المعروف بأبي ضربة سنة 717/ 1317 ومن ذلك التاريخ لا نعلم عن مصير عبد الله التجاني صاحب الترجمة شيئا وله: .
1 - أحكام مغيب الحشفة. ألفه استدراكا على شيخه أبي علي الهذلي، وهو أول تأليف له ألفه في زمن الشباب وقد بين ذلك بقوله: «وكان شيخنا الإمام أبو علي عمر بن محمد بن علوان الهذلي - رحمه الله تعالى - قد ألف في ذلك تأليفا (أي أحكام مغيب الحشفة) تهاداه الناس واستغربوه جمع فيه ما قال غيره واستدرك أحكاما كثيرة استخرجها بكثرة اطلاعه وتبحره في العلم واتساعه يزعم أنه لا يكاد يوجد حكم يشذ عن كتابه» وكنت قد قرأت عليه التأليف المذكور في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وسبعمائة، ورأيته قد أهمل أحكاما كثيرة فحملتني سن الحداثة - إذ ذاك - وحب الظهور على أن وضعت فيه جزءا انتهت الأحكام المستدركة فيه إلى خمسين حكما واتسعت في ذكر الخلاف وبسط التعليل فجاء تأليفا تاما أيضا مستقلا، ووقفته عليه فعظمه غاية التعظيم، وتلا قوله سبحانه وتعالى: وفوق كل ذي علم عليم. وكانت وفاة شيخنا المذكور في الرابع لشعبان سنة عشر وسبعمائة.
2 - اداء اللازم من شرح مقصورة حازم: وكان وضع هذا الشرح في محرم سنة 699 وهو من أقدم مؤلفاته، وهو مفقود الآن.
3 - تحفة العروس ونزهة النفوس. رتبة على 25 بابا في معاشرة النساء وأخلاقهن وخصالهن وصفة أعضائهن من حسن وقبح وفي العفاف والصون وفي الزينة والتطيب، وفي حقوق المرأة على الرجل وفي الغيرة ما يحمد منها وما يذم، وختمه بباب متسع في الملح والفكاهات وأورد فيه ما دعت إليه الحاجة من آيات قرآنية وأحاديث نبوية مع تفسيرها ومن الحكايات الطريفة ما يناسب كل مقام.
والكتاب خال من سخف الأدب المكشوف والمجون اللذين يتلهى بهما في المجالس، إذ قال في خطبته: «وليس كتابنا هذا في الحقيقة كتاب سمر، وإنما هو كتاب علم ونظر».
ط. بالمطبعة الشرقية بالقاهرة سنة 1301 هـ في 204 ص منسوبا خطأ للشيخ أحمد التيجاني صاحب الطريقة.
4 - تقييد على صحيح البخاري، وضعه بطرابلس سنة 707/ 1307 بعد أن انتهى من قراءة
صحيح مسلم على الشيخ عبد العزيز بن عبيد السبائي. قال في رحلته: «ثم بعد ذلك في الشهر نفسه ابتدأت قراءة دولة أخرى من المسند الصحيح للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري».
5 - تقييد على صحيح مسلم كتبه في التاريخ السابق حين قراءته بطرابلس على شيخه المذكور. قال في رحلته: «قد كنت ابتدأت تقييد ما انتجته فينا المناظرة وأفادتنا المحاضرة مما جاء كالإكمال لكتاب الإكمال» يعني إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم للقاضي عياض.
6 - الدر النظيم - في الأدب والتراجم، ذكره في رحلته 262/ 363 وقال فيها: «وقد ذكرناه (عبد الرحمن بن عيسى) وأخاه في كتاب «الدر النظيم» بأتم من هذا».وربما يكون في هذا الكتاب قد جمع أخبار أدباء الدولة الحفصية السابقين لعصره. وهو مفقود.
7 - رحلته دون فيها وصف القرى والمدن التي مر بها في رحلته صحبة مخدومه الأمير أبي يحيى زكريا بن اللحياني، والتعريف بالنابغين من أبنائها من فقهاء وأدباء وقواد وصلحاء، قدامى ومعاصرين ووصف للمعالم والمعاهد والعناية بمواطن القبائل العربية وما تفرع عنها من بطون وأفخاذ مع الإلمام بالعقائد والتقاليد الغريبة.
ولما كان سير الرحلة بطيئا ومجاله محدودا فقد كان ذلك في مصلحة الوصف إلى حد كبير فتمكن بذلك من الوقوف عند كل ما يمكن ملاحظته في طريق سيره القصير، وقد برهنت رحلته على أهميتها الكبرى وذلك بتزويدها لنا بمعلومات عن جميع المناطق التي زارها وعن الأصقاع المجاورة لها وهي تتناول مسائل الجغرافيا، كما تتناول مسائل التاريخ الطبيعي وبوجه خاص التاريخ البشري.
وكما جرت العادة فإنه يستشهد بمختلف المؤلفين، ويقتبس أحيانا من الوثائق، بل انه يورد هذه الوثائق التاريخية أحيانا بنصها الأصلي، وانفرد بإيراد جملة أحداث معاصرة لا توجد إلا فيها.
أما أسلوبه في العرض فأدبي صرف ولكنه لا يثقله بالانطباعات الشخصية أو بمحاولة التدليل على سعة معارفه ومهارته ككاتب فهو في هذا الصدد أفضل بكثير من غيره من الكتاب الذين عالجوا التأليف في هذا النمط، وبعد قرن من الزمان قدره ابن خلدون تقديرا كبيرا وأفاد من مصنفه مرارا عديدة في تلك الأجزاء من تاريخه التي أفردها لشمال أفريقيا.
وقد دلت أبحاث أماري على أن التجاني يقدم معلومات تاريخية وجغرافية ذات قيمة كبرى من ذلك ما كتبه عن جزيرة جربة بل وعن صقلية نفسها.
وطبعت الرحلة أول مرة بتونس بالمطبعة الرسمية سنة 1345/ 1927 بعناية المستشرق وليام مارسي ولأسباب لا نعرفها لم ترج هذه الطبعة بالسوق، ثم طبعت طبعة محققة بالمطبعة
الرسمية سنة 1378/ 1958 مع مقدمة حافلة للمؤرخ الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب في 46 ص في التعريف بالمؤلف وبعض أفراد بيته النابغين. نص الرحلة في 395 ص+103 ص فهارس.
8 - علامة الكرامة في كرامة العلامة ... والظاهر أنه نوه بذكر وظيفة العلامة الكبرى والصغرى وهو ما كان يوضع من الكتابة بالقلم الغليظ على الظهائر السلطانية والأوامر الرسمية لملوك بني حفص ولغيرهم من ملوك المغرب وفي الحقيقة ان «صاحب العلامة» كان يشغل الرئاسة العليا لدواوين الإنشاء، فالمعاهدات والمراسم والرسائل التي تصدر عن السلطان لملوك العالم كانت تحلى بالعلامة الكبرى، كما أن المكاتيب العادية والأذون للعمال والقضاة وسائر نواب الحكومة في داخل القطر وكذا تسمية المتوظفين توضع عليها العلامة الصغرى من تحرير غيره من كتاب الديوان. والعلامة نفسها هي عبارة عن جملة مختارة في معنى حمد الله وشكره وتمجيده ويختلف رسمها وعبارتها عند استيلاء كل ملك من ملوكهم.
وهذا التأليف يغلب على الظن أنه لتراجم الكتاب الذين تداولوا على هذه الخطة.
وهو من مؤلفاته المفقودة.
9 - نفحات النسرين في مخاطبة ابن شيرين، جمع فيه المخاطبات والمحاورات الدائرة بينه وبين الأديب الأندلسي محمد بن أحمد بن شيرين الجذامي السبتي الأصل المنتقل إلى غرناطة والمتولي قضاءها، وصل إلى تونس عام 703/ 1303 بنية الحج فلم يقض له ذلك، واجتمع به المترجم له.
قال المترجم له عن ابن شبرين: «وهذا الرجل من أعظم من رأيت تحقيقا وأحسنه في النظم والنثر طريقا، وقد كنت اجتمعت به في تونس ووصل إليها في عام 703 وكانت نيته التوجه إلى الحج فلم يقض له بذلك».وهذا الكتاب مفقود.
10 - الوفا ببيان فوائد الشفا، وهو شرح على الشفا للقاضي عياض في نحو أربعة أجزاء والموجود منه في المكتبة الوطنية بتونس قطعة صاحلة في جزءين وهي بخط تونسي قريبة العهد، وهذا التأليف نقل عنه الشهاب الخفاجي وعلي القاري في شرحيهما على الشفا.
المصادر والمراجع:
- تاريخ الأدب الجغرافي العربي لكراتشكوفسكي ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم ق.1/ 383 - 384.
- شجرة النور الزكية 206.
- عنوان الأريب 1/ 82 - 84.
- عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والاقران لإبراهيم البقاعي، عرضا في ترجمة أحمد بن كحيل التجاني.
- مجمل تاريخ الأدب التونسي 212 - 214.
- مستودع العلامة ومستبدع العلامة لأبي الوليد بن الأحمر ص 34.
- معجم المطبوعات 650 - 651.
- معجم المؤلفين 6/ 39.
- مقدمة رحلة التجاني ص 19 - 46.
- ورقات ... 3/ 162 - 174، 177 - 193.
- الأعلام 4/ 125 (ط 5/).
- إيضاح المكنون 2/ 713.
- كشف الظنون 1/ 370، 2/ 713،
- هدية العارفين 2/ 141 - 142.
- بلاد البربر الشرقية في عصر الحفصيين (بالفرنسية) 2/ 397 - 399.
- دائرة المعارف الإسلامية (ط، 1 الترجمة العربية - كتاب الشعب) 9/ 225 - 226.
* * *
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 1- ص: 155