ابن أبي عصرون عبد الله بن محمد بن هبة الله التميمي، شرف الدين ابو سعد، ابن ابي عصرون: فقيه شافعي، من اعيانهم. ولد بالموصل. وانتقل إلى بغداد. واستقر في دمشق، فتولى بها القضاء سنة 573هـ. وعمى قبل موته بعشر سنين. واليه تنسب المدرسة (العصرونية) في دمشق. من كتبه (صفوة المذهب، على نهاية المطلب) سبع مجلدات، و (الانتصار) اربع مجلدات، و (المرشد) مجلدان، و (الذريعة، في معرفة الشريعة) و (التيسير) في الخلاف.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 124

القاضي ابن عصرون عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي عصرون ابن أبي السري قاضي القضاة شرف الدين أبو سعد التميمي الموصلي الفقيه الشافعي، أحد الأئمة الأعلام. تفقه على القاضي المرتضى، الشهرزوري، وأبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي، وقرأ السبع على أبي عبد الله البارع، والعشر على أبي بكر المزرفي، والنحو على أبي الحسن بن دبيس. ودخل حلب ودرس بها وأقبل عليه صاحبها نور الدين. ولما أخذ دمشق ورد معه إليها ودرس بالغزالية، ثم عاد إلى حلب، وولي قضاء سنجار وحران وديار ربيعة، ثم عاد إلى دمشق فولي بها القضاء وبنى له نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك، وبنى هو لنفسه مدرسة بحلب وأخرى بدمشق. وأضر آخر عمره وهو قاض. وصنف جزءا في جواز قضاء الأعمى وهو خلاف مذهبه، وفي جوازه وجهان، والجواز أقوى لأن الأعمى أجود من الأصم والأعجمي. وكتب السلطان صلاح الدين كتابا بخطه إلى القاضي الفاضل يقول فيه إن القاضي قال: إن قضاء الأعمى جائز والفقهاء يقولون غير جائز، فتجتمع بالشيخ أبي الطاهر بن عوف الإسكندراني وتسأله عما ورد من الأحاديث في قضاء الأعمى. وتوفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة. ومن تصانيفه صفوة المذهب في نهاية المطلب سبع مجلدات، والانتصار في أربع مجلدات، والمرشد في مجلدين، والذريعة في معرفة الشريعة، والتيسير في الخلاف، أربع مجلدات، ومآخذ النظر، ومختصر في الفرائض، والإرشاد في نصرة المذهب وما تم، والتنبيه في معرفة الأحكام، وفوائد المهذب في مجلدين وغير ذلك. وله شعر منه قوله:

ومنه:
قلت: في ترجمة سعيد بن حميد في هذه المادة أبيات جيدة.
ومنه:
ومنه:
قلت: أكمل منه قول الأول:
وأجاب القاضي الفاضل لمن كتب إليه يعرفه بموت ابن أبي عصرون: وصل كتاب الحضرة جمع الله شملها، وسر بها أهلها، ويسر إلى الخيرات سبلها، وجعل في ابتغاء رضوانه قولها وفعلها، وفيه زيادة وهي نقص الإسلام، وثلم في البرية يتجاوز رتبة الانثلام إلى الانهدام، وذلك ما قضاه الله من وفاة الإمام شرف الدين ابن أبي عصرون رحمة الله عليه وما حصل بموته من نقص الأرض من أطرافها ومن مساءة أهل الملة ومسرة أهل خلافها، فلقد كان علما للعلم منصوبا وبقية من بقايا السلف الصالح محسوبا، وقد علم الله اغتمامي لفقد حضرته واستيحاشي لخلو الدنيا من بركته واهتمامي بما عدمت من النصيب الموفور من أدعيته.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0

ابن أبي عصرون الشيخ الإمام العلامة، الفقيه البارع، المقرئ الأوحد، شيخ الشافعية، قاضي القضاة، شرف الدين، عالم أهل الشام، أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله ابن المطهر بن علي بن أبي عصرون بن أبي السري التميمي الحديثي الأصل، الموصلي، الشافعي.
ولد سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة.
وتفقه على المرتضى الشهرزوري والد القاضي كمال الدين، وأبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي، وتلقن على المسلم السروجي.
وتلا بالسبع على أبي عبد الله الحسين بن محمد البارع، وبالعشر على أبي بكر المزرفي، ودعوان بن علي، وسبط الخياط.
وتفقه بواسط مدة على القاضي أبي علي الفارقي، وتلا بالروايات على أبي العز القلانسي، قاله ابن النجار.
وعلق ببغداد عن أسعد الميهني، وأخذ الأصول عن أبي الفتح أحمد بن برهان، وسمع من أبي القاسم بن الحصين، وأبي البركات ابن البخاري، وإسماعيل بن أبي صالح، وفي سنة ثمان وخمس مائة من أبي الحسن بن طوق، وحصل علما جما.
ورجع إلى بلده، فدرس بالموصل في سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة، ثم سكن سنجار مدة، وقدم حلب سنة خمس وأربعين فدرس بها، وأقبل عليه صاحبها نور الدين محمود بن زنكي، ثم قدم معه دمشق إذ تملكها، ودرس بالغزالية، وولي نظر الأوقاف، ثم رجع إلى حلب، ثم ولي قضاء حران وسنجار وديار ربيعة، وتفقه عليه أئمة، ثم عاد إلى دمشق سنة سبعين، ثم ولي قضاءها سنة ثلاث وسبعين وصنف التصانيف، وأقرأ القراءات والفقه، واشتهر ذكره، وعظم قدره.
ألف كتاب ’’صفوة المذهب في نهاية المطلب’’ وهو سبع مجلدات، وكتاب ’’الانتصار’’ في أربع مجلدات، وكتاب ’’المرشد’’ في مجلدين، وكتاب ’’الذريعة في معرفة الشريعة’’، وكتاب ’’التيسير في الخلاف’’ أربعة أجزاء، وكتاب ’’مآخذ النظر’’، وكتاب ’’الفرائض’’، وكتاب ’’الإرشاد’’ في نصرة المذهب، وما كمل.
وبنى له نور الدين مدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك، وبنى لنفسه مدرسة بحلب ومدرسة بدمشق، وقبره بها.
من تآليفه: كتاب ’’التنبيه في معرفة الأحكام’’، وكتاب ’’فوائد المهذب’’ مجلدان، وصنف جزءا في صحة قضاء الأعمى لما أضر، وهو خلاف المذهب، وفي ذلك وجه قوي.
ولما ولي قضاء دمشق، ناب عنه القاضي محيي الدين محمد ابن الزكي، وأوحد الدين داود، وكتب لهما تقليد من السلطان صلاح الدين بالنيابة، ولما فقد بصره، قلد السلطان القضاء ولده محيي الدين من غير أن يعزل الوالد، واستقل محيي الدين ابنه إلى سنة سبع وثمانين، ثم صرف بمحيي الدين ابن الزكي.
حدث عن أبي سعد جماعة، منهم: الشيخ موفق الدين ابن قدامة، وأبو القاسم بن صصرى، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي، وعبد اللطيف ابن سيما، ومحمود بن علي بن قرقين، وصديق بن رمضان، والعماد أبو بكر عبد الله بن النحاس، والإمام بهاء الدين ابن الجميزي.
ولأبي سعد نظم جيد، منه:

وله:
وقرأت بخط الشيخ الموفق، قال: سمعنا درسه مع أخي أبي عمر وانقطعنا، فسمعت أخي يقول: دخلت عليه بعد، فقال: لم انقطعتم عني؟ قلت: إن ناسا يقولون: إنك أشعري، فقال: والله ما أنا أشعري. هذا معنى الحكاية.
وتلا عليه بالعشر ابن الجميزي.
توفي في حادي عشر رمضان سنة خمس وثمانين وخمس مائة.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 331

عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون ابن أبي السري القاضي الإمام أبو سعد التميمي الموصلي قاضي القضاة الشيخ شرف الدين
نزيل دمشق وقاضي القضاة بها وعالمها ورئيسها
مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
تفقه أولا على القاضي المرتضى ابن الشهرزوري وأبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي وتلقن على المسلم السروجي
وقرأ ببغداد بالسبع على أبي عبد الله الحسين بن محمد البارع وبالعشر على أبي بكر المزرقي ودعوان وسبط الخياط
وتوجه إلى واسط فتفقه بها على القاضي أبي علي الفارقي ولازمه وعرف به وعلق ببغداد عن أسعد الميهني وأخذ الأصول عن أبي الفتح بن برهان وسمع من أبي القاسم
ابن الحصين وأبي البركات ابن البخاري وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وسمع قديما في سنة ثمان وخمسمائة من أبي الحسن بن طوق
روى عنه أبو القاسم بن صصري وأبو نصر ابن الشيرازي وأبو محمد بن قدامة وخلق آخرهم موتا العماد أبو بكر عبد الله بن النحاس وعاد من بغداد إلى بلده الموصل بعلم كثير فدرس بالموصل سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ثم أقام بسنجار مدة ودخل حلب في سنة خمس وأربعين ودرس بها وأقبل عليه صاحبها إذ ذاك الملك نور الدين الشهيد فلما انتقل إلى دمشق سنة تسع وأربعين استصحبه معه ودرس بالغزالية وولى نظر الأوقاف ثم ارتحل إلى حلب ثم ولى قضاء سنجار وحران وديار ربيعة وتفقه عليه هناك خلائق ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين فولى بها القضاء سنة ثلاث وسبعين وعظمت رياسته ومكانته ونفذت كلمته وألقى بها عصا السفر واستقر مستوطنا
وكان من أعيان الأمة وأعلامها عارفا بالمذهب والأصول والخلاف مشارا إليه في تحقيقات الفقه دينا خيرا متواضعا سعيد الطلعة ميمون النقيبة ملأ البلاد تصانيف وتلامذة وعنه أخذ الفقه شيخ الإسلام فخر الدين ابن عساكر وغيره وبنى له الملك نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وبنى هو لنفسه مدرستين بدمشق وبحلب
ومن تصانيفه صفوة المذهب على نهاية المطلب في سبع مجلدات وكتاب الانتصار في أربع مجلدات وكتاب المرشد في مجلدين وكتاب الذريعة في معرفة
الشريعة وكتاب التيسير في الخلاف وكتاب مأخذ النظر ومختصر في الفرائض وله كتاب الإرشاد في نصرة المذهب لم يكمله وذهب فيما نهب له بحلب وله أيضا فوائد المذهب والتنبيه في معرفة الأحكام وكتاب الموافق والمخالف مذعنا لدينه وورعه وسعة علمه وكثرة رياسته وسؤدده
قال شيخنا الذهبي وقد سئل عنه الشيخ الموفق فقال كان إمام أصحاب الشافعي في عصره وكان يذكر الدرس في زاوية الدولعي ويصلي صلاة حسنة ويتم الركوع والسجود ثم تولى القضاء في آخر عمره وعمي وسمعنا درسه مع أخي أبي عمر وانقطعنا عنه فسمعت أخي يقول دخلت عليه بعد انقطاعنا فقال لم انقطعتم عني فقلت إن أناسا يقولون إنك أشعري فقال والله ما أنا بأشعري هذا معنى الحكاية
انتهى كلام الذهبي نقلته من خطه وأخشى أن تكون الحكاية موضوعة للقطع بأن ابن أبي عصرون أشعري العقيدة وغلبة الظن بأن أبا عمر لا يجتريء أن يذكر هذا القول ولا أحد يتجرأ في ذلك الزمان على إنكار مذهب الأشعري لأنه جادة الطريق ولا أظن أن ابن أبي عصرون يفتخر إذ ذاك بهما ويعاتبهما على الانقطاع وليس في الحكاية من قوله فسمعت أخي إلى آخرها ما يقرب عندي صحته غير أنهما انقطعا عنه لكونه مخالفا لهما في العقيدة والله يعلم سبب الانقطاع
وكان الموفق وأبو عمر من أهل العلم والدين لا ننكر ذلك ولا ندفعه وإنما ننكر وندفع من شيخنا تعرضه كل وقت لذكر العقائد وفتحه لأبواب مقفلة وكلامه فيما لا يدريه وكان السكوت عن مثل هذا خيرا له في قبره وآخرته ولكن إذا أراد الله أمرا بلغه
ويقال إن القاضي ابن أبي عصرون لما عمي استمر على القضاء وصنف في جواز قضاء الأعمى
ومن شعره

ومن شعره
ذكر فوائد ومسائل عن ابن أبي عصرون
قال النووي في شرح المهذب نقل الجويني في الفروق نص الشافعي على أن الجماعة إذا اغتسلوا في قلتين لا يصير مستعملا وصرح به خلائق وإنما نبهت عليه لأن في الانتصار لابن أبي عصرون أنه لو اغتسل جماعة في ماء لو فرق على قدر كفايتهم استوعبوه أو ظهر تغيره لو خالفه صار مستعملا في أصح الوجهين وهذا شاذ منكر ونحوه نقل صاحب البيان عن الشامل أنه لو انغمس جنب في قلتين أو أدخل يده فيه بنية غسل الجنابة ففيه وجهان وهذا غلط من صاحب البيان ولم يذكر صاحب الشامل هذا وإنما في عبارته بعض الخفاء فأوقع صاحب البيان
ثم بين النووي رحمه الله الحامل لصاحب البيان على الغلط ولم يزد ابن الرفعة على أن نصر مقالة ابن أبي عصرون بالبحث لا بالنقل في حالة انغماسهم دفعة واحدة بنيه رفع الجنابة قال لأنا نقدر أن مالاقي كل واحد منهم من الماء كالمنفصل عن باقيه الذي لاقى غيره على القول الأصح فيما إذا انغمسوا دفعة واحدة في الماء القليل فلذلك جعل مستعملا حتى لا يحصل به تطهير باقي بدن كل منهم وإن كان الواحد يطهر جميع بدنه وإذا كان كذلك اتجه القول بمثله في القلتين فيكون الصحيح أنه لا يطهر باقي أبدانهم ويأتي فيه وجه مستمد من تقدير عدم الانفصال وتنزيله منزلة الاتصال
قلت والبحث جيد ورأيت الجويني نفسه في كتابه التبصرة قال فيما إذا كان الماء قلتين والاحتياط أن تغترف منه فيحصل لك الغسل بالإجماع فإن انغمست فيه ففي صحة الغسل خلاف بين مشايخنا هذا كلامه وفيه تأييد لابن أبي عصرون وابن أبي عصرون إنما تلقى ما ذكره من شيخه القاضي أبي علي الفارقي فإنه جزم بهذا الشاذ المنكر ولعل أصله ما وقع في كتاب التبصرة
ذهب أبو إسحاق إلى حل وطء الراهن للجارية المرهونة إذا كانت ممن لا تحبل وخالفه ابن أبي هريرة وهو المصحح في المذهب وقيد ابن أبي عصرون محل الخلاف بمن لها تسع سنين فما زاد أما من دونها قال فيجوز وطؤها إذا لم يضر بها قطعا
قال الوالد في تكملة شرح المهذب وهو فقه من عند نفسه وليس نقلا قال وهو جيد
قلت أما إنه تفقه وليس منقولا فالأمر كذلك فقد تصفحت كتب المذهب فلم أر من قيد الخلاف بل كلهم مصرح حتى الشيخ أبو حامد في تعليقته في بابي الرهن
والاستبراء صرح بأنه لافرق بين من لا تحبل لصغر أو إياس أو غير ذلك وإنما نصصت على الشيخ أبي حامد لأن بعض الناس قال إنه وجد في باب الاستبراء من تعليقته ما نصه إن الاستمتاع بالمرهونة حلال لأن له أن يقبلها أو يلمسها بشهوة حتى قال أصحابنا إن كان صغيرة لا يحمل مثلها فله أن يطأها
انتهى
فكشفت تعليقه الشيخ أبي حامد من خزانة الناصرية بدمشق ومن نسخه الشيخ فخر الدين المصري وكلاهما قديم فلم أجد في باب الاستبراء من نسخة الناصرية إلا ما نصه ألا ترى أن من أصحابنا من قال إن المرهونة إذا كانت ممن لا تحبل صغيرة أو كبيرة جاز للراهن وطؤها انتهى
وكذا في نسخة الفخر المصري سواء بسواء وهي نسخة قديمة في بعض مجلداتها تعليقة البندنيجي عن الشيخ أبي حامد وبعضها بخط سليم
ومراده قول أبي إسحاق قطعا بل الذي في تعليقة الشيخ أبي حامد في باب الرهن أنه وضع الوجهين في الاستخدام فقال في وجه لا يستخدمها مخافة أن يطأ وفي وجه يستخدمها ولا يضر الوطء إذا بعد حبلها ولم يقل إذا تعذر هذا ما فيه ملخصا
اختلاف حرفي الإمام والمأموم قال في الانتصار ولا تبطل الصلاة باختلاف حرفي الإمام والمأموم على أصح الوجهين لأن الجميع قرآن انتهى
وهو كلام مظلم لا يهتدي إليه فلا يقول أحد من المسلمين فيما أحسب باشتراط توافق حرفي الإمام والمأموم بل إذا كان كل حرف منهما متواترا بالقراءات العشر صح اقتداء أحدهما بالآخر إجماعا فيما لا أشك فيه فلعل محل الوجهين إن صح لهما وجود فيما إذا كان كل واحد لا يرى القراءة بحرف الآخر أو قرأ أحدهما بالشاذ المغير للمعنى ومسألة الشاذ معروفة

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 7- ص: 132

نزيل دمشق.

كان من أفقه أهل عصره، وإليه المنتهى في الفتاوى والأحكام.

تفقه على أبي محمد عبد الله بن القاسم الشهرزوري، والقاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وغيرهما.

وقرأ الأصول على أبي الفتح ابن برهان.

وصنف كتبا في مذهب الشافعي رحمه الله، وتولى القضاء بدمشق زمانا إلى أن كف بصره، فتركه واشتغل بالتدريس وإفادة العلم، وانتفع به الناس.

وتفقه عليه خلق كثير.

وكان مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة.

وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمس مئة.

وله تصانيف عديدة، منها: “صفوة المذهب في تهذيب نهاية المطلب“ في نحو ثماني مجلدات، وقفت على شيء منه، فوجدته قد استدرك على الإمام أشياء لم ارتض ما وقع له فيها؛ منها: قول الإمام في المشرك إذا أسلم على أربع فحسب ثبت نكاحهن، ولا مساغ للتخيير، لأن إمساك العدد المشروع واجب.

استدرك هذا أبو سعد ذاكراً أنه مخالف لأصولنا، وأنه لا يجب عليه استدامة نكاحهن، وله طلاقهن كما لو تزوجهن في الإسلام، ولم يرد الإمام بوجوب الإمساك ما توهمه من وجوب استدامة النكاح، إنما مراده بالإمساك ما هو المراد منه في قوله صلى الله عليه وسلم: “أمسك أربعا”، أي: لا فسخ لك، ونكاحهن ثابت متقرر، فالمعنى إذا نفي الفسخ الواقع للعقد، لا نفي الطلاق، فإنه ليس برفع للعقد، ولأنه إنما يكون بعد عقد مقرر، فكيف يرفعه، وإنما أثره قطع العقد، وهو ملك البضع، كالتحرير في الرقيق ليس رفعا للعقد بل قطعا لأثره ومقتضاه.

واستدرك الفرق بين الإيلاء والظهار والطلاق فيما إذا أسلم على نسوة فآلى منهن، أو ظاهر، أو طلق؛ في أن الإيلاء والظهار لا يجعلان اختيار اليمين، والطلاق يجعل اختيارا، لأن الإيلاء يمين على الامتناع عن الوطء، وذلك يلائم الأجنبية، بخلاف الطلاق فإنه حل بعد سوء، فقال: لا فرق وقرن بأن الإيلاء يمين على الامتناع من وطء الزوجة خاصة، فإن يمينه على الامتناع من وطء الأجنبية لا يثبت له أحكام الإيلاء، وكذلك الظهار يختص بالزوجة لأنه تحريم، والأجنبية محرمة من غير ظهار، والمحرم لا يحرم، فينبغي أن يسوى بينهما، ويقال: إن قصد بالطلاق أو الإيلاء أو الظهار معناه في النكاح كان اختيارا في الجميع، وإن لم يقصد بها ذلك لم يكن اختيارا في الجميع، وهذا لأن الطلاق قد يستعمل في غير قيد النكاح.

قلت: لا اختصاص لهذا الاستدراك بالإمام أبي المعالي، بل هو مستدرك على “المهذب”، فإن الفرق هو المنقول أيضا في “المهذب” وغيره، وهو استدراك مضمحل، لأن نفس الإيلاء لا يختص بالمنكوحة لا وضعا ولا عرفا، لأنه قول القائل: والله لا أطؤك. ولا اختصاص لهذا بالمنكوحة في وضعه، ولا عرف غيره عن أصله وأسقط الأحكام. والأجنبية لا تبقى على انتفاء الإيلاء، لأنها ليست أحكام نفس الإيلاء، بل أحكام الإيلاء في النكاح، فانتفاؤها لانتفاء هذا الخصوص لا انتفاء نفسه.

وكذا قوله: أنت علي كظهر أمي ينتظم وضعا وعرفا مخاطبة الأجنبية به، وقوله: إنه تحريم، والأجنبية محرمة؛ ليس بإنصاف، لأنه مبالغة في التحريم زائدة على تحريم الأجنبية الحاصل، وليس كذلك الطلاق، فإنه عرفا مخصوص بإزالة قيد النكاح، وإن كان يستعمل في غيره، ولكن على خلاف الظاهر والعرف، والله أعلم.

وقال في قوله: يثبت للسلطان حق الإجبار في المجنونة البالغة، لا يصح بصحة تزويجها إجبارا، لأن الأحبار لمن يكون له اختيار.

وقال الإمام رحمه الله: ما شاع ولم يجر له ذكر في الشرع ففي إلحاقه بالصرائح وجهان، كقول الزوج: أنت علي حرام.

قال أبو سعيد: والعجب من إنكار ورود الشرع بالتحريم، وقد قال سبحانه: {لم تحرم ما أحل الله لك} [التحريم: 1] .

قلت: بل العجب منه كيف يغفل عن المقاصد، إنما أراد ورود الشرع في التحريم بمعنى الطلاق كما هو شائع في ألسنة العامة، والآية لم ترد في هذا المعنى، بل في تحريم العين، والله أعلم

  • دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 512

والعلامة أبو سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون التميمي

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 180

عبد اللَّه بن محمد بن هبة اللَّه بن المظفر بن أبي عصرون.
قاضي القضاه شرف الدين الدمشقي، أحد أئمة الشافعية في زمنه. وقضاتهم الأخيار، ولد سنة اثنين وقال ابن الصلاح: سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، تفقه على أبي على الفارقى وأسعد الميهنى وغيرهما، واشتغل بالأصول على أبي الفتح بن برهان، وقرأ العربيه والسبعة والعشرة، درّس بالموصل وبسنجار وبحلب، وبدمشق بالغزالية وولى قضاء دمشق وغيرها، وأضرَّ فصنف جزءاً في جواز ولاية القضاء للأعمى، ونصر ذلك فبادر السلطان صلاح الدين فولَّى القضاء ولده، ولم يعزل الوالد جبراً وإحساناً منه، ومن تصانيفه ’’الانتصار’’ في أربع مجلدات، و’’صفوة المذهب من نهاية المطلب’’ سبعة، ’’فوائد المذهب’’ جزءان، ’’التنبيه في الأحكام’’ جزءان، ’’المرشد’’، ’’الذريعة في معرفة الشريعة’’، ’’النشر في الخلاف’’، ’’مآخذ النظر مختصر الفرائض’’، ’’الإرشاد في نصرة المذهب’’، ولم يكمله، وبنى له نور الدين مدرسة بحلب وأخرى ببعلبك وأخرى بحمص، وبنى هو لنفسه مدرسة بدمشق وبها قبره، مات سنة، خمس وثمانين وخمسمائة، ومن شعره:

وله أيضاً:
وحفيده يعقوب بن عبد الرحمن.
درّس بالقطبية بالقاهرة، وروى وحدَّث، ومات سنة خمس وستين وستمائة بالمحلة، وله مسائل جمعها على المذهب.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1