المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم بن المقتدر، ابو القاسم: من خلفاء الدولة العباسية. ولد في بغداد، وعهد اليه بالخلافة جده القائم بأمر الله، ولقبه (المقتدي) فوليها بعد وفاته (سنة 467هـ) وعمره ثماني عشرة سنة، فانصرف إلى عمران بغداد. وامر بنفي المغنيات والمفسدات، وبقلع ابراج الطيور، ومنع اجراء ماء الحمامات إلى دجلة، والزم اربابها بحفر آبار للمياه. ومنع الملاحين ان يحملوا في زوارقهم الرجال والنساء مجتمعين. وكان عالي الهمة، له علم بالادب، وشعر، وايامه ايام خير وسعة واطمئنان. مات فجأة ببغداد.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 122

أمير المؤمنين المقتدي عبد الله بن محمد، أمير المؤمنين، أبو القاسم المقتدي بأمر الله بن ذخيرة الدين أبي العباس ابن الإمام القائم بأمر الله. بويع بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر. وتوفي أبوه الذخيرة والمقتدي بأمر الله حمل. وأمه اسمها أرجوان. وقال ابن النجار: اسمها علم. ظهرت في أيامه خيرات كثيرة وآثار حسنة في البلاد. وتوفي فجأة في تاسع عشر المحرم سنة سبع وثمانين وأربعمائة وكان قد أحضر إليه تقليد السلطان بركياروق ليعلم عليه، فقرأه وعلم عليه، ثم تغدى وغسل يديه وعنده فتاته شمس النهار فقال لها: هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذن! قالت: فالتفت فلم أر شيئا، ورأيته قد تغير حاله، واسترخت يداه فظننت أنه غشي عليه، ثم قلت لجارية عندي: ليس هذا وقت النعي! وأحضرت الوزير وأخبرته، فأخذوا البيعة لولده المستظهر بالله أحمد. وعاشت أمه إلى خلافة ابن ابن ابنها المسترشد. وكانت قواعد الخلافة في أيامه باهرة الحرمة وافرة. وكان محبا للعلوم، مكرما لأهلها يتقرب إليه بجمعها وتصنيفها ويهدى له مجموعها وشتيتها. ولم يزل في دولة قاهرة وصولة باهرة. وكان مليح النظم والنثر. ومن كلامه:
وعد الكرماء ألزم من دين الغرماء. الألسن الفصيحة أتبع في الأمور من الوجوه الصبيحة، والضمائر الصحيحة أبلغ من الألسن الفصيحة. الإقدام أفضل من الإحجام إلا في استئصال النعم وابتذال الحرم. تقوى الله خير ما ادخر للمعاد، والحياء أفضل ما تحلى به العباد. حق الرعية لازم للرعاة وقبيح بالولاة الإقبال على السعاة. من أثرت حاله اتسع مجاله وراج محاله. العدل يغني عن جمع العساكر ويمنع ما لا تمنع الحصون والدساكر. ومن نظمه:

قلت: الصحيح أن يقول: مهما ترد أرد.
ومنه:
ولما بويع بالخلافة لم يغترم لأجل البيعة درهم ولا دينار ولم يسمع بمثل ذلك عن خليفة سواه. كانت خلافته عشرين سنة وأشهرا. وأمه أم ولد وكان أبيض أشهل.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0

المقتدي الخليفة المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبيد الله بن ذخيرة الدين محمد ابن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي.
تسلم الخلافة بعهد من جده يوم ثالث عشر شعبان سنة ’’467’’ وهو ابن عشرين سنة سوى أشهر وأمه أرجوان أم ولد بقيت بعده دهرا رأت ابن ابن ابنها المسترشد خليفة.
وكان حسن السيرة وافر الحرمة. أمر بنفي الخواطئ والقينات وأن لا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر وأخرب أبراج الحمام وفيه ديانة ونجابة وقوة وعلو همة. وكان ملكشاه قد صمم على إخراجه من بغداد فحار والتجأ إلى الله فدفع عنه وهلك ملكشاه.
ولد بعد موت أبيه بأشهر وكان في اعتقال القائم نوبة البساسيري صغيرا فأخفي وحمله ابن المحلبان إلى حران.
وزر له فخر الدولة ابن جهير بوصية من جده.
وفي سنة ’’469’’: سار أتسز الذي أخذ دمشق إلى مصر وحاصرها وكاد أن يملكها فتضرع أهلها إلى الله فترحل بلا سبب ونازل القدس ثم أخذها وقتل ثلاثة آلاف وذبح القاضي والشهود صبرا وعسف.
وقال أبو يعلى بن القلانسي: كسره بمصر أمير الجيوش، فرد وقد قتل أخوه، وقطعت يد أخيه الأخر، فسر الناس.
وكانت الفتنة الصعبة بين الحنبلية والقشيرية بسبب الاعتقاد وقتل بينهم جماعة وعظم البلاء وتشفت بهم الروافض وحاصر دمشق المصريون مرتين. وعزل ابن جهير الوزير لشده من الحنابلة.
وفي سنة ’’471’’: أقبل تاج الدولة تتش أخو ملكشاه فاستولى على دمشق وقتل أتسز وأحبه الناس.
وفي سنة ’’73’’: مات صاحب اليمن أبو الحسن علي بن أحمد الصليحي وكانت دولته نحوا من عشرين سنة وكان على دين العبيدية تحيل إلى أن تملك جميع اليمن. وكان أبوه من قضاة اليمن له سيرة في ’’تاريخي الكبير’’.
ورافعوا نظام الملك وزير ملكشاه.
قال ابن الأثير: فمد سماطا، وأقام عليه مماليكه وهم ألوف من الترك بخيلهم وسلاحهم وحضر السلطان ثم قال: إني خدمتك وخدمت أباك وجدك وقد بلغك أخذي للأموال وصدقوا إنما أصرفها على مثل هؤلاء الغلمان وهم لك وفي البر والصلات، ومعظم أجرها لك، وكل ما أملكه فبين يديك وأنا أقنع بمرقعة. فصفا له السلطان وأحبه وسمل سيد الرؤساء أبا المحاسن، الذي ناوأه.
وفي هذا القرب تملك سليمان بن قتلمش السلجوقي قونية وآقصرا. ثم سار فأخذ أنطاكية من الروم وكان لها في أيديهم مائة وعشرون سنة. وبعث بالبشارة إلى السلطان ملكشاه ثم تحارب هو ومسلم بن قريش في سنة ’’77’’ فقتل مسلم. ونازل ابن قتلمش حلب شهرا ثم ترحل.
ونازل الأذفيش مدينة طليطلة أعواما ثم كانت الملحمة الكبرى بالأندلس وانتصر المسلمون وأساء أمير المسلمين يوسف بن تاشفين إلى ابن عباد وأخذ بلاده وسجنه.
وأقبل أمير الجيوش فنازل دمشق وضيق على تتش ثم ترحل.
وفي سنة ’’79’’ التقى تتش وصاحب قونية سليمان فقتل سليمان واستولى تتش على حلب. وأقبل أخوه السلطان من أصبهان إلى حلب فأخذها وهرب منه أخوه وناب بحلب قسيم الدولة؛ جد نور الدين فعمرت به وافتتح السلطان الجزيرة وقدم بغداد وقدم بعده النظام ثم تصيد وعمل منارة القرون وجلس له المقتدي وخلع عليه خلع السلطنة وعلى أمرائه ونظام الملك يقدمهم ويترجم عنهم ثم كان عرس المقتدي على بنت السلطان ولم يسمع: بمثل جهازها وعرسها؛ دخل في الدعوة أربعون ألف منا من السكر.
ومات صاحب غزنة والهند المؤيد إبراهيم بن مسعود بن السلطان محمود، وتملك بعده ابنه جلال الدين، زوج بنت ملكشاه التي غرم نظام الملك على عرسها ألفي ألف درهم. وسار ملكشاه ليملك سمرقند وافتتح ما وراء النهر وتضورت بنت ملكشاه من اطراح الخليفة لها فأذن لها في الذهاب إلى أصبهان مع ابنها جعفر، وأقبل جيش مصر فأخذوا صور وعكا وجبيل.
وفتن السنة والشيعة متتالية ببغداد لا يعبر عنها.
وفي سنة ’’483’’: استولى ابن الصباح؛ رأس الإسماعيلية على قلعة أصبهان، فهذا أول
ظهورهم. واستولت النصارى على سائر جزيرة صقلية وهي إقليم كبير. وكانت ملحمة جيان بالأندلس بين الفرنج والمسلمين ونصر الله وحصدت الفرنج. وافتتح ملكشاه اليمن على يد جنق أمير التركمان واستباحت خفاجة ركب العراق فذهب وراءهم عسكر فقتلوا منهم خلقا كثيرا، ولم تقم لهم شوكة بعد.
ومات نظام الملك في سنة ’’86’’، ثم مات السلطان فسار من الشام أخوه تتش ليتسلطن وفي خدمته قسيم الدولة وصاحب أنطاكية وجماعة خطبوا له بمدائنهم. وسار وأنفق الأموال وأخذ الرحبة ثم نصيبين عنوة وقتل وعسف. وقصد الموصل فعمل معه صاحبها إبراهيم بن قريش مصافا فأسر إبراهيم وتمزق جمعه وقتل من الفريقين عشرة آلاف وذبح إبراهيم صبرا.
وأبيعت من النهب مائة شاة بدينار. ثم بعث تتش يطلب من الخليفة تقليد السلطنة. وافتتح ميافارقين وديار بكر وبعض أذربيجان فبادر بركياروق ابن أخيه فالتقوا فخامر قسيم الدولة وبوزان وصارا مع بركياروق، فضعف تتش، وولى إلى الشام.
وفي أول سنة سبع وثمانين خطب ببغداد للسلطان بركياروق ركن الدولة، وعلم المقتدي على تقليده ثم مات فجأة من الغد تغدى وغسل يديه وعنده فتاته شمس النهار فقال: ما هذه الأشخاص دخلوا بلا إذن؟ فارتابت وتغير وارتخت يداه وسقط فظنوه غشي عليه فطلبت الجارية وزيره ومات فأخذوا في البيعة لابنه أحمد المستظهر بالله في ثامن عشر المحرم. توفي وهو ابن تسع وثلاثين سنة وكان خلافته عشرين سنة وأخروا دفنه ثلاث ليال لكونه مات فجأة.
قال ابن النجار: اسم أمه علم. قال: وكان محبا للعلوم مكرما لأهلها لم يزل في دولة قاهرة وصولة باهرة وكان غزير الفضل كامل العقل بليغ النثر فمنه: وعد الكرماء ألزم من ديون الغرماء. الألسن الفصيحة أنفع من الوجوه الصبيحة والضمائر الصحيحة أبلغ من الألسن الفصيحة. حق الرعية لازم للرعاة ويقبح بالولاة الإقبال على السعاة.
ومن نظمه:

وفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة من دولته جددت قبة النسر فاسمه على القبة. وكان هو خليفة الإسلام في زمانه لكن يزاحمه صاحب مصر المستنصر وابنه فكان العبيدي والعباسي مقهورين من وجوه.
وكان الدست لوزير مصر أمير الجيوش. وكان حكم العراق والمشرق إلى السلجوقية. وحكم المغرب إلى تاشفين وابنه. وحكم اليمن إلى طائفة. والأمر كله لله.
القيرواني، الإيلاقي:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 442