ابن عباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، ابو العباس: حبر الامة، الصحابي الجليل. ولد بمكة. ونشأ في بدء عصر النبوة، فلازم رسول الله (ص) وروى عنه الاحاديث الصحيحة. وشهد مع علي الجمل وصفين. وكف بصره في آخر عمره. فسكن الطائف، وتوفي بها. له في الصحيحين وغيرهما 1660 حديثا. قال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا كان اجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، الحلال والحرام والعربية والانساب والشعر. وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والانساب، وناس يأتونه لايام العرب ووقائعهم، ونا س يأتونه للفقه والعلم، فما منهم صنف الا يقبل عليهم بما يشاؤؤون. وكان كثيرا ما يجعل ايامه يوما للفقه، ويوما للتأويل، ويوما للمغازى، ويوما للشعر، ويوما لوقائع العرب. وكان عمر اذا اعضلت عليه قضية دعا ابن عباس وقال له: انت لها ولامثالها، ثم يأخذ بقوله ولايدعو لذلك احدا سواه. وكان آية في الحفظ، انشده ابن ابي ربيعة قصيدته التي مطلعها:
#أمن آل نعم انت غاد فمبكر فحفظها في مرة واحدة، وهي ثمانون بيتا، وكان اذا سمع النوادب سد اذنيه باصابعه، مخافة ان يحفظ اقوالهن. ولحسان بن ثابت شعر في وصفه وذكر فضائله. وينسب اليه كتاب في (تفسير القرآن - ط) جمعه بعض أهل العلم من مرويات المفسرين عنه في كل آية فجاء تفسيرا حسنا. واخباره كثيرة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 95

عبد الله بن عباس الخشني من أهل إلبيرة.
سمع: من محمد بن فطيس. رأيت سماعه عليه في بعض كتب ابن سعدان. وحدث خالد، عن عبد الله بن عباس من أهل إلبيرة. فلا أدري هو. هذا أم هو غيره.

  • مكتبة الخانجي - القاهرة-ط 2( 1988) , ج: 1- ص: 270

ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 268

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هشام ابن عبد مناف
هو أول من أملى في تفسير القرآن عن علي عليه السلام. قال أبو الخير في طبقات المفسرين عند ذكره هو ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين.
وعن عطاء: ما رأيت مجلسا قط أكرم من مجلس ابن عباس، كان أصحاب القرآن عنده يسألونه وأصحاب الشعر عنده يسألونه وأصحاب الفقه عنده يسألونه كلهم يصدرهم من واد واسع. وروى الكليني بسنده عن الصادق عليه السلام أن عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (ع) إلى ابن الكوا وأصحابه وعليه قميص رقيق وحلة قالوا: يا ابن عباس أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللباس فقال: وهذا أول ما أخاصمكم فيه قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق وقال الله عز وجل: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}. وأرسل معاوية يوم صفين أخاه عتبة إلى الأشعث بن قيس يستميله فلم يجد عنده ما يريد ولم يئس منه قال لعمرو بن العاص إن رأس النار بعد علي هو عبد الله بن عباس فلو ألقيت إليه كتابا لعلك ترققه به فإنه إن قال شيئا لم يخرج علي منه فقال له عمر أن ابن عباس لا يخدع ولو طمعت فيه طمعت في علي فقال معاوية: علي ذلك فاكتب إليه فاكتب إليه عمرو وأما بعد فإن الذي نحن وأنتم فيه ليس بأول أمر قاده البلاء وأنت رأس هذا الجمع بعد علي فانظر في ما بقي ودع ما مضى فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياء ولا صبرا واعلموا أن الشام وما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم وما خيركم بعد هلاك أعدادكم ولسنا نقول ليت الحرب عادت ولكن نقول ليتها لم تكن وإن فنينا من يكره القتال كما أن فيكم من يكرهه وإنما هو أمير مطاع أو مأمور مطيع أو مؤتمر مشاور وهو أنت وكتب في أسفل الكتاب أبياتا أولها:

فلما قرأ ابن عباس الكتاب أتى به عليا فأقرأه شعره فضحك وقال: قاتل الله ابن العاص وما أغراه بك يا ابن العباس أجبه وليرد عليه شعره الفضل بن العباس فإنه شاعر فكتب ابن عباس إلى عمرو: أما بعد فاني لا اعلم رجلا من العرب اقل حياء منك أنه مال بك معاوية إلى الهوى وبعته دينك بالثمن اليسير ثم خبطت الناس في عشوة طمعا في الملك فلما لم تر شيئا أعظمت الدنيا أعظام أهل الذنوب وأظهرت فيها نزاهة أهل الورع فان كنت ترضى بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك وهذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي ابتدأها علي بالحق وانتهى فيها إلى العذر وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف وليس أهل العراق فيها كأهل الشام، بايع أهل العراق عليا وهم خير منهم وبايع معاوية أهل الشام وهم خير منه وليس أنا وأنت فيها بسواء أردت الله وأردت أنت مصر وقد عرفت الشيء الذي باعدك مني وأعرف الشيء الذي قربك من معاوية فإن ترد شرا لا نسبقك به وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه ثم دعا الفضل بن العباس فقال له يا ابن أم أجب عمرا فقال الفضل:
الأبيات المذكورة في ترجمته ثم عرض الشعر والكتاب على علي (ع) فقال: لا أراه يجيبك بشيء بعدها أبدا إن كان يعقل ولعله يعود فتعود إليه فلما انتهى الكتاب إلى عمرو أتى به معاوية فقال: أنت دعوتني إلى هذا ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب فقال: إن قلب ابن العباس وقلب علي قلب واحد وكلاهما ولدا عبد المطلب وإن كان قد خشن فقد لان وإن كان قد تعظم وعظم صاحبه فلقد قارب وجنح إلى السلم وكان معاوية يكاتب ابن عباس فيجيبه بقول لين وذلك قبل أن تعظم الحرب فلما قتل أهل الشام قال معاوية: إن ابن عباس رجل قريش وأنا كاتب إليه في عداوة بني هاشم لنا وأخوفه عواقب هذه الحرب لعله يكف عنا فكتب إليه: أما بعد فإنكم معشر بني هاشم لستم إلى أحد أسرع بالمادة منكم إلى أنصار عثمان حتى أنكم قتلتم طلحة والزبير لمطلبهما دمه فإن يكن ذلك لسلطان بني أمية فقد وليها عدي وتيم أظهرتهم لهم الطاعة وقد وقع من الأمر ما قد ترى وأكلت هذه الحروب بعضها من بعض حتى استوينا فيها فما أطعمكم فينا أطعمنا فيكم وما آيسكم منا آيسنا منكم وقد رجونا غير الذي كان وخشينا دون ما وقع ولستم بملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ولا غدا بأحد من حد اليوم وقد قنعنا بما كان في أيدينا من ملك الشام فأقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق وأبقوا على قريش فإنما بقي من رحلها ستة: رجلان بالشام أنا وعمرو ورجلان بالعراق أنت وعلي ورجلان بالحجاز سعد وابن عمر واثنان من الستة ناصبان لكم واثنان واقفان وأنت رأس هذا الجمع اليوم ولو بايع الناس لك بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى علي’’في كلام كثير’’ فلما انتهى الكتاب إلى ابن العباس أسخطه ثم قال حتى متى يخطب إلي عقلي وحتى متى أجمجم على ما في نفسي فكتب إليه: أما ما ذكرت من سرعتنا بالمساءة في أنصار ابن عفان وكراهيتنا لسلطان بني أمية فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ماصرت إليه وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد ابن عقبة وأما طلحة والزبير فنقضا البيعة وطلبا الملك فقاتلناهما على النكث وقاتلناك على البغي وأم قولك إنه لم يبق من رجال قريش غير ستة فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها قد قاتلك من خيارها من قاتلك ولم يخذلنا إلا من خذلك وأما إغراؤك إيانا بعدي وتيم فأبو بكر وعمر خير من عثمان كما أن عثمان خير منك وقد بقي لك منا يوم ينسيك ما قبله ويخاف ما بعده وأما قولك إنه لو بايع الناس لي لاستقامت لي فقد بايع الناس عليا وهو خير مني فلم يستقيموا له وما أنت يا معاوية والخلافة وأنت طليق وابن طليق فلما انتهى الكتاب إلى معاوية قال: هذا عملي بنفسي ولا والله لا أكتب إليه كتابا سنة. وأختاره علي (ع) للحكومة يوم صفين فقال: هذا ابن عباس أوليه ذلك وفي رواية عليكم بعبد الله بن عباس فأرموا به عمرا فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حلها عبد الله ولا يحل عقدة إلا عقدها ولايبرم أمرا إلا نقضه ولا ينقض أمرا إلا أبرمه فأبا الأشعث والقراء ذلك وقالوا: والله ما نبالي إن كنت أنت أو ابن عباس. وفي مناقب ابن شهرا شوب أن أمير المؤمنين عليه السلام أنفذ يوم الجمل زيد بن صوحان وعبد الله ابن عباس إلى عائشة فوعظاها وخوفاها ثم نقل عن (رامش أفزاي) أنها قالت لا طاقة لي بحجج علي فقال ابن عباس لا طاقة لك بحجج المخلوق فكيف طاقتك بحجج الخالق. كان ابن عباس تلميذ أمير المؤمنين (ع) وخريجه مضافا إلى ما أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كان يسمى حبر الأمة وصحبه في حروبه كلها الجمل وصفين والنهروان وولاه البصرة وكان يعده لمهام الأمور فقد أرسله إلى أم المؤمنين بعد حرب الجمل فكان له في ذلك المقام المشهود والحجة القاطعة وأراده للحكومة يوم صفين فأبى أهل الجباه السود العمي القلوب وبعثه إلى الخوارج يوم النهروان فاحتج عليهم بأبلغ الحجج وكان له في نصرة أمير المؤمنين وأبنائه مواقف مشهودة (منها) لما مر بصفة زمزم وسمع شاميا يسب عليا (ع) و(منها) مع عبد الله بن الزبير ومع معاوية وهو الذي كتب إلى يزيد بعد قتل الحسين (ع) بما كتب وكان يمسك بركاب الحسنين عليهما السلام إذا ركبا وروى الكشي بسنده أنه قال لما حضرته الوفاة اللهم إني أحيا ما حيي عليه علي بن أبي طالب وأموت على ما مات عليه علي بن ابي طالب. وقد نسب إليه أنه فارق أمير المؤمنين (ع) وأخذ مال البصرة وذهب إلى مكة وأنكر ذلك جماعة روى الكشي في رجاله بسنده عن الزهري عن الحارث قال استعمل علي صلوات الله عليه على البصرة عبد الله بن عباس فحمل مال كل في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وكان مبلغه ألفي ألف درهم فصعد علي عليه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في علمه وقدره يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دون ’’ ’’الحديث’’ وقال ابن الأثير في حوادث سنة 40 في هذه السنة خرج عبد الله بن عباس من البصرة ولحق بمكة في قول أكثر أهل اليسر وقد أنكر بعضهم هذا لم يزل عاملا عليها لعلي حتى قتل علي وشهد صالح الحسن مع معاوية ثم خرج إلى مكة والأول أصح وإنما كان الذي شهد صلح الحسن عبيد الله بن عباس ’’اه’’ ثم ذكر سبب خروجه وهو أنه مر بأبي الأسود (وكان على قضاء البصرة) فقال لو كنت من البهائم لكنت جملا ولو كنت راعيا لما بلغت المرعى فكتب أبو الأسود إلى أمير المؤمنين (ع) أن ابن عمك قد أكل ما تحت يديه بغير علمك فكتب إلى ابن عباس في ذلك فكتب إليه ابن عباس أن الذي بلغك باطل فكتب إليه أمير المؤمنين (ع) أعلمني ما أخذت من الجزية ومن أين أخذت وفيما وضعت فكتب إليه ابن عباس قد فهمت تعظيمك مرزأة ما بلغك إني رزأته فابعث إلى عملك من أحببت وخرج واستدعى أخواله من بني هلال بن عامر فاجتمعت معه قيس كلها فحمل مالا وقال هذه أرزاقنا اجتمعت فتبعه أهل البصرة يريدون أخذ المال فمنعته قيس ومضى إلى مكة ’’اه’’. وفي نهج البلاغة من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله ولم يصرح باسم المكتوب إليه والكتاب يتضمن ذما عظيما للمكتوب إليه ولكن الكشي في رجاله روى بسنده عن الشعبي أن المكتوب إليه هو عبد الله ابن عباس لما احتمل بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز وذكر الكتاب وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج أيضا ومن جملته فإني أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي ولم يكن في أهلي رجل أوثق منك في نفسي فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخاذلين وخنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت ولا الأمانة أديت وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم فحملته إلى الحجاز غير متأثم من أخذه كأنك لا أبا لغيرك حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد أو ما تخاف نقاش الحساب أيها المعدود عندنا كان من أولي الألباب ووالله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلته ما كانت عندي هوادة. وبعد تصريح الكشي بأن المكتوب إليه ابن عباس لا حاجة إلى ما حكاه ابن أبي الحديد عن أصحاب القول الأول من أنهم استدلوا على ذلك بألفاظ من الكتاب كقوله أشركتك في أمانتي الخ، ولم يكن في أهلي رجل أوثق منك وقوله ابن عمك ثلاث مرات وقوله لا أبا لغيرك وهذه الكلمة لا تقال إلا لمثله أما غيره من أفناء الناس فكان يقال له لا أبا لك قوله أيها المعدود عندنا من أولي الألباب وقوله لو أن الحسن والحسين الدال على أن المكتوب إليه قريب من أن يجري مجراهما عنده. قال الكشي وبن أبي الحديد ة اللفظ للثاني: فكتب إليه ابن عباس جوابا عن هذا الكتاب: أتاني كتابك تعظم علي ما أصبت من بيت مال البصرة ولعمري أن حقي في بيت المال أكثر مما أخذت فكتب إليه علي (ع) إن من العجب أن تزين لك نفسك أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل واحد من المسلمين وقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشتري بها مولدات مكة والمدينة والطائف تختارهن على عينك وتعطي فيهن مال غيرك فارجع هداك الله إلى رشدك وتب إلى ربك واخرج إلى المسلمين من أموالهم فعما قليل تفارق من ألفت وتترك ما جمعت وتغيب في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد قد فارقت الأحباب وسكنت التراب وواجهت الحساب غنيا عما خلفت فقيرا إلى ما قدمت. فكتب إليه ابن عباس إنك قد أكثرت علي ووالله لأن ألقى الله قد احتويت على كنوز الأرض كلها وذهبها وعقيانها ولجينها أحب إلى من أن ألقاه بدم امرئ مسلم (قال المؤلف) ما ذكره ابن الأثير من أنه واجه أبا الأسود بهذا الكلام البشع يصعب تصديقه فابن عباس كان أعرف بفضل أبي الأسود من كل أحد فكيف يواجهه بهذا الكلام الذي لا يصدر إلا من الأسافل وابن عباس مع فضله وكمال معرفته لا يمكن أن يفوه بمثل هذا مهما كان السبب الداعي إليه والذي يظهر أن ناسب ذلك إليه أراد الحط من مقام أبي الأسود وابن عباس معا لغرض في نفسه وذلك لإخلاصهما في حب علي عليه السلام وتشيعهما له. أما ما رواه أصحاب القول الأول من المكاتبة بين أمير المؤمنين (ع) وابن عباس فان أمكننا تصديقه لم يمكنا تصديق الجواب الأخير منه المشتمل على قول ابن عباس لان ألقى الله بكذا أحب إلي من أن ألقى الله بدم امرئ مسلم فابن عباس مع فضله المشهور كيف يعيب أمير المؤمنين (ع) بقتل من أمر الله بقتله وقتاله بقوله: {فقاتلوا التي تبغى} وهبه أراد التمويه والاقتداء بمن قال إن عمارا قتله من ألقاه إلينا افتراه كان يجهل أن ذلك مما يعيبه به الناس ويوجب سقوطه من نفوسهم وهو كان شريكا في تلك الدماء فيعيب نفسه قبل أن يعيب غيره وهو ليس بمضطر إلى هذا الجواب كما اضطر من أجاب عن قتل عمار وإن كان قصده بهذا الجواب إبداء عذره أمام الناس فلم يصنع شيئا لأن الناس يعلون أنه جواب فاسد وأنه شريك في تلك الدماء فيزداد بذلك لو ما عندهم بدلا من أن يعذروه ولو قصد ذلك لاقتصر على جوابه الأول إن له حقا في بيت المال فأخذه فلما أجابه علي (ع)أنك أخذت أكثر من حقك كان يمكنه أن يجيب بجواب مموه يدل على أنه ليس أكثر من حقه فيكون أقرب إلى القبول من هذا الجواب الذي يعرف فساده كل أحد ومن ذلك يتطرق الشك إلى باقي المكاتبة وجواباتها. وحكى ابن أبي الحديد الراوندي أن المكتوب إليه هو عبيد الله لا عبد الله ورده بأن عبيد الله كان عاملا لعلي على اليمن ولم ينقل عنه أنه أخذ مالا ولا فارق طاعة قال وقد أشكل علي أمر هذا الكتاب فإن قلت إنه موضوع على أمير المؤمنين (ع) خالفت الرواة فإنهم أطبقوا على رواية هذا الكلام عنه وإن صرفته إلى عبد الله بن عباس صدني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين (ع) في حياته وبعد وفاته وأن صرفته على غيره لم أعلم إلى من أصرفه من أهل أمير المؤمنين وهو يشعر بأن المخاطب به من أهله وبني عمه’’اه’’ (أقول) تصريح الكشي بأنه لأمير المؤمنين عليه السلام إلى ابن عباس وظهور مضامينه ظهورا بينا في أنه لا يصلح أن يكون المخاطب به غير ابن عباس لم يبق مجال لتردده. ويظهر أن أمر مفارقته عليا (ع) وأخذه مال بيت البصرة كان مشهورا فقد حكي عن قيس بن سعد بن عبادة أنه خطب الجيش الذي أرسله الحسن عليه السلام للقاء معاوية عندما تركهم أميرهم عبيد الله بن العباس وذهب إلى معاوية فقال ما معناه لا يهولنكم ما فعل فإن هؤلاء قد خرج أبوهم العباس لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم وابنه عبد الله أخذ مال البصرة وهرب إلى مكة وابنه عبيد الله فعل ما ترون. وقد عيره بذلك ابن الزبير فقال إنه أخذ مال البصرة وترك المسلمين بها يرتضخون النوي ولم يتبرأ ابن عباس من ذلك بل أجابه بأنه كان لنا فيه حق فأخذناه. وقال ابن أبي الحديد: الأكثرون على القول الأول وقال آخرون وهم الأقلون هذا لم يكن ولا فارق عبد الله بن عباس عليا (ع) ولا باينه ولا خالفه ولم يزل أميرا على البصرة إلى أن قتل علي (ع) ثم قال وهذا عندي هو الأمثل والأصوب ’’اه’’. وقال العلامة في الخلاصة: كان محبا لعلي عليه السلام وتلميذه حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين عليه السلام أشهر من أن يخفى وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو من أجل ذلك ’’اه’’. ومن جملة تلك الأحاديث حديث مفارقته عليا (ع) وأخذه مال بيت مال البصرة المتقدم والحديث الآتي من كتاب أمير المؤمنين إليه في ذلك وجوابه. وقال الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة: جملة ما ذكره الكشي من الطعن فيه خمسة أحاديث كلها ضعيفة السند. وقال السيد ابن طاوس: حاله في الإخلاص لمولانا أمير المؤمنين (ع) وموالاته والنصر له والذب عنه والخصام في رضاه والمؤازرة له مما لا شبهة فيه ثم قال معرضا بأخبار الذم: ومثل الحبر موضع أن يحسده الناس ويباهتوه.
قال ولو ورد في مثله ألف رواية أمكن أن تعرض للتهمة فكيف بهذه الأخبار الضعيفة الركيكة ’’اه’’. قال ابن أبي الحديد ويدل على عدم مفارقة ابن عباس أمير المؤمنين (ع) ما رواه أبو الفرج الأصفهاني أنه لما استشهد أمير المؤمنين عليه السلام دس معاوية رجلا من حمير إلى الكوفة ورجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان له بالأخبار فدل عليهما فقتلا فكتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى معاوية أما بعد فإنك ودسك أخابني القين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش إلى آخر الكتاب فهو يدل على وجوده في البصرة عند وفاة أمير المؤمنين (ع). قال وقالوا كيف يكون ذلك ولم يخدعه معاوية ويجره إلى جهته فقد علمتم كيف اختدع كثيرا من عمال أمير المؤمنين (ع) واستمالهم بالأموال فما باله وقد علم النبوة التي حدثت بينهما لم يستمل ابن عباس وكل من قرأ السير وعرف التاريخ يعرف مشاقة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة علي (ع) وما كان يلقاه به من قوارع الكلام وما كان يثني به على أمير المؤمنين ويذكر خصائصه وفضائله ويصدع به من مناقبه ومآثره فلو كان بينهما غبار أو كدر لما كان الأمر كذلك ’’اه’’.
قال المؤلف: إنكار أخذ ابن عباس المال من البصرة وإنكار أمير المؤمنين (ع) إليه المقدم ذكره صعب جدا بعد ملاحظة ما تقدم ولا يحتاج فيه إلى تصحيح روايات الكشي وبعدما ذكرناه من الشواهد على اشتهار الأمر في ذلك كما أن إخلاص ابن عباس لأمير المؤمنين (ع) وتفوقه في معرفة فضله لا يمكن إنكاره والذي يلوح لي أن ابن عباس لما ضايقه أمير المؤمنين (ع) في الحساب عما أخذ ومن أين أخذ وفيما وضع كما يقتضيه عدله ومحافظته على أمنوال المسلمين وعلم أنه محاسب على ذلك أدق حساب وغير مسامح في شيء سولت له نفسه أخذ المال من البصرة والذهاب إلى مكة وهو ليس بمعصوم وحب الدنيا مما طبعت عليه النفوس فلما كتب إليه أمير المؤمنين (ع) ووعظه وطلب منه التوبة تاب وعاد سريعا وعدم نص المؤرخين على عودة لا يضر بل يكفي ذكرهم أنه كان بالبصرة عند وفاة أمير المؤمنين (ع) كما دل عليه كتابه السابق إلى معاوية أما الجواب الأخير الذي زعموا أنه أجاب به أمير المؤمنين (ع) فمعاذ الله أنة يصدر منه والله العالم بحقائق الأحوال. وقد جاء في الجزء الأول من أمالي المرتضى: روى أبو عبيدة قال: دخل عمرو بن عبيد على سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بالبصرة فقال له سليمان: أخبرني عن صاحبك يعني الحسن البصري إلى أن قال فقوله في عبد الله بن العباس يفتينا في القملة والقميلة وطار بأموالنا في ليلة فقال له: فكيف يقول هذا وابن عباس لم يفارق عليا حتى قتل وشهد صلح الحسن عليه السلام وأي مال يجتمع في بيت مال البصرة مع حاجة علي إلى الأموال وهو يفرغ بيت مال الكوفة في كل خمس ويرشه وقالوا أنه كان يقيل فيه فكيف يترك المال يجتمع بالبصرة؟ هذا باطل. وقال عبد الله بن العباس في أمير المؤمنين علي عليه السلام:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 55

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب (ب د ع) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو العباس القرشي الهاشمي. ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كني بابنه العباس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية. وهو ابن خالة خالد بن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة. ولد والنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته بالشعب من مكة، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذلك، ورأى جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغيره، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن عيسى السلمي قال: حدثنا بندار ومحمود بن غيلان قالا: حدثنا أبو أحمد، عن سفيان، عن ليث، عن أبي جهضم، عن ابن عباس. «أنه رأى جبريل عليه السلام مرتين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم مرتين».
قال: وحدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم علمه الحكمة». أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة وغير واحد إجازة قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا المخلص، أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا يوسف بن محمد بن سابق، حدثنا أبو مالك الجنبي، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: «نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم».
أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم، أخبرنا أبي أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد أخبرنا أبو طاهر الثقفي، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن جعفر الزراد، حدثنا عبيد الله بن سعد، حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا ابن الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة: أن عمر كان إذا جاءته الأقضية المعضلة قال لابن عباس: «إنها قد طرت علينا أقضية وعضل، فأنت لها ولأمثالها». ثم يأخذ بقوله، وما كان يدعو لذلك أحدا سواه.
قال عبيد الله: «وعمر عمر». يعني في حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رأيت أحدا كان أعلم مما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة منه، ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه، ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، ولا رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما.
وقال ليث بن أبي سليم: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام- يعني ابن عباس- وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: إني رأيت سبعين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تدارءوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وقال المعتمر بن سليمان، عن شعيب بن درهم قال: كان هذا المكان- وأومأ إلى مجرى الدموع من خدية- من خدي ابن عباس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله علي بن أبي طالب على البصرة، فبقي عليها أميرا، ثم فارقها قبل أن يقتل علي بن أبي طالب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مع علي صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر، وعلي، ومعاذ بن جبل، وأبي ذر.
روى عنه عبد الله بن عمر، وأنس من مالك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وأخوه كثير بن عباس، وولده علي بن عبد الله بن عباس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وعبيد بن عمير، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين، وأبو الزبير، ومحمد بن كعب، وطاوس ووهب بن منبه، وأبو الضحى، وخلق كثير غير هؤلاء.
أخبرنا غير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى، أخبرنا عبد الله، حدثنا الليث وابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج- قال الترمذي: وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، حدثنا أبو الوليد، حدثنا الليث، حدثني قيس بن الحجاج، المعنى واحد- عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام، إني أعلمك كلامات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف». قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني الحسين بن الحسن بن عطية ابن سعد بن جنادة العوفي القاضي، عن أبيه، عن جده قال: لما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان، ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما، حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما، تبايعان؟ فأبيا وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك. فأبى وألح عليهما إلحاحا شديدا، فقال لهما فيما يقول: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار. فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن هذا الرجل.
فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة وابن الزبير، فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة- ويقال: تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ بالبيت- قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما، وهم في دور قريب من المسجد، قد جمع الحطب فأحاط، بهم حتى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نريح الناس منه. فقال: لا، هذا بلد حرام، حرمه الله، ما أحله عز وجل لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة، فامنعونا وأجيزونا قال: فتحملوا وإن مناديا ينادى في الخيل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم حتى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس، فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض، أحبهم إلى الله، وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هم فما لبث إلا ثماني ليال بعد هذا القول حتى توفي رضي الله عنه، فصلى عليه محمد بن الحنفية، فأقبل طائر أبيض فدخل في أكفانه، فما خرج منها حتى دفن معه، فلما سوي عليه التراب قال ابن الحنفية: مات والله اليوم خبر هذه الأمة.
وكان له لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة. وقيل: خمس عشرة سنة. وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابن سبعين سنة. وقيل: إحدى وسبعين سنة. وقيل: مات سنة سبعين.
وقيل: سنة ثلاث وسبعين. وهذا القول غريب.
وكان يصفر لحيته، وقيل: كان يخضب بالحناء، وكان جميلا أبيض طويلا، مشربا صفرة، جسيما وسيما صبيح الوجه، فصيحا.
وحج بالناس لما حصر عثمان، وكان قد عمي في آخر عمره، فقال في ذلك:

أخرجه الثلاثة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 692

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 3- ص: 291

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 3- ص: 186

عبد الله بن عباس، عن رهط من الأنصار (د ع) عبد الله بن عباس، عن رهط من الأنصار أنهم قالوا: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ رمي بنجم، «فقال: ما كنتم تقولون لمثل هذا إذا رمي؟ قالوا: كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا إذا قضي أمرا سبحه حملة العرش، ثم أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل السماء الدنيا، ثم يقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيجيبونهم، فيستخبر أهل السموات بعضهم بعضا حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا ثم تخطف الجن السمع ليلقونه إلى أوليائهم، فترمى الشياطين بالنجوم». أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 1439

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 6- ص: 373

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 5- ص: 382

ابن عباس ابن عباس.
أخبرنا أبو القاسم يعيش بن صدقة الفقيه بإسناده عن أبي عبد الرحمن النسائي: أخبرنا قتيبة، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وسلم، غداة جمع فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستمسك على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وهذا غير الأول فإن هذا كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخا لا يستمسك على الراحلة، والأول كان أيام الحجاج يشهد الغزو، فهو غيره، والله أعلم.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 1444

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 6- ص: 384

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 5- ص: 393

عبد الله بن عباس، عن رجل من بني غفار عبد الله بن عباس، عن رجل من بنى غفار.
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو سعد المطرز إجازة، حدثنا أحمد ابن عبد الله، حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى المروزي، حدثنا محمد بن أحمد ابن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن حزم، عمن حدثه عن ابن عباس قال: حدثني رجل من بني غفار قال: أقبلت أنا وابن عم لي حتى صعدنا جبلا يشرف بنا على بدر، ونحن مشركان، ننظر الوقعة على من تكون الدبرة فنبهت، فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة، فسمعنا منها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم. قال: فأما ابن عمي فكشف قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلك فتماسكت.
لا أدري هل هو أحد ممن تقدم أم لا؟

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 1447

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 6- ص: 390

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 5- ص: 400

ابن عباس ابن عباس.
أخبرنا أبو أحمد بن سكينة الصوفي، أخبرنا أبو غالب الماوردي مناولة بإسناده عن أبي داود. أخبرنا محمد بن يحيى بن فارس، أخبرنا موسى بن هارون البردي، أخبرنا هشام بن يوسف، عن القاسم بن فياض الأنباري، عن خلاد بن عبد الرحمن، عن ابن المسيب، عن ابن عباس: أن رجلا من بكر بن ليث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات فجلده مائة جلدة، وكان بكرا. ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب والله يا رسول الله. فجلده حد الفرية ثمانين.
محارب

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 1448

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 6- ص: 393

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 5- ص: 402

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي
الهاشمي، أبو العباس، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية.
ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث. وقيل بخمس. والأول أثبت، وهو يقارب ما في الصحيحين عنه: أقبلت وأنا راكب على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت سن الاحتلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار... الحديث.
وفي «الصحيح» عن ابن عباس: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ختين. وفي رواية: وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك.
وفي طريق أخرى: قبض وأنا ابن عشر سنين، وهذا محمول على إلغاء الكسر.
روى الترمذي من طريق ليث، عن أبي جهضم، عن ابن عباس أنه رأى جبرائيل، عليه السلام مرتين.
وفي الصحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضمه إليه، وقال: «اللهم علمه الحكمة»
وكان يقال له: حبر العرب. ويقال: إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك المغرب، وكان قد غزا مع عبد الله بن أبي سرح إفريقية، فتكلم مع جرجير فقال له: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب.
ذكر ذلك ابن دريد في الأخبار المنثورة له.
وقال الواقدي: لا خلاف عند أئمتنا أنه ولد بالشعب حين حصرت قريش بني هاشم، وأنه كان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة.
وروى أبو الحسن المدائني عن سحيم بن حفص، عن أبي بكرة، قال: قدم علينا ابن عباس البصرة وما في العرب مثله جسما وعلما وثيابا وجمالا وكمالا.
وأخرج الطبراني، من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن النعمان- أن حسان بن ثابت قال: كانت لنا عند عثمان أو غيره من الأمراء حاجة فطلبناها إليه: جماعة من الصحابة، منهم ابن عباس، وكانت حاجة صعبة شديدة، فاعتل علينا، فراجعوه إلى أن عذروه وقاموا إلا ابن عباس، فلم يزل يراجعه بكلام جامع حتى سد عليه كل حاجة، فلم ير بدا
من أن يقضي حاجتنا، فخرجنا من عنده وأنا آخذ بيد ابن عباس، فمررنا على أولئك الذين كانوا عذروا وضعفوا فقلت: كان عبد الله أولاكم به. قالوا: أجل. فقلت أمدحه

وروى الزبير بن بكار بسند له إلى حسان بن ثابت بدت لنا حاجة إلى الأمير وكان أمرا صعبا فمشينا إليه برجال من قريش، فاعتذر فعذروه إلا ابن عباس، فو الله ما وجد بدا من قضاء حاجتنا، قال: فجئنا المسجد والقوم في أنديتهم، قال حسان فصحت صيحة أسمعهم وأنشأ يقول:
الأبيات.....
قال ابن يونس: غزا إفريقية مع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وقال ابن مندة: كان أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه له وفرة يخضب بالحناء.
وقال محمد بن عثمان بن أبي خيثمة في تاريخه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق: رأيت ابن عباس رجلا جسيما قد شاب مقدم رأسه وله جمة.
وقال أبو عوانة، عن أبي حمزة: كان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد رجلين.
وفي معجم البغوي، من طريق داود بن عبد الرحمن، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، أنه كان يقرب ابن عباس، ويقول: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاك فمسح رأسك وتفل في فيك، وقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل».
ورواه ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس بالمرفوع نحوه.
وفي فوائد أبي الطاهر الذهلي، من طريق سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه سكب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءا عند خالته ميمونة، فلما فرغ قال: «من وضع هذا؟» فقالت: ابن عباس. فقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل».
وفي مسند أحمد من طريق حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار- أن كريبا أخبره أن ابن عباس قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه، فلما أقبل على صلاته خنست. فلما انصرف قال لي: «ما شأنك؟» فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله! فدعا لي أن يزيدني الله علما وفهما.
وقال ابن سعد: حدثنا الأنصاري، حدثنا إسماعيل بن مسلم، حدثني عمرو بن دينار، عن طاوس: عن ابن عباس: دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح على ناصيتي وقال: «اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب».
وقال ابن سعد: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن شعيب بن يسار، عن عكرمة، قال: أرسل العباس عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق، ثم جاء، فقال: رأيت عنده رجلا لا أدري- ليت- من هو. فجاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بالذي قال عبد الله، فدعاه، فأجلسه في حجره، ومسح رأسه، ودعا له بالعلم.
وروى الزبير بن بكار، من طريق داود، عن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر: دعا النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس، فقال: «اللهم بارك فيه وانشر منه».
وروى ابن سعد من طريق يسر بن سعيد، عن محمد بن أبي بن كعب، عن أبيه، أنه سمعه يقول- وكان عنده ابن عباس فقام: قال هذا يكون حبر هذه الأمة أوتي عقلا وجسما. ودعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفقه في الدين.
وقال ابن سعد: حدثنا ابن نمير، عن زكريا بن عامر- هو الشعبي، قال: دخل العباس على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ابنه عبد الله: لقد رأيت عنده رجلا. فقال: ذاك جبرائيل».
وقال الدارمي والحارث في مسنديهما جميعا: حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنهم اليوم كثير. قال فقال: وا عجبا لك! أترى الناس يفتقرون إليك؟ قال: فترك ذلك وأقبلت أسأل، فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل فآتي بابه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح علي من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله، ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك، فأسأله عن الحديث. فعاش الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي ليسألوني. فقال: هذا الفتى كان أعقل مني.
وقال محمد بن هارون الروياني في مسندة: حدثنا محمد بن زياد، حدثنا فضيل بن عياض، عن فائد، عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع: كان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول: ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم يوم كذا؟ ومع ابن عباس من يكتب ما يقول.
وأخرج البغوي، من طريق محمد بن عمرو عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، قال: وجدت علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل بباب أحدهم، ولو شئت أن يؤذن عليه لأذن، لكن أبتغي بذلك طيب نفسه.
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن الزهري، قال: قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سئول، وقلب عقول.
وفي تاريخ يعقوب بن سفيان، من طريق يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، قال: قدم على عمر رجل فسأله عن الناس، فقال: قرأ منهم القرآن كذا وكذا. فقال ابن عباس: ما أحب أن يسأل عن آي القرآن. قال: فزبرني عمر، فانطلقت إلى منزله، فقلت: ما أراني إلا قد سقطت من نفسه، فبينا أن كذلك إذ جاءني رجل فقال: أجب. فأخذ بيدي ثم خلا بي، فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله. قال: لتحدثني. قلت: إنهم متى تنازعوا اختلفوا، ومتى اختلفوا اقتتلوا.
فقال: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس.
وفي المجالسة من طريق المدائني، قال علي في ابن عباس إنا لننظر إلى الغيث من ستر رقيق لعقله وفطنته.
ومن طريق ابن المبارك، عن داود- وهو ابن أبي هند، عن الشعبي، قال: ركب زيد بن ثابت فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يا ابن عم رسول الله. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. فقبل زيد بن ثابت يده، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وأخرج يعقوب بن سفيان، عن سليمان بن حرب، عن جرير بن حازم، عن أيوب- مثل ما أخرج أحمد، عن إسماعيل، عن أيوب، عن عكرمة- أن عليا حرق ناسا، فبلغ ابن عباس، فقال: لم أكن لأحرقهم... الحديث.
زاد سليمان: فبلغ عليا قوله، فقال: ويح ابن أم الفضل، إنه لغواص.
وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم- هو أبو الضحى، عن مسروق، قال: قال عبد الله- هو ابن مسعود. أما إن ابن عباس لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
زاد جعفر بن عوف، عن الأعمش: وكان يقول: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
أخرجهما البيهقي.
وأخرجه، يعقوب بن سفيان، عن إسماعيل بن الخليل، عن علي بن مسهر، عن الأعمش كرواية أبي معاوية، وزاد: قال الأعمش وسمعتهم يتحدثون عن عبد الله، قال: ولنعم ترجمان القرآن ابن عباس.
وأخرج ابن سعد بسند حسن، عن سلمة بن كهيل، قال: قال عبد الله: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
وفي تاريخ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وأبي زرعة الدمشقي جميعا، من طريق عمير بن بشر الخثعمي، عمن سأل ابن عمر عن شيء، فقال: سل ابن عباس، فإنه أعلم من بقي بما أنزل الله على محمد.
وأخرجه ابن أبي خيثمة من وجه آخر، عن ابن عمر، لكن فيه جابر الجعفي.
وأخرج أبو نعيم من طريق حمزة بن أبي محمد، عن عبد الله بن دينار- أن رجلا سأل ابن عمر عن قوله تعالى: {كانتا رتقا ففتقناهما} فقال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني.
فذهب إلى ابن عباس، فسأله، فقال: كانت السموات رتقاء لا تمطر، والأرض رتقاء لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات. فرجع الرجل فأخبر ابن عمر، فقال: لقد أوتي ابن عباس علما صدقا، هكذا، لقد كنت أقول ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علما.
وأخرج ابن سعد بسند صحيح، عن يحيى بن سعيد الأنصاري: لما مات زيد بن ثابت قال أبو هريرة: مات حبر هذه الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس خلفا.
وقال عمرو بن حبشي: سألت ابن عمر عن آية، فقال: انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنه أعلم من بقي بما أنزل الله تعالى على محمد.
وأخرج يعقوب بن سفيان، من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن شبيب، قال: قالت عائشة: هو أعلم الناس بالحج.
وفي فوائد ابن المقرئ، من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عمر كان يأخذ بقول ابن عباس في العضل، قال: وعمر عمرا.
وأخرج يعقوب بن سفيان من طريق ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة: سألت أبي عن ابن عباس، فقال: ما رأيت مثل ابن عباس قط.
وفي معجم البغوي، من طريق عبد الجبار بن الورد، عن عطاء: ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقها، وأعظم خشية، إن أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واسع.
وعند ابن سعد من طريق ليث بن أبي سليم، عن طاوس: رأيت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا تدارءوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعند البغوي من وجه آخر، عن طاوس: أدركت خمسين أو سبعين من الصحابة إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا هو كما قلت، أو صدقت.
وفي تاريخ عباس الدوري، عن ابن معين، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح: ما رأيت مثل ابن عباس قط، ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وأخرجه ابن سعد، عن أبي نعيم، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن سعيد بن عمرو، وأخرجه يعقوب بن سفيان، عن الحميدي، كلهم عن سفيان.
ومن طريق أبي أمامة، عن الأعمش، عن مجاهد: كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
وفي «الجعديات» عن شعبة بن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد: سألت البحر عن لحوم الحمر، وكان يسمى ابن عباس البحر... الحديث. وأصله في البخاري.
وأخرج ابن سعد بسند صحيح، عن ميمون بن مهران، قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثا لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها يسأله الناس فيكفونك.
وفي «أمالي الصولي»، من طريق شريك، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: قرأ ابن عباس سورة النور فجعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت.
وفي رواية أبي العباس السراج، من طريق أبي معاوية، عن الأعمش بهذا السند: خطب ابن عباس، وهو على الموسم، فجعل يقرأ ويفسر، فجعلت أقول: لو سمعته فارس والروم لأسلمت.
وزاد ابن أبي شيبة، من طريق عاصم، عن أبي وائل: سنة قتل عثمان، وكان أمره على الحج تلك السنة.
وزاد: قال أبو وائل: قال رجل: إني لأشتهي أن أقبل رأسه- يعني من حلاوة كلامه.
وقال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير: كنت أسمع الحديث من ابن عباس فلو يأذن لقبلت رأسه.
وعند الدارمي وابن سعد بسند صحيح، عن عبيد الله بن أبي يزيد: كان ابن عباس إذا سئل فإن كان في القرآن أخبر به، فإن لم يكن وكان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر به، فإن لم يكن وكان عن أبي بكر وعمر أخبر به، فإن لم يكن قال برأيه.
وفي رواية ابن سعد: اجتهد رأيه.
وعند البيهقي من طريق كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني وفي ثلاث: إني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأحبه، ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي بها سائمة ولا راعية، وإني لآتي على آية من كتاب الله تعالى فوددت أن المسلمين كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم.
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثني ابن وهب، أخبرني ابن يونس، عن ابن شهاب، قال: سنة قتل عثمان حج بالناس عبد الله بن عباس بأمر عثمان.
وعن يحيى بن بكير، عن الليث: سنة خمس وثلاثين.
وذكر خليفة أن عليا ولاه البصرة وكان على الميسرة يوم صفين، واستخلف أبا الأسود على الصلاة وزيادا على الخراج، وكان استكتبه فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى قتل علي، فاستخلف على البصرة عبد الله بن الحارث، ومضي إلى الحجاز.
وأخرج الزبير بسند له- أن ابن عباس كان يغشى الناس في رمضان وهو أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتى يفقههم.
قال: وحدثني محمد بن سلام، قال: سعى ساع إلى ابن عباس برجل، فقال: إن شئت نظرنا. فإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن كنت صادقا نفيناك، وإن شئت أقلتك: قال: هذه.
وفي كتاب الجليس للمعافي من طريق ابن عائشة، عن أبيه: نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر، وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي نزل عن القوم بسنه، وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، فأنشأ يقول:
وقال الزبير بن بكار: حدثت عن عمرو بن دينار، قال: لما مات عبد الله بن العباس قال مات رباني هذه الأمة.
وساق بسند له إلى موسى بن عقبة، عن مجاهد- أن ابن عباس مات بالطائف نصلي عليه ابن الحنفية، فجاء طائر أبيض، فدخل في أكفانه، فما خرج منها، فلما سوى عليه التراب قال ابن الحنفية: مات والله اليوم حبر هذه الأمة.
وأخرج يعقوب بن سفيان، من طريق عبد الله بن يامين: أخبرني أني أنه لما مر بجنازة عبد الله بن عباس جاء طائر أبيض يقال له الغرنوق، فدخل في النعش فلم ير بعد.
وأخرج ابن سعد من طريق يعلى بن عطاء عن بجير بن عبد الله، قال: لما خرج نعش ابن عباس جاء طائر أبيض عظيم من قبل وج حتى خالط أكفانه فلم يدر أين ذهب، فكانوا يرون أنه علمه.
وروينا في جزء الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن شجاع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، قال: مات ابن عباس بالطائف، فشهدت جنازته، فجاء طائر أبيض لم ير على خلقته، فدخل في نعشه ولم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك}... إلى آخر السورة.
وفي وفاته أقوال: سنة خمس وستين. وقيل سبع. وقيل ثمان، وهو الصحيح في قول الجمهور.
وقال المدائني، عن حفص بن ميمون، عن أبيه: توفي عبد الله بن عباس بالطائف، فجاء طائر أبيض فدخل بين النعش والسرير، فلما وضع في قبره سمعنا تاليا يتلو: {يا أيتها النفس المطمئنة....} الآية.
واتفقوا على أنه مات بالطائف سنة ثمان وستين. واختلفوا في سنه، فقيل ابن إحدى وسبعين. وقيل ابن اثنتين. وقيل ابن أربع. والأول هو القوي.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 4- ص: 121

عبد الله بن عباس حبر الأمة رضي الله عنه عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي، أبو العباس الحبر البحر، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو الخلفاء. ولد في شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له بالحكمة مرتين. وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس! وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان، وعلي، وأبي، وأبيه العباس، وأبي ذر، وأبي سفيان، وطائفة من الصحابة، وقال مجاهد: مارأيت أحدا قط مثل ابن عباس لقد مات يوم مات وإنه لحبر هذه الأمة. وكان يسمى البحر لكثرة علومه. وعن عبيد الله بن عبد الله قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبق، وفقه ما احتيج إليه، وحلم ونسب ونائل، ولا رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقضاء أبي بكر وعمرو وعثمان ولا أعلم بشعر منه. وتوفي سنة ثمان وستين للهجرة. وروى له الجماعة. أخرجه عبد الله ابن الزبير إلى الطائف، وبها توفي وهو ابن سبعين سنة، وقيل: ابن إحدى وسبعين سنة. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وكبر عليه أربعا، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة، وضرب على قبره فسطاطا. روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن. وفي بعض الروايات: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. وفي حديث: اللهم بارك فيه وانشر منه واجعله من عبادك الصالحين، وفي حديث: اللهم زده علما وفقها. قال ابن عبد البر: وهي كلها أحاديث صحاح. وكان عمر رضي الله عنه يحبه ويدنيه ويقربه ويشاوره مع جلة الصحابة. وكان عمر يقول: ابن عباس فتى الكهول، له لسان سئول، وقلب عقول. وقال طاووس: أدركت نحو خمسمائة من الصحابة إذا ذاكروا ابن عباس فخالفوه لم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله. وقال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجا معه ابن عباس، وكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم، وقال عبد الله بن يزيد الهلالي:

وفيه يقول حسان بن ثابت:
ومر عبد الله بن صفوان يوما بدار عبد الله بن عباس فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه، ومر بدار عبيد الله بن العباس فرأى فيها جمعا يتناوبونها للطعام، فدخل على ابن الزبير فقال له: أصبحت والله كما قال الشاعر:
قال: وماذاك يا أعرج؟ قال: هذان ابنا العباس، أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس، فما أبقيا لك مكرمة، فدعا عبد الله بن مطيع وقال له: إنطلق إلى ابني عباس فقل لهما، يقول لكما أمير المؤمنين: أخرجا عني أنتما ومن انضوى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت، فقال عبد الله بن عباس: والله ما يأتينا من الناس إلا رجلان: رجل يطلب فقها ورجل يطلب فضلا، فأي هذين نمنع؟! وكان ابن عباس قد عمي آخر عمره. وروي عنه أنه رأى رجلا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرفه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال له: أرأيته؟ قال: نعم! قال: ذاك جبريل عليه السلام، أما إنك ستفتقد بصرك! فعمي في آخر عمره، فهو القائل فيما روي عنه:
وروي أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس، ويقال: بل دخل قبره طائر أبيض، فقيل: إنه بصره بالتأويل! وقيل: جاء طائر أبيض فدخل نعشه حين حمل فما رئي خارجا منه. وشهد عبد الله بن عباس الجمل وصفين والنهروان مع علي بن أبي طالب.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0

عبد الله بن عباس البحر: "ع"

حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، أبو العباس عبد الله، ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العباس بن عبد المطلب شيبة بن هاشم، واسمه: عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، القرشي الهاشمي المكي، الأمير -رضي الله عنه.

مولده بشعب بني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين.

صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوا من ثلاثين شهرا، وحدث عنه بجملة صالحة، وعن عمر، وعلي، ومعاذ، ووالده، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي سفيان صخر بن حرب، وأبي ذر، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وخلق.

وقرأ على أبي، وزيد.

قرأ عليه: مجاهد، وسعيد بن جبير، وطائفة.

روى عنه: ابنه علي، وابن أخيه عبد الله بن معبد، ومواليه؛ عكرمة ومقسم وكريب، وأبو معبد نافذ، وأنس بن مالك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بن سهل، وأخوه كثير بن العباس، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله، وطاوس، وأبو الشعثاء جابر، وعلي بن الحسين، وسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، والقاسم بن محمد، وأبو صالح السمان، وأبو رجاء العطاردي، وأبو العالية، وعبيد بن عمير، وابنه عبد الله، وعطاء بن يسار، وإبراهيم بن عبد الله بن معبد، وأربدة التميمي صاحب التفسير، وأبو صالح باذام، وطليق بن قيس الحنفي، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، والحسن، وابن سيرين، ومحمد بن كعب القرظي، وشهر بن حوشب، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وعبيد الله بن أبي يزيد، وأبو جمرة نصر بن عمران الضبعي، والضاحك بن مزاحم، وأبو الزبير المكي، وبكر بن عبد الله المزني، وحبيب بن أبي ثابت، وسعيد بن أبي الحسن، وإسماعيل السدي، وخلق سواهم.

وفي "التهذيب": من الرواة عنه مائتان سوى ثلاثة أنفس.

وأمه: هي أم الفضل لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية، من هلال بن عامر.

وله جماعة أولاد؛ أكبرهم العباس -وبه كان يكنى، وعلي أبو الخلفاء، وهو أصغرهم، والفضل، ومحمد، وعبيد الله، ولبابة، وأسماء.

وكان وسيما جميلا، مديد القامة، مهيبا، كامل العقل، ذكي النفس، من رجال الكمال.

وأولاده: الفضل ومحمد وعبيد الله، ماتوا ولا عقب لهم، ولبابة، ولها أولاد،

وعقب من زوجها علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وبنته الأخرى أسماء، وكانت عند ابن عمها عبد الله بن عبيد الله بن العباس، فولدت له حسنا وحسينا.

انتقل ابن عباس مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح، وقد أسلم قبل ذلك، فإنه صح عنه أنه قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الولدان، وأمي من النساء.

روى خالد الحذاء عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- رأسي، ودعا لي بالحكمة.

شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المخرج وخرج، فإذا تور مغطى قال: "من صنع هذا"؟، فقلت: أنا. فقال: "اللهم علمه تأويل القرآن".

قال ابن شهاب: عن عبيد الله، عن ابن عباس قال: أقبلت على أتان، وقد ناهزت الاحتلام، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس بمنى.

وروى أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: توفي النبي -صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن عشر. رواه شعبة له، وغيره عنه.

وقال هشيم: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد، عنه: جمعت المحكم في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقبض وأنا ابن عشر حجج.

وقال شعبة: عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن خمس عشرة سنة، وأنا ختين.

قال الواقدي: لا خلاف أنه ولد في الشعب، وبنو هاشم محصورون، فولد قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، ألا تراه يقول: وقد راهقنا الاحتلام، وهذا أثبت مما نقله أبو بشر في سنه.

قال أحمد بن حنبل، فيما رواه ابنه عبد الله عنه: حديث أبي بشر عندي واه، قد روى أبو إسحاق، عن سعيد، فقال: خمس عشرة، وهذا يوافق حديث عبيد الله بن عبد الله.

قال الزبير بن بكار: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولابن عباس ثلاث عشرة سنة.

قال أبو سعيد بن يونس: غزا ابن عباس إفريقية مع ابن أبي سرح، وروى عنه من أهل مصر خمسة عشر نفسا.

قال أبو عبد الله بن مندة: أمه هي: أم الفضل، أخت أم المؤمنين ميمونة، ولد قبل الهجرة بسنتين.

وكان أبيض طويلا، مشربا صفرة، جسيما وسيما، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحكمة.

قلت: وهو ابن خالة خالد بن الوليد المخزومي.

سعيد بن سالم: حدثنا ابن جريج قال: كنا جلوسا مع عطاء في المسجد الحرام، فتذاكرنا ابن عباس، فقال عطاء: ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه ابن عباس.

إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة قال: كان ابن عباس إذا مر في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مر ابن عباس؟

الزبير: حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني، عن داود بن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، أن عمر دعا ابن عباس فقربه، وكان يقول: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاك يوما، فمسح رأسك، وتفل في فيك، وقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل".

داود: مدني ضعيف.

حماد بن سلمة، وغيره، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله قال: بت في بيت خالتي ميمونة، فوضعت للنبي -صلى الله عليه وسلم- غسلا، فقال: "من وضع هذا" ؟ قالوا: عبد الله. فقال: "اللهم علمه التأويل، وفقهه في الدين".

أخبرنا إسحاق الأسدي، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا اللبان، أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم، حدثنا ابن أبي العوام، حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار: أن كريبا أخبره، عن ابن عباس قال: صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- من آخر الليل، فجعلني حذاءه، فلما انصرفت قلت: وينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله؟ فدعا الله أن يزيدني فهما وعلما.

حاتم بن أبي صغيرة،. عن عمرو بن دينار، عن كريب، عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا له أن يزيده الله فهما وعلما.

ورقاء، سمعت عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس: وضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوءا، فقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل".

وعن ابن عباس: دعا لي رسول الله بالحكمة مرتين.

كوثر بن حكيم -واه، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: "إن حبر هذه الأمة ابن عباس".

تفرد به عنه محمد بن يزيد الرهاوي.

عبد المؤمن بن خالد، عن ابن بريدة، عن ابن عباس: انتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده جبريل، فقال له جبريل: إنه كائن هذا حبر الأمة، فاستوص به خيرا.

حديث منكر، تفرد به سعدان بن جعفر، عن عبد المؤمن.

حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: كنت مع أبي عند النبي -صلى الله عليه وسلم، وكان كالمعرض عن أبي، فخرجنا من عنده، فقال: ألم تر ابن عمك كالمعرض عني؟ فقلت: إنه كان عنده رجل يناجيه، قال: أو كان عنده أحد؟ قلت: نعم، فرجع إليه، فقال: يا رسول الله، هل كان عندك أحد؟ فقال لي: "هل رأيته يا عبد الله" ؟ قال: نعم. قال: "ذاك جبريل، فهو الذي شغلني عنك". أخرجه أحمد في "مسنده".

المنهال بن بحر: حدثنا العلاء بن محمد، عن الفضل بن حبيب، عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: مررت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه ثياب بيض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، فقال: من هذا؟ فقال: ابن عمي، قال: ما أشد وسخ ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، ثم قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "رأيت من يناجيني"؟ قلت: نعم، قال: "أما إنه سيذهب بصرك".

إسناده لين.

ثور بن زيد الديلي، عن موسى بن ميسرة، أن العباس بعث ابنه عبد الله إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حاجة، فوجد عنده رجلا، فرجع ولم يكلمه، فلقي العباس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك، فقال: أرسلت إليك ابني، فوجد عندك رجلا، فلم يستطع أن يكلمه، فقال: "يا عم! تدري من ذاك الرجل"؟ قال: لا، قال: "ذاك جبريل لقيني، لن يموت ابنك حتى يذهب بصره، ويؤتى علما".

روى سليمان بن بلال، والدراوردي، عن ثور نحوه، وقد رواه محمد بن زياد الزيادي، عن الدراوردي، فقال: عن أيوب، عن موسى بن ميسرة، عن بعض ولد العباس، فذكره.

زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي: دخل العباس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فلم ير عنده أحدا، فقال له ابنه عبد الله: لقد رأيت عنده رجلا، فسأل العباس النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال: "ذاك جبريل".

هذا مرسل.

حبان بن علي، عن رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: أتيت خالتي ميمونة، فقلت إني أريد أن أبيت الليلة عندكم، فقالت: وكيف تبيت، وإنما الفراش واحد؟ فقلت: لا حاجة لي به، أفرش إزاري، وأما الوساد فأضع رأسي مع رءوسكما من وراء الوسادة. قال: فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم، فحدثته ميمونة بما قال ابن عباس، فقال: "هذا شيخ قريش".

إسناده ضعيف.

قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أخبرنا اللبان، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا حبيب، حدثنا عبد الله البغوي، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: سئل ابن عباس: ما بلغ من هم يوسف؟ قال: جلس يحل هميانه، فصيح به يا يوسف! لا تكن كالطير له ريش، فإذا زنى قعد ليس له ريش.

صالح بن رستم الخزاز، عن ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شطر الليل. فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال قرأ: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}، فجعل يرتل ويكثر في ذلك النشيج.

ابن جريج، عن ابن أبي مليكة: قال ابن عباس: ذهب الناس وبقي النسناس، قيل: ما النسناس؟ قال: الذين يشبهون الناس وليسوا بالناس.

ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال لي معاوية: أنت على ملة علي؟ قلت: ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

وعن طاوس قال: ما رأيت أحدا أشد تعظيما لحرمات الله من ابن عباس.

جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبا لك يا ابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي

-عليه الصلاة والسلام- من ترى؟ فترك ذلك، وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح علي التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله، ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك. قال: فبقي الرجل حتى رآني، وقد اجتمع الناس علي، فقال: هذا الفتى أعقل مني.

عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير قال: كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم، قال: وكان يسأله، فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه السورة {إذا جاء نصر الله} فقال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره، فقال عمر: يا ابن عباس تكلم، فقال: أعلمه متى يموت، أي: فهي آتيك من الموت، فسبح بحمد ربك واستغفره.

وروى نحوه أحمد في "مسنده" حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس قال: وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لآتي الرجل منهم، فيقال: هو نائم، فلو شئت أن يوقظ لي، فأدعه حتى يخرج لأستطيب بذلك قلبه.

يزيد بن إبراهيم، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس قال: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم.

إسناده صحيح.

ابن عيينة، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن، قال: كان ابن عباس من الإسلام بمنزل، وكان من القرآن بمنزل، وكان يقوم على منبرنا هذا، فيقرأ البقرة وآل عمران، فيفسرهما آية آية، وكان عمر -رضي الله عنه- إذا ذكره قال: ذلك فتى الكهول له لسان سؤول، وقلب عقول.

إسرائيل: أخبرنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا "الرقيم"، و"غسلين"، و"حنانا".

يحيى بن يمان، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علما ما علمناه.

عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: دعاني عمر مع الأكابر، ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، ثم يسألني، ثم يقبل عليهم، فيقول: ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شئون رأسه.

معمر، عن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لسانا سئولا، وقلبا عقولا.

موسى بن عبيدة، عن يعقوب بن زيد قال: كان عمر يستشير ابن عباس في الأمر إذا أهمه، ويقول: غص غواص.

أبو يحيى الحماني: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال عمر: لا يلومني أحد على حب ابن عباس.

وعن مجالد، عن الشعبي قال: قال ابن عباس: قال لي أبي: يا بني! إن عمر يدنيك، فاحفظ عني ثلاثا: لا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يجربن عليك كذبا.

ابن علية: حدثنا أيوب، عن عكرمة، أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لم أكن لأحرقهم أنا بالنار، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تعذبوا بعذاب الله"، وكنت قاتلهم لقوله -صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"، فبلغ ذلك عليا، فقال: ويح ابن أم الفضل، إنه لغواص على الهنات.

الواقدي: حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة، عن موسى بن سعد، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص: سمعت أبي يقول: ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا ألب لبا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما، من ابن عباس، لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات، فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر.

الواقدي: حدثنا موسى بن محمد التيمي، عن أبيه، عن مالك بن أبي عامر، سمع طلحة بن عبيد الله يقول: لقد أعطي ابن عباس فهما ولقنا وعلما، ما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدا.

الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد.

وفي رواية "ما عاشره".

الأعمش: حدثونا أن عبد الله قال: ولنعم ترجمان القرآن ابن عباس.

الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد الله: لو أن هذا الغلام أدرك ما أدركنا ما تعلقنا معه بشيء.

الواقدي: حدثنا مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن بسر بن سعيد، عن محمد بن أبي بن كعب، سمع أباه يقول -وكان عنده ابن عباس، فقام فقال: هذا يكون حبر هذه الأمة، أرى عقلا وفهما، وقد دعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يفقهه في الدين.

وعن عكرمة: سمعت معاوية يقول لي: مولاك والله أفقه من مات ومن عاش.

ويروى عن عائشة قالت: أعلم من بقي بالحج ابن عباس.

قلت: وقد كان يرى متعة الحج حتما.

قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبركم عبد الله بن أحمد الفقيه سنة سبع عشرة وست مائة، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الأنباري، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد، أخبرنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن علي بن بذيمة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة، قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه، فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا، فقلت: قد كنت نزلت من هذا بمنزلة، ولا أراني إلا قد سقطت من نفسه، فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، فبينا أنا على ذلك قيل لي: أجب أمير المؤمنين، فخرجت، فإذا هو قائم على الباب يتنظرني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفا؟ قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فإني أستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتخبرني، قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها.

ابن سعد: أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة مكي، حدثنا نافع بن عمر، حدثني عمرو بن دينار، أن أهل المدينة كلموا ابن عباس أن يحج بهم، فدخل على عثمان، فأمره فحج ثم رجع، فوجد عثمان قد قتل، فقال لعلي: إن أنت قمت بهذا الأمر الآن ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة.

وعن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أنه قال لعلي لما قال: سر، فقد وليتك الشام، فقال: ما هذا برأي، ولكن اكتب إلى معاوية، فمنه وعده، قال: لا كان هذا أبدا.

وعن عكرمة: سمعت عبد الله يقول: قلت لعلي: لا تحكم أبا موسى، فإن معه رجلا حذرا مرسا قارحا من الرجال، فلزني إلى جنبه، فإنه لا يحل عقدة إلا عقدتها، ولا يعقد عقدة إلا حللتها، قال يا ابن عباس! فما أصنع؟ إنما أوتى من أصحابي قد ضعفت نيتهم، وكلوا هذا الأشعث يقول: لا يكون فيها مضريان أبدا، فعذرت عليا.

الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال بعلم ما سبق، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه، ولقد كنا نحضر عنده، فيحدثنا العشية كلها في المغازي، والعشية كلها في النسب، والعشية كلها في الشعر.

ابن جريج، عن طاوس قال: ما رأيت أروع من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عباس.

وقال مجاهد: ما رأيت أحدا قط مثل ابن عباس، لقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.

الأعمش، عن مجاهد قال: كان ابن عباس يسمى البحر؛ لكثرة علمه.

ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس، إلا أن يقول قائل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

وعن طاوس قال: أدركت نحوا من خمس مائة من الصحابة، إذا ذاكروا ابن عباس فخالفوه، فلم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله.

قال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجا معه ابن عباس، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم.

الأعمش: حدثنا أبو وائل قال: خطبنا ابن عباس وهو أمير على الموسم، فافتتح سورة النور، فجعل يقرأ ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثل هذا، لو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت.

وروى عاصم بن بهدلة، عن أبي، وائل مثله.

روى جويبر، عن الضحاك قال: ما رأيت بيتا أكثر خبزا ولحما من بيت ابن عباس.

سليم بن أخضر، عن سليمان التيمي، قال: أنبأني من أرسله الحكم بن أيوب إلى الحسن، فسأله: من أول من جمع الناس في هذا المسجد يوم عرفة؟ فقال: إن أول من جمع ابن عباس.

وعن مسروق قال: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.

قال القاسم بن محمد: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلا قط.

قال سفيان بن عيينة: لم يدرك مثل ابن عباس في زمانه، ولا مثل الشعبي في زمانه، ولا مثل الثوري في زمانه.

أبو عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، فكان يصلي ركعتين، فإذا نزل قام شطر الليل، ويرتل القرآن حرفا حرفا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب.

معتمر بن سليمان، عن شعيب بن درهم، عن أبي رجاء قال: رأيت ابن عباس، وأسفل من عينيه مثل الشراك البالي من البكاء.

عبد الوهاب الخفاف، عن أبي أمية بن يعلى، عن سعيد بن أبي سعيد قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال: يا ابن عباس! كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس. قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيهما، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.

إسحاق بن سليمان الرازي: سمعت أبا سنان، عن حبيب بن أبي ثابت، أن أبا أيوب الأنصاري أتى معاوية، فشكا دينا، فلم ير منه ما يحب، فقدم البصرة، فنزل على ابن عباس، ففرغ له بيته، وقال: لأصنعن بك كما صنعت برسول الله -صلى الله عليه وسلم، ثم قال: كم دينك؟ قال: عشرون ألفا، فأعطاه أربعين ألفا وعشرين مملوكا، وكل ما في البيت.

وعن الشعبي، وغيره: أن عليا -رضي الله عنه- أقام بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة، ثم سار إلى الكوفة، واستخلف ابن عباس على البصرة، ووجه الأشتر على مقدمته إلى الكوفة، فلحقه رجل، فقال: من استخلف أمير المؤمنين على البصرة؟ قال: ابن عمه، قال: ففيم قتلنا الشيخ أمس بالمدينة؟ قال: فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى سار إلى صفين، فاستخلف أبا الأسود بالبصرة على الصلاة، وزيادا على بيت المال.

قلت: وقد كان علي لما بويع قال لابن عباس: اذهب على إمرة الشام، فقال: كلا، أقل ما يصنع بي معاوية إن لم يقتلني الحبس، ولكن استعمله، وبين يديك عزله بعد، فلم يقبل منه، وكذلك أشار على علي أن لا يولي أبا موسى يوم الحكمين، وقال: ولني أو، فول الأحنف، فأراد علي ذلك، فغلبوه على رأيه.

قال أبو عبيدة في تسمية أمراء علي يوم صفين: فكان على الميسرة ابن عباس، ثم رد بعد إلى ولاية البصرة.

ومما قال حسان -رضي الله عنه- فيما بلغنا:

روى العتبي، عن أبيه قال: لما سار الحسين إلى الكوفة اجتمع ابن عباس وابن الزبير بمكة، فضرب ابن عباس على جيب ابن الزبير، وتمثل:

ونقري ما شئت أن تنقري

خلا لك والله يا ابن الزبير الحجاز، وذهب الحسين. فقال ابن الزبير: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس. فقال: إنما يرى من كان في شك، ونحن فعلى يقين. لكن أخبرني عن نفسك: لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب؟ فقال ابن

الزبير: لشرفي عليهم، قال: أيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: الذي شرفت به زادني شرفا، قال: وعلت أصواتهما حتى اعترض بينهما رجال من قريش، فسكتوهما.

وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحرا ينشق له الأمر من الأمور، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم ألهمه الحكمة وعلمه التأويل"، فلما عمي أتاه الناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه -أو قال: كتب من كتبه، فجعلوا يستقرءونه، وجعل يقدم ويؤخر، فلما رأى ذلك قال: إني قد تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي فليقرأ علي، فإن إقراري له كقراءتي عليه. قال: فقرءوا عليه.

تلهت: تحيرت، والأصل: ولهت كما قيل في وجاه: تجاه.

أبو عوانة، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه لم يكن يدخل الحمام إلا وحده، وعليه ثوب صفيق يقول: إني أستحي الله أن يراني في الحمام متجردا.

أبو عوانة، عن أبي الجويرية قال: رأيت إزار ابن عباس إلى نصف ساقه أو فوق ذلك، وعليه قطيفة رومية وهو يصلي.

رشدين بن كريب، عن أبيه قال: رأيت ابن عباس يعتم بعمامة سوداء، فيرخي شبرا بين كتفيه، ومن بين يديه.

ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، أن ابن عباس كان يتخذ الرداء بألف.

أبو نعيم: حدثنا سلمة بن شابور، قال رجل لعطية: ما أضيق كمك! قال: كذا كان كم ابن عباس وابن عمر.

مالك بن دينار، عن عكرمة: كان ابن عباس يلبس الخز، ويكره المصمت.

عن عطية العوفي قال: لما وقعت الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك ارتحل ابن عباس ومحمد ابن الحنفية بأهلهما حتى نزلوا مكة، فبعث ابن الزبير إليهما: أن بايعا، فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما، وقال: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، ثم كبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وانطلق ابن الزبير من المسجد هاربا حتى دخل دار الندوة، وقيل: بل تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ ببيت الله.

قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية، قد عمل حول دورهم الحطب ليحرقها، فخرجنا بهم حتى نزلنا بهم الطائف.

ولأبي الطفيل الكناني حين منع ابن الزبير عبد الله بن عباس من الاجتماع بالناس كان يخافه، وإنما أخر الناس عن بيعة ابن عباس -أن لو شاء الخلافة- ذهاب بصره:

قال ابن عبد البر في ترجمة ابن عباس: هو القائل: ما روي عنه من وجوه:

قال سالم بن أبي حفصة: عن أبي كلثوم، أن ابن الحنفية لما دفن ابن عباس قال: اليوم مات رباني هذه الأمة.

ورواه بعضهم، فقال: عن "منذر الثوري" بدل "أبي كلثوم".

قال حسين بن واقد المروزي: حدثنا أبو الزبير قال: لما مات ابن عباس، جاء طائر أبيض فدخل في أكفانه.

رواها الأجلح، عن أبي الزبير، فزاد: فكانوا يرون أنه علمه.

وروى عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير نحوه، وزاد: فما رئي بعد -يعني: الطائر.

حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن بجير بن أبي عبيد قال: مات ابن عباس بالطائف، فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج، حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، فكانوا يرون أنه علمه.

قال ابن حزم، في كتاب "الإحكام": جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون -أحد أئمة الإسلام- فتاوى ابن عباس في عشرين كتابا.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن ابن كليب، أخبرنا ابن بيان، أخبرنا ابن مخلد، أخبرنا الصفار، حدثنا ابن عرفة، حدثنا مروان بن شجاع، عن سالم الأفطس، عن سعيد قال: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم ير على خلقته، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر، لا يدرى من تلاها: {يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية}.

رواه بسام الصيرفي، عن عبد الله بن يامين، وسمى الطائر غرنوقا.

فهذه قضية متواترة.

قال علي بن المديني: توفي ابن عباس سنة ثمان أو سبع وستين.

وقال الواقدي والهيثم وأبو نعيم: سنة ثمان، وقيل: عاش إحدى وسبعين سنة.

ومسنده ألف وست مائة وستون حديثا، وله من ذلك في "الصحيحين" خمسة وسبعون، وتفرد البخاري له بمائة وعشرين حديثا، وتفرد مسلم بتسعة أحاديث.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 4- ص: 379

عبد الله بن العباس ومنهم اللقن المعلم، والفطن المفهم، فخر الفخار، وبدر الأحبار، وقطب الأفلاك، وعنصر الأملاك، وقطب الأفلاك، وعنصر الأملاك، البحر الزخار، والعين الخرار، مفسر التنزيل، ومبين التأويل، المتفرس الحساس، والوضيء اللباس، مكرم الجلاس، ومطعم الأناس، عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنه، وقد قيل: «إن التصوف المنافسة في نفائس الأخلاق، وفض النفس عن أنفس الأعلاق»

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم، ثنا الحسن بن محمد بن بهرام، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا عباد بن عباد، ثنا الحجاج بن فرافصة، عن رجلين، سماهما، عن الزهري، عن، عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يا غلام، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، جف القلم بما هو كائن، ولو اجتمع الخلق على أن يعطوك شيئا لم يكتبه الله عز وجل لك، لم يقدروا عليه، وعلى أن يمنعوك شيئا كتبه الله عز وجل لك، لم يقدروا عليه، فاعمل لله تعالى بالرضى في اليقين، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا»

حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، ثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، أن كريبا، أخبره، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم من آخر الليل فجعلني حذاءه، فلما انصرف قلت له: وينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟ فدعا الله أن يزيدني فهما وعلما "

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته، ثنا أبو يزيد الخراز، ثنا النضر بن شميل، ثنا يونس، عن أبي إسحاق، حدثني عبد المؤمن الأنصاري، قال: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إلى سقاء فتوضأ وشرب قائما، قلت: والله لأفعلن كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت وتوضأت وشربت قائما، ثم صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «ما منعك أن لا تكون وازيت بي؟»، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال: «اللهم آته الحكمة»

حدثنا الحسن بن علان، ثنا جعفر الفريابي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا محبوب بن الحسن البصري، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «اللهم علمه الحكمة»

حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا محمد بن علي بن مهدي، ثنا الزبير بن بكار، حدثني ساعدة بن عبد الله، ثنا داود بن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن العباس فقال: «اللهم بارك فيه، وانشر منه» تفرد به داود بن عطاء المدني

حدثنا محمد بن المظفر، ثنا عمر بن الحسن بن علي، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد الأموي، ثنا محمد بن صالح العدوي، ثنا لاهز بن جعفر التميمي، ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، أخبرني علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاه العباس فقال: «ألا أبشرك يا أبا الفضل؟»، قال: بلى يا رسول الله، قال: «إن الله عز وجل افتتح بي هذا الأمر، وبذريتك يختمه» تفرد به لاهز بن جعفر، وهو حديث عزيز

حدثنا محمد بن المظفر، ثنا محمد بن محمد بن سليمان، ونصر بن محمد، قالا: ثنا علي بن أحمد السواق، ثنا عمر بن راشد الحبارى، ثنا عبد الله بن محمد بن صالح، عن أبيه، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون من ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي، يعز الله بهم الدين»

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبي، ثنا أبو أسامة، ثنا الأعمش، عن مجاهد، قال: «كان ابن عباس رضي الله تعالى عنه يسمى البحر من كثرة علمه»

حدثنا مخلد بن جعفر أبو عيسى الختلي، ثنا أحمد بن منصور، ثنا سعدان بن جعفر المروزي، ثقة أمين، عن عبد المؤمن بن خالد، قال: سمعت عبد الله بن بريدة، يحدث، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، " أنه قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل عليه السلام: «إنه كائن حبر هذه الأمة فاستوص به خيرا» تفرد به عبد المؤمن بن خالد، وهو حديثه

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الله بن سعيد الرقي، ثنا عامر بن سيار، ثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأس عبد الله فقال: «اللهم أعطه الحكمة، وعلمه التأويل»، ووضع يده على صدره فوجد عبد الله بن عباس بردها في ظهره، ثم قال: «اللهم احش جوفه حكمة وعلما»، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل "

حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا جعفر بن أحمد بن عمران، ثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكوفي، ثنا عبد الله بن خراش، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير كثير وقال: «نعم ترجمان القرآن أنت»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا أبو العباس السراج، ثنا عمر بن محمد بن الحسن، ثنا أبي، عن شريك، عن سعيد بن مسروق، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية، قال: «كان ابن عباس حبر هذه الأمة»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عارم أبو النعمان، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا، ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه ممن قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم، ودعاني معهم، وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون: {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: 1] حتى ختم السورة؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله تعالى ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئا، فقال لي: يا ابن عباس، كذاك تقول؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: " هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه الله: {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: 1]- فتح مكة - فذاك علامة أجلك، {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} [النصر: 3] "، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم "

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا محمد بن يونس الكديمي، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا عبيد الله بن وهب المدني، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، " أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين، فذكروا ليلة القدر، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع، فتراجع القوم فيها الكلام، فقال عمر: ما لك يا ابن عباس صامت لا تتكلم؟ تكلم ولا تمنعك الحداثة، قال ابن عباس: فقلت: يا أمير المؤمنين، " إن الله تعالى وتر يحب الوتر، فجعل أيام الدنيا تدور على سبع، وخلق الإنسان من سبع، وخلق أرزاقنا من سبع، وخلق فوقنا سماوات سبعا، وخلق تحتنا أرضين سبعا، وأعطى من المثاني سبعا، ونهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن سبع، وقسم الميراث في كتابه على سبع، ونقع في السجود من أجسادنا على سبع، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة سبعا، وبين الصفا والمروة سبعا، ورمى الجمار بسبع لإقامة ذكر الله مما ذكر في كتابه، فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان، والله أعلم. فتعجب عمر وقال: ما وافقني فيها أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوها في العشر الأواخر»، ثم قال: يا هؤلاء من يؤديني في هذا كأداء ابن عباس؟ "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن أبي بكر الهذلي، قال: " دخلت على الحسن فقال: " إن ابن عباس كان من القرآن بمنزل، كان عمر يقول: ذاكم فتى الكهول، إن له لسانا سؤولا، وقلبا عقولا، كان يقوم على منبرنا هذا - أحسبه قال: عشية عرفة - فيقرأ سورة البقرة وسورة آل عمران، ثم يفسرهما آية آية، وكان مثجة نجدا غربا "

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا علي بن المديني، ثنا أبو أسامة، ثنا مجالد، حدثني عامر الشعبي، عن ابن عباس، قال: قال لي أبي: " أي بني، إني أرى أمير المؤمنين يدعوك ويقربك ويستشيرك مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحفظ عني ثلاث خصال: اتق الله لا يجربن عليك كذبة، ولا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا ". قال عامر: فقلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف، قال: كل واحدة خير من عشرة آلاف "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي. وحدثنا سليمان، ثنا إسحاق، ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا عكرمة بن عمار، ثنا أبو زميل الحنفي، عن عبد الله بن عباس، قال: لما اعتزلت الحرورية قلت لعلي: يا أمير المؤمنين، أبرد عني الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم، قال: إني أتخوفهم عليك، قال: قلت: كلا إن شاء الله، فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة، فدخلت على قوم فلم أر قوما قط أشد اجتهادا منهم، أيديهم كأنها ثفن إبل، ووجوههم مقلبة من آثار السجود، قال: فدخلت فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس، ما جاء بك؟ قال: جئت أحدثكم، على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم: لنحدثنه، قال: قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثا، قلت: وما هن؟ قالوا: أولاهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله عز وجل: {إن الحكم إلا لله} [الأنعام: 57]، قال: قلت: وماذا؟ قالوا: قاتل ولم يسب ولم يغنم، لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم، وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم، قال: قلت: وماذا؟ قالوا: ومحا نفسه عن أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قال: قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ما لا تنكرون أترجعون؟ قالوا: نعم، قال: قلت: أما قولكم: إنه حكم الرجال في دين الله، فإنه يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء} [المائدة: 95] إلى قوله: {يحكم به ذوا عدل منكم} [المائدة: 95]، وقال في المرأة وزوجها: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} [النساء: 35]، أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم؟ فقالوا: اللهم في حقن دمائهم، وصلاح ذات بينهم، قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. قال: وأما قولكم: إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم، ثم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله عز وجل يقول: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب: 6]، فأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. قال: وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا، فقال: " اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله "، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال: " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب يا علي: محمد بن عبد الله "، فرسول الله كان أفضل من علي، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم عشرون ألفا، وبقي أربعة آلاف، فقتلوا "

حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا إبراهيم بن شريك الأسدي، ثنا عقبة بن مكرم، ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، أن معاوية، كتب إلى ابن عباس يسأله عن ثلاثة، أشياء، وقال: إن هرقل كتب إلى معاوية يسأله عنهن، فقال معاوية: فمن لهذا؟ قيل: ابن عباس، فكتب إلى ابن عباس يسأله عن المجرة، وعن القوس، وعن مكان من الأرض طلعت فيه الشمس لم تطلع قبل ذلك اليوم ولا بعده، فقال ابن عباس: «أما المجرة فباب السماء الذي تنشق منه، وأما القوس فأمان لأهل الأرض من الغرق، وأما المكان الذي طلعت عليه الشمس لم تطلع قبل ذلك اليوم ولا بعده فالمكان الذي انفرج من البحر لبني إسرائيل»

حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إبراهيم بن حمزة، عن حمزة بن أبي محمد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، " أن رجلا، أتاه يسأله عن السماوات، والأرض، {كانتا رتقا ففتقناهما} [الأنبياء: 30]، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله، ثم تعالى فأخبرني ما قال، فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: «كانت السماوات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات» فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علما، صدق هكذا كانتا، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علما "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي، ثنا يونس بن بكير، ثنا أبو حمزة الثمالي، عن أبي صالح، قال: " لقد رأيت من ابن عباس مجلسا لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخرا، لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب، قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: لي: ضع لي وضوءا، قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج وقل لهم: «من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه وما أراد منه فليدخل» قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: «إخوانكم» فخرجوا، ثم قال: " اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن وتأويله فليدخل " قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوه عنه أو أكثر، ثم قال: " إخوانكم فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الحلال والحرام والفقه فليدخل، فخرجت فقلت لهم، قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم " فخرجوا، ثم قال: " اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل " قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله، ثم قال: «إخوانكم» فخرجوا، ثم قال: " اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل " قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله، قال أبو صالح: فلو أن قريشا كلها فخرت بذلك لكان فخرا، فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس "

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب، ثنا الحسين بن علي الطوسي، ثنا محمد بن عبد الكريم، ثنا الهيثم بن عدي، حدثني ابن جريج، عن عطاء، قال: «ما رأيت بيتا قط أكثر وعاء لماء وخبز من بيت عبد الله بن العباس»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن عمر، ثنا أبو معاوية، ثنا شبيب بن شيبة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، قال: «ما رأيت بيتا كان أكثر طعاما ولا شرابا ولا فاكهة ولا علما من بيت عبد الله بن عباس»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، أن ابن عباس «اشترى ثوبا بألف درهم فلبسه»

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن كهمس بن الحسن، عن ابن بريدة، قال: " شتم رجل ابن عباس، فقال ابن عباس: إنك لتشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله تعالى فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به، ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح به، وما لي به من سائمة "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان، عن ضرار بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " لو قال لي فرعون: بارك الله فيك، لقلت: وفيك "

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا خلاد بن يحيى، ثنا قطر، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: «لو أن جبلا، بغى على جبل لدك الباغي»

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا يوسف القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم، عن ابن عباس، قال: «ما ظهر البغي في قوم قط إلا ظهر فيهم الموتان»

حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد، ثنا أبو إسماعيل الترمذي، ثنا أبو نعيم، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " إذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف أن يسطو عليك فقل: الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعا، الله أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو، الممسك للسماوات السبع أن تقع على الأرض إلا بإذنه، من شر عبده: فلان وجنده وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس، اللهم كن لي جارا من شرهم، جل ثناؤك، وعز جارك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك، ثلاث مرات "

حدثنا سليمان، ثنا بكر بن سهل، ثنا عمرو بن هاشم، ثنا سليمان بن أبي كريمة، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: " من قال: بسم الله فقد ذكر الله، ومن قال: الحمد لله، فقد شكر الله، ومن قال: الله أكبر، فقد عظم الله، ومن قال: لا إله إلا الله، فقد وحد الله، ومن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقد أسلم واستسلم، وكان له بهاء وكنز في الجنة "

حدثنا حبيب، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا أبو عاصم النبيل، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، أن ابن عباس، كان يأخذ الحبة من الرمان فيأكلها، فقيل له: يا ابن عباس لم تفعل هذا؟ قال: إنه بلغني أنه ليس في الأرض رمانة تلقح إلا بحبة من حب الجنة، فلعلها هذه "

حدثنا عمرو بن أحمد، ثنا عبد الله بن أحمد بن ثابت، ثنا علي بن عيسى، ثنا هشام بن عبد الله الرازي، ثنا رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه تغدى عند ابن الحنفية - وذلك بعدما حجب بصره - قال: فوقعت على خواننا جرادة، فأخذتها فدفعتها إلى ابن عباس وقلت: يا ابن عم رسول الله وقعت على خواننا جرادة، فقال لي: عكرمة؟ قلت: لبيك، قال: هذا مكتوب عليها بالسريانية: إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي، الجراد جند من جندي أسلطه على من أشاء من عبادي - أو قال: أصيب به من أشاء من عبادي "

حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا يحيى بن مطرف، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري، ثنا أبي، عن أبي الجوزاء الربعي، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء: 89]، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله»

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا حامد بن شعيب، ثنا الحسين بن حريث، ثنا علي بن الحسين بن واقد، قال: قال أبي: حدثني الأعمش، حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19]، قال: «إذا أنت نظرت إليها تريد الخيانة أم لا؟» {وما تخفي الصدور} [غافر: 19] «إذا أنت قدرت عليها تزني بها أم لا؟» قال: ثم سكت الأعمش فقال: ألا أخبرك بالتي تليها؟ قال: قلت: بلى، قال: {والله يقضي بالحق} [غافر: 20]، قادر أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة، {إن الله هو السميع البصير} [غافر: 20] "

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا داود بن عمرو، ثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: سئل ابن عباس: ما بلغ من هم يوسف؟ قال: جلس يحل هميانه فصيح به: «يا يوسف، لا تكن كالطير كان له ريش، فإذا زنى قعد ليس له ريش»

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} [النساء: 135] الآية، قال: «الرجلان يجلسان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر»

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا صالح بن عبد الله الترمذي، ثنا سهل بن يوسف، عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: " ينادي مناد بين يدي الساعة: أتتكم الساعة، أتتكم الساعة، حتى يسمعها كل حي وميت " قال: " فينادي المنادي: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن عمر الجعفي، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس وهو على الموسم فافتتح سورة البقرة فجعل يقرأ ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله، ولو سمعته فارس والروم لأسلمت "

حدثنا أحمد بن السندي، ثنا الحسن بن علي، ثنا إسماعيل بن عيسى العطار، ثنا إسحاق بن بشر بن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، أنه قال: «يا صاحب الذنب، لا تأمنن من سوء عاقبته، ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا علمته، فإن قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب، أعظم من الذنب الذي عملته، وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب، وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب، وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب إذا ظفرت به، وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب إذا عملته، ويحك هل تدري ما كان ذنب أيوب عليه السلام فابتلاه الله تعالى بالبلاء في جسده وذهاب ماله؟ إنما كان ذنب أيوب عليه السلام أنه استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه، فلم يعنه، ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلم هذا المسكين، فابتلاه الله عز وجل»

حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا خلف بن هشام، ثنا أبو شهاب، عن إبراهيم بن موسى، عن ابن منبه. وحدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن آدم، ثنا أبو بكر بن عياش، عن إدريس بن وهب بن منبه، عن أبيه. وحدثنا الحسين بن علي، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، ثنا أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا مروان بن عبد الواحد، ثنا موسى بن أبي دارم، عن وهب بن منبه، قال: أخبر ابن عباس، رضي الله تعالى عنه " أن قوما عند باب بني سهم يختصمون - أظنه قال: في القدر - فنهض إليهم وأعطى محجنه عكرمة، ووضع إحدى يديه عليه، والأخرى على طاوس، فلما انتهى إليهم أوسعوا له ورحبوا به، فلم يجلس. قال أبو شهاب في حديثه: فقال لهم: «انتسبوا لي أعرفكم» فانتسبوا له - أو من انتسب منهم - فقال: " أوما علمتم أن لله تعالى عبادا أصمتتهم خشيته من غير بكم ولا عي، وأنهم لهم العلماء والفصحاء والطلقاء والنبلاء، العلماء بأيام الله عز وجل، غير أنهم إذا تذكروا عظمة الله عز وجل طاشت لذلك عقولهم، وانكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتى إذا استفاقوا من ذلك تسارعوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزاكية. وزاد عبد الرحمن بن مهدي في حديثه: يعدون أنفسهم مع المفرطين وإنهم لأكياس أقوياء، ومع الظالمين والخطائين وإنهم لأبرار برآء، إلا أنهم لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون له القليل، ولا يدلون عليه بالأعمال، هم حيثما لقيتهم مهتمون مشفقون وجلون خائفون " قال: وانصرف عنهم فرجع إلى مجلسه "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا عبد الله بن الوليد العجلي، حدثني بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: «لوددت أن عندي رجلا من أهل القدر فوجأت رأسه» قالوا: ولم ذاك؟ قال: «لأن الله تعالى خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، وعرضه ما بين السماء والأرض، ينظر فيه كل يوم ستين وثلاثمائة نظرة، يخلق بكل نظرة، ويحيي ويميت، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء»

حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا جعفر بن محمد بن شريك، ثنا محمد بن سليمان، ثنا إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن عون الخراساني، عن أبي غالب الخلجي، قال: سمعت ابن عباس، رضي الله تعالى عنه يقول: «عليك بالفرائض، وما وظف الله تعالى عليك من حقه فأده واستعن الله على ذلك، فإنه لا يعلم من عبد صدق نية وحرصا فيما عنده من حسن ثوابه إلا أخره عما يكره، وهو الملك يصنع ما يشاء»

حدثنا أبي، ثنا الحسن بن محمد، ثنا محمد بن حميد، ثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري، ثنا جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: «ما من مؤمن ولا فاجر إلا وقد كتب الله تعالى له رزقه من الحلال، فإن صبر حتى يأتيه أتاه الله تعالى، وإن جزع فتناول شيئا من الحرام نقصه الله من رزقه الحلال»

حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا الحسن بن زكريا، ثنا محمد بن سليمان لوين، ثنا إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، في قوله تعالى: {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2]، قال: " كان الله تعالى يبعث النبي إلى أمته فيلبث فيهم إلى انقضاء أجله من الدنيا، ثم يقبضه الله تعالى إليه فتقول الأمة من بعده - أو من شاء منهم: إنا على منهاج النبي وسبيله، فينزل الله تعالى بهم البلاء، فمن ثبت منهم على ما كان عليه النبي فهو الصادق، ومن خالف إلى غير ذلك فهو الكاذب "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا يوسف القاضي، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا عون بن عمارة، ثنا يحيى بن أبي أنيسة، عن علقمة بن مرثد، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: " كان رجل ممن كان قبلكم يكذب بالقدر، وكان مسيئا إلى امرأته، فخرج إلى الجبانة فوجد قحف رأس مكتوب عليه: يحرق ثم يذرى في الريح، قال: فأخذه فجعله في سفط، ودفعه إلى امرأته، ثم أحسن إليها، ثم سافر فجاءها جاراتها فقلن: يا أم فلان، بم كان يحسن زوجك الصنيعة إليك، فهل استودعك شيئا؟ فقالت: نعم، هذا السفط، قلن: فإن فيه رأس خليلة له، فقامت غيورا مغضبة حتى فتحته فإذا فيه قحف رأس، قلن: تدرين يا أم فلان، ما تصنعين به، احرقيه ثم ذريه في الريح ففعلت، فقدم زوجها من سفره، وهي مغضبة، فقال لها: ما فعل السفط، فحدثته بالحديث فقال: آمنت بالله، وصدقت بالقدر، فرجع عن قوله "

حدثنا أحمد بن السندي، ثنا الحسن بن علوية، ثنا إسماعيل بن عيسى، ثنا إسحاق بن بشر، عن أبي بكر الهذلي، وهشام بن حسان، عن الحسن ومقاتل، عمن أخبره، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: كان رجل فيمن كان قبلكم عبد الله تعالى ثمانين سنة، ثم إنه أخطأ خطيئة خاف منها على نفسه، فأتى الفيافي فناداها: أيتها الفيافي الكثيرة رمالها، الكثيرة عضاهها، الكثيرة دوابها، الكثيرة قلاعها، هل فيك مكان يواريني من ربي عز وجل؟ فأجابته الفيافي بإذن الله: يا هذا، والله ما في نبت ولا شجر إلا وملك موكل به، فكيف أواريك عن الله تعالى؟ فأتى البحر فقال: أيها البحر الغزير ماؤه، الكثير حيتانه، هل فيك مكان يواريني من ربي عز وجل؟ فأجابه بإذن الله فقال: يا هذا، والله ما في حصاة ولا دابة إلا وبها ملك موكل، فكيف أواريك عن الله عز وجل؟ فأتى الجبال فقال: يا أيتها الجبال الشوامخ في السماء، الكثيرة غيرانها، هل فيك مكان يواريني من ربي تعالى؟ فقالت الجبال: والله ما فينا من حصاة ولا غار إلا وملك موكل به، فأين أواريك؟ قال: فأقام يتعبد هنالك ويلتمس التوبة، حتى حضره الموت فبكى فقال: يا رب، اقبض روحي في الأرواح، وجسدي في الأجساد، ولا تبعثني يوم القيامة "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو عبيدة الحداد، وإسماعيل - يعني ابن علية - قالا: أخبرنا صالح بن رستم، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: «صحبت ابن عباس رضي الله تعالى عنه من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شطر الليل» قال: فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال: " قرأ {وجاءت سكرة الموت بالحق، ذلك ما كنت منه تحيد} [ق: 19]، فجعل يرتل ويكثر في ذاكم النشيج " لفظ أبي عبيدة

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الوهاب، عن سعيد الجريري، عن رجل، قال: رأيت ابن عباس رضي الله تعالى عنه أخذ بثمرة لسانه وهو يقول: «ويحك قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم» فقال له رجل: يا ابن عباس، ما لي أراك آخذا بثمرة لسانك تقول كذا؟ قال: «إنه بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيء أحنق منه على لسانه»

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا الحسن بن علي بن الوليد الفسوي، ثنا خلف بن عبد الحميد، ثنا أبو الصباح عبد الغفور بن سعيد، عن أبي هاشم الرماني، عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: «لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهرا أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجة بعد حجة، ولطبق بدانق أهديه إلى أخ لي في الله عز وجل أحب إلي من دينار أنفقه في سبيل الله عز وجل»

حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا علي بن الحسين بن إشكاب، ثنا كثير بن هشام، ثنا عيسى بن إبراهيم، عن محمد بن عبيد الله الفزاري، عن الضحاك، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: " لما ضرب الدينار والدرهم أخذه إبليس فوضعه على عينيه وقال: أنت ثمرة قلبي، وقرة عيني، بك أطغي، وبك أكفر، وبك أدخل النار، رضيت من ابن آدم بحب الدنيا أن يعبدك "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: «ذهب الناس، وبقي النسناس» قيل: وما النسناس؟ قال: «الذين يتشبهون بالناس، وليسوا بالناس»

حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان، ثنا علي بن محمد المصري، ثنا محمد بن إسماعيل السلمي، ثنا أبو نعيم، ثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الله، رضي الله تعالى عنه قال: «يأتي على الناس زمان يعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد فيه أحدا ذا عقل»

وحدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحرثي، ثنا عباد بن موسى، ثنا سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: " قال لي معاوية رضي الله تعالى عنه: ألست على ملة علي؟ قلت: ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ويحيى بن معين، قالا: ثنا معمر، عن شعيب، عن أبي رجاء، قال: «كان هذا الموضع من ابن عباس رضي الله تعالى عنه مجرى الدموع، كأنه الشراك البالي»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب السختياني، قال: نبئت أن طاووسا، كان يقول: ما رأيت أحدا كان أشد تعظيما لحرمات الله من ابن عباس رضي الله تعالى عنه، والله لو أشاء إذا ذكرته أن أبكي لبكيت "

حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الإمام، ثنا محمد بن عيسى بن سليمان البصري، ثنا حفص بن عمر أبو عمر البرمكي، ثنا الفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، قال: " شهدت جنازة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه بالطائف، فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد، فلما سوي عليه سمعنا صوتا نسمع صوته ولا نرى شخصه {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} [الفجر: 28] "

  • دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 1- ص: 314

  • السعادة -ط 1( 1974) , ج: 1- ص: 314

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي يكنى أبا العباس، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة إذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول الواقدي والزبير. قال الزبير وغيره من أهل العلم بالسير والخبر: ولد عبد الله ابن العباس في الشعب قبل خروج بني هاشم منه، وذلك قبل الهجرة بثلاث
سنين. وروينا من وجوه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم يعني المفصل. هذه رواية أبي بشر عن سعيد بن جبير. وقد روى عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ختين أو قال مختون. ولا يصح، والله أعلم.
وقد حدثنا عبد الله، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، عن ابن إسحاق، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال أبي: وهذا هو الصواب. وقال الزبيري: يروى عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أنه قال في حجة الوداع: وكنت يومئذ قد ناهزت الحلم.
قال أبو عمر: وما قاله أهل السير والعلم بأيام الناس عندي أصح، والله أعلم، وهو قولهم إنه ابن عباس كان ابن ثلاث عشرة سنة يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومات عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير، وكان ابن الزبير قد أخرجه من مكة إلى الطائف، ومات بها وهو ابن سبعين سنة، وقيل ابن إحدى وسبعين سنة. وقيل: ابن أربع وسبعين سنة، وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وكبر عليه أربعا، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة، وضرب على قبره فسطاطا.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال لعبد الله بن عباس: اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن، وفي بعض الروايات: اللهم فقهه في الدين.
علمه التأويل. وفي حديث آخر: اللهم بارك فيه، وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين. وفي حديث آخر اللهم زده علما وفقها. وهي كلها أحاديث صحاح.
وقال مجاهد عن ابن عباس: رأيت جبرئيل عند النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحبه ويدنيه ويقربه ويشاوره مع أجلة الصحابة. وكان عمر يقول: ابن عباس فتى الكهول، له لسان قئول، وقلب عقول. وروى عن مسروق عن ابن مسعود أنه قال: نعم ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك أسناننا ما عاشره منا رجل.
وقال ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أنه قال: ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس، إلا أن يقول قائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروي مثل هذا عن القاسم بن محمد. قال طاوس: أدركت نحو خمسمائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذاكروا ابن عباس فخالفوه لم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله. وقال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجا، معه ابن عباس، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم.
وروى شريك، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق أنه قال: كنت إذا رأيت عبد الله بن عباس قلت: أجمل الناس. فإذا تكلم قلت: أفصح الناس. وإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
وذكر الحلواني، قال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا الأعمش. حدثنا شقيق أبو وائل، قال: خطبنا ابن عباس، وهو على الموسم، فافتتح سورة النور، فجعل يقرأ ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله، ولو سمعته فارس، والروم، والترك، لأسلمت.
قال: وحدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن شقيق مثله.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس: الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب، وأحسبه قال: والشعر.
وقال أبو الزناد، عن عبيد الله بن عبد الله، قال: ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنة، ولا أجل رأيا، ولا أثقب نظرا من ابن عباس، ولقد كان عمر يعده للمعضلات مع اجتهاد عمر ونظره للمسلمين.
وقال القاسم بن محمد: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلا قط، وما سمعت فتوى أشبه بالسنة من فتواه، وكان أصحابه يسمونه البحر، ويسمونه الحبر.
قال عبد الله بن أبي بن أبي زيد الهلالي:

وقال أبو عمرو بن العلاء: نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه غالبا عليه، فقال: من هذا الذي برع الناس بعلمه، ونزل عنهم بسنه، قالوا: عبد الله بن عباس، فقال فيه أبياتا منها:
وفيه يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
ويروى أن معاوية نظر إلى ابن عباس يوما يتكلم، فأتبعه بصره، وقال متمثلا:
وروى أن عبد الله بن صفوان بن أمية مر يوما بدار عبد الله بن عباس بمكة، فرأى جماعة من طالبي الفقه، ومر بدار عبيد الله بن عباس، فرأى فيها جماعة ينتابونها للطعام، فدخل على ابن الزبير. فقال له: أصبحت والله كما قال الشاعر:
قال: وما ذاك يا أعرج؟ قال: هذان ابنا عباس، أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس، فما أبقيا لك مكرمة، فدعا عبد الله بن مطيع. وقال: انطلق إلى ابني عباس، فقل لهما: يقول لكما أمير المؤمنين: اخرجا عني، أنتما ومن أصغى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت. فقال عبد الله بن عباس لابن الزبير: والله ما يأتينا من الناس إلا رجلان: رجل يطلب فقها، ورجل يطلب فضلا، فأي هذين تمنع؟ وكان بالحضرة أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني، فجعل يقول:
وكان ابن عباس رضي الله عنهما قد عمي في آخر عمره. وروى عنه أنه رأى رجلا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرفه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيته؟ قال: نعم. قال: ذلك جبرئيل، أما إنك ستفقد بصرك، فعمي بعد ذلك في آخر عمره، وهو القائل في ذلك فيما روي عنه من وجوه:
يروى أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس.
ويقال: بل دخل قبره طائر أبيض وقيل: إنه بصره في التأويل.
وقال الزبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر أبيض، فدخل في نعشه حين حمل، فما رئي خارجا منه.
شهد عبد الله بن عباس مع علي رضي الله عنهما الجمل وصفين والنهروان، وشهد معه الحسن والحسين ومحمد بنوه، وعبد الله وقثم ابنا العباس، ومحمد وعبد الله وعون بنو جعفر بن أبي طالب. والمغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب.
قرأت على أحمد بن قاسم أن محمد بن معاوية حدثهم قال: حدثنا أحمد ابن الحسين الصوفي، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا الحجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس يأتون لأيام الحرب ووقائعها، وناس يأتون للعلم والفقه، ما منهم صنف إلا يقبل عليهم بما شاءوا.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 3- ص: 933

عبد الله بن عباس بن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي المكي. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن جماعة من الصحابة.
روى عنه سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عتبة، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وجماعة من التابعين. مات بالطائف سنة ثمان، ويقال سنة تسع وستين.
قال يحيى بن بكير: قال ابن عباس: ولدت قبل الهجرة بثلاث، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة.
له «تفسير» رواه عنه مجاهد، ورواه عن مجاهد، حميد بن قيس.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 239

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله ثلاث عشرة سنة، ومات بالطائف سنة ثمان وستين، وهو ابن إحدى وسبعين سنة، قال الواقدي: مات وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فقال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. وقال عبد الله: كان عمر بن الخطاب يسألني مع الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكان يقول: لا يتكلم حتى يتكلموا.
وروى ابن عباس أن عمر كان يدينه فقال له عبد الرحمن بن عوف: أن أبناء مثله، فقال عمر: إنه من حيث تعلم. وقال له عمر: إنك لأصبح فتياننا وجها، وأحسنهم خلقا، وأفقههم في كتاب الله عز وجل. وأحرق علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوما من الزنادقة فأنكر عليه ابن عباس ذلك، فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات. وقال ابن عمر: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. وقالت عائشة رضي الله عنها: من استعمل على الموسم العام؟ قالوا: ابن عباس، قالت: هو أعلم الناس بالحج. وقال ابن أبي نجيح: كان أصحاب ابن عباس يقولون: إن ابن عباس أعلم من عمر وعلي وعبد الله، فيعيب الناس عليهم، فيقولون: لا تعجلوا علينا، إنه لم يكن أحد من هؤلاء إلا عنده من العلم ما ليس عند صاحبه وإن ابن عباس قد جمعه كله. وكان عطاء إذا حدث عنه قال: حدثني البحر. وكان ميمون بن مهران إذا ذكر عنده عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس قال: كان ابن عباس أفقههما.
وأخذ الفقه عن ابن عباس جماعة منهم: عطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وأبو الشعثاء جابر بن زيد وابن أبي مليكة وعكرمة وميمون بن مهران وعمرو بن دينار.

  • دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 48

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم الرسول ومن أصحابه صلى الله عليه وسلم الحبر والبحر في التفسير وكان ترجمان القرآن
قال الذهبي روي أنه لم يكن على وجه الأرض في زمانه أحد أعلم منه
قرأ عليه مجاهد وسعيد بن جبير والأعرج وعكرمة
وتوفي في الطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية وقال اليوم مات باني العلم
وقد كف بصره في أواخر عمره

  • مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 3

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كنيته أبو عباس ولد قبل الهجرة يعنى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وقد قيل سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعا وقبره بالطائف مشهور يزار

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 28

البحر حبر الأمة
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي أبو العباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم م سنة 68 هـ ’’ رضي ’’.
ساق الذهبي بسنده في: السير عن عبيد الله بن عبد الله قال:
كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبق، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، ونسب ونائل، وما رأيت أحداً أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بقضاء أبي بكر، وعمر، وعثمان، منه. ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه، ولقد كنا نحضر عنده فيحدثنا العشية كلها في المغازي، والعشية كلها في النسب، والعشية كلها في الشعر أه.

  • دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 16

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، أبو العباس، الهاشمي.
قال الحسن، عن ضمرة: مات سنة سبعين، وهو بالطائف.
وقال أبو نعيم: مات سنة ثمان وستين.
قال يحيى بن يوسف: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: وجدنا أكثر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار، أن كنت لآتي الرجل منهم، فيقال: إنه نائم، فأدعه، ولو شئت لأيقظته، فأدعه حتى يخرج، لأستطيب بذلك حديثه.
أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن زياد بن حصين، عن أبي العالية، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قرأت المحكم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يعني المفصل.
وقال عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا مسلم، عن مسروق، عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره رجلٌ منا.
وقال الحسن بن الربيع: حدثنا ابن إدريس، عن ليث، قال: قيل لطاووس: تركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وانتهيت إلى قول غلام؟ قال: أدركت سبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا تدارؤوا في شيءٍ انتهوا إلى قول ابن عباس، رضي الله عنهما.
وقال ابن منصور: أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد، حدثنا شعبة، قال: أخبرني أبو إسحاق، سمع عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رضي الله عنهما؛ توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنةً.
شعبة، قال: أخبرني أبو بشر، سمع سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رضي الله عنهما؛ توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقرأ المحكم من القرآن، قيل: وما المحكم؟ قال: المفصل، وأنا ابن عشر سنين، وأنا مختونٌ.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 5- ص: 1

عبد الله بن عباس
ترجمان القرآن عنه سعيد بن جبير ومجاهد وأبو جمرة الضبعي توفي بالطائف 68 ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي
ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم كنيته أبو العباس ويقال مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة ويقال ابن عشر وكان قد قرأ المحكم علي عهده صلى الله عليه وسلم دعا له المصطفى صلى الله عليه وسلم بالفقه في دين الله وعلم تأويل كتابه وكان بحرا لا ينزف
مات بالطائف سنة ثمان وستين وقيل سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وقال عمرو بن علي مات عبد الله بن عباس بالطائف وهو ابن ثنتين وسبعين سنة، سنة ثمان وستين واختلفوا في سنة يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم فقيل ابن خمس عشرة وقيل ابن عشرة والصحيح عندنا أنه مات وعبد الله بن عباس قد استوفى ثلاث عشرة ودخل في أربع عشرة وكان يصفر لحيته وكان يكنى أبا العباس
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن معاذ بن حيل في الإيمان وربما قال وكيع عن ابن عباس أن معاذاً قال وعن عمر وعلي وميمونة في الوضوء واللباس وأم الفضل بنت الحارث في الصلاة وأبي هريرة في الصلاة والقدر والصعب بن جثامة في الحج والجهاد وزيد بن أرقم في الحج وأم عبد الله بن الزبير أسماء في الحج وميمونة في الحج وذؤيب أبي قبيصة في الحج، وأسامة بن زيد في الحج والبيوع والفضل بن عباس وأبي سفيان بن حرب في الجهاد وخالد بن الوليد في الذبائح وأبي طلحة في اللباس وعبد الرحمن بن عوف في الطب وعلي بن أبي طالب في فضائل عمر وأبي ذر في إسلامه وجويرية بنت الحارث في الدعاء ورجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار في ذكر الجن وأبي بن كعب
روى عنه أبو جمرة في الإيمان وأبو زميل سماك وسعيد بن جبير وأبو رجاء وأبو العالية الرياحي رفيع ومجاهد وعطاء بن رباح وأبو عثمان النهدي وأبو المتوكل الناجي في الوضوء وطاوس وسليمان بن يسار وكريب وأبو الشعثاء جابر بن زيد وابنه علي ومحمد بن عمرو بن عطاء وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعبد الرحمن بن وعلة وعبد الله بن معبد بن عباس في الصلاة وعبد الله بن حنين وموسى بن سلمة الهذلي وعبد الله بن الحارث وعبد الله بن شقيق في الصلاة وسعيد بن يسار وأبو مجلز وكثير بن عباس وعطاء بن يسار وابن أبي مليكة في الجنائز والأحكام وأبو البختري سعيد بن فيروز في الصوم وعبيد الله بن أبي يزيد في الصوم والحكم بن الأعرج في الصوم وأبو غطفان بن طريف المري في الصوم وعبد الله بن عمير وعكرمة مولى ابن عباس في الحج ومسلم القرى وأبو العالية البراء زياد في الحج وأبو حسان الأعرج مسلم في الحج وأبو الطفيل وبكر بن عبد الله المزني وسنان بن سلمة في الحج وعبيد بن حنين وعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو نضرة وأبو سعيد الخدري وأبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعمرو بن دينار ويزيد بن هرمز وميمون بن مهران وأبو أمامة بن سهل ويزيد بن الأصم ويحيى البهراني أبو عمر وعبيد بن السياق وسعيد بن أبي الحسن والنضر بن أنس وناعم مولى أبي عمار مولى بني هاشم وأبو حمزة القصاب ويحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن بن عوف

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 1

عبد الله بن عباس البحر

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 23

(ع) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو العباس ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ق 283ب].
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: في كتاب ’’ العلل ’’ وسألته - يعني: أباه - عن حديث ابن إدريس عن أبيه عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن أبي عباس قبض النبي وأنا ختين قال أبي: لم أزل أسمع أن هذا الحديث واه.
وفي ’’ معرفة الصحابة ’’ لابن حبان: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن [أربع] عشرة سنة، وولد قبل الهجرة بأربع سنين، ولما مات كبر عليه ابن الحنفية أربعا فلما أدنى من الحفرة جاء طائر حتى دخل في أكفانه ثم لم ير خارجا.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: ما قاله أهل السير والعلم بأيام الناس عندي يصح، وهو قولهم: أن ابن عباس كان ابن ثلاث عشرة سنة، يوم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ’’ اللهم بارك فيه وانشر منه واجعله من عبادك الصالحين ’’ وكان عمر بن الخطاب يقول: هو فتى الكهول وقال ابن مسعود: لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد، وقال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجا ومعه ابن عباس وكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم. ونظر الحطيئة إليه في مجلس عمر غالبا عليه، فقال: من هذا الذي فرع الناس بعلمه؟ فأخبر فقال:

وفيه يقول حسان بن ثابت الأنصاري: -
ويروى أن معاوية نظر إليه يوما يتكلم فأتبعه بصره وقال متمثلا: -
وروى عنه من وجوه أنه قال لما عمي: -
ويروى أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج على الناس ويقال: بل دخل قبره فقيل: إنه بصره. كذا هو مذكور في التأويل.
وفي كتاب أبي نعيم الحافظ: لما دخل الطائر أكفانه سمعوا قائلا يقول: {يا أيتها النفس المطمئنة} {ارجعي إلى ربك راضية مرضية}. وكان صبيح الوجه له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما، ولما انتهى يوما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده جبريل؛ فقال له جبريل: ’’ إنه كائن حبر هذه الأمة؛ فاستوص به خيرا ’’. وقال مجاهد: لا نعلم أحدا حنك بريق النبوة غيره، ولما دفن سقت السحاب قبره [ق 284/أ]؛ فقال يزيد بن عتبة بن أبي لهب في ذلك: -
قد كان يخبرنا هذا ونعلمه
هذا لعمرك أمر في يد الناس
وذكر محمد بن دريد الأزدي في كتابه ’’ المنثور ’’ أن جرجير ملك المغرب لما أتاه ابن عباس رسولا من عند عبد الله بن سعد بن أبي السرح، فسمى فتكلم معه بكلام فيه قال له جرجير: ما ينبغي إلا أن تكون أنت حبر المغرب؛ فسمي عبد الله من يومئذ الحبر.
وذكر أبو زكريا ابن منده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردفه وقال له: احفظ الله يحفظك. الحديث وذكر شارح الورقات لإمام الحرمين أن ابن عباس يقال: إنه لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عشرة أحاديث.
وفي كتاب ابن القطان: ثمانية عشر حديثا، وقد رددت هذا القول في كتابي ’’ ما أسنده ابن عباس من سيد الناس - صلى الله عليه وسلم - ’’.
وذكر ابن عباس من ولده عليا والعباس والفضل ومحمدا وعبيد الله وقال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: ’’ هذا شيخ قريش ’’. ولما نزل في عينيه الماء قيل له: تمسك خمسة أيام عن الصلاة لا تصلي إلا على عود قال: والله ولا ركعة واحدة. قال: والطائر الذي دخل في كفنه يقال له: العربوق جاء من قبل رج.
روى عنه - فيما ذكره أبو القاسم الطبراني: - جعفر أبو عبد الحميد بن جعفر، وزهدم الجرمي، وعبيد الله بن العباس، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي و ذكوان حاجب أم المؤمنين عائشة، وأبو الحويرث، وكنانة أبو عبد الله بن كنانة، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وعبد الرحمن بن
الحارث، ومحمود بن لبيد، وعبد الرحمن بن سابط، وأبو المنهال سيار بن سلامة، وعمر بن عطاء ابن أبي الخوار، وحميد الضمري، وسعيد العلاف، وطلق بن حبيب، ورباح أبو سعيد المكي، وأبو سفيان طلحة بن نافع، وعمرو بن كيسان، وعرفجة مولى ابن عباس، وعمير مولى ابن عباس، وأبو كعب مولى ابن عباس، ومسروق، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعباية ابن ربعي، وزاذان، وغزوان أبو مالك الغفاري، ويحيى بن أبي عمرو الشيباني ويحيى بن عبد البهراني أبو عمر، ويحيى بن وثاب، والعيزار بن حريث، والوليد ابنه، وإبراهيم التميمي، وعبد الله بن أبي الهذيل، وسعيد بن شفي الهمداني، وعابس أبو عبد الرحمن بن عابس، وربيعة النخعي وعبد الله البهي، وعمرو بن عبد الله بن هند الجملي، وحبيب بن يسار، والذيال بن حرملة، وأبو يزيد المدني، عبد الله بن فروخ، وعبادة بن نشيط، ومعاوية بن قرة، وأبو جهضم، وأنس بن سليم الهجمي، ومالك بن سعد التجيبي، وثابت بن يزيد الخولاني، وعلقمة بن وعكة.
وفي ’’ تاريخ ’’ يعقوب بن سفيان الفسوي: قرأ المحكم وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
وقال ابن عائشة: هو أعلم الناس بالحج.
وفي ’’ تاريخ ابن عساكر ’’ قال ابن عباس: لما لامه معاوية في الكرم: -
ولما مات قال محمد بن علي: اليوم مات رباني قريش، وعن ابن بكير: مات
مات سنة خمس وستين ويقال: ثمان وستين، وعن ابن المديني: سبع أو ثمان.
وقال الفلاس: الصحيح عندنا أنه مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قد استوفى ثلاث عشرة ودخل في أربع عشرة.
وعن المدائني: توفي وهو ابن أربع وسبعين.
وزعم ابن زبر أن رواية السبعين خطأ. قال أبو القاسم: وقال أبو عمر الضرير: توفي ابن عباس سنة ثلاث وسبعين، وهو خلاف الجماعة، والصحيح قول من قال: ثمان وستين.
وفي كتاب الزبير: كانت أم الفضل ترقصه وتقول.
بحسب ذاك وبذل الوفر
ورآه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما مقبلا فقال: ’’ اللهم إني أحب عبد الله فأحبه ’’.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 8- ص: 1

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف كنيته أبو العباس
توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن أربع عشرة سنة ولد قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين قال له النبي صلى الله عليه وسلم اللهم علمه الحكمة مات سنة ثمان وستين بالطائف وقيل
سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعا فلما أدنى من الحفرة رمى طائر أبيض حتى دخل في أكفانه ثم لم ير خارجا ودفن بعد أن ذهب بصره وقبره بالطائف مشهور يزار وأم بن عباس أم الفضل بنت الحارث

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

عبد الله بن العباس
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد عمى حدثنا محمد بن يوسف عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس في قوله هن لباس لكم وأنتم لباس لهن قال هن سكن لكم وأنتم سكن لهن حدثني أبي عبد الله قال: قال عمرو بن العاص لابن عباس يا بن أخي فقال له بن عباس يا أبا عبد الله كبرنا بعدك وصار بن أخيك أخاك حدثنا نصر بن علي عن رجل عن خالد عن قيس عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن بن عباس ولو ألقى معاذيره قال ولو تجرد من ثيابه قال لا أدري ممن سمعه نصر حدثني يزيد بن هارون ثنا جرير عن حصين عن عمران بن الحارث قال بينما نحن عند بن عباس دخل رجل فقال من أين جئت قال من العراق قال من أين قال من الكوفة قال فما الخبر قال تركتهم يتحدثون ان عليا خارج إليهم قال ففزع ثم قال ما تقول لا أبا لك لو شعرنا ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه سأحدثكم عن ذلك كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق قد سمعها فإذا حديث صدق وكذب معها سبعين كذبة قال فتشربها قلوب الناس فأطلع الله عليها سليمان فأخذها فدفنها تحت كرسيه فلما توفي سليمان قام شيطان بالطريق فقال ألا أدلكم على كنزه الممنع الذي لا كنز له مثله تحت الكرسي فأخرجوه فقالوا هذا سحر فتناسختها الأمم حتى بقاياها ما يحدث به أهل العراق وانزل الله عذر سليمان واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا إلى آخر الآية حدثني أبي عبد الله قال سمعت أبا يعلى رجلاً من أهل الحديث قال: قال بن عباس اشتر وبع برأس المال والبركة تجري في الوسط قال العجلي فجربنا ذلك فوجدناه كما قال بن عباس وعن عبد الله أيضاً قال كان يقال الحرفة مع العفة خير من الغني مع الفجور

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
حدثنا إبراهيم بن الحسن الحربي، نا عفان، نا وهيبٌ، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ادعى إلى غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة، ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله»
حدثنا عبيد بن شريك البزار، نا أبو الجماهر، نا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن مات ليس له إمامٌ مات ميتةً جاهليةً، ومن مات تحت راية عمية، ينصر عصبةً فجاهليةٌ»
حدثنا أحمد بن موسى الحمار، نا أبو نعيم، نا شعبة، عن أبي جمرة، عن ابن عباس قال: «أدخل قبر رسول صلى الله عليه وسلم قطيفةٌ حمراء»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 2- ص: 1

عبد الله بن عباس (ع)
ابن عبد المطلب. الإمام الحبر، والبحر، أبو العباس الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو الخلفاء.
مات النبي صلى الله عليه وسلم وله ثلاث عشرة سنة، وقال: ’’اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل’’.
وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك أسناننا ما عشره منا أحد.
وقال أبو وائل: استعمل علي ابن عباس على الحج، فخطب يومئذٍ خطبةً لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
وقال قتادة عن مطرف: سمعت ابن عباسٍ يقول: مذاكرة العلم ساعةً خيرٌ من إحياء ليلة.
مات بالطائف سنة ثمانٍ وستين، وصلى عليه محمد بن الحنفية، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة. رضي الله عنه.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 1- ص: 1

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب الهاشمي:
أبو العباس، وأبو الخلفاء، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم. وكان يلقب بالإمام الحبر البحر، ترجمان
القرآن، لكثرة علمه. ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يعلمه الله تعالى الكتاب والحكمة وتأويل القرآن، ويفقه في الدين، وأن يزيده فهما وعلما، ويبارك فيه، وينشر منه، ويجعله من عباده الصالحين. كل ذلك جاء في أحاديث صحيحة مفرقة.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ألف حديث وستمائة حديث وستين حديثا. وقد روى عن جماعة من الصحابة.
وروى عنه منهم: أنس، وأبو أمامة بن سهل، وخلق من التابعين. روى له الجماعة.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: ما رأيت أحدا أعلم من ابن عباس بما سبقه، من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقضاء أبي بكر وعمرو وعثمان رضي الله عنهم، ولا أفقه منه، ولا أعلم بتفسير القرآن والعربية والشعر والحساب والفرائض منه، وكان يجلس يوما للتأويل، ويوما للفقه، ويوما للمغازى، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب، وما رأيت قط عالما جلس إليه إلا خضع له، ولا سائلا يسأله إلا أخذ عنه علما.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس: الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب. وأحسبه قال: والشعر.
وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس يأتون لأيام العرب ووقائعها، وناس يأتون للعلم والفقه. فما منهم صنف إلا يقبل عليه بما شاء. وقال: ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة، إلا ذكرت وجه ابن عباس.
وكان يثنى عليه ويقربه ويشاوره مع جلة الصحابة، وأثنى عليه ابن مسعود ومعاوية وغيرهم من الصحابة والتابعين، ومناقبه كثيرة.
وذكر ابن عبد البر أنه شهد مع على رضي الله عنه: الجمل وصفين والنهروان.
وذكر النووي أن علي بن أبي طالب أمره على البصرة، ثم فارقها بعد قتله، وعاد إلى الحجاز.
وذكر غيره: أنه تحول إلى مكة، وأقام بها إلى أن أخرجه ابن الزبير، لتوقفه عن مبايعته. فسكن الطائف حتى مات به، في سنة ثمان وستين، عن سبعين سنة. وهذا هو الصحيح في وفاته وسنه، وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وقال: مات اليوم ربان هذه الأمة. ولما وضع ليصلى عليه، جاء طائر أبيض فوقع على أكفانه، فدخل فيه، فالتمس، فلم يوجد. فلما سوى عليه التراب، سمعوا صوت قارئ لا يرون شخصه، يقرأ: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}.
وقبره مشهور بالطائف في مسجد كبير، بنى في زمن الناصر لدين الله العباسي.
وأخبرني غير واحد، أنه يشم من قبره رائحة المسك. وكان بأخرة قد كف بصره كأبيه وجده.
وسبب ذلك على ما قيل: أنه رأي مع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فلم يعرفه، فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: أرأيته؟ قال: نعم، قال: ذاك جبريل، أما إنك ستفقد بصرك، فقال هو في ذلك [من البسيط]:

وكان رضي الله عنه يخضب لحيته بالصفرة. وقيل بالحناء.
واختلف في وفاته، فقيل: سنة ثمان وستين من الهجرة، قاله جماعة، منهم: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن بكير، وزاد يحيي: وهو ابن إحدى أو اثنتين وسبعين سنة، وقيل: مات سنة تسع وستين، وقيل سنة سبعين.
حكاهما المزي في التهذيب، واختلف في سنه، حين توفى النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: كان ابن عشر سنين، قاله غير واحد عن سعيد بن جبير عنه.
وقيل ابن ثلاث عشرة، رواه عنه سعيد بن جبير. وقيل كان ابن خمس عشرة سنة، روى عن سعيد بن جبير عنه. قال: أحمد بن حنبل: وهذا هو الصواب.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو العباس الهاشمي له صحبة روى عنه عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو الطفيل عامر بن واثلة وثعلبة بن الحكم وأبو إمامة بن سهل بن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان بن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 5- ص: 1