عبد الله بن عامر عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة الاموي، ابو عبد الرحمن: امير، فاتح. ولد بمكة. وولي البصرة في ايام عثمان (سنة 29هـ) فوجه جيشا إلى سجستان فافتتحها صلحا، وافتتح الداور، وبلادا من دار ابجرد وهاجم مرو الرود فافتتحها، وبلغ سرخس فانقادت له، وفتح ابرشهر عنوة، وطوس وطخارستانونيسابور وابيورد ويلخ والطالقان والقارياب. وافتتحت له رساتيق هراة وآمل وبست وكابل. وقتل عثمان، وهو على البصرة. وشهد وقعة الجمل مع عائشة، ولم يحضر وقعة صفين. وولاه معاوية البصرة ثلاث سنين بعد اجتمع الناس على خلافته. ثم صرفه عنها، فأقام بالمدينة. ومات بمكة، ودفن بعرفات. كان شجاعا سخيا وصولا لقومه، رحيما محبا للعمران، اشترى كثيرا من دور البصرة وهدمها فجعلها شارعا. وهو اول من اتخذ الحياض بعرفة (في الحجتز) واجرى اليها العين، وسقى الناس الماء. قال الامام علي: ابن عامر سيد فتيان قريش. ولما بلغ معاوية نبأ وفاته، قال: يرحم الله ابا عبد الرحمن، بمن نفاخر ونباهي!.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 94

عبد الله بن عامر بن كريز (ب د ع) عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى القرشي العبشمي، وهو ابن خال عثمان بن عفان، أم عثمان: أروى بنت كريز، وأمها وأم عامر بن كريز: أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأم عبد الله دجاجة بنت أسماء بن الصلت السلمية.
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتي به النبي وهو صغير فقال: «هذا يشبهنا». وجعل يتفل عليه ويعوذه، فجعل عبد الله يبتلع ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لمسقى» فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
وكان كريما ميمون النقيبة، واستعمله عثمان على البصرة سنة تسع وعشرين بعد أبي موسى، وولاه أيضا بلاد فارس بعد عثمان بن أبي العاص، وكان عمره لما ولي البصرة أربعا، أو خمسا وعشرين سنة، فافتتح خراسان كلها، وأطراف فارس، وسجستان، وكرمان، وزابلستان وهي أعمال غزنة. أرسل الجيوش ففتح هذه الفتوح كلها، وفي ولايته قتل كسرى يزدجرد، فأحرم ابن عامر من نيسابور بعمرة وحجة شكرا لله، عز وجل، على ما فتح عليه، وقدم على عثمان بالمدينة فقال له عثمان: صل قرابتك وقومك. ففرق في قريش والأنصار شيئا عظيما من الأموال والسكوات، فأثنوا عليه، وعاد إلى عمله.
وهو الذي سير عامر بن عبد القيس العبدي من البصرة إلى الشام، وهو الذي اتخذ السوق بالبصرة، اشترى دورا فهدمها، وجعلها سوقا، وهو أول من لبس الخز بالبصرة، لبس جبة دكناء، فقال الناس: لبس الأمير جلد دب. فلبس جبة حمراء.
وهو أول من اتخذ الحياض بعرفة، وأجرى إليها العين.
ولم يزل واليا على البصرة إلى أن قتل عثمان، فلما سمع ابن عامر بقتله حمل ما في بيت المال وسار إلى مكة، فوافى بها طلحة والزبير وعائشة وهم يريدون الشام، فقال: بل ائتوا البصرة فإن لي بها صنائع، وهي أرض الأموال وبها عدد الرجال. فساروا إلى البصرة. وشهد وقعة الجمل معهم، فلما انهزموا سار إلى دمشق فأقام بها، ولم يسمع له بذكر في صفين. ولكن لما بايع الحسن معاوية وسلم إليه الأمر استعمل معاوية بسر بن أبي أرطاة على البصرة، فقال ابن عامر لمعاوية إن لي بالبصرة أموالا عند أقوام، فإن لم تولني البصرة ذهبت. فولاه البصرة ثلاث سنين.
وروى مصعب بن عبد الله الزبيري: حدثني أبي، عن جدي مصعب بن ثابت، عن حنظلة ابن قيس، عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد». وتوفي ابن عامر سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وخمسين. وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، وكان أحد الأجواد الممدوحين.
أخرجه الثلاثة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 691

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 3- ص: 289

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 3- ص: 184

عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي ابن خال عثمان بن عفان، لأن أم عثمان هي أروى بنت كريز المذكور، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم، واسم أم عبد الله هذا دجاجة بنت أسماء بنت الصلت السلمية.
ولد على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأتي به إليه وهو صغير، فقال: «هذا شبيهنا» وجعل يتفل عليه، ويعوذه، فجعل يبتلع ريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنه لمستقي»
وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء حكاه ابن عبد البر.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما أظنه رآه ولا سمع منه، كذا قال: وأثبت ابن حبان له الرؤية، وهو كذلك.
وقال ابن مندة في الصحابة: مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وله ثلاث عشرة سنة، كذا قال: وهو خطأ واضح، فقد ذكر عمر بن شبة في أخبار البصرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجد يوم الفتح عند عمير بن قتادة الليثي خمس نسوة، فقال: فارق إحداهن.
ففارق دجاجة بنت الصلت، فتزوجها عامر بن كريز، فولدت له عبد الله، فعلى هذا كان له عند الوفاة النبوية دون السنتين. وهذا هو المعتمد.
الحديث المذكور أخرجه ابن قانع، وابن مندة، من طريق مصعب الزبيري.
حدثني أبي، عن جدي مصعب بن ثابت، عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عامر- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد».
وليس في السياق تصريح بسماعه فهو مرسل.
وكان عبد الله جوادا شجاعا ميمونا، ولاه عثمان البصرة بعد أبي موسى الأشعري سنة تسع وعشرين، وضم إليه فارس بعد عثمان بن أبي العاص. فافتتح خراسان كلها، وأطراف فارس، وسجستان، وكرمان، وغيرها، حتى بلغ أعمال غزة، وفي إمارته قتل يزدجرد آخر ملوك فارس، وأحرم ابن عامر من نيسابور شكرا لله تعالى، وقدم على عثمان فلامه على تغريره بالنسك، وقدم بأموال عظيمة ففرقها في قريش والأنصار.
وهو أول من اتخذ الحياض بعرفة، وأجرى إليها العين، وقتل عثمان وهو على البصرة، فسار بما كان عنده من الأموال إلى مكة، فوافى أبا طلحة والزبير فرجع بهم إلى البصرة، فشهد معهم وقعة الجمل، ولم يحضر صفين، وولاه معاوية البصرة ثلاث سنين بعد اجتماع الناس عليه، ثم صرفه عنها، فأقام بالمدينة.
ومات سنة سبع أو ثمان وخمسين، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير.
وأخباره في الجود كثيرة، وليست له رواية في الكتب الستة، لكن أشار البخاري إلى قصة إحرامه فقال في باب قوله تعالى: {الحج أشهر معلومات} من كتاب الحج: وقال ابن عباس من السنة ألا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج. وكره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان، وذكرت في تعليق التعليق أن سعيد بن منصور وأبا بكر بن أبي شيبة أخرجا من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن- أن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع، وكرهه.
وأخرجه عبد الرزاق، من طريق محمد بن سيرين، قال: أحرم عبد الله بن عامر من خراسان، فقدم على عثمان فلامه، وقال: غررت بنسكك.
وأخرج البيهقي، من طريق داود بن أبي هند- أن عبد الله بن عامر بن كريز حين فتح خراسان قال: لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي محرما، فأحرم من نيسابور، فلما قدم على عثمان لامه على ما صنع، قال البيهقي: هو عن عثمان مشهور.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 5- ص: 14

عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي القرشي العبشمي ابن خال عثمان بن عفان. أم عثمان أروى بنت كريز، وأمها وأم عامر بن كريز البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب. وأم عبد الله بن عامر ابن ربيعة دجاجة بنت أسماء بن الصلت، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فقال: هذا شبهنا، وجعل يتفل عليه ويعوذه، فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لمسقى، فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء. قيل: لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: هذا أشبه بنا منه بكم، ثم تفل في فيه، فازدرده، فقال: أرجو أن يكون مسقيا، فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أتي عبد المطلب بن هاشم بأبيه عامر بن كريز وهو ابن ابنته أم حكيم البيضاء، فتأمله عبد المطلب، وقال: ما ولدنا ولدا أحرص منه، وكانت أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم تحت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، فولدت له عامرا أبا عبد الله بن عامر هذا. وقد روى عبد الله بن عامر هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما أظنه سمع منه ولا حفظ عنه.
ذكر البغوي، عن مصعب الزبيري، عن أبيه، عن مصعب بن ثابت، عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر بن كريز، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد. رواه موسى ابن هارون الحمال، عن معصب بإسناده سواء. قال الزبير وغيره: كان عبد الله بن عامر سخيا، كريما حليما، ميمون النقيبة، كثير المناقب، هو افتتح خراسان، وقتل كسرى في ولايته، وأحرم من نيسابور شكرا الله تعالى، وهو الذي عمل السقايات بعرفة.
قال صالح بن الوجيه، وخليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز. وقال صالح: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وقال أبو اليقظان: قدم ابن عامر البصرة واليا عليها، وهو ابن أربع أو خمس وعشرين سنة، ولم يختلفوا انه افتتح أطراف فارس كلها، وعامة خراسان وأصبهان وحلوان وكرمان، وهو الذي شق نهر البصرة، ولم يزل واليا لعثمان على البصرة إلى أن قتل عثمان رضي الله عنه، وكان ابن عمته، لأن أم عثمان أروى بنت كريز، ثم عقد له معاوية على البصرة، ثم عزله عنها، وكان أحد الأجواد، أوصى إلى عبد الله بن الزبير، ومات قبله بيسير، وهو الذي يقول فيه زياد يرثيه:

وفيه يقول زياد الأعجم:

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 3- ص: 931

عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. ويكنى أبا عبد الرحمن وأمه دجاجة بنت أسماء بن الصلت بن حبيب بن حارثة بن هلال بن حزام بن سمال بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور. فولد عبد الله بن عامر اثني عشر رجلا وست نسوة: عبد الرحمن لأم ولد درج. قتل يوم الجمل. وعبد الله مات قبل أبيه وعبد الملك وزينب وأمهم كيسة بنت الحارث بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وأمها بنت أرطأة بن
عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وأمها أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وعبد الحكيم وعبد الحميد وأمهما أم حبيب بنت سفيان بن عويف بن عبد الله بن عامر بن هلال بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة. وعبد المجيد لأم ولد. وعبد الرحمن الأصغر وهو أبو السنابل. وعبد السلام درج. وأمهما أم ولد. وعبد الرحمن وهو أبو النضر لأم ولد.
وعبد الكريم وعبد الجبار وأمة الحميد وأمهم هند بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وأمها الحنفاء بنت أبي جهل بن هشام بن المغيرة وأمها أروى بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية. وأم كلثوم بنت عبد الله وأمها أمة الله بنت الوارث بن الحارث بن ربيعة بن خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب. وأمة الغفار بنت عبد الله وأمها أم أبان بنت مكلبة بن جابر بن السمين بن عمرو بن سنان بن عمرو بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة من ربيعة. وعبد الأعلى بن عبد الله وأمة الواحد لأم ولد. وأم عبد الملك وأمها من بني عقيل.
قالوا: ولد عبد الله بن عامر بمكة بعد الهجرة بأربع سنين. فلما كان عام عمرة القضاء سنة سبع وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة معتمرا حمل إليه ابن عامر. وهو ابن ثلاث سنين. فحنكه فتلمظ وتثاءب. [فتفل رسول الله في فيه وقال: هذا ابن السلمية؟ قالوا: نعم. قال: هذا ابننا وهو أشبهكم بنا وهو مسقى]. فلم يزل عبد الله شريفا. وكان سخيا كريما كثير المال والولد ولد له عبد الرحمن وهو ابن ثلاث عشرة سنة. قالوا: لما ولي عثمان بن عفان الخلافة أقر أبا موسى الأشعري على البصرة أربع سنين كما أوصى به عمر في الأشعري أن يقر أربع سنين. ثم عزله عثمان وولي البصرة ابن خالة عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وهو ابن خمس وعشرين سنة. وكتب إلى أبي موسى: إني أعزلك عن عجز ولا خيانة. وإني لأحفظ قيد استعمال رسول الله وأبي بكر وعمر إياك. وإني لأعرف فضلك. وإنك من المهاجرين الأولين. ولكني أردت أن أصل قرابة عبد الله بن عامر وقد أمرته أن يعطيك ثلاثين ألف درهم. فقال أبو موسى: والله لقد عزلني عثمان عن البصرة وما عندي دينار ولا درهم حتى قدمت علي أعطية عيالي من المدينة. وما كنت لأفارق البصرة وعندي
من مالهم دينار ولا درهم. ولم يأخذ من ابن عامر شيئا. فأتاه ابن عامر فقال: يا أبا موسى ما أحد من بني أخيك أعرف بفضلك مني. أنت أمير البلد إن أقمت والموصول إن رحلت. قال: جزاك الله يا ابن أخي خيرا. ثم ارتحل إلى الكوفة. وكان ابن عامر رجلا سخيا شجاعا وصولا لقومه ولقرابته محببا فيهم رحيما. ربما غزا فيقع الحمل في العسكر فينزل فيصلحه. فوجه ابن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس إلى سجستان فافتتحها صلحا على أن لا يقتل بها ابن عرس ولا قنفذ وذلك لمكان الأفعى بها إنهما يأكلانها. ثم مضى إلى أرض الدوار فافتتحها. ثم كان ابن عامر يغزو أرض البارز وقلاع فارس. وقد كان أهل البيضاء من إصطخر غلبوا عليها.
فسار إليها ابن عامر فافتتحها ثانية وافتتح جور والكاريان والفنسجان وهما من دارابجرد. ثم تاقت نفسه إلى خراسان فقيل له بها يزدجرد بن شهريار بن كسرى ومعه أساورة فارس. وقد كانوا تحملوا بخزائن إلى كسرى حيث هزم أهل نهاوند. فكتب في ذلك إلى عثمان فكتب إليه عثمان أن سر إليها إن أردت. قال فتجهز وقطع البعوث ثم سار واستخلف أبا الأسود الدؤلي على البصرة على صلاتها واستخلف على الخراج راشدا الجديدي من الأزد. ثم سار على طريق اصطخر. ثم أخذ فيما بين خراسان وكرمان حتى خرج على الطبسين ففتحهما وعلى مقدمته قيس بن الهيثم بن أسماء بن الصلت السلمي ومعه فتيان من فتيان العرب. ثم توجه نحو مرو فوجه إليها حاتم بن النعمان الباهلي ونافع بن خالد الطاحي فافتتحاها كل واحد منهما على نصف المدينة. وافتتحا رستاقها عنوة وفتحا المدينة صلحا. وقد كان يزدجرد قتل قبل ذلك.
خرج يتصيد فمر بنقار رحا فضربه. قال فلم يزل يضربه النقار بفأس فنثر دماغه. ثم سار ابن عامر نحو مرو الروذ فوجه إليها عبد الله بن سوار بن همام العبدي فافتتحها.
ووجه يزيد الجرشي إلى زام وباخرز وجوين فافتتحها جميعا عنوة. ووجه عبد الله بن خازم إلى سرخس فصالحه مرزبانهم. وفتح ابن عامر أبرشهر عنوة وطوس وطخارستان ونيسابور وبوشنج وباذغيس وأبيورد وبلخ والطالقان والفارياب. ثم بعث صبرة بن شيمان الأزدي إلى هراة فافتتح رساتيقها ولم يقدر على المدينة. ثم بعث عمران بن الفضيل البرجمي إلى آمل فافتتحها. قال ثم خلف ابن عامر الأحنف بن قيس على خراسان فنزل مرو في أربعة آلاف. ثم أحرم ابن عامر بالحج من خراسان فكتب إليه عثمان يتوعده ويضعفه ويقول: تعرضت للبلاء. حتى قدم على عثمان فقال له: صل
قومك من قريش. ففعل وأرسل إلى علي بن أبي طالب بثلاثة آلاف درهم وكسوة.
فلما جاءته قال: الحمد لله إنا نرى تراث محمد يأكله غيرنا. فبلغ ذلك عثمان فقال لابن عامر: قبح الله رأيك! أترسل إلى علي بثلاثة آلاف درهم؟ قال: كرهت أن أغرق ولم أدر ما رأيك. قال: فأغرق. قال فبعث إليه بعشرين ألف درهم وما يتبعها. قال فراح علي إلى المسجد فانتهى إلى حلقته. وهم يتذاكرون صلات ابن عامر هذا الحي من قريش. فقال علي: هو سيد فتيان قريش غير مدافع. قال وتكلمت الأنصار فقالوا:
أبت الطلقاء إلا عداوة. فبلغ ذلك عثمان فدعا ابن عامر فقال: أبا عبد الرحمن ق عرضك ودار الأنصار فألسنتهم ما قد علمت. قال فأفشى فيهم الصلات والكسى فأثنوا عليه. فقال له عثمان: انصرف إلى عملك. قال فانصرف والناس يقولون قال ابن عامر وفعل ابن عامر. فقال ابن عامر: إذا طابت الكسبة زكت النفقة. فلم تحتمله البصرة فكتب إلى عثمان يستأذنه في الغزو فأذن له. فكتب إلى ابن سمرة أن تقدم. فتقدم فافتتح بست وما يليها. ثم مضى إلى كابل وزابلستان فافتتحهما جميعا وبعث بالغنائم إلى ابن عامر. قالوا ولم يزل ابن عامر ينتقص شيئا شيئا من خراسان حتى افتتح هراة وبوشنج وسرخس وأبرشهر والطالقان والفارياب وبلخ. فهذه خراسان التي كانت في زمن ابن عامر وعثمان. ولم يزل ابن عامر على البصرة. وهو سير عامر بن عبد قيس العنبري من البصرة إلى الشام بأمر عثمان بن عفان. وهو اتخذ السوق للناس بالبصرة.
اشترى دورا فهدمها وجعلها سوقا. وهو أول من لبس الخز بالبصرة. لبس جبة دكناء فقال الناس: لبس الأمير جلد دب. ثم لبس جبة حمراء فقالوا: لبس الأمير قميصا أحمر. وهو أول من اتخذ الحياض بعرفة وأجرى إليها العين وسقى الناس الماء فذلك جار إلى اليوم. فلما استعتب عثمان من عماله كان فيما شرطوا عليه أن يقر ابن عامر بالبصرة لتحببه إليهم وصلته هذا الحي من قريش. فلما نشب الناس في أمر عثمان دعا ابن عامر مجاشع بن مسعود فعقد له جيشا إلى عثمان. فساروا حتى إذا كانوا بأداني بلاد الحجاز خرجت خارجة من أصحابه فلقوا رجلا فقالوا: ما الخبر؟ قال:
قتل عدو الله نعثل وهذه خصلة من شعره. فحمل عليه زفر بن الحارث. وهو يومئذ غلام مع مجاشع بن مسعود. فقتله. فكان أول مقتول قتل في دم عثمان. ثم رجع مجاشع إلى البصرة. فلما رأى ذلك ابن عامر حمل ما في بيت المال واستخلف على البصرة عبد الله بن عامر الحضرمي ثم شخص إلى مكة فوافى بها طلحة والزبير وعائشة
وهم يريدون الشام فقال: لا بل ائتوا البصرة فإن لي بها صنائع وهي أرض الأموال وبها عدد الرجال. والله لو شئت ما خرجت منها حتى أضرب بعض الناس ببعض. فقال له طلحة: هلا فعلت. أشفقت على مناكب تميم. ثم أجمع رأيهم على المسير إلى البصرة. ثم أقبل بهم فلما كان من أمر الجمل ما كان وهزم الناس جاء عبد الله بن عامر إلى الزبير فأخذ بيده فقال: أبا عبد الله أنشدك الله في أمة محمد. فلا أمة محمد بعد اليوم أبدا. فقال الزبير: خل بين الغارين يضطربان فإن مع الخوف الشديد المطامع.
فلحق ابن عامر بالشام حتى نزل دمشق. وقد قتل ابنه عبد الرحمن يوم الجمل وبه كان يكنى. فقال حارثة بن بدر أبو العنبس الغداني في خروج ابن عامر إلى دمشق:

ولما خرج ابن عامر عن البصرة بعث علي إليهما عثمان بن حنيف الأنصاري فلم يزل بها حتى قدم عليه طلحة والزبير وعائشة. ولم يزل عبد الله بن عامر مع معاوية بالشام ولم يسمع له بذكر في صفين ولكن معاوية لما بايعه الحسن بن علي ولى بسر بن أبي أرطاة البصرة ثم عزله فقال له ابن عامر: إن لي بها ودائع عند قوم فإن لم تولني البصرة ذهبت. فولاه البصرة ثلاث سنين. ومات ابن عامر قبل معاوية بسنة فقال معاوية: يرحم الله أبا عبد الرحمن. بمن نفاخر وبمن نباهي!

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 32

عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف
عامل عثمان بن عفان على البصرة
يروي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم روى عنه الناس مات بمكة ودفن بعرفات سنة تسع وخمسين قبل وفاة معاوية بسنة وكنيته أبو عبد الرحمن وقد قيل إن له من النبي صلى الله عليه وسلم رؤية وهو الذي افتتح عامة فارس وخراسان وسجستان

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 5- ص: 1

عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن عبد شمس
حدثنا محمد بن بشر بن مطر، نا مصعبٌ الزبيري، نا أبي، عن مصعب بن ثابت، عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عامر بن كريز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيدٌ»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 2- ص: 1

عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشي، العبشمي، أحد أشراف قريش وأجوادها:
قال الزبير بن بكار: قال عمى مصعب بن عبد الله: يقال إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فقال: «هذا شبهنا» وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه، فجعل عبد الله يتسوغ ريق النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه لمسقى». فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له فيها الماء. وله النباج الذي يقال له نباج ابن عامر، وله الجحفة، وله بستان ابن عامر بنخلة، على ليلة من مكة، وله آثار في الآرض كثيرة. وقال: استعمله عثمان بن عفان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعرى، فقال أبو موسي: قد أتاكم فتى من قريش، كريم الأمهات والعمات والخالات، يقول بالمال فيكم هكذا هكذا. قال: وهو الذي دعا الزبير وطلحة إلى البصرة، وقال: «إن لي فيها صنائع» فشخصا معه. وله يقول الوليد ابن عقبة [من الطويل]:

قال الزبير: وكان كثير المناقب، وافتتح خراسان، وقتل كسرى في ولايته، أحرم من نيسابور شكرا لله تعالى، وهو الذي عمل السقايات بعرفة. انتهى.
وقال ابن عبد البر: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فقال: هذا شبيهنا.
وذكر الخبر الذي ذكر الزبير، قال: وقيل: إنه لما أتى بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال لبنى عبد شمس: هذا أشبه بنا منه بكم، ثم تفل في فيه، فازدرده، فقال: أرجو أن يكون مسقيا فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روى عبد الله بن عامر هذا، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما علمته سمع منه ولا حفظ عنه.
ذكر البغوى عن مصعب بن الزبير عن أبيه، عن مصعب بن ثابت عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عامر بن كريز، قالا: قال رسولاللهصلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد» ورواه موسى بن هارون الحمال عن مصعب بإسناده سواء، وقال صالح بن الوجيه، وخليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين، عزل عثمان أبا موسى الأشعرى، عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص، عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز، وقال صالح: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
قال أبو اليقظان: قدم ابن عامر البصرة واليا، وهو ابن أربع أو خمس وعشرين سنة، ولم يختلفوا أنه افتتح أطراف فارس كلها، وعامة خراسان، وحلوان، وكرمان، وهو الذي شق نهر البصرة، ولم يزل واليا لعثمان على البصرة، إلى أن قتل عثمان - وكان ابن عمته، لأن أم عثمان أروى بنت كريز - ثم عقد له معاوية على البصرة، ثم عزله عنها. وكان أحد الأجواد، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، ومات قبله بيسير، وهو الذي يقول فيه ابن ردينة [من الطويل]:
ويقول زياد الأعجم [من الوافر]:
وقال الزبير: قال عمى مصعب بن عبد الله: بلغني أن معاوية أراد أن يصفي أمواله، فقال ابن عامر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المقتول دون ماله شهيد» والله لأقاتلنه حتى أقتل دون مالى. فأعرض عنه معاوية وزوجه ابنته هندا بنت معاوية.
قال الزبير: وحدثني مصعب بن عبد الله عن بعض القرشيين، قال: كانت هند بنت معاوية أبر شيء بعبد الله بن عامر، وأنها جاءته يوما بالمرآة والمشط. وكانت تتولى خدمته بنفسها، فنظر في المرآة، فالتقى وجهه ووجهها في المرآة. فرأي شبابها وجمالها، ورأي المشيب في لحيته قد ألحقه بالشيوخ، فرفع رأسه إليها، وقال: الحقى بأبيك، فانطلقت حتى دخلت على أبيها، فأخبرته خبرها. فقال: وهل تطلق الحرة؟، قالت: ما أتى من قبلى. وأخبرته خبرها. فأرسل إليه، فقال: أكرمتك ببنيتى، ثم رددتها على! قال: أخبرك عن ذلك: إن الله تبارك وتعالى من على بفضله وجعلنى كريما، لا أحب أن يتفضل على أحد، وإن ابنتك أعجزتنى مكافأتها بحسن صحبتها لى، فنظرت، فإذا أنا شيخ وهي شابة، لا أزيدها مالا إلى مالها، ولا شرفا إلى شرفها، فرأيت أن أردها إليك لتزوجها فتى من فتيانك، كأن وجهه ورقة مصحف.
قال الزبير: وكان ابن عامر رجلا سخيا كريما، وأمه: دجاجة بنت أسماء بن الصلت ابن حبيب بن حارثة بن هلال بن حرام بن سماك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1