ابن أبي داود عبد الله بن سليمان بن الاشعث الازدي السجستاني، ابو بكر بن ابي داود: من كبار حفاظ الحديث. له تصانيف. كان امام أهل العراق، وعمى في آخرعمره. ولد بسجستان، ورحل مع ابيه رحلة طويلة، وشاركه في شيوخه بمصر والشام وغيرهما، واستقر وتوفى ببغداد. من كتبه (المصاحف - ط) و (المسند) و (السنن) و (التفسير) و (القراآت) و (الناسخ والمنسوخ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 91

السجستاني الحافظ عبد الله بن سليمان أبي داود بن الأشعث بن إسحاق بن بشير، أبو بكر الأزدي، الحافظ السجستاني. ولد بسجستان ونشأ ببغداد وسمع بهما وبالحرمين ومصر والشام والثغور جماعة. وروى عنه جماعة. قال النحاس: سمعت ابن أبي داود يقول: رأيت أبا هريرة في النوم - وأنا بسجستان وأنا أصنف حديث أبي هريرة - كث اللحية ربعة أسمر عليه ثياب غلاظ فقلت: إني لأحبك يا أبا هريرة! فقال: أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا، فقلت: كم من رجل أسند عن أبي صالح عنك؟ قال: مائة رجل، قال ابن أبي داود: فنظرت فإذا عندي نحوها. قال السلمي، سألت الدارقطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة كثير الخطأ في الكلام على الحديث. وقال ابن الشخير: إنه كان زاهدا، ناسكا. صلى عليه نحو ثلاث مائة ألف رجل وأكثر. توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0

أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ بغداد،
أبو بكر السجستاني، صاحب التصانيف.
ولد: بسجستان، في سنة ثلاثين ومائتين.
وسافر به أبوه وهو صبي، فكان يقول: رأيت جنازة إسحاق بن راهويه.
قلت: وكانت في سنة ثمان وثلاثين ومائتين، في شعبان، فأول شيخ سمع منه: محمد بن أسلم الطوسي، وسر أبوه بذلك لجلالة محمد بن أسلم.
روى عن: أبيه، وعمه، وعيسى بن حماد زغبة، وأحمد بن صالح، ومحمد بن يحيى الزماني، وأبي الطاهر بن السرح، وعلي بن خشرم، ومحمد بن بشار، ونصر بن علي، وعمرو بن عثمان الحمصي، وكثير بن عبيد، وموسى بن عامر المري، ومحمود بن خالد، ومحمد بن سلمة المرادي، وهارون بن إسحاق، ومحمد بن معمر البحراني، وأبي سعيد الأشج، وهارون بن سعيد الأيلي، ومحمد بن مصفى، وإسحاق الكوسج، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب، وعمرو بن علي الفلاس، وهشام بن خالد الدمشقي، والحسن بن محمد الزعفراني، وزياد بن أيوب، والحسن بن عرفة، ومحمد بن يحيى الذهلي، وإسحاق بن إبراهيم شاذان، ويوسف بن موسى القطان، وعباد بن يعقوب الرواجني ، وخلق كثير بخراسان
والحجاز والعراق، ومصر والشام، وأصبهان وفارس.
وكان من بحور العلم، بحيث إن بعضهم فضله على أبيه.
صنف (السنن) و (المصاحف) و (شريعة المقارئ) و (الناسخ والمنسوخ)، و (البعث) وأشياء.
حدث عنه: خلق كثير، منهم: ابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، وأبو عمر بن حيويه، وابن المظفر، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن الدارقطني، وعيسى بن علي الوزير، وابن المقرئ، وأبو القاسم بن حبابة، وأبو طاهر المخلص، ومحمد بن عمر بن زنبور الوراق، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وآخرون.
وكان يقول: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد، فأخذت به ثلاثين مد باقلا ، فكنت آكل منه، وأكتب عن أبي سعيد الأشج، فما فرغ الباقلا حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث، ما بين مقطوع ومرسل.
قال أبو بكر بن شاذان: قدم أبو بكر بن أبي داود سجستان، فسألوه أن يحدثهم، فقال: ما معي أصل.
فقالوا: ابن أبي داود وأصل!؟
قال: فأثاروني، فأمليت عليهم من حفظي ثلاثين ألف حديث، فلما قدمت بغداد، قال البغداديون: مضى إلى سجستان ولعب بهم، ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان، ليكتب لهم النسخة، فكتبت، وجيء بها، وعرضت على الحفاظ ، فخطؤوني في ستة أحاديث، منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت، وثلاثة أخطأت فيها.
هكذا رواها أبو القاسم الأزهري، عن ابن شاذان، ورواها غيره، فذكر أن ذلك كان بأصبهان.
وكذا روى أبو علي النيسابوري الحافظ، عن ابن أبي داود.
فالأزهري واهم.
قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحافظ، سمعت ابن أبي داود، يقول: حدثت من حفظي بأصبهان بستة وثلاثين ألفا، ألزموني الوهم فيها في سبعة أحاديث، فلما انصرفت، وجدت في كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به.
قال الحافظ أبو محمد الخلال: كان ابن أبي داود إمام أهل العراق، ومن نصب له السلطان المنبر، وقد كان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو.
أبو ذر الهروي: أنبأنا أبو حفص بن شاهين، قال: أملى علينا ابن أبي داود سنين، وما رأيت بيده كتابا، إنما كان يملي حفظا، فكان يقعد على المنبر بعد ما عمي، ويقعد دونه بدرجة ابنه؛ أبو معمر - بيده كتاب - فيقول له: حديث كذا، فيسرده من حفظه، حتى يأتي على المجلس.
قرأ علينا يوما حديث (الفتون ) من حفظه، فقام أبو تمام الزينبي، وقال: لله درك! ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي.
فقال: كل ما كان يحفظ إبراهيم، فأنا أحفظه، وأنا أعرف النجوم، وما كان هو يعرفها.
أنبأنا المسلم بن محمد ، وغيره: سمعوا أبا اليمن الكندي، أنبأنا أبو منصور الشيباني، أنبأنا أبو بكر الخطيب، قال: عبد الله بن أبي داود رحل به أبوه من سجستان، يطوف به شرقا وغربا بخراسان والجبال وأصبهان وفارس والبصرة وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر والجزيرة والثغور، يسمع ويكتب.
واستوطن بغداد، وصنف (المسند)، و (السنن)، و (التفسير)، و (القراءات)، و (الناسخ والمنسوخ)، وغير ذلك.
وكان فقيها، عالما، حافظا.
قلت: وكان رئيسا عزيز النفس، مدلا بنفسه. سامحه الله.
قال أبو حفص بن شاهين: أراد الوزير؛ علي بن عيسى أن يصلح بين ابن أبي داود، وابن صاعد، فجمعهما، وحضر أبو عمر القاضي، فقال الوزير: يا أبا بكر! أبو محمد أكبر منك، فلو قمت إليه، فقال: لا أفعل.
فقال الوزير: أنت شيخ زيف.
فقال: الشيخ الزيف: الكذاب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فقال الوزير: من الكذاب؟
قال: هذا.
ثم قام، وقال: تتوهم أني أذل لك لأجل رزقي، وأنه يصل إلي على يدك؟! والله لا آخذ من يدك شيئا.
قال: فكان الخليفة المقتدر يزن رزقه بيده، ويبعث به في طبق على يد الخادم.
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت أبا بكر يقول: قلت لأبي زرعة الرازي: ألق علي حديثا غريبا من حديث مالك.
فألقى علي حديث وهب بن كيسان، عن أسماء حديث: (لا تحصي فيحصى عليك ).
رواه عن عبد الرحمن بن شيبة، وهو ضعيف.
فقلت له: يجب أن تكتبه عني، عن أحمد بن صالح، عن عبد الله بن نافع، عن مالك.
فغضب أبو زرعة، وشكاني إلى أبي، وقال: انظر ما يقول لي أبو بكر.
ويروى بإسناد منقطع: أن أحمد بن صالح كان يمنع المرد من حضور مجلسه، فأحب أبو داود أن يسمع ابنه منه، فشد على وجهه لحية، وحضر، فعرف الشيخ، فقال: أمثلي يعمل معه هذا؟!
فقال أبو داود: لا ينكر علي سوى جمع ابني مع الكبار، فإن لم يقاومهم بالمعرفة، فاحرمه السماع.
حدث بها أبو القاسم بن السمرقندي، حدثنا يوسف بن الحسن بن محمد التفكري الزنجاني، قال: سمعت الحسن بن علي بن بندار الزنجاني، قال: كان أحمد بن صالح يمنع المرد من التحديث تنزها... فذكرها، وزاد: فاجتمع طائفة، فغلبهم الابن بفهمه، ولم يرو له أحمد بعدها شيئا، وحصل له الجزء الأول، فأنا أرويه.
قلت: بل أكثر عنه.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن أبي داود، فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث.
وقد ذكره أبو أحمد بن عدي في (كامله)، وقال: لولا أنا شرطنا أن كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت ابن أبي داود.
قال: وقد تكلم فيه أبوه، وإبراهيم ابن أورمة، وينسب في الابتداء إلى شيء من النصب.
ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط، ثم رده الوزير؛ علي بن عيسى، فحدث، وأظهر فضائل علي -رضي الله عنه- ثم تحنبل فصار شيخا فيهم، وهو مقبول عند أصحاب الحديث.
وأما كلام أبيه فيه، فلا أدري أيش تبين له منه ؟ وسمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود يقول:
من البلاء أن عبد الله يطلب القضاء.
ابن عدي: أنبأنا علي بن عبد الله الداهري، سمعت أحمد بن محمد بن عمرو كركرة، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت أبا داود، يقول: ابني عبد الله كذاب.
قال ابن صاعد: كفانا ما قال فيه أبوه.
ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم الأشيب، يقول:
حدثني أبو بكر، سمعت إبراهيم الأصبهاني، يقول:
أبو بكر بن أبي داود كذاب.
ابن عدي: سمعت أبا القاسم البغوي، وقد كتب إليه أبو بكر بن أبي داود رقعة، يسأله عن لفظ حديث لجده، فلما قرأ رقعته، قال: أنت عندي والله منسلخ من العلم.
قال: وسمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم، يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله تعالى أنه قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري، عن عروة، قال: حفيت أظافير فلان، من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قلت: هذا باطل وإفك مبين، وأين إسناده إلى الزهري؟ ثم هو مرسل، ثم لا يسمع قول العدو في عدوه، وما أعتقد أن هذا صدر من عروة أصلا، وابن أبي داود إن كان حكى هذا، فهو خفيف الرأس، فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر، لكونه تفوه بمثل هذا البهتان، فقام معه، وشد منه رئيس أصبهان؛ محمد بن عبد الله بن حفص الهمداني الذكواني، وخلصه من أبي ليلى أمير أصبهان، وكان انتدب له بعض العلوية خصما، ونسب إلى أبي بكر المقالة، وأقام عليه الشهادة محمد بن يحيى بن مندة الحافظ، ومحمد بن العباس الأخرم، وأحمد بن علي بن الجارود، واشتد الخطب، وأمر أبو ليلى بقتله، فوثب الذكواني، وجرح الشهود مع جلالتهم، فنسب ابن مندة إلى العقوق، ونسب أحمد إلى أنه يأكل الربا، وتكلم في الآخر، وكان الهمداني الذكواني كبير الشأن، فقام، وأخذ بيد أبي بكر، وخرج به من الموت، فكان أبو بكر يدعو له طول حياته، ويدعو على أولئك الشهود.
حكاها أبو نعيم الحافظ، ثم قال: فاستجيب له فيهم، منهم من احترق، ومنهم من خلط وفقد عقله.
قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: كل الناس مني في حل إلا من رماني ببغض علي -رضي الله عنه-.
قال الحافظ ابن عدي: كان في الابتداء ينسب إلى شيء من النصب ، فنفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط، فرده ابن عيسى، فحدث، وأظهر فضائل علي ثم تحنبل، فصار شيخا فيهم.
قلت: كان شهما، قوي النفس، وقع بينه وبين ابن جرير، وبين ابن صاعد وبين الوزير؛ ابن عيسى الذي قربه.
قال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند ابن جرير، فقيل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل الإمام علي.
فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس.
قلت: لا يسمع هذا من ابن جرير للعداوة الواقعة بين الشيخين.
قال أبو بكر الخطيب: سمعت الحافظ أبا محمد الخلال يقول:
كان أبو بكر أحفظ من أبيه؛ أبي داود.
وروى الإمام أبو بكر النقاش المفسر - وليس بمعتمد - أنه سمع أبا بكر ابن أبي داود يقول:
إن في تفسيره مائة ألف وعشرين ألف حديث.
قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: كان ابن أبي داود إمام العراق ونصب له السلطان المنبر، وكان في وقته ببغداد مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ.
قلت: لعل قول أبيه فيه - إن صح - أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب ويوري في كلامه، ومن زعم أنه لا يكذب أبدا، فهو أرعن، نسأل الله السلامة من عثرة الشباب، ثم إنه شاخ وارعوى، ولزم الصدق والتقى.
قال محمد بن عبد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهدا ناسكا، صلى عليه يوم مات نحو من ثلاث مائة ألف إنسان، وأكثر.
قال: ومات: في ذي الحجة، سنة ست عشرة وثلاث مائة، وخلف ثلاثة بنين: عبد الأعلى، ومحمدا، وأبا معمر عبيد الله، وخمس بنات، وعاش سبعا وثمانين سنة، وصلي عليه ثمانين مرة.
نقل هذا أبو بكر الخطيب.
قال المحدث؛ يوسف بن الحسن التفكري: سمعت الحسن بن علي بن بندار الزنجاني قال: كان أحمد بن صالح يمتنع على المرد من التحديث تورعا، وكان أبو داود يسمع منه، وكان له ابن أمرد، فاحتال بأن شد على وجهه قطعة من شعر، ثم أحضره، وسمع، فأخبر الشيخ بذلك، فقال: أمثلي يعمل معه هذا؟ قال أبو داود: لا تنكر علي، واجمع ابني مع شيوخ الرواة، فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه السماع.
إسنادها منقطع.
قال أبو أحمد بن عدي: سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول: سألت ابن أبي داود عن حديث الطير ، فقال: إن صح حديث الطير فنبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- باطل، لأنه حكى عن حاجب النبي -صلى الله عليه وسلم- خيانة -يعني: أنسا- وحاجب النبي لا يكون خائنا.
قلت: هذه عبارة رديئة، وكلام نحس، بل نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- حق قطعي، إن صح خبر الطير، وإن لم يصح، وما وجه الارتباط؟ هذا أنس قد خدم النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحتلم، وقبل جريان القلم، فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة.
فرضنا أنه كان محتلما، ما هو بمعصوم من الخيانة، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولا، ثم إنه حبس عليا عن الدخول كما قيل، فكان ماذا؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت، فلو حبسه، أو رده مرات، ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلا، اللهم إلا أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قصد بقوله: (ايتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي) عددا من الخيار، يصدق على مجموعهم أنهم أحب الناس إلى الله، كما يصح
قولنا: أحب الخلق إلى الله الصالحون، فيقال: فمن أحبهم إلى الله؟
فنقول: الصديقون والأنبياء.
فيقال: فمن أحب الأنبياء كلهم إلى الله؟
فنقول: محمد، وإبراهيم، وموسى، والخطب في ذلك يسير.
وأبو لبابة - مع جلالته - بدت منه خيانة، حيث أشار لبني قريظة إلى حلقه ، وتاب الله عليه.
وحاطب بدت منه خيانة، فكاتب قريشا بأمر تخفى به نبي الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوهم ، وغفر الله لحاطب مع عظم فعله -رضي الله عنه-.
وحديث الطير - على ضعفه - فله طرق جمة، وقد أفردتها في جزء، ولم يثبت، ولا أنا بالمعتقد بطلانه، وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله، وله على خطئه أجر واحد، وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو.
والرجل فمن كبار علماء الإسلام، ومن أوثق الحفاظ - رحمه الله تعالى -.
قال ابنه؛ عبد الأعلى: توفي أبي وله ست وثمانون سنة وأشهر.
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الحميد، قال: أنشدنا الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مائة، أخبرتنا فاطمة بنت علي الوقاياتي أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري، حدثنا أبو حفص بن شاهين، أنشدنا أبو بكر بن أبي داود لنفسه:

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد بمصر، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور البزاز، حدثنا عيسى بن علي، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث إملاء، سنة أربع عشرة وثلاث مائة، حدثنا محمد بن سليمان لوين، حدثنا سليمان بن بلال، عن أبي وجزة، عن عمر بن أبي سلمة، قال:
قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا بني! ادن وكل بيمينك، وكل مما يليك، واذكر اسم الله عز وجل).
أخرجه أبو داود ، عن لوين، فوافقناه بعلو.
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد ، وأحمد بن محمد الحافظ، وسنقر الثغري ، وأحمد بن مكتوم، وعبد المنعم ابن عساكر ، وعلي بن محمد الفقيه ، وطائفة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضورا، (ح).
وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر العلوي، أخبرنا ابن البناء، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عمر بن خلف، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا عبد الله بن سعيد، حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز، عن أبيه، عن جده، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما في الجنة من شجرة إلا وساقها من ذهب).
أخرجه الترمذي عن عبد الله، وهو أبو سعيد الأشج، فوافقناه بعلو.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 10- ص: 343

عبد الله بن سليمان بن الأشعث وسليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني وعبد الله يكنى أبا بكر سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول: سمعت أحمد بن محمد بن عمرو بن
عيسى كركر يقول: سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول ابني عبد الله هذا كذاب.
وكان ابن صاعد يقول كفانا ما قال أبوه فيه.
سمعت موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب يقول، حدثني أبو بكر، قال: سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول أبو بكر بن أبي داود كذاب سمعت عبد الله بن محمد البغوي يقول وقد كتب إليه بن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده بين له من لفظ غيره فيه والحديث الذي سأله جده عن محمد بن قيس أبو سعد الصاغاني، عن أبي جعفر الرازي عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب جاء المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انسب لنا ربك فأنزل الله عز وجل {قل هو الله أحد} فقال البغوي لما قرأ رقعته أنت والله عندي منسلخ من العلم.
سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول ومن البلاء أن عبد الله يطلب القضاء.
سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول: سألت بن أبي داود بالري عن حديث الطير فقال إن صح حديث الطير فنبوة النبي باطل لأنه حكى عن حاجب النبي صلى الله عليه وسلم خيانة وحاجب النبي صلى الله عليه وسلم: لا يكون خائنا.
سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل يقول أشهد على
محمد بن يحيى بن منده بين يدي الله أنه قال لي أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال لي روى الزهري عن عروة قال كانت قد حفيت أظافير علي من كثرة ما كان يتسلق على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبو بكر بن أبي داود لولا شرطنا أول الكتاب أن كل من تكلم عنه متكلم ذكرته في كتابي هذا، وابن أبي داود قد تكلم فيه أبوه وإبراهيم الأصبهاني ونسب في الابتداء إلى شيء من النصب ونفاه بن فرات من بغداد إلى واسط ورده علي بن عيسى وحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخا فيهم، وهو معروف بالطلب وعامة ما كتب مع أبيه أبي داود ودخل مصر والشام والعراق وخراسان، وهو مقبول عند أصحاب الحديث وأما كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبين له منه.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 5( 1997) , ج: 5- ص: 435

عبد الله بن سليمان بن الأشعث. ابن إسحاق بن بشير بن عمرو بن عمران الأزدي السجستاني أبو بكر بن أبي داود.
ولد بإقليم سجستان سنة ثلاثين ومائتين، وسمع سنة أربعين باعتناء أبيه ولذكائه، بخراسان، والجبال، وأصبهان، وفارس، والبصرة، وبغداد، والكوفة، ومكة، والشام، ومصر، والجزيرة، والثغور من علي بن خشرم المروزي، وأبي داود سليمان بن معبد، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن يحيى
الذهلي، وأحمد بن الأزهر النيسابوري، وإسحاق بن منصور الكوسج، ومحمد ابن بشار بندار، ومحمد بن المثنى، وعمرو بن علي، ونصر بن علي، وإسحاق ابن إبراهيم النهشلي، وزياد بن أيوب، ويعقوب الدورقي، ويوسف بن موسى القطان، وأحمد بن صالح، وأبي طاهر بن السرح، ومحمد بن سلمة المرادي، وخلق كثير.
وروى عنه أبو بكر بن مجاهد المقرئ، وعبد الباقي بن قانع، ودعلج بن أحمد، وابن المظفر، والدارقطني، وأبو عمر بن حيويه، وأبو أحمد الحاكم، وأبو حفص بن شاهين، وأبو القاسم بن حبابة، وعيسى بن الوزير، وأبو طاهر المخلص، ومحمد بن عمر بن زنبور، وأبو مسلم الكاتب، وجماعة كثيرة جدا، وبرع وساد الأقران.
قال الخطيب: رحل به أبوه من سجستان، فطوف به شرقا وغربا، يسمع ويكتب، واستوطن بغداد.
وصنف «المسند» و «السنن» و «التفسير» و «القراءات» و «الناسخ والمنسوخ» و «المصاحف» و «المصابيح» في الحديث، و «نظم القرآن» و «فضائل القرآن» و «شريعة التفسير» و «شريعة القارئ» و «البعث والنشور» وغير ذلك، وكان فقيها عالما حافظا.
قال عبد الله بن أبي داود: دخلت الكوفة ومعي درهم، فاشتريت به مدا باقلاء فكنت آكل منه وأكتب عن الأشج، فما فرغ الباقلاء حتى كتبت عنه ثلاثة آلاف حديث، ما بين مقطوع، ومرسل.
وقال أبو بكر بن شاذان: قدم ابن أبي داود أصبهان أو قال سجستان، فسألوه أن يحدثهم، فقال: ما معي أصل، فقالوا: ابن أبي داود وأصل؟ قال: فأثاروني فأمليت عليهم من حفظي ثلاثين ألف حديث، فلما قدمت بغداد، قال البغداديون: مضى إلى سجستان، ولعب بهم، ثم فيجوا فيجا، اكتروه بستة دنانير إلى سجستان، ليكتب لهم النسخة، فكتبت وجيء بها، وعرضت على الحفاظ، فخطئوني في ستة أحاديث، ثلاثة منها حدثت بها كما لو كنت حدثت، وثلاثة أخطأت فيها.
وقال أبو بكر الخلال: كان ابن أبي داود أحفظ من أبيه.
وقال صالح بن أحمد الهمذاني: كان ابن أبي داود إمام أهل العراق، ونصب له السلطان المنبر، وكان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، فلم يبلغوا في الآلة والاتقان ما بلغ هو.
وقال ابن شاهين: أملى علينا ابن أبي داود، وما رأيت بيده كتابا، إنما كان يملي حفظا، وكان يقعد على المنبر بعد ما عمي ويقعد دونه بدرجة، ابنه بيده كتاب فيقول له: حديث كذا، فيسرده من حفظه، حتى يأتي على المجلس، قرأ علينا يوما حديث القنوت من حفظه فقام أبو تمام الزينبي وقال:
لله درك، ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي، فقال: كل ما كان يحفظ إبراهيم الحربي فأنا أحفظه، وأنا أعرف النجوم وما كان يعرفها، وكان يتقلد لأحمد بأخرة.
وقال محمد بن عبيد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهدا ناسكا، صلى عليه يوم مات نحو ثلاثمائة ألف إنسان. ومات في ذي الحجة سنة عشر وثلاثمائة، وله سبع وثمانون سنة، وصلي عليه ثمانين مرة، رحمه الله وإيانا.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 236

عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني، أبو بكر الحافظ الثقة، صاحب التصانيف. وثقه الدارقطني، فقال: ثقة، إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث.
وذكره ابن عدي، وقال: لولا ما شرطنا
[وإلا] لما ذكرته، إلى أن قال: وهو معروف بالطلب، وعامة ما كتب مع أبيه، وهو مقبول عند أصحاب الحديث.
وأما كلام أبيه فيه فما أدرى إيش تبين له منه /.
[55 / 3] حدثنا علي بن عبد الله الداهرى، سمعت أحمد بن محمد بن عمرو كركرة، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب.
قال ابن صاعد: كفانا ما قال أبوه فيه.
ثم قال ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم بن الاشيب يقول: حدثني أبو بكر، سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر ابن أبي داود كذاب.
وسمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر بن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده، فلما قرأ رقعته قال: أنت والله عندي منسلخا من العلم.
وسمعت عبدان، سمعت أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبد الله يطلب القضاء.
وسمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهد على محمد ابن يحيى بن مندة بين يدى الله أنه قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدى الله أن قال: روى الزهري عن عروة، قال: حفيت أظافير فلان من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: هذا لم يسنده أبو بكر إلى الزهري، فهو منقطع، ثم لا يسمع قول الاعداء بعضهم في بعض.
ولقد كاد أن تضرب عنق عبد الله لكونه حكى هذا، فشد منه
محمد بن عبد الله بن حفص الهمداني، وخلصه من أمير أصفهان أبي ليلى، وكان انتدب له بعض العلوية خصما، ونسب إلى عبد الله المقالة، وأقام الشهادة عليه ابن مندة
المذكور، ومحمد بن العباس الاخرم، وأحمد بن علي بن الجارود، فأمر أبو ليلى بقتله، فأتى الهمداني وجرح الشهود، فنسب ابن مندة إلى العقوق، ونسب أحمد إلى أنه يأكل الربا، وتكلم في الآخر، وكان ذا جلالة عظيمة، ثم قام وأخذ بيد عبد الله، وخرج به من فك الاسد، فكان يدعو له طول حياته، ويدعو على الشهود.
حكاها أبو نعيم الحافظ، وقال: فاستجيب له فيهم، منهم من احترق، ومنهم من خلط وفقد عقله.
قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعت ابن أبي داود يقول: كل الناس في حل إلا من رماني ببغض علي رضي الله عنه.
قال ابن عدي: كان في الابتداء نسب إلى شئ من النصب، فنفاه ابن الفرات من بغداد، فرده علي بن عيسى، فحدث وأظهر فضائل علي من تخييل فصار شيخا فيهم.
قلت: كان قوى النفس، وقع بينه وبين ابن صاعد وبين ابن جرير، نسأله الله العافية.
قال ابن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح بين أبي بكر بن أبي داود وابن صاعد فجمعهما، وحضر القاضي أبو عمر، فقال الوزير لأبي بكر: أبو محمد بن صاعد أكبر منك، فلو قمت إليه.
فقال: لا أفعل.
فقال له: أنت شيخ زيف.
قال أبو بكر: الشيخ الزيف الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال الوزير: من الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو بكر: هذا.
ثم قال: إنى أذل لاجل رزق يصل إلى على يدك، والله لا أخذت من يدك شيئا أبدا، وعلى مائة بدنة إن أخذت منك شيئا، فكان المقتدر بعد يزن رزقه بيده، ويبعثه على يد خادم.
وقال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند محمد بن جرير، فقال رجل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي رضي الله عنه، فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس.
قلت: وقد قام ابن أبي داود وأصحابه، وكانوا خلقا كثيرا على ابن جرير، ونسبوه إلى بدعة اللفظ، فصنف الرجل معتقدا حسنا سمعناه، تنصل فيه مما قيل عنه، وتألم لذلك.
وقد كان أبو بكر من كبار الحفاظ وأئمة الاعلام، حتى قال الخطيب: سمعت الحافظ أبا محمد الخلال يقول: كان أبو بكر أحفظ من أبيه
[أبي داود].
وروى ابن شاهين، عن أبي بكر أنه كتب في شهر عن أبي سعيد الاشج ثلاثين ألفا.
وقال أبو بكر النقاش - والعهدة عليه: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: إن تفسيره فيه مائة ألف وعشرون ألف حديث.
قلت: ولد سنة ثلاثين ومائتين، ورحل به أبوه، فلقى الكبار، وسمع عيسى ابن حماد صاحب الليث بن سعد وطبقته، وانفرد عن طائفة.
قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم / بن شاذان: ذهب أبو بكر إل سجستان،
[195] فاجتمعوا عليه، وسألوه أن يحدثهم، فقال: ليس معي كتاب.
فقالوا: ابن أبي داود وكتاب؟ قال: فأثاروني فأمليت
[عليهم من حفظى] ثلاثين ألف حديث، فلما قدمت قال البغداديون: لعب بأهل سجستان ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير ليكتب لهم النسخة: فكتبت وجئ بها فعرضت على الحفاظ /
[56 / 3] فخطئوني في ستة أحاديث، منها ثلاثة رويتها كما سمعت.
وقال الحفاظ أبو علي النيسابوري: سمعت ابن أبي داود يقول: حدثت بأصبهان
من حفظى بستة وثلاثين ألف حديث، ألزموني الوهم في سبعة أحاديث، فلما رجعت وجدت في كتابي خمسة منها على ما حدثتهم.
وقال صالح بن أحمد الحافظ: أبو بكر بن أبي داود إمام العراق، كان في وقته ببغداد مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والاتقان ما بلغ.
وقال ابن شاهين: أملى علينا أبو بكر سنين، وما رأيت بيده كتابا، وبعد ما عمى كان ابنه أبو معمر يقعد تحته بدرجة، وبيده كتاب، فيقول له حديث كذا، فيقول من حفظه حتى يأتي على المجلس، ولقد قام أبو تمام الزينبي فقال: لله درك! ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربى.
فقال أبو بكر: كل ما كان يحفظ إبراهيم فأنا أحفظه، وأنا أعرف الطب والنجوم، وما كان يعرف.
رواها أبو ذر، عن ابن شاهين، أخبرنا أبو المعالى القرافى، أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا محمد بن محمد الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمر الوراق من أصله، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا عيسى بن حماد، حدثنا الليث، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة.
أخرجه مسلم والنسائي، عن قتيبة، عن الليث.
مات أبو بكر في آخر سنة ست عشرة وثلاثمائة، وصلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف نفس، وصلوا عليه ثمانين مرة، وخلف ثمانية أولاد، وما ذكرته إلا لانزهه.

  • دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 2- ص: 433

عبد الله بن سليمان بن الأشعث، أبو بكر، الإمام الحافظ ببغداد في وقته.
قال الخليلي: عالم، إمام، متفق عليه، إمام ابن إمام، له كتاب «المصابيح»، شارك أباه بمصر والشام في شيوخه، سمع: عيسى بن حماد، وأحمد بن صالح المصري الحافظ، وأيوب العسقلاني، والأئمة بمصر، والشام، وأصبهان، وسجستان، وشيراز، وخراسان، مات سنة ست عشرة وثلاثمائة، أدركت من أصحابه جماعةً، واحتج به من صنف الصحيح: أبو علي النيسابوري، وابن حمزة الأصبهاني، وكان يقال أئمة ثلاثة في زمان واحد: ابن أبي داود ببغداد، وابن خزيمة بنيسابور، وابن أبي حاتم بالري.
قلت: ورابعهم ببغداد أبو محمد يحيى بن محمد صاعد، انتهى.
وقال مسلمة بن قاسم: ثقة مأمون إمام في الحديث.
وقال الدارقطني: ثقة إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث.
وقال ابن عدي: لولا ما شرطناه وإلا لما ذكرته إلى أن قال: وهو معروف بالطلب وعامة ما كتب مع أبيه، وهو معدل عند أصحاب الحديث، وأما كلام أبيه فما أدري أيش تبين له منه، ثم روى عن أبيه أنه قال: ابني عبد الله كذاب،
وروى عن إبراهيم الأصبهاني أنه قال: كذاب، وعن البغوي: ينسلخ من العلم، قال: ولا يسمع من الأعداء قول بعضهم في بعض.
وقال الخلال: هو أحفظ من أبيه، ولد سنة ثلاثين ومائتين، ومات سنة ست عشرة وثلاثمائة، وصلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف نفس، وصلوا عليه ثمانين مرة.

  • مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 6- ص: 1

ابن أبي داود الحافظ العلامة قدوة المحدثين أبو بكر عبد الله ابن الحافظ الكبير سليمان بن الأشعث السجستاني
صاحب التصانيف
رحل وسمع وبرع وساد الأقران
حدث عنه الدارقطني وأبو أحمد الحاكم
ولد سنة ثلاثين ومائتين وعنه قال قدمت الكوفة ومعي درهم واحد فاشتريت به ثلاثين مدا باقلاء فكنت آكل منه وأكتب عن الأشج فما فرغت الباقلاء حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث
وقدم أصبهان فسألوه أن يحدثهم فقال ما معي أصل فقالوا ابن أبي داود وأصل فأملى عليهم من حفظه ثلاثين ألف حديث فلما مضى إلى بغداد قال البغداديون مضى إلى أصبهان ولعب بهم فأرسلوا رسولا اكتروه بستة دنانير ليكتب لهم النسخة فكتبت وجيء بها وعرضت على الحفاظ فلم يخطئوه إلا في ستة أحاديث فوجد منها ثلاثة خطأ وثلاثة في أصوله كما حدث
قال ابن شاهين وكان يملي من حفظه ولقد قرأ علينا يومًا حديث الفتون من حفظه فقال له أبو تمام الزينبي ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي فقال كل ما كان الحربي يحفظه فأنا أحفظه
وقال الخلال كان إمام أهل العراق وكان في وقته مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ
وقال الخطيب طوف شرقاً وغرباً واستوطن بغداد
وصنف المسند والسنن والتفسير والقراءات والناسخ والمنسوخ وغير ذلك
وكأن فقيها عالما حافظًا وكان قوي النفس لا يذل نفسه أراد علي بن عيسى الوزير أن يصلح بينه وبين ابن صاعد فجمعهما فقال له يا أبا بكر أبو محمد أكبر منك فلو قمت إليه قال لا أفعل فقال الوزير أنت شيخ زيف قال الشيخ الزيف الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الوزير من الكذاب قال هذا ثم قام وقال تتوهم أبي أذل لك لأجل رزقي وأنه يصل على يدك والله لا أخذت من يدك شيئا فكان المقتدر يزن رزقه بيده ويبعث به في طبق على يد الخادم
وعنه قال قلت لأبي زرعة ألق علي حديثا غريبا من حديث مالك فألقى علي حديث وهب بن كيسان عن أسماء لا تحصى فيحصى عليك رواه لي عن عبد الرحمن بن شيبة وهو ضعيف فقلت له تحب أن تكتبه عني عن أحمد بن صالح عن عبد الله بن نافع عن مالك فغضب وشكاني إلى أبي وقال انظر ما يقول لي أبو بكر
وكان أحمد بن صالح يمنع المرد من مجلسة فأحب أبو داود أن يسمع ابنه منه فسد لحية على وجهه وسمع فعرف فقال مثلي يعمل معه هذا فقال أبو داود لا تنكر علي واجمع ابني مع الكبار فإن لم يقاومهم بالمعرفة فأحرمه السماع
وذكره ابن عدي فقال تكلم فيه أبوه وابن صاعد فأما أبوه فقال من البلاء أن عبد الله يطلب للقضاء قلت هذا ليس بكلام بل تواضع وإن صح عنه فيه كلام فذاك وهو شاب ثم كبر وساد وأما ابن صاعد فإنه عدوه فلا يعتد بكلامه فيه كما لا يعتد بكلام ابن أبي داود في ابن صاعد
مات في ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 324

ابن أبي داود
الإمام الحافظ العلامة، أبو بكر، عبد الله ابن الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب التصانيف.
ولد بإقليم سجستان.
وسمع عيسى بن حماد، وأحمد بن صالح، وابن السرح، وعلي بن خشرم، وأبا سعيد الأشج، وخلقاً كثيراً.
حدث عنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم، وابن شاهين، وابن حبابة، ودعلج بن أحمد، وأبو بكر الشافعي، وأبو طاهر المخلص، وأبو مسلم الكاتب، وخلق.
وكان أول سماعه سنة أربعين باعتناء أبيه. وكان يقول: رأيت جنازة إسحاق بن راهويه، ودخلت الكوفة ومعي درهمٌ واحد، فاشتريت به ثلاثين مداً باقلاء، فكنت آكل منه [كل يوم] مداً وأكتب عن أبي سعيد الأشج ألف حديث، فلما كان الشهر حصل معي ثلاثون ألف حديث.
قال بعضهم: يعني من بين مقطوع ومرسل وموقوف.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب: رحل به أبوه من سجستان، فطوف به شرقاً وغرباً، وسمعه من علماء ذلك الوقت، فسمع بخراسان، والجبال، وأصبهان، وفارس، والبصرة، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والشام، ومصر، والجزيرة، والثغور، واستوطن بغداد، وصنف ’’المسند’’، و ’’السنن’’، و ’’الناسخ والمنسوخ’’، وغير ذلك. وكان فهماً، عالماً، حافظاً. سمعت الحسن بن محمد الخلال يقول: كان أبو بكر بن أبي داود أحفظ من أبيه.
وقال صالح بن أحمد الحافظ: أبو بكر عبد الله بن سليمان إمام العراق، وعلم العلم في الأمصار، ومن نصب له السلطان المنبر، فحدث عليه، لفضله ومعرفته، وحدث قديماً قبل التسعين ومئتين. قدم همذان سنة نيف وثمانين ومئتين، وكتب عنه عامة مشايخ بلدنا ذلك الوقت لجلالته وفهمه، وقد كان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو.
وقال أبو علي الحافظ النيسابوري: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: حدثت بأصبهان من حفظي بستةٍ وثلاثين ألف حديث، ألزموني الوهم منها في سبعة أحاديث، فلما انصرفت إلى العراق وجدت في كتابي خمسةً منها على ما كنت حدثتهم به.
وقال ابن شاهين: أملى علينا أبو بكر سنين وما رأيت بيده كتاباً، وبعدما عمي كان ابنه أبو معمر يقعد تحته بدرجةٍ وبيده كتاب، فيقول له: حديث كذا، فيقول من حفظه حتى يأتي على المجلس. ولقد قام أبو تمام الزينبي فقال: لله درك! ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي، فقال أبو بكر: كل ما كان يحفظ إبراهيم فأنا أحفظه، وأنا أعرف الطب والنجوم، وما كان يعرف ذلك.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن أبي بكر بن أبي داود، فقال: ثقةٌ، إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث.
وقال محمد بن عبيد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهداً ناسكاً.
قلت: كان مولده سنة ثلاثين ومئتين، ومات في ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاث مئة، وصلى عليه أكثر من ثلاث مئة ألف إنسان، وصلوا عليه ثمانين مرة. وخلف ثمانية أولاد: خمس بنات، وثلاثة بنين: عبد الأعلى، ومحمد، وأبو معمر عبيد الله.
ومات في السنة التي توفي فيها ابن أبي داود: شيخ مصر أبو الحسن بنان بن محمد الحمال الزاهد، وأبو بكر محمد بن خريم العقيلي الدمشقي، وشيخ النحو أبو بكر محمد بن السري بن السراج صاحب المبرد، وأبو عبد الله أحمد بن هشام بن عمار الدمشقي.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1

عبد اللَّه ابن الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني
الحافظ ابن الحافظ، ولد سنة ثلاثين ومائتين، ومات سنة ست عشرة وثلثمائة، وصُلى عليه ثمانون مرة، روى عنه الدارقطني وغيره، صاحب كتاب ’’المصاحف’’ وحدَّث بأصبهان من حفظه ثلاثين ألف حديث، ذكره العبادي وقال: قال الربيع قال الشافعي: ما أريد أحد بالكلام فأفلح.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1