ابن الخشاب عبد الله بن احمد، ابن الخشاب، ابو محمد: اعلم معاصريه بالعربية. من أهل بغداد مولدا ووفاة. كان عارفا بعلوم الدين، مطلعا على شئ من الفلسفة والحساب والهندسة، مستهترا في حياته، متبذلا في عيشه وملبسه، كثير المزاح، يلعب بالشطرنج مع العوام على قارعة الطريق، ويتعمم بالعمامة حتى تسود وتتقطع. وقف كتبه على أهل العلم قبيل وفاته. من تصانيفه (شرح مقدمة الوزير ابن هبيرة) في النحو، اربع مجلدات، و (المرتجل في شرح الجمل للزجاجي - خ) و (الرد على التبريزي في تهذيب الاصلاح) و (نقد المقامات الحريرية - ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 67
ابن الخشاب الكاتب أورد له ابن شهراشوب في المناقب هذا البيت:
حب علي بن أبي طالب | وسيلتي تسعف بالمغفرة |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 278
ابن الخشاب النحوي اسمه عبد الله بن أحمد بن أحمد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
ابن الخشاب النحوي عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن الخشاب، أبو محمد ابن أبي الكرم النحوي. كان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال إنه كان في درجة أبي علي الفارسي. وكانت له معرفة بالحديث واللغة والفلسفة والحساب والهندسة، وما من علم من العلوم إلا وكانت له فيه يد حسنة. قرأ الأدب على أبي منصور ابن الجواليقي وغيره، والحساب والهندسة على أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، والفرائض على أبي بكر المزرفي. وسمع الحديث من أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبي الغنائم محمد بن علي ميمون النرسي. وقرأ بنفسه الكثير على هبة الله ابن محمد بن الحصين، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما. ولم يزل يقرأ حتى قرأ على أقرانه، وقرأ العالي والنازل وكتب بخطه من الأدب والحديث وسائر الفنون، وكان يكتب مليحا ويضبط صحيحا، وحصل من الأصول، وغيرها ما لا يدخل تحت حصر، ومن خطوط الفضلاء وأجزاء الحديث شيئا كثيرا، ولم يمت أحد من أهل العلم إلا واشترى كتبه. وقرأ عليه الناس الأدب، وانتفعوا به، وتخرج به جماعة، وروى كثيرا من الحديث، وسمع منه الكبار. روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وأبو أحمد ابن سكينة، وابن الأخضر وغيرهم، وكان بخيلا مقنطا على نفسه، مبتذلا في ملبسه ومطعمه ومعيشته، متهتكا في حركاته، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم والمشيخة، يلعب الشطرنج على قارعة الطريق ويقف على حلق المشعبذين والذين يرقصون الدباب والقرود من غير مبالاة. قال ابن الأخضر: كنت يوما عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي الغراد: عندك ’’كتاب الجمال’’؟ فقال: يا أبله ما تراهم حولي!؟ وسأله بعض تلامذته فقال: القفا يمد ويقصر؟ فقال له: يمد ثم يقصر! وسأل بعض تلامذته: ما بك؟ فقال: فؤادي يؤجعني، فقال: لو لم تهمزه لم يوجعك! وقرأ عليه بعض المعلمين قول العجاج:
أطربا وأنت قنسري | وإنما يأتي الصبى الصبي |
صفراء لا من سقم مسها | كيف وكانت أمها الشافيه |
عريانة باطنها مكتس | فاعجب لها كاسية عارية |
والسعيد الرشيد من شكر النا | س له سعيد بمال الناس |
والشقي الشقي من ذمة النا | س على بخله بمال الناس |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0
عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوي: أوحد زمانه، وفريد أوانه. مولده ومنشأه بغداد: مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. مات سنة سبع وستين وخمسمائة، ودفن بباب حرب، خلف قبر بشر الحافي. وذكر جماعة من أهل الحديث منهم الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النجار أنهم قرأوا عليه جزءا من أمالي أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزار، وقد سمع على أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وقد سمعه في سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وقد سمي فيه بأبي محمد بن أبي الكرم الكريدي الخشاب.
أما علمه فكان غاية في الذكاء والفهم، آية في علم العربية خاصة، وفي سائر العلوم عامة. ورأيت قوما من نحاة بغداد يفضلونه على أبي علي الفارسي- زعموا أنه كان يعرف جميع ما عرفه أبو علي الفارسي، وزاد عليه في علم الأدب وغيره، لتفننه في جميع العلوم. وقد سمع حديث النبي، صلى الله عليه وسلم وأكثر، وتفقهه وعرف صحيحه من سقيمه، وبحث عن أحكامه، وتبحر في علومه. ورأيت بخطه كثيرا من كتب الحكمة. وكان حسن السيرة، سالكا طريق الأوائل في هديه وسمته، لا يتكلف في شيء من أمر ملبوسه وهيئته. وإذا سمعت كلامه ظننته عاميا لا يفقه شيئا. فمما يحكى عنه أنه كان له تلميذ يعرف بابن الزاهد، أرسله يوما إلى السوق ليشتري له نور كوش (؟) فقال له ابن الزاهد: تعرفه يا سيدي؟ فقال له: إلا بعرفه؟ أراد لفظة العامة، وترك التفاصح. وكان مع ما شاع من فضله مشتهرا بلعب الشطرنج، وكان رؤساء زمانه ووزراء وقته يودون مجالسته، ويتمنون محاضرته، فيتركهم ويمضي إلى حريف له زنجي قبيح الصورة سمج الألفاظ، يعرف بشبيل، فيجلس معه على قارعة الطريق في بعض الدكاكين، ويلاعبه ويسافهه، ويهزأ به، أو يمضي إلى الرحبة، أو إلى شاطئ دجلة فيقف على حلق أرباب الحكايات والشعبذة وما ناسبهم فكان إذا لاموه على ذلك يقول: إنه يندر منهم نوادر لا يكون أحسن منها ولا ألطف، في صحة قرائحهم وتصديهم لما هم بصدده، وتراح النفس لذلك. وكان مع ذلك لا يخلو كمه قط من الكتب وأنواع العلوم، وكان بينما هو يمشي في الطريق يخطر له قراءة شيء، فيجلس كيف اتفق، ويخرج الدفاتر، فيطلع فيها، وكان معدودا في القذري الملبس والزي. وسمعت عنه ممن لا أحصي أنه كان يعتم العمة فتبقى أشهرا معتمة حتى تتسخ أطرافها من عرقه فتسود. وكان إذا رفعها عن رأسه ثم أراد لبسها تركها على رأسه كيف اتفق، فتارة تجيء عذبتها من تلقاء وجهه، وتارة عن يمينه، وتارة عن شماله فلا يغيرها، فإذا قيل له في ذلك، فيقول: ما استوت العمة على رأس عاقل. هذه كانت حجته. وكان يعجب بمناداة عامة بغداد على معايشهم، وتفننهم فيها، وإتيانهم بالمعاني الغريبة. وكان يقول: كم خلف هذه الطرازدانات من الخواطر المظلومة لو اشتغلت بالعلوم برزت على العلماء. وكان الوزير عون الدين بن هبيرة وزعيم الدين ابن جعفر، صاحب المخزن يعاتبانه على تبذله، ويلومانه على ما قدمنا ذكره، فلا يلتفت إلى لومهما، ولا يترك سجيته.
ومن نوادره أن بعض من كان يحضر مجلسه قال له يوما: القفا يقصر أو يمد؟
فقال: يمد ويقصر. ومنها أنه لما صنف الكمال عبد الرحمن بن الأنباري كتاب «الميزان» في النحو، وعرض على ابن الخشاب، قال: احملوا هذا الميزان إلى المحتسب، ففيه عيب.
وكان بينه وبين ابن الشجري العلوي النحوي مفاوضة، وصنف في الرد عليه كتبا. وكان يشنأ أصحابه، ويقع فيهم، وكان من أصحاب ابن الشجري محمد بن علي العتابي النحوي، فاتفق أن أهدى ملك كيس إلى بغداد هدايا في جملتها حمار عتابي، فجعل من حضر مجلسه يتفاوضون في أمره ويعجبون من حسنه، فقال يا قوم: لا تعجبوا من الحمار العتابي فهوذا عندنا عتابي حمار فلا تعجبون منه.
ومنها أنه كان يوما في داره في وقت القيلولة، والحر شديد وقد نام، إذ طرق الباب عليه طرقا مزعجا فانتبه وخرج مبادرا، وإذا رجلان من العامة، فقال: ما خطبكما؟ فقالا: نحن شاعران، وقد قال كل واحد منا قصيدة، وزعم أنها أجود من قصيدة صاحبه، وقد رضينا بحكمك. فقال: ليبدأ أحدكما. قال: فأنشد أحدهما قصيدته، وهو مصغ إليه، إلى أن فرغ منها، وهم الآخر بالإنشاد، فقال له ابن الخشاب: على رسلك، شعرك أجود، فقال: كيف خبرت شعري ولم تسمعه؟
فقال: لأنه لا يمكن أن يكون شيء أنحس من شعر هذا.
وجدت على ظهر كتاب بخط ابن الخشاب: أنشدني ابن الخازن الكاتب لابن الحجاج:
والسعيد الرشيد من شكر النا | س له سعيه بمال الناس |
والشقي الشقي من ذمه الناس | على بخله بمال الناس |
ما بال عينك يجري دمعها دررا | لما علا الرأس شيب لاح كالقطن |
تبكي وقد سلبتك الغانيات به | عيشا رغيدا فأضحى القلب في رهن |
تبكي الشباب وقد أخلقت جدته | ويهلك الدهر منك العظم بالوهن |
كم قد تجرعت من شرخ الصبا قدحا | من خمر عانة ينفي طارق الوسن |
فالآن قد قرعتك الحادثات وقد | جربت فيها أعاجيبا من الزمن |
جربت فيما خلا ما حنكتك به | يد التجارب حتى العمر منك فني |
فأصبح الشيب فاش في العذار وهل | من بعد ذلك من أمر لذي فطن |
سارت بقلبك أظعان هوادجها | فيها حرائر لم تبذل ولم تهن |
نواهد قاصرات الطرف إن طرقت | وهنا عليك أزالت لذة الوسن |
ورب جارية فيها إذا انتسبت | تعزى إلى خير بطن من بني الحسن |
تسقيك من يدها في القحف صافية | حمراء تنسيك طعم الخمر واللبن |
قست عليك فأضحى قلبها حجرا | فاخضع لتحرز حسن الوصل فامتتن |
تشتم من ثغرها مسكا إذا فتقت | نوافج المسك شابته ولم تزن |
دع ذا وكن بالذي أوصيك محتفظا | إن كنت حرا فخذ وصلا بلا ثمن |
اصبر لطارق أيام نوازلها | تزعزع الطود من ثهلان أو حضن |
وإن جرى قدر فيها بنازلة | ساءت فعن قدر يأتيك بالحسن |
لا تلو رأسك للأضياف إن طرقوا | واخفض جناحك من ذل لهم ولن |
واذكر إذا قمت يوم العرض منتفضا | من التراب بلا قطن ولا كفن |
وجيء بالنار قد مدوا السراط على | حافاتها تتلظى فعل مضطغن |
وتنشر الصحف فيها كل محتقب | من المخازي وما قدمت من حسن |
قد كنت تنسى وتلك الصحف محصية | ما كنت تأتي ولم تظلم ولم تخن |
احرز لسانك في استجلاب فائدة | فالصامت البر خير من ذوي اللسن |
هناك إن كنت قد قدمت مدخرا | تسقى من الحوض ماء غير ذي أسن |
عند الجزاء تعض الكف من ندم | على تخطيك في سر وفي علن |
بالبذل تعرف فابذل ما حويت تحز | ذكرا جميلا فثق بالله واستعن |
واستصف عمرك واحذر أن تكدره | تسلم بذلك من غبن ومن غبن |
وإن أتى باسطا كفيه مختبطا | لما وراءك من مال ومختزن |
فجد فبالجود تعطى الحق في غرف | فيها مقاعد صدق عند ذي المنن |
لا تركنن إلى الدنيا ففي جدث | يكون دفنك بين الطين واللبن |
واستغن بالكف كالماضي وكن رجلا | مبرءا من دواعي الغي والفتن |
ودع مذاهب قوم أحدثت إثما | فيها خلاف على الآثار والسنن |
كل من جرابك واقنع بالذي قسم | القسام فالله ذو فضل وذو منن |
لا تحسدن فما للحاسدين سوى | عض الأنامل من غيظ ومن إحن |
لئن قعدت بي عن تلقيك علة | غدوت بها حلسا لربعي من شهر |
رمتني في رجلي بقيد تقاصرت | خطاي له والقيد ما زال ذا قصر |
إذا قلت قد أفرقت منها تجددت | فأودى بها نهضي وهيض لها كسري |
فما قعدت بي عن دعاء أفيضه | ولا قصرت بي عن ثناء وعن شكر |
قدمت علينا مثل ما قدم الحيا | على بلد ميت فقير إلى القطر |
فأصبح مغبر البلاد مؤزرا | به زهر غض كأخلاقك الزهر |
وعدت وبالبيت الحرام صبابة | إليك وبالركن المعظم والحجر |
وللحجر المسود نحوك صبوة | للثمك إياه بأبيض ذي نشر |
وقد صحب الحجاج منك مباركا | غزير الندى طلقا محياه ذا بشر |
أخا كرم إن أخلف الغيث أخلفت | يداه بمنهل من البيض والصفر |
فكلهم مثن عليك وشاكر | لنعماك مغمور بنائلك الغمر |
خصصتك بالمدح الذي أنت أهله | فجاءك من صدر امرئ ناحل الصدر |
وأيسر ما أخفيه ما أنا مظهر | فدع عنك شعري، جل قدرك عن شعري |
فإن تك محرما من ذات عرق | فقد حرمت غمضي بالعراق |
فها فتوى أتتك فقل سريعا | تبرز سابقا يوم السباق |
شمائلك الشمول فكيف تقضي | فروض الحج بالكأس الدهاق |
وأنت الطيب إن صافحت كفا | تحلل محرما بدم مراق |
ولما جاءت البشرى بكتب | فكانت كالقميص على الحداق |
ضممت إلى الفؤاد كتاب فيد | فضاعف برده حر اشتياقي |
وقبلت المداد فخلت أني | أقبل ذا لمى حلو العناق |
فخبر بالسلامة ثم نبئ | فإن الماء ضاق عن الرفاق |
وكيف يضيق ماء عن حجيج | وسحب يديك ماء ذو انبعاق |
سلمت على الأنام ولي خصوص | وحاطك رافع السبع الطباق |
إذا دار السلام نبت بمثلي | فجنبت السلامة والسلاما |
ولا جرت الصبا إلا سموما | بها وهمت سحائبها سماما |
ألا قل لمستنجد بالإله | بعدلك أصبحت مستنجدا |
وما لي ذنب سوى أنني | شأوت بني زمني أمردا |
وإني وإن عدت المشكلات | كنت الهزار وكانوا الصدى |
ورد الورى سلسال جودك فارتوى | ووقفت دون الورد وقفة حائم |
ظمآن أطلب خفة من زحمة | والورد لا يزداد غير تزاحم |
أفديه من متعجب متجنب | قد ضن ضنا بالخيال الطارق |
ما زال يمطلني بوعد كاذب | حتى تكشف عن صدود صادق |
أقطع الليل بلا رقاد | بل بسهاد دائما سهاد |
لذا تراني أرقا أنادي | قد أسر النوم فهل من فادي |
أطربا وأنت قنسري | وإنما يأتي الصبا الصبي |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 4- ص: 1496
ابن الخشاب الشيخ الإمام العلامة المحدث، إمام النحو، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، البغدادي ابن الخشاب، من يضرب به المثل في العربية، حتى قيل: إنه بلغ رتبة أبي علي الفارسي.
ولد سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة.
وسمع من: أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبي النرسي، ويحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وأبي عبد الله البارع، وأبي غالب البناء، وهبة الله بن الحصين، وعدة.
وقرأ كثيرا، وحصل الأصول.
وأخذ الأدب عن أبي علي بن المحول شيخ اللغة، وأبي السعادات بن الشجري، وعلي بن أبي زيد الفصيحي، وأبي منصور موهوب بن الجواليقي، وأبي بكر بن جوامرد النحوي.
وفاق أهل زمانه في علم اللسان، وكتب بخطه المليح المضبوط شيئا كثيرا، وبالغ في السماع حتى قرأ على أقرانه، وحصل من الكتب شيئا لا يوصف، وتخرج به في النحو خلق.
حدث عنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو البقاء العكبري، ومحمد بن عماد، وفخر الدين بن تيمية، ومنصور بن أحمد بن المعوج.
قال السمعاني: هو شاب كامل فاضل، له معرفة تامة بالأدب واللغة والنحو والحديث، يقرأ الحديث قراءة حسنة صحيحة سريعة مفهومة، سمع الكثير، وحصل الأصول من أي وجه، كان يضن بها، سمعت بقراءته كثيرا، وكان يديم القراءة طول النهار من غير فتور، سمعت أبا شجاع البسطامي يقول: قرأ علي بن الخشاب ’’غريب الحديث’’ لأبي محمد القتبي قراءة ما سمعت قبلها مثلها في الصحة والسرعة، وحضر جماعة من الفضلاء، فكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسان، فما قدروا.
وقال ابن النجار: أخذ ابن الخشاب الحساب والهندسة عن أبي بكر قاضي المرستان، وأخذ الفرائض عن أبي بكر المزرفي، وكان ثقة، ولم يكن في دينه بذاك، وقرأت بخط الشيخ الموفق: كان ابن الخشاب إمام أهل عصره في علم العربية، حضرت كثيرا من مجالسه، ولم أتمكن من الإكثار عنه لكثرة الزحام عليه، وكان حسن الكلام في السنة وشرحها.
قال ابن الأخضر: كنت عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي الغراد: هل عندك كتاب ’’الجبال’’؟ فقال: يا أبله! ما تراهم حولي؟.
وقيل: إنه سئل: أيمد القفا أو يقصر ؟ فقال: يمد، ثم يقصر. وكان مزاحا.
وقيل: عرض اثنان عليه شعرا لهما، فسمع للأول، ثم قال: أنت أردأ شعرا منه. قال: كيف تقول هذا ولم تسمع قول الآخر؟! قال: لأن هذا لا يكون أردأ منه.
وقال لرجل: ما بك؟ قال: فؤادي. قال: لو لم تهمزه لم يوجعك.
قال حمزة بن القبيطي: كان ابن الخشاب يتعمم بالعمامة، وتبقى مدة حتى تسود وتتقطع من الوسخ وعليها ذرق العصافير.
وقال ابن الأخضر: ما تزوج ابن الخشاب ولا تسرى، وكان قذرا يستقي بجرة مكسورة، عدناه في مرضه، فوجدناه بأسوء حال، فنقله القاضي أبو القاسم بن الفراء إلى داره، وألبسه ثوبا نظيفا، وأحضر الأشربة والماورد، فأشهدنا بوقف كتبه، فتفرقت، وباع أكثرها أولاد العطار حتى بقي عشرها، فترك برباط المأمونية.
قال ابن النجار: كان بخيلا متبذلا، يلعب بالشطرنج على الطريق، ويقف على المشعوذ، ويمزح، ألف في الرد على الحريري في ’’مقاماته’’، وشرح ’’اللمع’’، وصنف في الرد على أبي زكريا التبريزي.
وقال القفطي: عبارته أجود من قلمه، وكان ضيق العطن، ما كمل تصنيفا.
قال ابن النجار: سمعت المبارك بن المبارك النحوي يقول: كان ابن الخشاب إذا نودي على كتاب، أخذه وطالعه، وغل ورقه، ثم يقول: هو مقطوع، فيشتريه برخص.
قلت: لعله تاب، فقد قال عبد الله بن أبي الفرج الجبائي، رأيت ابن الخشاب وعليه ثياب بيض، وعلى وجهه نور، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، ودخلت الجنة، إلا أن الله أعرض عني وعن كثير من العلماء ممن لا يعمل.
مات في ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمس مائة.
أخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبو محمد بن الخشاب... فذكر حديثا.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 230
عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد، أبو محمد بن الخشاب، النحوي.
سمع: أبا القاسم بن الربعي، وأبا الغنائم بن النرسي، وقرأ على ابن البنا، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأبي بكر بن عبد الباقي، والطبقة.
وروى عنه: أبو أحمد بن سكينة، وابن الأخضر، وابن السمعاني، وجماعة.
قال ابن النجار: كان ثقة في الحديث والنقل، صدوقاً، نبيلاً، حجة، وكان
أعلم أهل زمانه بالنحو، حتى يقال: إنه كان في درجة أبي علي الفارسي، وكانت له معرفة بالحديث، واللغة، والمنطق، والفلسفة، والحساب، والهندسة، وما من علم من العلوم إلا وله فيه يد حسنةٌ إلا أنه لم يكن في دينه بذاك، وكان بخيلاً، مقنطاً على نفسه، متبذلاً في ملبسه ومطعمه وتعيشه، منهمكاً في حركاته، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم والمشيخة، وكان يلعب بالشطرنج على قارعة الطريق مع العوام، ويقف في الشوارع على حلق المشعبذين، وأصحاب اللهو، واللاعبين بالقرود والدباب من غير مبالاة، ولا محاباة، وكان كثير المزاح واللعب، طيب الأخلاق، وصنف الكثير. توفي سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 5- ص: 1
عبد الله بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر النحوي
البغدادي المعروف بابن الخشاب، كان علامة عصره وفي درجة أبي علي الفارسي
إمام في النحو واللغة والحديث والمنطق والفلسفة والحساب كتب بخطه الكثير وانتفع بعلمه الحم الغفير وروى عنه أبو سعيد بن السمعاني وكان بخيلا شحيحا معترا على نفسه يلعب الشطرنج على قارعة الطريق ويقف على المشعبذين ونحوهم وله مصنفات منها شرح اللمع إلى باب البدل في ثلاثة أسفار كبار، وشرح مقدمة الوزير ابن هبيرة ووصله بألف دينار، وكتاب ’’المرتجل’’ في شرح الجمل، وكتاب ’’الرد على ابن بابشاذ في شرح الجمل للزجاجي’’، و’’الرد على الخطيب التبريزي في تهذيب إصلاح المنطق’’، و’’أغلاط الحريري في المقامات’’.
سأله بعض تلاميذه عن القضاء أيمد أو يقصر؟ فقال: يمد ثم يقصر، وله مداعبات.
توفي سنة 567
جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 28
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 166