عبد الله بن إباض عبد الله بن اباض المقاعسي المري التميمي، من بني مرة بن عبيد بنمقاعس: رأس الاباضية، واليه نسبتهم. اضطرب المؤرخون في سيرته وتاريخ وفاته. وكان معاصرا لمعاوية، وعاش إلى اواخر ايام عبد الملك بن مروان. عده الشماخي في التابعين وقال: (كان على ما حفظت ممن خرج إلى مكة لمنع حرم الله من مسلم (بن عقبة المري) عامل يزيد (ابن معاوية) وكان كثيرا ما يبدي النصائح لعبد الملك بن مروان، وفي حفظي انه يصدر في امره عن رأى جابر بن زيد) انتهى. وعده محمد بن زكريا الباروني في مقدمة ابناء الننصف الثاني من المئة الاولى للهجرة، بعد جابر بن زيد. وقال القلهاتي وهو من مؤرخي الاباضية كالشماخي والباروني: (نشأ في زمان معاوية بن ابي سفيان، وعاش إلى زمان عبد الملك بن مروان، وكتب اليه بالسيرة المشهورة). واراد بالسيرة (رسالة) بعث بها عبد الله بن اباض إلى عبد الملك بن مروان، يقول فيها بعد البسملة والمقدمة: جاءني كتابك مع سنان بن عاصم الخ ويذكر فيها انه ادرك معاوية ورأى عمله وسيرته. ونقل نشوان الحميري عن ابي القاسم البلخي المعتزلي: (حكى اصحابنا - يعني المعتزلة - ان عبد الله لم يمت حتى ترك قوله اجمع، ورجع إلى الاعتزال) وليس في كتب الاباضية مايؤيد هذا. وفي الكامل للمبرد: قول ابن اباض، اقرب الاقاويل إلى السنة وفي هامش على الاغاني لم يذكر مصدره: (خرج ابن اباض في ايام مروان بن محمد). وهذا وهم، فقد مات قبل ايام مروانن بأربعين عاما. وانتشر مذهبه قديما في بربر المغرب. قال ابن الخطيب: (رغب الاباضيون من البربر في موادعة روح بن حاتم إلى ان توفى) وكانت وفاة روح سنة 174هـ. وعرف مذهب ابن اباض، باسمه، قبل هذا التاريخ، قال الذهبي: (ان عكرمة كان يرى رأى الاباضية، وتوفى سنة 105هـ) ولاريب في ان الخطيب البغدادي عنى شخصا آخر في القصة الآتية:(قال المأمون لحاجبه: انظر من في الباب من اصحاب الكلام، فقال: بالباب ابو الهذيل العلاف، وهو معتزلي، وعبد الله بن اباض وهو اباضي). واكثر مترجميه يضبطون (اباض) بكسر الهمزة، ويذكر المقريزي بعد ان عرفه برأس الاباضية وبأنه كان (من غلاة المحكمة) انه (خرج في ايم مروان - كذا) ثم قال:(ويقال: ان نسبة الاباضية إلى اباض - بضم الهمزة - وهي قرية بالعرض من اليمامة نزل بها نجدة ابن عامر). وبقول الزبيدي في كلامه على ابن اباض: (كان مبدأ ظهوره في خلافة مروان الحمار) وهذا وماقبله يعنيان انه ظهر بين سنتي 127و 132هـ ، ايام حكم مروان، وهو لايتفق مع ما قدمناه وثقات اصحابه متفقون على ان وفاته كانت في اواخر ايام عبد الملك بن مروان. وعبارة ابن العماد في حوادث سنة 130هـ ، تشير إلى ان عبد الله كان قبل هذا التاريخ، فهو يقول: (فيها كانت فتنة الاباضية المنسوبين إلى عبد الله بن اباض، وكان داعيتهم في هذه الفتنة عبد الله بن اباض عبد الله بن يحيى الجندي الكندي الحضرمي طالب الحق وكانت لهم وقعة بقديد مع عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان، فقتل عبد العزيز ومن معه من أهل المدينة، فكانوا سبعمائةاكثرهم من قريش) ويزيف دي موتلنسكي (A. De Motylinski) ما اورده الشهرستاني من ان عبد الله بن اباض اشترك في ثورة طالب الحق - المتقدم ذكرها - ويقول: (ان مصادر اخرى اجد بالثقة تذكر وفاة ابن اباض في ايم عبد الملك). واخبار الاباضيين كثيرة في التاريخ القديم والحديث. ولايزال مذهبهم منتشرا، قال بااحث من معاصرينا (لاتزال بقية هؤلاء في بلاد الجزائر، وهم يعيشون على ونتيرة منظمة وتقاليد عريقة، ولاتحكم بينهم محاكم الدولة، واذا ماطل مدين دائنه دخل المسجد واعلن ذلك، وحينئذ يقاطع الناس المدين فلايسلمون عليه ولا يعاملونه حتى يوفى ما عليه) قلت: وهم في المشرق، اليوم، اكثر أهل (المملكة العثمانية) ولهم فيها الامامة والسيادة. اما في الجزائر فبلاد (وادي ميزاب) معظم سكانها اباضية، ولهم في كل بلد منها (مجلس) يسمى (مجلس العزابة) بفتح العين وتشديد الزاي، وهو جمع (عازب) ويعنون به من انقطع للعلم والدين، عزوبا عن الدنيا، ويتألف من نحو عشرة اشخاص يجتمعون في مسجد البلد، ويفصلون بين المتقاضين، ابتعادا عن الرجوع إلى المحاكم غير الاسلامية، وهي هناك فرنسية؛ ومن ابي حكمهم اعلنوا البراءة منه فيقاطع حتى يرد الحق ويتوب.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 61