القشيري عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري القشيري، من بني قشير ابن كعب، ابو القاسم، زين الاسلام: شيخ خراسان في عصره، زهدا وعلما بالدين. كانت اقامته بنيسابور وتوفى فيها. وكان السلطان ألب ارسلان يقدمه ويكرمه. من كتبه (التيسير في التفسير - خ) ويقال له (التفسير الكبير) و (لطائف الاشارات - خ) في التفسير ايضا، و (الرسالة القشيرية - ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 57
أبو القاسم القشيري عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد. الإمام أبو القاسم القشيري، النيسابوري، الزاهد، الصوفي، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة. قال الخطيب: كتبنا عنه وهو ثقة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي. صنف التفسير، وهو من أجود التفاسير، والرسالة المشهورة في رجال الطريقة. وحج مع البيهقي، وأبي محمد الجويني. وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء. وله عدة أولاد أئمة: عبد الله، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم وغيرهم.
توفي أبو القاسم سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربع ماية، ودفن بالمدرسة بباب الطاق بجنب شيخه الأستاذ أبي علي الدقاق. قال ياقوت: ومن عجيب ما وقع أن الفرس الذي كان يركبه كانت رمكة أهديت إليه من قريب عشرين سنة، ما كان يركب غيرها؛ ما ركبها أحد بعده! حكي أنها لم تعتلف بعد وفاته حتى نفقت يوم الجمعة سادس يوم وفاته. أخذ طريق التصوف عن الأستاذ أبي علي الدقاق، وأخذ هو عن أبي القاسم النصراباذي، وأخذ هو عن الشبلي عن الجنيد، عن السري، عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن التابعين. وله كتاب آداب الصوفية؛ وكتاب: بلغة القاصد؛ وكتاب التحبير في علم التذكير.
ومن شعره:
هي النوائب والأحداث والغير | والدهر كالنحل فيه الشهد والإبر |
عدات دهرك بالتأييد كاذبة | ترى السراب شرابا من به وحر |
منتك نفسك أن تبقى إلى أمد | من الخبير بما يأتي به القدر |
الليل حبلى وللميلاد آونة | وما سيولد لا يدري به البشر |
فرب ليل بطيب الأنس مفتضح | بضد أوله يأتي به السحر |
وإذا سقيت من المحبة مصة | ألقيت من فرط الخمار خماري |
كم تبت قصدا ثم لاح عذاره | فخلعت في ذاك العذار عذاري |
قالوا تهن بيوم العيد قلت لهم | لي كل يوم بلقيا سيدي عيد |
الوقت عيد وروح إن شهدتهم | وإن فقدتهم نوح وتعديد |
سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم | وثغر الهوى في روضة اللهو ضاحك |
أقمنا زمانا والعيون قريرة | وأصبحت يوما والجفون سوافك |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0
القشيري عبد الكريم بن هوازن.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد، أبو القاسم القشيري النيسابوري، شيخ خراسان وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة، توفي سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة. مات أبوه وهو طفل فنشأ وقرأ الأدب والعربية، وكان يميل إلى أبناء الدنيا، فدخل على أبي علي الدقاق فأعجبه حاله فصحبه فجذبه من ذلك، أخذ طريق التصوف عن الأستاذ أبي علي وأخذ هو عن أبي القاسم الفيروز بادي، وأخذ هو عن الشبلي، عن الجنيد عن السري عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن التابعين. وتفقه على أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وأخذ علم الكلام عن ابن فورك، وكان يحب الصوفية وأهل الدين والطريقة، عظيما عند أهل نيسابور، يعظ ويتكلم بكلام الصوفية؛ وكان ثقة حسن الوعظ مليح الإشارة.
ودخل بغداد وعقد مجلس التذكير فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: السفر قطعة من العذاب، فقام إليه سائل فقال: لم سماه صلى الله عليه وسلم قطعة من العذاب؟ فأجاب بديها: لأنه
سبب فراق الأحباب، فصاح الناس وماجوا ولم يقدر على إتمام المجلس.
وله من الكتب: كتاب آداب الصوفية. وكتاب بلغة الفاضل. وكتاب التحبير في علم التذكير، وله أيضا الرسالة في رجال الطريقة. والتفسير الكبير المسمى التيسير في علم التفسير. وكتاب لطائف الإشارات. وكتاب الجواهر. وكتاب عيون الأجوبة. وكتاب أحكام السماع، وغير ذلك.
ومن شعره قوله:
يا من تشكى رمدا مسه | لا ترفع الشكوى إلى خالقك |
موجب ما مسك من عارض | أنك لم تنظر إلى وامقك |
الأرض أوسع رقعة | من أن يضيق بك المكان |
وإذا نبا بك منزل | ويظل يلحقك الهوان |
فاجعل سواه معرسا | ومن الزمان لك الأمان |
قالوا بثينة لا تفي بعداتها | روحي فداء عداتها ومطالها |
إن كان نجز عداتها مستأخرا | فلقد تسوفنا بنقد مقالها. |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 4- ص: 1570
القشيري الإمام الزاهد القدوة الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري الخراساني النيسابوري الشافعي الصوفي المفسر صاحب ’’الرسالة’’.
ولد سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.
وتعانى الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك ثم تعلم الكتابة والعربية وجود.
ثم سمع الحديث من: أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف؛ صاحب أبي العباس الثقفي ومن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الاسفراييني وأبي الحسن العلوي وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكي وعبد الله بن يوسف وأبي بكر بن فورك وأبي نعيم أحمد بن محمد وأبي بكر بن عبدوس والسلمي وابن باكويه وعدة.
وتفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وابن فورك. وتقدم في الأصول والفروع، وصحب العارف أبا علي الدقاق، وتزوج بابنته، وجاءه منها أولاد نجباء.
قال القاضي ابن خلكان: كان أبو القاسم علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول
والأدب والشعر والكتابة. صنف التفسير الكبير وهو من أجود التفاسير وصنف الرسالة في رجال الطريقة وحج مع الإمام أبي محمد الجويني والحافظ أبي بكر البيهقي. وسمع: وا ببغداد والحجاز.
قلت: سمعوا من هلال الحفار وأبي الحسين بن بشران وطبقتهما.
قال: وذكره أبو الحسن الباخرزي في كتاب دمية القصر وقال: لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه، لتاب.
قلت: حدث عنه أولاده، عبد الله وعبد الواحد وأبو نصر عبد الرحيم وعبد المنعم وزاهر الشحامي وأخوه وجيه ومحمد بن الفضل الفراوي وعبد الوهاب بن شاه وعبد الجبار بن محمد الخواري وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري وحفيده أبو الأسعد هبة الرحمن وآخرون.
ومات أبوه وهو طفل، فدفع إلى الأديب أبي القاسم اليمني، فقرأ عليه الآداب وكانت للقشيري ضيعة مثقلة بالخراج بأستوا فتعلم طرفا من الحساب وعمل قليلا ديوانا ثم دخل نيسابور من قريته فاتفق حضوره مجلس أبي علي الدقاق فوقع في شبكته وقصر أمله وطلب القبا فوجد العبا فأقبل عليه أبو علي وأشار عليه بطلب العلم فمضى إلى حلقة الطوسي وعلق التعليقة وبرع وانتقل إلى ابن فورك فتقدم في الكلام ولازم أيضا أبا إسحاق ونظر في تصانيف ابن الباقلاني ولما توفي حموه أبو علي تردد إلى السلمي وعاشره وكتب المنسوب وصار شيخ خراسان في التصوف ولزم المجاهدات وتخرج به المريدون.
وكان عديم النظير في السلوك والتذكير لطيف العبارة طيب الأخلاق غواصا على المعاني صنف كتاب نحو القلوب وكتاب لطائف الإشارات وكتاب الجواهر وكتاب أحكام السماع وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسولة وكتاب المناجاة وكتاب المنتهى في نكت أولي النهى.
قال أبو سعد السمعاني: لم ير الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة أصله من ناحية أستواءة وهو قشيري الأب سلمي الأم.
وقال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة وكان حسن الوعظ مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاث مائة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة ثلاث وتسعين عن، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، أخبرنا زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك، أخبرنا أبو عوانة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس، عن ابن شهابن حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها التفتت إليه وقالت: إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث’’. فقال الناس: سبحان الله! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ’’آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر’’.
وبه إلى عبد الكريم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي سمعت الحسين بن يحيى سمعت جعفر بن محمد بن نصير سمعت الجنيد يقول: قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا شاهدين عدلين من الكتاب والسنة.
قال أبو الحسن الباخرزي: ولأبي القاسم ’’فضل النطق المستطاب’’ ماهر في التكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم، عن الحد البشري كلماته للمستفيدين فرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله نظم تتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن جملة أحوال أبي القاسم ما خص به من المحنة في الدين وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين وأربع مائة إلى سنة خمس وخمسين وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطر إلى مفارقة الوطن وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد فورد على القائم بأمر الله ولقي قبولا وعقد له المجلس في مجالسه المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه فعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها إلى طوس بأهله حتى طلع صبح الدولة ألبآرسلانية فبقي عشر سنين محترما مطاعا معظما.
ومن نظمه:
سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم | وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك |
أقمت زمانا والعيون قريرة | وأصبحت يوما والجفون سوافك |
البدر من وجهك مخلوق | والسحر من طرفك مسروق |
يا سيدا تيمني حبه | عبدك من صدك مرزوق |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 395
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري الأستاذ أبو القاسم القشيري النيسابوري الملقب زين الإسلام الإمام مطلقا وصاحب الرسالة التي سارت مغربا ومشرقا والبسالة التي أصبح بها نجم سعادته مشرقا والأصالة التي تجاوز بها فوق الفرقد ورقى
أحد أئمة المسلمين علما وعملا وأركان الملة فعلا ومقولا
إمام الأئمة ومجلي ظلمات الضلال المدلهمة
أحد من يقتدى به في السنة ويتوضح بكلامه طرق النار وطرق الجنة
شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة الجامع بين أشتات العلوم
ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة
وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف وأبي نعيم الإسفرايني وأبي بكر بن عبدوس المزكي وأبي نعيم أحمد بن محمد المهرجاني وعلي بن أحمد الأهوازي وأبي عبد الرحمن السلمي وابن باكوية الشيرازي والحاكم وابن فورك وأبي الحسين بن بشران وغيرهم
روى عنه ابنه عبد المنعم وابن ابنه أبو الأسعد هبة الرحمن وأبو عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ووجيه الشحامي وعبد الجبار الخواري وخلق
وروى عنه من القدماء أبو بكر الخطيب وغيره
ووقع لنا الكثير من حديثه
وأخذ الفقه عن أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وعلم الكلام عن الأستاذ أبي بكر بن فورك
واختلف أيضا يسيرا إلى الأستاذ أبي إسحاق
وأخذ التصوف عن أستاذه أبي علي الدقاق
وكان فقيها بارعا أصوليا محققا متكلما سنيا محدثا حافظا مفسرا متفننا نحويا لغويا أديبا كاتبا شاعرا مليح الخط جدا شجاعا بطلا له في الفروسية واستعمال السلاح الآثار الجميلة
أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه وقدوة وقته وبركة المسلمين في ذلك العصر
قال الخطيب حدث ببغداد وكتبنا عنه وكان ثقة وكان يعظ وكان حسن المواعظة مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي
وقال عبد الغافر بن إسماعيل فيه الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه
شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة وبندار الحقيقة وعين السعادة وحقيقة الملاحة لم ير مثل نفسه ولا رأى الراءون مثله في كماله وبراعته جمع بين علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة
أصله من ناحية أستوا من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي فهو قشيري الأب سلمي الأم وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية أستوا
توفي أبوه وهو طفل فوقع إلى أبي القاسم الأليماني فقرأ الأدب والعربية عليه بسبب اتصاله بهم وقرأ على غيره وحضر البلد واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق وكان لسان وقته فاستحسن كلامه وسلك طريق الإرادة فقبله الأستاذ وأشار عليه بتعلم العلم فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق ثم اختلف بإشارته إلى الأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وكان المقدم في الأصول حتى حصلها وبرع فيها وصار من أوجه تلامذته وأشدهم تحقيقا وضبطا وقرأ عليه أصول الفقه وفرغ منه ثم بعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وقعد يسمع جميع دروسه وأتى عليه أيام فقال له الأستاذ هذا العلم لا يحصل بالسماع
وما توهم فيه ضبط ما يسمع فأعاد عنده ما سمعه منه وقرره أحسن تقرير من غير إخلال بشيء فتعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل فلست تحتاج إلى درسي يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي وإن أشكل عليك شيء طالعتني به ففعل ذلك وجميع بين طريقته وطريقة ابن فورك
ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته فزوجها منه
وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل العشر وأربعمائة ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره
وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها
وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقائع وخوضه في الأجوبة وجريان الأحوال العجيبة فكلها منه وإليه
أجمع أهل العصر على أنه عديم النظير فيها غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل وتطييب القلوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فيها المشهورة إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة
ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وكان يملي إلى سنة خمس وستين يذنب أماليه بأبياته وربما كان يتكلم على الحديث بإشاراته ولطائفه
وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبري على النظم
ولقد قرأت فصلا ذكره علي بن الحسن في دمية القصر وهو أن قال
الإمام زين الإسلام أبو القاسم جامع لأنواع المحاسن تنقاد له صعابها ذلل المراسن فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب ماهر في التكلم على مذهب الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم على الحد البشري كلماته للمستفيدين فوائد وفرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله شعر يتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه
قال عبد الغافر وقد أخذ طريق التصوف من الأستاذ أبي علي الدقاق وأخذها أبو علي عن أبي القاسم النصراباذي والنصراباذي عن الشبلي والشبلي عن الجنيد والجنيد عن السري السقطي والسري عن معروف الكرخي ومعروف عن داود الطائي وداود لقي التابعين
هكذا كان يذكر إسناد طريقته
ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعى بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله ولقى فيها قبولا وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ووقع كلامه في مجلسه الموقع وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه وعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها
إلى طوس بأهله وبعض أولاده حتى طلع صبح النوبة المباركة دولة السلطان ألب أرسلان في سنة خمس وخمسين وأربعمائة فبقي عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما مطاعا معظما وأكثر صفوه في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن تقرأ عليه كتبه وتصانيفه والأحاديث المسموعة له وما يؤول إلى نصرة المذهب
بلغ المنتمون إليه الافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافا
انتهى كلام عبد الغافر
قال ابن السمعاني سمعت أبا بشر مصعب بن عبد الرزاق بن مصعب المصعبي بمرو يقول حضر الأستاذ أبو القاسم مجلس بعض الأئمة الكبار وكان قاضيا بمرو وأظنه قال القاضي علي الدهقان وقت قدومه علينا فلما دخل الأستاذ قام القاضي على رأس السرير وأخذ مخدة كان يستند عليها على السرير وقال لبعض من كان قاعدا على درجة المنبر احملها إلى الأستاذ الإمام ليقعد عليها
ثم قال أيها الناس حججت سنة من السنين وكان قد اتفق أن حج تلك السنة هذا الإمام الكبير وأشار إلى الأستاذ وكان يقال لتلك السنة سنة القضاة وكان حج تلك السنة أربعمائة نفس من قضاة المسلمين وأئمتهم من أقطار البلدان وأقاصي الأرض وأرادوا أن يتكلم واحد منهم في حرم الله سبحانه وتعالى فاتفق الكل على الأستاذ أبي القاسم فتكلم هو باتفاق منهم
قلت من سمع هذه الحكاية لم يستنكر ما ذكره الغزالي في باب الولاء في مسألة أربعمائة قاض
وبلغنا أنه مرض للأستاذ أبي القاسم ولد مرضا شديدا بحيث أيس منه فشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه وتعالى في المنام فشكى إليه فقال له الحق سبحانه وتعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها في إناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه ففعل ذلك فعوفي الولد
وآيات الشفاء في القرآن ست
{ويشف صدور قوم مؤمنين} {وشفاء لما في الصدور} {فيه شفاء للناس} {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} {وإذا مرضت فهو يشفين} {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها في الإناء طلبا للعافية
ومن تصانيف الأستاذ التفسير الكبير وهو من أجود التفاسير وأوضحها والرسالة المشهورة المباركة التي قيل ما تكون في بيت وينكب والتحبير في التذكير وآداب الصوفية ولطائف الإشارات وكتاب الجواهر وعيون الأجوبة في فنون الأسئلة وكتاب المناجاة وكتاب نكت أولي النهى وكتاب نحو القلوب الكبير وكتاب نحو القلوب الصغير وكتاب أحكام السماع وكتاب الأربعين في الحديث وقع لنا بالسماع المتصل وغير ذلك
وخلف من البنين ستة ذكرناهم في هذه الطبقات عبادلة كلهم من السيدة الجليلة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق
قال النقلة ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائما بل كان يصلي قائما إلى أن توفي رحمه الله في صبيحة يوم الأحد السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة ودفن في المدرسة إلى جانب أستاذه أبي علي الدقاق
قال أبو تراب المراغي رأيته في النوم فقال أنا في أطيب عيش وأكمل راحة
وقال غيره كانت للأستاذ فرس يركبها فلما مات امتنعت عن العلف ولم تطعم شيئا ولم تمكن راكبا من ركوبها ومكثت أياما قلائل على هذا بعده إلى أن ماتت
ومن رشيق كلامه ومليح شعره وجليل الفوائد عنه
قال عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم سمعت والدي يقول المريد لا يفتر آناء الليل وأطراف النهار فهو في الظاهر بنعت المجاهدات وفي الباطن بوصف المكابدات فارق الفراش ولازم الانكماش وتحمل المصاعب وركب المتاعب وعالج الأخلاق ومارس المشاق وعانق الأهوال وفارق الأشكال كما قيل
ثم قطعت الليل في مهمة | لا أسدا أخشى ولا ذيبا |
يغلبني شوقي فأطوي السرى | ولم يزل ذو الشوق مغلوبا |
يا من تقاصر شكري عن أياديه | وكل كل لسان عن معاليه |
وجوده لم يزل فردا بلا شبه | علا عن الوقت ماضيه وآتيه |
لا دهر يخلقه لا قهر يلحقه | لا كشف يظهره لا ستر يخفيه |
لا عد يجمعه لا ضد يمنعه | لا حد يقطعه لا قطر يحويه |
لا كون يحصره لا عون ينصره | وليس في الوهم معلوم يضاهيه |
جلاله أزلي لا زوال له | وملكه دائم لا شيء يفنيه |
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا | وشهدت حين نكرر التوديعا |
أيقنت أن من الدموع محدثا | وعلمت أن من الحديث دموعا |
وإذا سقيت من المحبة مصة | ألقيت من فرط الخمار خماري |
كم تبت قصدا ثم لاح عذاره | فخلعت من ذاك العذار عذاري |
أيها الباحث عن دين الهدى | طالبا حجة ما يعتقده |
إن ما تطلبه مجتهدا | غير دين الشافعي لا تجده |
لا تدع خدمة الأكابر واعلم | أن في عشرة الصغار صغارا |
وابغ من في يمينه لك يمن | وترى في اليسار منه اليسارا |
قبيح بي ورب العرش ربي | أخاف الضر أو أخشى افتقارا |
وكيف وإن أمد له يمينا | لتدعو ظل يمنحها اليسارا |
جنباني المجون يا صاحبيا | واتلوا سورة الصلاة عليا |
قد أجبنا لزاجر العقل طوعا | وتركنا حديث سلمى وميا |
ومنحنا لموجب الشرع نشرا | وشرعنا لموجب اللهو طيا |
ووجدنا إلى القناعة بابا | فوضعنا على المطامع كيا |
كنت في حر وحشتي لاختياري | فتعوضت بالرضى منه فيا |
إن من يهتدي لقطع هواه | فهو في العز حاز أوج الثريا |
والذين ارتووا بكأس مناهم | فعلى الصد سوف يلقون غيا |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 5- ص: 153
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري الأستاذ أبو القاسم القشيري الملقب زين الإسلام. شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة، الجامع بين أشتات العلوم.
ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الأسفرايني. وأبي بكر بن عبدوس المزكي، وأبي نعيم أحمد بن محمد المهرجاني، وعلي بن أحمد الأهوازي، وأبي عبد الرحمن السلمي، وابن باكويه الشيرازي، والحاكم، وابن فورك، والحسين بن بشران، وغيرهم.
روى عنه ابنه عبد المنعم، وابن ابنه أبو الأسعد هبة الرحمن، وأبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ووجيه الشحامي، وعبد الجبار الخواري، وخلق.
وروى عنه من القدماء أبو بكر الخطيب، وغيره.
واخذ الفقه عن أبي بكر محمد بن بكر الطوسي، وعلم الكلام عن الأستاذ أبي بكر بن فورك.
واختلف يسيرا إلى الشيخ أبي إسحاق.
وأخذ التصوف عن أستاذه أبي علي الدقاق.
وكان فقيها بارعا أصوليا، محققا متكلما، سنيا محدثا حافظا، مفسرا، متفننا، نحويا لغويا، أديبا كاتبا شاعرا، مليح الخط جدا، شجاعا بطلا، له في الفروسية واستعمال السلاح الآثار الجميلة.
أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه، وقدوة وقته، وبركة المسلمين في ذلك العصر.
قال الخطيب: حدث ببغداد، وكتبنا عنه، وكان ثقة، وكان يعظ، وكان حسن الموعظة، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي فيه: الإمام مطلقا، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة، ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة، وعين السادة، وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه، ولا رأى الراءون مثله، في كماله وبراعته، جمع بين علم الشريعة والحقيقة، وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة.
أصله من ناحية إستوا، من العرب الذين وردوا خراسان، وسكنوا لنواحي، فهو قشيري الأب سلمي الأم، وخاله أبو عقيل السلمي، من وجوه دهاقين ناحية إستوا.
توفي أبوه وهو طفل، فوقع إلى أبي القاسم الأليماني، فقرأ الأدب والعربية عليه، بسبب اتصاله بهم، وقرأ على غيره، وحضر البلد، واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق، فاستحسن كلامه، وسلك طريق الإرادة، فقبله الأستاذ، وأشار عليه بتعلم العلم، فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي. وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق، ثم اختلف بإشارته إلى الاستاذ الإمام أبي بكر بن فورك، وكان المقدم في الأصول، حتى حصلها وبرع فيها، وصار من أوجه تلامذته، وأشدهم تحقيقا وضبطا، وقرأ عليه أصول الفقه، وفرغ منه، ثم بعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني، وقعد يسمع جميع دروسه، وأتى عليه أيام، فقال له الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع. وما توهم فيه ضبط ما يسمع، فأعاد عنده ما سمعه منه، وقرره أحسن تقرير من غير إخلال بشيء، فتعجب منه وعرف محله فأكرمه، وقال: ما كنت أدري انك بلغت هذا المحل، فلست تحتاج إلى درسي، يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي، وأن أشكل عليك شيء طالعتني به، ففعل ذلك، وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك.
ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب، وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته، فزوجها منه.
وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي، إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف «التفسير الكبير» قبل العشر وأربعمائة، ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة، فيها أبو محمد الجويني، والشيخ أحمد البيهقي، وجماعة من المشاهير، فسمع معهم الحديث ببغداد، والحجاز من مشايخ عصره.
وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر، وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها.
وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقائع وخوصه في الأجوبة، وجريان الأحوال العجيبة، فكلها منه وإليه.
أجمع أهل عصره على أنه عديم النظير فيها، غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل؛ وتطييب القلوب؛ والإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ؛ والرموز الدقيقة؛ وتصانيفه فيها المشهورة؛ إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة.
ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وكان يملي إلى سنة خمس وستين، يذنب أماليه بأبياته، وربما كان يتكلم على الحديث بإشاراته ولطائفة.
وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تفوق على النظم.
وقد أخذ طريق التصوف عن الأستاذ أبي علي الدقاق، وأخذها أبو علي عن أبي القاسم النصر أباذي، والنصرآباذي عن الشبلي، والشبلي عن الجنيد، والجنيد عن السري السقطي، والسري عن معروف الكرخي، ومعروف عن داود الطائي، وداود لقي التابعين. هكذا كان يذكر إسناد طريقته.
ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين، في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة، وميل بعض الولاة إلى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس، وتفرق شمل الأصحاب، وكان هو المقصود من بينهم حسدا، حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان، وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله، ولقي فيها قبولا، وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه، ووقع كلامه في مجلسه الموقع، وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه، وعاد إلى نيسابور، وكان يختلف منها إلى طوس بأهله وبعض أولاده، حتى طلع صبح النوبة المباركة، دولة السلطان ألب أرسلان في سنة خمس وخمسين وأربعمائة، فبقي عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما، مطاعا معظما، وأكثر صفوه في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن تقرأ عليه كتبه وتصانيفه، والأحاديث المسموعة له، وما يؤول إلى نصرة المذهب.
بلغ المنتمون إليه آلافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافا.
قال ابن السمعاني: سمعت أبا بشر مصعب بن عبد الرزاق بن مصعب المصعبي بمرو، ويقول: حضر الأستاذ أبو القاسم مجلس بعض الأئمة الكبار، وكان قاضيا بمرو، وأظنه قال: القاضي علي الدهقان، وقت قدومه علينا، فلما دخل الأستاذ قام القاضي على رأس السرير، وأخذ مخدة كان يستند عليها على السرير، وقال لبعض من كان قاعدا على درجة المنبر: احملها إلى الأستاذ الإمام ليقعد عليها. ثم قال: أيها الناس إني حججت سنة من السنين، وكان قد اتفق أن حج تلك السنة هذا الإمام الكبير، وأشار إلى الأستاذ، وكان يقال لتلك السنة سنة القضاة، وكان حج تلك السنة أربعمائة نفس من قضاة المسلمين وأئمتهم من أقطار البلدان وأقاصي الأرض، فأرادوا أن يتكلم واحد منهم في حرم الله سبحانه وتعالى فاتفق الكل على الأستاذ أبي القاسم، فتكلم هو باتفاق منهم.
وبلغنا أنه مرض للأستاذ أبي القاسم ولد مرضا شديدا، بحيث أيس منه، فشق ذلك على الأستاذ، فرأى الحق سبحانه وتعالى في المنام، فشكى إليه، فقال له الحق سبحانه وتعالى: أجمع آيات الشفاء واقرأها عليه، أو اكتبها في إناء واجعله فيه مشروبا واسقه إياه، ففعل ذلك، فعوفي الولد.
وآيات الشفاء في القرآن ست:
{ويشف صدور قوم مؤمنين}
{شفاء لما في الصدور}
{فيه شفاء للناس}
{وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}
{وإذا مرضت فهو يشفين}
{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}
ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض، ويسقاها في الإناء طلبا للعافية.
ومن تصانيف الأستاذ «التفسير الكبير» وهو من أجود التفاسير، وأوضحها. و «الرسالة» المشهورة المباركة التي قيل فيها: ما تكون في بيت وينكب و «التحبير في التذكير»، و «آداب الصوفية» و «لطائف الإشارات»، وكتاب «الجواهر»، و «عيون الأجوبة في فنون الأسئلة» وكتاب «المناجاة» وكتاب «نكت أولي النهى» وكتاب «شجو القلوب» الكبير وكتاب «شجو القلوب» الصغير وكتاب «أحكام السماع» وكتاب «الأربعين في الحديث» وغير ذلك.
وخلف من البنين ستة عبادلة، كلهم من السيدة الجليلة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق.
ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائما، بل كان يصلي عن قيام إلى أن توفي رحمه الله في صبيحة يوم الأحد، السادس عشر من شهر ربيع الآخر، سنة خمس وستين وأربعمائة، ودفن في المدرسة إلى جانب أستاذه أبي علي الدقاق.
قال أبو تراب المراغي: رأيته في النوم، فقال: أنا في أطيب عيش وأكمل راحة.
وقال غيره: كانت له فرس يركبها، فلما مات امتنعت عن العلف، ولم تطعم شيئا، ولم تمكن راكبا من ركوبها، ومكثت أياما قلائل على هذا بعده، إلى أن ماتت.
ومن شعره:
يا من تقاصر شكري عن أياديه | وكل كل لسان عن معاليه |
وجوده لم يزل فردا بلا شبه | علا عن الوقت ماضيه وآتيه |
لا دهر يخلقه لا قهر يلحقه | لا كشف يظهره لا ستر يخفيه |
لا عد يجمعه لا ضد يمنعه | لا حد يقطعه لا قطر يحويه |
لا كون يحصره لا عون ينصره | وليس في الوهم معلوم يضاهيه |
جلاله أزلي لا زوال له | وملكه دائم لا شيء يفنيه |
وإذا سقيت من المحبة مصة | ألقيت من فرط الخمار خماري |
كم تبت قصدا ثم لاح عذاره | فخلعت من ذاك العذار عذاري |
أيها الباحث عن دين الهدى | طالبا حجة ما يعتقده |
إن ما تطلبه مجتهدا | غير دين الشافعي لا تجده |
لا تدع خدمة الأكابر واعلم | أن في خدمة الصغار صغارا |
وابغ من في يمينه لك يمن | وترى في اليسار منه اليسارا |
جنباني المجون يا صاحبيا | واتلوا سورة الصلاح عليا |
قد أجبنا لزاجر العقل طوعا | وتركنا حديث سلمى وميا |
ومنحنا لموجب الشرع نشرا | وشرعنا لموجب اللهو طيا |
ووجدنا إلى القناعة بابا | فوضعنا على المطالع كيا |
كنت في حر وحشتي لاختياري | فتعوضت بالرضى منه فيا |
إن من يهتدي لقطع هواه | فهو في العز حاز أوج الثريا |
والذين ارتووا بكأس مناهم | فعلى الصد سوف يلقون غيا |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 344
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد الإمام أبو القاسم القشيري النيسابوري الزاهد الصوفي شيخ خراسان وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة
قرأ الأدب والعربية على أبي القاسم اليماني ثم لازم الأستاذ أبا علي الدقاق في التصوف والفقيه أبا بكر الطوسي في الفقه وأبا بكر بن فورك في الكلام والنظر حتى بلغ الغاية
في جميع ذلك واختلف أيضا إلى أبي إسحاق الإسفراييني وكتب الخط المنسوب وبرع في علم الفروسية واستعمال السلاح وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف وأبي نعيم الإسفراييني وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي الحسين بن بشران وغيرهم
وكان إماما قدوة محدثا فقيها شافعيا متكلما أشعريا نحويا كاتبا شاعرا صوفيا زاهدا واعظا حسن الوعظ مليح الإشارة حلو العبارة انتهت إليه رئاسة التصوف في زمانه
قال ابن السمعاني لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة
وصنف التفسير الكبير وسماه كتاب التيسير في علم التفسير وهو من أجود التفاسير وكتاب لطائف الإشارات وهو مؤلف كبير في التفسير جليل القدر والشأن وله الرسالة في رجال الطريقة وكتاب نحو القلوب وغير ذلك
وروى عنه أبو عبد الله الفرواي وزاهر الشحامي
ووجيه الشحامي وخلائق
ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة وكانت وفاته في يوم الأحد سادس عشر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة بمدينة نيسابور ودفن بالمدرسة تحت شيخه أبي علي الدقاق وله عدة أولاد أئمة
مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 125
الفقيه الصوفي، المفتن في العلوم، صاحب ’’الرسالة إلى الصوفية’’ السائرة في أقطار الأرض.
ذكر أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي الخطيب الأديب، ثم غيره، من خبره ما اختصاره، أنه كان إماماً، فقيها، متكلماً، أصولياً، مفسراً، محدثا، أديباً، نحوياً، كتابا، شاعراً، وكان لسان عصره، وسيد وقته، شيخ
المشايخ، وأستاذ الجماعة، ومقصود سالكي الطريقة، بندار الحقيقة، وقطب السادة، حقيقة الملاحة، جمع بين علوم الشريعة والحقيقة، وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة.
أصله من أستوا من عمل نيسابور، من العرب الذين وردوا خراسان، وسكنوا الرساتيق، وهو قشيري الأب، سلمى الأم، وخاله أبو عقيل السلمي، كان من وجوه دهاقين أستوا، توفى أبوه وهو طفل، فوقع إلى أبي القاسم الأليماني الأديب، فقرأ عليه الأدب والعربية، بسبب اتصاله به، وعلى غيره أيضا، فعلم اللسان العربي وتخرج، وكانت له ضيعة ثقيلة الخراج بناحية أستوا، فرأى في عنفوان شبابه أن يدخل البلد - وهو نيسابور - ويتعلم صناعة الاستيفاء ويتقلد العمل، لعله يصون بذلك ضيعته، فدخلها على هذه العزيمة، فاتفق حضوره مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق، وكان لسان وقته، مهذباً حالا ومقالاً، فاستحسن كلامه، ووقع منه موقعاً لفهم العربية، وإذا به قد أراد أمرا، وأراد الله غيره، فوقع في شبكة الدقاق، وسلك طريق الإرادة، طلب القباء، فرزق العباء، وقبله الدقاق وأقبل عليه، وكأنه تفرس فيه، فجذبه بهمته، وأشار إليه بتعلم العلم، فذهب إلى درس الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي، وشرع في الفقه، ودوام حتى فرغ من التعليق، ثم اختلف بإشارته إلى الأستاذ أبي بكر ابن فورك، وكان المقدم في علم الكلام، فحصله وبرع فيه، وصار من أوجه تلامذته،، وأشدهم تحقيقا وضبطاً، وقرأ عليه أيضا علم أصول الفقه وفروعه، ولما توفي الأستاذ ابن فورك ذهب إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وقعد يسمع جميع درسه أياماً، فقال له الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع. وما توهم فيه ضبط ما يسمع، فأعاد عليه ما سمعه منه، وقرره أحسن تقرير من غير إخلال بشيء، فتعجب منه، وعرف محله، فأكرمه، وقال: ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل، فلست تحتاج إلى درس، بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي، وتنظر في طريقتي، وإن أشكل عليك شيء طالعتني به، ففعل ذلك، وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك، ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب ابن الباقلاني، وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق، ثم إنه اختاره لكريمته فزوجها منه، مع كثرة أقاربها.
ولما توفي ابو علي عاشر أبا عبد الرحمن السلمي، وصار أستاذ خراسان، وأخذ في التصنيف، وصنف “ التفسير الكبير “ قبل العشر وأربع مئة، وخرج إلى الحج في رفقة فيها الإمام أبو محمد الجويني، والشيخ أحمد البيهقي، وجماعة من المشاهير، فسمع معهم الحديث ببغداد وبالحجاز من مشايخ العصر.
وكان في علم الفروسية واستعمال الأسلحة وما يتعلق به أحد أفراد عصره، وله في ذلك دقائق وعلوم انفرد بها، وأما الجلوس للتذكير والوعظ، والقعود بين المريدين، والجواب عن أسولتهم عن الوقائع، فمنه وإليه، أجمع أهل عصره على أنه عديم النظير فيها، غير مشارك في أساليب التكلم على المسائل، وفي تطبيب القلوب، وفي الإشارات اللطيفة المستنبطة من الآيات والأخبار من كلام المشايخ، وفي الرموز الدقيقة، وتصانيفه فيها مشهورة، وكان ينظم الأشعار اللطيفة على لسان أهل الطريقة، وعقد لنفسه مجلس إملاء الحديث سنة سبع وثلاثين واربع مئة، فكان يملي إلى سنة خمس وستين، ويذنب أماليه بأشعاره، وربما تكلم على الأحاديث بإشاراته ولطائفه، وكان له في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبر على نظمه.
أخذ طريقة التصوف عن الأستاذ أبي علي الدقاق، وأخذها هو عن أبي القاسم النصراباذي، وهو عن الشبلي، عن الجنيد، عن السري، عن معروف الكرخي، عن داود الطائي، وداود لقي التابعين، هكذا كان يذكر إسناد طريقته.
وقال أبو سعد السمعاني: كل من أتى بعده بنكتة وأعجوبة في علم التصوف فهو مسروق من كلامه، يوجد متفرقاً في أطراف كلامه.
سمع الحديث من جماعة من الرفعاء: السيد أبي الحسن العلوي، والحاكم أبي عبد الله الحافظ، والأمام أبي الطيب سهل الصعلوكي، والإمام أبي طاهر الزيادي، وأبي عبد الرحمن السلمي، والقاضي أبي زيد ابن حبيب، وأبي القاسم ابن حبيب المفسر، والقاضي أبي بكر الحيري، وأبي الحسين الخفاف صاحب أبي العباس السراج.
وسمع بالعراق، والحجاز في حجته الأولى: أبا الحسين ابن بشران، وأخاه أبا القاسم، وأبا الحسين ابن الفضل البغدادي، والقاضي جناح بن نذير الكوفي، وابن نظيف الفراء المصري، وسمع غير من ذكرنا.
روى عنه الخطيب الحافظ فمن دونه.
وذكره علي بن الحسن الباخرزي في كتابه “ دمية القصر “ فقال: الإمام، زين الإسلام، أبو القاسم، جامع لأنواع المحاسن، تنقاد له صعابها ذلل المراسن، فلو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب، وله فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب، ماهر في التكلم على مذهب الأشعري، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيدين فوائد وفرائد، وعتبات منبره للعارفين وسائد، ثم إذا عقد بين مشايخ الصوفية حبوته، ورأوا قربته من الحق وحظوته، تضاءلوا بين يديه، وتلاشوا بالإضافة إليه، وطواهم بساطه في حواشيه، وانقسموا بين النظر إليه والتفكير فيه، وله شعر يتبوج رؤوس معاليه، إذا ختمت به أذناب أماليه.
وقال الحاكم عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري ببيهق مذاكرة:
سمعت الأستاذ الإمام أبا القاسم القشيري بنيسابور يقول في مجلسه: البغداديون يقولون: كن يهوديا صرفا، وإلا فلا تلعب التوراة.
وقال أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل النيسابوري: من أفراد الأستاذ الإمام أبي القاسم قوله:
قالوا تهن بيوم العيد قلت لهم | لي كل يوم بلقيا سيدي عيد |
الوقت روح وعيد إن شهدتهم | وإن فقدتهم نوح وتعديد |
جنباني المدام يا صاحبيا | واتلوا سورة الصلاح عليا |
استجبنا لزاجر الشرع طوعاً | وتركنا حديث سلمى وريا |
واتحنا لموجب الشرع نشرا | ومنحنا لموجب اللهو طيا |
ووجدنا إلى القناعة بابا | فوضعنا على المطامع كيا |
إن من مات نفسه عن هواها | أصبح القلب منه بالله حيا |
نلت روح الحياة بعد زمان | قد تعنيت بالتي واللتيا |
كنت في حر وحشتي لاختياري | فتعوضت بالرضى منه فيا |
وتحررت بعد رق وذل | حين لم أدخر لنفسي شيا |
سمح الوقت بالذي رمت منه | بعدما قد أطال مطلا وليا |
فالذي يهتدي لقطع هواه | فهو في العز حاز حد الثريا |
والذين ارتووا بكأس مناهم | فعلة العبد سوف يلقون غيا |
دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 562
عبد الكريم بن هوازن، أبو القاسم التستري النيسابوري، مصنف «الرسالة».
روى عن: أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفرايني، وطائفة. قال أبو سعد بن السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة.
وقال الذهبي: شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة. توفي سنة خمس وستين وأربعمائة في ربيع الآخر وله تسعون سنة.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 6- ص: 1
والأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري الزاهد
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 134
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد الإمام أبو القاسم القشيري النيسابوري.
الزاهد، الصوفي، شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة.
قرأ الأدب والعربية على أبي القاسم الأليماني، ثم لازم الأستاذ أبا علي الدقاق في التصوف، والفقيه أبا بكر الطوسي في الفقه، وأبا بكر بن فورك في الكلام والنظر حتى بلغ الغاية في جميع ذلك.
واختلف أيضاً إلى أبي إسحاق الإسفراييني، وكتب الخط المنسوب، وبرع في علم الفروسية واستعمال السلاح.
وسمع الحديث من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي الحسين بن بشران وغيرهم.
وكان إماما، قدوة، مفسرا، محدثا، فقيها، شافعيا، متكلما، أشعريا، نحويا، كاتبا، شاعرا، صوفيا، زاهدا،
واعظا، حسن الوعظ، مليح الإشارة، حلو العبارة، انتهت إليه رئاسة التصوف في زمانه.
قال ابن السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة.
وصنف التفسير الكبير وهو من أجود التفاسير، وله الرسالة في رجال الطريقة، وكتاب لطائف الإشارات وكتاب نحو القلوب وغير ذلك.
روى عنه أبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، ووجيه الشحامي وخلائق.
ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة ومات يوم الأحد سادس عشر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة وله عدة أولاد أئمة.
مكتبة وهبة - القاهرة-ط 1( 1976) , ج: 1- ص: 73
عبد الكريم بن هوزان بن عبد الملك الأستاذ أبو القاسم القشيرى النيسابوري
أحد العلماء بالشريعة وأحوال القلوب وغيرها، أخذ طريق الوعظ عن أبي على الدقاق، وتزوج بابنته فاطمة، وأخذها الدقاق عن أبي القاسم النصراباذى عن الشبلى عن الجنيد عن السرى عن معروف الكرخى عن داود الطائى عن التابعين، ودرس الفقه على أبي بكر الطوسى، والكلام على ابن فورك وغيره، وصحب الشبلى وحج مع البيهقى والجويني وسمع منهما، وعنه الخطيب ومات قبله، له ’’التفسير الكبير’’، و’’الرساله’’ وغيرهما، وكان له عدة بنين فضلاء عبد اللَّه، وعبيد اللَّه، وعبد الواحد، وعبد المنعم، وعبد الرحيم، وعبد الرحمن. أسند ابن السمعاني أنه لما حج الأستاذ كان يقال لسنته سنة الفضلاء، لأنه حج فيها أربعمائة قاضٍ من قضاة المسلمين وأئمتهم، فأرادوا أن يتكلم واحد منهم في حرم اللَّه تعالى فاتفقوا على الأستاذ فتكلم باتفاق منهم، ولد سنة ستّ وسبعين وثلثمائة، ومات سنة خمس وستين وأربعمائة. ومن شعره قالوا:
تَهَنَّ بيوم العيد قلت لهم | في كلّ يوم بلقيا سيدى عيد |
الوقت روح وعيدان شهدتهم | وإن فقدتهم نوح وتعديد |
إذا شِئْتَ أن تحيى حياةً هنيَّةً | فَنَقِّ مِن الأطماعِ ثوبَك واقنع |
وإن شئت عيشاً لا تفارق ذله | وعلق بمخلوق فؤادك واطمع |
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1