ابن نباتة الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن اسماعيل بن نباتة الفرقي، أبو يحيى: صاحب الخطب المنبرية. كان مقدما في علوم الادب، واجمعوا على ان خطبه لم يعمل مثلها في موضوعها. ولد في ميافارقين (بديار بكر) ونسبته اليها، وسكن حلب فكان خطيبها. واجتمع بالمتنبي في خدمة سيف الدولة الحمداني. وكان سيف الدولة كثير الغزوات، فأكثر ابن نباتة من خطب الجهاد والحث عليه. وكان تقيا صالحا. توفي بحلب. له (ديوان خطب - ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 347
ابن نباتة الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل ابن نباتة، الأستاذ البارع البليغ الخطيب أبو يحيى الحذاقي -بضم الحاء وبعد الألف قاف، وحذاقة بطن من قضاعة- الفارقي. قال سبط بن الجوزي: كان يحفظ نهج البلاغة وعامة ألفاظه وخطبه من معانيه. وكان من ميافارقين وولي خطابة حلب لسيف الدولة، وبها اجتمع بالمتنبي. رزق السعادة في خطبه، وكان رجلا صالحا مولده سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة، وقيل مات قبل السبعين وثلاث مائة وعمر دون الأربعين وتوفي بميافارقين.
قلت: في ولايته خطابة حلب نظر وكأنهم غلطوا في مولده أيضا. وخطبه أحسن من كل الخطب التي جاءت بعده وجميع سجعها معرب، بخلاف المقامات فإنها لا يلتزم الحريري إعرابها اتكالا على الوقوف على الساكن، ويشم من بعض ألفاظها روائح الاعتزال، يظهر ذلك للفضلاء مثل قوله: ومن وجب له الثواب وحق عليه العقاب وغيره ذلك.
وذكر الشيخ تاج الدين الكندي بإسناده إلى الخطيب قال: لما عملت خطبة المنام وخطبت بها يوم الجمعة، رأيت ليلة السبت في منامي كأني بظاهر ميافارقين عند الجبانة، ورأيت بها جمعا كثيرا بين القبور، فقلت: ما هذا الجمع؟ فقال لي قائل: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة، فقصدت إليه لأسلم عليه، فلما دنوت منه التفت إلي فرآني فقال: يا خطيب الخطباء، كيف تقول وأومأ إلى القبور. قلت: لا يخبرون بما إليه آلوا، ولو قدروا على المقال لقالوا، قد شربوا من الموت كأسا مرة، ولم يفقدوا من أعمالهم ذرة، وآلى عليهم الدهر ألية برة، أن لا يجعل لهم إلى دار الدنيا كرة، كأنهم لم يكونوا للعيون قرة، ولم يعدوا في الأحياء مرة، أسكتهم والله الذي أنطقهم، وأبادهم الذي خلقهم، وسيجدهم كما أخلقهم، ويجمعهم كما فرقهم يوم يعيد الله العالمين خلقا جديدا، ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا، يوم تكونون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا -وأومأت عند قولي على الناس إلى الصحابة رضي الله عنهم، وعند قولي شهيدا، إلى الرسول صلى الله عليه وسلم {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا} فقال لي: أحسنت، ادنه ادنه فدنوت منه صلى الله عليه وسلم فأخذ وجهي فقبله وتفل في في وقال لي: وفقك الله، قال: فانتبهت من النوم وبي من السرور ما يجل عن الوصف، فأخبرت أهلي ما رأيت.
قال الكندي بروايته: وبقي الخطيب بعد هذا المنام ثلاثة أيام لا يطعم طعاما ولا يشتهيه، ويوجد من فيه مثل رائحة المسك ولم يعش إلا مدة يسيرة. ولما استيقظ الخطيب من منامه كان على وجهه أثر نور وبهجة لم يكن قبل ذلك، وقص رؤياه على الناس وقال: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يوما لا يستطعم فيها طعاما ولا شرابا من أجل تلك التفلة وبركتها.
وقال الوزير المغربي: رأيت الخطيب بن نباتة في المنام بعد موته، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: دفع لي ورقة فيها سطران بالأحمر وهما:
قد كان أمن لك من قبل ذا | واليوم أضحى لك أمنان |
والصفح لا يحسن عن محسن | وإنما يحسن عن جان |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0
ابن نباتة الإمام البليغ الأوحد، خطيب زمانه، أبو يحيى، عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي، صاحب الديوان الفائق في الحمد والوعظ، وكان خطيبا بحلب للملك سيف الدولة.
وقد اجتمع بأبي الطيب المتنبي.
وكان فصيحا مفوها، بديع المعاني، جزل العبارة، رزق سعادة تامة في خطبه.
وكان فيه خير وصلاح، رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نومه، ثم استيقظ وعليه أثر نور لم يعهد قبل فيما قيل. وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يوما، وتوفاه الله، فذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تفل في فيه، وبقي تلك الأيام لا يستطعم بطعام ولا يشرب شيئا.
وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة بميافارقين. وقيل: لم يل خطابة حلب إلا بعد موت سيف الدولة بن حمدان، وبلغنا أن عمره لم يبلغ الأربعين، بل عاش تسعا وثلاثين سنة. فالله أعلم.
ولم يصح ذلك، فإنه ابتدأ بتصنيف خطبه في سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وهو إذ ذاك خطيب مميز، وجالس المتنبي فلعله عاش خمسين سنة، أو أكثر.
ولأبيه رواية.
أبو الليث، وابن محمويه، وابن الزيات:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 332