القشيري عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، أبو نصر: واعظ، من علماء نيسابور، من بني قشير. علت له شهرة كأبيه. زار بغداد في طريقه إلى الحج، ووعظ بها، فوقعت بسببه فتنة بين الحنابلة والشافعية، فاستدعاه نظام الملك إلى اصبهان (إطفاءا للفتنة ببغداد) فذهب اليه ولقى منه اكراما. وعاد إلى نيسابور، فلازم الوعظ والتدريس إلى ان فلج. وتوفى بها. كان ذكيا حاضر الخاطر، فصيحا، جريئا، يحفظ كثيرا من الشعر والحكايات. له (المقامات والآداب - خ) تصوف ووعظ.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 346

أبو نصر القشيري عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة، أبو نصر ابن الأستاذ أبي القاسم القشيري. من أهل نيسابور. كان من أئمة المسلمين وأعلام الدين، قرأ الأصول على والده وتفسير القرآن والوعظ ورزق من ذلك حظا وافرا، ولازم إمام الحرمين ودرس عليه المذهب والخلاف وبرع في ذلك وجاز أقرانه. وقرأ الأدب ونظم ونثر وسمع من إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وعبد الغافر بن محمد بن عبد العزيز الفارسي وغيرهم.
وقدم بغداذ وسمع ابن النقور، وعبد العزيز الأنماطي، وعبد الباقي بن محمد بن غالب العطار وغيرهم. وسمع بمكة سعد بن علي الزنجاني، والحسن ابن عبد الرحمن الشافعي. وعقد مجلس الوعظ ببغداذ وظهر له القبول العظيم وأظهر مذهب الأشعري. وقامت سوق الفتنة بينه وبين الحنابلة وثار العوام إلى المقاتلة، وكوتب الوزير نظام الملك بأن يأمره بالرجوع إلى وطنه، فأحضره وأكرمه وأمره بلزوم وطنه، فأقام يدرس ويعظ ويروي الحديث إلى أن توفي سنة أربع عشرة وخمس مائة. كتب إليه فتوى وهي:

فأجاب رحمه الله:
ومن شعره:
وجلس في مدرسة النظامية للوعظ في شهر رمضان فمطروا فأنشد:
ومن شعره:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0

ابن القشيري الشيخ الإمام، المفسر العلامة، أبو نصر عبد الرحيم بن الإمام شيخ الصوفية أبي القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري، النيسابوري، النحوي، المتكلم، وهو الولد الرابع من أولاد الشيخ.
اعتنى به أبوه، وأسمعه، وأقرأه حتى برع في العربية والنظم والنثر والتأويل، وكتب الكثير بأسرع خط، وكان أحد الأذكياء، لازم إمام الحرمين، وحصل طريقة المذهب والخلاف، وساد، وعظم قدره، واشتهر ذكره.
وحج، فوعظ ببغداد، وبالغ في التعصب للأشاعرة، والغض من الحنابلة، فقامت الفتنة على ساق، واشتد الخطب، وشمر لذلك أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي عن ساق الجد، وبلغ الأمر إلى السيف، واختبطت بغداد، وظهر مبادر البلاء، ثم حج ثانيا، وجلس، والفتنة تغلي مراجلها، وكتب ولاة الأمر إلى نظام الملك ليطلب أبا نصر بن القشيري إلى الحضرة إطفاء للنائرة، فلما وفد عليه، أكرمه وعظمه، وأشار عليه بالرجوع إلى نيسابور، فرجع، ولزم الطريق المستقيم، ثم ندب إلى الوعظ والتدريس، فأجاب، ثم فتر أمره، وضعف بدنه، وأصابه فالج، فاعتقل لسانه إلا عن الذكر نحوا من شهر، ومات.
سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وعبد الغافر الفارسي، وأبا الحسين بن النقور، وسعد بن علي الزنجاني، وأبا القاسم المهرواني، وعدة.
حدث عنه: سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار، وأبو الفتوح الطائي، وخطيب الموصل أبو الفضل الطوسي، وعبد الصمد بن علي النيسابوري، وعدة، وبالإجازة: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني.
ذكره عبد الغافر في ’’سياقه’’، فقال: هو زين الإسلام أبو نصر عبد الرحيم، إمام الأئمة، وحبر الأمة، وبحر العلوم، وصدر القروم، أشبههم بأبيه خلقا، حتى كأنه شق منه شقا، كمل في النظم والنثر، وحاز فيهما قصب السبق، ثم لزم إمام الحرمين، فأحكم المذهب والأصول والخلاف، ولازمه يقتدي به، ثم خرج حاجا، ورأى أهل بغداد فضله وكماله، ووجد من القبول ما لم يعهد لأحد، وحضر مجلسه الخواص، وأطبقوا على أنهم ما رأوا مثله في تبحره... إلى أن قال: وبلغ الأمر في التعصب له مبلغا كاد أن يؤدي إلى الفتنة.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: قال شيخنا أبو بكر القاسم بن الصفار: ولد أبي أبو سعد سنة ثمان وخمس مائة، وسمع من جده وهو ابن أربع سنين أو أزيد، والعجب أنه كتب بخطه الطبقة، وحيي إلى سنة ست مائة.
مات أبو نصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، سنة أربع عشرة وخمس مائة في عشر الثمانين.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 14- ص: 321

عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوزان الأستاذ أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري الإمام العلم بحر مغدق زخار وحبر هو في زمانه رأس الأحبار إذا قيل كعب لأحبار وهمام مقدم وإمام تقتدي به الهداة وتأتم نما من تلك الأصول الطاهرة غصنه المورق علي الأنجم الزاهرة بدره المشرق ورع يأنف أن يعد غير دار السلام دارا ويستقل الجوزاء إذا هو جاوزها أن يتخذ فيها قرارا مجل ما ادلهم ليل المشكلات وأمسي ومصل يسمع الناس لكلامه فلا تسمع لهم إلا همسا تلتقط الدرر من كلمة ويتناثر الجوهر من حكمه ويؤوب المذنب عند وعظه ويتوب العاصي بمجرد سماع لفظه ينطبع في القلب من كلماته صورة ويحدث للأنفس الزكية منه
عظات إذا مدها لم تكن على أهل الطاعة مقصورة كم من فاسق تاب في مجلسه ودخل في الطاعة وكم من كافر آب إلى الحق ساعة وعظه وآمن في الساعة بمن بعث بين يدي الساعة صلى الله عليه وسلم لو استمع له الصخر لانفلق ولو فهم كلامه الوحش لاستحسنه وقال صدق يصدع القلب القاسي خطابه ويكاد يجمع عظام ذوي الغفلة النخرة عتابه ويشتت شمل الشياطين ما يقول ويفتت الأكباد ما يجمعه من الحق المقبول
هو الرابع من أولاد الأستاذ أبي القاسم وأكثرهم علما وأشهرهم اسما والكل من السيدة الجليلة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق
تحرج بوالده ثم على إمام الحرمين
وسمع أباه وأبا عثمان الصابوني وأبا الحسين الفارسي وأبا حفص بن مسرور وأبا سعد الكنجروذي وأبا بكر البيهقي وأبا الحسين بن النقور وأبا القاسم الزنجاني وغيرهم بخراسان والعراق والحجاز وحدث بالكثير
روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار وأبو الفتوح الطائي وخطيب الموصل أبو الفضل الطوسي وغيرهم وأبو سعد الصفار آخر من حدث عنه
ومن الغريب أنه سمع منه وهو ابن أربع سنين وكتب الطبقة بخطه وبقي إلى سنة ستمائة
ذكر صاحب السياق وأفصح المؤرخين على الإطلاق عبد الغافر الفارسي الأستاذ أبا نصر فقال إمام الأئمة وحبر الأمة وبحر العلوم وصدر القروم قال وهو أشبه أولاد أبيه به خلقا حتى كأنه شق منه شقا رباه والده أحسن تربية وزقه العربية في صباه زقا حتى برع فيها وكمل في النظم والنثر فحاز فيهما قصب السبق
وكان ينفث بالسحر أقلامه على الرق استوفى الحظ الأوفى من علم الأصول والتفسير تلقنا من والده ورزق السرعة في الكتابة بحيث كان يكتب كل يوم طاقات على الاعتياد لا يلحقه فيه كبير مشقة وحصل أنواعا من العلوم الدقيقة والحساب
ولما توفي أبوه انتقل إلى مجلس إمام الحرمين وواظب على درسه وصحبته ليلا ونهارا ولزمه عشيا وإبكارا حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف وجدد عليه الأصول وكان الإمام يعتد به ويستفرغ أكثر أيامه معه مستفيدا منه بعض مسائل الحساب في الفرائض والدور والوصاية
فلما فرغ من تحصيل الفقه تأهب للخروج للحج وحين وصل إلى بغداد وعقد له المجلس ورأى أهل بغداد فضله وكماله وعانيوا خصاله بداله من القبول عندهم ما لم يعهد مثله لأحد قبله وحضر مجلسه الخواص ولزم الأئمة مثل أبي إسحاق الشيرازي الذي هو فقيه العراق في وقته عتبة منبره
وأطبقوا على أنهم لم يروا مثله في تبحره وخرج إلى الحج ولما عاد كان القبول عظيما وزائدا على ما كان من قبل وبلغ الأمر في التعصب له مبلغا يؤدي إلى الفتنة وقلما كان يخلو مجلسه عن إسلام جماعة من أهل الذمة
وخرج بعد من قابل راجعا إلى الحج في أكمل حرمه وترفه في خدمة من أمير الحاج وأصحابه وعاد إلى بغداد وأمر القبول بحاله والفتنة مشرئبة تكاد تضطرم فبعث إليه نظام الملك يستحضره من بغداد إلى أصبهان فأكرم مورده وبقي أهل بغداد عطاشا إليه وإلى كلامه منهم من لم يفطر عن الصوم سنين بعده ومنهم من لم يحضر من بعده مجلس
تذكير قط وأشار الصاحب عليه بالرجوع إلى خراسان ووصله بصلات سنية ودخل قزوين ولقي بها قبولا تاما ولما عاد استقبله الأئمة والصدور وكان يواظب بعد ما لقي من القبول على درس إمام الحرمين ويشتغل بزيادة التحصيل وكان أكثر صغوة في أواخر أيامه إلى الرواية قلما يخلو يوم من أيامه عن مجلس للحديث أو مجلسين وتوفي عديم النظير فريد الوقت بقية أكابر الدنيا انتهى
قلت وأعظم ما عظم به أبو نصر أن إمام الحرمين نقل عنه في كتاب الوصية من النهاية وهذه مرتبة رفيعة
والفتنة المشار إليها في كلام عبد الغافر فتنة الحنابلة فإن الأستاذ أبا نصر قام في نصرة مذهب الأشعري وباح بأشد النكير على مخالفيه وغبر في وجوه المجسمة في كائنه لا يخلو هذا الكتاب عن شرحها
وكان الأستاذ أبو نصر قد اعتقل لسانه في آخر عمره إلا عن الذكر فلا يتكلم إلا بآي القرآن وكان يحفظ من الأشعار والحكايات مالا يحصى كثرة وقيل إنه كان يحفظ خمسين ألف نصف بيت قيل وكان يحب العزلة والانزواء فلما انقرضت الجوينية وصار مقدما احتاج إلى الخروج وحضور المحافل إذ كان قد بقي عين أهل مدينة نيسابور والمشار إليه في صدور محافل العزاء والهناء بعدما انقرض بيت الشيخ أبي محمد الجويني وولده إمام الحرمين وبالجملة كان رجلا معظماحتى عند مشايخه فلقد أطنب شيخه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في الثناء عليه وكذلك شيخه إمام الحرمين
ودخل الأستاذ أبو نصر مرة على الإمام أبي المعالي الجويني فأنشأ الإمام ارتجالا

ومن شعر الأستاذ أبي نصر
وقال
وقال أيضا
وقال في ولده فضل الله
وقال
ووقعت إليه رقعة استفتاء فيها
فأجاب من أبيات
توفي الأستاذ أبو نصر يوم الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور
ومن الفوائد عنه
قال أبونصر سمعت والدي يقول ليكن لك في اليوم والليلة ساعة تحضر فيها بقلبك وتخلو بربك وتقول تدارك قلبي بشظية من إقبالك بذره من أفضالك
من نذر أن لا يكلم الآدميين أو الصمت في صومه قال الرافعي في آخرباب النذر في تفسير أبي نصر القشيري أن القفال قال من التزم بالنذر أن لا يكلم الآدميين يحتمل أن يقال يلزمه لأنه مما يتقرب به ويحتمل أن يقال لا لما فيه من التضييق
والتشديد وليس ذلك من شرعنا كما لو نذر الوقوف في الشمس
قلت وقد رأيت ذلك في تفسير أبي نصر المذكور قال وعلى هذا يكون نذر الصمت يعني في قوله {إني نذرت للرحمن صوما} في تلك الشريعة لا في شريعتنا
ذكره في تفسير سورة مريم ومراده بالقفال فيما أحسب القفال الكبير صاحب التفسير لا القفال المروزي فليعلم ذلك
ورأيت صاحب البحر قد ذكر في كتاب الصوم ما نصه فرع جرد عادة الناس بترك الكلام في رمضان وليس له أصل في الشرع والرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يفعلوه إلا أن له أصلا في شرع من قبلنا قال تعالى لزكريا عليه السلام {ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} وقالت مريم عليها السلام {إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} وقد قال بعض أصحابنا شرع من قبلنا يلزمنا فيكون هذا قربة تستحب ومن قال لا يلزمنا شرع من قبلنا قال لا يستحب انتهى
قلت وعلى هذا تتخرج المسألة السابقة فإن قلنا قربة صح التزامه بالنذر وإلا فلا

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 7- ص: 159

عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن أبو نصر القشيري النيسابوري الشافعي. قال عبد الغافر: هو إمام الأئمة، وحبر الأمة، وبحر العلوم. رباه والده واعتنى به حتى برع في النظم والنثر واستوفى الحظ الأوفر من علم التفسير والأصول، ثم لازم إمام الحرمين حتى أحكم عليه المذهب والخلاف والأصول.
وسمع الحديث من أبيه، وأبي عثمان الصابوني، وابن النقور، وأبي القاسم الزنجاني، وجماعة، وحدث بالكثير.
روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار، وأبو الفتوح الطائي، وبالإجازة ابن عساكر، وابن السمعاني.
وصنف «التيسير في التفسير».
قال الرافعي آخر باب النذر، في «تفسير أبي نصر القشيري» أن القفال قال: من التزم بالنذر أن لا يكلم الآدميين. يحتمل أن يقال: يلزمه، لأنه مما يتقرب به، ويحتمل أن يقال: لا، لما فيه من التضييق والتشديد، وليس ذلك من شرعنا، كما لو نذر الوقوف في الشمس.
قال ابن السبكي: وقد رأيت ذلك في «تفسير أبي نصر» المذكور. ذكره في تفسير سورة مريم.
ومن العجائب أنه اعتقل لسانه في آخر عمره عن الكلام إلا عن الذكر، فكان يتكلم بآي القرآن.
مات في يوم الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة وهو في عشر الثمانين.
ومن شعره:

وله أيضا:
وله:

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 298

عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن أبو نصر القشيري النيسابوري قال عبد الغافر هو إمام الأئمة وحبر الأمة وبحر العلوم رباه والده واعتنى به حتى برع في النظم والنثر واستوفى الحظ الأوفى من علم التفسير والتأليف فيه والأصول ثم لازم إمام الحرمين حتى أحكم عليه المذهب والخلاف والأصول
وسمع الحديث من أبيه وأبي عثمان الصابوني وابن النقور وأبي القاسم الزنجاني وجماعة وحدث بالكثير
روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار وأبو الفتوح الطائي
وبالإجازة بن عساكر وابن السمعاني
ومن العجائب أنه اعتقل لسانه في آخر عمره عن الكلام إلا عن الذكر فكان يتكلم بآي القرآن
وكانت وفاته في شهر جمادي الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة

  • مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 156

أبو نصر، أعلى أولاد الأستاذ أبي القاسم القشيري في العلم محلا، وإن لم يكن أكبرهم وأعلاهم سنا، وهو الرابع من أولاده، وأول أولاده من بعد أولاده الثلاثة من الخيرة والسيدة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق، وأشبههم به خلقا، حتى كأنما شق منه شقا.

كان متصرفا في علوم، متقدما في فنون، وهو أحد الجلة المتقدمين من أصحاب الإمام أبي المعالي الجويني.

رباه والده وعلمه في صباه اللسان العربي، حتى تخرج وبرع، وزاول النثر والنظم، فحل منهما بالمحل المرموق وتلقى من والده علمي التفسير والأصول، فبلغ منهما المبلغ الذي يونق ويروق، وكان إليه استملاء الحديث على والده، وقراءة الكتب عليه، لتقدمه في فضله، ورزق السرعة في الكتابة، حتى كان يكتب الكثير من غير أن يلحقه كبير مشقة، ثم لما استأثر الله الكريم بوالده بادر بعد إقامة رسم العزاء وتوابعه إلى مجلس إمام الحرمين، ولازم درسه، ولزمه ليلاً ونهاراً، وعشيا وإبكارا، حتى حصل طريقه في المذهب والخلاف، وعاود الأصول فأعاده عليه، وكان الإمام أبو المعالي يعتد به ويستفرغ معه أكثر أيامه، مستفيدا منه شيئا من حسابيات المسائل والوصايا والفرائض.

ثم حين فرغ من تحصيل الفقه تأهب للحج، واستصحب جماعة، ولما دخل بغداد جلس للوعظ، فبدا له من القبول حين رأوا كماله ما لم يعهد لأحد في تلك الأزمنة مثله، وحضرت الخاصة مجلسه، والأئمة: الامام أبو إسحاق الشيرازي وغيره.

وحج وعاد، والقبول مقبل غض، وشمر لتربيته الشيخ أبو سعد الصوفي دوست دادا شيخ الشيوخ، الذي ينسب إليه رباط شيخ الشيوخ ببغداد، وخرج الأمر إلى التعصب حتى بدت مخايل الفتنة وأوائلها، وكان قلما يخلو مجلس من مجالسه عن إسلام ذمي ثم حج ثانياً من قابل في ترفه وأهبة لمراعاة أمير الحاج له، ورجع إلى بغداد، والقبول بحاله، ونار الفتنة تكاد تضطرم، فأنهي ذلك إلى نظام الملك وهو بأصبهان، وسئل استحضاره إياه من بغداد تطفئة للنائرة، فبعث إليه يستدعيه، فتوجه إلى المعسكر، فتلقاه بأكيد الإكرام، وأشار عليه بالعود إلى وطنه، ففعل وأقام ملازما للطريقة القويمة، ثم سئل أن يدرس ويعظ، فأجاب إلى ذلك إلى أن قرب انتهاء أمره.

مرض في آخر عمره مرضا اعتقل منه لسانه إلا عن الذكر، فكان لا يتكلم إلا بآيات القرآن إلى أن توفي في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمس مئة بنيسابور.

وكانت جنازته عظيمة الحفل.

سمع الحديث الكثير، ورواه فأكثر، وقرأ تصانيف والده عليه.

قال السمعاني: وكان كثير الميل إلى الرواية، قلما يمضي عليه يوم إلا ويقرأ عليه مجلس من الحديث.

قال: وكان يحفظ حكايات وأشعارا كثيرة، وحكي أنه كان يحفظ خمسين ألف نصف بيت، وأنه كان يحب العزلة والانزواء، فلما انقرضت الجوينية وصار مقدما احتاج إلى الخروج، وحضور المحافل للتهاني والتعازي، فخرج يوماً إلى تعزية بعض الناس، وكان يوماً كثير الوحل، فأصاب ثيابه، وتلوث، فلما رجع إلى منزله أنشد:



قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: الفراغة، بالهاء تستعملها العجم،

ولا أصل لها في اللغة نعلمه، فالله أعلم.

وأنشد:


وقال: سمعت والدي يقول: ليكن لك في اليوم والليلة ساعة تحضر فيها بقلبك، وتخلو بربك، وترفع إليه فقرك، وتقول: تدارك قلبي بشظية من إقبالك، بذرة من إفضالك؛

  • دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 546

عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم.
سمع ابن النقور وجماعة. حدث عنه أبو البركات ابن السقطي، وجماعة. أثنى عليه ابن النجار، وقال: كان من أئمة المسلمين وأعلام الدين. توفي سنة أربع عشرة وخمسمائة.

  • مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 6- ص: 1

عبد الرحيم بن أبى القاسم عبد الكريم بن هوازن أبو نصر القشيري النيسابوري.
قال عبد الغافر: هو إمام الأئمة، وحبر الأمة، وبحر العلوم.
رباه والده واعتنى به حتى برع في النظم والنثر واستوفى الحظ الأوفى من علم التفسير والأصول، ثم لازم إمام الحرمين حتى أحكم عليه المذهب والخلاف والأصول.
وسمع الحديث من أبيه، وأبي عثمان الصابوني، وابن النقور، وأبي القاسم الزنجاني، وجماعة، وحدث بالكثير.
روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار، وأبو الفتوح الطائي وبالإجازة ابن عساكر، وابن السمعاني.
ومن العجائب أنه اعتقل لسانه في آخر عمره عن الكلام إلا عن الذكر، فكان يتكلم بآي القرآن.
مات في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة.
وهو في عشر الثمانين.

  • مكتبة وهبة - القاهرة-ط 1( 1976) , ج: 1- ص: 65

عبد الرحيم بن الأستاذ أبي القاسم القشيرى أبو نصر.
أحد أولاد أبي القاسم، لزم الإمام فأتقن الأصول والفروع والخلاف وحضر مجلسه صاحب المهذب، مات سنة أربع عشرة وخمسمائة وهو في عشر الثمانين، كان يحفظ خمسين ألف ونصف بيت حكاه ابن الصلاح، وكان يقول في دعائه: ها قد مددت يدي إليك فردها بالفضل لا لشماتة الأعداء، وجلس في النظامية للوعظ في رمضان فأمطروا قال:

واعتقل لسانه في آخر عمره إلا عن الذكر، ونقل الإمام عنه في نهايته في الوصايا وهذا فخر عظيم، وحكى عنه الرافعي في كتاب النذر فقال: وفي تفسير أبي نصر القشيرى أن القفال قال: من التزم بالنذر أن لا يكلم الآدمى هل يلزمه فيه احتمالان.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

أبو نصر القشيرى عبد الرحيم بن عبد الكريم.
تقدم في السابعة عشرة.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1