ابن ملجم عبد الرحمن بن ملجم المرادي التدؤلي الحميري: فاتك ثائر، من اشداء الفرسان. ادرك الجاهلية، وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل فكان من القراء واهل الفقه والعبادة. ثم شهد فتح مصر وسكنها فكان فيها فارس بني تدؤل. وكان من شيعة علي بن أبي طالب (رض) وشهد معه صفين. ثم خرج عليه، فاتفق مع (البرك) و (عمرو بن بكر) على قتل علي، ومعاوية، وعمرو بن العاص، في ليلة واحدة (17 رمضان) وتعهد البرك بقتل معاوية، وعمرو بن بكر بقتل عمرو بن العاص، وتعهد ابن ملجم بقتل علي، فقصد الكوفة واستعان برجل يدعى شبيبا الاشجعي، فلما كانت ليلة 17 رمضان كمنا خلف الباب الذي يخرج منه علي لصلاة الفجر، فلما خرج ضربه شبيب فأخطأه، فضربه ابن ملجم فأصاب مقدم رأسه، فنهض من في المسجد، فحمل عليهم بسيفه فأفرجوا له، وتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة رمى بها عليه وحمله وضرب به الارض وقعد على صدره. وفر شبيب. وتوفى علي (رض) من اثر الجرح. وفي آخر اليوم الثالث لوفاته احضر ابن ملجم بين يدي الحسن فقال له: والله لأضربنك ضربة تؤديك إلى النار. فقال ابن ملجم: لو علمت ان هذا في يديك ما تخذت إلها غيرك! ثم قطعوا يديه ورجليه، وهو لاينفك عن ذكر الله، فلما عمدوا إلى لسانه شق ذلك عليه، وقال: وددت ان لايزال فمي بذكر الله رطبا. فأجهزوا عليه، وذلك في الكوفة. وقيل: احرق بعد قتله.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 339
عبد الرحمن بن ملجم المرادي أدرك الجاهلية، وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل. ذكر ذلك أبو سعيد بن يونس، ثم صار من كبار الخوارج، وهو أشقى هذه الأمة بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتل علي بن أبي طالب، فقتله أولاد علي. وذلك في شهر رمضان سنة أربع وأربعين. ذكره الذهبي في التجريد لكونه على الشرط، وليس بأهل أن يذكر مع هؤلاء، وبسطت ترجمته في لسان الميزان.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 5- ص: 85
عبد الرحمن بن ملجم عبد الرحمن بن ملجم المرادي، قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه . قرأ القرآن على معاذ بن جبل وكان من العباد، وقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص أن قرب إلي دار عبد الرحمن بن ملجم ليعلم الناس القرآن والفقه فوسع له مكان داره. ثم كان من شيعة علي بن أبي طالب بالكوفة وشهد معه صفين، ثم فعل ما فعل. وهو عند الخوارج من أفضل الأمة وكذلك النصيرية يعظمونه. قال ابن حزم: يقولون أن ابن ملجم أفضل أهل الأرض لأنه خلص روح اللاهوت من ظلمة الجسد وكدره، وعند الروافض أنه أشقى الخلق في الآخرة، وهو عندنا أهل السنة من نرجو له النار، ويجوز أن الله تعالى يتجاوز عنه، وحكمه حكم قاتل عثمان والزبير وطلحة وسعيد بن جبير، وقاتل عمار وقاتل خارجة وقاتل الحسين، فكل هؤلاء نبرأ منه ونبغضهم في الله تعالى ونكل أمرهم إلى الله. ولما دفن علي أحضر ابن ملجم وجاء الناس بالنفط والبواري وقطعت يداه ورجلاه، وكحلت عيناه ثم قطع لسانه ثم أحرق في قوصرة.
وكان أسمر حسن الوجه أفلج شعره مع شحمة أذنه، وفي جبهته أثر السجود، وكانت قتلته سنة أربعين من الهجرة وقيل إنه قطعت يداه ورجلاه ولم يتأوه بل يتلو القرآن، فلما أرادوا قطع لسانه امتنع عن إخراجه فتعبوا في ذلك، فقيل له: قطعت يداك ورجلاك وما ألمت ولا امتنعت فما هذا الامتناع من قطع لسانك؟ فقال: لئلا تفوتني تلاوة القرآن شيئا وأنا حي، فشقوا شدقه وأخرجوا لسانه بكلاب وقطعوه.
وكان السبب في قتله لعلي، أن عليا لما قاتل الخوارج بالنهروان واستأصل جمهورهم ولم ينج منهم إلا اليسير، انتدب له من بقاياهم عبد الرحمن بن ملجم، وتعاقد الخوارج على قتل معاوية وعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب. وخرج منهم ثلاثة نفر لذلك، ودخل عبد الرحمن الكوفة واشترى لذلك سيفا وسقاه السم فيما زعموا حتى لفظه، فقيل ذلك لعلي فأحضره وقال له: لم تسقي سيفك السم؟ قال: لعدوي وعدوك، فخلى عنه. وكان في خلال ذلك يأتي عليا فيسأله ويستحمله فيحمله، إلى أن وقعت عينه على قدام، وكانت جميلة رائعة فأحبته فخطبها فقالت: لقد آليت ألا أتزوج إلا على مهر لا أريد سواه، فقال: ما هو؟ قالت: ثلاثة آلاف درهم وعبد وجارية وقتل علي بن أبي طالب، فقال: والله ما أتيت إلا للفتك به ولا أقدمني هذا المصر غير ذلك، ولك لما رأيتك آثرت تزويجك، فقالت: ليس إلا الذي قلت لك، فقال: وما بغيتك أو ما يغنيني منك قتل علي وأنا أعلم أني إذا قتلته لم أفلت؟ فقالت: إن قتلته ونجوت فهو الذي أردت، تبلغ شفاء نفسي ويهنيك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، فقال لها: لك ما اشترطت ثم قال:
ثلاثة آلاف وعبد وقينة | وضرب علي بالحسام المسمم |
فلا مهر أغلا من قدام وإن غلا | ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم |
أريد حباءه ويريد قتلي | عذيرك من خليلك من مراد |
أريد حباءه ويريد قتلي | عذيري من خليلي من مراد |
قل لابن ملجم والأقدار غالبة | هدمت ويلك للإسلام أركانا |
قتلت أفضل من يمشي على قدم | وأول الناس إسلاما وإيمانا |
وأعلم الناس بالقرآن ثم بما | سن الرسول لنا شرعا وتبيانا |
صهر النبي ومولاه وناصره | أضحت مناقبه نورا وبرهانا |
وكان منه على رغم الحسود له | مكان هارون من موسى بن عمرانا |
وكان في الحرب سيفا ماضيا ذكرا | ليثا إذا لقي الأقران أقرانا |
ذكرت قاتله والدمع منحدر | فقلت سبحان رب الناس سبحانا |
إني لأحسبه ما كان من بشر | يخشى المعاد ولكن كان شيطانا |
أشقى مراد إذا عدت قبائلها | وأخسر الناس عند الله ميزانا |
كعاقر الناقة الأولى التي جلبت | على ثمود بأرض الحجر خسرانا |
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها | قبل المنية أزمانا وأزمانا |
فلا عفا الله عنه ما تحمله | ولا سقى قبر عمران بن حطانا |
لقوله في شقي ظل مجترما | ونال ما ناله ظلما وعدوانا |
يا ضربة من تقي ما أراد بها | ألا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
بل ضربة من غوى أوردته لظى | فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا |
كأنه لم يرد قصدا بضربته | إلا ليصلى عذاب الخلد نيرانا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0
عبد الرحمن بن ملجم المرادي، ذاك المعثر الخارجي. ليس بأهل أن
يروي عنه، وما أظن له رواية، وكان عابدا قانتا لله، لكنه ختم بشر، فقتل أمير المؤمنين عليا متقربا إلى الله بدمه بزعمه، فقطعت أربعته ولسانه، وسملت عيناه،
[111 / 3] ثم أحرق.
نسأل الله العفو والعافية /.
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 2- ص: 592