ابن قدامة عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي، أبو الفرج، شمس الدين: فقيه، من اعيان الحنابلة. ولد وتوفى في دمشق. وهو اول من ولي قضاء الحنابلة بها، استمر فيه نحو 12 عاما ولم يتناول عليه (معلوما) ثم عزل نفسه. له تصانيف، منها (الشاني - ط) وهو الشرح الكبير للمقنع، في فقه الحنابلة.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 329
ابن قدامة الجماعيلي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، شيخ الإسلام وبقية الأعلام شمس الدين أبو محمد وأبو الفرج ابن القدوة الشيخ أبي عمر المقدسي الجماعيلي الصالحي الحنبلي الخطيب الحاكم. ولد سنة سبع وتسعين وخمس مائة بالدير المبارك بسفح قاسيون، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة.
وسمع حضورا من ست الكتبة بنت الطراح، ومن أبيه وعمه الموفق وعليه تفقه وعرض عليه المقنع وشرحه عليه وشرح عليه غيره وشرحه في عشر مجلدات، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وابن الحرستاني، وابن كامل، والقاضي أسعد بن المنجا، وابن البناء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكري، والجلاجلي، والشمس البخاري وجماعة كثيرة. وطلب بنفسه وكتب وقرأ على الشيوخ، قرأ على ابن الزبيدي، وجعفر الهمذاني، والضياء المقدسي. وسمع بمكة من أبي المجد القزويني وابن باسويه، وبالمدينة من أبي طالب عبد المحسن بن العميد الحفيفي. وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، و أبو سعد بن الصفار وعفيفة الفارقانية، وأبو الفتح المندائي وخلق كثير. وروى عنه الأئمة أبو بكر النواوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم، وابن تيمية، وأبو محمد الحارثي، وابن العطار، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الفداء إسماعيل الحراني، والبرزالي وخلق كثير. وإليه انتهت رئاسة المذهب في عصره، وكان عديم النظير علما وعملا وزهدا، وتولى القضاء أكثر من اثنتي عشرة سنة ولم يأخذ عليه رزقا، ثم إنه تركه.
وبالغ نجم الدين بن الخباز وجمع سيرته في مائة وخمسين جزءا تجيء ست مجلدات، لعل ثلثها مما يختص بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكون الشيخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه وهلم جرا إلى زمان الشيخ. وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته. ورثاه شمس الدين الصائغ، والشيخ علاء الدين بن غانم، والشيخ محمد بن الأموي، والبرهان بن عبد الحافظ، ونجم الدين بن فليتة، ومجد الدين بن المهمار، ورثاه شهاب الدين محمود بقصيدته التي أولها:
ما للوجود وقد علاه ظلام | أعراه خطب أم عداه مرام |
أم قد أصيب بشمسه فغدا وقد | لبست عليه حدادها الأيام |
لم أدر هل نبذ الظلام نجومه | أم حل للفلك الأثير نظام |
فلقد تنكرت المعالم واستوى | في ناظري الإشراق والإظلام |
وذهلت حتى خلت أني ليس لي | بعد الفراق سوى الدموع كلام |
أترى درى صرف الردى لما رمى | أن المصاب بسهمه الإسلام |
أو أنه ما خص بالسهم الذي | أصمى به دون العراق الشام |
سهم تقصد واحدا فغدا وفي | كل القلوب لوقعه آلام |
ما خلت أن يد المنون لها على | شمس المعارف والهدى إقدام |
من كان يستسقى بغرة وجهه | إن عاد وجه الغيث وهو جهام |
وتبين للساري أسرة فضله | فكأنما هي للهدى أعلام |
ما خلت أن الدين لولا فقده | فمن يروع سربه ويضام |
كانت تطيب لنا الحية بأنسه | وبقره فعلى الحياة سلام |
كانت ليالينا بطيب بقائه | فينا تضيء كأنها أيام |
كانت به تروى القلوب وتنثني | ولها إليه تعطش وأوام |
من للعلوم وقد علت وغلت به | أضحت تسامي بعده وتسام |
من للحديث وكان حافظ سره | من أن يضم إلى الصحاح سقام |
وله إذا ذكر الدروس مراتب | تسمو فتقصر دونها الأوهام |
يروي فيروي كل ذي ظمأ له | بحمى الحديث تعلق وغرام |
ببديهة في العلم يقسم من رأى | ذاك التسرع أنها إلهام |
من للقضايا المشكلات إذا نبت | عنها العقول وحارت الأفهام |
هل للفتاوى من إذا وافى بها | قضي القضاء وجفت الأقلام |
من للمنابر وهو فارسها الذي | تحيى القلوب به وهن رمام |
وله إذا أم الدروس مواقف | مشهودة ما نالهن إمام |
يجلى بها صدأ القلوب وترتوي | منها العقول وتعقل الأحكام |
ولديه في علم الكلام جواهر | غر يحار لحسنها النظام |
من للزمان؟ وكان طول حياته | ألليل يحيى والنهار يصام |
من للعفاة وللعناة وهل لهم | من بعد في ذاك المقام مقام |
كانت لهم منه عواطف مشفق | فمضى فهم من بعده أيتام |
إن يخل منهم بابه فلطالما | عاينته ولهم عليه زحام |
وذوو الحوائج ما أتوه لحادث | إلا ونالوا عنه ما قد راموا |
يلقاهم بشر يبشرهم بما | قصدوا من الحاجات وهي جسام |
من للطريد وهل له من بعده | يوما من الدهر الذميم ذمام |
فجعت به الدنيا فإن لم تصف | من أكدارها يوما فليس تلام |
فعلام يبقي الطرف فيه بقية | أيروم أن يرد الجفون منام |
أو أن يصون الدمع كي يطفي الجوى | ولناره بين الضلوع ضرام |
أو أن يكون ذخيرة هيهات ما | لملمة من بعدها إيلام |
هذا الذي عفنا المضاجع خشية | من أن تخيله لنا الأحلام |
فعلام نجزع للحوادث ما اشتهت | من بعده فلتفعل الأيام |
بتنا نودعه وقد جاءته من | دار السلام تحية وسلام |
ونقوم إجلالا لديه ولم نخل | أن الملائكة الكرام قيام |
وأتته من خلع القبول ملابس | شرفت فليس ترى وليس ترام |
فليهنه الدار التي لنعيمها | فيها إذا زال النعيم دوام |
دار له فيها السرور محقق | لا كالحياة فإن تلك منام |
حيي الحيا زال الزمان فإنه | للأنس بل للمكرمات ختام |
وسقى العهاد عهوده فإذا ونى | فالدمع إن ضن الغمام غمام |
إن كان عاندنا الزمان بفقده | فله بمن أبقى لنا إنعام |
أو غالنا في الشمس وهي منيرة | فلقد سخا بالبدر وهو تمام |
نجم به ألف الهدى وبنوره | عادت وجوه الدهر وهي وسام |
أبقى لنا منه الزمان بقية | أثنى عليه بتركها الإسلام |
شرف القضاء بعلمه وتشرفت | بوجوده الأحكام والحكام |
وبه علينا الدهر لما أن مضى | منه إمام قام منه إمام |
حسن الزمان به فألفت جيده | ماضي الدهور وحنت الأعوام |
ولكم عدت من زلة وفريضة | هذي تقال به وتلك تقام |
من دوحة شرفت وكم فرع بها | زاك تأخر عنه وهو إمام |
من كان في حجر العلوم وطالما | سبق الكهول تقاه وهو غلام |
مولاي نجم الدين دعوة من غدا | الصبر الجميل عليه وهو حرام |
طب عن أبيك فدتك نفسي إنه | ولى ولم تعلق به الآثام |
فلمثل هذا كان يتعب نفسه | الليل ذكر والنهار صيام |
لكم الكرامات الجليلات التي | لا يستطيع جحودها الأقوام |
في وقت دفن أبيك هبت نسمة | في طيها كلف به وغرام |
إن لم يكن روح الجنان فقبلها | ما طاب من لفح الهجير مقام |
فاسلم ودم تحيى المآثر والعلى | ما ناح في فرع الأراك حمام |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0