ابن عساكر عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي: فقيه، كان شيخ الشافعية في وقته. له تصانيف في الفقه والحديث. وهو ابن اخي المؤرخ علي بن عساكر.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 328

ابن عساكر عبد الرحمن بن محمد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 20- ص: 0

ابن عساكر الشيخ الإمام العالم القدوة المفتي شيخ الشافعية فخر الدين أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الدمشقي الشافعي.
ولد سنة خمسين وخمس مائة.
وسمع من عميه: الصائن، والحافظ، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم، وأبي المكارم بن هلال، وداود بن محمد الخالدي، ومحمد بن أسعد العراقي، وابن صابر، وعدة.
وتفقه بالقطب النيسابوري، وتزوج بابنته، وجاءه ولد منها سماه مسعودا مات شابا.
درس بالجاروخية، ثم بالصلاحية بالقدس، وبالتقوية بدمشق، فكان يقيم بالقدس أشهرا، وبدمشق أشهرا، وكان عنده بالتقوية فضلاء البلد، حتى كانت تسمى نظامية الشام، ثم درس بالعذراوية سنة 593، وماتت الست عذراء، وبها دفنت، وهي أخت الأمير عز الدين فروخشاه.
وكان فخر الدين لا يمل الشخص من النظر إليه، لحسن سمته، ونور وجهه، ولطفه واقتصاده في ملبسه، وكان لا يفتر من الذكر، وكان يسمع الحديث تحت النسر.
قال أبو شامة: أخذت عنه مسائل، وبعث إليه المعظم ليوليه القضاء، فأبى، وطلبه ليلا فجاءه، فتلقاه وأجلسه إلى جنبه، فأحضر الطعام فامتنع، وألح عليه في القضاء، فقال: أستخير الله، فأخبرني من كان معه، قال: ورجع ودخل بيته الصغير الذي عند محراب الصحابة، وكان أكثر النهار فيه، فلما أصبح أتوه فأصر على الامتناع، وأشار بابن الحرستاني فولي، وكان قد خاف أن يكره فجهز أهله للسفر، وخرجت المحابر إلى ناحية حلب، فردها العادل، وعز عليه ما جرى.
قال: وكان يتورع من المرور في زقاق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك لأن عوامهم يبغضون بني عساكر للتمشعر، ولم يوله المعظم تدريس العادلية لأنه أنكر عليه تضمين الخمر والمكس، ثم لما حج أخذ منه التقوية وصلاحية القدس، ولم يبق له سوى الجاروخية.
قال أبو المظفر الجوزي: كان زاهدا، عابدا، ورعا، منقطعا إلى العلم والعبادة، حسن الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا، توفي في عاشر رجب سنة عشرين وست مائة، وقل من تخلف عن جنازته.
وقال أبو شامة: أخبرني من حضره قال: صلى الظهر، وجعل يسأل عن العصر، وتوضأ ثم تشهد وهو جالس، وقال: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، لقنني الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي. ثم قال: وعليك السلام، فعلمنا أنه حضرت الملائكة، ثم انقلب ميتا. غسله الفخر ابن المالكي، وابن أخيه تاج الدين، وكان مرضه بالإسهال، وصلى عليه أخوه زين الأمناء، ومن الذي قدر على الوصول إلى سريره؟
وقال عمر بن الحاجب: هو أحد الأئمة المبرزين، بل واحدهم فضلا وقدرا، شيخ الشافعية، كان زاهدا، ثقة، متجهدا، غزير الدمعة، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع ينشر العلم، وكان مطرح الكلف، عرضت عليه مناصب فتركها، ولد في رجب وعاش سبعين سنة، وكان الجمع لا ينحصر كثرة في جنازته. حدث بمكة، ودمشق، والقدس، وصنف عدة مصنفات، وسمعنا منه.
وقال القوصي: كان كثير البكاء، سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع والخضوع، كثير التهجد، قليل الهجوع، مبرزا في علمي الأصول والفروع، وعليه تفقهت، وعرضت عليه ’’الخلاصة’’ للغزالي، ودفن عند شيخه القطب.
قلت: حدث عنه البرزالي، والضياء، والزين خالد، والقوصي، وابن العديم، والتاج عبد الوهاب ابن زين الأمناء، والقاضي كمال الدين إسحاق بن خليل الشيباني، وجماعة. وسمعنا بإجازته من عمر ابن القواس، وتفقه عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وغيره.
وفيها مات: الشيخ موفق الدين المقدسي، وأحمد بن ظفر بن هبيرة، وصالح بن القاسم بن كور، والحسين بن يحيى بن أبي الرداد المصري، وأكمل بن أبي الأزهر العلوي الكرخي، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وصاحب الغرب يوسف بن محمد بن يعقوب.
صاحب توريز، البردغولي:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 161

عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ابن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشيخ الإمام الكبير أبو منصور فخر الدين ابن عساكر
شيخ الشافعية بالشام وآخر من جمع له العلم والعمل
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة
وتفقه بدمشق على الشيخ قطب الدين النيسابوري وزوجه بابنته واستولدها
وسمع الحديث من عميه الإمامين الحافظ الكبير أبي القاسم والصائن هبة الله وجماعة
وحدث بمكة ودمشق والقدس روى عنه الحافظ زكي الدين البرزالى وزين الدين خالد وضياء الدين المقدسي وآخرون
وله تصانيف في الفقه والحديث وغيرهما وبه تخرج الشيخ عز الدين بن عبد السلام
وكان إماما صالحا قانتا عابدا ورعا كثير الذكر قيل كان لا يخلو لسانه عن ذكر الله
وأريد على القضاء فامتنع طلبه الملك العادل ليلا وبالغ في استعطافه وألح عليه فقال حتى استخير الله وخرج فقام ليلته في الجامع يتضرع ويبكي إلى الفجر فلما صلى الصبح وطلعت الشمس أتاه جماعة من جهة السلطان فأصر على الامتناع وجهز أهله للسفر وخرجت المحابر إلى ناحية حلب فردها السلطان ورق عليه وأعفاه وقال عين غيرك فعين له ابن الحرستاني واتفق أهل عصره على تعظيمه في العقل والدين
الجمع بين وظيفتين في بلدين متباعدين
كان الشيخ فخر الدين ابن عساكر مدرسا بالمدرسة العذراوية وهو أول من درس بها والنورية والجاروخية وهذه الثلاث بدمشق والمدرسة الصلاحية بالقدس يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرا وقد وقع في زماننا الترافع في رجل ولي التدريس في بلدين متباعدين حلب ودمشق وأفتى جماعة من أهل عصرنا بالجواز على أن يستنيب فيما غاب عنها فمن أصحابنا القاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي ابن العم والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله البعلبكي والقاضي شمس الدين محمد بن خلف الغزي والشيخ عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسباني ومن الحنفية والمالكية والحنابلة آخرون وزاد شمس الدين الغزي فقضى بذلك وأذن فيه وحاولني صاحب الواقعة على موافقتهم فأبيت والذي يظهر أن هذا لا يجوز وأنا الذي ذكرت لهم ما فعل ابن عساكر ومني سمعه صاحب الواقعة وليس لهم فيه دليل لأن واقف الصلاحية جوز لمدرسها أن يستنيب على عذر وهذا وإن كان لا ينهض عذرا لأن ابن عساكر كان يقيم بهذه البلد أشهرا وبهذه البلد أشهرا ومسألتنا فيمن يعرض
عن إحدى البلدين بالكلية ويقتصر على الاستنابة وما ذكرت وإن لم يكن فيه دليل لأن واقف الصلاحية إن سوغ الاستنابة فما يسوغ ذلك واقفو العذراوية والنورية والجاروخية ولا يجوز ترك بعض الشهور كما لا يجوز ترك كلها وبالجملة في واقعة ابن عساكر ما يهون عنده واقعتنا والمسألة اجتهادية وابن عساكر رجل صالح عالم والذي فعله دون ما فعل في عصرنا والذي يقتضيه نظري أنه لا يجوز وأكل المال فيه أكل باطل وغيبته عن واحدة ليحضر أخرى ليس بعذر فما ظنك بمن يغيب بالكلية
وقد اعتل بعض هؤلاء المفتين بأن الشيخ الإمام الوالد رحمه الله أفتى بما إذا مات فقيه أو معيد أو مدرس وله زوجة وأولاد أنهم يعطون من معلوم تلك الوظيفة التي كانت له ما تقوم به كفايتهم ثم إن فضل من المعلوم شيء عن قدر الكفاية فلا بأس بإعطائه لمن يقوم بالوظيفة ذكره في شرح المنهاج في باب قسم الفيء أخذا من قول الشافعي والأصحاب أن من مات من المقاتلة أعطيت زوجته وأولاده قالوا فإذا كان هذا رأي الشيخ الإمام مع ما فيه من تولية من لا يستحق وتعطيل الوظيفة فما ظنك بتولية مستحق ينوب عنه يقوم بالوظيفة
وأنا أقول إن هذا مما اغتفره الوالد رحمه الله بالتبعية وقد صرح بأنه لا يجوز ابتداء تولية من لا يصلح فكيف يجوز تولية من لا تمكنه المباشرة ولا هو مغتفر في جانب أب له أو جد قد تقدمت مباشرته وسابقته في الإسلام
وقد أفتى ابن عبد السلام والنووي في إمام مسجد يستنيب فيه بلا عذر أن المعلوم لا يستحقه النائب لأنه لم يتول ولا المستنيب لأنه لم يباشر وخالفهما الشيخ الإمام فيما إذا كان النائب مثل المستنيب أو أرجح منه في الأوصاف التي تطلب لتلك
الوظيفة من علم أو دين وقال في هذه الصورة تصح الاستنابة لحصول الغرض الشرعي واقتضى كلامه حينئذ جواز الاستنابة بلا عذر وعندي فيه توقف
وقد أشاع كثير من الناس أن الوالد كان يرى تولية الأطفال وظائف آبائهم مع عدم صلاحيتهم إذا قام بالوظائف صالح ويرجحهم على الصالحين وتوسعوا في ذلك ونحن أخبر بأبينا وبمقاصده ولم يكن رحمه الله رأى ذلك على الإطلاق إنما كان رأيه فيمن كانت له يد بيضاء في الإسلام من علم أو غيره قد أثر في الدين آثارا حسنة وترك ولدا صالحا أن يباشر وظيفته من يصلح لها وتكون الوظيفة باسم الولد ويقول التولية توليتان تولية اختصاص وتولية مباشرة فالصبي يتولى تولية الاختصاص بمعنى أن تكون له خصوصية بها ويصرف له بعض المعلوم والصالح يتولى تولية مباشرة يعني أنه يأتي بالمعنى المقصود من الوظيفة فيحصل غرض الواقف ومراعاة جانب الصغير إعانة لحق أبيه ويقول أنا في الحقيقة إنما أولي المباشر وهو ذو الولاية الحقيقية
فقلت له فلم لا تصرح له بالولاية
فقال أخشى على الطفل منه فإنه متى استقرت له لم يعط الصغير شيئا
فقلت له اجعل المباشر هو المتولي واشترط عليه بعض المعلوم للطفل
قال يتأهل الطفل فلا يسلمه الوظيفة وأنا مرادي أن الطفل إذا تأهل يسلم الوظيفة له
فقلت له فما الذي يثبت للطفل الآن
قال ولاية الاختصاص بمعنى أنه يصير أحق بهذه الوظيفة استقلالا من غير احتياج إلى تجديد ولاية متى تأهل وآكلا لبعض المعلوم ما دام عاجزا
فقلت له أتفعل ذلك فيمن لا يمكنه التأهل كزوجة وبنت وابن أيس من أهليته
فقال لا بل الذين تركهم الميت أقسام
منهم من يمكن أن يتأهل فهذا نوليه ولاية الاختصاص ثم أنا في النائب الذي أقيم له على قدر ما يظهر لي من أمانته إن عرفت من ثقته ودينه أنه متى تأهل الصبي سلمه وظيفته فقد أصرح له بالولاية المترتبة فأقول وليتك مستقلا مدة عدم صلاحية هذا الطفل للمباشرة على أن تصرف عليه بعض المعلوم ووليت هذا الطفل ولاية معلقة بالصلاحية
قال وأنا أرى تعليق الولايات وقد لا أصرح له خشية أن يموت والوظيفة باسمه فيأخذها من لا يعطي ذلك الطفل شيئا وهذه أمور تخرج عن الضبط يراعي فيها الحاكم اجتهاده الحاضر ودينه ونظره في كل جزئية
ومنهم من لا يمكن أن يتأهل كبنت أو زوجة في إمامة مسجد أو ابن أيست أهليته فهؤلاء لا أوليهم مطلقا لا معلقا ولا ولاية اختصاص وإنما أقول لمن أوليه التزم بالنذر الشرعي أن تدفع لهذا كيت وكيت ما دام كذا من معلوم هذه الوظيفة فيصير له استحقاق بعض المعلوم عليه بهذه الطريق
فقلت له فهذا كله فيمن سبقت لأبيه سابقة فما قولك فيمن لا سابقة لأبيه
قال إن كان فقيرا أفهم من نص الشارع طلب إعانة مثله فعلت معه ذلك أيضا ولا أتركه يبيت جائعا قد عدم أباه والرزق الذي كان يدخل عليه مع أبيه
إلى غير ذلك من تفاصيل كان يذكرها تقصر عنها الأوراق الله أعلم بنيته فيها وقد كان الرجل متضلعا بالعلم والدين وغرضنا مما سقناه أنه لم يطلق القول إطلاقا ولا فتح للجهال باب التطرق إلى وظائف أهل العلم حاشاه ثم حاشاه لقد كان يتألم من ولاية الجهال تألما لم أجد من غيره المعشار منه ويذكر من مفاسد ولاية الجاهل ومن لا يباشر ما يطول شرحه وله فيه كلام مستقل
هذا ما أعرفه منه وليس هو من الواقعة التي ذكرناها وقد كنت أعرفه ينكرها بعينها غاية الإنكار فإن الجامع بين التدريسين المذكورين جمع بينهما في حياة الشيخ الإمام وأنكر الشيخ الإمام ذلك ولم تكن له قدرة على دفعه لأنه ذو جاه خطير
ومن شعر الشيخ ابن عساكر

خبر وفاته رحمه الله
وقد كانت مصيبة عامة في الشام سائرة في بلاد الإسلام توفي في العاشر من رجب سنة عشرين وستمائة وكانت جنازته مشهودة قل أن وجد مثلها
قال أبو شامة أخبرني من حضر وفاته أنه صلى الظهر ثم جعل يسأل عن العصر فقيل له لم يقرب وقتها فتوضأ ثم تشهد وهوجالس ثم قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا لقنني الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي ثم قال وعليكم السلام فعلمنا أنه حضرته الملائكة فانقلب على قفاه ميتا
ذكر بقايا من ترجمته
وكان الشيخ فخر الدين ابن عساكر قد وقع بينه وبين الملك المعظم لأنه أنكر عليه تضمين المكوس والخمور فانتزع منه التقوية والصلاحية
وكان بينه وبين الحنابلة ما يكون غالبا بين رعاع الحنابلة والأشاعرة فيذكر أنه كان لا يمر بالمكان الذي يكون فيه الحنابلة خشية أن يأثموا بالوقيعة فيه وأنه ربما مر بالشيخ الموفق بن قدامة فسلم فلم يرد الموفق السلام فقيل له فقال إنه يقول بالكلام النفسي وأنا أرد عليه في نفسي فإن صحت هذه الحكاية فهي مع ما ثبت عندنا من ورع الشيخ موفق الدين ودينه وعلمه غريبة فإن ذلك لا يكفيه جواب سلام وإن كان ذلك منه لأنه يرى أن الشيخ فخر الدين لا يستحق جواب السلام
فلا كيد لمن يرى هذا الرأي ولا كرامة ولا تظن ذلك بالشيخ الموفق ولعل هذه الحكاية من تخليقات متأخري الحشوية
وجدت بخط الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي رحمه الله رأيت بخط الشيخ شمس الدين الذهبي رحمه الله أنه شاهد بخط سيف الدين أحمد بن المجد المقدسي لما دخلت بيت المقدس والفرنج إذ ذاك فيه وجدت مدرسة قريبة من الحرم - قلت أظنها الصلاحية - والفرنج بها يؤذون المسلمين ويفعلون العظائم فقلت سبحان الله ترى أي شيء كان في هذه المدرسة حتى ابتليت بهذا حتى رجعت إلى دمشق فحكي لي أن الشيخ فخر الدين ابن عساكر كا يقرئ بها المرشدة فقلت بل هي المضلة انتهى ما نقلته من خط العلائي رحمه الله
ونقلت من خطه أيضا وهذه العقيدة المرشدة جرى قائلها على المنهاج القويم والعقد المستقيم وأصاب فيما نزه به العلي العظيم ووقفت على جواب لابن تيمية سئل فيه عنها ذكر فيه أنها تنسب لابن تومرت وذلك بعيد من الصحة أو باطل لأن المشهور أن ابن تومرت كان يوافق المعتزلة في أصولهم وهذه مباينة لهم انتهى
وأطال العلائي في تعظيم المرشدة والإزراء بشيخنا الذهبي وسيف الدين ابن المجد فيما ذكراه
فأما دعواه أن ابن تومرت كان معتزليا فلم يصح عندنا ذلك والأغلب أنه كان أشعريا صحيح العقيدة أميرا عادلا داعيا إلى طريق الحق
وأما قول السيف ابن المجد إن الذي اتفق إنما هو بسبب إقراء المرشدة فمن التعصب البارد والجهل الفاسد وقد فعلت الفرنج داخل المسجد الأقصى العظائم فهلا نظر في ذلك نعوذ بالله من الخذلان
ونحن نرى أن نسوق هذه العقيدة المرشدة وهي
اعلم أرشدنا الله وإياك أنه يجب على كل مكلف أن يعلم أن الله عز وجل واحد في ملكه خلق العالم بأسره العلوي والسفلي والعرش والكرسي والسموات
والأرض وما فيهما وما بينهما جميع الخلائق مقهورون بقدرته لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ليس معه مدبر في الخلق ولا شريك في الملك حي قيوم {لا تأخذه سنة ولا نوم} {عالم الغيب والشهادة} {لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} {ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} {أحاط بكل شيء علما} {وأحصى كل شيء عددا} {فعال لما يريد} قادر على ما يشاء له الملك والغناء وله العز والبقاء وله الحكم والقضاء وله الأسماء الحسنى لا دافع لما قضى ولا مانع لما أعطى يفعل في ملكه ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا ليس عليه حق ولا عليه حكم وكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} موجود قبل الخلق ليس له قبل ولا بعد ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف ولا كل ولا بعض ولا يقال متى كان ولا أين كان ولا كيف كان ولا مكان كون الأكوان ودبر الزمان لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان ولا يشغله شأن عن شأن ولا يلحقه وهم ولا يكتنفه عقل ولا يتخصص بالذهن ولا يتمثل في النفس ولا يتصور في الوهم ولا يتكيف في العقل لا تلحقه الأوهام والأفكار {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
هذا آخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سني
مسألة كتاب الصداق في الحرير
كان الشيخ ابن عساكر رحمه الله يفتي بجواز كتابة الصداق على الحرير وخالفه تلميذه شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام فأفتى بالمنع وبه أفتى النووي إلا أنه عزا ذلك إلى تصريح أصحابنا ولم أجد ذلك في كلام واحد منهم

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 8- ص: 177

عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن هبة اللَّه.
مفتى المسلمين فخر الدين أبو منصور بن عساكر، تفقه بالقطب النيسابوري، وتزوج بابنته وسمع من عمه الحافظ أبي القاسم وغيره، وحدَّث بمكة والقدس وغيرهما، وصنف في الفقه والحديث وغيرهما، وجمع بين معرفة الفقه والحديث وتقدم وساد ودرس بالجاروحية وجمع بينهما وبين تدريس الصلاحية بالقدس الشريف والنقوية بدمشق، فكان يقيم هنا أشهراً وهناك أشهراً، وهو أول من درَّس بالعذراوية، وكان يجلس للحديث مكان عمه تحت النسر، عرض عليه القضاء فامتنع، وكان لا يمر بالمكان الذي فيه الحنابلة ورعاً لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، إذ هو أشعري ... كلهم أشاعرة، وأنكر على العادل تضمين الخمور والمكوس، فلهذا لم يوله تدريس العادلية وأخذ منه الصلاحية والنقوية، مات سنة عشرين وستمائة عن سبعين سنة، تفقه عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وروى عنه الضياء وغيره.
وأخوه زين الأمناء الحسن بن محمد
سمع من عميه الحافظ أبي القاسم والضياء بن هبة اللَّه وخلق، وروى عنه المنذرى وغيره، تفقه على جمال الأئمة أبي القاسم علي بن حسن بن الماسح، وقرأ وتأدَّب وتألَّه وأسمع، وكان يقال له السحَّار، وكان من الأوابين، مات سنة سبع وعشرين وستمائة عن ثلاث وثمانين سنة، ودفن إلى جانب أخيه.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1