الناصر الأموي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم الربضي بن هشام بن عبد الرحمن الداخل، أبو المطرف المرواني الاموي: اول من تلقب بالخلافة من رجال الدولة الاموية، في الاندلس. ولد وتوفى بقرطبة. ونشأ يتيما (قتل ابوه وعمره 21 يوما فرباه جده) وبويع بعد وفاة جده (سنة 300هـ) فكان اول مبايعيه بإمارة الاندلس اعمامه، لحب جده له. وكان عاقلا داهية مصلحا طموحا، انصرف إلى تسكين القلاقل، وصفا له الملك. وظهر له ضعف المقتدر العباسي في العراق، فجمع الناس وخطب فيهم، ذاكرا حق بني امية بالخلافة، وانهم اسبق اليها من بني العباس. فبايعوه بها (سنة 316هـ) وتلقب (الناصر لدين الله) فجرى ذلك فيمن بعده. وكان اسلافه يسمون بني الخلائف، ويخطب لهم بالامارة فقط. قال ابن شقدة: (عبد الرحمن الناصراعظم امراء بني امية في الاندلس، كان كبير القدر، كثير المحاسن، محبا للعمران، مولعا بالفتح وتخليد الآثار. أنشأ مدينة الزهراء. وبنى بها قصر الزهراء المتناهي في الجلالة). وقال ابن الابار في وصفه: (اعظم بني امية في المغرب سلطانا، وافخمهم في القديم والحديث شأنا، واطولهم في الخلافة بل اطول ملوك الاسلام قبله، مدة وزمانا). حكم خمسين سنة وستة اشهر، وكان حريصا على الملك، يقظا، صارما اتصل به ان ابنا له (اسمه عبد الله) سمت نفسه إلى طلب الخلافة وتابعه قوم، فقبض عليهم جميعا وسجنهم إلى ان كان يوم عيد الاضحى (سنة 339هـ) فأحضرهم بين يديه، وامر ابنه ان يضطجع له فاضطجع، فذبحه بيده، والتفت إلى خواصه فقال: هذا ضحيتي في هذا العيد، وليذبح كل منكم اضحيته. فاقتسموا اصحاب عبد الله، فذبحوهم عن آخرهم. وكان يكتب في دفتر ايام السرور التي كانت تصفو له من غير تكدير، فلم تتجاوز اربعة عشر يوما.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 324
عبد الرحمن الناصر الأموي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي المرواني، الناصر لدين الله أبو المطرف صاحب الأندلس، الملقب أمير المؤمنين.
بقي في الإمرة خمسين سنة وقام بعده ولده الحكم. وكان أبوه قد قتله أخوه المطرف في صدر دولة أبيهما، وخلف ابنه عبد الرحمن هذا ابن عشرين يوما، وتوفي جده عبد الله الأمير في سنة ثلاث مائة، فولي عبد الرحمن الناصر. وقيل: لبث في ولايته خمسا وأربعين سنة، وجد في الغزو والفتوح وكثرت له الفتوحات واستوت له طاعة الأجناد، ولم يكن بعد عبد الرحمن الداخل أجزل منه في الحروب وصحة الرأي والإقدام على المخاطرة والهول حتى نال البغية وبنى المدينة الزهراء فرارا بنفسه وخاصة جنده عن عامة قرطبة، الكثيرة الهرج الجمة سواد الخلق، فرتب الجيوش ترتيبا لم يعهد مثله قبله، وأكرم أهل العلم واجتهد في تخير القضاة وكان مبخلا لا يعطي ولا ينفق إلا فيما رآه سدادا. وتوفي في شهر رجب سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.
وتولى ابنه الحكم المستنصر، وقد مر ذكره، ولم يتسم بأمير المؤمنين حتى تحقق اختلال دولة بني العباس بالعراق وقتل المقتدر العباسي، وغلبة العجم عليهم بعد قتل المتوكل. قال ابن عبد ربه: نظمت أرجوزة ذكرت فيها غزواته. وافتتح سبعين حصنا من أعظم الحصون ومدحه الشعراء، وكثر العلماء في أيامه. ومن شعر الناصر عبد الرحمن:
همم الملوك إذا أرادوا ذكرها | من بعدهم فبألسن البنيان |
إن البناء إذا تعاظم شأنه | أضحى يدل على عظيم الشان |
ما كل شيء فقدت إلا | عوضني الله عنه شيا |
إني إذا ما منعت خيري | تباعد الخير من يديا |
من كان لي نعمة عليه | فإنها نعمة عليا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن الداخل عبد الرحمن، سلطان الأندلس، المدعو: أمير المؤمنين، الناصر لدين الله، أبو المطرف الأموي، المرواني.
كان أبوه محمد ولي عهد والده عبد الله بن محمد، فقتله أخوه أبو القاسم المطرف، فقتله أبوهما به.
ففي سنة سبع وسبعين ومائتين قتل محمد، وله سبع وعشرون سنة، وتأخر قتل المطرف إلى رمضان، سنة اثنتين ومائتين. ولما قتل محمد، كان لعبد الرحمن هذا عشرون يوما. وولي الخلافة بعد جده.
قال ابن حزم: كانت خلافته من المستطرف؛ لأنه كان شابا، وبالحضرة جماعة من أعمامه، وأعمام أبيه، فلم يعترض معترض عليه. واستمر له الأمر وكان شهما صارما.
وكل من تقدم من آبائه لم يتسم أحد منهم بإمرة المؤمنين، وإنما كانوا يخاطبون بالإمارة فقط، وفعل مثلهم عبد الرحمن إلى السنة السابعة والعشرين من ولايته، فلما بلغه ضعف الخلافة بالعراق، وظهور الشيعة العبيدية بالقيروان، رأى أنه أحق بإمرة المؤمنين، ولم يزل منذ ولي الأندلس يستنزل المتغلبين حتى صارت المملكة كلها في طاعته، وأكثر بلاد العدوة، وأخاف ملوك الطوائف حوله.
وابتدأ ببناء مدينة الزهراء في أول سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، فكان يقسم دخل مملكته أثلاثا: فثلث يرصده للجند، وثلث يدخره في بيت المال، وثلث ينفقه في الزهراء.
وكان دخل الأندلس خمسة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف وثمانين ألفا، ومن السوق والمستخلص سبعمائة ألف دينار وخمسة وستون ألفا.
ذكر ابن أبي الفياض في ’’تاريخه’’، قال: أخبرت أنه وجد في تاريخ الناصر أيام السرور التي صفت له، فعدت، فكانت أربعة عشر يوما، وقد ملك خمسين سنة ونصفا.
قال اليسع بن حزم: نظر أهل الحل والعقد، من يقوم بأمر الإسلام، فما وجدوا في شباب بني أمية من يصلح للأمر إلا عبد الرحمن بن محمد، فبايعوه، وطلب منهم المال فلم
يجده، وطلب العدد فلم يجدها، فلم يزل السعد يخدمه إلى أن سار بنفسه لابن حفصون، فوجده مجتازا لوادي التفاح، ومع أكثر من عشرين ألف فارس -كذا نقل: اليسع، وما أحسب أن ابن حفصون بقي إلى هذا التاريخ- قال: فهزمه، وأفلت ابن حفصون في نفر يسير، فتحصن بحصن مبشر.
ولم يزل عبد الرحمن يغزو حتى أقام العوج، ومهد البلاد، ووضع العدل، وكثر الأمن، ثم بعث جيشا إلى المغرب، فغزا برغواطة بناحية سلا، ولم تزل كلمته نافذة، وسجلماسة، وجميع بلاد القبلة، وقتل ابن حفصون. وصارت الأندلس أقوى ما كانت وأحسنها حالا، وصفا وجهه للروم، وشن الغارات على العدو، وغزا بنفسه بلاد الروم اثنتي عشرة غزوة، ودوخهم، ووضع عليهم الخراج، ودانت له ملوكها، فكان فيما شرط عليهم اثنا عشر ألف رجل يصنعون في بناء الزهراء التي أقامها لسكناه على فرسخ من قرطبة.
وساق إليها أنهارا، ونقب لها الجبل، وأنشأها مدورة، وعدة أبراجها ثلاثمائة برج، وشرفاتها من حجر واحد، وقسمها أثلاثا: فالثلث المسند إلى الجبل: قصوره، والثلث الثاني: دور المماليك والخدم، وكانوا اثني عشر ألفا بمناطق الذهب، يركبون لركوبه، والثلث الثالث: بساتين تحت القصور. وعمل مجلسا مشرفا على البساتين، صفح عمده بالذهب، ورصعه بالياقوت والزمرد، واللؤلؤ، وفرشه بمنقوش الرخام، وصنع قدامه بحرة مستديرة ملأها زئبقا، فكانت النور ينعكس منه إلى المجلس، فدخل عليه قاضيه منذر بن سعيد البلوطي، فوقف، وقرأ: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة} الآيتين، فقال: وعظت أبا الحكم. ثم قام عن المجلس، وأمر بنزع الذهب والجواهر.
وقال عبد الواحد المراكشي في ’’تاريخه’’: اتسعت مملكة الناصر، وحكم على أقطار الأندلس، وملك طنجة وسبتة وغيرهما من بلاد العدوة، وكانت أيامه كلها حروبا. وعاش المسلمون في آثاره الحميدة آمنين برهة.
ويقال: إن بناء الزهراء أكمل في اثنتي عشرة سنة، بألف بناء في اليوم، مع البناء اثنا عشر فاعلا.
حكى أبو الحسن الصفار: أن يوسف بن تاشفين ملك المغرب لما دخل الزهراء، وقد خربت بالنيران والهدم، من تسعين سنة قبل دخوله إليها، وقد نقل أكثر ما فيها إلى قرطبة وإشبيلية، ونظر آثارا تشهد على محاسنها، فقال: الذي بنى هذه كان سفيها. فقال أبو مروان بن سراج: كيف يكون سفيها وإحدى كرائمه أخرجت مالا في فداء أسارى في أيامه، فلم يوجد ببلاد الأندلس أسير يفدى.
توفي الناصر في رمضان، سنة خمسين وثلاث مائة. وستعاد ترجمته مختصرة بزيادات مهمة، وأنه افتتح سبعين حصنا -رحمه الله.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 7- ص: 287
عبد الرحمن بن محمد الناصر لدين الله أبو المطرف
هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان أعظم بني أمية بالمغرب سلطانا وأفخمهم في القديم والحديث شانا وأطولهم في الخلافة بل أطول ملوك الإسلام قبله مدة وزماناً
ولى بقرطبة يوم الخميس مستهل شهر ربيع الأول سنة ثلاثمائة عند وفاة جده الأمير عبد الله بن محمد وتوفي في ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة خمسين وثلاثمائة فكانت خلافته خمسين سنة وستة أشهر وثلاثة أيام لم يبلغها خليفة قبله وقارب أن يلحق فيها شأوه القادر بالله أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر المجتمع عليه بالمشرق في آخر هذه المائة الرابعة فإنه بلغ في الخلافة ثلاثاً وأربعين سنة وقيل أقل ثم ابنه القائم بالله أبو جعفر عبد الله بن أحمد القادر بلغ في ولايته أربعا وأربعين سنة وثمانية أشهر وأياماً ومن هؤلاء العباسيين المتأخرين أبو العباس أحمد الناصر لدين الله بن المستضيء بالله أبى محمد الحسن بلغ في ولايته سبعا وأربعين سنة وبويع له في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة
وقرأت في كتاب أبي الحسين بن أبي السرور الروحي الإسكندري في أخبار ملوك العبيدية أن المستنصر بالله أبا تميم سعد بن علي بن الظاهر بن الحاكم بلغ في ولايته بمصر ستين سنة وأشهراً فأربى على هؤلاء الخلفاء
وتسمى الناصر عبد الرحمن بن محمد بأمير المؤمنين بعد سنين من خلافته لما ضعف سلطان العباسية بالمشرق وغلبت عليهم الأتراك وادعت الشيعة ما شاءت بإفريقية وساعدتهم عليه قبائل البر بر وأصبح الناس في الآفاق فوضى وكان من قبله من آبائه يدعون بالأمراء، وظهر لأول ولايته من يمن طائره وسعادة جده واتساع ملكه وقوة سلطانه وإقبال دولته وخمود نار الفتنة على اضطرامها بكل جهة وانقياد العصاة لطاعته ما تعجز عن تصوره الأوهام وتكل في تحبيره الأقلام وقيض له من ابنه وولى عهده الحكم المستنصر بالله المدعو بأمير المؤمنين بعده من زان ملكه وزاد في أبهته وقام بأمره أحسن قيام فكمل جلاله وجل كماله، وكان الناصر على علاء جانبه واستيلاء هيبته يرتاح للشعر وينبسط إلى أهله ويراجع من خاطبه به من خاصته
قال أبو عمر أحمد بن محمد بن فرج صاحب كتاب الحدائق حدثني أبو بكر إسماعيل بن بدر أنه خاطب أمير المؤمنين الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد رحمه الله في غزاة كان آلى ألا يأنس فيها بمنادمة أحد حتى يفتتح معقلاً فافتتح معقلاً بعد آخر وتمادى على عزمه في العزوف عن المنادمة فذكر أنه كتب إليه
لقد حلت حميا الراح عندي | وطابت بعد فتحك معقلين |
وآذن كل هم بانفراج | وأن يقضي غريم كل دين |
يا ملكا رأيه ضياء | في كل خطب ألم داج |
من لي بيوم به فراغ | ليس أخو حربه بناج |
بكل بيضاء من رآها | يحسبها شعلة السراج |
لا تنس مولاك في وغاه | واذكره في حومة الهياج |
كيف وأنى لمن يناجى | من لوعة الهم ما أناجى |
يطمع أن يستريح وقتا | أو يقتل الراح بالمزاج |
لو حمل الصخر بعض شجوى | عاد إلى رقة الزجاج |
كنت لما قد علمت الهول | إذ أنا مما شكوت ناجٍ |
فصرت للبين في علاج | طم وأربى على العلاج |
الورد مما يهيج حزني | ويبعث السوسن اهتياجي |
أرى ليالي بعد حسن | أقبح من أوجه سماج |
لا ترج مما أردت شيئا | أو يؤذن الهم بانفراج |
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1
عبد الرحمن الناصر
ولاية عبد الرحمن الناصر
فولي بعده ابن ابنه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، وكان والده محمد قد قتله أخوه المطرف بن عبد الله في صدر دولة أبيهما عبد الله.
وترك ابنه عبد الرحمن هذا وهو ابن عشرين يوماً، فولي الأمر وله اثنتان وعشرون سنة .
قال لي أبي محمد علي بن أحمد: وكانت ولايته من المستطرف لأنه كان في هذا الوقت شاباً، وبالحضرة جماعة أكابر من أعمامه وأعمام أبيه، وذوي القعدد في النسب من أهل بيته، فلم يعترض له معترض، واستمر له الأمر.
وكان شهماً صارماً، وكل من ذكرناه من الأمراء أجداده إلى عبد الرحمن بن محمد هذا، فليس منهم أحد تسم بإمرة المؤمنين، وإنما كان يسلم عليهم ويخطب لهم بالإمارة فقط، وجرى على ذلك عبد الرحمن بن محمد إلى آخر السنة السابعة عشرة من ولايته.
فلما بلغه ضعف الخلافة بالعراق في أيام المقتدر، وظهور الشيعة بالقيروان تسمى عبد الرحمن بأمير المؤمنين، وتلقب بالناصر لدين الله.
وكان يكنى: أبا المطرف، وأمه أم ولد اسمها مزنة ولم يزل منذ ولي يستنزل المتغلبين، حتى استكمل إنزال جميعهم في خمس وعشرين سنة من ولايته، وصار جميع أقطار الأندلس في طاعته.
ثم اتصلت ولايته إلى أن مات في صدر رمضان سنة خمسين وثلاثمائة، ولم يبلغ أحد من بني أمية مدته فيها.
دار الكاتب المصري - القاهرة - دار الكتاب اللبناني - بيروت - لبنان-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 1