ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي، أبو الفرج: علامة عصره في التاريخ والحديث، كثير التصانيف. مولده ووفاته ببغداد، ونسبته إلى (مشرعة الجوز) من محالها. له نحو ثلاث مئة مصنف، منها (تلقيح فهوم أهل الآثار، في مختصر السير والاخبار - ط) قطعة منه، و (الاذكياء واخبارهم - ط) و (مناقب عمر بن عبد العزيز – ط) و (روح الاوراح - ط) و (شذور العقود في تاريخ العهود - خ) و (المدهش - ط) في المواعظ وغرائب الاخبار، و (المقيم المعقد - خ) في دقائق العربية، و (صولة العقل على الهوى - خ) في الاخلاق، و (الناسخ والمنسوخ - خ) و (تلبيس ابليس - ط) و (فنون الافنان في عجائب علوم القرآن - خ) و (لقط المنافع - خ) في الطب والفراسة عن د العرب، و (المنتظم في تاريخ الملوك والامم - ط) ستة اجزاء منه، واختصره فسماه (مختصر المنتظم - خ) و (المذهب المسبوك في سير الملوك - خ) و (عجائب البدائع - خ) وكتاب (الحمقى والمغفلين - ط) و (الوفا في فضائل المصطفى - ط) رسالة، و (مناقب عمر بن الخطاب - ط) و (مناقب أحمد بن حنبل - ط) و (صيد الخاطر - ط) آراء وسوانح، و (الياقوتة - ط) وعظ، و (المختار من اخبار المختار - خ) في تاريخ مكة والمدينة، و (المجتبى من المجتبى 0خ) جزء في انواع العلوم، و (مناقب بغداد - ط) رسالة، وكتاب (الضعفاء والمتروكين - خ) في رجال الحديث، و (مجالس - خ) في المتشابه من الآيات القرآنية، و (نزهة الاعين النواظر في علم الوجوه والنظائر - خ) تفسير، و (الحدائق لاهل الحقائق - خ) ثلاث مجلدات، مواعظ، و (المنتخب في النوب - خ) و المقامات - خ) و (اسماء الضعفاء والواضعين - خ) في رجال الحديث، و (فضائل القدس - خ) و (تبصرة الاخبار - خ) في نيل مصر وانهارها، و (تقويم اللسان - خ) و (جامع المسانيد والالقاب - خ) خمس مجلدات، و (الموضوعات - خ) في الحديث، و (زاد المسير في علم التفسير - خ) و (نتيجة الاحياء - خ) اختصر به احياء علوم الدين، و (شرح التشبيه والرد على المجسمة - ط) و (التحقيق - خ) في احاديث الخلاف.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 316
أبو الفرج ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي، أبو الفرج الواعظ. قال محب الدين بن النجار: هكذا كان يكتب نسبه بخطه، وهكذا رأيته بخط شيخه ابن ناصر. وذكر لي ولده أبو القاسم علي أنه: عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن حمادى بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. كان والده يعمل الصفر بنهر العلامين فتوفي وهو صغير.
وقال الشيخ شمس الدين: الحافظ العلامة جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي القرشي التيمي البكري البغداذي الحنبلي الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم، عرف جدهم بالجوزي لجوزة في داره بواسط، ولم يكن بواسط جوزة غيرها، وجعفر في أجداده هو الجوزي منسوب إلى فرضة من فرض البصرة يقال لها جوزة. توفي أبوه وله ثلاث سنين، وكانت له عمة صالحة وكان أهله تجارا في النحاس، ولهذا كتب اسمه في بعض السماعات عبد الرحمن الصفار.
ولد تقريبا سنة ثمان أو سنة عشر وخمس مائة، وتوفي سنة سبع وتسعين وخمس مائة. وأول سماعه سنة عشر وخمس مائة، وسمع بعد ذلك في سنة عشرين من ابن الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، والحسين بن محمد البارع، وأبي السعادات أحمد بن محمد المتوكلي، وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وأبي الحسن علي بن الزاغوني الفقيه، وأبي غالب ابن البناء، وأخيه يحيى، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وهبة الله بن الطير وقاضي المارستان، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، وخطيب أصبهان أبي القاسم عبد الله بن محمد الراوي عن ابن شمة، وأبي السعود أحمد بن المجلي، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد الفزاز، وعلي بن أحمد الموحد، وأبي القاسم السمرقندي، والحافظ بن ناصر وأبي الوقت. وخرج لنفسه مشيخة عن سبعة وثمانين شيخا، ووعظ وهو صغير وقرأ الوعظ على الشريف أبي القاسم علي بن يعلى بن عوض العلوي الهروي، وأبي الحسن ابن الزاغوني، وتفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري. وتخرج في الحديث بابن ناصر، وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي. وروى عنه ابنه محيي الدين يوسف الواعظ، والحافظ عبد الغني. والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والضياء محمد وابن خليل والدبيثي، ومحب الدين ابن النجار، واليلداني، والزين بن عبد الدايم، وأحمد ابن أبي الخير، والعز عبد العزيز بن الصيقل، والنجيب عبد اللطيف وخلق سواهم. وأجاز لجماعة كثيرين. وقال يوما في وعظه للخليفة: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك وإن سكت خفت عليك، فأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك، إن القائل اتق الله خير من القائل أنتم أهل بيت مغفور لكم. وقال في قوله تعالى: {أليس لي ملك مصر} يفتخر فرعون بنهر ماء أجراه ما أجراه، وقال، وقد طرب الجمع: فهمتم فهمتم.
صنف ابن الجوزي وله ثلاث عشرة سنة، وصنف في علوم القرآن المغني وهو أحد وثمانون جزءا، زاد المسير أربع مجلدات، تيسير البيان مجلدة، تذكرة الأريب في تفسير الغريب مجلد، والوجوه والنظائر مجلد، عيون المشتبه جزء، وعيون علوم القرآن مجلد، فنون الأفنان مجلد، الناسخ والمنسوخ خمسة أجزاء.
في الأصول: منهاج الوصول إلى علم الأصول خمسة أجزاء، نفي التشبيه مجلد.
في علم الحديث: جامع المسانيد سبع مجلدات، الحدائق أربع وثلاثون جزءا، نقي النقل خمسة أجزاء، المجتنى مجلد، النزه جزءان، وغرر الأثر ثلاثون جزءا، التحقيق في أحاديث التعليق مجلدان، المديح سبعة أجزاء، الموضوعات مجلدان، الأحاديث الواهية مجلدان، الكشف لمشكل الصحيحين أربع مجلدات، الضعفاء والمتروكون مجلد، الناسخ والمنسوخ في الحديث مجلد، الأحاديث الرائقة.
في التاريخ: التلقيح مجلد، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم عشر مجلدات، شذور العقود مجلد، مناقب بغداذ مجلد، درة الإكليل أربع مجلدات، المصباح المضيء في سيرة المستضيء مجلد، الفجر النوري المجد الصلاحي مجلد.
في الفقه: المذهب في المذهب، الإنصاف في مسائل الخلاف، جنة النظر وحبة النظر، مختصر المختصر في مسائل النظر، الدلائل في مشتهر المسائل، المنفعة في المذاهب الأربعة.
وفي الوعظ: اليواقيت في الخطب مجلد، المنتخب في الغرب مجلد، نسيم الرياض مجلد، اللؤلؤ مجلد، كتاب الذخائر مجلد، كنز المذكر مجلد، الأرج مجلد، اللطف مجلد، اللطائف مجلد، كنوز الرموز مجلد، النفيس مجلد، زين القصص مجلد، مغاني المعاني مجلد، منهاج القاصدين أربع مجلدات، المدهش مجلدان، النور في فضائل الأيام والشهور مجلد، أخبار النساء مجلد، المختار من أخبار الأخيار مجلد، ملتقط الحكايات ثلاثة عشر جزءا، عيون الحكايات مجلد، إرشاد المريدين مجلد، صفوة الصفوة خمس مجلدات، مثير العزم الساكن مجلد، كان وكان في الوعظ مجلد، المقعد المقيم مجلد، تبصرة المبتدي عشرون جزءا، تحفة الوعظ مجلد، المرتجل مجلد، التبصرة ثلاث مجلدات، ياقوتة المواعظ.
في فنون شتى: ذم الهوى مجلدان، صدي الخاطر خمسة وستون جزءا، أحكام الأشعار عشرون جزءا، الأذكياء مجلد، الحمقى مجلد، تلبيس إبليس مجلدان، لقط المنافع في الطب مجلد، الشيب والخضاب مجلد، المختار من الأشعار عشر مجلدات، ملح الأحاديث لغة الفقه، تقويم اللسان منهاج الإصابة في محبة الصحابة، الملهب المطرب. صبا نجد، منتهى المشتهى، فنون الألباب، الظرفاء والمتحابين، تقريب الطريق الأبعد في فضل مقبرة أحمد، أسباب الهداية لأرباب البداية، واسطات العقود، الوفا بفضائل المصطفى، مناقب علي، مناقب أبي بكر، مناقب عمر، مناقب عمر بن عبد العزيز، مناقب سعيد بن المسيب، مناقب الحسن البصري، مناقب إبراهيم بن أدهم، مناقب الفضيل، مناقب الشافعي، مناقب أحمد، مناقب معروف، مناقب الثوري، مناقب بشر، مناقب رابعة، كتاب المعاد، إيقاظ الوسنان، الثبات عند الممات، النصر على مصر، خطب اللآلي على الحروف، مواسم العمر، مرافق الموافق.
الخواتم، المجالس اليوسفية، كتاب تنوير الغبش في فضائل الحبش، كتاب المحتسب في النسب، كتاب عجائب البدائع الدالة على الصنائع، كتاب منقد المعتقد، كتاب السهم المصيب في الرد على الخطيب، عدد الآخرة لنيل المراتب الفاخرة، وأكثر هذه التصانيف متداخل بعضه في بعض، فإنه كان إذا جمع كتابا كبيرا اختصر منه كتابا أوسط ثم اختصر من الأوسط كتابا أصغر، ولم يزل يصنف ويكتب إلى أن مات. قال سبطه شمس الدين أبو المظفر: سمعته يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونصراني. وسئل عن عدد تصانيفه فقال: تزيد على ثلاث مائة وأربعين مصنفا، منها ما هو عشرون مجلدا ومنها ما هو كراس واحد.
قال الشيخ شمس الدين: ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم وكثرة اطلاعه وسعة دائرته لم يكن مبرزا في علم من العلوم، وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلوم مع أنه كان مبرزا في الوعظ والتفسير والتاريخ، متوسطا في المذهب والحديث، له اطلاع على متون الحديث. وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين، فإنه كثير الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات. والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها ولا ذكرها في الموضوعات، وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية. وكلامه في السنة مضطرب تراه في وقت سنيا وفي وقت متجهما محرفا للنصوص، والله يرحمه ويغفر له. مرض خمسة أيام وتوفي يوم الجمعة بين العشاءين الثالث عشر من شهر رمضان، سنة سبع وتسعين وخمسمائة كما تقدم في أول ترجمته، في داره ودفن بمقبرة أحمد بن حنبل وكان يوما عظيما، وختم الناس الختمات على قبره طول رمضان على الشمع والقناديل. وغالى بعض الناس فقال: جمعت كراريسه التي كتبها وحسبت مدة عمره وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خص كل يوم تسعة كراريس، وهذا مما لا يكاد العقل يعيه. ويقال إنه جمعت براية أقلامه فكان شيئا كثيرا، وأوصى أن يسخن به الماء الذي يغسل به ففعل ذلك وفضل منها. ومن شعره:
عذيري من فتية بالعراق | قلوبهم بالجفا قلب |
يرون العجيب كلام الغريب | وقول القريب فلا يعجب |
ميازيبهم إن تندت بخير | إلى غير جيرانهم تقلب |
وعذرهم عند توبيخهم | مغنية الحي ما تطرب |
ولما رأيت ديار الصفا | ء أقوت من أخوان أهل الصفاء |
سعيت إلى سد باب الوداد | وأحزن قلبي وفاة الوفاء |
فلما اصطحبنا وعاشرتكم | علمت بكم أن رأي وراء |
يا صاحبي إن كنت لي أو معي | فعج إلى وادي الحمى نرتعي |
وسل عن الوادي وسكانه | وأنشد فؤادي في ربي المجمع |
حي كتب الرمل رمل الحمى | وقف وسلم لي على لعلع |
واسمع حديثا قد روته الصبا | تسنده عن بانة الأجرع |
وابك فما في العين من فضلة | ونب فدتك النفس عن مدمعي |
وانزل على الشيخ بواديهم | واشمم عشيب البلد البلقع |
رفقا بنضو قد براه الأسى | يا عاذلي لو كان قلبي معي |
لهفي على طيب ليال خلت | عودي تعودي دنفا قد نعي |
إذا تذكرت زمانا مضى | فريح أجفاني من أدمعي |
يا نفس كم أتلو حديث المنى | ضاع زماني بالمنى فاقطعي |
يا قلب لا تسكن على بعدهم | وأنت يا عين فلا تهجعي |
أترى سألوا لما رحلوا | ماذا فعلوا في من قتلوا |
خدعوا بالبين قبيل البين | فسحب العين لهم ذلل |
وغدوا فطمعت غداة سمعت | مني وقنعت بما بذلوا |
أحليف النوم أقل اللوم | فعندي اليوم بهم شغل |
أدنى جزعي لم يبق معي | قلبا فيعي منذ احتملوا |
لما ذرفت عيني وقفت | أترى عرفت ما بي الإبل |
ولحا اللاحي وهو الصاحي | ولهم زاجي وأنا الثمل |
يا كثير العفو عمن | كثر الذنب لديه |
جاءك المذنب يرجو الصـ | ـفح عن جرم يديه |
أنا ضيف وجزاء الضـ | ـيف إحسان إليه |
الدهر عن طمع يعز ويخدع | وزخارف الدنيا الدنية تطمع |
وأعنة الآمال يطلقها الرجا | طمعا وأسياف المنية تقطع |
والمرء مع علم بها متشوف | أبدا إلى نيل المنى متطلع |
يا لاهيا أمن الحوادث غرة | يغدو ويصفو زمانه يتمتع |
الشيب يا مغرور يأنفه الردى | أأمنت من حدثانه ما يفزع |
والموت آت والحية مريرة | والناس بعضهم لبعض يتبع |
وأخو البصيرة من لخير زارع | والمرء يحصد في غد ما يزرع |
واعلم بأنك عن قليل صائر | خبرا فكن خبرا لخير يسمع |
لعلا أبي الفرج الذي بعد التقى | والعلم يوم حواه هذا المضجع |
ما زال منتصرا لمذهب أحمد | بالحق والحجج التي لا تدفع |
خبر عليه الشرع أصبح والها | ذا مقلة حرى عليه تدمع |
من للفتاوى المشكلات وحلها | من ذا لخرق الشرع يوما يرقع |
من للمنابر إن تفاقم خطبها | ولرد مسألة يقول فيسمع |
من للجدال إذا الشفاه تقلصت | وتأخر القرم الهزبر المصقع |
من للدياجي قائما ديجورها | يتلو الكتاب بمقلة لا تهجع |
أجمال دين محمد مات التقى | والعلم بعدك واستجم المجمع |
وتزعزعت لعظيم يومك حسرة | صم الجبال وكيف لا تتصدع |
قد كنت كهفا للشريعة والهدى | حبرا بألوان الهداية تلمع |
يا قبره جادتك كل غمامة | هطالة بركابه لا تقلع |
فيك الصلاة مع الصلاة فته به | وانظر به يا ويك ماذا تصنع |
يا أحمدا خذ أحمد الثاني الذي | ما زال عنك مدافعا لا يرجع |
خذ يا ابن حنبل سيفك الماضي الذي | ما زال عنك إذا يذب ويدفع |
أقسمت لو كشف الغطا لرأيتمو | وفد الملائك حوله تتسرع |
ومحمد يبكي عليه وآله | خير البرية والبطين الأنزع |
والحور حور القدس حول ضريحه | والأولياء بقبره تتضرع |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0
أبو الفرج ابن الجوزي الشيخ الإمام العلامة، الحافظ المفسر، شيخ الإسلام، مفخر العراق، جمال الدين، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه القاسم بن محمد ابن خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف.
ولد سنة تسع أو عشر وخمس مائة. وأول شيء سمع في سنة ست عشرة.
سمع من أبي القاسم بن الحصين، وأبي عبد الله الحسين بن محمد البارع، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وأحمد بن أحمد المتوكلي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، والفقيه أبي الحسن بن الزاغوني، وهبة الله بن الطبر الحريري، وأبي غالب بن البناء، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي،، وأبي القاسم عبد الله بن محمد الأصبهاني الخطيب، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وإسماعيل بن السمرقندي، ويحيى بن البناء، وعلي بن الموحد، وأبي منصور بن خيرون، وبدر الشيحي، وأبي سعد أحمد بن محمد الزوزني، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي الحافظ، وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطي الحافظ، وأبي السعود أحمد بن علي بن المجلي، وأبي منصور عبد الرحمن بن زريق القزاز، وأبي الوقت السجزي، وابن ناصر، وابن البطي، وطائفة مجموعهم نيف وثمانون شيخا قد خرج عنهم مشيخة في جزءين.
ولم يرحل في الحديث، لكنه عنده ’’مسند الإمام أحمد’’ و’’الطبقات لابن سعد’’، و’’تاريخ الخطيب’’، وأشياء عالية، و’’الصحيحان’’، والسنن الأربعة، و’’الحلية’’ وعدة تواليف وأجزاء يخرج منها.
وكان آخر من حدث عن الدينوري والمتوكلي.
وانتفع في الحديث بملازمة ابن ناصر، وفي القرآن والأدب بسبط الخياط، وابن الجواليقي، وفي الفقه بطائفة.
حدث عنه: ولده الصاحب العلامة محيي الدين يوسف أستاذ دار المستعصم بالله، وولده الكبير علي الناسخ، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي الحنفي صاحب مرآة الزمان، والحافظ عبد الغني، والشيخ موفق الدين ابن قدامة، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، والضياء، واليلداني، والنجيب الحراني، وابن عبد الدائم، وخلق سواهم.
وبالإجازة الشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وابن البخاري، وأحمد بن أبي الخير، والخضر بن حمويه، والقطب ابن عصرون.
وكان رأسا في التذكير بلا مدافعة، يقول النظم الرائق، والنثر الفائق بديها، ويسهب، ويعجب، ويطرب، ويطنب، لم يأت قبله ولا بعده مثله، فهو حامل لواء الوعظ، والقيم بفنونه، مع الشكل الحسن، والصوت الطيب، والوقع في النفوس، وحسن السيرة، وكان بحرا في التفسير، علامة في السير والتاريخ، موصوفا بحسن الحديث، ومعرفة فنونه، فقيها، عليما بالإجماع والاختلاف، جيد المشاركة في الطب، ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار، وإكباب على الجمع والتصنيف، مع التصون والتجمل، وحسن الشارة، ورشاقة العبارة، ولطف الشمائل، والأوصاف الحميدة، والحرمة الوافرة عند الخاص والعام، ما عرفت أحدا صنف ما صنف.
توفي أبوه وله ثلاثة أعوام، فربته عمته. وأقاربه كانوا تجارا في النحاس، فربما كتب اسمه في السماع عبد الرحمن بن علي الصفار.
ثم لما ترعرع، حملته عمته إلى ابن ناصر، فأسمعه الكثير، وأحب الوعظ، ولهج به، وهو مراهق، فوعظ الناس وهو صبي، ثم ما زال نافق السوق معظما متغاليا فيه، مزدحما عليه، مضروبا برونق وعظه المثل، كماله في ازدياد واشتهار، إلى أن مات -رحمه الله وسامحه- فليته لم يخض في التأويل، ولا خالف إمامه.
صنف في التفسير ’’المغني’’ كبير، ثم اختصره في أربع مجلدات، وسماه: ’’زاد المسير’’ وله ’’تذكرة الأريب’’ في اللغة مجلد، ’’الوجوه والنظائر’’ مجلد، ’’فنون الأفنان’’ مجلد، ’’جامع المسانيد’’ سبع مجلدات وما استوعب ولا كاد، ’’الحدائق’’ مجلدان، ’’نقي النقل’’ مجلدان، ’’عيون الحكايات’’ مجلدان، ’’التحقيق في مسائل الخلاف’’ مجلدان، ’’مشكل الصحاح’’ أربع مجلدات، ’’الموضوعات’’ مجلدان، ’’الواهيات’’ مجلدان. ’’الضعفاء’’ مجلد، ’’تلقيح الفهوم’’ مجلد، ’’المنتظم في التاريخ’’ عشرة مجلدات، ’’المذهب في المذهب’’ مجلد، ’’الانتصار في الخلافيات’’ مجلدان، ’’مشهور المسائل’’ مجلدان، ’’اليواقيت’’ وعظ، مجلد، ’’نسيم السحر’’ مجلد، ’’المنتخب’’ مجلد، ’’المدهش’’ مجلد، ’’صفوة الصفوة’’ أربع مجلدات، ’’أخبار الأخيار’’ مجلد، ’’أخبار النساء’’ مجلد، ’’مثير العزم الساكن’’ مجلد، ’’المقعد المقيم’’ مجلد، ’’ذم الهوى’’ مجلد، ’’تلبيس إبليس’’ مجلد، ’’صيد الخاطر’’ ثلاث مجلدات، ’’الأذكياء’’ مجلد، ’’المغفلين’’ مجلد، ’’منافع الطب’’ مجلد، ’’صبا نجد’’ مجلد، ’’الظرفاء’’ مجلد، ’’الملهب’’ مجلد، ’’المطرب’’ مجلد، ’’منتهى المشتهى’’ مجلد، ’’فنون الألباب’’ مجلد، ’’المزعج’’ مجلد، ’’سلوة الأحزان’’ مجلد، ’’منهاج القاصدين’’ مجلدان، ’’الوفا بفضائل المصطفى’’ مجلدان، ’’مناقب أبي بكر’’ مجلد، ’’مناقب عمر’’ مجلد، ’’مناقب علي’’ مجلد، ’’مناقب إبراهيم بن أدهم’’ مجلد، ’’مناقب الفضيل’’ مجلد، ’’مناقب بشر الحافي’’ مجلد، ’’مناقب رابعة’’ جزء، ’’مناقب عمر بن عبد العزيز’’ مجلد، ’’مناقب سعيد بن المسيب’’ جزءان، ’’مناقب الحسن’’ جزءان، ’’مناقب الثوري’’ مجلد، ’’مناقب أحمد’’ مجلد، ’’مناقب الشافعي’’ مجلد، ’’موافق المرافق’’ مجلد، مناقب غير واحد جزء جزء، ’’مختصر فنون ابن عقيل’’ في بضعة عشر مجلدا، ’’مناقب الحبش’’ مجلد، ’’لباب زين القصص’’، ’’فضل مقبرة أحمد’’، ’’فضائل الأيام’’، ’’أسباب البداية’’، ’’واسطات العقود’’، ’’شذور العقود في تاريخ العهود’’، ’’الخواتيم’’، ’’المجالس اليوسفية’’، ’’كنوز العمر’’، ’’إيقاظ الوسنان بأحوال النبات والحيوان’’، ’’نسيم الروض’’، ’’الثبات عند الممات’’، ’’الموت وما بعده’’ مجلد، ’’ديوانه’’ عدة مجلدات، ’’مناقب معروف’’، ’’العزلة’’، ’’الرياضة’’، ’’النصر على مصر’’، ’’كان وكان’’ في الوعظ ’’خطب اللآلئ’’، ’’الناسخ والمنسوخ’’، ’’مواسم العمر’’، ’’أعمار الأعيان’’ وأشياء كثيرة تركتها، ولم أرها.
وكان ذا حظ عظيم وصيت بعيد في الوعظ، يحضر مجالسه الملوك والوزراء وبعض الخلفاء والأئمة والكبراء، لا يكاد المجلس ينقص عن ألوف كثيرة، حتى قيل في بعض مجالسه: إن حزر الجمع بمائة ألف. ولا ريب أن هذا ما وقع، ولو وقع، لما قدر أن يسمعهم، ولا المكان يسعهم.
قال سبطه أبو المظفر: سمعت جدي على المنبر يقول: بأصبعي هاتين كتبت ألفي مجلدة، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفا. وكان يختم في الأسبوع، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس.
قلت: فما فعلت صلاة الجماعة؟!
ثم سرد سبطه تصانيفه، فذكر منها كتاب ’’المختار في الأشعار’’ عشر مجلدات، ’’درة الإكليل’’ في التاريخ، أربع مجلدات، ’’الأمثال’’ مجلد، ’’المنفعة في المذاهب الأربعة’’ مجلدان، ’’التبصرة في الوعظ’’، ثلاث مجلدات، ’’رؤوس القوارير’’ مجلدان، ثم قال: ومجموع تصانيفه مائتان ونيف وخمسون كتابا.
قلت: وكذا وجد بخطه قبل موته أن تواليفه بلغت مائتين وخمسين تأليفا.
ومن غرر ألفاظه:
عقارب المنايا تلسع، وخدران جسم الأمال يمنع، وماء الحياة في إناء العمر يرشح.
يا أمير: اذكر عند القدرة عدل الله فيك، وعند العقوبة قدرة الله عليك، ولا تشف غيظك بسقم دينك.
وقال لصديق: أنت في أوسع العذر من التأخر عني لثقتي بك، وفي أضيقه من شوقي إليك.
وقال له رجل: ما نمت البارحة من شوقي إلى المجلس قال: لأنك تريد الفرجة، وإنما ينبغي الليلة أن لا تنام.
وقام إليه رجل بغيض، فقال: يا سيدي: نريد كلمة ننقلها عنك، أيما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال: اجلس، فجلس، ثم قام، فأعاد مقالته، فأقعده، ثم قام، فقال: اقعد، فأنت أفضل من كل أحد.
وسأله آخر أيام ظهور الشيعة، فقال: أفضلهما من كانت بنته تحته.
وهذه عبارة محتملة ترضي الفريقين.
وسأله آخر: أيما أفضل: أسبح أو أستغفر؟ قال: الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون من البخور.
وقال في حديث: ’’أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين’’: إنما طالت أعمار الأوائل لطول البادية فلما شارف الركب بلد الإقامة، قيل: حثوا المطي.
وقال: من قنع، طاب عيشه، ومن طمع، طال طيشه.
وقال يوما في وعظه:
يا أمير المؤمنين، إن تكلمت، خفت منك، وإن سكت، خفت عليك، وأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك، فقول الناصح: اتق الله خير من قول القائل: أنتم أهل بيت مغفور لكم.
وقال: يفتخر فرعون مصر بنهر ما أجراه، ما أجرأه!
وهذا باب يطول، ففي كتبه النفائس من هذا وأمثاله.
وجعفر الذي هو جده التاسع: قال ابن دحية: جعفر هو الجوزي، نسب إلى فرضة من فرض البصرة يقال لها: جوزة. وقيل: كان في داره جوزة لم يكن بواسط جوز سواها. وفرضة النهر ثلمته، وفرضة البحر محط السفن.
قال أبو المظفر: جدي قرأ القرآن، وتفقه على أبي بكر الدينوري الحنبلي، وابن الفراء.
قلت: وقرأ القرآن على سبط الخياط.
وعني بأمره شيخه ابن الزاغوني، وعلمه الوعظ، واشتغل بفنون العلوم، وأخذ اللغة عن أبي منصور بن الجواليقي، وربما حضر مجلسه مائة ألف، وأوقع الله له في القلوب القبول والهيبة.
قال: وكان زاهدا في الدنيا، متقللا منها، وكان يجلس بجامع القصر والرصافة وبباب بدر وغيرها. إلى أن قال: وما مازح أحدا قط، ولا لعب مع صبي، ولا أكل من جهة لا يتيقن حلها.
وقال أبو عبد الله ابن الدبيثي في ’’تاريخه’’: شيخنا جمال الدين صاحب التصانيف في فنون العلوم من التفسير والفقه والحديث والتواريخ وغير ذلك. وإليه انتهت معرفة الحديث وعلومه، والوقوف على صحيحه من سقيمه، وكان من أحسن الناس كلاما، وأتمهم نظاما، وأعذبهم لسانا، وأجودهم بيانا. تفقه على الدينوري، وقرأ الوعظ على أبي القاسم العلوي، وبورك له في عمره وعلمه، وحدث بمصنفاته مرارا، وأنشدني بواسط لنفسه:
يا ساكن الدنيا تأهب | وانتظر يوم الفراق |
وأعد زادا للرحيل | فسوف يحدى بالرفاق |
وابك الذنوب بأدمع | تنهل من سحب المآقي |
يا من أضاع زمانه | أرضيت ما يفنى بباق |
ما للهوى العذري في ديارنا | أين العذيب من قصور بابل |
قد كتمت الحب حتى شفني | وإذا ما كتم الداء قتل |
بين عينيك علالات الكرى | فدع النوم لربات الحجل |
الله أسأل أن يطول مدتي | لأنال بالإنعام ما في نيتي |
لي همة في العلم ما إن مثلها | وهي التي جنت النحول هي التي |
خلقت من العلق العظيم إلى المنى | دعيت إلى نيل الكمال فلبت |
كم كان لي من مجلس لو شبهت | حالاته لتشبهت بالجنة |
أشتاقه لما مضت أيامه | عطلا وتعذر ناقة إن حنت |
يا هل لليلات بجمع عودة | أم هل على وادي منى من نظرة |
قد كان أحلى من تصاريف الصبا | ومن الحمام مغنيا في الأيكة |
فيه البديهات التي ما نالها | خلق بغير مخمر ومبيت |
يا كثير العفو عمن | كثر الذنب لديه |
جاءك المذنب يرجو ال | صفح عن جرم يديه |
أنا ضيف وجزاء ال | ضيف إحسان إليه |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 455
عبد الرحمن بن علي بن محمد. ابن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادى بن إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي.
الإمام العلامة، حافظ العراق، وواعظ الآفاق، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم، من التفسير، والحديث، والفقه، والوعظ، والزهد، والتاريخ والطب، وغير ذلك.
وعرف جدهم بالجوزي لجوزة كانت في دارهم بواسط، لم يكن بها جوزة سواها.
ولد تقريبا سنة ثمان- أو عشر- وخمسمائة، وأول سماعة في سنة ست عشرة.
سمع أبا القاسم بن الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وأبا عبد الله الحسين بن محمد البارع، وأبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، والفقيه أبا الحسن بن الزاغواني، وأبا غالب ابن البناء، وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي، وعليه تلا القرآن الكريم بالعشر، وأبا غالب محمد بن الحسن الماوردي، وخطيب أصبهان أبا القاسم عبد الله بن محمد، وابن السمرقندي، وأبا الوقت السجزي، وابن ناصر، وخلق، عدتهم سبعة وثمانون نفسا. وكتب بخطه ما لا يوصف كثرة.
ووعظ في حدود سنة عشرين وخمسمائة وإلى أن مات.
حدث عنه ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزأغلي، والحافظ عبد الغني، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، والتقي اليلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم.
وبالإجازة الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، والفخر علي بن البخاري، وأحمد بن سلامة الحداد، والقطب أحمد بن عبد السلام العصروني، والخضر ابن حمويه الجويني.
وهو آخر من حدث عن الدينوري، والمتوكلي.
ومن تصانيفه: كتاب «زاد المسير في التفسير» أربع مجلدات، و «المغني» في علوم القرآن، كبير جدا، و «تذكرة الأريب» في اللغة، و «جامع المسانيد» سبع مجلدات، و «الوجوه والنظائر» مجلد، و «فنون الأفنان» مجلد، و «الحدائق» مجلدان، و «نفي النقل» مجلد كبير، و «عيون الحكايات» مجلدان، و «التحقيق في مسائل الخلاف» مجلدان، و «مشكل الصحاح» أربع مجلدات، و «الموضوعات» مجلدان، و «الواهيات» ثلاث مجلدات، و «الضعفاء» مجلد، و «تلقيح فهوم الأثر» مجلد، و «الانتصار في مسائل الخلاف» مجلدان، و «الدلائل في مشهور المسائل» مجلدان، و «التوقيت في الخطب الوعظية» مجلد، و «نسيم السحر» مجلد، و «المنتخب» مجلد، و «المدهش» مجلدان، و «صفوة التصوف» أربع مجلدات و «أخبار الأخيار» مجلد، و «أخبار النساء» مجلد، و «مثير الغرام الساكن» مجلد، و «المقعد المقيم» مجلد، و «ذم الهوى» مجلد، و «تلبيس إبليس» مجلد كبير، و «صيد الخاطر» ثلاث مجلدات، و «الأذكياء» مجلد، و «المغفلين» مجلد، و «منافع الطب» مجلد، و «فنون الألباب» مجلد، و «الظرفاء» مجلد، و «سلوة الأحزان» مجلد، و «منهاج العابدين» مجلدان، و «الوفا بفضائل المصطفى» مجلدان، و «مناقب الصديق» مجلد، و «مناقب عمر» مجلد، و «مناقب علي» مجلد، و «مناقب عمر بن عبد العزيز» مجلد، و «مناقب سعيد بن المسيب» مجلد، ومناقب الحسن» جزآن. و «مناقب الثوري» مجلد، و «مناقب الإمام أحمد» مجلد، و «مناقب الإمام الشافعي» مجلد، و «مناقب جماعة» في أجزاء، و «موافق المرافق» مجلد، وأشياء كثيرة يطول شرحها، كاختصاره فنون ابن عقيل في بضعة عشر مجلدا.
قال الحافظ شمس الدين الذهبي: وما علمت أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل، مات أبوه وله ثلاث سنين فربته عمته، وأقاربه تجار في النحاس، وربما كتب اسمه في السماع عبد الرحمن بن علي الصفار لذلك.
ولما ترعرع حملته عمته إلى الحافظ ابن ناصر فاعتنى به وسمعه الكثير، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط، وحضر مجلسه ملوك ووزراء بل وخلفاء من وراء الستر. ويقال في بعض المجالس حضره مائة ألف. والظاهر أنه كان يحضره نحو عشرة آلاف. مع أنه قد قال غير مرة: إن مجلسه حزر. بمائة ألف. فلا ريب إن كان هذا وقع فإن أكثرهم لا يسمعون مقالته.
قال سبطه سمعت جدي يقول على المنبر: كتبت بإصبعي ألفي مجلد.
وتاب علي يدي مائة ألف. وأسلم على يدي عشرون ألف.
قال: وكان يختم في كل أسبوع ختمة. ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس. ثم سرد سبطه مصنفاته فذكر منها «درة الإكليل» في التاريخ أربع مجلدات، و «فضائل العرب» مجلد، «شذور العقود» مجلد، «المنفعة في المذاهب الأربعة» مجلدان، «المختار من الأشعار» عشر مجلدات، «التبصرة» في الوعظ ثلاث مجلدات، «رءوس القوارير» مجلدان.
إلى أن قال: ومجموع تصانيفه مائتان ونيف وخمسون كتابا.
ومن بدائع كلامه: عقارب المنايا تلسع، وخدران الأمل يمنع. من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه.
وقال في وعظه: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، فأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك. قول الناصح: اتق الله، خير من قول القائل: أنتم أهل بيت مغفور لكم.
وقال: يفتخر فرعون بملك مصر بنهر ما أجراه، ما أجراه.
وإليه المنتهى في النظم والنثر. وقد نالته محنة في أواخر عمره، وشوا إلى الخليفة عنه بأمر اختلف في حقيقته، فجاءه من شتمه وأهانه، وختم على داره، وشتت عياله، ثم أخذ في سفينة إلى واسط فحبس بها في بيت، فبقي يغسل ثوبه ويطبخ، ودام على ذلك خمس سنين ما دخل فيها حماما.
قام عليه الركن عبد السلام بن عبد الوهاب الجيلي بجاه الوزير ابن القصاب، وكان الركن سيئ النحلة، أحرقت كتبه بحضرة ابن الجوزي، وأعطى مدرسة الجيلي، فعمل الركن عليه وقال لابن القصاب الشيعي: أين أنت عن ابن الجوزي فإنه ناصبي، ومن أولاد أبي بكر؛ فمكن الركن من الشيخ فجاء وسبه وأنزل معه في سفينة، وعلى الشيخ غلالة بلا سراويل، وعلى رأسه تخفيفة. وكان ناظر واسط شيعيا، فقال له الركن: مكني من عدوي هذا.
والله لو كان على مذهبي لبذلت نفسي في خدمته، فرد الركن إلى بغداد، ثم كان السبب في خلاص الشيخ، أن ابنه يوسف نشأ واشتغل وعمل الوعظ وتوصل، فشفعت أم الخليفة في الشيخ فأطلق.
وقد قرأ بواسط وهو ابن ثمانين سنة بالعشر على ابن الباقلاني، وتلا معه ولده يوسف، نقل ذلك ابن نقطة عن القاضي محمد بن أحمد بن الحسن.
قال الموافق عبد اللطيف: كان ابن الجوزي لطيف الصورة، حلو الشمائل، رخيم النغمة، موزون الحركات، لذيذ المفاكهة، يحضر مجلسه مائة ألف أو يزيدون، لا يضيع من زمانه شيئا، يكتب في اليوم أربع كراريس، وله في كل علم مشاركة، لكنه كان في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من الحفاظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كاف، وأما السجع الوعظي فله فيه ملكة قوية.
وله في الطب «كتاب» في مجلدين، وكان يراعي حفظ صحته، وتلطيف مزاجه، وما يفيد عقله قوة، وذهنه حدة، جل غذائه الفراريج والمزاوير، ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباس الأبيض الناعم المطيب. وله ذهن وقاد وجواب حاضر، ومجون ومداعبة حلوة، ولا ينفك من جارية حسناء.
قال الذهبي في «التاريخ الكبير»: لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة؛ بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه.
مات يوم الجماعة ثالث عشر شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكانت جنازته مشهودة شيعه الخلائق إلى مقبرة باب حرب، وبه دفن وقد قارب التسعين.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 275
ابن الجوزي
عالم العراق واعظ الآفاق شيخ الحنابلة أبو الفرج عبد الرحمن بن علي التيمي البكري البغدادي الحنبلي.
من سلالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. م سنة 597 هـ رحمه الله تعالى. له التصانيف السائرة ومنها:
1 - فضائل العرب.
وعدة مصنفات في المناقب.
2 - المحتسب في النسب.
دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 119
عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي ابن الجوزي، أبو الفرج الواعظ.
سمع من أبي الفضل بن ناصر، وقرأ عليه كثيراً، وتتلمذ له، وانتخب عليه من أصوله، وكذا ابن الزاغوني، وسمع أيضاً من: أبي الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء، وأبي السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وأبي عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس المعروف بالبارع، وأبي الحسن علي بن أحمد الموحد، وأبي بكر محمد بن الحسين بن الحاجي، وقرأ على أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأبي منصور القزاز، وعبد الوهاب الأنماطي، ويحيى بن طراح، وقرأ الفقه والخلاف والجدل والأصول على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري، وعلى
القاضي أبي يعلى محمد بن حازم ابن الفراء. وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي، واشتغل بعلم الوعظ، وصار أوحد زمانه، وكان حريصاً على طلب العلم، مجداً في تحصيله، ذا همة عالية، وكتب الكثير، وصنف الكتب الكبيرة في علوم الشريعة وسائر الفنون، ومن تأمل ما جمعه بان له حفظه وإتقانه ومقداره في العلم، كتبت عنه وقرأت عليه، وسمعت منه كثيراً، وهو آخر من حدث عن الدينوري. توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكانت له جنازة مشهودة حمل على رؤوس الناس إلى باب حرب، فدفن هناك. قال ذلك كله ابن النجار.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 6- ص: 1
ابن الجوزي
الإمام العلامة الحافظ عالم العراق وواعظ الآفاق جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن علي بن عبد الله القرشي البكري الصديقي البغدادي الحنبلي الواعظ
صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم وعرف جدهم بالجوزي لجوزة كانت في دراهم لم يكن بواسط سواها ولد سنة عشر وخمسمائة أو قبلها
وسمع في سنة تسع عشرة من ابن الحصين وأبي غالب بن النباء وخلق عدتهم سبعة وثمانون نفسا
وكتب بخطه الكثير جدا ووعظ من سنة عشرين إلى أن مات
حدث عنه بالإجازة الفخر علي وغيره وله زاد المسير في التفسير وجامع المسانيد والمغني في علوم القرآن وتذكرة الأريب في اللغة والوجوه والنظائر ومشكل الصحاح والموضوعات والواهيات والضعفاء وتلقيح فهوم الأثر والمنتظم في التاريخ وأشياء يطول شرحها وما علمت أحدا من العلماء صنف ما صنف
وحصل له من الخطوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط قيل إنه حضره في بعض المجالس مائة ألف وحضره ملوك ووزراء وخلفاء وقال كتبت بأصبعي ألفي مجلد وتاب على يدي مائة ألف وأسلم على يدي عشرون ألفا مات يوم الجمعة ثالث عشر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة
قلت قال الذهبي في التاريخ الكبير لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ
عندنا باعتبار الصنعة بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 480
والعلامة أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي البكري ابن الجوزي الحافظ
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 182
وأبو الحسن علي ابن العلامة أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي الناسخ
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 195
ابن الجوزي
العلامة، الإمام، الحافظ، عالم العراق، وواعظ الآفاق، جمال الدين، أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادى بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي، التيمي، البكري، البغدادي، الحنبلي، صاحب التصانيف الكثيرة في فنون العلم، وعرف جدهم بالجوزي بجوزةٍ كانت في داره بواسط لم يكن بواسط جوزةٌ غيرها.
ولد سنة عشرٍ وخمس مئة - أو قبلها - ومات أبوه وله ثلاثة أعوام؛
فربته عمته، ولما ترعرع حملته إلى الحافظ محمد بن ناصر فاعتنى به، وسمعه الكثير، وأول سماعه في سنة ست عشرة.
سمع أبا القاسم بن الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وأبا عبد الله الحسين بن محمد البارع، وأبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، والفقيه أبا الحسن بن الزاغوني، وأبا غالب بن البناء، وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبا غالب محمد بن الحسن الماوردي، وأبا القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله الأصبهاني، وأبا القاسم بن السمرقندي، وأبا الوقت السجزي، وابن ناصر، وجماعة. وعدة شيوخه سبعة وثمانون.
حدث عنه: ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطة الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي، والحافظ عبد الغني المقدسي، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلقٌ سواهم.
وبالإجازة الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، وفخر الدين بن البخاري، وأحمد بن سلامة الحداد، وغيرهم.
وكتب بخطه ما لا يوصف كثرة، ووعظ في حدود سنة عشرين وخمس مئة وإلى أن مات، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم تحصل لأحدٍ قط، وحضر مجالسه ملوكٌ ووزراء وخلفاء من وراء الستر، ويقال: إنه كان يحضر مجلسه مئة ألف.
قال سبطه: سمعت جدي يقول على المنبر: كتبت بأصبعي ألفي
مجلدة، وتاب على يدي مئة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً، قال: وكان يختم في كل أسبوع ختمة، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس.
ثم سرد سبطه مصنفاته إلى أن قال: فمجموع تصانيفه مئتان ونيفٌ وخمسون كتاباً.
قلت: لا أعلم أحداً صنف أكثر من ابن الجوزي إلا شيخنا الإمام الرباني أبا العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني رضي الله عنه.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان ابن الجوزي لطيف الصورة، حلو الشمائل، رخيم النعمة، موزون الحركات والنغمات، لذيذ المفاكهة، يحضر مجلسه مئةً ألف أو يزيدون، لا يضيع من زمانه شيئاً، يكتب في اليوم أربع كراريس، وله في كل علم مشاركة؛ لكنه كان في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من الحفاظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقهٌ كافٍ، وأما السجع الوعظي فله فيه ملكةٌ قوية، وله في الطب كتاب ’’اللقط’’ مجلدان، وكان يراعي حفظ صحته وتلطيف مزاجه، وما يفيد عقله قوة وذهنه حدة، جل غذائه الفراريج والمزاوير، ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباسٍ: الأبيض الناعم المطيب، وله ذهن وقاد، وجوابٌ حاضر، وعنده مجون ومداعبة حلوة، ولا ينفك من جاريةٍ حسناء.
وذكر الموقاني أنه شرب البلاذر فسقطت لحيته، فكانت قصيرةً جداً، وكان يخضبها بالسواد إلى أن مات.
قال: وكان كثير الغلط فيما يصنفه؛ فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره.
وقد امتحن الشيح أبو الفرج في آخر عمره، وختم على داره، وأخذ في سفينةٍ إلى واسط، فحبس بها في بيتٍ خمس سنين لم يدخل فيها حماماً، وكان يطبخ ويغسل ثوبه ويخدم نفسه، وكان السبب في خلاصه أن ابنه يوسف نشأ واشتغل ووعظ وتوصل إلى أم الخليفة فشفعت فيه فأطلق.
وكانت وفاته في شهر رمضان سنة سبعٍ وتسعين وخمس مئة، وقد قارب التسعين، ودفن بمقبرة باب حرب، وكانت جنازته مشهودة.
وفيها: مات مسند أصبهان القاضي المعمر أبو المكارم أحمد بن أبي عيسى محمد بن محمد بن اللبان الأصبهاني، وقد نيف على التسعين.
ومفيد بغداد المحدث أبو القاسم تميم بن أحمد بن أحمد بن كرم البندنيجي، ثم الأزجي، وله اثنتان وخمسون سنة، سمع [من]
أبي الوقت. والمسند أبو عبد الله بن المبارك بن هبة الله بن الطويلة الدارقزي. والمسند عبد الرحمن بن أبي الكرم محمد بن ملاح الشط، وله بضع وتسعون سنة. والمسند الواعظ عمر بن علي بن عمر أبو علي الحربي، وله أربع وثمانون سنة. والمسند الكبير أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني الأصبهاني الخباز، وله مئة سنة. والعلامة الوزير البليغ عماد الدين محمد بن محمد بن حامد الكاتب بدمشق، وله ثمانٍ وسبعون سنة. وشيخ القراء أبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون الحلي، ويعرف بابن الكال، وله بضع وثمانون سنة. ومقرئ العراق أبو شجاع محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي بن المقرون، وقد نيف على الثمانين، رحمهم الله تعالى.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 4- ص: 1
عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله البكري
من ولد الإمام أبى بكر الصديق رضي الله تعالى عنه الإمام أبو الفرج ابن الجوزي.
البغدادي الحنبلي الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم من التفسير، والحديث، والفقه، والوعظ، والزهد،
والتاريخ، وغير ذلك.
قال الذهبي: كان مبرزاً في التفسير، وفي الوعظ، وفي التاريخ، ومتوسطاً في المذهب، وفي الحديث، له إطلاع تام على
متونه، وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين، ولا نقد الحفاظ المبرزين.
ولد تقريبا سنة ثمان - أو عشر - وخمسمائة.
مكتبة وهبة - القاهرة-ط 1( 1976) , ج: 1- ص: 61