عبد الحي الخال عبد الحي بن علي بن محمد الطالوي الحنفي الدمشقي: من شعراء عصره. مهر في نظم المواليا والموشح. وكان هجاءا ماجنا. له (ديوان شعر) وكتاب في الادب سماه (مرور الصبا والشمول) مولده ووفاته في دمشق.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 290
عبد الحي الخال عبد الحي بن علي بن محمد بن محمود الشهير بالخال وبابن الطويل الطالوي الحنفي الدمشقي الأديب الشاعر البارع كان اعجوبة وقته له مهارة في نظم الشعر والمواليا والموشح والهزل وغالب هذه الفنون وغير ذلك وديوانه متداول بأيدي الناس ولم يزل على حالته إلى أن مات وجمع كتابا في الأدب سماه مرور الصبا والشمول وسرور الصبا والمشمول ورتبه على عشرة أبواب جمع به كل نادرة مستحسنة وحكاية لطيفة ومطارحة رشيقة وأشعار رائقة رقيقة وقرظ عليه الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي بقوله
أنقطة العلم نقطة الخال | في الخد مما يشينه الخالي |
كثرها الجهل وهي واحدة | ما مثلها في زماننا الخالي |
كتابها الروض صاح بلبله | فهاج بالشوق كل بلبال |
تفوح غب الحيا أزاهره | ما ثوب صبري علي بل بالي |
يجمع فضلا ورونقا وعلا | كعذب ماء بطيب سلسال |
لا تسأل المستفيد عنه به | فإنه المستهام سل سالي |
وقائع العاشقين رائقة | بحسن معنى ولطف أقوال |
رقة أشعار معشر سلفوا | ضعيفها كالجفون أقوى لي |
وترجمات حكت بلاغتها | للسحر حيكت بحسن منوال |
يقول من شام برق طلعتها | أما لهذا الجمال من والي |
قلنا نعم إنه مصنفها | سما باكرامه واجلال |
وفهمه أوضح الفهوم كما | كما له في الذكاء أجلى لي |
عليه مني السلام ما لمعت | بقيعة الأرض لمعة الآل |
وما بأوفى الصلاة عبد غني | أتى لطه والصحب والآل |
أمن قطرات الطل جسمك أم أصفى | فقد كادت الألحاظ ترشفه رشفا |
هتكت الورى فأردد لثامك عل ما | تبدي من الثغر الشنيب لنا يخفى |
وكف سهام اللحظ عن قلبي الذي | أذيب هوى مذ شام أجفانك الوطفا |
وعطفا على حالي وحقك انني | عرفت الهوى لما ثنيت لي العطفا |
جعلنا فدا تلك اللحاظ فكم بها | رأينا فني لاقى الصبابة والحنفا |
ويا ذا الذي واخى الرقاد جفونه | تهن فطرفي فيك قد حارب الأغفا |
إلى كم أقاسي كلما شمت بارقا | من الغور نيرانا من الوجد لا تطفى |
شكوت فهل من رحمة لمتم | يعض من الشكوى أنامله لهفا |
زجرت المطايا حين مالت عن الحمى | سحيرا ولم نشتم من طيبه عرفا |
وقلت إلى من في مسيرك تقصدي | فقالت لرب المجد والمورد الأصفى |
سليل الكرام الصيد حقا ومن له | محامد لا تحصى وإن سطرت صحفا |
مليك إذا ما الدهر أضعف برهة | ووافى حماه الرحب لأرتاح واستشفى |
أثرها قد أضربها المقام | قلوص حشو أضلعها غرام |
وسيرها بزجر فالتهادي | قصور فيه لم يدرك مرام |
وجب فيها السباسب واقتبها | وجز فيها كما جاز اليمام |
وجد السير في طلب المعالي | فأما ما طلبت أو الحمام |
وارغم أنف من عذلوا ولاموا | ولو أقذى محاجرك الرغام |
مفارقة الحسام الجفن نفع | ولولاها لما ضر الحسام |
فلولا السعي ما فخرت أناس | ولولا الفخر لم يروى امام |
فإن ضاقت بك الدنيا وكلت | قلوصك ثم أنحلها الركام |
فعرج نحو جلق ثم نادى | عليكم سادة الدنيا السلام |
خصوصا من إذا وفدت عليه | وفود القاصدين فلا يضاموا |
وقل نجل الفلاقنسي أعني | ترى شهما تكففه احتشام |
شريف سيد أبدا لديه | صفوف المجد اجلالا قيام |
يصلي نحوه الكرماء حتى | ينالوا الجود فهو لهم امام |
فكل منهم نجم مضئ | وطلعة وجهه بدر تمام |
وكلهم كشهر الصوم جودا | وليلة قدره هذا الهمام |
إذا ما رحت أنعت راحتيه | فبحر تلك والأخرى غمام |
وكل منهما للناس ركن | وكم في الركن للناس استلام |
كالغصن مالت في غلائل=ومضت ولم تشف الغلائل | مالت كخوط أراكة |
لعبت بها أيدي الشمائل=نزلت بأكناف الحمي | لتظ لها تلك الخمائل |
فتعطر النادي ونا=دى أهله أهلا منازل | ورنت إلي بطرفها |
فرأيت شخص الموت جائل=وتكلمت فتكلمت | أحشاي وازدادت بلابل |
فعلمت إن حديثها=سحر يقصر عنه بابل | يا خلة النفس التي |
ما بينها والقلب حائل=هل من مقام اشتكى | لك بعض ما قال العواذل |
وابتكي بعض الذي=فعلوا وما تلك الفعائل | بلغوا مناهم عندما |
سارت بهودجك الرواحل=ورأيت صبري والغرا | م مسافرا عني ونازل |
أين استقلت يا ترى=تلك المحاسن والشمائل | منها في المديح |
بحر العلوم وماله=حد كما للبحر ساحل | باهي بطلعته الشمو |
س الطالعات ولا تماثل=وسل السها عن قدره | فمحله تلك المنازل |
ومنها=عبد الغني وان تأخر | فهو قطب بالدلائل |
فالرسل سيدها ختا=م المرسلين وهم أوائل | حسبي بمدحك سيدي |
فخرا على كل الأماثل=وعلى علاك رضا المهيمن | كلما غنت بلابل |
أمقلدين الجيد في أجياد=عطلتموا جفني بسلب رقادي | إني غدوت وفيكم لي غادة |
قادت فؤادي للردى بقياد=تثنى الصبا أعطافها وأظنه | ميل الصبا بقواده المياد |
لم أنس آخر ليلة قالت وقد | وافى الفراق لنا وزم الحادي |
والركب هم على الرحيل وأدمعي | جزعا لهزات الرحيل غوادي |
وتفطرت أحشاي من ألم النوى | ونظمت در الدمع في الأجياد |
ها قد سعدت بوصل مثلي برهة | إن السعادة في وصال سعاد |
ولقد سألت من الخلي ونحن في | حزن الوداع وفرحة الحساد |
نجل العيون هددن حيلك والقوى | فأجبته والنار وسط فؤادي |
نعم العيون وليس لي من ملجأ | الا ابن صديق النبي الهادي |
صدر الموالي ركن فضلهم الذي | فيه سموا عزا على الأطواد |
رب السجايا النيرات ومن إذا | تليت لنا أغنت عن الانشاد |
من رام يفخر عندكم قولوا له | أنت ابن من نحن بنو الأمجاد |
من جاء ثاني اثنين فيه فهل له | نديما ثله من الأنداد |
نحن بنوه الضاربون قبابنا | فوق السهى يرفيع كل عماد |
عمد عليها للفخار سرادق | آباؤنا نصبوه للأولاد |
وإن التجى فرع إلى أبوابنا | نزل الصياصي في ذرى الآساد |
زار هذا الحبيب في ابانه | وأتى والدلال أكبر شأنه |
وسقاني من الرضاب شمولا | تركتني من صده في أمانه |
قده العادل الرشيق علينا | جار في حكمه وفي سلطانه |
خده كالشقيق والخال فيه | مثل قلب المحب في نيرانه |
ساقني للغرام فيه جمال | شاقني العجب فيه مع خيلانه |
يالها من شمائل كشمول | سرقت عقل ذي الحجى من مكانه |
لج هذا الحبيب في هجرانه | ومضى والسرور أكبر شأنه |
والذي صير الملاحة في خد | يه وقفا والسحر في أجفانه |
وأطعنا الوشاة فيه وقد أسر | ف في ظلمه وفي عدوانه |
يا خليلي باكرا الراح صبحا | وأسقياني من صرف ما تمزجانه |
ودعا اللوم التصابي فإني | لا أرى في السلو ما تريانه |
بالله أقسم والفلق=إن المنية في الحدق | لا بالسوابغ يتقي |
سهم اللحاظ لا الدرق=بل انما رسل المنا | يا في الجفون لمن رمق |
سود العيون ونجلها=أرمين في قلبي الحرق | حطمت جيوش الصبر حتى |
بابي وبي طيف طرق | عذب اللمى والمعتق |
اياك من سود الحدق | فهي التي تكسو القلق |
لا يخدعنك حسنها | فالأمن يتبعه الفرق |
إني لأصبر في الملمات | الثقال ولا أبالي |
وأنازل البطل الكمي | وأصده عند النزال |
وأقارع الليث الغضنفر | في ميادين المجال |
لكن إذا مالوا الظبا | بقدودهم تلك العوالي |
ورأيت ما بين الحوا | جب والخدود من الفعال |
حلت عقود عزائمي | وعجزت عن رد السؤال |
إني الأفحم الغيا=ض على الأسود بلا تحاشي | وأجول ما بين القنا |
والليل مسود الحواشي=وإذا رأيت لواحظ الـ | ـغزلان عن سحر نواشي |
أرتاع من طير الفرا | ش وانبرى ملقى الفراش |
إني أخاف من العيو=ن النجل والحدق المراض | وأزور ليث الغاب بال |
هندي في وسط الغياض=وإذا رأيت مور دال | وجنات جمش بالعضاض |
أيقنت إن سنيتي | بين التورد والبياض |
يا حبذا خضر الخما | ئل في الرياض السندسيه |
نفسي أراها مشتهيه=تقبيل وجنتك الطريه | فاسمح بها في تلك أو |
من هذه الشفة الشهيه=أنا بين خدك ثم ثغرك | رحت نهب المشرفيه |
وتقاسمت جسمي ظبا=تلك الظباء الجاسمية | من كل عضب قاطع |
ضمن الجفون الكسرويه=مالي على صيد المها | قلب ولا لي فيه نيه |
ويلاه من حدق الجآ=ذر انها رسل المنيه | وأودها ترمي فلا |
يغدو سوى قلبي رميه=كلف بها ومحبتي | لا بالتكلف بل سجيه |
كم طالعت خيل المنو=ن من الجفون لها سريه | يا للعجائب انني |
أسطو على الاسد القويه=وتصيدني الطرر التي | هي لأمر أشرك الرزيه |
ترى من لصب لا تجف غروبه | على رشف مسول ترف غروبه |
حليف غرام قد تناءت دياره | أليف سقام قد جفاه طبيبه |
وقد لعبت فيه يد البين والنوى | وسدت عليه طرقه ودروبه |
إذا ما غدت عنه من البين رعدة | أتت رعدة تضني واخرى تريبه |
خذي يا صبا عني رسالة مغرم | يحبي بها صنو الرشا وقريبه |
وقولي سلام عن غريب تركته | وقد أزعج الأحياء منه تحيبه |
فهل لبديد الشمل جمع وهل ترى | قتيل النوى والبعديد نوحبيبه |
فآه وآه كم ينادي بحرقة | فؤادي فلم يلقى له من يجيبه |
والا برحت المدا في ثوب عافية | مطرزا بطراز الأمن والنعم |
ما اشتقت صبح محياك البهي وما | صحت لصحتك الدنيا من السقم |
ودمت في الدهر محفوظا من الألم | في ثوب عز وشاه الأمن بالنعم |
ما دمت ذكرى وجاري ثم ما نشدت | أمن تذكر جيران بذي سلم |
ما الخال الا حبة القلب | تدعو بواعثنا إلى الحب |
أو قطعة من مسك نافجة | فاحت روائحها على الصحب |
أو نقطة الألف التي حسبت | عشرا من الحسنات في الحب |
أو إنه انسان ناظرنا | فيه دقيقة حكمة الرب |
وإذا نظرت فكل ذي نظر | بالخال يجلو ظلمة الكرب |
إذا المرء لم يغضب إذا خاف خله | مواثيقه اللاتي بها اتصل الحبل |
وعاد إليه بعد ما رام بعده | وقال مقالا فيه ليس له أصل |
فذاك وأيم الله لا شك إنه | دنى بلا أصل وليس له عقل |
إن المنايا لتأتي وهي صاغرة | للحظك الفاتن الفتاك بالبطل |
كي تستفيد فنون الموت قائلة | بين لنا كيف علم القتل بالمقل |
قد قلت لما صرت من شعره | والردف في حال كحالي المريض |
من منصفي إني رماني الهوى | والعشق في أمر طويل عريض |
أقول له اعتراني منك سقم | وأوجاع وداآت عظام |
فيعرض قائلا لا تشك مني | سقاما حيث لم تبل العظام |
وكنت أقول إني حين يبدو | بخدك عارض يسلو فؤادي |
فلما إن بدا زادت شجوني | كأني في هواه على المبادي |
خلبت الدهرا شطره وإني | لمكروهاته أبدا أقاسي |
وعاركت الزمان وعاركتني | نوائبه إلى أن شاب رأسي |
فلم أر لي على همي معينا | وافلاسي سوى كسى وكأسي |
نزلنا في التواني مع سراة | رقوا طرق المعالي في أمان |
توانى أهلها عنا وأغضوا | فلا عاشت لحي أهل التواني |
أفدى الذي قال صفني قلت يا أملي | خذ ما أقول فإن الوصف طوع يدي |
كالغصن قدا وواو الصدغ راقية | وريقك الخمر والدل الرخيم ندي |
رويدك يا رشيق القد يا من | بمعسول القوام لنا يهدد |
فقدك حظ غصن البان حتى | بأعلاه الجمال غدا يعدد |
بدلت له مالي فقال وقد نضى | من اللحظ سيفا مال فيه إلى الفتك |
هب الروح فاتركها فإن جميع ما | ملكت من النقد الحويل على ملكي |
وما فشفش الا أكول وإنه | يفوق ابن حرب في الشراهة والمعدي |
يطوف بأكناف البيوت لعله | يرى رجلا غرا يقول له عدي |
رأيت الفتى الوزان يسعى لغدوة | وقد سدت الدينا من البرد والثلج |
إذا قيل في أرض الحجاز وليمة | يقول لنا حتما نويت على الحج |
ورب منافق باطنه قير | وظاهره مضئ كالسراج |
كمأذنة فظاهرها قويم | وباطنها ظلام في اعوجاج |
إن المنافق ليس موثوقا به | فيما يحاول في جميع مواطن |
مثل المنارة مستقيم ظاهرا | وله اعوجاج كامن في الباطن |
هلموا إلى داعي السرور ونبهوا | إلى البسطا فكارا أضربها القبض |
ووفوا حقوق الورد قبل ذهابة | فهذا لثوب الروح إن صديت رحض |
وهذا حلي النفس والأنفس الذي | على الفلك الدوار تزهو به الأرض |
قف في منازل سلمى أيها الباكي | واحبس مطيك عند المرتع الزاكي |
وصير النجب سفنا والدموع لها | بحرا ونادي ببسم الله مجراك |
وخل آرامها ترعى البشام بها | وقل تهني فعين الله ترعاك |
واحكي الحمام نواحا والرسوم بلا | فهم يقولون إن الفضل للحاكي |
وإن سرت عند شكواك الصبا سحرا | فنادها يا صبا من أين مسراك |
فإن يكن فيك أو في طي ذيلك لي | رسائل منهم لا خاب مسعاك |
وسل رسوم ديار الظاعنين وقل | أيا منازل سلمى أين سلماك |
بليت بصاحب وله شقيق | شهاب الدين ذو شكل كريه |
كلا الرجلين ضراط ولكن | شهاب الدين أضرط من أخيه |
إلى كم نحن في عيش كريه | من الدهر الذي لا نرتجيه |
ولولا إن هذا الدهر أضحى | يعاملنا بما لا نشتهيه |
لما كان الغراب يقول شعرا | ويجري شعره من قعر فيه |
ولا ابن الغراب الفيل يمسي | من الكتاب يمشي مشي تيه |
ولا ابن البغل نعرفه بعرف | سلوه هل أتاه من أبيه |
إذا نادى على شيء انادي | الأموت يباع فأشتريه |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 2- ص: 244