العباس العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الفضل: من اكابر قريش في الجاهلية والاسلام، وجد الخلفاء العباسيين. قال رسول الله (ص) في وصفه: اجود قريش كفا واوصلها، هذا بقية آبائي!. وهو عمه. وكان عمه. وكان محسنا لقومه، سديد الرأى، واسع العقل، مولعا بإعتاق العبيد، كارها للرق، اشترى 70 عبدا واعتقهم. وكانت له سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام (وهي ان لايدع احدا يسب احدا في المسجد ولا يقول فيه هجرا) اسلم قبل الهجرة وكتم اسلامه، واقام بمكة يكتب إلى رسول الله (ص) اخبار المشركين. ثم هاجر إلى المدينة، وشهد وقعة ’’حنين’’ فكان ممن ثبت حين انهزم الناس. وشهد فتح مكة. وعمى في آخر عمره. وكان اذا مر بعمر في ايام خلافته ترجل عمر اجلالا له، وكذلك عثمان. واحصى ولده في سنة 200هـ ، فبلغوا 33000 وكانت وفاته في المدينة عن عشرة اولاد ذكور سوى الاناث. وله في كتب الحديث 35 حديثا.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 262

العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم أنشد العباس في النبي صلى الله عليه وسلم:

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’لا يفضض الله فاك’’.
وأورد له صاحب المقنع في الإمامة وهو عبيد الله ابن عبد الله السدابادي قوله يوم السقيفة:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 418

عباس بن عبد المطلب (ب د ع) عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة.
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه. يكنى أبا الفضل، بابنه.
وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر- وهو الضحيان- بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط. وهي أول عربية كست البيت الحرير والديباج وأصناف الكسوة، وسببه أن العباس ضاع، وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، فوجدته، ففعلت وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: بثلاث سنين وكان العباس في الجاهلية رئيسا في قريش، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، أما السقاية فمعروفة، وأما عمارة المسجد الحرام فإنه كان لا يدع أحدا يسب في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرا لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأن ملأ قريش كانوا قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا له أعوانا عليه وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة، لما بايعه الأنصار، ليشدد له العقد، وكان حينئذ مشركا وكان ممن خرج مع المشركين إلى بدر مكرها، وأسر يومئذ فيمن أسر، وكان قد شد وثاقه، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ولم يتم، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا نبي الله؟ فقال: أسهر لأنين العباس فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أسمع أنين العباس؟ فقال الرجل: أنا أرخيت من وثاقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسرى كلهم وفدى يوم بدر نفسه وابني أخويه: عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وأسلم عقيب ذلك وقيل: إنه أسلم قبل الهجرة وكان يكتم إسلامه، وكان بمكة يكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار المشركين، وكان من بمكة من المسلمين يتقوون به وكان لهم عونا على إسلامهم، وأراد الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: مقامك بمكة خير فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من لقي العباس فلا يقتله، فإنه أخرج كرها وقصة الحجاج بن علاط، تشهد بذلك وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت آخر المهاجرين كما أنني آخر الأنبياء» أخبرنا أبو الفضل الطبري الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى الموصلي قال: حدثنا شعيب بن سلمة ابن قاسم الأنصاري، من ولد رفاعة بن رافع بن خديج، حدثنا أبو مصعب إسماعيل بن قيس بن زيد بن ثابت، حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد الساعدي قال: استأذن العباس بن عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له: «يا عم، أقم مكانك الذي أنت به، فإن الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة» ثم هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشهد معه فتح مكة، وانقطعت الهجرة، وشهد حنينا، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انهزم الناس بحنين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظمه ويكرمه بعد إسلامه، وكان وصولا لأرحام قريش، محسنا إليهم، ذا رأي سديد وعقل غزير وقال النبي صلى الله عليه وسلم له: «هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا، وأوصلها وقال: هذا بقية آبائي». أخبرنا إبراهيم بن محمد وإسماعيل بن علي وغيرهما قالوا بإسنادهم إلى محمد بن عيسى السلمي: حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث قال: حدثني عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب: أن العباس دخل على النبي صلى الله عليه وسلم مغضبا، وأنا عنده. فقال: ما أغضبك؟ فقال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش؟ إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك. قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه. ثم قال: «والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله.
ثم قال: أيها الناس، من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه». وأخبرنا أبو القاسم يعيش بن صدقة بن علي الفقيه، أخبرنا أبو محمد يحيى بن علي بن الطراح، أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي، أخبرنا عمر بن شاهين، أخبرنا محمد بن محمد ابن سليمان الباغندي، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان ابن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ومنزلي ومنزل إبراهيم تجاهين في الجنة، ومنزل العباس بن عبد المطلب بيننا مؤمن بن خليلين». روى عنه عبد الله بن الحارث، وعامر بن سعد، والأحنف بن قيس، وغيرهم وله أحاديث منها: ما أخبرنا به عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: علمني- يا رسول الله- شيئا أدعو به قال: فقال: «سل الله العافية» ثم أتيته مرة أخرى، فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أدعو به فقال: «يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة». أخبرنا أبو نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن هبة الله، وأبو إسحاق إبراهيم بن أبي طاهر بركات بن الخشوعي وغيرهما، قالوا: أخبرنا الحافظ. أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الفرحان السمناني، أخبرنا الأستاذ أبو القاسم القشيري، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الخفاف، أخبرنا أبو العباس السراج، أخبرنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر، أخبرنا الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا».
وأخبرنا أبو الفضل المخزومي الفقيه، بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن عباد، حدثنا محمد بن طلحة، عن أبي سهيل بن مالك، عن ابن المسيب، عن سعد قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ببقيع الخيل، فأقبل العباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا العباس عم نبيكم، أجود قريش كفا وأوصلها» واستسقى عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنهما عام الرمادة لما اشتد القحط. فسقاهم الله تعالى به، وأخصبت الأرض. فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله، والمكان منه. وقال حسان بن ثابت:.

ولما سقى الناس طفقوا يتمسحون بالعباس، ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين.
وكان الصحابة يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه، وكفاه شرفا وفضلا أنه كان يعزى بالنبي صلى الله عليه وسلم لما مات، ولم يخلف من عصباته أقرب منه.
وكان له من الولد عشرة ذكور سوى الإناث، منهم: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، ومعبد، والحارث، وكثير، وعون، وتمام، وكان أصغر ولد أبيه.
وأضر العباس في آخر عمره، وتوفي بالمدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل: بل من رمضان، سنة اثنتين وثلاثين، قبل قتل عثمان بسنتين. وصلى عليه عثمان، ودفن بالبقيع، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وكان طويلا جميلا أبيض بضا، ذا ضفيرتين.
ولما أسر يوم بدر لم يجدوا قميصا يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أبي بن سلول، فألبسوه إياه ولهذا لما مات عبد الله بن أبي كفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه. وأعتق العباس سبعين عبدا.
أخرجه الثلاثة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 632

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 3- ص: 163

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 3- ص: 60

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي. عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الفضل. أمه نتيلة بنت جناب بن كلب.
ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وضاع وهو صغير، فنذرت أمه إن وجدته أن تكسو البيت الحرير، فوجدته فسكت البيت الحرير، فهي أول من كساه ذلك، وكان إليه في الجاهلية السقاية والعمارة، وحضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم، وشهد بدرا مع المشركين مكرها، فأسر فافتدى نفسه، وافتدى ابن أخيه عقيل بن أبي طالب، ورجع إلى مكة، فيقال: إنه أسلم، وكتم قومه ذلك، وصار يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأخبار، ثم هاجر قبل الفتح بقليل، وشهد الفتح، وثبت يوم حنين
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من آذى العباس فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه»، أخرجه الترمذي في قصة.
وقد حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث، روى عنه أولاده، وعامر بن سعد، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن الحارث، وغيرهم.
وقال ابن المسيب، عن سعد: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل العباس، فقال: «هذا العباس أجود قريش كفا وأوصلها».
أخرجه النسائي.
وأخرج البغوي في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بسند له إلى الشعبي، عن أبي هياج، عن أبي سفيان بن الحارث، عن أبيه، قال: كان العباس أعظم الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة يعترفون للعباس بفضله ويشاورونه، ويأخذون رأيه.
ومات بالمدينة في رجب أو رمضان سنة اثنتين وثلاثين، وكان طويلا جميلا أبيض.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 3- ص: 511

أبو الفضل العباس بن عبد المطلب الهاشمي، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 7- ص: 267

العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الفضل؛ كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل بثلاث، أمه نثلة وقيل نثيلة ابنة جناب بن كليب بن مالك بن النمر بن قاسط، كذا نسبها الزبير وغيره؛ ولدت العباس لعبد المطلب فأنجبت به، وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة، لأن العباس ضل وهو صبي، فنذرت كسوة البيت إن وجدته، فلما وجدته وفت بنذرها؛ كان العباس رئيسا في الجاهلية وفي قريش، وإليه كانت عمارة البيت والسقاية في الجاهلية، أما السقاية فمعروفة وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يستب في المسجد الحرام ولا يقول فيه هجرا: يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأن قريش اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك وسلموا له ذك وكانوا له أعوانا؛ وكان العباس ممن خرج مع المشركين يوم بدر فأسر مع الأسارى وشدوا وثاقهم، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا رسول الله؟ فقال: أسهر لأنين العباس، فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أسمع أنين العباس؟ فقال الرجل: أنا أرخيت وثاقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسارى كلهم، قال ابن عبد البر: أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، وذلك بين في حديث الحجاج بن علاط أنه كان مسلما يسره ما فتح الله على المسلمين، ثم أظهر إسلامه يوم الفتح، وشهد حنينا والطائف وتبوك، ويقال إن إسلامه قبل بدر، وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون بمكة يتقوون به، وكان يحب أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنه أخرج كرها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب، وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم العقبة يشترط له على الأنصار، وكان على دين قومه يومئذ، وفدى عقيلا ونوفلا ابني أخويه أبي طالب والحارث وغيرهم من ماله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم العباس ويجله ويعظمه بعد الإسلام ويقول: هذا عمي صنو أبي؛ وكان العباس جوادا مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة، ولم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا إجلالا له ويقولان: عم النبي صلى الله عليه وسلم. ولما أقحط أهل الرمادة - وذلك سنة سبع عشرة - قال كعب لعمر: يا أمير المؤمنين، إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر رضي الله عنه: هذا عم النبي صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه وسيد بني هاشم، فمشى إليه عمر وشكا إليه ما الناس فيه، ثم صعد المنبر ومعه العباس فقال: اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم نبينا وصنو أبيه، فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ثم قال عمر: يا أبا الفضل، قم فادع، فقال العباس بعد حمد الله والثناء عليه: اللهم إن عندك سحابا وعندك ماء فانشر السحاب ثم أنزل الماء فيه علينا فاسدد به الأصل وأطل به الفرع وأدر به الضرع؛ اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب، ولم تكشفه إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك، فاسقنا الغيث؛ اللهم شفعنا في أنفسنا وأهلينا؛ اللهم اسقنا سقيا وادعا نافعا طبقا سحا عاما؛ اللهم لا نرجو إلا إياك، ولا ندعو غيرك، ولا نرغب إلا إليك؛ اللهم إليك جوع كل جائع، وعري كل عار، وخوف كل خائف، وضعف كل ضعيف؛ في دعاء كثير. فأرخت السماء عزاليها فجاءت بأمثال الجبال حتى استو الحفر بالآكام، وأخصبت الأرض، وعاش الناس، فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه، فقال حسان بن ثابت الأنصاري:

وكان العباس جميلا أبيض غضا ذا ضفيرتين معتدل القامة، وقيل بل كان طويلا؛ ولما سقوا طفق الناس يمسحون أركان العباس ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين. وتوفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وصلى عليه عثمان، ودفن بالبقيع، وعاش ثمانيا وثمانين سنة. وقال خريم بن أوس: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمه العباس رضي الله عنه: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قل لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول:
وقد بورك في نسل العباس رضي الله عنه، فقال رجاء بن الضحاك: إنه في سنة مائتين أحصي ولد العباس فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفا، كذا ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0

العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: إنه أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه وخرج مع قومه إلى بدر فأسر يومئذ فادعى أنه مسلم. فالله أعلم.
وليس هو في عداد الطلقاء فإنه كان قد قدم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الفتح إلا تراه أجار أبا سفيان بن حرب.
وله عدة أحاديث منها خمسة وثلاثون في مسند بقي وفي ’’البخاري ومسلم’’ حديث وفي ’’البخاري’’ حديث وفي ’’مسلم’’ ثلاثة أحاديث.
روى عنه ابناه: عبد الله وكثير والأحنف بن قيس وعبد الله بن الحارث بن نوفل وجابر بن عبد الله وأم كلثوم بنت العباس وعبد الله بن عميرة وعامر بن سعد وإسحاق بن عبد الله بن نوفل ومالك بن أوس بن الحدثان ونافع بن جبير بن مطعم وابنه عبيد الله بن العباس وآخرون.
وقدم الشام مع عمر.
فعن أسلم مولى عمر: أن عمر لما دنا من الشام تنحى ومعه غلامه فعمد إلى مركب غلامه فركبه وعليه فرو مقلوب وحول غلامه على رحل نفسه.
وإن العباس لبين يديه على فرس عتيق وكان رجلا جميلا فجعلت البطارقة يسلمون عليه فيشير لست به وإنه ذاك.
قال الكلبي: كان العباس شريفا مهيبا عاقلا جميلا أبيض بضا له ضفيرتان معتدل القامة.
ولد قبل عام الفيل بثلاث سنين.
قلت: بل كان من أطول الرجال وأحسنهم صورة وأبهاهم وأجهرهم صوتا مع الحلم الوافر والسؤدد.
روى مغيرة، عن أبي رزين قال: قيل للعباس: أنت أكبر أو النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: هو أكبر وأنا ولدت قبله.
قال الزبير بن بكار: كان للعباس ثوب لعاري بني هاشم وجفنة لجائعهم ومنظرة لجاهلهم. وكان يمنع الجار ويبذل المال ويعطي في النوائب.
ونديمه في الجاهلية أبو سفيان بن حرب.
ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان العباس قد أسلم قبل أن يهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة.
إسناده واه. عن عمارة بن عمار بن أبي اليسر السلمي، عن أبيه، عن جده قال: نظرت إلى العباس يوم بدر وهو واقف كأنه صنم وعيناه تذرفان.
فقلت: جزاك الله من ذي رحم شرا أتقاتل ابن أخيك مع عدوه؟
قال: ما فعل، أقتل؟ قلت: الله أعز له وأنصر من ذلك. قال: ما تريد إلي؟ قلت: الأسر فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى، عن قتلك قال: ليست بأول صلته فأسرته ثم جئت به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
الثوري، عن أبي إسحاق، عن البراء أو غيره قال: جاء رجل من الأنصار بالعباس قد أسره فقال: ليس هذا أسرني فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’لقد آزرك الله بملك كريم’’.
ابن إسحاق عمن سمع عكرمة، عن ابن عباس قال: أسر العباس أبو اليسر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’كيف أسرته’’؟ قال: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد هيئته كذا. قال: ’’لقد أعانك عليه ملك كريم’’.
ثم قال للعباس: افد نفسك وابن أخيك عقيلا ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن جحدم. فأبى وقال: إني كنت مسلما قبل ذلك وإنما استكرهوني. قال: ’’الله أعلم بشأنك إن يك ما تدعي حقا فالله يجزيك بذلك وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فافد نفسك’’.
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عرف أن العباس أخذ معه عشرين أوقية ذهبا فقلت: يا رسول الله احسبها لي من فدائي. قال: ’’لا، ذاك شيء أعطانا الله منك’’ قال: فإنه ليس لي مال قال: ’’فأين المال الذي وضعته بمكة عند أم الفضل وليس معكما أحد غيركما فقلت: إن أصبت في سفري فللفضل كذا لقثم كذا ولعبد الله كذا’’.
قال: فوالذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد من الناس غيرها وإني لأعلم أنك رسول الله.
يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن العباس، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: بعثت قريش إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فداء أسراهم. ففدى كل قوم أسيرهم بما تراضوا. وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما.
إلى أن قال: وأنزلت {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم}.
قال: فأعطاني الله مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله تعالى.
قال ابن إسحاق: وكان أكثر الأسارى فداء يوم بدر العباس افتدى نفسه بمئة أوقية من ذهب.
وعن ابن عباس قال: أمسى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأسارى في الوثاق فبات ساهرا أول الليل فقيل: يا رسول الله مالك لا تنام قال: ’’سمعت أنين عمي في وثاقه’’. فأطلقوه فسكت فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: أسر العباس رجل ووعدوه أن يقتلوه فقال رسول الله: ’’إني لم أنم الليلة من أجل العباس زعمت الأنصار أنهم قاتلوه’’. فقال عمر: أآتيهم يا رسول الله؟ فأتى الأنصار فقال: أرسلوا العباس قالوا: إن كان لرسول الله رضا فخذه.
سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قيل: يا رسول الله بعد ما فرغ من بدر عليك بالعير ليس دونها شيء. فقال العباس وهو في وثاقه: لا يصلح. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’لم’’؟ قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين فقد أعطاك ما وعدك.
هكذا رواه إسرائيل. ورواه عمرو بن ثابت، عن سماك، عن عكرمة مرسلا.
إسماعيل بن قيس، عن أبي حازم، عن سهل قال: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- من بدر استأذنه العباس أن يأذن له أن يرجع إلى مكة حتى يهاجر منها. فقال: ’’اطمئن يا عم فإنك خاتم المهاجرين كما أنا خاتم النبيين’’.
إسناده واه رواه أبو يعلى والشاشي في ’’مسنديهما’’. ويروى نحوه من مراسيل الزهري.
قال ابن سعد: الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرا: فبدأ بالعباس قال: وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب. وسرد نسبها إلى ربيعة بن نزار بن معد.
وعن ابن عباس: ولد أبي قبل أصحاب الفيل بثلاث سنين.
وبنوه: الفضل وهو أكبرهم وعبد الله البحر وعبيد الله وقثم ولم يعقب وعبد الرحمن توفي بالشام ولم يعقب ومعبد استشهد بإفريقية وأم حبيب وأمهم أم الفضل لبابة الهلالية وفيها يقول ابن يزيد الهلالي:

قال الكلبي: ما رأينا ولد أم قط أبعد قبورا من بني العباس.
ومن أولاد العباس: كثير وكان فقيها وتمام وكان من أشد قريش وأميمة وأمهم أم ولد والحارث بن العباس وأمه حجيلة بنت جندب التميمية.
فعدتهم عشرة.
الواقدي: أخبرنا عبد الله بن يزيد الهذلي، عن أبي البداح بن عاصم، عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة، عن أبيه قال: أتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقيل هو في منزل العباس فدخلنا عليه فسلمنا وقلنا: متى نلتقي فقال العباس: إن معكم من قومكم من هو مخالف لكم فأخفوا أمركم حتى ينصدع هذا الحاج ونلتقي نحن وأنتم فنوضح لكم الأمر فتدخلون على أمر بين. فوعدهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة النفر الآخر بأسفل العقبة وأمرهم إلا ينبهوا نائما ولا ينتظروا غائبا.
وعن معاذ بن رفاعة، قال: فخرجوا بعد هدأة يتسللون وقد سبقهم إلى ذلك المكان معه عمه العباس وحده.
قال: فأول من تكلم هو، فقال: يا معشر الخزرج قد دعوتم محمدا إلى ما دعوتموه وهو من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن وقد أبى محمدا الناس كلهم غيركم فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فإنها سترميكم، عن قوس واحدة فارتئوا رأيكم وائتمروا أمركم فإن أحسن الحديث أصدقه فأسكتوا. وتكلم عبد الله بن عمرو بن حرام فقال: نحن أهل الحرب ورثناها كابرا، عن كابر. نرمي بالنبل حتى تفنى ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر ثم نمشي بالسيوف حتى يموت الأعجل منا.
قال: أنتم أصحاب حرب هل فيكم دروع قالوا: نعم شاملة.
وقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت إنا والله لو كان في أنفسنا غير ما نقول لقلنا ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل المهج دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
فبايعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- والعباس آخذ بيده يؤكد له البيعة.
زكريا، عن الشعبي قال: انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعباس وكان العباس ذا رأي فقال العباس للسبعين: ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة فإن عليكم عينا.
فقال أسعد بن زرارة: سل لربك ما شئت وسل لنفسك ولأصحابك ثم، أخبرنا بما لنا على الله وعليكم.
قال: ’’أسألكم لربي أن تعبدوه لا تشركوا به شيئا وأسألكم لنفسي وأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما تمنعون منه أنفسكم’’.
قالوا: فمالنا إذا فعلنا ذلك قال: ’’الجنة’’. قال: فلك ذلك.
ابن إسحاق: حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة قال: قال أبو رافع: كنت غلاما للعباس وكان الإسلام قد دخلنا فأسلم العباس وكان يهاب قومه فكان يكتم إسلامه فخرج إلى بدر وهو كذلك.
إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا أبي، عن ابن عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس أن جده عباسا قدم هو وأبو هريرة فقسم لهما النبي -صلى الله عليه وسلم- في خيبر.
قال ابن سعد: فقال لي محمد بن عمر: هذا وهم بل كان العباس بمكة إذ قدم الحجاج بن علاط فأخبر قريشا، عن نبي الله بما أحبوا وساء العباس حتى أتاه الحجاج فأخبره بفتح خيبر ففرح. ثم خرج العباس بعد ذلك فلحق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فأطعمه بخيبر مئتي وسق كل سنة ثم خرج معه إلى فتح مكة.
يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب بن ربيعة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’ما بال رجال يؤذونني في العباس وإن عم الرجل صنو أبيه من آذى العباس فقد آذاني’’.
ورواه خالد الطحان، عن يزيد فأسقط المطلب.
وثبت أن العباس كان يوم حنين وقت الهزيمة آخذا بلجام بغلة النبي -صلى الله عليه وسلم- وثبت معه حتى نزل النصر.
الأعمش، عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس قال: كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم فذكرنا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي’’.
إسناده منقطع.
إسرائيل، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رجلا من الأنصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه فلبسوا السلاح.
فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصعد المنبر فقال: ’’أيها الناس أي أهل الأرض أكرم على الله؟ قالوا: أنت. قال: ’’فإن العباس مني وأنا منه لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا’’.
فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله.
رواه أحمد في ’’مسنده’’.
ثور، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل على العباس وولده
كساء ثم قال: ’’اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا اللهم اخلفه في ولده’’.
إسناده جيد. رواه أبو يعلى في مسنده.
إسماعيل بن قيس بن سعد، عن أبي حازم، عن سهل قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القيظ فقام لبعض حاجته فقام العباس يستره بكساء من صوف فقال: ’’اللهم استر العباس وولده من النار’’. له طرق وإسماعيل ضعف.
سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمال ثمانين ألفا من البحرين فنثرت على حصير فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فوقف وجاء الناس فما كان يومئذ عدد ولا وزن ما كان إلا قبضا.
فجاء العباس بخميصة عليه فأخذ فذهب يقوم فلم يستطع فرفع رأسه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ارفع علي فتبسم رسول الله حتى خرج ضاحكه أو نابه فقال: ’’أعد في المال طائفة وقم بما تطيق’’. ففعل.
قال: فجعل العباس يقول وهو منطلق أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزها يعني قوله: {قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم}. فهذا خير مما أخذ مني. ولا أدري ما يصنع في الآخرة.
أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة ساعيا فمنع ابن جميل وخالد والعباس. فقال رسول الله: ’’ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا إنه قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس فهي علي ومثلها’’.
ثم قال: ’’أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه’’.
الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي قال: قلت لعمر: أما تذكر إذ شكوت العباس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه’’.
حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي أن رسول الله قال: ’’استوصوا بالعباس خيرا فإنه عمي وصنو أبي’’. إسناده واه.
محمد بن طلحة التيمي: عن أبي سهيل بن مالك، عن سعيد بن المسيب، عن سعد: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في نقيع الخيل فأقبل العباس فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفا وأوصلها’’. رواه عدة عنه.
وثبت من حديث أنس: أن عمر استسقى فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك توسلنا به وإنا نستسقي إليك بعم نبيك العباس.
الزبير بن بكار: حدثنا ساعدة بن عبيد الله، عن داود بن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر قال: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس فقال: اللهم هذا عم نبيك نتوجه إليك به فاسقنا. فما برحوا حتى سقاهم الله. فخطب عمر الناس فقال:
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم.
وقع لنا عاليا في ’’جزء البانياسي’’. وداود ضعيف.
ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجل أحد ما يجل العباس أو يكرم العباس. إسناده صالح.
ويروى عن عبد الله بن عمرو: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فمنزلي ومنزل إبراهيم يوم القيامة في الجنة تجاهين والعباس بيننا مؤمن بين خليلين’’.
أخرجه ابن ماجة وهو موضوع وفي إسناده: عبد الوهاب العرضي الكذاب.
ابن أبي فديك: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العامري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للعباس: ’’فيكم النبوة والمملكة’’.
هذا في جزء ابن ديزيل وهو منكر.
ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الثقة قال: كان العباس إذا مر بعمر أو بعثمان وهما راكبان نزلا حتى يجاوزهما إجلالا لعم رسول الله.
وروى ثمامة، عن أنس: قال عمر اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- فاسقنا. صحيح.
وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب:
أبو معشر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه وعن عمر مولى غفرة وعن محمد بن نفيع. قالوا: لما استخلف عمر وفتح عليه الفتوح جاءه مال ففضل المهاجرين والأنصار ففرض لمن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف ولمن لم يشهدها وله سابقة أربعة آلاف أربعة آلاف وفرض للعباس اثني عشر ألفا.
سفيان بن حبيب: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي صالح ذكوان، عن صهيب مولى العباس قال: رأيت عليا يقبل يد العباس ورجله ويقول: يا عم ارض عني.
إسناده حسن وصهيب لا أعرفه.
عبد الوهاب بن عطاء، عن ثور، عن مكحول، عن سعيد بن المسيب أنه قال: العباس خير هذه الأمة وارث النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمه.
سمعه منه: يحيى بن أبي طالب. وهو قول منكر.
قال الضحاك بن عثمان الحزامي: كان يكون للعباس الحاجة إلى غلمانه وهم بالغابة فيقف على سلع وذلك في آخر الليل فيناديهم فيسمعهم. والغابة نحو من تسعة أميال.
قلت: كان تام الشكل جهوري الصوت جدا وهو الذي أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهتف يوم حنين: يا أصحاب الشجرة.
قال القاضي أبو محمد بن زبر: حدثنا إسماعيل القاضي، أخبرنا نصر ابن علي:، أخبرنا الأصمعي قال: كان للعباس راع يرعى له على مسيرة ثلاثة أميال فإذا أراد منه شيئا صاح به فأسمعه حاجته.
ليث: حدثني مجاهد، عن علي بن عبد الله قال: أعتق العباس عند موته سبعين مملوكا.
علي بن زيد، عن الحسن قال: وبقي في بيت المال بقية فقال العباس لعمر وللناس: أرأيتم لو كان فيكم عم موسى أكنتم تكرمونه وتعرفون حقه قالوا: نعم. قال: فأنا عم نبيكم أحق أن تكرموني. فكلم عمر الناس فأعطوه.
قلت: لم يزل العباس مشفقا على النبي -صلى الله عليه وسلم- محبا له صابرا على الأذى ولما يسلم بعد بحيث أنه ليلة العقبة عرف وقام مع ابن أخيه في الليل وتوثق له من السبعين ثم خرج إلى بدر مع قومه مكرها فأسر فأبدى لهم أنه كان أسلم ثم رجع إلى مكة. فما أدري لماذا أقام بها؟!
ثم لا ذكر له يوم أحد ولا يوم الخندق ولا خرج مع أبي سفيان ولا قالت له قريش في ذلك شيئا فيما علمت. ثم جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مهاجرا قبيل فتح مكة فلم يتحرر لنا قدومه.
وقد كان عمر أراد أن يأخذ له دارا بالثمن ليدخلها في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فامتنع حتى تحاكما إلى أبي بن كعب والقصة مشهورة ثم بذلها بلا ثمن.
وورد أن عمر عمد إلى ميزاب للعباس على ممر الناس فقلعه. فقال له: أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الذي وضعه في مكانه. فأقسم عمر: لتصعدن على ظهري ولتضعنه موضعه.
ويروى في خبر منكر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى الثريا ثم قال: ’’يا عم ليملكن من ذريتك عدد نجومها’’.
وقد عمل الحافظ أبو القاسم بن عساكر ترجمة العباس في بضع وخمسين ورقة.
وقد عاش ثمانيا وثمانين سنة ومات سنة اثنتين وثلاثين فصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع. وعلى قبره اليوم قبة عظيمة من بناء خلفاء آل العباس.
وقال خليفة وغيره: بل مات سنة أربع وثلاثين وقال المدائني: سنة ثلاث وثلاثين.
أخبرنا المقداد بن أبي القاسم، أخبرنا عبد العزيز بن الأخضر، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي حضورا، أخبرنا عبد الله بن ماسي، أخبرنا أبو مسلم الكجي، أخبرنا الأنصاري محمد بن عبد الله، أخبرنا أبي، عن ثمامة، عن أنس أن عمر خرج يستسقي وخرج العباس معه يستسقي ويقول: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبينا -صلى الله عليه وسلم- توسلنا إليك بنبينا -صلى الله عليه وسلم- اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك.
قال الزبير بن بكار: سئل العباس أنت أكبر أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: هو أكبر مني وأنا أسن منه مولده بعد عقلي أتي إلى أمي فقيل لها: ولدت آمنة غلاما فخرجت بي حين أصبحت آخذة بيدي حتى دخلنا عليها فكأني أنظر إليه يمصع برجليه في عرصته وجعل النساء يجبذنني عليه ويقلن: قبل أخاك. كذا ذكره بلا إسناد.
أنبأنا طائفة، أخبرنا ابن طبرزد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن بشر بن مطر، حدثنا شيبان، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس سمعت العباس يقول: الذي أمر بذبحه إبراهيم: هو إسحاق.
وقال الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أسلم العباس بمكة قبل بدر وأسلمت أم الفضل معه حينئذ وكان مقامه بمكة. إنه كان لا يغبى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة خبر يكون إلا كتب به إليه. وكان من هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه وكان لهم عونا على إسلامهم ولقد كان يطلب أن يقدم فكتب إليه رسول الله: إن مقامك مجاهد حسن فأقام بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
إسناده ضعيف. ولو جرى هذا لما طلب من العباس فداء يوم بدر والظاهر أن إسلامه كان بعد بدر.
قال إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل قال: استأذن العباس النبي -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة فكتب إليه: ’’يا عم أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة’’.
إسماعيل واه.
وروى عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’العباس مني وأنا منه’’ إسناده ليس بقوي.
وقد اعتنى الحفاظ بجمع فضائل العباس رعاية للخلفاء.
وبكل حال لو كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- ممن يورث لما ورثه أحد بعد بنته وزوجاته إلا العباس.
وقد صار الملك في ذرية العباس واستمر ذلك وتداوله تسعة وثلاثون خليفة إلى وقتنا هذا وذلك ست مئة عام أولهم السفاح وخليفة زماننا المستكفي له الاسم المنبري والعقد والحل بيد السلطان الملك الناصر أيدهما الله.
وإذا اقتصرنا من مناقب عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذه النبذة فلنذكر وفاته:
كانت في سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة وله ست وثمانون سنة ولم يبلغ أحد هذه السن من أولاده ولا أولادهم ولا ذريته الخلفاء وله قبة عظيمة شاهقة على قبره بالبقيع.
وسنذكر ولده عبد الله بن العباس الفقيه مفردا.
جنازة العباس:
عن نملة بن أبي نملة، عن أبيه قال:
لما مات العباس بعثت بنو هاشم من يؤذن أهل العوالي: رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب. فحشد الناس.
الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية قال: جاء مؤذن بموت العباس بقباء على حمار ثم جاءنا آخر على حمار فاستقبل قرى الأنصار حتى انتهى إلى السافلة فحشد الناس.
فلما أتي به إلى موضع الجنائز تضايق فقدموا به إلى البقيع. فما رأيت مثل ذلك الخروج قط وما يقدر أحد يدنو إلى سريره. وازدحموا عند اللحد فبعث عثمان الشرطة يضربون الناس، عن بني هاشم حتى خلص بنو هاشم فنزلوا في حفرته.
ورأيت على سريره برد حبرة قد تقطع من زحامهم.
الواقدي: حدثتني عبيدة بنت نابل، عن عائشة بنت سعد قالت: جاءنا رسول عثمان ونحن بقصرنا على عشرة أميال من المدينة أن العباس قد توفي فنزل أبي وسعيد بن زيد ونزل أبو هريرة من السمرة فجاءنا أبي بعد يوم فقال: ما قدرنا أن ندنو من سريره من كثرة الناس غلبنا عليه ولقد كنت أحب حمله.
وعن عباس بن عبد الله بن معبد قال: حضر غسله عثمان وغسله علي وابن عباس وأخواه: قثم وعبيد الله. وحدت نساء بني هاشم سنة.
زهير بن معاوية، عن ليث، عن مجاهد، عن علي بن عبد الله ابن عباس أن العباس أعتق سبعين مملوكا عند موته.
وفي ’’مستدرك’’ الحاكم، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجل العباس إجلال الوالد.
ولعبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا: ’’العباس مني وأنا منه’’ عبد الأعلى الثعلبي لين.
يحيى بن معين: حدثنا عبيد بن أبي قرة، حدثنا الليث، عن أبي قبيل، عن أبي ميسرة مولى العباس سمع العباس يقول: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: انظر في السماء فنظرت. فقال: ’’ما ترى’’؟ قلت: الثريا. فقال: ’’أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك’’. رواه الحاكم. وعبيد غير ثقة.
وروى الحاكم: أن زحر بن حصن، عن جده: حميد بن منهب: سمع جده: خريم بن أوس يقول: هاجرت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منصرفه من تبوك فسمعت العباس يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك قال: ’’قل لا يفضض الله فاك’’ قال:
قال الحاكم: رواته أعراب ومثلهم لا يضعفون. قلت: ولكنهم لا يعرفون.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 389

عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا الفضل بابنه الفضل بن العباس، وكان العباس أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين. وقيل بثلاث سنين. أمه امرأة من النمر ابن قاسط وهى نتلة. وقيل نتيلة بنت خباب بن كليب بن مالك بن عمرو
ابن عامر بن زيد مناة بن عامر، وهو الضيحان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله ابن النمر بن قاسط، هكذا نسبها الزبير وغيره.
وقال أبو عبيدة: هي بنت خباب بن حبيب بن مالك بن عمرو بن عامر الضيحان الأصغر بن زيد مناة بن عامر الضحيان الأكبر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط ولدت لعبد المطلب العباس فأنجبت به، قال: وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة. وذلك أن العباس ضل وهو صبي فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت الحرام، فوجدته ففعلت ما نذرت وكان العباس في الجاهلية رئيسا في قريش، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، فالسقاية معروفة، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يسب في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرا، يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأنه كان ملأ قريش قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا له أعوانا عليه، وسلموا ذلك إليه. ذكر ذلك الزبير وغيره من العلماء بالنسب والخبر.
وذكر ابن السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا كثير بن شهاب، قال: حدثنا جعفر بن برقان، قال حدثنا يزيد بن الأصم أن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ممن خرج مع المشركين يوم بدر، فأسر فيمن
أسر منهم، وكانوا قد شدوا وثاقه، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما أسهرك يا نبي الله؟ فقال: أسهر لأنين العباس. فقام رجل من القوم فأرخى من وثاقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أسمع أنين العباس؟ فقال رجل: أنا أرخيت من وثاقه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسرى كلهم. قال أبو عمر: أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، وذلك بين في حديث الحجاج بن علاط أنه كان مسلما يسره ما يفتح الله عز وجل على المسلمين، ثم أظهر إسلامه يوم فتح مكة، وشهد حنينا والطائف وتبوك.
وقيل: إن إسلامه قبل بدر، وكان رضي الله عنه يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون ينقوون به بمكة، وكان يحب أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من لقي منكم العباس فلا يقتله، فإنه إنما أخرج كارها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب، وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم العقبة يشترط له على الأنصار، وكان على دين قومه يومئذ، وأخرج إلى بدر مكرها فيما زعم قوم، وفدى يومئذ عقيلا ونوفلا ابني أخويه أبي طالب والحارث من ماله، وولى السقاية بعد أبي طالب وقام بها، وانهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين غيره وغير عمر،
وعلي، وأبي سفيان بن الحارث. وقد قيل غير سبعة من أهل بيته، وذلك مذكور في شعر العباس الذي يقول فيه:

وهو شعر مذكور في السير لابن إسحاق، وفيه:
وقال ابن إسحاق: السبعة: علي، والعباس، والفضل بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثامن أيمن بن عبيد.
وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان عمر بن الخطاب، والصحيح أن أبا سفيان بن الحارث كان يومئذ معه لم يختلف فيه، واختلف في عمر.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم العباس بعد إسلامه ويعظمه ويجله.
ويقول: هذا عمي وصنو أبي، وكان العباس جواد مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة. وروى على بن المدائني، قال: حدثنا محمد بن طلحة التيمي قال: حدثنا أبو سهل نافع بن مالك، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا، وأوصلها رحما. وروى ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الثقة- أن العباس بن عبد المطلب لم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس إجلالا له، ويقولان: عم النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن العباس، وأنس بن مالك أن عمر بن الخطاب كان إذا قحط أهل المدينة استسقى بالعباس.
قال أبو عمر: وكان سبب ذلك أن الأرض أجدبت إجدابا شديدا على عهد عمر زمن الرمادة، سنة سبع عشرة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر: هذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه، وسيد بني هاشم، فمشى إليه عمر، وشكا إليه ما فيه الناس من القحط، ثم صعد المنبر ومعه العباس، فقال: اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم نبينا وصنو أبيه، فاسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، ثم قال عمر: يا أبا الفضل، قم فادع. فقام العباس. فقال بعد حمد الله تعالى والثناء عليه: اللهم إن عندك سحابا، وعندك ماء، فانشر السحاب، ثم أنزل الماء منه علينا، فاشدد به الأصل، وأدر به الضرع، اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب، ولم تكشفه إلا بتوبة، وقد توجه القوم إليك، فاسقنا الغيث، اللهم شفعنا في أنفسنا وأهلينا، اللهم إنا شفعنا بمن لا ينطق من بهائمنا وأنعامنا، اللهم
اسقنا سقيا وادعا نافعا، طبقا سحا عاما، اللهم إنا لا نرجو إلا إياك، ولا ندعو غيرك، ولا نرغب إلا إليك، اللهم إليك نشكو جوع كل جائع، وعرى كل عار، وخوف كل خائف، وضعف كل ضعيف ... في دعاء كثير. وهذه الألفاظ كلها لم تجيء في حديث واحد، ولكنها جاءت في أحاديث جمعتها واختصرتها، ولم أخالف شيئا منها. وفى بعضها: فسقوا والحمد الله. وفي بعضها قال: فأرخت السماء عز اليها، فجاءت بأمثال الجبال، حتى استوت الحفر بالآكام، وأخصبت الأرض، وعاش الناس.
قال أبو عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله عز وجل والمكان منه.
وقال حسان بن ثابت في ذلك:
وقال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب:
وروينا من وجوه، عن عمر- أنه خرج يستسقى، وخرج معه بالعباس، فقال: اللهم أنا نتقرب إليك بعم نبيك ونستشفع به، فاحفظ فيه نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما، وأتيناك مستغفرين ومستشفعين. ثم أقبل على الناس فقال: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.
ثم قام العباس وعيناه تنضحان، فطالع عمر، ثم قال: اللهم أنت الراعي لا تهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصغير، ورق الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا، فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون. فنشأت طريرة من سحاب، فقال الناس: ترون ترون! ثم تلاءمت واستتمت ومشت فيها ريح، ثم هرت ودرت، فو الله ما يرحوا حتى اعتلوا الجدار، وقلصوا المآزر، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه، ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين.
قال ابن شهاب: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه، واستسقى به عمر فسقي.
وقال الحسن بن عثمان: كان العباس جميلا أبيض بضا ذا ضفيرتين، معتدل القامة. وقيل: بل كان طوالا.
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن جابر. قال: أردنا أن نكسو العباس حين أسر يوم بدر، فما أصبنا قميصا يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أبي.
وتوفي العباس بالمدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب. وقيل: بل من رمضان سنة اثنتين وثلاثين قبل قتل عثمان بسنتين، وصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وقيل ابن تسع وثمانين. أدرك في الإسلام اثنتين وثلاثين سنة وفي الجاهلية ستا وخمسين سنة.
وقال خليفة بن خياط: كانت وفاة العباس سنة ثلاث وثلاثين، ودخل قبره ابنه عبد الله بن عباس.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 810

العباس بن عبد المطلب

بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأم العباس نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر. وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وكان العباس يكنى أبا الفضل.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا خالد بن القاسم البياضي قال: حدثني شعبة مولى ابن عباس قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: ولد أبي العباس بن عبد المطلب قبل قدوم أصحاب الفيل بثلاث سنين. وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم

بثلاث سنين. قالوا: وكان للعباس بن عبد المطلب من الولد الفضل وكان أكبر ولده وبه كان يكنى. وكان جميلا. وأردفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته ومات بالشام في

طاعون عمواس وليس له عقب. وعبد الله وهو الحبر دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بالطائف وله عقب. وعبيد الله كان جوادا سخيا ذا مال مات بالمدينة وله عقب.

وعبد الرحمن مات بالشام وليس له عقب. وقثم وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وكان خرج إلى خراسان مجاهدا فمات بسمرقند وليس وليس له عقب. ومعبد قتل بإفريقية شهيدا وله عقب. وأم حبيبة بنت العباس. وأمهم جميعا جميعا أم الفضل وهي لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن بن بخير بن الهزم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خفضة بن قيس بن عيلان بن مضر. وفي ولد أم الفضل هؤلاء من العباس يقول عبد الله بن يزيد الهلالي:

أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قال: كان يقال: ما رأينا بني أب وأم قط أبعد قبورا من بني العباس بن عبد المطلب من أم الفضل. وكان للعباس أيضا من الولد من غير أم الفضل كثير بن عباس بن عبد المطلب. وكان فقيها محدثا.

وتمام بن العباس وكان من أشد أهل زمانه. وصفية وأميمة وأمهم أم ولد. والحارث بن العباس وأمه حجيلة بنت جندب بن الربيع بن عامر بن كعب بن عمرو بن الحارث بن كعب بن عمرو بن سعد بن مالك بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. وللحارث عقب منهم السري بن عبد الله والي اليمامة وليس لكثير وتمام اليوم عقب.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي عن أبي البداح بن عاصم بن عدي بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن أبيه قال: لما قدمنا مكة قال لي سعد بن خيثمة ومعن بن عدي وعبد الله بن جبير: يا عويم انطلق بنا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسلم عليه فإنا لم نره قط وقد آمنا به. فخرجت معهم فقيل لي هو في منزل العباس بن عبد المطلب فرحلنا عليه فسلمنا وقلنا له: متى نلتقي؟ فقال العباس بن عبد المطلب: إن معكم من قومكم من هو مخالف لكم فاخفوا أمركم حتى ينصدع هذا الحاج ونلتقي نحن وأنتم فنوضح لكم الأمر فتدخلون على أمر بين.

فوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة التي في صبحها النفر الآخر أن يوافيهم أسفل العقبة حيث المسجد اليوم وأمرهم أن لا ينهبوا نائما ولا ينتظروا غائبا.

أخبرنا محمد بن عمر عن عبيد بن يحيى عن معاذ بن رفاعة بن رافع قال: فخرج القوم تلك الليلة النفر الأول بعد هذه يتسللون وقد سبقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الموضع ومعه العباس بن عبد المطلب ليس معه أحد من الناس غيره. وكان يثق به في أمره كله. فلما اجتمعوا كان أول من تكلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج. وكانت الأوس والخزرج تدعى الخزرج. إنكم قد دعوتم محمدا إلى ما دعوتموه إليه ومحمد من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن منا على قوله منعة للحسب والشرف. وقد أبى محمد الناس كلهم غيركم فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فإنها سترميكم عن قوس واحدة فارتأوا رأيكم وأتمروا أمركم ولا تفترقوا إلا عن ملإ منكم واجتماع فإن أحسن الحديث أصدقه. وأخرى. صفوا لي الحرب كيف تقاتلون عدوكم. قال فأسكت القوم وتكلم عبد الله بن عمرو بن حرام فقال: نحن والله أهل الحرب غذينا بها ومرنا عليها وورثناها عن آبائنا كابرا فكابرا. نرمي بالنبل حتى تفنى. ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر بالرماح. ثم نمشي بالسيوف فنضارب بها حتى يموت الأعجل منا أو من عدونا. فقال العباس بن عبد المطلب: أنتم أصحاب حرب فهل فيكم دروع؟ قالوا: نعم شاملة. وقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت. إنا والله لو كان في أنفسنا غير ما ينطق به لقلناه ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ثم دعاهم إلى الله ورغبهم في الإسلام وذكر الذي اجتمعوا له فأجابه البراء بن معرور بالإيمان والتصديق فبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك. والعباس بن عبد المطلب آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد له البيعة تلك الليلة على الأنصار.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن الحارث بن الفضل عن سفيان بن أبي العوجاء قال: حدثني من حضرهم تلك الليلة والعباس بن عبد المطلب آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا معشر الأنصار أخفوا جرسكم فإن علينا عيونا. وقدموا ذوي أسنانكم فيكونون الذي يلون كلامنا منكم فإنا نخاف قومكم عليكم. ثم إذا بايعتم فتفرقوا إلى مجالسكم واكتموا أمركم فإن طويتم هذا الأمر حتى ينصدع هذا الموسم فأنتم الرجال وأنتم لما بعد اليوم. فقال البراء بن معرور: يا أبا الفضل اسمع منا. فسكت العباس فقال البراء: لك والله

عندنا كتمان ما تحب أن نكتم وإظهار ما تحب أن نظهر وبذل مهج أنفسنا ورضا ربنا عندنا. إنا أهل حلقة وافرة وأهل منعة وعز. وقد كنا على ما كنا عليه من عبادة حجر ونحن كذا فكيف بنا اليوم حين بصرنا الله ما أعمى على غيرنا وأيدنا بمحمد. ص؟ ابسط يدك. فكان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور. ويقال أبو الهيثم بن التيهان. ويقال أسعد بن زرارة.

قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم قال: تفاخرت الأوس والخزرج فيمن ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة أول الناس فقالوا: لا أحد أعلم به من العباس بن عبد المطلب. فسألوا العباس فقال: ما أحد أعلم بهذا مني. أول من ضرب على يد النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الليلة أسعد بن زرارة ثم البراء بن معرور ثم أسيد بن الحضير.

وأخبرنا عبد الله بن نمير وأسباط بن محمد وإسحاق بن يوسف الأزرق عن زكرياء بن أبي زائدة عن عامر الشعبي قال: انطلق النبي. ع. بالعباس بن عبد المطلب. وكان العباس ذا رأي. إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة فقال العباس: ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة فإن عليكم من المشركين عينا وإن يعلموا بكم يفضحوكم. فقال قائلهم وهو أبو أمامة أسعد بن زرارة: يا محمد سل لربك ما شئت ثم سل لنفسك ولأصحابك ما شئت ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله وعليكم إذا فعلنا ذلك. [فقال: أسألكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا.

وأسالكم لي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما تمنعون أنفسكم. قال: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: الجنة. قال: فلك ذلك.] قال إسحاق بن يوسف في حديثه: فكان الشعبي إذا حدث هذا الحديث يقول ما سمع الشيب والشبان بخطبة أقصر ولا أبلغ منها.

قال: أخبرنا علي بن عيسى بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أبيه عيسى بن عبد الله عن عمه إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أن قريشا لما تفرقوا إلى بدر فكانوا بمر الظهران هب أبو جهل من نومه فصاح فقال: يا معشر قريش ألا تبا لرأيكم ماذا صنعتم. خلفتم بني هاشم وراءكم فإن ظفر بكم محمد كانوا من ذلك بنحوه. وإن ظفرتم بمحمد أخذوا آثاركم منكم من قريب من أولادكم وأهليكم. فلا تدروهم في بيضتكم وفنائكم ولكن

أخرجوهم معكم وإن لم يكن عندهم غناء. فرجعوا إليهم فأخرجوا العباس بن عبد المطلب وطالبا وعقيلا كرها.

قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قد كان من كان منا بمكة من بني هاشم قد أسلموا فكانوا يكتمون إسلامهم ويخافون يظهرون ذلك فرقا من أن يثب عليهم أبو لهب وقريش فيوثقوا كما أوثقت بنو مخزوم سلمة بن هشام وعباس بن أبي ربيعة وغيرهما فلذلك [قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بدر: من لقي منكم العباس وطالبا وعقيلا ونوفلا وأبا سفيان فلا تقتلوهم فإنهم أخرجوا مكرهين].

قال: أخبرنا رؤيم بن يزيد المقرئ قال: حدثنا هارون بن أبي عيسى الشامي قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب قال: حدثنا إبراهيم بن سعد جميعا عن محمد بن إسحاق قال: حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب عن عكرمة قال: قال أبو رافع مولى رسول الله. ص: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت. فكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم فكان يكتم إسلامه. وكان ذا مال متفرق في قومه فخرج معهم إلى بدر وهو على ذلك.

قال: أخبرنا رؤيم بن يزيد المقرئ قال: حدثني هارون بن أبي عيسى قال: وأخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس أن النبي. عليه السلام. [قال لأصحابه يوم بدر: إني عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا. فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله.

من لقي العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقتله فإنما أخرج مستكرها].

قال فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس؟ والله لئن لقيته لألحمنه السيف. قال فبلغت مقالته رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص - قال عمر: والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص - أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف؟ فقال عمر: دعني ولأضرب عنق أبي حذيفة بالسيف. فو الله لقد نافق.] قال وندم أبو حذيفة على مقالته فكان يقول: والله ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن يكفرها الله. عز وجل. عني بالشهادة. فقتل يوم اليمامة شهيدا.

أخبرنا محمد بن كثير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لقي المشركين يوم بدر [قال: من لقي أحدا من بني هاشم فلا يقتله فإنهم أخرجوا كرها.] فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: والله لا ألقى رجلا منهم ألا قتلته. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [أنت القائل كذا وكذا؟ قال: نعم يا رسول الله. شق علي إذا رأيت أبي وعمي وأخي مقتلين فقلت الذي قلت. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أباك وعمك وأخاك خرجوا جادين في قتالنا طائعين غير مكرهين وإن هؤلاء أخرجوا مكرهين غير طائعين لقتالنا].

أخبرنا علي بن عيسى بن عبد الله النوفلي عن أبيه عن عمه إسحاق بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن الحارث قال: لما كان يوم بدر جمعت قريش بني هاشم وحلفاءهم في قبة وخافوهم فوكلوا بهم من يحفظهم ويشدد عليهم. منهم حكيم بن حزام.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: حدثنا عبيد بن أوس قرن من بني ظفر قال: لما كان يوم بدر أسرت العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وحليفا للعباس فهريا فقرنت العباس وعقيلا. فلما نظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم [سماني مقرنا وقال: أعانك عليهما ملك كريم].

قال: أخبرنا رؤيم بن يزيد قال: حدثنا هارون بن أبي عيسى الشامي قال: وأخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن سعد جميعا عن محمد بن إسحاق قال: حدثني بعض أصحابنا عن مقسم أبي القاسم عن ابن عباس قال: كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو أخو بني سلمة. وكان أبو اليسر رجلا مجموعا وكان العباس رجلا جسيما. [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي اليسر: كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟ فقال: يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا. هيئته كذا وهيئته كذا. فقال رسول الله. ص: لقد أعانك عليه ملك كريم].

قالوا: وقال غير محمد بن إسحاق في حديثه: انتهى أبو اليسر إلى العباس بن عبد المطلب يوم بدر وهو قائم كأنه صنم فقال له: جزتك الجوازي. أنقتل ابن أخيك؟ فقال العباس: ما فعل محمد أما به القتل. قال أبو اليسر: الله أعز وأنصر.

فقال العباس: كل شيء ما خلا محمدا خلل فما تريد؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نهى عن قتلك. فقال العباس: ليس بأول صلته وبره. قال: وأخبرنا رؤيم بن يزيد المقرئ. قال: حدثنا هارون بن أبي عيسى قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب قال: حدثنا إبراهيم بن سعد جميعا عن محمد بن إسحاق قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس قال: لما أمسى القوم يوم بدر والأسارى محبوسون في الوثاق [فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهرا أول ليله فقال له أصحابه: يا رسول الله ما لك لا تنام؟ فقال: سمعت أنين العباس في وثاقه. فقاموا إلى العباس فأطلقوه فنام رسول الله. ص].

قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان قال: حدثنا يزيد بن الأصم قال: لما كانت أسارى بدر كان فيهم العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسهر النبي صلى الله عليه وسلم ليلته [فقال له بعض أصحابه: ما أسهرك يا نبي الله؟ فقال: أنين العباس. فقام رجل فأرخى من وثاقه فقال رسول الله. ص: ما لي لا أسمع أنين العباس؟ فقال رجل من القوم: إني أرخيت من وثاقه شيئا. قال: فافعل ذلك بالأسارى كلهم].

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: كان العباس بن عبد المطلب حين قدم به في الأسارى طلب له قميص فما وجدوا له قميصا بيثرب يقدر عليه ألا قميص عبد الله بن أبي ألبسه إياه فكان عليه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: لما أسر العباس لم يوجد له قميص يقدر عليه إلا قميص ابن أبي.

قال: أخبرنا رؤيم بن يزيد المقرئ قال: أخبرنا هارون بن أبي عيسى. وأخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد جميعا عن محمد بن إسحاق قال: [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب حين انتهي به إلى المدينة: يا عباس افد نفسك وابن أخيك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر فإنك ذو مال. قال: يا رسول الله إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني. قال: الله أعلم بإسلامك. إن يك ما تذكر حقا فالله يجزيك به. فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا. فافد نفسك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ منه عشرين أوقية من ذهب فقال العباس: يا رسول الله احسبها لي من فداي.

قال: لا. ذاك شيء أعطاناه الله منك. قال: فإنه ليس لي مال. قال: فأين المال الذي وضعت بمكة حين خرجت عند أم الفضل بنت الحارث ليس معكما أحد ثم قلت لها إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا وكذا ولعبد الله كذا وكذا؟ قال: والذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد غيري وغيرها وإني لأعلم أنك رسول الله. ففدى العباس نفسه وابن أخيه وحليفه].

قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ابن أخي موسى بن عقبة عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: قال رجل من الأنصار لرسول الله. ص: [ائذن لنا فلنترك لابن أخينا العباس بن عبد المطلب فداه. فقال: لا ولا درهما].

قال: أخبرنا علي بن عيسى النوفلي عن أبيه عن عمه إسحاق بن عبد الله عن عبد الله بن الحارث قال: فدى العباس نفسه وابن أخيه عقيلا بثمانين أوقية ذهب.

ويقال ألف دينار. قالوا: وخرج العباس إلى مكة فبعث بفدائه وفداء ابن أخيه ولم يبعث بفداء حليفه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت فأخبره ورجع أبو رافع فكان رسول العباس بفدائه فقال له العباس: ما قال لك؟ فقص عليه الأمر فقال: وأي قول أشد من هذا؟ احمل الباقي قبل أن تحط رحلك. فحمله ففداهم العباس.

قال: أخبرنا محمد بن كثير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله. عز وجل: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} الأنفال: 70.

نزلت في الأسرى يوم بدر. منهم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب. وكان العباس من أسر يومئذ ومعه عشرون أوقية من ذهب. قال أبو صالح مولى أم هانئ: فسمعت العباس يقول فأخذت مني فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها من فداي فأبى علي. فأعقبني الله مكانها عشرين عبدا كلهم يضرب بمال مكان عشرين أوقية. وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة. وأنا أرجو المغفرة من ربي. وكلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى عقيل بن أبي طالب فقلت: يا

رسول الله تركتني أسأل الناس ما بقيت. [فقال لي: فأين الذهب يا عباس؟ فقلت: أي ذهب؟ قال: الذي دفعته إلى أم الفضل يوم خرجت فقلت لها إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فهذا لك وللفضل ولعبد الله وعبيد الله وقثم. فقلت له: من أخبرك بهذا؟ فو الله ما اطلع عليه أحد من الناس غيري وغيرها. فقال رسول الله. ص: الله أخبرني بذلك. فقلت له: فأنا أشهد أنك رسول الله حقا وأنك لصادق وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وذلك قول الله: {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا - يقول صدقا - يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} الأنفال] : 70. فأعطاني مكان عشرين أوقية عشرين عبدا وأنا أنتظر المغفرة من ربي.

قال: أخبرنا هاشم بن القاسم أبو النضر قال: حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال العدوي أن العلاء بن الحضرمي بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين بثمانين ألفا فما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مال كان أكثر منه لا قبل ولا بعد. فأمر بها فنشرت على حصير ونودي بالصلاة. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثل على المال قائما وجاء الناس حين رأوا المال وما كان يومئذ عدد ولا وزن. ما كان إلا قبضا. [فجاء العباس فقال: يا رسول الله إني أعطيت فداي وفدى عقيل بن أبي طالب يوم بدر ولم يكن لعقيل مال. فأعطني من هذا المال. فقال: خذ. قال فحثا العباس في خميصة كانت عليه ثم ذهب ينهض فلم يستطع فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ارفع علي. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج ضاحكه أو نابه. قال: ولكن أعد في المال طائفة وقم بما تطيق]. ففعل فانطلق بذلك المال وهو يقول: أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزها ولا أدري ما يصنع في الأخرى. يعني قوله: {قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم} الأنفال: 70. فهذا خير مما أخذ مني ولا أدري ما يصنع في المغفرة.

قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أسلم كل من شهد بدرا مع المشركين من بني هاشم. فادى العباس نفسه وابن أخيه عقيلا ثم رجعوا جميعا إلى مكة ثم أقبلوا إلى المدينة مهاجرين.

قال: أخبرنا علي بن عيسى النوفلي عن إسحاق بن الفضل عن أشياخه قال: قال عقيل بن أبي طالب للنبي. ع. من قبلت من أشرافهم. أنحن فيهم؟ [قال فقال: قتل أبو جهل. فقال الآن صفي لك الوادي. قال وقال له عقيل: إنه لم يبق من أهل بيتك أحد ألا وقد أسلم. قال: فقل لهم فليلحقوا بي]. فلما أتاهم عقيل بهذه المقالة خرجوا وذكر أن العباس ونوفلا وعقيلا رجعوا إلى مكة. أمروا بذلك ليقيموا ما كانوا يقيمون من أمر السقاية والرفادة والرئاسة. وذلك بعد موت أبي لهب.

وكانت السقاية والرفادة والرئاسة في الجاهلية في بني هاشم ثم هاجروا بعد إلى المدينة فقدموها بأولادهم وأهاليهم.

قال: أخبرنا علي بن عيسى بن عبد الله عن أخيه العباس بن عيسى بن عبد الله قال: حدثنا القرشيون المكيون الشيبيون وغيرهم أن قدوم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة كان أيام الخندق.

وشيعهما ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب في مخرجهما إلى الأبواء ثم أراد الرجوع إلى مكة فقال له عمه العباس وأخوه نوفل بن الحارث: أين ترجع إلى دار الشرك يقاتلون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكذبونه وقد عز رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثف أصحابه. امض معنا.

فسار ربيعة معهما حتى قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين مهاجرين.

قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس المدني قال: حدثني أبي عن ابن عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس أن جده عباسا قدم هو وأبو هريرة في ركب يقال لهم ركب أبي شمر فنزلوا الجحفة يوم فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر فأخبروه أنهم نزلوا الجحفة وهم عامدون النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يوم فتح خيبر. قال فقسم النبي صلى الله عليه وسلم

للعباس وأبي هريرة في خيبر. قال محمد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال: هذا عندنا وهل لا يشك فيه أهل العلم والرواية. أن العباس كان بمكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر قد فتحها. وقدم الحجاج بن علاط السلمي مكة فأخبر قريشا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أحبوا أنه قد ظفر به وقتل أصحابه فسروا بذلك. وأقطع العباس خبره وساءه وفتح بابه وأخذ ابنه قثم فجعله على صدره وهو يقول:

حتى أتاه الحجاج فأخبره بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد فتح خيبر وغنمه الله تعالى ما فيها. فسر بذلك العباس ولبس ثيابه وغدا إلى المسجد فدخله وطاف بالبيت وأخبر قريشا بما أخبره به الحجاج من سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه فتح خيبر وما غنمه الله من أموالهم. فكبت المشركون وساءهم ذلك وعلموا أن الحجاج قد كان كذبهم في خبره الأول. وسر ذلك المسلمين الذين بمكة وأتوا العباس فهنؤوه بسلامة

رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج العباس بعد ذلك فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأطعمه بخيبر مائتي وسق تمر في كل سنة. ثم خرج معه إلى مكة فشهد فتح مكة وحنين والطائف وتبوك. وثبت معه يوم حنين في أهل بيته حين انكشف الناس عنه.

قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله عن عمه ابن شهاب عن كثير بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فلم نفارقه. والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي. فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته نحو الكفار. قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع. وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال رسول الله. ص: يا عباس ناد يا أصحاب السمرة]. قال عباس: وكنت رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة؟ قال فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا: يا لبيك يا لبيك. قال فاقتتلوا هم والكفار والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار. ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج يا بني الحارث. قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته وهو كالمتطاول عليها إلى قتالهم. قال [فقال رسول الله. ص: هذا حين حمي الوطيس]. قال ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال: انهزموا ورب محمد! قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى. قال فو الله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته ثم ركب فإذا حدهم كليل وأمرهم مدبر حتى هزمهم الله.

قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: كان العباس بن عبد المطلب يوم حنين إذ انهزم الناس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال له النبي. ع: ناد الناس. قال وكان رجلا صيتا. ناد يا معشر المهاجرين يا معشر الأنصار. فجعل ينادي الأنصار فخذا فخذا فقال له النبي. ص: ناديا أصحاب السمرة. يعني شجرة الرضوان التي بايعوا تحتها. يا أصحاب سورة البقرة فما زال ينادي حتى أقبل الناس عنقا واحدا].

قال: أخبرنا زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبد الله الأيلي قال: جاء أسقف غزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك فقال: يا رسول الله هلك عندي هاشم وعبد شمس وهما تاجران وهذه أموالهما. قال فدعا النبي صلى الله عليه وسلم [عباسا فقال: اقسم مال هاشم على كبراء بني هاشم. ودعا أبا سفيان بن حرب فقال: اقسم مال عبد شمس على كبراء ولد عبد شمس].

قال: أخبرنا علي بن عيسى بن عبد الله النوفلي عن إسحاق بن الفضل عن سليمان بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث لما قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين آخى بينهما وأقطعهما جميعا بالمدينة في موضع واحد وفرع بينهما بحائط فكانا متجاورين في موضع وكانا شريكين في الجاهلية متفاوضين في المال متحابين متصافيين. وكانت دار نوفل التي أقطعه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع رحبة الفضاء وما يليها إلى المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي اليوم رحبة الفضاء وهي تقابل دار الإمارة التي يقال لها اليوم دار مروان. وكانت دار العباس بن عبد المطلب التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حديدها وهي التي في دار مروان إلى المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي دار الإمارة التي يقال لها اليوم دار مروان. وأقطع العباس أيضا داره الأخرى التي بالسوق في الموضع الذي يسمى محرزة ابن عباس.

قال: أخبرنا أسباط بن محمد عن هشام بن سعد عن عبيد الله بن عباس قال: كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان. فلما وافى الميزاب صب فيه ماء فيه من دم الفرخين فأصاب عمر فأمر عمر بقلعه. ثم رجع عمر فطرح ثيابه ولبس غيرها ثم جاء فصلى بالناس. فأتاه العباس فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر للعباس: فأنا أعزم عليك لما أصعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك العباس.

قال: أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي وعبيد الله بن موسى العبسي قالا: حدثنا موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد أن عمر بن الخطاب خرج في يوم جمعة وقطر عليه ميزاب العباس. وكان على طريق عمر إلى المسجد. فقلعه عمر فقال له العباس: قلعت ميزابي. والله ما وضعه حيث كان إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده. قال عمر: لا جرم أن لا يكون لك سلم غيري ولا يضعه إلا أنت بيدك. قال فحمل عمر العباس على عنقه فوضع رجليه على منكبي عمر ثم أعاد الميزاب حيث كان فوضعه موضعه.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو أمية بن يعلى عن سالم أبي النضر قال: لما كثر المسلمون في عهد عمر ضاق بهم المسجد فاشترى عمر ما حول المسجد من الدور إلا دار العباس بن عبد المطلب وحجر أمهات المؤمنين. فقال عمر للعباس: يا أبا الفضل إن مسجد المسلمين قد ضاق بهم وقد ابتعت ما حوله من المنازل نوسع به على المسلمين في مسجدهم إلا دارك وحجر أمهات المؤمنين. فأما حجر أمهات المؤمنين فلا سبيل إليها وأما دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين أوسع بها في مسجدهم. فقال العباس: ما كنت لأفعل. قال فقال له عمر: اختر مني إحدى ثلاث. إما أن تبيعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين. وإما أن أخططك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك من بيت مال المسلمين. وإما أن تصدق بها على المسلمين فنوسع بها في مسجدهم. فقال: لا ولا واحدة منها. فقال عمر: اجعل بيني وبينك من شئت. فقال: أبي بن كعب. فانطلقا إلى أبي فقصا عليه القصة فقال أبي: إن شئتما حدثتكما بحديث سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: حدثنا. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [يقول: إن الله أوحى إلى داود أن ابن لي بيتا أذكر فيه. فخط له هذه الخطة خطة بيت المقدس فإذا تربيعها بيت رجل من بني إسرائيل. فسأله داود أن يبيعه إياه فأبى. فحدث داود نفسه أن يأخذ منه فأوحى الله إليه أن يا داود أمرتك أن تبني لي بيتا أذكر فيه فأردت أن تدخل في بيتي الغصب وليس من شأني الغصب. وإن عقوبتك أن لا تبنيه. قال: يا رب فمن ولدي؟ قال: من ولدك.] قال فأخذ عمر بمجامع ثياب أبي بن كعب وقال: جئتك بشيء فجئت بما هو أشد منه. لتخرجن مما قلت.

فجاء يقوده حتى أدخله المسجد فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبو ذر فقال: إني نشدت الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر حديث بيت المقدس حين أمر الله داود أن يبنيه إلا ذكره. فقال أبو ذر: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال آخر: أنا سمعته. وقال آخر: أنا سمعته. يعني من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأرسل عمر أبيا.

قال وأقبل أبي على عمر فقال: يا عمر أتتهمني على حديث رسول الله. ص؟ فقال عمر: يا أبا المنذر لا والله ما أتهمتك عليه ولكني كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا. قال وقال عمر للعباس: اذهب فلا أعرض لك في دارك. فقال العباس: أما إذ فعلت هذا فإني قد تصدقت بها على المسلمين أوسع بها عليهم في مسجدهم فأما وأنت تخاصمني فلا. قال فخط عمر لهم دارهم التي هي لهم اليوم وبناها من بيت مال المسلمين.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب وعارم بن الفضل قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: كانت للعباس بن عبد المطلب دار إلى جنب المسجد بالمدينة فقال عمر: هبها لي أو بعنيها حتى أدخلها في المسجد. فأبى. قال: فاجعل بيني وبينك رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا أبي بن كعب بينهما. قال فقضى أبي على عمر. قال فقال عمر: ما في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أجرأ علي من أبي. قال: أوأنصح لك يا أمير المؤمنين؟ أما علمت قصة المرأة أن داود لما بنى بيت المقدس أدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها. فلما بلغ حجر الرجال منع بناؤه فقال: أي رب إذ منعتني ففي عقبي من بعدي. فلما كان بعد قال له العباس: أليس قد قضيت لي؟ قال: بلى. قال: فهي لك قد جعلتها لله.

قال: أخبرنا محمد بن حرب المكي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر محمد بن علي أن العباس جاء إلى عمر فقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعني البحرين. قال: من يعلم ذلك؟ قال: المغيرة بن شعبة. فجاء به فشهد له. قال فلم يمض له عمر ذلك كأنه لم يقبل شهادته. فأغلظ العباس لعمر فقال عمر: يا عبد الله خذ بيد أبيك. وقال سفيان عن غير عمرو قال: قال عمر والله يا أبا الفضل لأنا بإسلامك كنت أسر مني بإسلام الخطاب لو أسلم لمرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثني محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله القرشي ثم التيمي قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة بن النعمان عن أبيه عن عبد الله بن حارثة أنه قال: لما قدم صفوان بن أمية بن خلف الجمحي قال [له رسول الله صلى الله عليه وسلم على من نزلت يا أبا وهب؟ قال: نزلت على العباس بن عبد المطلب.

قال: نزلت على أشد قريش لقريش حبا].

قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثني عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله عن هند بنت الحارث عن أم الفضل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

دخل عليهم وعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي. فتمنى عباس الموت فقال له

رسول الله. ص: [يا عم رسول الله لا تتمن الموت فإن تكن محسنا فإن تؤخر تزدد إحسانا إلى إحسانك خيرا لك. وإن تكن مسيئا فإن تؤخر فتستعتب من إساءتك فلا تتمن الموت].

قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي قال: حدثنا كامل عن حبيب. يعني ابن أبي ثابت. قال: كان العباس بن عبد المطلب أقرب الناس شحمة أذن إلى السماء.

قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان بين العباس وبين ناس شيء [فقال النبي. ص: إن العباس مني وأنا منه].

قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي ومحمد بن كثير قالا: حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى أنه سمع سعيد بن جبير يقول: أخبرني ابن عباس أن رجلا وقع في أب للعباس كان في الجاهلية. فلطمه العباس فاجتمع قومه فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه. ولبسوا السلاح. فبلغ [ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس أي الناس تعلمون أكرم على الله؟ قالوا: أنت. قال: فإن العباس مني وأنا منه. لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا]. قال فجاء القوم فقالوا: يا رسول الله نعوذ بالله من غضبك. استغفر لنا يا رسول الله.

قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس أي أهل الأرض أكرم على الله؟ قالوا: أنت. قال: فإن العباس مني وأنا [منه. لا تؤذوا العباس فتؤذوني. وقال: من سب العباس فقد سبني].

قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن داود بن أبي هند عن العباس بن عبد الرحمن أن رجلا من المهاجرين لقي العباس بن عبد المطلب فقال: يا أبا الفضل أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعا في النار؟ فصفح عنه. ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك فصفح عنه. ثم لقيه الثالثة فقال له مثل ذلك فرفع العباس يده فوجأ أنفه فكسره. فانطلق الرجل كما هو إلى النبي صلى الله عليه وسلم [فلما رآه قال: ما هذا؟ قال: العباس. فأرسل إليه فجاءه فقال: ما أردت إلى رجل من المهاجرين؟ فقال: يا رسول الله والله لقد علمت أن عبد المطلب في النار ولكنه لقيني فقال: يا أبا الفضل أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعا في النار؟ فصفحت عنه مرارا ثم والله ما ملكت نفسي وما إياه أراد ولكنه أرادني. فقال رسول الله. ص: ما بال أحدكم يؤذي أخاه في الأمر وإن كان حقا؟].

قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن أبي رزين عن أبي رزين عن علي قال: قلت للعباس سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجابة. قال [فسأله فقال. ص: أعطيكم ما هو خير لكم منها. السقاية بروائكم ولا تزروا بها].

قال: أخبرنا أنس بن عياض الليثي وعبد الله بن نمير الهمداني عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: استأذن العباس بن عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت ليالي منى بمكة من أجل سقايته فأذن له.

قال: أخبرنا محمد بن الفضل عن غزوان عن ليث عن مجاهد قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته بالبيت معه محجن يستلم به الحجر كلما مر عليه. ثم أتى السقاية يستسقي. قال [فقال العباس: يا رسول الله ألا نأتيك بماء لم تمسه الأيدي؟

قال: بلى فاسقوني. فسقوه ثم أتى زمزم فقال: استقوا لي منها دلوا. فأخرجوا منها دلوا فمضمض منه ثم مجه من فيه ثم قال: أعيدوه فيها. ثم قال: إنكم لعلى عمل صالح. ثم قال: لولا أن تغلبوا عليه لنزلت فنزعت معكم].

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا مندل بن علي عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال: حدثني جعفر بن تمام قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: أرأيت ما تسقون الناس من نبيذ هذا الزبيب. أسنة تتبعونها أم تجدون هذا أهون عليكم من اللبن والعسل؟ فقال ابن عباس: [إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى العباس وهو يسقي الناس فقال اسقني. فدعا العباس بعساس من نبيذ فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم عسا منها فشرب ثم قال: أحسنتم. هكذا اصنعوا. قال ابن عباس: فما يسرني أن سقايتها جرت علي لبنا وعسلا مكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنتم هكذا افعلوا].

قال: أخبرنا محمد بن الفضيل عن غزوان عن الحجاج عن الحكم عن مجاهد قال: اشرب من سقاية آل العباس فإنها من السنة.

قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن زكرياء الأسدي عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حجية بن عدي عن [علي بن أبي طالب أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك].

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الحجاج عن الحكم بن عتيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر بن الخطاب على الصدقة فأتى العباس يسأله صدقة ماله. قال: قد عجلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة سنتين. فرافعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال رسول الله. ص: صدق عمي. قد تعجلنا منه صدقة سنتين].

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمر على السعاية فأتى العباس يطلب منه صدقة ماله فأغلظ له. فأتى عليا فاستعان به على النبي صلى الله عليه وسلم [فقال. ص: تربت يداك! أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟ إن العباس سلفنا زكاة العام عاما أول].

قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: [حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت عن أبي عثمان النهدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: هاهنا فإنك صنوي].

قال: أخبرنا محمد بن حميد عن معمر عن قتادة قال: كان بين عمر بن الخطاب وبين العباس قول فأسرع إليه العباس. فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم [فقال: ألم تر عباسا فعل بي كذا وكذا وفعل فأردت أن أجيبه فذكرت مكانه منك فكففت عنه؟ فقال: يرحمك الله! إن عم الرجل صنو أبيه].

حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن شعبة عن عمارة بن أبي حفصة عن أبي مجلز قال: [قال رسول الله. ص: إنما العباس صنو أبي فمن آذى العباس فقد آذاني].

أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدثنا أبو المليح عن عبد الله الوراق قال: [قال رسول الله. ص: لا يغسلني العباس فإنه والدي والوالد لا ينظر إلى عورة ولده].

[أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن موسى عن أبي عائشة عن عبد الله بن أبي رزين عن أبي رزين عن علي. ع. قال: قلت للعباس سل النبي صلى الله عليه وسلم يستعملك على الصدقة. فسأله فقال: ما كنت لأستعملك على غسالة ذنوب الناس].

[قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا: حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال: قال العباس يا رسول الله ألا تؤمرني على إمارة؟ فقال: نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها].

قال: أخبرنا أبو سفيان الحميري الحذاء الواسطي عن الضحاك بن حمزة قال: قال العباس بن عبد المطلب يا رسول الله استعملني. [فقال له رسول الله. ص: يا عباس. يا عم النبي. نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها].

قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا شعيب بن الحبحاب عن أبي العالية أن العباس ابتنى غرفة [فقال له النبي. ص: ألقها. قال العباس: أو أنفق مثل ثمنها في سبيل الله؟ قال: ألقها].

قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن بكر السهمي قالا: حدثنا أبو يونس حاتم بن أبي صغيرة القشيري قال: حدثني رجل من بني عبد المطلب قال: قدم علينا علي بن عبد الله بن عباس فأتيناه فأخبرنا أن عبد الله بن عباس قال: أخبرني أبي العباس أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنا عمك. كبرت سني واقترب أجلي. فعلمني شيئا ينفعني الله به. [فقال: يا عباس أنت عمي ولا أغني عنك من أمر الله شيئا ولكن سل ربك العفو والعافية].

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: [قال العباس يا رسول الله مرني بدعاء. قال: سل الله العفو والعافية].

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن عثمان بن محمد الأخنسي وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قالا: ما أدركنا أحدا من الناس إلا وهو يقدم العباس بن عبد المطلب في العقل في الجاهلية والإسلام.

أخبرنا عثمان بن اليمان بن هارون المكي عن أبي بكر بن أبي عون عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن جده قال: [سمعت عليا بالكوفة يقول يا ليتني كنت أطعت عباسا. يا ليتني كنت أطعت عباسا. قال قال العباس: اذهب بنا إلى رسول الله. فإن كان هذا الأمر فينا وإلا أوصى بنا الناس.] قال [فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسمعوه يقول: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قال فخرجوا من عنده ولم يقولوا له شيئا.]

قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك أنهم كانوا إذا قحطوا على عهد عمر خرج بالعباس فاستسقى به وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا. ع. إذا قحطنا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. ع. فاسقنا.

قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن يحيى بن مقلة عن أبيه عن موسى بن عمر قال: أصاب الناس قحط فخرج عمر بن الخطاب يستسقي فأخذ بيد العباس فاستقبل به القبلة فقال: هذا عم نبيك. ع. جئنا نتوسل به إليك فاسقنا. قال فما رجعوا حتى سقوا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن حاطب عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: رأيت عمر آخذا بيد العباس فقام به فقال: اللهم إنا نستشفع بعم رسولك صلى الله عليه وسلم إليك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني داود بن عبد الرحمن عن محمد بن عثمان عن ابن أبي نجيح قال: فرض عمر بن الخطاب للعباس بن عبد المطلب في الديوان سبعة آلاف.

قال محمد بن عمر: وقد روى بعضهم أنه فرض له خمسة آلاف كفرائض أهل بدر لقرابته برسول الله صلى الله عليه وسلم فألحقه بفرائض أهل بدر ولم يفضل أحدا على أهل بدر إلا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

قال: أخبرنا يزيد بن هارون وعفان بن مسلم وسليمان بن حرب قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول إن قريشا رؤوس الناس لا يدخل أحد منهم في باب إلا دخل معه فيه. قال يزيد بن هارون: ناس. وقال عفان وسليمان. طائفة من الناس. فلم أدر ما تأويل قوله في ذا حتى طعن فلما احتضر أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام وأمره أن يجعل للناس طعاما فيطعموا. وقال عفان وسليمان: حتى يستخلفوا إنسانا.

فلما رجعوا من الجنازة جيء بالطعام ووضعت الموائد فأمسك الناس عنها. قال يزيد: للحزن الذي هم فيه. فقال العباس بن عبد المطلب: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قد مات فأكلنا بعده وشربنا. ومات أبو بكر فأكلنا بعده وشربنا. قال عفان وسليمان: وإنه لا بد من الأجل فكلوا من هذا الطعام. ثم مد العباس يده فأكل. ومد الناس أيديهم فأكلوا. فعرفت قول عمر إنهم رؤوس الناس.

قال: أخبرنا المعلى بن أسد قال: حدثنا وهيب عن داود بن أبي هند عن عامر أن العباس تحفى عمر في بعض الأمر فقال له: يا أمير المؤمنين. أرأيت أن لو جاءك عم موسى مسلما ما كنت صانعا به؟ قال: كنت والله محسنا إليه. قال: فأنا عم محمد النبي صلى الله عليه وسلم قال: وما رأيك يا أبا الفضل؟ فو الله لأبوك أحب إلي من أبي. قال: الله الله لأني كنت أعلم أنه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي فأنا أوثر حب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حبي.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن قال: بقي في بيت مال عمر شيء بعد ما قسم بين الناس فقال العباس لعمر وللناس: أرأيتم لو كان فيكم عم موسى أكنتم تكرمونه؟ قالوا: نعم. قال: فأنا أحق به. أنا عم نبيكم صلى الله عليه وسلم فكلم عمر الناس فأعطوه تلك البقية التي بقيت.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا زهير بن معاوية عن ليث قال: حدثني مجاهد عن علي بن عبد الله بن عباس قال: أعتق العباس عند موته سبعين مملوكا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا خالد بن القاسم البياضي قال: أخبرني شعبة مولى ابن عباس قال: سمعت ابن عباس يقول: كان العباس معتدل القناة وكان يخبرنا عن عبد المطلب أنه مات وهو أعدل قناة منه.

وتوفي العباس يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان وهو ابن ثمان وثمانين سنة. ودفن بالبقيع في مقبرة بني هاشم.

قال خالد بن القاسم: ورأيت علي بن عبد الله بن عباس معتدل القناة. يعني طويلا. حسن الانتصاب على كبر ليس فيه حناء.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان العباس بن عبد المطلب قد أسلم قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال: أسلم العباس بمكة قبل بدر وأسلمت أم الفضل معه

حينئذ. وكان مقامه بمكة. إنه كان لا يغبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خبرا يكون إلا كتب به إليه. وكان من هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه. وكان لهم عونا على إسلامهم. ولقد كان يطلب أن يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فكتب إليه رسول الله.

ع: إن مقامك مجاهد حسن. فأقام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

[قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا علي بن علي عن سالم مولى أبي جعفر عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو في مجلس بالمدينة وهو يذكر ليلة العقبة فقال: أيدت تلك الليلة بعمي العباس وكان يأخذ على القوم ويعطيهم].

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد العزيز بن محمد عن العباس بن عبد الله بن معبد قال: لما دون عمر بن الخطاب الديوان كان أول من بدأ به في المدعى بني هاشم. ثم كان أول بني هاشم يدعى العباس بن عبد المطلب في ولاية عمر وعثمان.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن العباس بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس قال: كان العباس بن عبد المطلب في الجاهلية الذي يلي أمر بني هاشم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن العلاء عن عبد المجيد بن سهيل عن نملة بن أبي نملة عن أبيه قال: لما مات العباس بن عبد المطلب بعثت بنو هاشم مؤذنا يؤذن أهل العوالي: رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب. قال فحشد الناس ونزلوا من العوالي.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش عن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة قال: جاءنا مؤذن يؤذنا بموت العباس بن عبد المطلب بقباء على حمار. ثم جاءنا آخر على حمار فقلت: من الأول؟ فقال: مولى لبني هاشم والثاني رسول عثمان. فاستقبل قرى الأنصار قرية قرية حتى انتهى إلى سافلة بني حارثة وما ولاها فحشد الناس فما غادرنا النساء. فلما أتي به إلى موضع الجنائز تضايق فتقدموا به إلى البقيع. ولقد رأيتنا يوم صلينا عليه بالبقيع وما رأيت مثل ذلك الخروج على أحد من الناس قط وما يستطيع أحد من الناس أن يدنو إلى سريره. وغلب عليه بنو هاشم فلما انتهوا إلى اللحد ازدحموا عليه فأرى

عثمان اعتزل وبعث الشرطة يضربون الناس عن بني هاشم حتى خلص بنو هاشم.

فكانوا هم الذين نزلوا في حفرته ودلوه في اللحد. ولقد رأيت على سريره برد حبرة قد تقطع من زحامهم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبيدة بنت نابل عن عائشة بنت سعد قالت: جاءنا رسول عثمان. رحمه الله. ونحن بقصرنا على عشرة أميال من المدينة أن العباس قد توفي. فنزل أبي ونزل سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ونزل أبو هريرة من السمرة. قالت عائشة: فجاءنا أبي بعد ذلك بيوم فقال: ما قدرنا على أن ندنو من سريره من كثرة الناس. غلبنا عليه. ولقد كنت أحب حمله.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يعقوب بن محمد عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب عن أم عمارة قالت: حضرنا نساء الأنصار طرا جنازة العباس وكنا أول من بكى عليه ومعنا المهاجرات الأول المبايعات.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي سبرة عن عباس بن عبد الله بن سعيد قال: لما مات العباس أرسل إليهم عثمان إن رأيتم أن أحضر غسله فعلتم.

فأذنوا له. فحضر فكان جالسا ناحية البيت. وغسله علي بن أبي طالب. ع.

وعبد الله وعبيد الله وقثم بنو العباس. وحدت نساء بني هاشم سنة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد العزيز بن محمد عن عباس بن عبد الله بن معبد عن عكرمة عن ابن عباس قال: أوصى العباس أن يكفن في برد حبرة وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن فيه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عيسى بن طلحة قال: رأيت عثمان يكبر على العباس بالبقيع وما يقدر من لفظ الناس. ولقد بلغ الناس الحشان وما تخلف أحد من الرجال والنساء والصبيان.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 4- ص: 3

العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كنيته أبو الفضل وأمه ابنة جناب بن كلب بن مالك بن النمر بن قاسط كان مولده قبل الفيل بثلاث سنين ومات سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان رضه وهو ابن ثمان وثمانين سنة بالمدينة وصلى عليه عثمان بن عفان رضه الله عنه

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 27

عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الفضل، الهاشمي، عم النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عبيد بن يعيش: حدثنا يونس بن بكير، أخبرنا ابن إسحاق، عن عبد الرحمن الأعرج، عن سليمان بن عريب، وكان صهراً لآل عباس، قال: سمعت أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رؤيا الرجل الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة.
فحدثت به ابن عباس، فقال: قال العباس بن عبد المطلب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي جزءٌ من خمسين جزءاً من النبوة.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 7- ص: 1

العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم
أسن منه بثلاث سنين عنه بنوه عبد الله وعبيد الله وكثير ونافع بن جبير توفي 33 وقيل 32 ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
عم النبي صلى الله عليه وسلم كنيته أبو الفضل
مات بالمدينة سنة أربع وثلاثين ويقال سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنهما وقال عمرو بن علي مات العباس سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان وهو ابن ثمان وثمانين سنة
روى عنه عامر بن سعد في الإيمان وعبد الله بن الحارث بن نوفل ومالك بن أوس وابنه كثير بن العباس

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1

العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 23

(ع) عباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أبو الفضل المكي رضي الله عنه.
قال أبو علي بن السكن: شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وكان إسلامه يومئذ، والطائف، وتبوك، وثبت يوم حنين، ومات يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب سنة ثنتين وثلاثين.
وفي ’’ الاستبهاء ’’: وأمه بتلة وقيل بتيلة وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وذلك أن العباس ضل وهو صبي فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت فلما وجدته كسته كذا قال العباس والذي في كتاب الزبير وغيره: ضرار والله أعلم.
وفي ’’ معجم ابن جميع ’’ من حديث أبي جعفر المنصور عن أبيه عن جده يرفعه العباس عمي ووارثي وصيي.
وقال أبو عمر: وكان العباس رئيسا في الجاهلية، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية وأسلم قبل فتح خيبر، وكان أنصر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب، وكان جوادا مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة، وكان لا يمر بعمر وعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز إجلالا له ولما استسقى وسقي قال حسان بن ثابت:

وقال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب:
وكان طوالا توفي لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب وقيل بل من رمضان سنة ثنتين وهو ابن تسع وثمانين.
وذكر ابن دحيمة في كتابه مرج البحرين أنه كان من مبتلى الظعن وكان يقل الجمل إذا بركه بحمله.
وفي كتاب ابن الأثير: أسلم قبل الهجرة وأعتق عند موته سبعين عبدا.
وفي [ق337/أ] كتاب العسكري: الأصح أنه مات بالمدينة في ست من خلافة عثمان وكان بالت خفه ذراعا.
وفي ’’ الكامل ’’ للمبرد: دارت امرأة على ابن عبد الله بن عباس تطوف حول البيت وقد فرع الناس طولا فقالت من هذا؟ فقالوا علي بن عبد الله فقالت: لا إله إلا الله إن الناس ليرذلون لقد رأيت جد هذا تعني العباس وإنه لمثل القبة البيضاء العظيمة قال: وكان علي إلى منكب عبد الله وعبد الله إلى منكب العباس والعباس إلى منكب عبد المطلب، ويروى أن جارة أتتهم يوما فصاح العباس يا صباحاه قال فأسقطت الحوامل لشدة صوته.
وقال ابن الكلبي في ’’ الجمهرة ’’: كان شريفا عاقلا مهيبا.
وفي كتاب الزبير: قال عبد المطلب لابن عباس وهو ينقزه: -
وكان العباس ثوبا لعاري بني هاشم وجفنة لجائعهم ومقطرة لجاهلهم وفي ذلك يقول ابن هرمة:
وانتهى الشرف من قريش في الجاهلية إلى عشرة نفر بطون فأدركهم الإسلام فوصل ذلك لهم من بني هاشم العباس؛ كان قد سقى الحجيج في الجاهلية وبقي له في الإسلام، ولما كان يوم الفجار أقرعوا بين بني هاشم ليرئسوا عليهم رجلا في تلك الحرب فخرج منهم العباس وهو غلام فأجلسوه على
ترس، ولما سرى النبي صلى الله عليه وسلم حين اغتسل رفع يديه إلى السماء وقال: ’’ اللهم استر العباس من النار ’’، وكان يجله إجلال الوالد وكان أبو بكر وعمر في ولايتهما لا يلقيا العباس منهما أحد وهو راكب إلا نزل، ويروى لابن عفيف البصري في العباس لما استسقى:
وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’ اللهم إن عمي العباس حاطني بمكة من أهل الشرك وأخذ لي على الأنصار ونصرني في الإسلام مؤمنا بالله مصدقا لي اللهم فاحفظه [ق337/ب] وحطه واحفظ له ذريته من كل مكروه ’’.
وفيه يقول العباس بن مرداس لرجل ظلم بمكة من أبيات:
وفي كتاب الطبراني: روى عنه ابنه يمام، وعكرمة مولى العباس، وعبد الله بن شداد بن الهاد [و] كريب مولى ابن عباس، وابنه الهادي ورفيع أبو العالية، ويزيد بن الأصم، وعفيف الكندي.
وفي ’’ فجناء الأبناء ’’ لابن المظفر: رأى عبد المطلب العباس وهو صغير يلعب القلة مع الصبيان فقال صبي منهم: والبيت لا يضرب هاتيك القلة إلا ابن ويغالبون مهملة، فقال العباس: وبيت ربي لا لعبت معنا إذا بذا فول بالخنا قال: فأقبل عليه عبد المطلب واحتمله وارتجز.
لم ينمى عمرو ولا قصي
وذكر الطرطوسي في ’’ فوائده المنتخبة ’’ أن الصديق قام له يوما في مجلس فقال العباس: إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل.
وذكره أبو عروبة فيمن أسلم قديما قبل هجرة الحبشة.
وأفاد بعض المصنفين من المتأخرين أن ترجمته متسوفاة في ’’ تاريخ دمشق ’’ في ثلاثة وخمسين ورقة، فانظر إلى هذا العلم الغزير الذي قد استدركه على كتاب شيخه ولو شئنا لذكرنا من أخبار العباس مجلدة ليس فيها شيء مما ذكره ابن عساكر ولله الحمد والمنة، ولكنا نؤثر الاختصار في هذه العجالة كما أسلفناه قبل مخافة السآمة، ولقائل أن يقول له هذا الورق من أي قطع هو، وكم في الورقة من سطر، وهل الخط دقيق أو جليل.
وقال المرزباني: مات في آخر أيام عثمان وهو القائل يمدح النبي صلى الله عليه وسلم.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 7- ص: 1

العباس بن عبد المطلب أبو الفضل الهاشمي
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد قبل الفيل بثلاث سنين ومات سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان وهو بن ثمان وثمانين سنة فصلى عليه عثمان بن عفان وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب بن النمر بن قاسط

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

العباس بن عبد المطلب
عم النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
حدثنا محمد بن محمد بن حيان التمار، نا ضرار بن صرد، نا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أم كلثوم بنت العباس، عن أبيها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله عز وجل تحاتت خطاياه، كما تحات عن الشجرة اليابسة ورقها»
حدثنا أحمد بن محمد بن نعيم المقرئ، نا أبو بلال الأشعري، نا قيس بن الربيع، عن عبد الله بن أبي السفر، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، عن العباس بن عبد المطلب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريضٌ، فقال: «مروا أبا بكر يصلي بالناس»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 2- ص: 1

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي، أبو الفضل:
عم النبي صلى الله عليه وسلم، شهد معه بيعة العقبة ليستوثق له من الأنصار، ولم يكن أسلم يومئذ، واختلف في زمن إسلامه، فقيل قبل الهجرة، حكاه النووي في التهذيب. وقيل قبل بدر، وقيل بعدها، بعد إطلاقه من الأسر، وكتم إسلام على ما قيل، وأقام بمكة، وصار يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار المشركين، ولذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإقامة حين كتب إليه في الهجرة، وذكر له ثوابا في إقامته. وقيل أسلم قبل خيبر، وشهد الفتح وحنينا والطائف، وثبت يومئذ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه ويعظمه ويجله ويقول: هذا عمى وصنو أبى، وكان الصحابة يخلونه لذلك، وقيل إنه لم يمر بعمر وعثمان وهما راكبان، إلا نزلا حتى يزول، إجلالا له، واستسقى به عمر رضي الله عنه عام الرمادة فسقى، وطفق الناس يتمسحون
به، وكان رئيسا في الجاهلية، وإليه السقاية وعمارة المسجد، ومعناها أنه لا يدع أحدا يسب فيه ولا يقول هجرا، وكان وصولا لأرحام قريش، محسنا إليهم، ذا رأي وعقل وكمال، وكان جهورى الصوت، لأنه كان على ما قيل، ينادى غلمانه من سلع في آخر الليل، فيسمعونه وهم بالغابة، وبين ذلك ثمانية أميال، على ما ذكر الحازمى. وكان له من الولد عشرة بنين وثلاث بنات.
توفى في رجب سنة اثنتين وثلاثين، عن ثمان وثمانين سنة، وكان أبيض نقيا جميلا معتدل القامة، له ضفيرتان.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1

عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
قال علي بن المديني مات العباس وأبو سفيان بن حرب وأبي بن كعب قريب بعضهم من بعض في ست من خلافة عثمان له صحبة روى عنه ابنه عبد الله بن عباس وعامر بن سعد بن أبي وقاص وابن الهاد سمعت أبي يقول ذلك قال أبو محمد وروى عنه الأحنف بن قيس وعبد الله بن الحارث بن نوفل.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 6- ص: 1