المهدي لدين الله عباس بن الحسين بن القاسم، من بني الهادي إلى الحق: امام زيدي يماني. ولد ف يأب. وقام بالامر بعد وفاة ابيه المنصور بالله سنة 1161هـ ، في صنعاء. وكثرت في ايامه الخيرات وانقطعت الفتن، وحسنت سيرته. استمر إلى ان توفى بصنعاء. وهو جد امام اليمن الحالي.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 260

الإمام المهدي لدين الله العباس بن الإمام المنصور بالله الحسين ابن الإمام المتوكل
القاسم بن الحسين بن الإمام المهدي أحمد بن الحسن بن الإمام القاسم ابن محمد ولد في سنة 1131 إحدى وثلاثين ومائة وألف وقرأ قبل خلافته وبعدها فممن قرأ عليه قبل خلافته السيد العلامة عبد الله بن لطف الباري الكبسي ثم كان في أيام والده الإمام المنصور بالله رئيسا عظيما فخيما ولمامات والده في سنة 1161 أجمع الناس على صاحب الترجمة فبايعوه واتفقت عليه الكلمة وبايعه من كان خارجا عن طاعة والده كعمه أحمد بن المتوكل وكان إماماً فطناً ذكياً عادلاً قوي التدبير عالي الهمة منقاداً إلى الخير مايلا إلى أهل العلم محبا للعدل مصنفا للمظلوم سيوساً حازماً مطلعاً على أحوال رعيته باحثاً عن سيرة عماله فيهم لا تخفى عليه خافية من الأحوال له عيون يوصلون إليه ذلك وله هيبة شديدة في قلوب خواصه لا يفعلون شيئاً الأوهم يعلمون أنه سينقل إليه وبهذا السبب اندفعت كثير من المظالم وكان يدفع عن الرعايا ما ينوبهم من البغاة الذين يخرجون في الصورة على الخليفة وفي الحقيقة لإهلاك الرعية فكان تارة يتألفهم بالعطاء وتارة يرسل طائفة من أجناده تحول بينهم وبين الرعية وعظم سلطانه في اليمن وبعد صيته واشتهر ذكره وقصده أهل العلم والأدب من الجهات البعيدة لمزيد إكرامه لمن كان له فضيلة لا سيما غرباء الديار وكان مشتغلاً بالعلم بعد دخوله في الخلافة شفلة كبيرة لا يبرح إذا خلى ناظرا في كتاب من الكتب وقرأ على جماعة من العلماء وكان إذا حدث حادث من بغي باغ أو خروج خارج عن طاعة أهمه ذلك وأقلقه ولا يزال في تدبير دفعه حتى يدفعه وله صدقات وصلات وافرة جارية على كثيرين من الفقراء والضعفاء والقصاد والوافدين وفيه محاسن جمة وله سنن حسنة سنها وبه اندفعت مفاسد كثيرة كانت موجودة قبل خلافته والحاصل أنه من أفراد الدهر ومن محاسن اليمن بل الزمن ولم يزل قاهراً لأضداده قامعاً لحساده وأنداده حافظاً لأطراف مملكته بقوة صولة وشدة شكيمة لا يطمع فيه طامع ولا ينجع فيه خدع خادع بل يتصرف بالأمور حسب اختياره ويتفرد بتدبير المهمات وليس لوزرائه معه كلام بل يعملون ما يأمرهم به ولا يستطيعون أن يلبسوا عليه شيئا من أمر المملكة أو يخادعونه في قضية من القضايا وكان له نقادة كلية في الرجال وخبرة كاملة بأبناء دهره وإذا التبس عليه حال شخص منهم امتحنه بما يليق به حتى يعرف حقيقة حاله وله قدرة كاملة على هتك ستر من يتظاهر بالزهد والعفاف والانقباض عن الدنيا في ظاهر الأمر لا في الواقع فإنه يدخل عليه من مداخل دقيقة بجودة فطنته وقوة فكرته فيتضح له أمره ويحيط به خبرا وله من هذا القبيل عجائب وغرائب وما زال على الحال الجميل حتى توفاه الله تعالى في شهر رجب سنة 1189 تسع وثمانين ومائة وألف وأيامه كلها غرر ودولته صافية عن شوائب الكدر وما قام عليه قائم الا دمره ولا خرج عليه خارج الا قهره وكان استقراره في جميع خلافته بصنعاء ومات بها ودفن بقبته التي أعدها لنفسه رحمه الله ورضي عنه وبويع عند موته مولانا خليفة العصر ولده المنصور بالله رب العالمين علي بن العباس حفظه الله وستأتي له ترجمة مستقلة إن شاء الله تعالى وكان وزيره الأكبر الفقيه أحمد بن على النهمى ما زال قائما بالمهم من أموره وأمر أكثر بلاده إليه من أول خلافته إلى قبيل موته بقليل وكان هذا الوزير من محاسن الزمن له محبة للخير وإقبال على الطاعة وميل إلى أهل العلم والصلاح ومواساة الضعفاء مع صدق لهجة وحسن اعتقاد وكان يغضب اذا قال له قائل انه وزير أو عظمه أو وصفه بوصف له مدح له ولم يأت بعده في مجموع خصاله مثله إلا الحسن بن علي حنش المتقدم ذكره فإنه سلك طريقته وفاقه بكثرة البذل والعطاء ولكن لم يكن إليه من الأعمال ما كان إلى هذا فإن الذي إلى هذا من البلاد هو غالب البلاد اليمنية ولصاحب الترجمة أولادهم سادات السادات وكل واحد منهم لا يخلو عن فضيلة ويجمعهم جميعاً حسن الفروسية وجودة الخلق والتمسك بنصيب من العرفان وأكبرهم عبد الله توفى في حياة والده وبعده مولانا الإمام خليفة العصر المنصور بالله علي وستأتي ترجمته وبعده محمد وهو من أكابر آل الإمام وله نصيب من الكمالات وافر وبعده القاسم وهو من فحول السادات وأعيان القادات وله مشاركة في العلم جيدة وبعده يوسف وهو حسن الأخلاق كريم الأعراق وبعده أحمد وهو أوسعهم علماً وأقواهم فهماً له اطلاع كلي على علم التاريخ والأدب ومعرفة بفنون من العلم ومشاركة كلية في أنواع منه وله شعر وفيه رغبة إلى المباحثة وهو كريم مطلق قليل النظير في مجموعه وبعده إسمعيل وهو قليل النظير في حسن أخلاقه وتواضعه وسلامة فطرته وعفافه وهؤلاءهم الكبار من أولاد صاحب الترجمة وهم كثيرون وجميعهم كما قال القائل

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 310