التصنيفات

أبو زبيد الطائي الشاعر المشهور.
له إدراك، واختلف في إسلامه، واسمه حرملة بن منذر، ويقال المنذر بن حرملة بن معديكرب بن حنظلة بن النعمان بن حية، بتحتانية مثناة، ابن سعد بن الغوث بن الحارث بن ربيعة بن مالك بن هني بن عمرو بن الغوث بن طي الطائي.
قال الطبري: كان أبو زبيد في الجاهلية مقيما عند أخواله بني تغلب بالجزيرة، وكان في الإسلام منقطعا إلى الوليد بن عقبة بن أبي معيط في ولايته الجزيرة، وفي ولايته الكوفة، ولم يزل به الوليد حتى أسلم وحسن إسلامه، وكان أبو مورع وأصحابه يضعون على الوليد العيون، فقيل لهم: هذا الوليد الآن يشرب الخمر مع أبي زبيد، فاقتحموا عليه في نفر، فأدخل شيئا كان بين يديه تحت سريره، فهجموا على السرير، فاستخرجوا من تحته طبقا فيه بعار من عنب فخجلوا.
وقال ابن قتيبة: لم يسلم أبو زبيد، ومات على نصرانيته. وقال المرزباني: كان نصرانيا وهو أحد المعمرين، يقال عاش مائة وخمسين سنة، وأدرك الإسلام فلم يسلم، واستعمله عمر بن الخطاب على صدقات قومه ولم يستعمل نصرانيا غيره، وبقي إلى أيام معاوية، وكان ينادم الوليد بن عقبة بن أبي معيط بالكوفة، فلما شهد على الوليد بأنه شرب الخمر وصرف عن إمرة الكوفة قال أبو زبيد:

قال: ورثى علي بن أبي طالب لما مات، ولم يذكر منها المرزباني شيئا، وذكر أبو الفرج الأصبهاني منها، ونقله عن المبرد:
إلى آخر الأبيات.
وقال الأصبهاني: كان طول أبي زبيد ثلاثة عشر شبرا، وكان أعور، أخوه من خاصة ملوك العجم، ولما مات دفن إلى قبر الوليد بن عقبة، فمر بهما أشجع السلمي، فقال:
قال: وكان أبو زبيد مغري بوصف الأسد في شعره، وله في ذلك خبر مع عثمان، وقد قيل: إن قومه قالوا: إنا نخاف أن تسبنا العرب بوصفك الأسد، فترك وصفه.
وقال المرزباني: بقي إلى أيام معاوية، ومات الوليد قبله، فمر بقبره فقال:

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 7- ص: 136

أبو زبيد الطائي حرملة بن المنذر بن معد يكرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن سعنة، هو أبو زبيد الطائي. كان نصرانيا. وهو أحد المعمرين يقال إنه عاش مئة وخمسين سنة وأدرك الإسلام ولم يسلم واستعمله عمر بن الخطاب على صدقق قومه، ولم يستعمل عمر نصرانيا غيره. وبقي إلى أيام معاوية ورثى علي بن أبي طالب. وكان ينادم الوليد بن عقبة بن أبي معيط بالكوفة، فلما خرج الوليد عنها وشهد عليه بشرب الخمر قال أبو زبيد:

وكان أبو زبيد من زوار الملوك، خاصة ملوك العجم، وكان عالما بسيرتهم فكان عثمان بن عفان رضي الله عونه يقربه ويدني مجلسه فيتذاكران مآثر العرب وأشعارها. فالتفت إليه عثمان وقال له: يا أخا تبع المسيح أسمعنا بعض قولك فقد أنبئت أنك تجيد الشعر فأنشده قوله يصف الأسد:
منها في ذكر الأسد:
فقال له عثمان: تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت، إني لأحسبك جبانا هيدانا. فقال كلا يا أمير المؤمنين ولكني شهدت مشهدا ورأيت مرأى لا يزال ذكره بقلبي: فقال له عثمان: وأنى كان ذلك؟ قال: خرجت في صيابة أشراف من أفناء قبائل العرب ذوي هيئة وشارة حسنة ترتمي بنا المهارى بأكساء. القروانات وعبداننا على فتو الخيل والبغال ونحن نريد الحارث بن الشمر الغساني ملك الشام فاخروط بنا السير في حمارة القيظ فأصابنا عطش شديد حتى إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصيد وصر الجندب، وضاف العصفور الضب في وجاره، قال قائل: أيها الركب غوروا بنا في ضوج الوادي لنقيل، وإذا واد قد بدا لنا كثير الدغل دائم الغلل شجراؤه مغنة وأطياره مرنة فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات ونبعات متهدلات فأصبنا من فضلات المزاود وأتبعناها بالماء البارد وإنا لنصف حر يومنا ومماطلته إذ صر أقصى الخيل أدنيه، وفحص الأرض بيديه، فوالله ما لبث أن جال وحمحم وبال، ثم فعل فعله الفرس الذي يليه واحدا واحدا فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال فمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فعلمنا أن قد أتينا، وأنه السبع لا محالة فينا، ففزع كل امرئ منا إلى سيفه فاستله من جربانه ووقفنا زعفا أرسالا رزدقا وأقبل أبو الحارث من أجمته يتظالع في مشيته كأنه مجنوب أو في هجار معصوب، لصدره نحيط ولبلاعمه غطيط، ولطرفه وميض، ولأرساغه نقيض، كأنما يخبط هشيما، أو يطأ صريما، وإذا هامة كالمجن، وخد كالمسن، وعينان سجراوان، كأنهما سراجان، يقدان، وقصرة ربلة، ولهزمة رهلة، وكتد مغبط، وزور مفرط، وعضد مفتول، وساعد مجدول، وكف شثنة البراثن، إلى مخالب كالمحاجن، فضرب بيده فأرهج، وكشر فأفرج، عن أنياب كالمعاول، مصقولة، غير مغلولة، وفم أشدق كالغار الأخرق، ثم تمطى فأشرع بيديه، ثم حفز وركه برجليه، حتى صار طوله مثليه، ثم أقعى فاقشعر، ثم مثل فاكفهر، ثم تجهم فازبأر. فلا وذو بيته في السماء ما اتقيناه إلا بأول أخ لنا من فزارة، ضخم الجزارة، فوقصه ثم أقعصه ثم نفضه نفضة فقصقص متنه، وبقر بطنه، وجعل يلغ في ذمه فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به فكر مقشعرا بزبرة كأن بها شيهما حوليا، فاختلج من دوننا رجلا أعجز ذا حوايا، فنفضه نفضة تزايلت لها مفاصله. ثم نهم فقرقر، ثم زفر فبربر، ثم زأر فجرجر، ثم لحظ فزمجر، فوالله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه، عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل، وأطت الأضلاع، وارتجت الأسماع، ولحقت المتون بالبطون، وشخصت العيون، وساءت الظنون، واحزألت المتون ثم تبهنس وحلق ثم حدق وحملق فإذا له عينان سجراوان مثل وهج الشرر كأنما نقر بالمناقير عن عرض حجر لونه ورد، وزئيره رعد، وجبهته عظيمة، وهامته شتيمة إن استقبلته قلت أدرع وإن استدبرته قلت أقدع وإذا الليل اعرنكس، تبغى وتحسس، هوله شديد، وشره عنيد، وخيره بعيد، من قاسم ظلم ومن بارز حطم ومن مال غشم.
فحبق أحد الحاضرين فقال له عثمان: مه رض الله فاك فلقد رعبت المسلمين، هلا قلت كما قال بشر بن أبي عوانة الأسدي:
الأبيات

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0

أبو زبيد الطائي اسمه حرملة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0