النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري.
ووقع عند ابن أبي حاتم نعيمان بن رفاعة من بني تميم بن مالك بن النجار، وله صحبة، مات في زمن معاوية.
قلت: فنسبه لجده، وصحف غنم بن مالك، فقال: تميم بن مالك. وقال ابن الكلبي: أمه فطيمة الكاهنة. وفي مسند محمد بن هارون الروياني: حدثنا خالد بن يوسف، حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، قال: مات عبد الرحمن بن عوف عن أربع نسوة: أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأخت نعيمان.
قلت: فما أدري هو ذا أم غيره. قال البخاري، وأبو حاتم وغيرهما: له صحبة.
وذكره موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري، وأبو الأسود، عن عروة وغيرهما فيمن شهد بدرا.
وذكر ابن إسحاق أنه شهد العقبة الأخيرة، وقال ابن سعد: شهد بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد كلها.
وأخرج البخاري في تاريخه، من طريق وهيب، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بالنعيمان أو ابن النعيمان- كذا بالشك- والراجح النعيمان بلا شك. وفي لفظ لأحمد: وكنت فيمن ضربه، وقال فيه أتى بالنعيمان، ولم يشك. ورواه بالشك أيضا محمد بن سعد، من طريق معمر، عن زيد بن أسلم مرسلا.
وقال ابن عبد البر: إن صاحب هذه القصة هو ابن النعيمان، وفيه نظر، وقد تقدم في ترجمة مروان بن قيس السلمي أن صاحب القصة النعيمان، وكذا ذكره الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح من طريق أبي طوالة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: كان بالمدينة رجل يقال له النعيمان يصيب من الشراب، فذكر نحوه، وبه
أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للنعيمان: لعنك الله، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تفعل، فإنه يحب الله ورسوله».
وقد بينت في فتح الباري أن قائل ذلك عمير، لكنه قاله لعبد الله الذي كان يلقب حمارا فهو يقوي قول من زعم أنه ابن النعيمان، فيكون ذلك وقع للنعيمان وابنه ومن يشابه أباه فما ظلم.
قال الزبير: وكان لا يدخل المدينة طرفة إلا اشترى منها، ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيقول: ها أهديته لك، فإذا جاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أعط هذا ثمن متاعه، فيقول: أو لم تهده لي؟ فيقول: إنه والله لم يكن عندي ثمنه، ولقد أحببت أن تأكله، فيضحك، وبأمر لصاحبه بثمنه.
وأخرج الزبير قصة البعير بسياق آخر من طريق ربيعة بن عثمان، قال: دخل أعرابي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض الصحابة للنعيمان الأنصاري: لو عقرتها فأكلناها، فإنا قد قرمنا إلى اللحم. فخرج الأعرابي وصاح: وا عقراه يا محمد. فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: من فعل هذا؟ فقالوا: النعيمان، فاتبعه يسأل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، واستخفى تحت سرب لها فوقه جريد، فأشار رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث هو، فقال: «ما حملك على ما صنعت؟» قال: الذين دلوك علي يا رسول الله، هم الذين أمروني بذلك.
قال: فجعل يمسح التراب عن وجهه ويضحك ثم غرمها للأعرابي.
وقال الزبير أيضا: حدثني عمي، عن جدي، قال: كان مخرمة بن نوفل قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة، فقام في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس: المسجد! المسجد! فأخذ نعيمان بن عمرو بيده وتنحى به ثم أجلسه في ناحية أخرى، فقال له: بل ها هنا. قال: فصاح به الناس. فقال: ويحكم فمن أتى به إلى هذا الموضع؟ قالوا: نعيمان. قال: أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت. فبلغ ذلك نعيمان، فمكث ما شاء الله، ثم أتاه يوما وعثمان قائم يصلي في ناحية المسجد، فقال لمخرمة: هل لك في نعيمان؟ قال: نعم. قال: فأخذ بيده حتى أوقفه على عثمان، وكان إذا صلى لا يلتفت، فقال: دونك هذا نعيمان، فجمع يده بعصاه فضرب عثمان فشجه، فصاحوا به: ضربت أمير المؤمنين... فذكر بقية القصة.
وقال الزبير: حدثني علي بن صالح، عن جدي عبدان بن مصعب، قال لقي نعيمان أبا سفيان بن الحارث، فقال له: يا عدو الله، أنت الذي تهجو سيد الأنصار نعيمان بن عمرو، فاعتذر إليه، فلما ولي قيل لأبي سفيان إن نعيمان هو الذي قال لك ذلك، فعجب منه.
وقصته مع سويط بن حرملة تقدمت في ترجمة سويط.
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين- أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزلوا بماء، وكان النعيمان بن عمرو يقول لأهل الماء: يكون كذا وكذا، فيأتونه باللبن والطعام، فيرسله إلى أصحابه، فبلغ أبا بكر خبره، فقال: أراني آكل من كهانة النعيمان منذ اليوم، فاستقاء ما في بطنه.
قلت: وقد استقاء أبو بكر ما أكل من جهة كهانة عبد كان يخدمه، أخرجها البخاري، وهي غير هذه القصة، فإن فيها أنه قال: كنت تكهنت لهم في الجاهلية.
قال محمد بن سعد: بقي النعيمان حتى توفي في خلافة معاوية رضي الله عنه.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 6- ص: 365