الكواز صالح بن مهدي بن حمزة الكواز: شاعر، من أهل الحلة، دفن في النجف. عربي المحتد، أصله من قبيلة ’’الحضرات’’ إحدى عشائر شمر، المعروفة اليوم في نجد والعراق. كان يبيع الكيزان والأواني الخزفية، مترفعا عن الاستجداء بشعره، جمع صاحب البابليات ما بقى من شعره في (ديوان - خ).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 198
صالح الكواز الحلي يأتي بعنوان صالح بن مهدي بن حمزة.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 377
الشيخ صالح الكواز ابن مهدي بن حمزة الحلي ولد سنة 1233 وتوفي سنة 1291 بالحلة ونقل إلى النجف فدفن فيها.
هو أخو الشيخ حمادي الكواز المتقدم وكان أكبر من أخيه المذكور وكان كوازا من أسرة يصنعون الفخار والكيزان بالحلة وكان صاحب نوادر وفكاهات كثيرة منها أن رهطا من شعراء الحلة كانوا يختلفون إليه فيرونه قد تناول خزفة فإذا أنشدوه نقر عليها قائلا هذا الذي لو دق لرن هازئا بهم وكان مكثرا من الشعر لا يقل شعره عن ألفي بيت ومن نوادره أن أعرابية اشترت منه آنية من الفخار وطلبت زيادة على عادة الأعراب فرمى لها أنبوبة إبريق. وكان رث الثياب يزدريه الناظر إليه، وهو ممن جود في رثاء الحسين الشهيد عليه السلام وله في ذلك عدة قصائد مشهورة ذكرنا معظمها في كتابنا الدر النضيد.
وكان ناسكا ورعا يحيي أكثر لياليه بالعبادة ويقيم الجماعة في أحد مساجد (الجباويين) بالقرب من مرقد أبي الفضائل السيد أحمد بن طاوس وللناس به أتم وقوف:
ومن شعره قوله:
أعاتبه فيصبغ وجنتيه | بلون العندم القاني عتابي |
ويرمقني فيكسو حر وجهي | مخافة سخطه صفر الثياب |
وأطنب بالسؤال بغير داع | وما قصدي سوى رد الجواب |
قلبي خزانة كل عـ | ـلم كان في عصر الشباب |
وأتى المشيب فكدت أنـ | ـسى فيه فاتحة الكتاب |
إن هذا البرد في شدته | ضم أعضائي وأحنى قامتي |
صار رأسي بين رجلي | فلم تتميز لحيتي من عانتي |
إذا سمع الوليمة عند قوم | تمنى ذقنه منديل أيدي |
ليصبح لاعقا ودكا عليها | تعلق من يدي عمرو وزيد |
ألا إن ياقوتا يصيح مصوتا | غداة غدت عيناه ياقوتة حمرا |
قد صير الرحمن عينيه هكذا | لأني إذا أدعوه ينظرني شزرا |
لقد صام كيسي صوم الوصال | فلا من حرام ولا من حلال |
أترضى بأن يغتدي صائما | وأنت جدير برؤيا الهلال |
أترضى بما قد قال زيد معاكسا | لقولي لما أن خلوت به يوما |
طلبت فطورا منه إذ أنا صائم | فأدبر عني قائلا تبتغي صوما |
إذا تململت قال قائلنا | في بطنه فعلة يرددها |
لو أنه هدها لأسمعنا | قصائدا ما يزال ينشدها |
وشاعر ملأ الأوراق قافية | ويحسب الشعر في تسويد أوراق |
وظل يزري على شعري بقلته | وتلك لسعة جهل ما لها راقي |
أما رأى لا رأى جم الكواكب لا | تغني عن البدر في إهداء إشراق |
ولو رآني بعين من قذى حسد | باتت خلية أجفان وآماق |
لقال لي وربيع الشعر يشهد لي | بمذود ببليغ النظم نطاق |
أخرست أخرس بغداد وناطقها | وما تركت لباقي الشعر من باقي |
قالوا تركت نظام الشعر قلت لهم | لذاك ذنب عليكم غير مغتفر |
لم ألق منكم سوى من بات ينظرني | بأعين الجسم لا في أعن الفكر |
تستعظمون عظيم الذقن عندكم | كأن شعر الفتى آت من الشعر |
قل للزمان لينقص أو يزد نوبا | فما يزلزل من أطوار أحلامي |
أما الحياة فإن طالت وإن قصرت | فما أراها سوى أضغاث أحلام |
وكيف أستكثر الأحداث في زمن | قلت لديه ليالي وأيامي |
لو أكرم الدهر من قبلي الكرام لما | قنعت من زمني إلا بإكرامي |
ما عرفت العذيب قبل ارتشافي | ثغرها بين بارق والعقيق |
أنا لو لم يبت فؤادي أسيرا | ما لقيت الورى بدمع طليق |
حتام أمكث أمرا بين أمرين | لا راحة القرب تأتيني ولا البين |
أعلل النفس في رؤياكم سحرا | فيضحك الصبح من كذبي على عيني |
تفرس من عيني أني عاشقه | غداة خفيات اللحاظ أسارقه |
قد قلت للحلة الفيحاء مذ عصفت | فيها الرياح وبات الناس في رجف |
ما فيك من يدفع الله البلاء به | إن شئت فانقلبي أو شئت فانخسفي |
قد قلت للحيلة الفيحاء مذ عصفت | فيها الرياح وبات الناس في رهب |
ما فيك من يدفع الله البلاء به | إن شئت فانخسفي أو شئت فانقلبي |
ملأت المسامع مني صياحا | أتنعى الدجى أم تحيي الصباحا |
أم أنت نذير لمعتنقين قد | رفع الليل عنهم جناحا |
خشيت غيور الحمى إن يرى | وصالهما فيثير الكفاحا |
فناديت هيا فما في المنام | بلوغ مرام لراج فلاحا |
نصحت ورعت فلم تسـ | ـتحق هجاء ولا تستحق امتداحا |
حباني بأنواع الشراب تكرما | ووالله ما آثرت شربا على اللمى |
إذا أسكرتني مقلتاه وثغره | فما أبتغي بالخمر أشربها فما |
هل الخمر إلا عن لماه تيمما | أعند وجود الماء أبغي التيمما |
يا حبيبا وأنت للحب أهل | والهوى كله بغيرك جهل |
أنت أولى بأن تحب وأولى | بالذي قالت المحبون قبل |
أكثر المدح في الجمال قديما | هو في حسنك الحديث أقل |
كشفت محيا كنت قدما سترته | كأنك للتقبيل سرا دعوتني |
فقلت مذ استحييت صحبي ندامة | هممت ولم افعل وكدت وليتني |
ولقد مررت على غبي جالس | في الدار يشرب مطرقا (بسبيل) |
فكأنما بيديه آلة حاقن | وكأنما فمه حتار حليل |
وقائلة (أفوت) على كرام | قضوا حجا فقلت لها (دفوتي) |
عليهم فصل الإحسان ثوبا | وخيطه بلا ابر ’’واوتي’’ |
مدحناهم فإن جادوا وإلا | فهذا ’’حنقباز’’ وذاك ’’نوتي’’ |
حبذا أنت من حبيب مسلم | ومشير بطرفه متبسم |
خلته بين كل ظبي غرير | بدر تم يضيء مابين أنجم |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 378