الشيخ صالح العلي صالح بن علي العلوي: مجاهد، صارع الاستعمار الفرنسي بقوة السلاح، وكان لثورته اثر في تاريخ سورية الحديث. كانت له زعامة في جبل العلويين (بقرب اللاذقية) واقامته في بلدة (الشيخ بدر) من قضاء طرطوس. وتقدم الفرسيون - بعد الحرب العامة الاولى - لاحتلال الشواطئ السورية، والتوغل في الداخل، فثار صالح (في اواخر سنة 1918 م) بجماعة قليلة ما لبثت ان اتسع نطاقها، وهاجمته زحوف الفرنسيين، فظفر بهم في معارك متتالية. وكانت الدولة في سورية الداخلية للشريف (الملك) فيصل بن الحسين، فأمد صالحا بعون من المال والعتاد. واستفحل امر صالح بعد معركة (وادي ورور) وانبسط سلطانه، وكثرت جموعه، واحتل (القدموس) وجعل قرية (الرستن) مقرا لقيادته. واغار الفرنسيون على دمشق فسلبوا البلاد السورية استقلالها (سنة 1920 م) واخرجوا (فيصل بن الحسين) منها. ثم قامت في شمالها ثورة المتوكل على الله (ابراهيم هنانو) فأتصل صالح بأبراهيم سنة 1921 م. وتوالت الوقائع إلى ان قل ما عند (صالح) من ذخيرة. واشتد المستعمرون في قتاله، فأستولوا على اكثر معاقله. واستسلم كثير من انصاره، فأدركه اليأس، فأوى إلى بعض الكهوف. واعلن الفنرسيس حكمهم عليه بالاعدام، ولم يهتدوا اليه، فأعلنوا له الامان، فظهر مستسلما، وقال للقائد الفرنسي الجنرال (بيوت) يوم استسلامه في اللاذقية: والله لو بقي معي عشرة رجال مجهزين بالسلاح والعتاد ما تركت القتال. واعتزل الشيخ صالح شؤون الحياة العامة بعد ذلك، الا انتفاضات وطنية عام 1936 م، حين علت نأمة انفصال الجبل العلوي عن سورية، وحين تعطيل الدستور. وظل قابعا في عزلته حتى شهد عهد الاستقلال في بلاده ووافاه اجله في قريته.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 193