سعد الدولة شريف بن علي بن عبد الله بن حمدان، أبو المعالي، سعد الدولة الحمداني، لبن سيف الدولة: صاحب حلب وحمص وما بينهما. كان في ميافارقين لما مات ابوه في بحلب، فقصدها وجلس على سرير ابيه (سنة 356 هـ) وقامت وحشة بينه وبين خاله أبي فراس (وقيل: كان أبو فراس ينافسه) فقتل أبو فراس (سنة 357 هـ) على يد (قرغوية) حاجب سعد الدولة. ووصلت قوة الروم (الصليبين) غازية، فخاف سعد الدولة ان يحصر في حلب فخرج إلى ميافارقين (وامه فيها) واستقل قرغوية بحلب (سنة 358) وعقد مع ملك الروم معاهدة هدنة خبيثة (تجد نصها في زبدة الحلب 1: 163 - 168) وانتقل سعد الدولة إلى معرة النعمان، فأقام ثلاث سنين. ثم انتقل إلى حمص، ومنها عاد إلى مهاجمة حلب. ودخلها بعد احداث لم يتفق المؤرخون على تفاصيلها. وفي سنة 367 كتب إلى بغداد انه في طاعتها، فجائته خلعة من الطائع العباسي، مع لقب سعد الدولة وكان قبل ذلك يقال له ( أبو المعالي) وفي سنة 371 طالب الدمستق بردس (قائد جيش الروم) بمال الهدنة، فأتفق معه على 400 الف درهم فضة (كل عشرين درهما بدينار) يؤديها سعد الدولة كل سنة. وعاد الدمستق سنة 373 يريد فتح حلب، بجيش كبير، فصمد له سعد الدولة، وانهزم الدمستق. واستمر سعد الدولة قويا مهيبا ومدحه محمد بن عيسى النامي بقصائد من غرر شعره، ومات بعلة الفالج في حلب، وحمل إلى الرقة فدفن بها.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 162

سعد الدولة أبو الفضائل بن سعد الدولة أبي المعالي شريف ابن سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي العدوي
مات مسموما في منتصف صفر سنة 391.
كذا في كتاب آثار الشيعة الإمامية.
لم نعرف اسمه ولا رأينا من ذكر اسمه من المؤرخين والظاهر أن أبا الفضائل كنية لا اسم.
ونحن ننقل ما عثرنا عليه من أحواله من تاريخ ابن الأثير في حوادث سنة 381 والنجوم الزاهرة في حوادث سنة 365 وأخباره في الثاني أطول فننقلها من مجموع الكتابين. كان لسيف الدولة بن حمدان غلام اسمه قرعويه فلما مات سيف الدولة ولي بعده ابنه أبو المعالي شريف ثم تغلب قرعويه على أبي المعالي وأخرجه من حلب فسار إلى حماه واستناب قرعويه على حلب مولى له اسمه بكجور فتغلب على قرعويه وحبسه في قلعة حلب ست سنين فكتب من بحلب إلى أبي المعالي ليسلموا إليه حلب فحضر وحارب بكجورا واستولى على حلب واستأمن إليه بكجور فأمنه ثم ولاه حمص وقتل قرعويه.
(وقرعويه) هذا هو الذي أمر غلامه فقتل أبا فراس الحمداني فجازاه الله بالحبس ثم بالقتل. ثم وقعت وحشة بين أبي المعالي وبين بكجور فأمره أبو المعالي بأن يفارق بلده وكان العزيز بالله العلوي وعد بكجورا بولاية دمشق فكتب إليه بكجور يستنجز وعده فولاه إياها ثم عزله وأرسل جيشا ليأخذ منه دمشق فذهب إلى الرقة منهزما من عساكر مصر فأرسل بكجور إلى العزيز يطمعه في حلب ويقول إنها دهليز العراق ويطلب النجدة فأنجده العزيز وجرت خطوب انتهت بالقبض على بكجور فقتله أبو المعالي وبرز أبو المعالي بعساكره ليسير إلى دمشق ثم مات فتراجعت العساكر إلى حلب وهرب الوزير المغربي علي بن الحسين كاتب بكجور ووزيره إلى مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام وكان موت سعد الدولة أبو المعالي سنة 381 بعد أن عهد إلى ولده أبي الفضائل ووصى إلى لؤلؤ الكبير غلام سيف الدولة به وبسائر أهله وأخذ له لؤلؤ العهد على الأجناد وكان الوزير المغربي قد سار من مشهد علي عليه السلام إلى العزيز وأطعمه في حلب وهون عليه أمرها وكان للعزيز غلام تركي اسمه منجوتكين فأشار عليه بإرساله لتنقاد إليه الأتراك مماليك سعد الدولة فسير العزيز جيشا وعليهم منجوتكين إلى حلب وأرسل معه الوزير المغربي علي بن الحسين كالمدبر له فسار إليها في ثلاثين ألفا فحصرها وبها أبو الفضائل ومعه لؤلؤ فأغلقا أبوابها واستظهرا في القتال غاية الاستظهار على المصريين وكان لؤلؤ لما قدم عسكر مصر إلى الشام كاتب بسيل ملك الروم في النجدة على المصريين ومت إليه بما كان بينه وبين سعد الدولة من المعاهدة وبعث إليه بهدايا وتحف كثيرة فجاءه الكتاب وهو يقاتل ملك البلغار فبعث إلى نائبه بأنطاكية يأمره بإنجاد أبي الفضائل فسار في خمسين ألفا حتى نزل الجسر الجديد (أو جسر الحديد) على العاصي بين أنطاكية وحلب فلما بلغ ذلك منجوتكين استشار المغربي والقواد فأشاروا بالابتداء بالروم قبل وصولهم إلى حلب لئلا يصيروا بين عدوين فساروا حتى صار بينهم وبين الروم نهر أنطاكية وليس لأحد الفريقين سبيل للعبور لكثرة الماء وأقام منجوتكين من يمنع الناس من العبور لوقت يختاره المنجم (وهذا يدل على رواج أمر التنجيم في ذلك الوقت) فعبره شيخ من أصحابه والماء إلى صدره والروم يرمونه بالنشاب فلما رآه الباقون رموا بأنفسهم في الماء فرسانا ورجالة ومنجوتكين يمنعهم فلا يمتنعون حتى صاروا مع الروم في أرض واحدة وقاتلوهم فنصر الله المسلمين وانهزمت الروم وأثخن المسلمون فيهم قتلا وأسرا وأفلت كبيرهم في عدد يسير إلى أنطاكية وغنم المسلمون منهم ما لا يحصى وتبعهم منجوتكين إلى أنطاكية فأحرق ونهب ضياعها وكان وقت الغلال فأنفذ أبو الفضائل إلى قرى حلب فنقل ما فيها من الغلال وأحرق الباقي لئلا يأخذه المصريون وعاد منجوتكين إلى حلب فحصرها فعلم لؤلؤ أنه لا قبل له بهم فأرسل إلى المغربي وإلى كاتب منجوتكين وأرغبهما في المال وسألهما أن يشيرا على منجوتكين بالانصراف عنهم هذه السنة بعلة تعذر الأقوات ففعلا وصادف ذلك ضجره من الحرب وشوقه إلى دمشق فانخدع وسار إلى دمشق وكتبوا جميعا إلى العزيز يقولون قد نفدت الميرة ويستأذنونه في الرجوع وقبل مجيء الجواب رحلوا فبلغ العزيز ذلك فشق عليه ووجد أعداء المغربي طريقا إلى الطعن فيه عند العزيز فصرفه وأنفذ شيئا كثيرا من الأقوات من مصر في البحر إلى طرابلس ومنها إلى العسكر وكتب بعود العسكر إلى حلب فرجع منجوتكين في السنة الآتية وبنى الدور والحمامات والخانات والأسواق بظاهر حلب وحاصر حلب ثلاثة عشر شهرا فقلت الأقوات واشتد الحصار على لؤلؤ وأبي الفضائل فكاتبا ملك الروم ثانيا وقالا له متى أخذت حلب أخذت أنطاكية ومتى أخذت أنطاكية أخذت القسطنطينية وكان قد توسط بلاد البلغار فجاء بنفسه في مائة ألف وتبعه من كل بلد عسكره فلما قرب من البلاد أرسل لؤلؤ إلى منجوتكين يقول إن الإسلام جامع بيني وبينك وأنا ناصح لكم وقد وافاكم ملك الروم بجنوده وأتته جواسيسه بمثل ذلك فأخرب ما كان بناه من سوق وحمام وسار إلى دمشق ووصل ملك الروم فنزل على باب حلب وخرج إليه أبو الفضائل ولؤلؤ ثم عادا إلى حلب ورحل بسيل إلى الشام ففتح حمص وشيزر ونهب وأسر ونازل طرابلس نيفا وأربعين يوما فامتنعت عليه فعاد إلى بلاده ولما بلغ الخبر العزيز عظم عليه ونادى في الناس بالنفير لغزو الروم وبرز من القاهرة وحدثت به أمراض منعته وأدركه الموت’’ انتهى ما أخذناه من تاريخ ابن الأثير والنجوم الزاهرة’’ ثم إن لؤلؤا دس السم فيما قيل إلى أبي الفضائل على يد زوجته بنت لؤلؤ فإنه كان صهره فسمته فمات سنة 391 وقام مقامه والداه أبو الحسن علي وأبو المعالي شريف أياما ثم أخرجا إلى مصر وبهما ختمت سلطنة آل حمدان واستقل لؤلؤ بملك حلب ثم توفي سنة 399 وملكها بعده ابنه أبو منصور وتلقب مرتضى الدولة وكان فتح غلام أبيه نائبه فيها فعصى عليه ومنعه من دخولها فمضى إلى الروم وتصرف بنو كلاب بما تحت يده. وفي النجوم الزاهرة: في سنة 404 استولى الحاكم (العبيدي) على حلب وزال ملك بين حمدان منها.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 395