سوار بن حمدون سوار بن حمدون بن يحيى الإلبيري القيسي المحاربي: زعيم ثائر. كان شجاعا عارفا بالأدب. ثار في الأندلس بناحية البراجلة (من كورة إلبيرة) سنة 276 هـ ، واتفت حوله بيوتات العرب، لقتال من كل هناك من العجم والمولدين. فاستفحل أمره، واستولى على عدة حصون. ولم تطل مدته. مات قتيلا. له شعر جيد.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 144
سوار بن حمدون القيسي المحاربي
من محارب بن خصفة بن قيس عيلان ثار بناحية البراجلة من كورة إلبيرة في سنة ست وسبعين ومائتين وهي السنة الثانية من ولاية الأمير عبد الله بن محمد وانضوت إليه بيوتات العرب من إلبيرة وجيان ورية وغيرها عند ما تميزت الأحزاب بالعصبية وشبوا نار الفتنة وكان مبتدأ رئاسة سوار هذا أنه كان صاحباً ليحيى بن صقالة أول الخارجين بالبراجلة بهذه الدعوة عن استبصار شديد وحمية فصب على المولدين والعجم منه ومن أصحابه أعظم آفة إلى أن أصابوا منه غرة فثاروا به بغتة وقتلوه فرأس أصحابه بعده سواراً هذا فأشتد به أمرهم وقام طالبا بثأر صاحبه وكان شجاعا محرباً فكثر أتباعه وأشتدت شوكته وأعتز العرب بمكانه فلفف جموعها وحمى ذمارها وسعى لإدراك ثارها وقصد حصناً أجتمع فيه من المولدين والنصاري نحو من ستة ألاف رجل فنازلهم بالعرب حتى قهرهم وأخرج نابلاً رئيسهم المقيم فيه عنه وملكه وكان نابل قد أنتزعه من يحيى بن صقالة فأسترده سوار إلى ملكه
ثم افتتح حصون المسالمة والنصارى حصناً حصناً وقتل من ظفر به وغنم أموالهم ولقيه جعد بن عبد الغافر عامل الأمير عبد الله فهزمه سوار وقتل من أصحابه نحو من سبعة ألاف وأسر جعداً فمن عليه وأطلقه وأبلغه وأمنه وغلظ أمره فأستبق حينئذٍ إلى حصن غرناطة بالقرب من مدينة إلبيرة وصعد إليه فتبوأه دارا اجتمعت إليه فيه عرب كورة إلبيرة وكاتبته عرب النواحي إلى حدود قلعة رباح وغيرها وكانت دار الداخلين إلى الأندلس من بكر ابن وائل فصاروا إلبا معه على المولدين وبجح سوار بما تهيأ له على أعدائه وعلت همته وأملته العرب وعلا في الناس ذكره وقال الأشعار الجزلة وأكثر الفخار بنفسه وقومه ذكر ذلك ابن حيان وحكى أنه أوقع بأصحاب ابن حفصون ثانية ويقال إن قتلاهم كانوا فيها اثنى عشر ألفا وتعرف بوقيعة المدينة قال وقد ذكرها سعيد بن جودي السعدي صاحب سوار والوالي رئاسة العرب بعده في شعر له منه
ولما رأونا راجعين إليهم | تولوا سراعاً خوف وقع المناصل |
فسرنا إليهم والرماح تنوشهم | كوقع الصياصي تحت رهج القساطل |
فلم يبق منهم غير عان مصفد | يقاد أسيراً موثقاً في السلاسل |
وآخر منهم هارب قد تضايقت | به الأرض يهفو من جوى وبلابل |
لقد سل سوار عليكم مهنداً | يجذ به الهامات جذ المفاصل |
به قتل الله الذين تحزبوا | علينا وكانوا أهل إفك وباطل |
سما لبنى الحمراء إذ حان حينهم | بجمع كمثل الطود أرعن رافل |
أدرتم رحى حرب فدارت عليكم | لحتف قد أفناكم به الله عاجل |
لقيتم لنا ملمومة مستجيرة | تجيد ضراب الهام تحت العوامل |
بها من بني عدنان فتيان غارة | ومن آل قحطان كمثل الأجادل |
يقودهم ليث هزبر ضبارم | محش حروب ماجد غير خامل |
أرومته من خير قيس سما به | إلى المجد قدماً والعلا كل فاضل |
له سورة قيسية عربية | بها ذاد عن دين الهدى كل جاهل |
فما كان إلا ساعة ثم غودروا | كمثل حصيد فوق ظهر صعيد |
لم تزالوا تبغونها عوجا حتى | وردتم للموت شر ورود |
فاصطلوا حرها وحر سيوف | تتلظى عليكم كالوقود |
قد قتلناكم بيحيى وما إن | كان الحكم الإله بالمردود |
هجتم يا بني العبيد ليوثاً | لم يكونوا عن ثارهم بقعود |
جاءكم ماجد يقود إليكم | فتية ذادة كمثل الأسود |
يطلب الثار ثار قوم كرام | آزروا بالعهود بعد العهود |
فأستباح الحمراء لم يبق منهم | غير عان في قده مصفود |
قد قتلنا منكم ألوفا وما يعدل | قتل الكريم قتل العبيد |
فلئن كان قتله غدرة ما | كان بالنكس لا ولا الرعديد |
لسوار على الأعداء سيف | أباد ذوي الغواية فاضمحلوا |
سقاهم كأس حتف بعد حتف | بها نهل العبيد معاً وعلوا |
قتلت بواحد سوار ألفا | وألفهم بواحدنا يقل |
وأكثر قتلنا لهم حلال | بما ارتكبوه ظلما واستحلوا |
فأوردنا رقابهم سيوفاً | تشب النار منها إذ تسل |
ورثنا العز عن آباء صدق | وإرثكم بني العبدان ذل |
قد انقصفت قناتهم وذلوا | وضعضع ركن عزهم الأذل |
فما طلت دماؤهم لديهم | وهاهم عندنا في البير طل |
صرم الغواني يا هنيد مودتي | إذ شاب مفرق لمتي وقذالي |
وصددن عني يا هنيد وطالما | علقت حبال وصالهن حبالي |
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1