سلموية سلموية بن بنان: طبيب، فاضل. اختاره المعتصم العباسي لنفسه سنة 218هـ ، وخص به وله معه أخبار. كان عاقلا مدبرا اكتسب من خدمة الخلفاء معرفة بالسياسة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 114

سلمويه طبيب المعتصم سلمويه بن بنان، طبيب المعتصم الذي اختاره وأكرمه إكراما كثيرا. وكانت التواقيع ترد إلى الدواوين وغيرها بخط سلمويه وتواقيع الأمراء والقواد وغيرهم في حضرة المعتصم بخطه، وولى أخاه إبراهيم بن بنان خزائن الأموال وخاتمه مع خاتم المعتصم. وكان سلمويه نصرانيا حسن الاعتقاد في دينه، كثير الخير، محمود السيرة. وكان المعتصم يقول: هذا عندي أكبر من قاضي القضاة لأن هذا يحكم في مالي وهذا يحكم في نفسي ونفسي أشرف من مالي؛ كذا قال ابن أبي أصيبعة في تأريخ الأطباء، وقال إسحاق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسويه، قال: أخبرني يوحنا بن ماسويه عن المعتصم -انتهى. قلت: وجه الصواب أن لو قال: سلمويه أكبر عندي من الوزير لأن الوزير يحكم في مالي وهذا يحكم في نفسي فإن القاضي لا يحكم في المال أعني يقبضه وينفقه بغير علم الخليفة، والقاضي أشرف من الطبيب لأنه يحكم في الدين؛ ويقول: هذا حلال وهذا حرام! والدين أشرف من النفس لأن ذهاب النفس مع بقاء الدين أحمد في العقبى وذهاب الدين مع بقاء النفس شر في العقبى، فظهر بما قاله المعتصم أن القاضي أكبر من الطبيب وكان ما قاله المعتصم فاسد الدليل. على أنني أرى هذه من موضوعات الأطباء لأنفسهم، وإلا فقد كان القاضي أحمد بن أبي دؤاد عند المعتصم بالمحل الأسنى والمكان الأرفع على ما هو معروف -انتهى. واعتل سلمويه وعاده المعتصم وبكى عنده وقال له: تشير علي بعدك بما يصلحني؟ فقال له: عليك بهذا الفضولي يوحنا ابن ماسويه، وإذا شكوت إليه ووصف لك أوصافا فخذ أقلها أخلاطا! قال ابن أبي أصيبعة: ولما مات سلمويه امتنع المعتصم من أكل الطعام يوم موته وأمر بأن تحضر جنازته الدار ويصلى عليه بالشمع والبخور على زي الأنصاري الكامل. ففعل ذلك وهو بحيث يبصرهم، قال: وكان الهضم في جسد المعتصم قويا -وكان سلمويه يفصده في السنة مرتين ويسقيه بعد كل مرة دواء مسهلا ويعالجه بالحمية في أوقات. فأراد ابن ماسويه أن يريه غير ما عهد فسقاه دواء قبل الفصد وقال: أخاف أن تتحرك عليك الصفراء فعندما شرب الدواء حمي جسمه وما زال جسمه ينقص والعلل تتزايد إلى أن نحل بدنه ومات بعد سلمويه بعشرين شهرا، وكانت وفاة المعتصم سنة سبع وعشرين ومائتين.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0