سعيد بن زيد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي القرشي، أبو الأعور: صحابي من خيارهم. هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد كلها إلا بدرا وكان غائبا في مهمة أرسله بها النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أحد العشرة المبشرين وكان من ذوي الرأي والبسالة. وشهد اليرموك وحصار دمشق. وولاه أبو عبيدة دمشق. مولده بمكة، ووفاته بالمدينة. له في كتب الحديث 48 حديثا.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 94

سعيد بن زيد القرشي (ب د ع) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، يجتمعان في نفيل، أمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية، وكان صهر عمر زوج أخته فاطمة بنت الخطاب، وكانت أخته عاتكة بنت زيد تحت عمر بن الخطاب، تزوجها بعد أن قتل عنها عبد الله بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم، وكان سعيد يكنى أبا الأعور، وقيل: أبو ثور، والأول أكثر.
أسلم قديما قبل عمر بن الخطاب هو وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وهي كانت سبب إسلام عمر على ما نذكره في ترجمته، إن شاء الله تعالى، وكان من المهاجرين الأولين، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بن كعب، ولم يشهد بدرا، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره فقيل: إنما لم يشهدها لأنه كان غائبا بالشام، فقدم عقيب غزاة بدر، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره قاله موسى بن عقبة، وابن إسحاق.
وقال الواقدي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث قبل أن يخرج إلى بدر طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة، فقدماها يوم الوقعة ببدر، فضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمهما وأجرهما. وقال الزبير مثله.
وقد قيل: إنه شهد بدرا، والأول أصح، وشهد ما بعدها من المشاهد، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الأنصاري الدمشقي، والقاضي أبو نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن هبة الله وغيرهما، قالوا: أخبرنا الحافظ.
أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي، أخبرنا القاضي أبو عبد الحسين بن علي البيهقي، أخبرنا القاضي أبو علي محمد بن إسماعيل بن محمد العراقي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، أخبرنا أبو القاسم البغوي، أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا الدراوردي، أخبرنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه حميد، عن جده عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة.
وروي عن سعيد بن زيد مثله.
أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب بإسناده إلى أبي داود الطيالسي، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر. عن طلحة بن عبد الله ابن عوف، عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل دون ماله فهو شهيد. وكان مجاب الدعوة، فمن ذلك أن أروى بنت أويس، شكته إلى مروان بن الحكم، وهو أمير المدينة لمعاوية، وقالت: إنه ظلمني أرضي، فأرسل إليه مروان، فقال سعيد: أتروني ظلمتها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ظلم شبرا من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين؟ اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئرها. فلم تمت حتى ذهب بصرها، وجعلت تمشي في دارها فوقعت في بئرها فكانت قبرها. قال: فكان أهل المدينة يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى، يزيدونها، ثم صار أهل الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون الأروى التي في الجبل، يظنونها، ويقولون: إنها عمياء، وهذا جهل منهم.
وشهد اليرموك، وحصار دمشق.
روى عنه ابن عمر، وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل، وعبد الله بن ظالم المازني، وزر بن حبيش، وأبو عثمان النهدي وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وغيرهم.
وأخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب بإسناده إلى عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، أخبرنا معاوية بن عمرو، أخبرنا زائدة، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم التميمي، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: أشهد أن عليا من أهل الجنة قلت: وما ذاك؟ قال: هو في التسعة، ولو شئت أن أسمي العاشر، لسميته قال: اهتز حراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد قال: ورسول الله، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وأنا، يعني نفسه.
وقال سعيد بن جبير: كان مقام أبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن ابن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال ووراءه في الصلاة.
وتوفي سعيد بن زيد سنة خمسين، أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وقيل: توفي سنة ثمان وخمسين بالعقيق، من نواحي المدينة، وقيل: توفي بالمدينة. والأول أصح.
وخرج إليه عبد الله بن عمر، فغسله وحنطه، وصلى عليه، قاله نافع. وقالت عائشة بنت سعد: غسل سعيد بن زيد سعد بن أبي وقاص، وحنطه ثم أتى البيت، فاغتسل، فلما خرج قال: أما إني لم اغتسل من غسلي إياه، ولكن أغتسل من الحر، ونزل في قبره سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وصلى عليه ابن عمر.
أخرجه الثلاثة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 484

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 476

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 2- ص: 235

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية، كانت من السابقين إلى الإسلام.
أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر وشهد أحدا والمشاهد بعدها، ولم يكن بالمدينة زمان بدر، فلذلك لم يشهدها.
روى عنه من الصحابة: ابن عمر، وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل، ومن كبار التابعين: أبو عثمان النهدي، وابن المسيب، وقيس بن أبي حازم، وغيرهم.
ذكر عروة وابن إسحاق وغيرهما في المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه يوم بدر، لأنه كان غائبا بالشام، وكان إسلامه قديما قبل عمر، وكان إسلام عمر عنده في بيته، لأنه كان زوج أخته فاطمة.
وروى البخاري، من طريق قيس بن أبي حازم، عن سعيد بن زيد، قال: لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام.
وكان سعيد من فضلاء الصحابة، وقصته مع أروى بنت أنيس مشهورة في إجابة دعائه عليها، وقد شهد سعيد بن زيد اليرموك وفتح دمشق.
وقال سعيد بن حبيب: كان مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وطلحة
والزبير وعبد الرحمن بن عوف مع النبي صلى الله عليه وسلم واحدا، كانوا أمامه في القتال، وخلفه في الصلاة، أخرجها البخاري ومسلم وغيرهما، وفي قصتها أن دعاءه استجيب فيها.
وروى أبو نعيم في «الحلية» في ترجمة، من طريق أبي بكر بن حزم أن سعيدا قال: اللهم إنها قد زعمت أنها ظلمت، فإن كانت كاذبة فأعم بصرها، وألقها في بئرها، وأظهر من حقي نورا بين المسلمين أني لم أظلمها. قال: فبينما هم على ذلك إذ سال العقيق سيلا لم يسل مثله قط، فكشف عن الحد الذي كانا يختلفان فيه، فإذا سعيد بن زيد في ذلك قد كان صادقا، ثم لم تلبث إلا يسيرا حتى عميت، فبينما هي تطوف في أرضها تلك سقطت في بئرها، قال: فكنا ونحن غلمان نسمع الإنسان يقول للآخر إذا تخاصما: أعمال الله عمى أروى، فكنا نظن أنه يريد الوحشية، وهو كان يريد ما أصاب أروى بدعوة سعيد بن زيد.
قال الواقدي: توفي بالعقيق، فحمل إلى المدينة، وذلك سنة خمسين. وقيل إحدى وخمسين. وقيل سنة اثنتين وعاش بضعا وسبعين سنة، وكان طوالا آدم أشعر.
وزعم الهيثم بن عدي أنه مات بالكوفة، وصلى عليه المغيرة بن شعبة، قال: وعاش ثلاثا وسبعين سنة.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 3- ص: 87

أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، أحد العشرة تقدم.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 7- ص: 15

ابن زيد أحد العشرة سعيد بن زيد -وتقدم ذكر زيد في حرف الزاي- بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، أبو الأعور، وأمه فاطمة بنت بعجة بن أمية بن خويلد، وهو ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته أم جميل بنت الخطاب، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة من المهاجرين السابقين الأولين. أسلم هو وامرأته قبل عمر وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعده أهل المغازي ممن شهد بدرا لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه وأجره لأنه كان أرسله وطلحة قبل خروجه إلى بدر بتجسسان خبر العير، فلما رجعا صادفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رجع من الوقعة على المحجة فيما بين ملل والسيالة. وشهد اليرموك وحضر دمشق وولاه إياها أبو عبيدة. وخرج مع عمر بن الخطاب في خرجته الثانية إلى الشأم التي رجع فيها من سرغ. وكان أميرا على ربع المهاجرين. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عنه ابن عمر وعمرو بن حريث وأبو الطفيل عامر بن واثلة وزر بن حبيش وعروة وغيرهم. وتوفي سنة إحدى وخمسين للهجرة، وروى له الجماعة. وقال يزيد بن رومان: أسلم سعيد قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها، وكان سعيد عاشر العشرة لما تحرك بهم جبل حراء وهم: النبي صلى الله عليه وسلم والعشرة إلا أبا عبيدة؛ رواه عثمان وسعيد بن زيد وأبو هريرة وابن عباس. وعن عثمان بن عفان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء فتحرك فقال: اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؛ وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد، وقال سعيد بن زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو بكر الصديق في الجنة وعمر بن الخطاب في الجنة وعثمان بن عفان في الجنة وعلي بن أبي طالب في الجنة وطلحة بن عبيد الله في الجنة والزبير بن العوام في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسكت عن تسميه التاسع، فقيل: من هو؟ فقال: سعيد بن زيد، وأرسل دموعه. وفي رواية: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة وأبو بكر في الجنة فذكرهم، وفي رواية: وأنا تاسع المؤمنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم العاشر، ثم أتبع ذلك يمينا قال: والله لمشهد شهده رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه أفضل من عمل أحدكم ولو عمر عمر نوح. قيل: مات بالعتيق وحمل فدفن بالمدينة، وشهده سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقومه وأهل بيته. وروى أهل الكوفة أنه مات عندهم، وصلى عليه المغيرة ابن شعبة وهو والي الكوفة لمعاوية. قال ابن عساكر: المحفوظ أنه مات بالمدينة. وكان لسعيد أربعة بنين: عبد الله وعبد الرحمن وزيد والأسود، كلهم عقب وأنجب. وكان مروان قد أرسل إلى سعيد بن زيد ناسا يكلمونه في شأن أروى بنت أويس، وكانت شكته إلى مروان فقال سعيد: تروني ظلمتها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ظلم من الأرض شبرا طوقه يوم القيامة من سبع أرضين، اللهم، إن كانت أروى كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها وتجعل قبرها في بئر؛ قال ابن عمر: فوالله ما ماتت حتى ذهب بصرها وجعلت تمشي في دارها حذوة فوقعت في بئرها فكانت قبرها، وأوجب مروان عليه اليمين فترك سعيد لها ما ادعت وجاء سيل فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقها خارجا من حق سعيد فجاء سعيد إلى مروان فقال: أقسمت عليك لتركبن معي ولتنظرن إلى ضفيرتها، فركب معه وركب ناس فرأوا ذلك، وكان أهل المدينة يدعون بعضهم على بعض ويقولون: أعماك الله كما أعمى أروى، فصار أهل الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون التي في الجبل.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0

سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل العدوي، ابن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو الأعور، القرشي، العدوي.
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن السابقين الأولين البدريين، ومن الذين -رضي الله عنهم- رضوا عنه.
شهد المشاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشهد حصار دمشق، وفتحها فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة.
وله أحاديث يسيرة: فله حديثان في ’’الصحيحين’’ وانفرد البخاري له بحديث.
روى عنه: ابن عمر وأبو الطفيل وعمرو بن حريث وزر بن حبيش وأبو عثمان النهدي وعروة بن الزبير وعبد الله بن ظالم وأبو سلمة بن عبد الرحمن وطائفة.
قرأت على أحمد بن عبد الحميد، أخبركم الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مائة أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأنا ابن رزقويه، أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى الطائي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين’’.
أخرجه البخاري من طريق بن عيينة، فوقع لنا بدلا عاليا.
قرأت على علي بن عيسى التغلبي، أخبركم محمد بن إبراهيم الصوفي سنة عشرين وست مائة، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا عبد الله الثقفي، أنبأنا أحمد بن الحسن، أنبأنا حاجب بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم هو ابن منيب، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن طلحة، عن سعيد بن زيد يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’من ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين ومن قتل دون ماله فهو شهيد’’.
هذا حديث صالح الإسناد، لكنه فيه انقطاع؛ لأن طلحة بن عبد الله بن عوف لم يسمعه من سعيد رواه مالك ويونس وجماعة، عن الزهري فأدخلوا بين طلحة وسعيد عبد الرحمن بن عمرو بن سهل الأنصاري أخرجه البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري.
كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم فرأى النصارى واليهود فكره دينهم وقال: اللهم إني على دين إبراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي ولا رأى من يوقفه عليها، وهو من
أهل النجاة فقد شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه ’’يبعث أمة وحده’’. وهو ابن عم الإمام عمر بن الخطاب، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعش حتى بعث.
فنقل يونس بن بكير، وهو من أوعية العلم بالسير، عن محمد بن إسحاق قال قد كان نفر من قريش زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وعثمان بن الحارث بن أسد وعبيد الله بن جحش وأميمة ابنة عبد المطلب حضروا قريشا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم فلما اجتمعوا خلا أولئك النفر بعضهم إلى بعض وقالوا: تصادقوا وتكاتموا فقال قائلهم تعلمن والله ما قومكم على شيء لقد أخطئوا دين إبراهيم وخالفوه فما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع فابتغوا لأنفسكم قال: فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية فأما ورقة فتنصر واستحكم في النصرانية وحصل الكتب وعلم علما كثيرا ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه وكان الخطاب عمه قد آذاه فنزح عنه إلى أعلى مكة فنزل حراء فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة فكان لا يدخلها إلا سرا وكان الخطاب أخاه أيضا من أمه فكان يلومه على فراق دينه فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل، عن الدين.
أخبرنا يوسف بن أحمد بن أبي بكر الحجار، أنبأنا موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البنا، وأنبأنا أحمد بن المؤيد، أنبأنا الحسن بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني وقرأت على عمر بن عبد المنعم في سنة ثلاث وتسعين، عن أبي اليمن الكندي إجازة في سنة ثمان وست مائة، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله قالوا، أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عيسى بن حماد، أنبأنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش! والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري وكان يحيي المؤودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مه! لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها.
هذا حديث صحيح غريب تفرد به الليث وإنما يرويه، عن هشام كتابة وقد علقه
البخاري في ’’صحيحه’’ فقال: وقال الليث: كتب إلي هشام فذكره وقد سمعه ابن إسحاق من هشام.
وعندي بالإسناد المذكور إلى الليث، عن هشام نسخة، فمن أنكر ما فيها، عن أبيه عروة أنه قال: مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول: أحد أحد فقال ورقة: أحد أحد يا بلال صبرا يا بلال لم تعذبونه فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا يقول: لأتمسحن به هذا مرسل وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح.
يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني هشام، عن أبيه، عن أسماء أن ورقة كان يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ولكني لا أعلم ثم يسجد على راحته.
يونس بن بكير وعدة، عن المسعودي، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد بن عمرو على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزيد بن حارثة فدعواه إلى سفرة لهما فقال: يابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب فما رؤي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك اليوم يأكل مما ذبح على النصب المسعودي ليس بحجة.
أخرجه الإمام أحمد في ’’مسنده’’، عن يزيد، عن المسعودي، ثم زاد في آخره قال سعيد: فقلت: يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له قال: ’’نعم فأستغفر له فإنه يبعث أمة وحده’’.
وقد رواه إبراهيم الحربي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا أبو قطن، عن المسعودي، عن نفيل، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبابن حارثة وهما يأكلان في سفرة فدعواه فقال: إني لا آكل مما ذبح على النصب قال: وما رؤي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكلا مما ذبح على النصب.
فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله، وما زال المصطفى محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده ولو احتمل جواز ذلك فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي وكان ذلك على الإباحة وإنما توصف ذبائحهم بالتحريم بعد نزول الآية كما أن الخمرة كانت على الإباحة إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد والذي لا ريب فيه أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعا ومن الخيانة والغدر والكذب والسكر والسجود لوثن والاستقسام بالأزلام ومن الرذائل والسفه وبذاء اللسان وكشف العورة فلم يكن يطوف عريانا ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة بل كان يقف بعرفة وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه -صلى الله عليه وسلم- تسليما.
أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين’’.
غريب رواه الباغندي، عن الأشج عنه.
عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء قالت: رأيت زيد بن عمرو شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول: ويحكم يا معشر قريش إياكم والزنى فإنه يورث الفقر.
أبو الحسن المدائني، عن إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: قال زيد بن عمرو: شاممت النصرانية واليهودية فكرهتهما فكنت بالشام فأتيت راهبا فقصصت عليه أمري فقال: أراك تريد دين إبراهيم عليه السلام يا أخا أهل مكة! إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم فالحق ببلدك فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية وهو أكرم الخلق على الله.
وبإسناد ضعيف، عن حجير بن أبي إهاب قال: رأيت زيد بن عمرو يراقب الشمس
فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعة وسجد سجدتين وأنشد الضحاك بن عثمان الحزامي لزيد:

وروى: هشام بن عروة، فيما نقله عنه بن أبي الزناد أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام، فلما بلغه خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل يريده فقتله أهل ميفعة بالشام.
وروى الواقدي: أنه مات فدفن بأصل حراء، وقال ابن إسحاق: قتل ببلاد لخم.
عبد العزيز بن المختار: أنبأنا موسى بن عقبة، أخبرني سالم: سمع بن عمر يحدث، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لقي زيد بن عمرو أسفل بلدح قبل الوحي فقدم إلى زيد سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل وقال: لا آكل مما تذبحون على أنصابكم أنا لا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه.
أخرجه: البخاري، وزاد في آخره: وكان يعيب على قريش ويقول: الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله؟
أبو أسامة وغيره قالا: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب فذبحنا له ضمير ’’له’’ راجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاة ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا ثم أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير وهو مردفي في أيام الحر حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقي زيد بن عمرو فحيى أحدهما الآخر فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- ’’ما لي أرى قومك قد شنفوا لك’’ أي: أبغضوك؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة كانت مني إليهم ولكني أراهم على ضلالة فخرجت أبتغي الدين حتى قدمت على أحبار أيلة فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فدللت على شيخ بالجزيرة فقدمت عليه فأخبرته فقال: إن كل من رأيت في ضلالة إنك لتسأل، عن دين هو دين الله وملائكته وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج ارجع إليه واتبعه فرجعت فلم أحس شيئا فأناخ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البعير، ثم قدمنا إليه السفرة. فقال: ما هذه؟ قلنا: شاة
ذبحناها للنصب، كذا قال. فقال: إني لا آكل مما ذبح لغير الله ثم تفرقا ومات زيد قبل المبعث فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ’’يأتي أمة وحده’’.
رواه إبراهيم الحربي في ’’الغريب’’، عن شيخين له، عن أبي أسامة ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان إما أن زيدا فعله، عن غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه كان معه فنسب ذلك إليه لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه وكيف يجوز ذلك وهو عليه السلام قد منع زيدا أن يمس صنما وما مسه هو قبل نبوته فكيف يرضى أن يذبح للصنم هذا محال.
الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.
قلت: هذا حسن فإنما الأعمال بالنية. أما زيد فأخذ بالظاهر وكان الباطن لله وربما سكت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإفصاح خوف الشر فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش ولا معلنا بمقتها قبل المبعث والظاهر أن زيدا رحمه الله توفي قبل المبعث فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات وهي:
نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدر فكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضرب له بسهمه وأجره وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق.
وامرأته: هي ابنة عمه فاطمة أخت عمر بن الخطاب. أسلم سعيد قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم.
وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم قال: قال سعيد بن زيد: لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام وأخته ولو أن أحدا انقض بما صنعتم بعثمان لكان حقيقا.
وقد ذكرنا في إسلام عمر فصلا في المعنى.
وذكر بن سعد في ’’طبقاته’’، عن الواقدي، عن رجاله قالوا: لما تحين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصول عير قريش من الشام بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر يتحسسان خبر العير، فبلغا الحوراء فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بهم العير فتساحلت فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما فندب أصحابه وخرج يطلب العير فتساحلت وساروا الليل والنهار ورجع طلحة وسعيد ليخبرا فوصلا المدينة يوم الوقعة فخرجا يؤمانه وضرب لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهمهما وأجورهما وشهد سعيد أحدا والخندق والحديبية والمشاهد.
وقد تقدمت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة وأنه من الشهداء.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي، عن الشهادة لأبي بكر وعمر أنهما في الجنة فقال: نعم اذهب إلى حديث سعيد بن زيد.
هشام بن عروة: عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله سمعته يقول: $’’من أخذ شيئا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين’’ قال مروان: لا أسألك بينة بعد هذا فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها وقتلها في أرضها فما ماتت حتى عميت وبينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
أخرجه مسلم وروى عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن نحوه، عن أبيه. وروى المغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر نحوه.
وقال ابن أبي حازم في حديثه: سألت أروى سعيدا أن يدعو لها، وقالت: قد ظلمتك. فقال: لا أرد على الله شيئا أعطانيه.
قلت: لم يكن سعيدا متأخرا، عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة وإنما تركه عمر -رضي الله عنه- لئلا يبقى له فيه شائبة حظ لأنه ختنه وابن عمه ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي: حابى ابن عمه فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله.
خالد الطحان، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار قال: كتب معاوية إلى مروان والي المدينة ليبايع لابنه يزيد فقال رجل من جند الشام: ما يحبسك؟ قال: حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع فإنه سيد أهل البلد وإذا بايع بايع الناس قال: أفلا أذهب فآتيك به؟.... وذكر الحديث.
أنبئنا وأخبرنا، عن حنبل -سماعا- أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله، حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا سفيان، عن حصين ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد -وقال حصين: عن ابن ظالم، عن سعيد بن زيد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد’’ وعليه النبي وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن وسعيد بن زيد.
ابن سعد: أنبأنا أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد أخبرني نافع، عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة، بعد ما ارتفع النهار، فأتاه بن عمر بالعقيق، وترك الجمعة. أخرجه البخاري.
وقال إسماعيل بن أمية: عن نافع قال: مات سعيد بن زيد وكان يذرب.
فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أتحنطه بالمسك؟ فقال: وأي طيب أطيب من المسك! فناولته مسكا.
سليمان بن بلال: حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد قالت: مات سعيد بن زيد بالعقيق فغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه وخرج معه.
وروى غير واحد، عن مالك قال: مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقاص بالعقيق. قال الواقدي: توفي سعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وقبر بالمدينة نزل في قبره سعد وابن عمر وكذا قال أبو عبيد ويحيى بن بكير وشهاب قال الواقدي: كان سعيد رجلا آدم طويلا أشعر وقد شذ الهيثم بن عدي فقال: مات بالكوفة وقال عبيد الله بن سعد الزهري: مات سنة اثنتين وخمسين -رضي الله عنه.
فهذا ما تيسر من سيرة العشرة وهم أفضل قريش وأفضل السابقين المهاجرين وأفضل البدريين وأفضل أصحاب الشجرة وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة فأبعد الله الرافضة ما أغواهم وأشد هواهم كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة فوالله ما جرى من ذلك شيء وأنهم زوروا الأمر عنه بزعمهم وخالفوا نبيهم وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب لا لرغبة في أمواله ولا لرهبة من عشيرته ورجاله ويحك! أيفعل هذا من له مسكة عقل؟ ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة ولو جاز وقوعه من جماعة لاستحال وقوعه والحالة هذه من ألوف من سادة المهاجرين والأنصار وفرسان الأمة وأبطال الإسلام لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن والهدى نور يقذفه الله في قلب من يشاء فلا قوة إلا بالله.
حديث مشترك، وهو منكر جدا. رواه الطبراني في ’’المعجم الكبير’’: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا الحسن بن سفيان في ’’مسنده’’ قالا: حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، حدثنا يزيد بن معن، حدثني عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسجد المدينة فجعل يقول: ’’أين فلان أين فلان؟’’ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا فقال: ’’إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه إن الله اصطفى من خلقه خلقا يدخلهم الجنة وإني مصطف منكم ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر! ’’ فقام فقال: ’’إن لك عندي يدا إن الله يجزيك بها فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي ادن يا عمر! ’’ فدنا فقال: ’’قد كنت شديد الشغب علينا فدعوت الله أن يعز بك الدين أو بأبي جهل ففعل الله بك ذلك وأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة’’ ثم آخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان فلم يزل يدنيه حتى ألصق ركبته بركبته ثم نظر إلى السماء فسبح ثلاثا ثم قال: ’’إن لك شأنا في أهل السماء أنت ممن يرد علي الحوض وأوداجه تشخب فأقول: من فعل بك هذا؟ فتقول فلان’’ ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: ’’ادن يا أمين الله والأمين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق أما إن لك عندي دعوة قد أخرتها’’ قال: خر لي يا رسول الله! قال: ’’حملتني أمانة أكثر الله مالك’’ وآخى بينه وبين عثمان ثم دعا طلحة والزبير فدنوا منه فقال: ’’أنتما حواري كحواري عيسى’’ وآخى بينهما ثم دعا سعدا وعمارا فقال: ’’يا عمار! تقتلك الفئة الباغية’’ ثم آخى بينهما. ثم دعا أبا الدرداء وسلمان،
فقال: يا سلمان! أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر يا أبا الدرداء! إن تنقدهم ينقدوك وإن تتركهم يتركوك وإن تهرب منهم يدركوك فأقرضهم عرضك ليوم فقرك ثم آخى بينهما ثم نظر إلى ابن عمر فقال: الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي وانقطع ظهري حين تركتني قال ما أخرتك إلا لنفسي وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي قال: ما أرث منك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيه وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة. وتلا {إخوانا على سرر متقابلين}.
زيد: لا يعرف إلا في هذا الحديث الموضوع. وقد رواه محمد بن جرير الطبري، عن حسين الدارع، عن عبد المؤمن فأسقط منه، عن رجل.
وقال محمد بن الجهم السمري: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، حدثنا شعيب بن يونس، حدثنا موسى بن صهيب، عن يحيى بن زكريا، عن عبد الله بن شرحبيل، عن رجل، عن زيد.
ورواه مطين مختصرا، حدثنا ثابت بن يعقوب، حدثنا ثابت بن حماد النصري، عن موسى بن صهيب، عن عبادة بن نسي، عن عبد الله بن أبي أوفى.
وقال الحسن بن علي الحلواني، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا أبو عبد الله الباهلي يقال -اسمه جعفر بن مرزوق- عن غياث بن شقير، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعيد بن عامر الجمحي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم: ’’يا أبا بكر! تعال ويا عمر! تعال’’ وذكر حديث المؤاخاة إلا أنه خالف في أسماء الإخوان وزاد ونقص منهم.
تفرد به شبابة، ولا يصح.
والمحفوظ أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، ليحصل بذلك مؤازرة ومعاونة لهؤلاء بهؤلاء.
لسعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثا اتفقا له على حديثين، وانفرد البخاري بثالث.
السابقون الأولون:
هم: خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وزيد بن حارثة النبوي، ثم عثمان، والزبير وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، ثم أبو عبيدة بن الجراح وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله بن عمر المخزوميان وعثمان بن مظعون الجمحي وعبيدة بن الحارث بن المطلب المطلبي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي وأسماء بنت الصديق وخباب بن الأرت الخزاعي حليف بني زهرة وعمير بن أبي وقاص أخو سعد وعبد الله بن مسعود الهذلي من حلفاء بني زهرة ومسعود بن ربيعة القارئ من البدريين وسليط بن عمرو بن عبد شمس العامري وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية وخنيس بن حذافة السهمي وعامر بن ربيعة العنزي حليف آل الخطاب وعبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي حليف بني أمية وجعفر بن أبي طالب الهاشمي وامرأته أسماء بنت عميس وحاطب بن الحارث الجمحي وامرأته فاطمة بنت المجلل العامرية وأخوه خطاب وامرأته فكيهة بنت يسار وأخوهما معمر بن الحارث والسائب ولد عثمان بن مظعون والمطلب بن أزهر بن عبد عوف الزهري وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية والنحام نعيم بن عبد الله العدوي وعامر بن فهيرة مولى الصديق وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية وحاطب بن عمرو العامري وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة العبشمي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف التميمي اليربوعي حليف بني عدي وخالد وعامر وعاقل وإياس بنو البكير بن عبد يا ليل الليثي حلفاء بني عدي وعمار بن ياسر بن عامر العنسي بنون حليف بني مخزوم، وصهيب بن سنان بن مالك النمري الرومي المنشأ وولاؤه لعبد الله بن جدعان، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وأبو نجيح عمرو بن عبسة السلمي البجلي لكنهما رجعا إلى بلادهما.
فهؤلاء الخمسون من السابقين الأولين. وبعدهم أسلم: أسد الله حمزة بن عبد المطلب، والفاروق عمر بن الخطاب عز الدين، -رضي الله عنهم- أجمعين.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 84

سعيد بن زيد وأما سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فكان بالحق قوالا، ولماله بذالا، ولهواه قامعا وقتالا، ولم يكن ممن يخاف في الله لومة لائم، وكان مجاب الدعوة، سبق الإسلام قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، شهد بدرا بسهمه وأجره، رغب عن الولاية، وتشمر في الرعاية، قمع نفسه، وأخفى عن المنافسة في الدنيا شخصه، اعتزل الفتنة والشرور، المؤدية إلى الضيعة والغرور، عازما على السبقة والعبور، المفضي إلى الرفعة والحبور، كان للولايات قاليا، وفي مراتب الدنيا وانيا، وفي العبودية غانيا، وعن مساعدة نفسه فانيا
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، عن صدقة بن المثنى، حدثني رباح بن الحارث، ’’ أن المغيرة، كان في المسجد الأكبر وعنده أهل الكوفة عن يمينه وعن يساره، فجاء رجل يدعى سعيد بن زيد، فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة فسب، فقال: من يسب هذا يا مغيرة؟ قال: سب علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا مغيرة بن شعبة ثلاثا، ألا أسمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك، لا تنكر ولا تغير وأنا أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم - مما سمعت أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لم أكن أروي عنه كذبا، يسألني عنه إذا لقيته - أنه قال: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وتاسع المؤمنين في الجنة»، لو شئت أن أسميه لسميته، قال: فرج أهل المسجد يناشدونه: يا صاحب رسول الله من التاسع؟ قال: ناشدتموني بالله، والله عظيم، أنا تاسع المؤمنين، ورسول الله العاشر، ثم أتبع ذلك يمينا فقال: لمشهد شهده رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر وجهه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمل أحدكم ولو عمر عمر نوح رواه عبد الواحد بن زياد، عن صدقة، مثله
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا علي بن عاصم، أنبأنا حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم المازني، قال: ’’لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة، قال: فأقام خطباء يقعون في علي، وأنا إلى جنب سعيد بن زيد، قال: فغضب فقام فأخذ بيدي فتبعته، فقال: ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم لنفسه، الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة، فأشهد على التسعة أنهم في الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم’’
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عارم أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن أروى بنت أويس، استعدت مروان على سعيد بن زيد، وقالت: سرق من أرضي فأدخله في أرضه، فقال سعيد: ما كنت لأسرق منها بعد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سرق شبرا من الأرض طوق إلى سبع أرضين»، فقال: لا أسألك بعد هذا، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأذهب بصرها، واقتلها في أرضها، فذهب بصرها ووقعت في حفرة في أرضها فماتت’’
حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، ثنا ابن عمر يعني عبد الله العمري، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، ’’ أن مروان أرسل إلى سعيد بن زيد ناسا يكلمونه في شأن أروى بنت أويس، وخاصمته في شيء، فقال: يروني أظلمها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ظلم شبرا من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين»، اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى يعمى بصرها، وتجعل قبرها في بئرها، قال: فوالله ما ماتت حتى ذهب بصرها، وخرجت تمشي في دارها وهي حذرة فوقعت في بئرها، وكانت قبرها ’’ رواه عبد الله بن عبد المجيد، عن عبيد الله بن عمر، مثله حدثناه أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن سليمان، ثنا بشر بن آدم، ثنا عبيد الله بن عبد المجيد، ثنا عبد الله بن عمر العمري، مثله
حدثنا أبو عمرو بن حمدان
، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أحمد بن عيسى، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن أروى، استعدت على سعيد بن زيد إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: «اللهم إنها قد زعمت أني ظلمتها، فإن كانت كاذبة فأعم بصرها، وألقها في بئرها، وأظهر من حقي نورا يبين للمسلمين أني لم أظلمها»، قال: فبينا هم على ذلك إذ سال العقيق بسيل لم يسل مثله قط، فكشف عن الحد الذي كانا يختلفان فيه، فإذا سعيد قد كان في ذلك صادقا، ولم تلبث إلا شهرا حتى عميت، فبينا هي تطوف في أرضها تلك إذ سقطت في بئرها، قال: فكنا ونحن غلمان نسمع الإنسان يقول للإنسان: أعماك الله كما أعمى الأروى، فلا نظن إلا أنه يريد الأروى التي من الوحش، فإذا هو إنما كان ذلك لما أصاب أروى من دعوة سعيد بن زيد، وما يتحدث الناس به مما استجاب الله له سؤله
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن رمح بن مهاجر، ثنا ابن لهيعة، عن محمد بن زيد بن مهاجر، أنه سمع أبا غطفان المري، يخبر، ’’ أن أروى بنت أويس، أتت مروان بن الحكم مستغيثة من سعيد بن زيد، وقالت: ظلمني أرضي، وغلبني حقي، وكان جارها بالعقيق، فركب إليه عاصم بن عمر، فقال: أنا أظلم أروى حقها، فوالله لقد ألقيت لها ستمائة ذراع من أرضي من أجل حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أخذ من حق امرئ من المسلمين شيئا بغير حق طوقه يوم القيامة حتى سبع أرضين»، قومي يا أروى فخذي الذي تزعمين أنه حقك، فقامت فتسحبت في حقه، فقال: اللهم إن كانت ظالمة فأعم بصرها، واقتلها في بئرها، فعميت ووقعت في بئرها فماتت’’

  • دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 1- ص: 95

  • السعادة -ط 1( 1974) , ج: 1- ص: 95

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عبد العزي بن رياح بن عبد الله ابن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي أمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية، هو ابن عم عمر بن الخطاب وصهره، يكنى
أبا الأعور، كانت تحته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب، وكانت أخته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نقيل تحت عمر بن الخطاب، وكان سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين، وكان إسلامه قديما قبل عمر، وبسبب زوجته كان إسلام عمر بن الخطاب، وخبرهما في ذلك خبر حسن، وهاجر هو وامرأته فاطمة بنت الخطاب، ولم يشهد بدرا، لأنه كان غائبا بالشام، قدم منها بعقب غزوة بدر، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، فقصته أشبه القصص بقصة طلحة بن عبيد الله فيما قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وكذلك قال ابن إسحاق.
قال الواقدي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث- قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر- طلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة، فقدماها يوم وقعة بدر، فضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمهما وأجرهما. وبقول الواقدي قال الزبير في ذلك سواء.
وقد قيل: إنه شهد بدرا، ثم شهد ما بعدها من المشاهد، وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة. وكان أبوه زيد بن عمرو ابن نفيل يطلب دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لا يذبح للأنصاب ولا يأكل الميتة والدم.
ومن خبره: في ذلك أنه خرج في الجاهلية يطلب الدين هو ورقة بن نوفل، فلقيا اليهود، فعرضت عليهما يهود دينهم، فتهود ورقة، ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهما دينهم، فترك ورقة اليهودية وتنصر، وأبي زيد بن عمرو أن يأتي شيئا من ذلك، وقال: ما هذا إلا كدين قومنا، تشركون ويشركون، ولكنكم عندكم من الله ذكر ولا ذكر عندهم. فقال له راهب: إنك لتطلب دينا ما هو على الأرض اليوم. فقال: وما هو؟ قال: دين إبراهيم. قال: وما كان عليه إبراهيم؟ قال: كان يعبد الله لا يشرك به شيئا، ويصلي إلى الكعبة. فكان زيد على ذلك حتى مات.
أخبرنا أحمد بن قاسم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا إبراهيم بن موسى بن جميل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا الأصمعي قال حدثنا ابن أبي الزناد، قال، قالت أسماء بنت أبي بكر، وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها- قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول: يا معشر قريش، والله لا آكل ما ذبح لغير الله، والله ما على دين إبراهيم أحد غيري.
أخبرنا قاسم بن محمد، حدثنا خالد بن سعد، حدثنا أحمد بن عمر، حدثنا محمد ابن صخر، حدثنا عبيد الله بن رجاء، حدثنا مسعود، عن نوفل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه، عن جده قال: خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل
يطلبان الدين حتى مر بالشام، فأما ورقة فتنصر، وأما زيد فقيل له: إن الذي تطلب أمامك. قال: فانطلق حتى أتى الموصل، فإذا هو براهب، فقال: من أين أقبل صاحب الراحلة؟ فقال: من بيت إبراهيم. قال: فما تطلب؟ قال: الدين. قال: فعرض عليه النصرانية. فقال: لا حاجة لي بها، وأبى أن يقبلها. فقال: إن الذي تطلب سيظهر بأرضك. فأقبل وهو يقول: لبيك حقا حقا. تعبدا ورقا. مهما تجشمني فإني جاشم. عذت بما عاذ به إبراهم.
قال: ومر بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو سفيان بن الحارث يأكلان من سفرة لهما، فدعواه إلى الغذاء، فقال: يا بن أخي، إني لا آكل ما ذبح على النصب. قال: فما رئي النبي صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك يأكل مما ذبح على النصب حتى بعث صلى الله عليه وسلم.
قال: وأتاه سعيد بن زيد، فقال: إن زيدا كان كما قد رأيت وبلغك، فاستغفر له؟ قال: نعم. فاستغفر له، فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده.
وذكر ابن أبي الزناد أيضا، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله ابن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لقى زيد بن عمرو بن نقيل بأسفل بلدح، وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه. وقال: إني لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، رواه علي بن الحسين عن الطوسي عن الزبير عن عمه مصعب عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد. وكان عثمان قد أقطع سعيدا أرضا بالكوفة، فنزلها وسكنها إلى أن مات، وسكنها من بعده من بنيه الأسود بن سعيد، وكان له أربعة بنين: عبد الله، وعبد الرحمن، وزيد، والأسود، كلهم أعقب وأنجب.
وذكر الزبير عن إبراهيم بن حمزة، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن العمري، عبد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر أن مروان أرسل إلى سعيد ابن زيد ناسا يكلمونه في شأن أروى بنت أويس، وكانت شكته إلى مروان. فقال سعيد: تروني ظلمتها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ظلم من الأرض شبرا طوقه يوم القيامة من سبع أرضين. اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئر. فقال: فو الله ما ماتت حتى ذهب بصرها، وجعلت تمشي في دارها وهي حذرة فوقعت في بئرها فكانت قبرها.
قال الزبير: وحدثني إبراهيم بن حمزة، قال حدثني عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه أن أروى بنت أويس استعدت مروان ابن الحكم على سعيد بن زيد في أرضه بالشجرة، فقال سعيد: كيف أظلمها؟
وذكر مثل ما تقدم. وأوجب مروان عليه اليمين، فترك سعيد لها ما ادعت، وقال: اللهم إن كانت أروى كاذبة فأعم بصرها، واجعل قبرها في بئرها، فعميت
أروى، وجاء سيل. فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقها خارجا عن حق سعيد، فجاء سعيد إلى مروان، فقال: أقسمت عليك لتركبن معي ولتنظرن إلى ضفيرتها، فركب معه مروان، وركب أناس معهما حتى نظروا إليها. ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعد ما عميت، فوقعت في البئر فماتت. قال: وكان أهل المدينة يدعو بعضهم على بعض يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى، يريدونها، ثم صار أهل الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون الأروى التي في الجبل يظنونها، ويقولون: إنها عمياء، وهذا جهل منهم.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، أخبرنا المطلب ابن سعيد، أخبرنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهادي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: جاءت أروى بنت أويس إلى أبي محمد بن عمرو بن حزم، فقالت له: يا أبا عبد الملك، إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرة في حقي فأته بكلمة فلينزع عن حقي، فو الله لئن لم يفعل لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال لها: لا تؤذي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان ليظلمك ولا ليأخذ لك حقا. فخرجت وجاءت عمارة بن عمرو، وعبد الله بن سلمة، فقالت لهما: ائتيا سعيد بن زيد فإنه قد ظلمني وبنى ضفيرة في حقي، فو الله لئن لم ينزع لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرجا حتى
أتياه في أرضه بالعقيق، فقال لهما: ما أتى بكما؟ قالا: جاءتنا أروى بنت أويس، فزعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها، وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحببنا أن نأتيك، ونذكر ذلك لك.
فقال لهما: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه يطوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين. فلتأت فلتأخذ ما كان لها من الحق، اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها وتجعل ميتتها فيها، فرجعوا فأخبروها ذلك فجاءت فهدمت الضفيرة، وبنت بنيانا، فلم تمكث إلا قليلا حتى عميت، وكانت تقوم بالليل ومعها جارية لها تقودها لتوقظ العمال، فقامت ليلة وتركت الجارية فلم توقظها، فخرجت تمشي حتى سقطت في البئر، فأصبحت ميتة.
توفي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بأرضه بالعقيق، ودفن بالمدينة في أيام معاوية سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة. روى عنه ابن عمر، وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل عامر بن واثلة وجماعة من التابعين.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 614

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن
عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. ويكنى أبا الأعور وأمه فاطمة بنت بعجة بن أمية بن خويلد بن خالد بن المعمر بن حيان بن غنم بن مليح من خزاعة. وكان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل يطلب الدين وقدم الشام فسأل اليهود والنصارى عن العلم والدين فلم يعجبه دينهم. فقال له رجل من النصارى: أنت تلتمس دين إبراهيم. فقال زيد: وما دين إبراهيم؟ قال: كان حنيفا لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له. وكان يعادي من عبد من دون الله شيئا. ولا يأكل ما ذبح على الأصنام. فقال زيد بن عمرو: وهذا الذي أعرف وأنا على هذا الدين. فأما عبادة حجر أو خشبة أنحتها بيدي فهذا ليس بشيء. فرجع زيد إلى مكة وهو على دين إبراهيم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني علي بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال: كان زيد بن عمرو بن نفيل يطلب الدين وكره النصرانية واليهودية وعبادة الأوثان والحجارة. وأظهر خلاف قومه واعتزال آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم ولا يأكل ذبائحهم. فقال لي: يا عامر إني خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد وإسماعيل من بعده. وكان يصلون إلى هذه القبلة. فأنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه. وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي. فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام. قال عامر: فلما تنبأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلمت وأخبرته بقول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام فرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ورحم عليه وقال: قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا].
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن موسى بن ميسرة عن ابن أبي مليكة عن حجير بن أبي إهاب قال: رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بعد ما رجع من الشام وهو يراقب الشمس فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعة وسجدتين ثم يقول: هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل. لا أعبد حجرا ولا أصلي له ولا أذبح له ولا آكل ما ذبح له ولا أستقسم بالأزلام ولا أصلي إلا إلى هذا البيت حتى أموت. وكان يحج فيقف بعرفة. وكان يلبي يقول: لبيك لا شريك لك ولا ند لك. ثم يدفع من عرفة ماشيا وهو يقول: لبيك متعبدا لك مرقوقا.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: وأخبرنا المعلى بن أسد
عن عبد العزيز بن المختار قال: وأخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان قال: أخبرنا زهير بن معاوية قالوا جميعا أخبرنا موسى بن عقبة قال: أخبرني سالم بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر يحدث عن رسول الله أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله الوحي. فقدم إليه رسول الله سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: أخبرنا موسى بن عقبة قال: سمعت سالما أبا النضر يحدث. ولا أعلمه إلا عن محمد بن عبد الله بن جحش. أن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ثم يقول: الشاة خلقها الله وأنزل من السماء ماء وأنبت لها الأرض ثم يذبحونها على غير اسم الله. إنكارا لذلك وإعظاما له لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول:
يا معشر قريش. ما منكم اليوم أحد على دين إبراهيم غيري. وكان يحيي الموؤودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مهلا لا تقتلها أنا أكفيك مؤونتها. فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤونتها.
[قال: أخبرنا أبو أسامة عن مجالد عن عامر قال: سئل النبي عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده].
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن شيبة عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت سعيد بن المسيب يذكر زيد بن عمرو بن نفيل فقال: توفي وقريش تبني الكعبة قبل أن ينزل الوحي على رسول الله بخمس سنين.
ولقد نزل به وإنه ليقول أنا على دين إبراهيم. فأسلم ابنه سعيد بن زيد أبو الأعور واتبع رسول الله. وأتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله فسألاه عن زيد بن عمرو [فقال رسول الله: غفر الله لزيد بن عمرو ورحمه. فإنه مات على دين إبراهيم]. قال فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلا ترحم عليه واستغفر له. ثم يقول سعيد بن المسيب: رحمه الله وغفر له.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني زكرياء بن يحيى السعيدي عن أبيه
قال: مات زيد بن عمرو فدفن بأصل حراء.
وقال: وكان لسعيد بن زيد من الولد عبد الرحمن الأكبر لا بقية له وأمه رملة.
وهي أم جميل بنت الخطاب بن نفيل. وزيد لا بقية له. وعبد الله الأكبر لا بقية له.
وعاتكة. وأمهم جليسة بنت سويد بن صامت. وعبد الرحمن الأصغر لا بقية له. وعمر الأصغر لا بقية له. وأم موسى وأم الحسن. وأمهم أمامة بنت الدجيج من غسان.
ومحمد وإبراهيم الأصغر وعبد الله الأصغر وأم حبيب الكبرى وأم الحسن الصغرى وأم زيد الكبرى وأم سلمة وأم حبيب الصغرى وأم سعيد الكبرى توفيت قبل أبيها. وأم زيد وأمهم حزمة بنت قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر. وعمرو الأصغر والأسود وأمهما أم الأسود امرأة من بني تغلب.
وعمرو الأكبر. وطلحة هلك قبل أبيه لا بقية له. وزجلة امرأة وأمهم ضمخ بنت الأصبغ بن شعيب بن ربيع بن مسعود بن مصاد بن حصن بن كعب بن عليم من كلب.
وإبراهيم الأكبر وحفصة وأمهما ابنة قربة من بني تغلب. وخالد وأم خالد توفيت قبل أبيها وأم النعمان وأمهم أم خالد أم ولد. وأم زيد الصغرى وأمها أم بشير بنت أبي مسعود الأنصاري. وأم زيد الصغرى كانت تحت المختار بن أبي عبيد وأمها من طيئ. وعائشة وزينب وأم عبد الحولاء وأم صالح وأمهم أم ولد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن صالح عن يزيد بن رومان قال: أسلم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: لما هاجر سعيد بن زيد إلى المدينة نزل على رفاعة بن عبد المنذر أخي أبي لبابة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنيه عبد الملك بن زيد من ولد سعيد بن زيد عن أبيه قال: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سعيد بن زيد ورافع بن مالك الزرقي.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن المسور بن رفاعة عن عبد الله بن مكنف عن حارثة الأنصاري. قال محمد بن عمر وسمعت بعض هذا الحديث من غير ابن أبي سبرة. قالوا: لما تحين رسول الله فصول عير قريش من الشام بعث طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قبل
خروجه من المدينة بعشر ليال يتحسبان خبر العير. فخرجا حتى بلغا الحوراء فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بهما العير. وبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر قبل رجوع طلحة وسعيد إليه فندب أصحابه وخرج يريد العير. فساحلت العير وأسرعت. وساروا الليل والنهار فرقا من الطلبة. وخرج طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد يريدان المدينة ليخبرا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر العير ولم يعلما بخروجه. فقدما المدينة في اليوم الذي لاقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه النفير من قريش ببدر. فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله فلقياه بتربان فما بين ملل والسيالة على المحجة منصرفا من بدر. فلم يشهد طلحة وسعيد الوقعة. وضرب لهما رسول الله بسهمانهما وأجورهما في بدر. فكانا كمن شهدها. وشهد سعيد أحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[قال: أخبرنا يحيى بن سعيد الأموي قال: أخبرنا عبيدة بن معتب عن سالم بن أبي الجعد عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: قال رسول الله. ص: اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. قال فسمى تسعة: رسول الله وأبا بكر وعمر وعليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك. وقال:
لو شئت أن أسمي العاشر لفعلت. يعني نفسه].
[قال: أخبرنا الحجاج بن المنهال قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن الكلبي عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: قال رسول الله: عشرة من قريش في الجنة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبو عبيدة بن الجراح].
قال: أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يوم الجمعة بعد ما ارتفع الضحى فأتاه ابن عمر بالعقيق وترك الجمعة.
قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا عبيد الله. يعني ابن عمر. عن أبي عبد الجبار قال: سمعت عائشة بنت سعد بن مالك تقول: غسل أبي سعد بن مالك سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بالعقيق ثم احتملوه يمشون به حتى إذا حاذى سعد بداره دخل ومعه الناس. فدخل البيت فاغتسل ثم خرج فقال لمن معه: إني لم أغتسل من غسل سعيد إنما اغتسلت من الحر.
قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن
ابن عمر حنط سعيد بن زيد وحمله ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ.
قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر أنه حنط سعيد بن زيد بن نفيل فقيل له: نأتيك بمسك؟ فقال: نعم. وأي طيب أطيب من المسك؟
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح ومعن بن عيسى قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة. وابن عمر يتجهز للجمعة. فأتاه وترك الجمعة.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يوم الجمعة بعد ما ارتفع الضحى فأتاه ابن عمر بالعقيق وترك الجمعة.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع أن سعيد بن زيد مات بالعقيق فحمل إلى المدينة ودفن بها.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك أنه سمع غير واحد يقول: إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل مات بالعقيق فحمل إلى المدينة ودفن بها.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن قال: دعي ابن عمر إلى سعيد بن عمر وهو يموت وابن عمر يستجمر للجمعة. فأتاه وترك الجمعة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الملك بن زيد من ولد سعيد بن زيد عن أبيه قال: توفي سعيد بن زيد بالعقيق فحمل على رقاب الرجال فدفن بالمدينة ونزل في حفرته سعد وابن عمر وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين. وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة. وكان رجلا طوالا آدم أشعر.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا حكيم بن محمد من ولد المطلب بن عبد مناف عن أبيه أنه رأى في خاتم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل آية من كتاب الله.
قال محمد بن عمر: وهو الثبت عندنا لا اختلاف فيه بين أهل البلد وأهل العلم قبلنا أن سعيد بن زيد مات بالعقيق وحمل فدفن بالمدينة وشهده سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأصحاب رسول الله وقومه وأهل بيته وولده على ذلك يعرفونه ويروونه. وروى أهل الكوفة أنه مات عندهم بالكوفة في خلافة معاوية بن أبي سفيان وصلى عليه
المغيرة بن شعبة وهو يومئذ والي الكوفة لمعاوية.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 3- ص: 289

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب. ويكنى أبا الأعور وأمه فاطمة ابنة بعجة بن أمية بن خويلد بن خالد بن المعمور بن حيان بن غنم بن مليح من خزاعة. وقد شهد بدرا وقد كان بالكوفة ونزلها ثم رجع إلى المدينة وتوفي بالعقيق فحمل على رقاب الرجال فدفن بالمدينة. ونزل في حفرته سعد بن أبي وقاص وابن عمر وذلك في سنة خمسين وهو يومئذ ابن بضع وسبعين سنة. هكذا قال محمد بن عمر في وقت وفاته. وقال غيره:
بل مات بالكوفة في خلافة معاوية وصلى عليه المغيرة بن شعبة وهو يومئذ والي الكوفة لمعاوية. وقد كتبنا خبره فيمن شهد بدرا.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 6- ص: 92

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب كنيته أبو الأعور لم يشهد بدرا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة ليتجسسا خبر العير فقدما من الحوران بعد ما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الوقعة فضرب لهما صلى الله عليه وسلم بسهميهما واجرهما ومات سعيد بالمدينة سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة ودخل قبره سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 26

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أبو الأعور، القرشي، ثم العدوي.
قدم من الشام بعد ما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه.
قاله أبو نعيم.
حدثنا عبد السلام، عن يزيد بن أبي زياد، عن يزيد بن يحنس، عن سعيد بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وهو محتضنٌ الحسن، أو الحسين، قال: اللهم إني أحبه فأحبه.
وقال المكي: حدثنا الجعيد، عن عائشة بنت سعد: أوذن سعد بسعيد، وهلك بالعقيق.
ومات سعيد سنة ثمان وخمسين.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 3- ص: 1

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرظ بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي
ثم العدوي وأمه فاطمة بنت نعجة بن أمية بن خويلد من بني مليح من خزاعة هو ابن (عم) عمر بن الخطاب بن نفيل كان جده عمرو بن نفيل والخطاب بن نفيل والد عمر أخوين لأب، قدم من الشام بعدما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر فضرب له بسهمه وشهد له بالجنة كنيته أبو الأعور مات سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة رضي الله عنه ودفن بالمدينة ودخل قبره سعد بن أبي وقاص وابن عمر
روى عنه عياش بن سهل في البيوع ومحمد بن زيد بن عبد الله بن عمر في البيوع وعروة بن الزبير في البيوع وعمرو بن حريث في الأطعمة وأبو عثمان النهدي آخر الدعاء

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 1

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أبو الأعور العدوي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة من السابقين الأول أول من ولي نيابة دمشق عند الفتح وإنما لم يعينه عمر في أهل الشورى لكونه من عدي فلا الصديق التيمي آثر بالخلافة ابن عمه طلحة مع جلالته وسابقته ولا الفاروق أدخل في أهل الشورى ابن عمه وختنه سعيدا مع كمال أهليته

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 18

(ع) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أخو الأعور العدوي، أحد العشرة.
قال [ق 84 / ب] أبو أحمد العسكري: وهو أول من أسلم من بني عدي بن كعب.
وفي كتاب البغوي: لما كتب معاوية ببيعة يزيد إلى مروان قال له رجل من أهل الشام: ما يحبسك؟! فقال له: سعيد بن زيد (فتبايع) فإنه سيد أهل البلد فإذا بايع بايع الناس.
وفي «تاريخ البخاري» بخط أبي ذر: مات سعيد سنة ثمان وخمسين.
وفي كتاب ابن الأثير وقيل: إنه يكنى أبا ثور، والأول- يعني أبا الأعور- أكثر قال: وقد قيل إنه شهد بدرا وغسله سعد بن أبي وقاص وصلى عليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
وقال ابن قانع: مات سنة إحدى وخمسين وله سبع وسبعون سنة.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 5- ص: 1

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب
حدثنا إبراهيم بن الهيثم بن المهلب البلدي، نا أبو اليمان، نا شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن أبي حسين قال: حدثني نوفل بن مساحق، عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق وإن هذه الرحم شجنةٌ من الرحمن فمن قطعها حرم الله عليه الجنة ولا يؤذى مسلمٌ بشتم كافر»
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عنبر بالبصرة، نا أبو الوليد الطيالسي، نا سليمان بن كثير، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله، عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ظلم شبراً من الأرض طوقه من سبع أرضين ومن قتل دون ماله فهو شهيدٌ»
حدثنا القاسم بن حماد، نا مخول بن إبراهيم، نا مسعود بن سعد، عن مطرف، عن الحكم، عن الحسن العرني، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: «الكمأة من المن الذي أنزل على بني إسرائيل وماؤها شفاءٌ للعين»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح - بمثناة من تحت - بن عبد الله بن قرط بن رزاح - براء مهملة مفتوحة ثم زاى معجمة وحاء مهملة - بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي:
أحد العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، يكنى أبا الأعور، وقيل أبو ثور، والأول أكثر. قاله ابن الأثير.
وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وصهره زوج اخته فاطمة بنت الخطاب، وعمر أيضا زوج أخته عاتكة بنت زيد.
قال الواقدي: عن محمد بن صالح، عن يزيد بن رمان: أسلم سعيد بن زيد، قبل أن يدخل دار الأرقم. انتهى.
قال ابن عبد البر: وكان إسلامه قديما قبل عمر، وبسبب زوجته كان إسلام عمر، وكان من المهاجرين الأولين.
وذكره ابن إسحاق في المهاجرين المتقدمى الإسلام. وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها إلا بدرا. وقيل شهدها، وهذا في البخاري.
والأكثرون على أنه لم يشهدها، ولكن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره؛ لأن الزهري وابن عقبة وابن إسحاق وغيرهم، قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضرب له بسهمه وأجره. انتهى.
وإنما لم يشهد بدرا لغيبته بالشام، وبعضهم لا يذكر لغيبته سببا، وبعضهم يذكر سببها، منهم الزبير بن بكار؛ لأنه قال: سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين، ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم بدر بسهمه وأجره، وكان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلحة بن عبيد الله، يتجسسان له أمر عير قريش، قبل أن يخرج من المدينة، فلم يحضرا بدرا، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهميهما وأجرهما. انتهى.
وذكر ذلك الواقدي مطولا ومختصرا، وشهد سعيد اليرموك، وحصار دمشق، فيما ذكر ابن الأثير والنووي. وقال النووي: روى له عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثمانية وأربعون حديثا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بحديث. انتهى. روى له الجماعة.
قال ابن عبد البر: وكان عثمان قد أقطع سعيدا أرضا، فنزلها وسكنها إلى أن مات، وسكنها بعده من بنيه الأسود بن سعيد. وكان له أربعة بنين: عبد الله، وعبد الرحمن، ويزيد، والأسود، كلهم أعقب وأنجب. انتهى.
ولم يكن سعيد بن زيد، في الستة الذين جعل عمر الخلافة فيهم شورى؛ لأن النووي قال في ترجمة الزبير بن العوام: وهو أحد الستة أصحاب الشورى، الذين جعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الخلافة في أحدهم: عثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم - انتهى.
وكان سعيد - رضي الله عنه - من مجابى الدعوة؛ لأنه دعا على أروى بنت أوس
بالعمى، وموتها في بئرها بأرضها، فاتفق لها ذلك. ولذلك قصة، وهي أن أروى شكت سعيد بن زيد في أرضه بالشجرة، إلى مروان بن الحكم أمير المدينة، فأوجب على سعيد يمينا، فترك سعيد لها ما ادعته، وقال: اللهم إن كانت أروى كاذبة فأعم بصرها، واجعل قبرها في قعر بئرها، ثم جاء سيل، فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقها خارجا عن حق سعيد، ورأي ذلك مروان في جماعة من الناس؛ لأن سعيدا سأله أن يركب معه لينظر إلى ذلك، ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعد ما عميت، فوقعت في البئر فماتت. هذا معنى ما ذكره الزبير، في خبر أروى مع سعيد. وذكر ذلك الليث بن سعد. وفي خبره غير ما ذكره الزبير؛ لأن فيه: إن أروى زعمت أن سعيدا بنى الضفيرة في حقها ظلما، وذكرت ذلك لعبد اللهبن عمر بن الخطاب وغيره، وتوعدت زيدا بالصياح عليه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن لم ينزع، فكلمه ابن عمر وأخبره بقولها، فقال سعيد - رضي الله عنه: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يأخذ شبرا من الأرض يطوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين»، فلتأخذ ما لها من حق، اللهم إن كانت كاذبة على فلا تمتها حتى تعمى بصرها، وتجعل ميتتها فيها. فجاءت فهدمت الضفيرة، وبنت بنيانا، فلم تمكث إلا قليلا، حتى عميت، وكانت تقوم بالليل ومعها جارية لها تقودها، لتوقظ العمال، فقامت ليلة وتركت الجارية لم توقظها، فخرجت تمشى حتى سقطت في البئر، فأصبحت ميتة. وهذا الخبر في الاستيعاب أطول من هذا. وما ذكرناه منه مختصرا بالمعنى، وفي الاستيعاب أيضا، الخبر الذي ذكرناه بالمعنى عن الزبير، أطول مما ذكرناه.
وقد نقل المزي في التهذيب، عن الزبير بن بكار، خبر أروى مع سعيد، وفيه مخالفة اللفظ وزيادة ونقص، عما ذكره ابن عبد البر عن الزبير. فمن الزيادة: أن أروى سألت سعيدا أن يدعو لها، وقالت: إنى قد ظلمتك، فقال: لا أرد على الله تعالى شيئا أعطانيه. وحديث مخاصمة أروى لسعيد، ودعائه عليها، وإجابة دعائه عليها، في الصحيحين.
وقد اختلف في تاريخ موته، فقيل سنة إحدى وخمسين. قاله يحيى بن بكير، وابن نمير، وخليفة بن خياط، وغير واحد. وقيل مات سنة اثنتين وخمسين، قاله عبد الله بن سعد الزهري. وقيل سنة خمسين، أو إحدى وخمسين على الشك. ذكره الواقدي. وهذه الأقوال الثلاثة، ذكرها المزي بمعنى ما ذكرناها. وعلى الثالث اقتصر ابن عبد البر. ورأيت في كتاب ابن الأثير قولا، إنه مات سنة ثمان وخمسين، ولم يعزه، وأخشى أن يكون تصحيفا، فإن النسخة سقيمة، حكاه بعد حكاية للقول بوفاته على الشك.
واختلف في موضع وفاته، فقيل بالمدينة، وقيل بالكوفة، ذكرهما الواقدي؛ لأنه روى عن بعض ولده عن أبيه، قال: توفى سعيد بن زيد بالعقيق، فحمل على رقاب الرجال، فدفن بالمدينة، ونزل في حفرته سعد، وابن عمر، ثم قال: وشهده سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقومه، وأهل بيته، وولده. على ذلك يعرفونه ويزورونه. قال: وروى أهل الكوفة، أنه كان عندهم بالكوفة، في خلافة معاوية، وصلى عليه المغيرة بن شعبة، وهو يومئذ والى الكوفة لمعاوية. انتهى.
وهذا لا يستلزم خلافا في وفاته غير ما ذكرناه؛ لأن المغيرة مات سنة خمسين أو إحدى وخمسين، ولعل سعيدا مات في إحدى السنتين، فيكون هو القول الثالث الذي حكيناه، نعم إن كان المغيرة بن شعبة، مات سنة تسع وأربعين. قال: قال أبو عبيد، فيما نقله عنه الذهبي: فإنه يستلزم في وفاته قولا غير ما نذكره، والله أعلم.
واختلف هل مات سعيد بالعقيق أو بالمدينة؛ لأن ابن الزبير، ذكر أنه توفى بالعقيق، ثم قال: قيل توفى بالمدينة. والأول أصح. انتهى.
واختلف فيمن غسل سعيدا وحنطه، فقيل: نفيل بن عمر، وقيل سعد بن أبي وقاص. ذكرهما ابن الأثير، وذكر أن سعدا وابن عمر، نزلا في قبره، وأن ابن عمر صلى عليه. انتهى.
وكان حين مات، ابن بضع وسبعين سنة، كذا ذكره الواقدي. وذكر علي بن المديني: أنه مات سنة إحدى وخمسين، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، كذا في كتاب المزي، وهو تفسير للبضع في قول الواقدي، بلا خلاف. وقال الواقدي: وكان رجلا طوالا آدم أشعر.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أبو الأعور القرشي العدوي
مات بالعقيق ودفن بالمدينة في ولاية معاوية روى عنه ابن عمر وعمرو بن حريث وأبو الطفيل عامر بن واثلة سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 4- ص: 1