سعد بن معاذ سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، الأوسي الأنصاري: صحابي، من الأبطال. من أهل المدينة كانت له سيادة الأوس وحمل لواءهم يوم بدر وشهد أحدا، فكان ممن ثبت فيها. وكان من أطول الناس وأعظمهم جسما. ورمى بسهم يوم الخندق، فمات من أثر جرحه ودفن بالبقيع، وعمره سبع وثلاثون سنة. وحزن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث: (اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 88

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس ابن زيد ابن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج ابن الثبيت الثبيت واسمه عمرو بن مالك ابن الأوس الأنصاري الأوسي الأشهل.
توفي سنة خمس من الهجرة بعد الخندق بشهر وبعد قريظة بليال (كنيته) أبو عمرو.
أمه كبشة بنت رافع لها صحبة.
في منهج المقال سعد بن معاذ هو أبو عمرو سيد الأوس بدري كبير القدر ’’اه’’. وذكره الشيخ في رجاله قي أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقال المجلسي: ورد له في تفسير الإمام العسكري مدائح وفضائل جمة أوردت بعضها في باب حب الأئمة من بحار الأنوار ’’اه’’. ونقل في الباب المذكور من أواخر المجلد السابع عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام حديثا يتضمن أن سعد بن معاذ كان جالسا مع أصحاب له فمر به علي بن أبي طالب عليه السلام فوثب إليه قائما حافيا حاسرا وأخذ بيده فقبلها وقبل رأسه وصدره وما بين عينيه وقال: بأبي أنت وأمي يا شقيق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمك لحمه ودمك دمه وعلمك من علمه وحلمك من حلمه وعقلك من عقله ’’الحديث’’.
وفي أسد الغابة والإصابة: سعد بن معاذ إلى أخر نسبه المذكور في صدر الترجمة وفي الاستيعاب قريب منه وفيه أيضا أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عمير وفي أسد الغابة أسلم على يد مصعب ابن عمير لما أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة يعلم المسلمين فلما أسلم قال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام وفي الاستيعاب شهد بدرا وأحدا والخندق ورمي يوم الخندق يسهم فعاش شهرا ثم انتفض جرحه رماه حبان ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة وهي أمه سميت بذلك لطيب ريحها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ’’عرق الله وجهه في النار’’ وفي أسد الغابة أنه هو الذي قال ذلك وفي الاستيعاب عن جابر أنه رمى فقطعوا أكحله فقال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني في بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة حتى نزل بنو قريظة على حكمه أن يقتل رجالهم ويسبى نساؤهم وذريتهم يستعين به المسلمون فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ’’أصبت حكم الله فيهم’’ وكانوا أربعمائة وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ’’لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات’’ فلما فرغ من قتلهم أنفتق عرقه فمات. وفي أسد الغابة بسنده أنه لما أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليحكم أقبل على حمار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ’’قوموا إلى سيدكم’’ فلما حكم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ’’حكمت بحكم الملك’’ ’’اه’’. وفي الاستيعاب كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر بضرب فسطاط في المسجد لسعد ابن معاذ فكان يعوده في كل يوم حتى توفي.
وفي أسد الغابة ندبته أمه فقالت:
#ويل أم سعد سعدا #براعة ونجدا #ويل أم سعد سعدا #صرامة وجدا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ’’كل نادبة كاذبة إلا نادية سعد’’ وفي الإصابة بسنده فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ’’لا تزيدي على هذا كان والله ما علمت حازما وفي أمر الله قويا’’ وفي الاستيعاب قال صلى الله عليه وآله وسلم في حلة رآها سيراء لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الحنة خير منها وهو حديث وقالوا لو نجا أحد من ضغطة القبر نجا منها سعد بن معاذ وعن ابن عباس قال سعد ابن معاذ: ثلاث أنا فيهن رجل يعني كما ينبغي وما سوى ذلك فإنه رجل من الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثا قط إلا علمت أنه حق من الله (قال المؤلف) هذا شأن كل مسلم فلا ينبغي لسعد أن يقول أنا فيه رجل. ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها حتى انصرف عنها قال سعيد بن المسيب هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي ’’اه’’. (الاستيعاب) وكان سبب شدته على بني قريظة أنهم كانوا قد وازروا قريشا على قتال المسلمين. وروى الصدوق في العلل والشيخ في الآمالي بسنديهما عن الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيل له أن سعد بن معاذ قد مات فقام هو وأصحابه فحمل أمر بغسله فغسل على عضادة الباب فلما كفن وحمل على سريره تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرته مرة حتى انتهى به إلى القبر فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لحده وسوى عليه اللبن وجعل يقول: ناولوني ترابا رطبا يسد به بين اللبن فلما فرغ وحثا عليه التراب وسوى قبره قال: إني لأعلم أنه سيبلى ويصل إليه البلى ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أن يحكمه ’’الحديث’’. وفي أسد الغابة مقاماته في الإسلام مشهورة كبيرة فلو يكن إلا يوم بدر فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استشار الناس يومئذ وكان يريد الأنصار لأنهم عدد الناس فقال سعد ابن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال: أجل قال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به الحق وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يرينا فيك ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله فسر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقوله: ونشطه ذلك للقاء الكفار ’’اه’’. وفي الإصابة كان أحد السعود الذين استشارهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما طلب منه الحارث الغطفاني ثلث تمر المدينة يوم الأحزاب.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 230

سعد بن معاذ (ب د ع) سعد بن معاذ بن النعمان بن أمري القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت، واسمه: عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي، ثم الأشهلي، أبو عمرو، وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة.
أسلم على يد مصعب بن عمير، لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يعلم المسلمين، فلما أسلم قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا. فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام، وشهد بدرا، لم يختلفوا فيه، وشهد أحدا، والخندق.
أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن سهل، عن عائشة أنها كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين خرجوا إلى الخندق قد رفعوا الذراري، والنساء في الحصون، مخافة عليهم من العدو، قالت عائشة: فمر سعد بن معاذ، عليه درع له مقلصة قد خرجت منها ذراعه، وفي يده حربة، وهو يقول:

فقالت أم سعد: الحق يا بني، قد والله أخرت، فقالت عائشة يا أم سعد، لوددت أن درع سعد أسبغ مما هي، فخافت عليه حيث أصاب السهم، منه، قال يونس عن ابن إسحاق، قال: فرماه فيما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: حبان بن العرقة، وهو من بن عامر بن لؤي، فقطع أكحله، فلما رماه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة، فقال سعد: عرق الله وجهك في النار، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهد من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني في بني قريظة.
وهذا حبان، بكسر الحاء، وبالباء الموحدة، وقيل غير ذلك، وهذا أصح، وهو ابن عبد مناف بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي، وإنما قيل له: ابن العرقة، لأن أمه، وهي امرأة من بني سهم، كانت طيبة الريح قال: وحدثنا يونس عن ابن إسحاق، قال: حدثني من لا أتهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك أنه كان يقول: ما أصاب سعد يومئذ بالسهم إلا أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصاب سعدا السهم أمر أن يجعل في خيمة رفيدة الأسلمية، في المسجد، ليعوده من قريب.
فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريظة، وأذعنوا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ. أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر الخطيب بإسناده إلى أبي داود الطيالسي، أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدث عن أبي سعيد الخدري، قال: لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ ليحضر يحكم في قريظة، فأقبل على حمار، فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قوموا إلى سيدكم، أو قال: خيركم، احكم فيهم. قال: إني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حكمت بحكم الملك وأخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عمرو، قد ولاك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مواليك لتحكم فيهم، فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه؟ قالوا: نعم، قال: وعلى من هاهنا؟ من الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال سعد: أحكم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الدمشقي، أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل بن فارس القيسي، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، قال: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد، أخبرنا عبد الله بن أبي يزيد، أخبرنا صدقة، عن عياض بن عبد الرحمن، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه عن جده، قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء سعد بن معاذ، فقال: هذا سيدكم. وكان سعد لما جرح، ودعا مما تقدم ذكره، انقطع الدم، فلما حكم في قريظة انفجر عرقه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، وأبو بكر، وعمر، والمسلمون، قالت عائشة: فو الذي نفسي بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر، وقال عمرو بن شرحبيل: إن سعد بن معاذ لما انفجر جرحه احتضنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت الدماء تسيل على رسول الله، فجاء أبو بكر، فقال: وانكسار ظهراه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مه، فقال عمر: {إنا لله وإنا إليه راجعون} روى أن جبريل عليه السلام نزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم معتجرا بعمامة من إستبرق، فقال: يا نبي الله، من هذا الذي فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه، فوجد سعدا قد قبض. ولما دفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف من جنازته، جعلت دموعه تحادر على لحيته، ويده في لحيته، وندبته أمه، فقالت:
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد. أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي، أخبرنا نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر، إجازة إن لم يكن سماعا، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، أخبرنا عبد الملك بن محمد أبو قلابة الرقاشي، أخبرنا أبو ربيعة، أخبرنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. قال الأعمش: وحدثنا أبو صالح، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لجابر: إن البراء يقول: اهتز السرير؟ فقال جابر: إنه كان بين هذين الحيين الأوس والخزرج ضغائن، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله، وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي، قال: حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب حرير، فجعلوا يعجبون من لينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا؟ لمناديل سعد في الجنة أحسن من هذا. قال: وأخبرنا الترمذي، أخبرنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس، قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته. وذلك لحكمه في بني قريظة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الملائكة كانت تحمله. وقال سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض قبل، وبحق أعطاه الله تعالى ذلك. ومقاماته في الإسلام مشهودة كبيرة، ولو لم يكن له إلا يوم بدر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر، وأتاه خبر نفير قريش، استشار الناس، فقال المقداد فأحسن، وكذلك أبو بكر، وعمر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الأنصار، لأنهم عدد الناس، فقال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل. قال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله بريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله، ونشطه ذلك للقاء الكفار، فكان ما هو مشهور، وكفي به فخرا، دع ما سواه.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 477

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 461

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 2- ص: 221

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، سيد الأوس. وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، ويكنى أبا عمرو.
شهد بدرا باتفاق، ورمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهرا، حتى حكم في بني قريظة، وأجيبت دعوته في ذلك، ثم انتقض جرحه، فمات، أخرج ذلك البخاري، وذلك سنة خمس.
وقال المنافقون لما خرجت جنازته: ما أخفها! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة حملته».
وفي الصحيحين وغيرهما من طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ».
وروى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر.
وذكر ابن إسحاق أنه لما أسلم على يد مصعب بن عمير قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا، فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام.
وروى ابن إسحاق في قصة الخندق عن عائشة، قالت: كنت في حصن بني حارثة وأم سعد بن معاذ معي، فمر سعد بن معاذ وهو يقول:

فقالت له أمه: الحق يا بني فقد تأخرت، فقلت: يا أم سعد، لوددت أن درع سعد أسبغ مما هي، قال: فأصابه السهم حيث خافت عليه، وقال الذي رماه: خذها وأنا ابن العرقة، فقال: عرق الله وجهك في النار. وابن العرقة اسمه حبان بن عبد مناف من بني عامر بن لؤي، والعرقة أمه.
وقيل: إن الذي أصاب سعدا أبو أمامة الجشمي.
وروى البخاري، من حديث أبي سعيد الخدري أن بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد وجاء على حمار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم».
وأخرج ابن إسحاق بغير سند أن أم سعد لما مات قالت:
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل نادبة تكذب إلا نادبة سعد».
وأخرجه الطبراني بسند ضعيف، عن ابن عباس، قال: جعلت أم سعد تقول:
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزيدي على هذا، كان والله ما علمت حازما وفي أمر الله قويا»..

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 3- ص: 70

الأنصاري سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس أبو عمرو الأنصاري الأشهلي، أمه كبشة بنت رواح، لها صحبة، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عويمر، وشهد بدرا وأحدا والخندق، ورمي يوم الخندق بسهم فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات منه والذي رماه حيان بن العرقة وقال: خذوها وأنا ابن العرقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرق الله وجهه بالنار! وكان رسول الله قد أمر بضرب فسطاط في المسجد لسعد بن معاذ، وكان يعوده في كل يوم حتى توفي سنة خمس من الهجرة بعد الخندق بشهر وبعده قريظة بليال. وقيل رمي سعد بن معاذ يوم الأحزاب فقطعت أكحله فسحمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتفخت يده ونزفه الدم، فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني في بني قريظة فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة حتى نزل بنو قريظة على حكمه، فكان حكمه فيهم أن تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذريتهم يستعين به المسلمون! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصبت فيهم حكم الله. وكانوا أربع مائة. فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه فمات. وعن حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لقد نزل من الملائكة سبعون ألفا ما وطئوا الأرض. ومن حديث أنس بن مالك قال: لما حملنا جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته! وكان رجلا طويلا ضخما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة حملته. وقالت عائشة: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل منهم: سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ، وروي عرش الرحمن، وهو حديث مروي من وجوه كثيرة متواترة؛ رواه جماعة من الصحابة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة رآها سيراء: لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها. وهو حديث ثابت. وقال: لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا منها سعد بن معاذ. وقيل إن جبريل نزل في جنازته معتجرا بعمامة من إستبرق وقال: يا نبي الله! من هذا الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه، فوجد سعدا قد قبض. فقال رجل من الأنصار:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0

سعد بن معاذ ابن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.
السيد الكبير، الشهيد، أبو عمرو الأنصاري، الأوسي، الأشهلي، البدري الذي اهتز العرش لموته. ومناقبه مشهورة في الصحاح وفي السيرة وغير ذلك وقد أوردت جملة من ذلك في ’’تاريخ الإسلام’’ في سنة وفاته.
نقل ابن الكلبي، عن عبد الحميد بن أبي عيسى بن جبر، عن أبيه أن قريشا سمعت هاتفا على أبي قبيس يقول:

فقال أبو سفيان: من السعدان؟ سعد بكر سعد تميم؟ فسمعوا في الليل الهاتف يقول:
فقال أبو سفيان: هو -والله- سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.
أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير فقال ابن إسحاق: لما أسلم وقف على قومه فقال: يا بني عبد الأشهل! كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلا وأيمننا نقيبة قال: فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله. قال فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا.
أبو إسحاق: عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود قال: انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على أمية بن خلف وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يمر بالمدينة فينزل عليه فقال أمية له: انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت. فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل فقال: من الذي يطوف آمنا؟ قال: أنا سعد. فقال: أتطوف آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه؟ قال: نعم. فتلاحيا. فقال أمية: لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي. فقال سعد: والله لو منعتني لقطعت عليك متجرك بالشام. قال: فجعل أمية يقول: لا ترفع صوتك. فغضب وقال: دعنا منك فإني سمعت محمدا -صلى الله عليه وسلم- يقول: يزعم أنه قاتلك. قال: إياي؟ قال: نعم. قال: والله ما يكذب محمد فكاد يحدث فرجع إلى امرأته فقال: أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي؟ زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي. قالت: والله ما يكذب محمد فلما خرجوا لبدر قالت امرأته: ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي؟ فأراد أن لا يخرج. فقال له أبو جهل: إنك من أشراف أهل الوادي فسر معنا يوما أو يومين. فسار معهم فقتله الله.
قال ابن شهاب: وشهد بدرا سعد بن معاذ. ورمي يوم الخندق فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات.
بن إسحاق: حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها فعبر سعد عليه درع مقلصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول:
يعني: حمل بن بدر. فقالت له أمه: أي بني! قد أخرت. فقلت لها: يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي. فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل رماه ابن العرقة فلما أصابه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة فقال: عرق الله وجهك في النار. اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: رمى سعدا رجل من قريش يقال له: حبان بن العرقة. فرماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعوده من قريب. قالت: ثم إن كلمه تحجر للبرء. قالت: فدعا سعد فقال في ذلك: وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها. فانفجر من لبته فلم يرعهم إلا والدم يسيل. فقالوا: يا أهل الخيمة! ما هذا؟ فإذا جرحه يغذو. فمات منها.
متفق عليه بأطول من هذا.
الليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال: رمي سعد يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت يده فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة. حتى نزلوا على حكم سعد. فأرسل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم قال: وكانوا أربع مائة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه.
يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: جلس النبي -صلى الله عليه وسلم- على قبر سعد وهو يدفن فقال: ’’سبحان الله’’ مرتين فسبح القوم. ثم قال: ’’الله أكبر، الله
أكبر’’ فكبروا فقال: ’’عجبت لهذا العبد الصالح شدد عليه في قبره حتى كان هذا حين فرج له’’.
ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم، عن الحسن البصري قال: كان سعد بادنا فلما حملوه وجدوا له خفة. فقال رجال من المنافقين: والله إن كان لبادنا وما حملنا أخف منه. فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم. فقال: ’’إن له حملة غيركم. والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش’’.
يزيد بن هارون: أنبأنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا سعد ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة. فجلست فمر سعد وعليه درع قد خرجت منه أطرافه. وكان من أطول الناس وأعظمهم فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر فيهم عمر فقال: ما جاء بك؟ والله إنك لجريئة! ما يؤمنك أن يكون بلاء؟ فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض اشتقت ساعتئذ فدخلت فيها وإذا رجل عليه مغفر فيرفعه، عن وجهه فإذا هو طلحة. فقال: ويحك! قد أكثرت وأين التحوز والفرار إلا إلى الله؟.
محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، حدثني علقمة بن وقاص، عن عائشة قالت: أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار. فسألهم أسيد فنعوا له امرأته فتقنع يبكي قلت له: غفر الله لك أتبكي على امرأة وأنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم؟ فقال: ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ. وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ما يقول قال: قلت: وما سمعت؟ قال: قال: ’’لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ’’.
إسماعيل بن مسلم العبدي: حدثنا أبو المتوكل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الحمى فقال: ’’من كانت به فهو حظه من النار’’ فسألها سعد بن معاذ ربه فلزمته فلم تفارقه حتى مات.
أبو الزبير: عن جابر قال: رمي سعد بن معاذ يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنار. فانتفخت يده فنزفه فحسمه أخرى.
أبو إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل قال: لما انفجر جرح سعد عجل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسنده إلى صدره والدماء تسيل عليه. فجاء أبو بكر فقال: وانكسار ظهراه على سعد! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’مهلا أبا بكر’’ فجاء عمر فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. رواه شعبة عنه.
محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن عائشة قالت: حضر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر سعد بن معاذ وهو يموت في القبة التي ضربها عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد. قالت: والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وإني لفي حجرتي فكانا كما قال الله: {رحماء بينهم} قال علقمة: فقلت: أي أمه! كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع؟ قالت: كان لا تدمع عينه على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته.
يزيد بن هارون: أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد، عن رجل من الأنصار قال: لما قضى سعد في بني قريظة ثم رجع انفجر جرحه فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتاه فوضع رأسه في حجره وسجي بثوب أبيض وكان رجلا أبيض جسيما. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’اللهم إن سعدا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا’’ فلما سمع سعد كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتح عينيه ثم قال: السلام عليك يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل البيت: ’’استأذن الله من ملائكته عددكم في البيت ليشهدوا وفاة سعد’’. قال: وأمه تبكي وتقول:
فقيل لها: أتقولين الشعر على سعد؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’دعوها فغيرها من الشعراء أكذب’’ هذا مرسل.
والواقدي: أنبأنا معاذ بن محمد، عن عطاء بن أبي مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس
قال: لما انفجرت يد سعد بالدم قام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعتنقه والدم ينفح من وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولحيته حتى قضى.
عاصم بن عمر: عن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أكحل سعد فثقل حولوه عند امرأة يقال لها: رفيدة تداوي الجرحى. فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا مر به يقول: ’’كيف أمسيت وكيف أصبحت’’؟ فيخبره حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها وثقل فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم وجاء رسول الله فقيل: انطلقوا به. فخرج وخرجنا معه وأسرع حتى تقطعت شسوع نعالنا وسقطت أرديتنا فشكا ذلك إليه أصحابه فقال: ’’إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة’’ فانتهى إلى البيت وهو يغسل وأمه تبكيه وتقول:
فقال: ’’كل باكية تكذب إلا أم سعد’’ ثم خرج به. قال: يقول له القوم: ما حملنا يا رسول الله ميتا أخف علينا منه. قال: ’’ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم قد حملوه معكم’’.
شعبة:، عن سماك سمع عبد الله بن شداد يقول: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سعد وهو يكيد نفسه فقال: ’’جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك’’.
حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن عبد الرحمن بن سعد به معاذ أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأرسل إلى سعد فجيء به محمولا على حمار وهو مضنى من جرحه فقال له: ’’أشر علي في هؤلاء’’ قال: إني أعلم أن الله قد أمرك فيهم بأمر أنت
فاعله. قال: ’’أجل ولكن أشر’’ قال: لو وليت أمرهم لقتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم. فقال: ’’والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به’’.
محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما حكم سعد في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه المواسي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات’’.
إسرائيل:، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال: لم يرق دم سعد حتى أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بساعده فارتفع الدم إلى عضده. فكان سعد يقول: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة.
الواقدي: حدثني سعيد بن محمد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن جده قال: كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع فكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا حتى انتهينا إلى اللحد.
ثم قال ربيح: وأخبرني محمد بن المنكدر، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر فإذا هي مسك ورواها محمد بن عمرو بن علقمة، عن ابن المنكدر.
الواقدي: أنبأنا عبيد بن جبيرة، عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ
قال: كان سعد بن معاذ رجلا أبيض طوالا جميلا حسن الوجه أعين حسن اللحية فرمي يوم الخندق سنة خمس من الهجرة فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة. فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودفن بالبقيع.
ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن الحصين، عن داود بن الحصين، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه قال: لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة: الحارث بن أوس وأسيد بن الحضير وأبو نائلة سلكان وسلمة بن سلامة بن وقش ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقف. فلما وضع في قبره تغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسبح ثلاثا فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع ثم كبر ثلاثا وكبر المسلمون فسئل، عن ذلك فقال: ’’تضايق على صاحبكم القبر وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو ثم فرج الله عنه’’.
قلت: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا وكما يجد من ألم مرضه وألم خروج نفسه وألم سؤاله في قبره وامتحانه وألم تأثره ببكاء أهله عليه وألم قيامه من قبره وألم الموقف وهوله وألم الورود على النار ونحو ذلك. فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر ولا من عذاب جهنم قط ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه. قال الله تعالى: {وأنذرهم يوم الحسرة} وقال: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر} فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي. ومع هذه الهزات فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة وأنه من أرفع الشهداء -رضي الله عنه. كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين ولا روع ولا ألم ولا خوف. سل ربك العافية وأن يحشرنا في زمرة سعد.
شعبة: حدثنا سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيا منها نجا منها سعد بن معاذ’’. إسناده قوي.
عقبة بن مكرم: حدثنا بن أبي عدي، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا منها سعد’’.
يزيد بن هارون: أنبأنا محمد بن عمرو، عن واقد بن عمرو بن سعد قال: دخلت على أنس بن مالك -وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم- فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: إنك بسعد لشبيه ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال: يرحم الله سعدا كان من أعظم الناس وأطولهم. بعث رسول الله جيشا إلى أكيدر دومة فبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب. فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعلوا يمسحونها وينظرون إليها فقال: ’’أتعجبون من هذه الجبة’’؟ قالوا: يا رسول الله! مارأينا ثوبا قط أحسن منه قال: ’’فوالله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون’’.
قيل: كان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابني خالة.
وقال ابن إسحاق: آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجراح وقيل آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص.
وقد تواتر قول النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’إن العرش اهتز لموت سعد فرحا به’’ وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حلة تعجبوا من حسنها: ’’لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه’’.
وقال النضر بن شميل: حدثنا عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’اهتز العرش لموت سعد بن معاذ’’.
ثم قال النضر -وهو إمام أهل اللغة: اهتز: فرح.
الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعا: ’’اهتز عرش الرحمن لموت سعد’’.
يوسف بن الماجشون، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جدته رميثة قالت: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول -ولو أشاء أن أقبل الخاتم الذي بين كتفيه من قربي منه لفعلت- وهو يقول: ’’اهتز عرش الرحمن له’’ أي لسعد بن معاذ. إسناد صالح.
وخرج النسائي من طريق معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: جاء جبريل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات؟ فتحت له أبواب السماء وتحرك له العرش فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا سعد قال: فجلس على قبره.... الحديث.
إسماعيل بن أبي خالد، عن إسحاق بن راشد، عن أسماء بنت يزيد قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك؟ فإن ابنك أول من ضحك الله إليه واهتز له العرش’’.
هذا مرسل.
ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وجنازة سعد بين أيديهم: ’’اهتز لها عرش الرحمن’’.
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجنازة سعد موضوعة: ’’اهتز لها عرش الرحمن’’.
جماعة، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر يرفعه: ’’اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا’’.
يونس، عن ابن إسحاق، عن معاذ بن رفاعة قال: حدثني من شئت من رجال قومي أن جبريل أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قبض سعد معتجرا بعمامة من إستبرق فقال يا محمد! من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام سريعا يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات.
قال ابن إسحاق، عن أمية بن عبد الله، عن بعض آل سعد أن رجلا قال:
عبد الله بن إدريس: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ومنهم من أرسله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت أبواب السماء وشهده سبعون ألفا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك لقد ضم ضمة ثم أفرج عنه’’ يعني سعدا.
رواه محمد بن سعد، عن إسماعيل بن مسعود عنه.
أبو معشر، عن سعيد المقبري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول’’. هذا منقطع.
ويروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حمل جنازة سعد خطوات ولم يصح.
الواقدي: حدثني سعيد بن محمد، عن ربيح بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده أبي سعيد قال: كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا.
قال ربيح: فأخبرني محمد بن المنكدر، عن رجل قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد فإذا هي مسك.
وروى نحوه محمد بن عمرو بن علقمة، عن ابن المنكدر، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة.
محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن عائشة قالت: ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ.
الواقدي: أنبأنا عبيد بن جبيرة، عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: كان سعد أبيض طوالا جميلا حسن الوجه أعين حسن اللحية عاش سبعا وثلاثين سنة.
أبو إسحاق السبيعي، عن رجل، عن حذيفة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’اهتز العرش لروح سعد بن معاذ’’.
وروى سليمان التيمي، عن الحسن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’اهتز عرش الرحمن لوفاة سعد’’.
ابن سعد، أنبأنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا. قال: إنما يعني السرير. وقرأ {ورفع أبويه على العرش}، قال: إنما تفسحت أعواده.
قال: ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبره فاحتبس فلما خرج قيل: يا رسول الله! ما حبسك؟ قال: ’’ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه’’.
قلت: تفسيره بالسرير ما أدري أهو من قول ابن عمر أو من قول مجاهد؟ وهذا تأويل لا يفيد فقد جاء ثابتا عرش الرحمن وعرش الله والعرش خلق لله مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله وجعل فيه شعورا لحب سعد كما جعل تعالى شعورا في جبل أحد بحبه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال تعالى: {يا جبال أوبي معه}، وقال: {تسبح له السماوات السبع والأرض}، ثم عمم فقال: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده}. وهذا حق. وفي صحيح البخاري قول ابن مسعود: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل وهذا باب واسع سبيله الإيمان.
أبو نعيم، حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، عن أبي المتوكل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الحمى فقال: ’’من كانت به فهي حظه من النار’’ فسألها سعد بن معاذ ربه فلزمته حتى فارق الدنيا.
كان لسعد من الولد عبد الله وعمرو فكان لعمرو تسعة أولاد.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 171

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت وهو عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو. وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية، على يدي مصعب بن عمير، وشهد بدر، وأحدا، والخندق، ورمى يوم الخندق بسهم فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات منه.
والذي رماه بالسهم حبان بن العرقة، وقال: خذها وأنا ابن العرقة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرق الله وجهه في النار. والعرقة هي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص، وهذا حبان ابنها هو ابن عبد مناف بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.
وقيل: إن العرقة تكنى أم فاطمة، وإنما قيل لها العرقة لطيب ريحها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بضرب فسطاط في المسجد لسعد بن معاذ، وكان يعوده في كل يوم حتى توفي سنة خمس من الهجرة، وكان موته بد الخندق بشهر، وبعد قريظة بليال، كذلك رواه سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، وروى الليث بن سعد عن أبي الزبير، عن جابر، قال: رمي يوم الأحزاب سعد بن معاذ، فقطعوا أكحله، فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتفخت يده ونزفه الدم، فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني في بني قريظة، فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة حتى نزل بنو قريظة على حكمه، وكان حكمه فيهم أن تقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم وذريتهم، فيستعين بها المسلمون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصبت حكم الله فيهم، وكانوا أربعمائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه فمات.
وروى من حديث سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض قبل. وروى من حديث أنس بن مالك قال: لما حملنا جنازة سعد بن معاذ
قال المنافقون: ما أخف جنازته، وكان رجلا طوالا ضخما! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة حملته. وروى إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أحد من المسلمين أفضل منهم: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ، وروي عرش الرحمن، وهو حديث روي من وجوه عدة كثيرة متواترة، رواها جماعة من الصحابة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة رآها تشترى: لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها. وهو حديث ثابت أيضا.
وقال له صلى الله عليه وسلم- إذ حكم في بني قريظة بقتل المقاتلة وسبى الذرية: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات: وقال صلى الله عليه وسلم: لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا منها سعد بن معاذ. حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو قرة محمد ابن حميد، حدثنا سعيد بن تليد، حدثنا محمد بن فضالة، عن أبي طاهر عبد الملك ابن محمد بن أبي بكر، عن عمه عبد الله بن أبي بكر، قال: مات سعد بن معاذ من جرح أصابه يوم الخندق شهيدا. قال: وبلغني أن جبرئيل عليه السلام نزل في جنازته معتجرا بعمامة من إستبرق، وقال: يا نبي الله، من هذا الذي
فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه، فوجد سعدا قد قبض، وقال رجل من الأنصار:

أخبرنا خلف بن قاسم، قال حدثنا الحسن بن رشيق، قال حدثنا أحمد ابن الحسن الصباحى، قال حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن شاكر، قال حدثنا: عبد الله بن حسين الأشقر أبو بلال، قال حدثنا زافر بن سليمان، عن عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، قال قال سعد بن معاذ: ثلاث أنا فيهن: رجل يعني كما ينبغي، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بشيء غيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول، ويقال لها، حتى أنصرف عنها.
قال سعيد بن المسيب: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 602

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.

ويكنى أبا عمرو. وأمه كبشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن الأبجر. وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج وهي من المبايعات. وكان لسعد بن معاذ من الولد عمرو وعبد الله وأمهما هند بنت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. وهي من المبايعات خلف عليها سعد بعد أخيه أوس بن معاذ. وهي عمة أسيد بن حضير بن سماك. وكان لعمرو بن سعد بن معاذ من الولد تسعة نفر وثلاث نسوة منهم عبد الله بن عمرو قتل يوم الحرة. ولسعد بن معاذ اليوم عقب.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: كان إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير على يد مصعب بن عمير العبدري. وكان مصعب قدم المدينة قبل السبعين أصحاب العقبة الآخرة يدعو الناس إلى الإسلام ويقرئهم القرآن بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أسلم سعد بن معاد لم يبق في بني عبد الأشهل أحد إلا أسلم يومئذ فكانت دار بني عبد الأشهل أول دار من الأنصار أسلموا جميعا رجالهم ونساؤهم. وحول سعد بن معاذ مصعب بن عمير وأبا أمامة أسعد بن زرارة إلى داره فكانا يدعوان الناس إلى الإسلام في دار سعد بن معاذ. وكان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابني خالة. وكان سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير يكسران أصنام بني عبد الأشهل.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن سعد بن إبراهيم وعن ابن أبي عون قالا: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سعد بن معاذ وسعد بن أبي وقاص. قال وأما محمد بن إسحاق فقال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجراح فالله أعلم أي ذلك كان.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن قدامة عن عمر بن الحصين قال: كان لواء الأوس يوم بدر مع سعد بن معاذ. وشهد سعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم

أحد وثبت معه حين ولى الناس. وشهد الخندق.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا إسماعيل بن مسلم العبدي قال: أخبرنا أبو المتوكل أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ذكر الحمى فقال: من كانت به فهي حظه من النار. فسألها سعد بن معاذ ربه فلزمته فلم تفارقه حتى فارق الدنيا.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي. تعني حس الأرض. فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه. فجلست إلى الأرض. قالت فمر سعد وهو يرتجز ويقول:

قالت وعليه درع قد خرجت منه أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد. وكان سعد من أطول الناس وأعظمهم. قالت فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين وفيهم عمر بن الخطاب. رحمه الله. وفيهم رجل عليه تسبغة له.. تعني المغفر. قالت فقال لي عمر: ما جاء بك؟ والله إنك لجرئة. وما يؤمنك أن يكون تحوز أو بلاء؟ قالت فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها.

قالت فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله. قالت فقال: ويحك يا عمر إنك قد أكثرت منذ اليوم. وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله؟ قالت ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له ابن العرقة بسهم فقال: خذها وأنا ابن العرقة! فأصاب أكحله فدعا الله سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من قريظة. وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية. قالت فرقأ كلمه. تعني جرحه. وبعث الله. تبارك وتعالى. الريح على المشركين فكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا. فلحق أبو سفيان بمن معه بتهامة. ولحق عيينة بمن معه بنجد. ورجعت قريظة فتحصنوا في صياصيهم. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأمر بقبة فضربت على سعد بن معاذ في المسجد. قالت فجاءه جبريل صلى الله عليه وسلم وعلى ثناياه النقع فقال: أقد وضعت السلاح؟ فو الله ما وضعت الملائكة السلاح بعد. اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم. قالت فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وأذن في الناس بالرحيل. قالت فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم

على بني غنم وهم جيران المسجد فقال لهم: من مر بكم؟ قالوا: مر بنا دحية الكلبي. وكان دحية تشبه لحيته وسنة وجهه بجبريل. ع. قالت فأتاهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة. فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح. فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ. فقال لهم رسول الله: انزلوا على حكم سعد بن معاذ. فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فحمل على حمار عليه إكاف من ليف وحف به قومه فجعلوا يقولون: يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكابة ومن قد علمت. ولا يرجع إليهم شيئا. حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال: قد أنى لي أن لا أبالي في الله لومة لائم. قال ابن سعد: فلما طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال: قوموا إلى سيدكم فأنزلوه. فقال عمر: سيدنا الله. فقال: أنزلوه. فأنزلوه فقال له رسول الله. ص: احكم فيهم].

قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم. [فقال رسول الله. ص: لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله]. قالت ثم دعا الله سعد فقال: اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها. وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك. قالت فانفجر كلمه وقد كان برأ حتى ما يرى منه شيء إلا مثل الخرص. ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر. قالت فو الذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي. وكانوا كما قال رحماء بينهم. قال فقلت: فكيف كان رسول الله يصنع؟ قالت: كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو أخذ بلحيته.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه ملك. أو قال جبريل. حين استيقظ فقال: من رجل من أمتك مات الليلة استبشر بموته أهل السماء؟ قال: لا أعلم إلا أن سعدا أمسى دنفا. ما فعل سعد؟ قالوا: يا رسول الله قد قبض. وجاءه فاحتملوه إلى ديارهم. قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ثم خرج ومعه الناس فبت الناس مشيا حتى إن شسوع نعالهم لتنقطع من أرجلهم وإن أرديتهم لتقع عن عواتقهم. فقال له رجل: [يا رسول الله قد بتت الناس. قال فقال: إني أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حنظلة].

قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن أسلم

عن عائشة قالت: رئي سعد بن معاذ في بعض تلك المواطن وعلى عاتقه الدرع وهو يقول: لا بأس بالموت إذا حان الأجل قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله فلم يرقأ الدم حتى جاء النبي. ع. فأخذ بساعده فارتفع الدم إلى عضده. قال فكان سعد يقول: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة. قال فنزلوا على حكمه [فقال النبي. ص: احكم فيهم. فقال: إني أخشى يا رسول الله أن لا أصيب فيهم حكم الله. ثم قال: احكم فيهم. قال فحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال رسول الله. ص: أصبت فيهم حكم الله]. ثم عاد الدم فلم يرقأ حتى مات. رضي الله عنه.

قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال: لما كان يوم قريظة [قال رسول الله. ص: ادعوا سيدكم يحكم في عبيده. يعني سعد بن معاذ. فجاء فقال له: احكم. فقال: أخشى ألا أصيب فيهم حكم الله. قال: احكم. فحكم فقال: أصبت حكم الله ورسوله].

قال: أخبرنا عفان بن مسلم ويحيى بن عباد وهشام أبو الوليد الطيالسي قالوا: أخبرنا شعبة قال: أنبأني سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدث عن أبي سعيد الخدري أن أهل قريظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء على حمار [فلما دنا قال رسول الله. ص: قوموا إلى سيدكم. أو إلى خيركم. فقال: يا سعد إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك. قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال: لقد حكمت فيهم بحكم الملك. قال عفان: الملك. وقال يحيى وأبو الوليد: الملك. وقول عفان أصوب].

قال: حدثنا يحيى بن عباد وسليمان بن حرب قالا: أخبرنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله. ع. إلى سعد بن معاذ فأتي به محمولا على حمار وهو مضنى من جرح أصابه في الأكحل من يده يوم الخندق. قال فجاء فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أشر علي في هؤلاء. قال: إني أعلم أن

الله قد أمرك فيهم بأمر أنت فاعل ما أمرك الله به. قال: أجل. ولكن أشر علي فيهم.

فقال: فقال: لو وليت أمرهم قتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم وقسمت أموالهم. [فقال رسول الله. ص: والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به].

قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أصيب سعد يوم الخندق. رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة. رماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب. ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو ينفض رأسه من الغبار فقال: قد وضعت السلاح. والله ما وضعناه. اخرج إليهم. [فقال رسول الله. ص: فأين؟ قال: هاهنا. وأشار إلى بني قريظة. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم].

قال عبد الله بن نمير فأخبرنا هشام بن عروة قال: فأخبرني أبي أنهم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ. قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة وتسبى الذرية والنساء وتقسم أموالهم.

قال عبد الله بن نمير فأخبرنا هشام بن عروة قال: قال أبي فأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لقد حكمت فيهم بحكم الله].

قال: أخبرنا خالد بن مخلد البجلي قال: حدثني محمد بن صالح التمار عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن قال: سمعت عامر بن سعد يحدث عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة أن تقتل من جرت عليه المواسي وأن تقسم أموالهم وذراريهم [قال رسول الله. ص: لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات].

قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن سعدا كان قد تحجر كلمه للبرء. قالت فدعا سعد فقال: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهد فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه. اللهم فإني أحب إلي أن أجاهد فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه. اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم. فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني لهم حتى أجاهدهم فيك.

وإن كنت قد وضعت الحرب فيما بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتي فيها. قال ففجر

من ليلته. قال فلم يرعهم. ومعهم في المسجد أهل خيمة من بني غفار. إلا الدم يسيل إليهم فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الدم الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد جرحه يعدو دما فمات منها. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني معاذ بن محمد عن عطاء بن أبي مسلم عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما انفجرت يد سعد بالدم قام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقه والدم ينفح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته لا يريد أحد أن يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم إلا ازداد منه رسول الله قربا حتى قضى.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن رجل من الأنصار قال: لما قضى سعد في بني قريظة ثم رجع انفجر جرحه. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فأخذ رأسه فوضعه في حجره وسجي بثوب أبيض إذا مد على وجهه خرجت رجلاه. وكان رجلا أبيض جسيما. [فقال رسول الله. ص: اللهم إن سعدا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا]. فلما سمع سعد كلام رسول الله فتح عينيه ثم قال: السلام عليك يا رسول الله. أما إني أشهد أنك رسول الله. [فلما رأى أهل سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع رأسه في حجره ذعروا من ذلك فذكر ذلك لرسول الله. ص: إن أهل سعد لما رأوك وضعت رأسه في حجرك ذعروا من ذلك. فقال: استأذن الله من ملائكته عددكم في البيت ليشهدوا وفاة سعد]. قال وأمه تبكي وهي تقول:

فقيل لها: أتقولين الشعر على سعد؟ فقال رسول الله. ص: [دعوها فغيرها من الشعراء أكذب].

أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل عن عاصم بن عمرو بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فثقل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة. وكانت تداوي الجرحى. فكان النبي. ع. إذا مر به يقول: كيف أمسيت؟ وإذا أصبح قال: كيف أصبحت؟ فيخبره. حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها فثقل فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم. وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يسأل عنه. وقالوا قد انطلقوا به. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه فأسرع المشي حتى تقطعت شسوع نعالنا وسقطت أرديتنا عن أعناقنا. فشكا ذلك إليه أصحابه: يا رسول الله أتعبتنا في المشي. [فقال: إني أخاف أن تسبقنا الملائكة إليه فتغسله كما غسلت حنظلة.] فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيت وهو يغسل وأمه تبكيه وهي تقول:

[فقال رسول الله. ص: كل نائحة تكذب إلا أم سعد]. ثم خرج به. قال يقول له القوم أو من شاء الله منهم: يا رسول الله ما حملنا ميتا أخف علينا من سعد. فقال: [ما يمنعكم من أن يخف عليكم وقد هبط من الملائكة كذا وكذا. قد سمى عدة كثيرة لم أحفظها. لم يهبطوا قط قبل يومهم قد حملوه معكم].

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي سفيان عن سلمة بن أسلم بن حريس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على الباب نريد أن ندخل على أثره فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في البيت أحد إلا سعد مسجى. قال فرأيته يتخطى فلما رأيته وقفت. وأومأ إلي: قف. فوقفت ورددت من ورائي. وجلس ساعة ثم خرج فقلت: يا رسول الله ما رأيت أحدا وقد رأيتك تتخطى. [فقال رسول الله. ص: ما قدرت على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه فجلست. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هنيئا لك يا أبا عمرو.

هنيئا لك أبا عمرو. هنيئا لك أبا عمرو].

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال: فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم سعد تبكي وهي تقول:

فقال عمر بن الخطاب: مهلا يا أم سعد لا تذكري سعدا. فقال النبي ص: [مهلا يا عمر فكل باكية مكذبة إلا أم سعد ما قالت من خير فلم تكذب].

أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: أخبرنا ليث بن سعد قال: أخبرنا أبو الزبير عن جابر قال: رمي سعد بن معاذ يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله بالنار فانتفخت يده فنزفه. فحسمه أخرى.

أخبرنا عفان بن مسلم وكثير بن هشام قالا: أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ من رميته.

أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال: أخبرنا شعبة قال: حدثني سماك قال: سمعت عبد الله بن شداد يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذ وهو يكيد بنفسه فقال: جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن سعد بن إبراهيم قال: لما أخرج سرير سعد قال ناس من المنافقين: ما أخف جنازة سعد. أو سرير سعد. فقال رسول الله. ص: [لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد أو سرير سعد ما وطئوا الأرض قبل اليوم].

قال: وحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغسل فقبض ركبته فقال رسول الله ص: [دخل ملك فلم يكن له مكان فأوسعت له.] قال وأمه تبكي وهي تقول:

[فقال رسول الله. ص: كل البواكي يكذبن إلا أم سعد].

قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أخبرنا أبي قال: سمعت الحسن قال: لما مات سعد بن معاذ. وكان رجلا جسيما جزلا. جعل المنافقون وهم يمشون خلف سريره يقولون: لم نر كاليوم رجلا أخف. وقالوا: أتدرون لم ذلك؟ ذاك لحكمه في بني قريظة. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: [والذي نفسي بيده لقد كانت الملائكة تحمل سريره].

قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع قال: بلغني أنه شهد سعد بن معاذ سبعون ألف ملك لم ينزلوا إلى الأرض. [وقال رسول الله ص: لقد ضم صاحبكم ضمة ثم فرج عنه].

أخبرنا إسماعيل بن أبي مسعود قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: [قال رسول الله. ص: لهذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماوات وشهده سبعون ألفا من الملائكة لم ينزلوا الأرض قبل ذلك ولقد ضم ضمة ثم أفرج عنه]. يعني سعد بن معاذ.

أخبرنا شبابة بن سوار قال: أخبرني أبو معشر عن سعيد المقبري قال: لما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا قال: [لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد. ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول].

قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن برقان قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم [قال وهو قائم عند قبر سعد: لقد ضغط ضغطة أو همز همزة لو كان أحد ناجيا منها بعمل لنجا منها سعد].

قال: أخبرنا عفان بن مسلم وعارم بن الفضل قالا: أخبرنا حماد بن زيد قال: أخبرنا ميمون أبو حمزة عن إبراهيم النخعي أن النبي. ع. مد على قبر سعد ثوبا أو مد وهو شاهد.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي أمام جنازة سعد بن معاذ.

أخبرنا محمد بن عمر عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن شيوخ من بني عبد الأشهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ من بيته بين العمودين حتى خرج به من الدار. قال محمد بن عمر: والدار تكون ثلاثين ذراعا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن محمد بن أبي زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قال: كنت أنا ممن حفر لسعد قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا قترة من تراب حتى انتهينا إلى اللحد.

قال ربيح: ولقد أخبرني محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة أن رجلا أخذ قبضة من تراب قبر سعد يوم دفن ففتحها بعد فإذا هي مسك.

رجع الحديث إلى حديث أبي سعيد الخدري قال: فطلع علينا رسول

الله صلى الله عليه وسلم وقد فرغنا من حفرته ووضعنا اللبن والماء عند القبر وحفرنا له عند دار عقيل اليوم. وطلع رسول الله علينا فوضعه عند قبره ثم صلى عليه. فلقد رأيت من الناس ما ملأ البقيع.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن الحصين بن عبد الرحمن عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال: لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة نفر: الحارث بن أوس بن معاذ وأسيد بن الحضير وأبو نائلة سلكان بن سلامة وسلمة بن سلامة بن وقش. ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على قدميه. فلما وضع في قبره تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبح ثلاثا فسبح المسلمون ثلاثا حتى ارتج البقيع. ثم كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وكبر أصحابه ثلاثا حتى ارتج البقيع بتكبيره.

فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقيل له: يا رسول الله رأينا بوجهك تغيرا وسبحت ثلاثا. [قال: تضايق على صاحبكم قبره وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا سعد منها ثم فرج الله عنه]. قال محمد بن عمر: فحدثني غير إبراهيم بن الحصين أن سعدا غسله الحارث بن أوس بن معاذ وأسيد بن حضير. وسلمة بن سلامة بن وقش يصب الماء. ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاضر. فغسل بالماء الغسلة الأولى. والثانية بالماء والسدر. والثالثة بالماء والكافور. ثم كفن في ثلاثة أثواب صحارية أدرج فيها إدراجا وأتي بسرير كان عند النبيط يحمل عليه الموتى فوضع على السرير فرئي رسول الله يحمله بين عمودي سريره حين رفع من داره إلى أن خرج.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا إبراهيم بن الحصين وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن المسور بن رفاعة القرظي قال: جاءت أم سعد بن معاذ تنظر إلى سعد في اللحد فردها الناس. فقال رسول الله. ص: دعوها. فأقبلت حتى نظرت إليه وهو في اللحد قبل أن يبنى عليه اللبن والتراب قالت: احتسبتك عند الله. وعزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره وجلس ناحية. وجعل المسلمون يردون تراب القبر ويسوونه. وتنحى رسول الله فجلس حتى سوي على قبره ورش عليه الماء. ثم أقبل فوقف عليه فدعا له ثم انصرف.

أخبرنا خالد بن مخلد وأبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس قالا: أخبرنا محمد بن موسى بن أبي عبيد الله مولى الفطريين قال: أخبرنا معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي قال: دفن سعد بن معاذ إلى أس دار عقيل بن أبي طالب.

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت: ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. أو أحدهما. من سعد بن معاذ.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عتبة بن جبيرة عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: كان سعد بن معاذ رجلا أبيض. طوالا.

جميلا. حسن الوجه. أعين. حسن اللحية. فرمي يوم الخندق سنة خمس من الهجرة فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن بالبقيع.

أخبرنا محمد بن الفضيل بن غزوان عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر قال: اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا. قال إنما يعني السرير. قال إنما تفسخت أعواده. قال ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره فاحتبس فلما خرج قيل له: يا رسول الله ما حبسك؟ [قال: ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه].

أخبرنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: [قال رسول الله. ص: لقد اهتز عرش الله لموت سعد بن معاذ].

أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة ومحمد بن عبد الله الأنصاري وروح بن عبادة وهوذة بن خليفة قالوا: أخبرنا عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: [قال رسول الله. ص: لقد اهتز العرش لموت سعد].

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت: قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة. وكان غلمان الأنصار يتلقون أهليهم. فلقوا أسيد بن الحضير فنعوا له امرأته فتقنع وجعل يبكي. فقلت: غفر الله لك أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من السابقة والقدم ما لك وأنت تبكي على امرأة؟ قالت فكشف رأسه وقال: صدقت. لعمري ليحقن أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال. قالت: قلت وما قال له رسول الله. ص؟ قال: [لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ]. قالت: وهو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن إسحاق بن راشد

عن امرأة من الأنصار يقال لها أسماء بنت يزيد بن السكن [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأم سعد بن معاذ: ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك بأن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش؟].

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سليمان التيمي عن الحسن قال: [قال رسول الله. ص: لقد اهتز عرش الرحمن لوفاة سعد بن معاذ فرحا به]. قال: قوله فرحا به تفسير من الحسن.

أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه عن حذيفة قال: [لما مات سعد بن معاذ قال رسول الله. ص: اهتز العرش لروح سعد بن معاذ].

أخبرنا حفص بن عمر الحوضي وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي من بني عامر بن لؤي قالا: أخبرنا يوسف بن الماجشون عن أبيه عن عاصم بن عمر بن قتادة عن جدته رميثة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أشاء أن أقبل الخاتم الذي بين كتفيه من قربي منه لفعلت. وهو يقول لسعد بن معاذ يوم مات: [اهتز له عرش الرحمن].

أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن برقان قال: أخبرنا يزيد بن الأصم قال: لما توفي سعد بن معاذ وحملت جنازته [قال النبي. ص: لقد اهتز العرش لجنازة سعد بن معاذ].

أخبرنا وكيع بن الجراح قال: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن البراء أن النبي. ع. أتي بثوب حرير فجعل أصحابه يتعجبون من لينه [فقال رسول الله. ص: لمناديل سعد بن معاذ في الجنة ألين من هذا].

أخبرنا عبيد الله بن موسى والفضل بن دكين قالا: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فجعلنا نلمسه ونتعجب منه. [فقال رسول الله: أيعجبكم هذا؟ قلنا: نعم. قال: فمناديل سعد في الجنة أحسن من هذا]. قال عبيد الله: وألين. وقال الفضل: أو ألين.

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: دخلت على أنس بن مالك. وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم.

فقال لي: من أنت؟ قال قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ. قال فقال: إنك بسعد لشبيه. ثم بكى وأكثر البكاء. ثم قال: يرحم الله سعدا. كان سعد من أعظم الناس وأطولهم. ثم قال: بعث رسول الله جيشا إلى أكيدر دومة فبعث إلى رسول الله بجبة من ديباج منسوجا بالذهب فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الناس يمسحونها وينظرون إليها فقال [رسول الله. ص: أتعجبون من هذه الجبة؟ فقالوا: يا رسول الله ما رأينا قط أحسن منها. قال: فو الله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون].

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 3- ص: 320

سعد بن معاذ أبو عمرو سيد الأوس
بدري كبير القدر له شيء في البخاري خ

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

سعد بن معاذ سيد الأوس

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 21

(خ) سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي أبو عمرو المدني سيد الأوس.
قال الكلاباذي: يكنى أبا إسحاق، وقيل: أبو عمرو.
وقال أبو نعيم الأصبهاني: هو أول من ضحك الله تعالى له، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم لفقده وجدا شديدا، ومات في شوال، ولما انفجر جرحه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه، فجعل الدم يسيل على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر فقال: وا انكسار ظهراه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مه يا أبا بكر، فجاء عمر فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولما انصرف صلى الله عليه وسلم جعلت دموعه تنحدر علي لحيته ويده في لحيته صلى الله عليه وسلم.
وفي كتاب أبي عمر: نزل جبريل صلى الله عليه وسلم معتجرا بعمامة من إستبرق، وقال: يا نبي الله من هذا الذي فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه، فوجد سعدا قد قبض، فقال رجل من الأنصار – قيل هو حسان:

وفي كتاب أبي إسحاق: حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب أنه كان يقول: ما أصاب سعدا يومئذ بالسهم إلا أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم.
وفي كتاب ابن منده: قالت أمه تندبه:
وسيد سد به مسدا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد».
وفي كتاب الطبرني: قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزيدين على هذا، وكان والله ما علمت حازما في أمره قويا في أمر الله عز وجل.
وفي كتاب البغوي: جرح يوم بني قريظة.
وقال العسكري: كان سيدا مطاعا، لما أسلم أسلمت بنو عبد الأشهل، وهو أحد السعود من الأنصار، وهم سبعة، وفيهم يقول حسان:
وفي كتاب ابن سعد: من ولده عمر وعبيد الله، وأمهما هند بنت سماك بن عتيك، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سعد بن معاذ وسعد بن أبي وقاص، وقيل بينه وبين أبي عبيدة، وكان لواء الأوس يوم بدر مع سعد، وثبت يوم أحد، ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت به الحمى فهي حظه من النار» سألها ربه فلم تفارقه حتى فارق الدنيا.
ولما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجره قال: «اللهم إن سعدا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا». فلما سمع ذلك سعد فتح عينه، ثم قال: السلام عليك يا رسول الله، أما إني أشهد أنك رسول الله، فقال عليه السلام في خبر آخر: هنيئا لك أبا عمرو وهنيئا لك أبا عمرو.
ولما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يكبد بنفسه قال: جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك الله تعالى ما وعدك.
وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة سعد من بيته بين العمودين حتى خرج به من الدار، ولما حفر قبره كان يفوح منه رائحة المسك حتى انتهى إلى اللحد، قال: ربيح ولقد أخبرني ابن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد، فذهب به، ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك.
وحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله ودخل قبره، وكان الذي غسله الحارث بن أوس. وكان سعد رجلا أبيض طوالا جميلا حسن الوجه أعين حسن اللحية، ومات وله سبع وثلاثون سنة، وهو أخو عمرو بن معاذ رضي الله عنهما.
وفي كتاب «الصحابة» للجيزي: يقال إنه أسلم وهو ابن تسع عشرة سنة.
وفي «تفسير الثعلبي»: قال صلى الله عليه وسلم: «لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ». وفضائل سعد كثيرة اقتصرنا منها على مشهورها.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 5- ص: 1

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج
بن عمرو بن مالك بن أوس بن حارثة بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث بدري كنيته أبو عمرو الأوسي الأنصاري مات بالمدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد قريظة وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

سعد بن معاذ الأنصاري
حدثنا يعقوب بن إبراهيم البزاز، نا عمر بن شبة، نا يحيى بن أبي بكير، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، أن سعد بن معاذ قال لأمية بن خلف: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إنه قاتلك»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

سعد بن معاذ
ويقال أبو عمرو الأوسي الأنصاري المدني بدري شهد بدراً مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 4- ص: 1