زيد بن علي زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: الإمام، أبو الحسين العلوي الهاشمي القرشي. ويقال له ’’زيد الشهيد’’ عده الجاحظ من خطباء بني هاشم. وقال أبو حنيفة: ما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أسرع جوابا ولا أبين قولا. كانت إقامته بالكوفة، وقرأ على واصل بن عطاء (رأس المعتزلة) واقتبس منه علم الاعتزال. وأشخص إلى الشام، فضيق عليه هشام بن عبد الملك، وحبسه خمسة أشهر. وعاد إلى العراق ثم إلى المدينة، فلحق به بعض أهل الكوفة يحرضونه على قتال الأمويين، وراجعوا به إلى الكوفة سنة 120 هـ ، فبايعه أربعون ألفا على الدعوة إلى الكتاب والسنة، وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، والعدل في قسمة الفئ، ورد المظالم، ونصر أهل البيت. وكان العامل على العراق يومئذ يوسف بن عمر الثقفي، فكتب إلى الحكم بن الصلت وهو في الكوفة أن يقاتل زيدا، ففعل. ونشبت معارك انتهت بمقتل زيد، في الكوفة، وحمل رأسه إلى الشام فنصب على باب دمشق. ثم أرسل إلى المدينة فنصب عند قبر النبي (ص) يوما وليلة، وحمل إلى مصر فنصب بالجامع، فسرقه أهل مصر ودفنوه. ووقف المجمع العلمي في ميلانو مؤخرا على (مجموع في الفقه - ط) رواه أبو خالد الواسطي عن زيد بن علي، فان صحت النسبة كان هذا الكتاب أول كتاب دون في الفقه الإسلامي، ومثله (تفسير غريب القرآن - خ) ولابد من التثبت من صحة نسبته إليه. وإلى صاحب الترجمة نسبة الطوائف ’’الزيدية’’ ولإبراهيم ابن محمد الثقفي المتوفي سنة 283 كتاب (أخبار زيد بن علي) ومثله للجلودي. ومثله أيضا لابن بابويه القمي.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 59

أبو الحسين زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

ولد سنة 57 كما في رواية أخطب خوارزم أو 78 كما عن رواية أبي داود واستشهد يوم الاثنين وفي رواية المقاتل يوم الجمعة لليلتين خلتا من صفر سنة 120 وله 42 سنة كما في الإرشاد والمحكي عن مصعب الزبيري والزبير بن بكار أو 121 كما عن الواقدي ورواية المقاتل وكما في الرياض في عمدة الطالب روى أنه قتل في النصف من صفر سنة 121 وفيه عن ابن خرداد أنه قتل وهو ابن 48 سنة وعن محمد بن إسحاق ابن موسى أنه قتل على رأس 120 وشهر و 15 يوما وقال ابن الأثير قتل سنة 121 وقيل سنة 122 (أقول) وكلها لا تنطبق على أن يكون عمره 42 أو 48 بل 44 أو 45 أو 46 أو 47 إلا القول بأنه ولد سنة 78 واستشهد سنة 120 فيكون عصره 42.

أمه

أم ولد اسمها حورية أو حوراء اشتراها المختار ابن أبي عبيدة الثقفي وأهداها إلى علي بن الحسين عليهما السلام في مقاتل الطاليين: فولدت له زيدا وعمر وعليا وخديجة ثم روى بسنده عن زياد بن المنذر أن المختار ابن أبي عبيدة اشترى جارية بثلاثين ألفا فقال لها أدبري فأدبرت ثم قال لها أقبلي فأقبلت ثم قال ما أرى أحدا أحق بها من علي ابن الحسين عليه السلام فبعث بها إليه وهي أم زيد بن علي عليه السلام ويأتي أن هشام بن عبد الملك عيره بأنه ابن أمة فأجابه أن إسماعيل ابن أمة وكان نبيا مرسلا وخرج من صلبه سيد ولد آدم وإنه لا يقصر برجل جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون ابن أمة.

صفته

في مقاتل الطالبين بسنده عن محمد بن الفرات رأيت زيد بن علي وقد أثر السجود بوجهه أثرا خفيفا.

نقش خاتمه

روى أبو الفرج في المقاتل بسنده عن أبي خالد كان في خاتم زيد بن علي أصبر تؤجر وتوق تنج.

أقوال العلماء فيه

هو جدنا الذي ينتهي نسبنا إلى ولده الحسب ذي الدمعة ثم إليه ومجمل القول فيه أنه كان عالما عابدا تقيا جامعا لصفات الكمال وهو أحد أباة الضيم البارزين تهضمه أهل الملك العضوض أعداء الرسول وذريته وأعداء بني هاشم في الجاهلية والإسلام.

وقاتلوهم في الإسلام حتى دخلوا فيه مكرهين وعاملوه بما لا تتحمله نفس أبية من أنوع الجفاء والاهتضام في الحجاز والشام فأبت نفسه القرار على الذل وخرج لما بذل له أهل العراق النصرة موطنا نفسه على أحد أمرين إما القتل أو عيش العز وإن لم يكن واثقا بوفاء أهل العراق لكنه رأى أنه إن لم يستطع أن يعيش عزيزا استطاع أن يموت عزيزا وقد اتفق علماء الإسلام على فضله ونبله وسمو مقامه كما اتفقت معظم الروايات على ذلك سوى روايات قليلة لا تصلح للمعارضة وسيأتي نقل الجميع إنشاء الله تعالى وعده ابن شهراشوب في المناقب في شعراء هل البيت المقتصدين من السادات وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج1 ص315: وممن تقبل مذاهب الإسلاف في إباء الضيم وكراهية الذل واختار القتل على ذلك وأن يموت كريما أبو الحسين زيد بن علي بن أبي طالب عليه السلام "اه" وهو إمام الزيدية الذين ينسبون إليه لاجتماع شروط الإمامة عندهم فيه وهو أن يكون من ولد علي وفاطمة عالما شجاعا كريما ويخرج بالسيف قال الشيخ في رجاله في أصحاب علي بن الحسين عليهما السلام زيد بن علي بن أبي طالب وفي أصحاب الباقر عليه السلام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسين وفي أصحاب الصادق عليه السلام زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسين مدني تابعي قتل سنة 131 وله 42 سنة وفي تكملة نقد الرجال زيد ابن علي بن الحسين عليهما السلام قد اتفق علماء الإسلام على جلالته وثقته وورعه وعلمه وفضله وقد روي في ذلك أخبار كثيرة حتى عقد ابن بابويه في العيون بابا لذلك وعن الشهيد في قواعده في بحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه صرح بأن خروجه كان بإذن الإمام عليه السلام.

وقال المفيد في الإرشاد: كان زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام عين إخوته بعد أبي جعفر عليه السلام وأفضلهم وكان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأخذ بثأر الحسين عليه السلام ثم روى بسنده عن أبي الجارود زياد بن المنذر قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي ذاك حليف القرآن وروى هشام (هشيم) بن هشام (ابن ميثم) قال سألت خالد ابن صفوان (أحد الرواة عن زيد) عن زيد بن علي وكان يحدثنا عنه فقلت أين لقيته قال بالرصافة (رصافة هشام في الكوفة) فقلت أي جل كان فقال كان كما علمت يبكي من خشية الله حتى تختلط دموعه بمخاطه واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم فظنوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها له لمعرفته باستحقاق أخيه للإمامة من قبله ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله عليه السلام "اه" أي وصية أخيه الباقر إلى ولده الصادق عليهما السلام.

وقال السيد علي خان الشيرازي في أوائل شرحه على الصحيفة الكاملة: في رياض السالكين هو أبو الحسين زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أمه أم ولد كان جم الفضائل عظيم المناقب وكان يقال له حليف القرآن روى أبو نصر البخاري عن أبي الجارود قال قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي ذلك حليف القرآن ذاك أسطوانة المسجد من كثرة صلاته "اه".

وفي عمدة الطالب ص 227 زيد الشهيد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ويكنى أبا الحسين وأمه أم ولد ومناقبه أجل من أن تحصى وفضله أكثر من أن يوصف ويقال له حليف القرآن.

وفي الرياض السيد الجليل الشهيد أبو الحسين زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن آبي طالب عليه السلام إمام الزيدية كان سيدا كبيرا عظيما في أهله وعند شيعة أبيه والروايات في فضله كثيرة وقد ألف جماعة من متأخري علماء الشيعة ومتقدميهم كتبا عديدة مقصورة على ذكر أخبار فضائله كما يظهر من مطاوي كتب الرجال ومن غيرها ومن المتأخرين الميرزا محمد الاسترابادي (صاحب الرجال) فله رسالة في أحواله أورد فيها كلام المفيد في الإرشاد بتمامه ونقل فيها أيضا ما رواه الطبرسي في إعلام الورى وما رواه ابن طاوس في ربيع الشيعة وأورد روايات كثيرة في مدحه وعن أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم أنه روى في مقتله عن خالد أبي صفوان قال انتهت الفصاحة والخطابة والزهادة والعبادة في بني هاشم إلى زيد بن علي رضي الله عنه رأيته عند هشام بن عبد الملك يخاطبه وقد تضايق مجلسه "اه" وقال أبو إسحاق السبيعي رأيت زيد ابن علي بن الحسين فلم أر في أهله مثله ولا أفضل وكان أفصحهم لسانا وأكثرهم زهدا وبيانا قال أبو حنيفة شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله فما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أعلم ولا أسرع جوابا ولا أبين قولا لقد كان منقطع القرين وقال الأعمش ما كان في أهل زيد بن علي مثل زيد ولا رأيت فيهم أفضل منه ولا أفصح ولا أعلم ولا أشجع ولو وفى له من تابعه لأقامهم على المنهج الواضح وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي المعروف بالحصري القيرواني المالكي في زهر الآداب وثمر اللباب كان زيد بن علي رضي الله عنه دينا شجاعا من أحسن بني هاشم عبارة وأجملهم إشارة وكانت ملوك بني أمية تكتب إلى صاحب العراق أن امنع أهل الكوفة من حضور زيد بن علي فإن له لسانا أقطع وأحد من شبا الأسنة وأبلغ من السحر والكهانة ومن كل نفث في عقدة.

وعن السيد علي خان الحويزي أنه قال في نكت البيان كان زيد بن علي بن الحسين عليه الرحمة من خيرة أولاد الأئمة المعصومين وكان فيه من الفضل والتقى والزهد والورع ما يتفوق به على غيره ولم يكن يفضله إلا الأئمة المعصومون وأما شجاعته وكرمه فهما أظهر من أن يوصفا وهو من رؤوس أباة الضيم فكأنه سلك طريق جده الحسين عليه السلام واختار قتلة الكرام على ميتة اللئام واحتساء المنية على طيب العيشة في كرب الدنية.

شمخ بأنفه عن أن يجلس بين يدي عدوه مجلس ذليل وأن يحط من قدره الرفيع الجليل وما حداه على خوض غمار المنايا وتقحم أهوال البلايا والرزايا إلا استطالة أعداء الله وأعداء الرسول عليه وبغضهم لجده وأبيه فقام على أن يجلي ظلمة الظلم بنور حسامه أو يفوز من كأس الشهادة باحتساء حمامه (نحاول ملكا أو نموت فنعذرا) ولم يكن في قيامه معتقدا كمعتقد الذين يزعمون أنهم تبعوا آثاره واستناروا مناره من فرق الزيدية بل كان عزمه على ما يظهر من حزن الصادق عليه السلام عليه ومن ترحمه عليه وعلى أصحابه ومن إعطاء أولاد الذين قتلوا بين يديه من الصدقة كما ورد في الأخبار أنه إن ظفر بالأمر وأزال أهل الضلال يرجع الأمر إلى الإمام المعصوم من آل محمد صلى الله عليه وسلم "اه".

وعن الشيخ البهائي في آخر رسالته المعمولة في إثبات وجود القائم عليه السلام الآن أنه قال: إنا معشر الإمامية لا نقول في زيد إلا خيرا وكان جعفر الصادق عليه السلام يقول كثيرا رحم الله عمي زيدا وروي عن الرضا عليه السلام أنه قال لأصحابه إن زيدا يتخطى يوم القيامة بأهل المحشر حتى بدخل الجنة والروايات عن أئمتنا عليهم السلام في هذا المعنى كثيرة وعن الشيخ حسن بن علي الطبرسي في آخر كتاب أسرار الإمامة أنه أورد فصلا في أحوال زيد بن علي ذكر فيه الأخبار الواردة في فضائله وعن عاصم بن عمر بن الخطاب أنه قال بعد شهادة زيد مخاطبا أهل الكوفة لقد أصيب عندكم رجل ما كان في زمانه مثله ولا أرى يكون بعده مثله وقد رأيته وهو غلام حدث وإنه ليسمع الشيء من ذكر الله فيغشى عليه حتى يقول القائل ما هو عائد إلى الدنيا. وقال الشعبي والله ما ولد النساء أفضل من زيد بن علي ولا أفقه ولا أشجع ولا أزهد. وعن كتاب زينة المجالس أن زيدا ذهب يوما إلى خالد بن عبد الله القسري أمير الكوفة فقام له خالد وعظمه وسأل شخص كان حاضرا في المجلس لأي شيء تعظمك اليهود وتقدمك عليها فقال لأنني من نسل داود النبي فقال خالد كم بينك وبين داود قال بضعة وأربعون واسطة فقال خالد هذا زيد بن علي ابن رسول الله يتصل به بثلاث وسائط فقال اليهودي عظم شخص جعله الله تعالى عظيما بواسطته فقال خالد إني أرى احترامه وتوقيره واجبا علي قال اليهودي كذبت لو كنت تعتقد تعظيمه لأجلسته مكانك فقال خالد أنا لا آبى ذلك لكن هشام بن عبد الملك لا يرضى به قال اليهودي إن هشاما لا يقدر أن يمنعك عن رضا الله تعالى قال خالد اهدأ واخرج من المجلس سالما قال اليهودي إذا لم يرد الله تعالى لم يقدر أهل الدنيا على إيصال ضرر إلى أحد فلما وصل الكلام إلى هنا قام زيد وقال إن اعتقاد اليهود بالرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من اعتقاد هؤلاء "اه". وروى أبو الفرج في المقاتل بسنده عن خصيب الوابشي كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه وبسنده عن عاصم بن عبيد الله العمري أنه ذكر عنه زيد بن علي فقال رأيته بالمدينة وهو شاب يذكر الله عنده فغشي عليه حتى يقول القائل ما يرجع إلى الدنيا. وبسنده عن محمد بن أيوب الرافقي كانت البراجم وأهل النسك لا يعدلون بزيد أحدا. وفي تهذيب التهذيب ذكره ابن حيان في الثقات وقال رأى جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعاد ذكره في طبقة أتباع التابعين وقال روى عن أبيه واليه تنسب الزيدية من طوائف الشيعة.

ما ورد في حقه من الأخبار

في الرياض اختلفت الأخبار وتعارضت الآثار بل كلام العلماء الأخيار في مدحه والروايات في فضله كثيرة "اه". أقول بل العلماء مطبقون على فضله وإن وجد من يخالفهم فشاذ.

ما رواه الكشي في مدحه

روى عن محمد بن مسعود حدثني الفضل حدثني أبي حدثنا أبو يعقوب المقري وكان من كبار الزيدية قال كنت عند أبي جعفر جالسا إذ أقبل زيد بن علي فلما نظر إليه أبو جعفر قال هذا سيد أهل والطالب بأوتارهم. وروى الكشي في ترجمة الحميري عن نصر بن الصباح عن إسحاق ابن محمد البصري عن علي بن إسماعيل عن فضيل الرسان دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بعدما قتل زيد بن علي فأدخلت بيتا جوف بيت فقال لي يا فضيل قتل عمي زيد قلت نعم جعلت فداكم قال رحمه الله أما إنه كان مؤمنا وكان عارفا وكان عالما صدوقا أما إنه لو ظفر لوفى أما إنه لو ملك لعرف كيف يضعها. وفي ترجمة سليمان بن خالد عن محمد بن الحسن وعثمان بن حامد قالا حدثنا محمد بن يزاد عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان ابن مسلم عن عمار الساباطي كان سليمان بن خالد خرج مع زيد بن علي حين خرج فقال له رجل ونحن وقوف في ناحية وزيد واقف في ناحية ما تقول سليمان قلت والله ليوم من جعفر خير من زيد أيام الدنيا فحرك دابته وأتى زيدا وقص عليه القصة ومضيت نحوه فانتهيت إلى زيد وهو يقول جعفر إمامنا في الحلال والحرام. وفي ترجمة سودة بن كليب بسنده عن سودة بن كليب قال لي زيد بن علي يا سودة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرونه فقلت على الخبير سقطت كنا نأتي أخاك محمد بن علي عليهما السلام نسأله فيقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل في كتابه حتى مضى أخوك فأتيناكم آل محمد وأنت فيمن أتينا فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه حتى أتينا ابن أخيك جعفرا فقال لنا كل ما قال أبوه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله تعالى فتبسم وقال أما والله إن قلت بذا فإن كتب علي صلوات الله عليه عنده. ومن كانت كتب علي عنده فهو وارثه في العلم وهو الإمام وهذا اعتراف ضمني منه بإمامة الصادق عليه السلام ويأتي في ترجمة ابنه يحيى ما له تعلق بالمقام.

ما جاء عن أئمة أهل البيت وغيرهم في مدح

ما رواه الصدوق في العيون في مدحه

فروى بسنده عن محمد بن يزيد النحوي عن ابن (أبي) عبدون عن أبيه قال لما حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون وكان قد خرج بالبصرة وأحرق دور بني العباس وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا عليه السلام وقال يا أبا الحسن لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج من قبله زيد بن علي فقتل ولولا مكانك لقتلته فليس ما أتاه بصغير فقال الرضا يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيدا على زيد ابن علي فإنه كان من علماء آل محمد غضب لله عز وجل فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ولقد استشارني في خروجه فقلت له يا عمي إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك فلما ولى قال جعفر ابن محمد ويل لمن سمع داعيته فلم يجبه فقال المأمون يا أبا الحسن أليس قد جاء فيمن ادعى الإمامة بغير حقها ما جاء فقال الرضا إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق وإنه كان أتقى لله من ذاك إنه قال أدعوكم إلى الرضا من آل محمد وإنما جاء فيمن يدعي أن الله نص عليه ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم وكان زيد بن علي والله ممن خوطب بهذه الآية وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم ثم قال: قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب لزيد بن علي فضائل كثيرة عن غير الرضا عليه السلام أحببت إيراد بعضها على أثر هذا الحديث ليعلم من ينظر في كتابنا هذا اعتقاد الإمامية فيه. فمن ذلك ما رواه محمد بن الله ابن جعفر الحميري عن أبيه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن علوان وعن عمرو بن ثابت عن داود ابن عبد الجبار عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسين يا حسين يخرج مم صلبك رجل يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة يغير حساب. وما رواه عن علي ابن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق عن علي بن الحسين العباسي العلوي عن الحسن بن علي الناصر عن أحمد ابن رشيد عن عمير (عمر) بن سعيد عن أخيه معمر (وفي نسخة عن أحمد بن رشد عن عمه أبي معمر ابن خثيم عن أخيه معمر) كنت جالسا عند الصادق عليه السلام فجاء زيد ابن علي بن الحسين عليه السلام فأخذ بعضادتي الباب فقال له الصادق عليه السلام يا عمي أعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة فقالت أم زيد ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني فقال عليه السلام يا ليته حسد ثلاث مرات حدثني أبي عن جدي أنه قال يخرج من ولدي رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة وبصلب بالكناسة يخرج من قبره حين ينشر تفتح له أبواب السماء يبتهج به أهل السماوات والأرض "الحديث". وما رواه عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي السكري عن محمد (أحمد) ابن زكريا الجوهري عن جعفر ابن محمد بن عمارة عن أبيه عن عمرو بن خالد عن عبد الله ابن سيابة قال خرجنا ونحن سبعة نفر فأتينا المدينة فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فقال أعندكم خبر من عمي زيد فقلنا خرج أو هو خارج قال فإن أتاكم خبر فأخبروني فأتى رسعول إلى بسام الصيرفي بكتاب فيه أما بعد فإن زيد ابن علي قد خرج يوم الأربعاء غرة صفر ومكث الأربعاء والخميس وقتل يوم الجمعة وقتل معه فلان وفلان فدخلنا على الصادق عليه السلام فدفعنا إليه الكتاب فقرأه وبكى ثم قال إنا لله وإنا إليه راجعون عند الله أحتسب عمي إنه كان نعم العم إن عمي كان رجلا لدنيانا وآخرتنا مضى والله عمي شهيدا كشهداء استشهدوا مع النبي وعلي والحسن والحسين عليهم السلام. وما رواه عن محمد بن الحسين (الحسن) ابن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد ابن عبد الله البرقي عن أبيه محمد بن شمون عن عبد الله بن سنان عن الفضيل بن يسار انتهيت إلى زيد بن على صبيحة يوم خرج بالكوفة فسمعته يقول من يعينني منكم على أنباط أهل الشام فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق بشيرا ونذيرا لا يعينني على قتالهم منكم أحد إلا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجبنة بإذن الله عز وجل فلما قتل اكتريت راحلة وتوجهت نحو المدينة فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت في نفسي والله لا أخبرته بقتل زيد بن علي فيجزع عليه فلما دخلت عليه قال ما فعل عمي زيد فخنقتني العبرة فقال قتلوه قلت إي والله فقال صلبوه فقلت إي والله صلبوه فأقبل يبكي ودموعه تنحدر على ديباجتي خده كأنها الجمان ثم قال يا فضيل شهدت مع عمي زيد قتال أهل الشام (إلى أن قال) مضى والله عمي زيد وأصحابه شهداء مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه. ورواه الصدوق في الأمالي في المجلس 59 الحديث الأول مثله سندا ومتنا.

ما رواه الصدوق قي الأمالي والكليني في الروضة

روى الصدوق في الأمالي والكليني في روضة الكافي بالإسناد عن الصادق عليه السلام أنه قال لا تقولوا خرج زيد فإن زيدا كفان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعى إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه.

ما روي في مقاتل الطالبيين

روى أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين بسنده عن أبي قرة قال لي زيد والذي يعلم ما تحت وريد زيد ابن علي أن زيد بن علي لم يهتك لله محرما منذ عرف يمينه من شماله وبسنده عن عبد الله بن جرير أو ابن حرب رأيت جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب ويسوي ثيابه على السرج (قال المؤلف) في هذا الحديث نظر فإن الصادق بحسن خلقه وتواضعه وكمال أدبه يجوز أن يفعل ذك مع عمه زيد فزيد لم يكن ليدعه يفعل ذلك مع اعترافه بإمامته عليه كما يأتي. وبسنده عن سعيد بن خيثم: كان بين زيد ابن علي وعبد الله بن الحسن مناظرة في صدقات علي عليه السلام فكانا يتحاكمان إلى قاض فإذا قاما من عنده أسرع عبد الله إلى دابة زيد فأمسك له بالركاب.

ما رواه المرتضى في مدحه

عن المسائل الناصرية للشريف المرتضى عن أبي الجارود زياد بن المنذر قيل لأبي جعفر الباقر أي إخوتك أحب إليك وأفضل قال أما عبد الله فيدي التي أبطش بها وأما عمر فبصري الذي أبصر به وأما زيد فلساني الذي أنطق به وأما الحسين فحليم يمشي علي الأرض هونا.

ما رواه الحميري والصدوق في حقه

عن الحميري في كتاب الدلائل أنه روى عن عبد الرحمن بن سعيد عن رجل من بني هاشم قال كنا عند الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل الكوفة فقال عليه السلام للكوفي أتروي شيئا من طرائف الشعر فأنشد:

فوضع الإمام يده الشريفة على كتف أخيه زيد بن علي وكان جالسا بجنبه وقال هذه صفتك يا أخي وأعيذك بالله أن تكون قتيل أهل العراق.

وفي أمالي الصدوق في المجلس العاشر: حدثنا الحسن ابن عبد الله بن سعيد العسكري حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثنا الأشعث بن محمد الضبي حدثني شعيب بن عمر عن أبيه عن جابر الجعفي قال: دخلت علي أبي جعفر محمد ابن علي عليهما السلام وعنده زيد أخوه فدخل عليه معروف ابن خربوذ المكي فقال له أبو جعفر عليه السلام يا معروف أنشدني من طرائف ما عندك فأنشده:

قال فوضع محمد بن علي عليه السلام يده على كتفي زيد فقال هذه صفتك يا أبا الحسين ورواه الصدوق في الأمالي أيضا في الحديث (11) من المجلس 54 بسنده عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال إني لجالس عند أبي جعفر بن علي الباقر عليه السلام إذ أقبل زيد بن علي عليه السلام فلما نظر إليه أبو جعفر عليه السلام وهو مقبل قال هذا سيد من سادات أهل بيته والطالب بأوتارهم لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد.

ما رواه أبو ولاد الكاهلي

في الرياض - ولم ييسر لي معرفة مصدره - ما صورته: عن أبي ولاد الكاهلي قال لي الصادق عليه السلام: أرأيت عمي زيدا قلت: نعم رأيته مصلوبا ورأيت الناس بين شامت حنق وبين محزون محترق قال: أما الثاني فمعه في الجنة وأما وأما الشامت فشريك في دمه.

ما رواه الحسن بن راشد

في الرياض أيضا - ولم يتيسر لي معرفة مصدره -: روى الحسن بن راشد قال ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند أبي عبد الله عليه السلام فقال لا تفعل رحم الله عمي زيدا فإنه أتى إلى أبي فقال أريد الخروج على هذا الطاغية فقال لا تفعل يا زيد فإني أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة "الحديث". فنهيه إنما كان شفقة عليه ولذا لم يرض بتنقصه وترحم عليه.

ما روي مما يوهم القدح فيه

قال الفاضل المازندراني في حاشية الكافي: اعلم أن الروايات في مدح زيد وذمه مختلفة وروايات المدح أكثر مع أن روايات الذم لا تخلو من علة "اه". فمن الروايات التي توهم الذم ما رواه الكشي في رجاله بسنده عن أبي خالد القماط قال لي رجل من الزيدية أيام زيد ما منعك أن تخرج مع زيد قلت له إن كان أحد في الأرض مفروض الطاعة فالخارج قبله هالك وإن كان ليس في الأرض مفروض الطاعة فالخارج والجالس موسع لهما فلم يرد علي بشيء فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام وكان متكئا فجلس ثم قال أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ولم تجعل له مخرجا. (والجواب) عن هذا الحديث أن الخارج إنما يكون هالكا إذا خرج مدعيا الإمامة لنفسه وزيد إنما خرج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داعيا إلى الرضا من آل محمد.

وروى الكشي أيضا في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة بسنده عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال دخل أبي وعلقمة على زيد بن علي وكان بلغهما أنه قال ليس الإمام منا من أرخى عليه ستره إنما الإمام من شهر سيفه فقال له أبو بكر يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه قال وكان زيد يبصر الكلام فسكت ولم يجبه فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشيء فقال له أبو بكر إن كان علي بن أبي طالب إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك ها هنا فطلب إليه علقمة أن يكف عنه فكف عنه.

وفيه عن أبي مالك الأحمسي:

قال زيد بن علي لصاحب الطاق تزعم آن في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروف بعينه قال نعم وكان أبوك أحدهم قال ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول المضغة فيبردها ثم يلقمنيها أفتراه كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار فيقول لي إذا أنا مت فاسمع وأطع لأخيك محمد الباقر ابني فإنه الحجة عليك ولا يدعني أموت ميتة جاهلية، فقال كره أن يقول لك فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد ولا يكون له فيك شفاعة فتركك مرجئا لله فيك المشيئة وله فيك الشفاعة ثم قال: أنتم أفضل أم الأنبياء قال بل الأنبياء. قال: يقول يعقوب ليوسف {لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا} لم يخبرهم حتى لا يكيدوا له كيدا ولكن كتمهم وكذا أبوك كتمك لأنه خاف منك على محمد لم إن هو أخبرك بموضعه من قلبه وبما خصه الله فتكيد له كيدا كما خاف يعقوب على يوسف من إخوته "الحديث".

وهذا الحديث مع فرض صحة سنده معارض بالأخبار الكثيرة المستفيضة المتقدمة الدالة على احترام زيد لأخيه الباقر واعترافه بإمامته وعلى احترامه لابن أخيه الصادق واعترافه بإمامته واحترام الصادق له وحزنه لقتله وتفريقه المال في عيال من قتل معه.

وفي الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل بسنده عن موسى بن بكر عمن حدثه أن زيد ابن علي بن الحسين دخل على أبي جعفر بن علي عليه السلام ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج فقال له أبو جعفر هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه فقال به ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله عز وجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء فقال له أبو جعفر عليه السلام إن الطاعة مفروضة من الله عز وجل وسنة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول وقضاء مفصول وحتم مقضي وقدر مقدور وأجل مسمى لوقت معلوم فلا يستخفنك الذين لا يوقنون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فلا تعجل إن الله لا يعجل لعجلة العباد ولا تستبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك فغضب زيد عند ذلك ثم قال ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد ولكن الإمام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه قال أبو جعفر هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يضرب به مثلا فإن الله عز وجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله وقد قال الله عز و جل في الصيد {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله عز وجل {وإذا حللتم فاصطادوا} وقال عز وجل {لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام} فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله} ثم قال تبارك وتعالى {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} فجعل لذلك محلا وقال {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} فجعل لكل شيء محلا ولكل أجل كتابا فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ولا تتعاط زوال ملك لم ينقض الله ولم ينقطع مداه ولم يبلغ الكتاب أجله فلو قد بلغ مداه وانقطع أكله وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفضل وتتابع النظام ولأعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار أتريد يا أخي أن يحيى ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله وأعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه ثم قال الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا.

وهذا الحديث مع ضعف سنده ليس فنيه إلا أن زيدا قال إن الإمام من خرج بالسيف ولم يرخ ستره ويقعد في بيته وهذه هي مقالة الزيدية وقد أقام عليه أخوه الباقر عليه السلام الحجة الواضحة والبرهان القاطع وفند ما قاله بما لا مزيد عليه ولم يظهر من زيد أنه بقي مصرا على رأيه ولكنه مع ذلك خرج إلا أن خروجه - كما دلت عليه الروايات الأخرى - لم يكن لدعواه الإمامة بل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالمين. وقد عرفت أنه لم يدع إلى نفسه وإنما أخرجه اهتضام بني أمية له فخرج ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وصورة مبايعته الآتية تدل على ذلك. ولنا جواب واحد عن جميع هذه الأخبار بعد تسليم سندها هو أن ما دل على مدحه أكثر وأشهر ومعتضد بقرائن أخر.

وفي المناقب سأل زيدي الشيخ المفيد وأراد الفتنة فقال بأي شيء (نبأ) استجزت إنكار إمامة زيد فقال إنك قد ظننت علي ظنا باطلا وقولي في زيد لا يخالفني فيه أحد من الزيدية فقال وما مذهبك فيه قال أثبت في إمامته ما تثبته الزيدية وأنفي عنه من ذلك ما تنفيه وأقول كان إماما في العلم والزهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنفي عنه الإمامة الموجبة لصاحبها العصمة والنص والمعجز فهذا ما لا يخالفني فيه أحد.

عبادته

عن تفسير فرات بن إبراهيم أنه روى عن سعيد بن جبير أنه قال قلت لمحمد بن خالد كيف قلوب أهل العراق مع زيد بن علي فقال لا أحدثك عن أهل العراق لكن أحدثك عن رجل يسمى النازلي بالمدينة قال صحبت زيدا ما بين مكة والمدينة وكان يصلي الفريضة ثم يصل ما بين الصلاة إلى الصلاة ويصلي الليل كله ويكثر التسبيح ويكرر هذه الآية: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد} فصلى ليلة معي وقرأ هذه الآية إلى قريب نصف الليل فانتبهت من نومي فإذا أنا به ماد يديه نحو السماء وهو يقول: إلهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ثم انتحب فقمت إليه وقلت يا ابن رسول الله لقد جزعت في ليلتك هذه جزعا ما كنت أعرفه فقال ويحك يا نازلي إني نمت هذه الليلة وأنا ساجد فرأيت جماعة عليهم لباس لم أر أحسن منه فجلسوا حولي وأنا ساجد فقال رئيسهم هل هو هذا فقالوا نعم فقال ابشر يا زيد فإنك مقتول في الله ومصلوب ومحروق بالنار ولا تمسك النار بعدها أبدا فانتبهت وأنا فزع.

ومر قول يحيى بن زيد رحم الله أبي وكان والله أحد المتعبدين قائم ليله صائم نهاره. وروى الخزاز في كفاية النصوص بسنده عن المتوكل بن هارون عن يحيى بن زيد أنه قال له في حديث يا أبا عبد الله إني أخبرك عن أبي عليه السلام وزهده وعبادته إنه كان يصلي في نهاره ما شاء الله فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء الله ثم يقوم قائما على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر سجد سجدة ثم يصلي الفجر ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار ثم يذهب لقضاء حوائجه فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاه واشتغل بالتسبيح والتمجيد للرب المجيد فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس ثم يصلي العصر ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة فإذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء فقلت هل كان يصوم دائما قال لا ولكنه يصوم في كل سنة ثلاثة أشهر وفي كل شهر ثلاثة أيام ثم أخرج إلي صحيفة كاملة فيها أدعية علي ابن الحسين عليه السلام ومر قول عاصم رأيته يذكر الله عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل ما يرجع إلى الدنيا وأنه أثر السجود بوجهه.

قراءته

لزيد قراءة مشهورة معروفة ألف فيها بعض العلماء مؤلفا ففي كشف الظنون ج2 ص624 كتاب النير الجلي في قراءة زيد بن علي لأبي علي الأهوازي المقري وفي عمدة الطالب كان الحسين ذو الدمعة يحفظ القرآن وكذا آباؤه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهذه فضيلة حسنة ورأيت بعض النسابين قد ذكر أن الأب كان يلقن الابن منه إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام وهذه فضيلة حسنة ورأيت بعض النسابين قد ذكر أن الأب كان يلقن الابن منه إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام وهذا مشكل لأن الحسين ذا الدمعة كان يوم قتل أبوه ابن سبع سنين ويبعد أن يكوك ني هذا السن قد تلقن القرآن من أبيه زيد (وأقول) لا بعد فيه فإن ابن سبع قابل لذلك بالتجارب وفي مسودة الكتاب: ولزيد قراءة جده أمير المؤمنين قال عمر بن موسى الرحبي الزيدي في كتاب قراءة زيد هذه القراءة سمعها من زيد بن علي بن الحسين وما رأيت أعلم بكتاب الله منه الخ.

براءته من دعوى الإمامة

مر عن المفيد أنه اعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة لخروجه يدعو إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم فظنوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه الباقر عليه السلام للإمامة من قبله ووصية أخيه الباقر عند وفاته إلى ولده الصادق عليه السلام (وعن رياض الجنة) ما تعريبه إن زيد ابن علي كان دائما في فكر الانتقام والأخذ بثأر جده الحسين عليه السلام ومن هذه الجهة توهم بعضهم أنه ادعى الإمامة وهذا الظن خطأ لأنه كان عارفا برتبة أخيه وكان حاضرا في وقت وصية أبيه ووضع أخيه في مكانه وكان متيقنا أن الإمامة لأخيه وبعده للصادق عليه السلام وعن السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد النيلي النجفي رضوان الله عليه في كتابه الأنوار المضيئة أنه قال زعم طوائف ممن لا رشد لهم أن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام خرج يدعو لنفسه وقد افتروا عليه الكذب وبهتوه بما لم يدعه لأنه كان عين إخوته بعد أبي جعفر عليه السلام وأفضلهم ورعا وفقها وسخاء وشجاعة وعلما من آل محمد زعم كثير من الناس لا سيما جهال أهل الكونة هذا الزعم وتوهموا أنه دعا إلى نفسه ولم يكن يردها له لمعرفته باستحقاق أخيه الإمامة من قبله وابن أخيه لوصية أخيه إليه بها من بعده إلى أن قال وقد انتشرت الزيدية فكثروا وهم الآن طواف كثيرة في كل صقيه أكثرهم باليمن ومكة وكيلان "اه".

بعض النصوص الواردة عن زيد بإمامة الأئمة الاثني عشر.

روى الصدوق في الأمالي في المجلس 181 عن عمرو بن خالد قال زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه وفي كفاية الأثر ص 89 عن محمذ بن بكير في حديث يا ابن بكير بنا عرف الله وبنا عبد الله ونحن السبيل إلى الله ومنا المصطفى ومنا المرتضى ومنا يكون المهدي قائم هذه الأمة فقال ابن بكير يا ابن رسول الله هل عهد إليكم رسول الله متى يقوم قائمكم قال يا ابن بكير انك لن تلحقه وإن هذا الأمر يكون بعد ستة من الأوصياء بعد هذا ثم يجعل الله خروج قائمنا فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما قلت يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الأمر فقال أنا من العترة ثم زارني فقلت يا ابن رسول الله هذا هذا الذي قلت عن علم منك أو نقلته عن وسول الله فقال لو كنت أعلم الغيب لا استكثرت من الخير لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشنأ يقول:

وفي كفاية الأثر أيضا عن قاسم بن خليفة عن يحيى بن زيد أنه قال سألت أبي عن الأئمة قال الأئمة اثنا عشر أربعة من الماضين وثمانية من الباقين فقلت سمهم يا أبه قال أما الماضون فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومن الباقين أخي الباقر وبعده جعفر الصادق وبعده موسى ابنه وبعده علي ابنه وبعده محمد ابنه وبعده علي ابنه وبعده الحسن ابنه وبعده المهدي فقلت له يا أبه ألست منهم قال لا ولكني من العترة قلت فمن أين عرفت أساميهم قال عهد معهود عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونسب إلى زيد هذه الأبيات وأوردها ابن شهراشوب في المناقب:

وفي كفاية الأثر عن المتوكل بن هارون في حديث قلت ليحيى بن زيد يا ابن رسول الله إن أباك قام بدعوى الإمامة وخرج مجاهدا في سبيل الله وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذم من خرج مدعيا للإمامة كاذبا فقال مه يا أبا عبد الله إن أبي كان أعقل من أن يدعي ما ليس له بحق وإنما قال أدعوكم إلي الرضا من آل محمد عنى بذلك ابن عمي جعفرا قلت فهو اليوم صاحب هذا الأمر قال نعم هو أفقه بني هاشم وفيها أيضا بعد نقل النصوص الواردة عن زيد بن علي في إمامة الأئمة عليهم السلام قال فإن قال قائل فزيد بن علي عليه السلام إذا سمع هذه الأحاديث من الثقات المعصومين وآمن بها واعتقدها فلم خرج بالسيف وادعى الإمامة لنفسه وأظهر الخلاف على جعفر بن محمد عليهما السلام وهو بالمحل الشريف الجليل معروف بالسنن والصلاح مشهور عند الخاص والعام بالعلم والزهد وهذا لا يفعله إلا معاند جاحد وحاشا زيدا أن يكون بهذا المحل فأقول في ذلك وبالله التوفيق إن زيد بن علي خرج على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن محمد وإنما وقع الخلاف من جهة الناس وذلك أن زيد بن علي لما خرج ولم يخرج جعفر بن محمد عليه السلام توهم قوم من الشيعة أن امتناع جعفر للمخالفة وإنما كان لضرب من التدبير فلما رأى الذين صاروا إلى الزيدية سلفا ذلك قالوا ليس الإمام من جلس في بيته وأغلق بابه وأرخى ستره وإنما الإمام من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فهذان سببا وقوع الخلاف بين الشيعة وأما جعفر عليه السلام وزيد فما كان بينهما خلال والدليل على صحة قولنا قول زيد بن علي من أراد الجهاد فإلي ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر ولو ادعى الإمامة لنفسه لم ينف كمال العلم عن نفسه إذا كان الإمام أعلم من الرعية ومن مشهور قول جعفر بن محمد رحم الله عمي زيدا لو ظفر لوفى إنما دعى إلى الرضا من آل محمد وأنا الرضا قال السيد علي خان الحويزي في نكت البيان بعد نقل خبر فضيل ابن يسار في شهادة زيد عليه الرحمة: وقد دل هذا الحديث على أن زيدا رحمه الله في أعلى المراتب من رضى الأئمة الطاهرين وأنه من خلص المؤمنين وأنه من الأعذق عند المعصومين وكذلك ما ورد في حقه ومدحه والتحزن عليه وعلى ما أصابه في غير هذا الحديث عن أهل البيت عليهم السلام من أحاديث كثيرة ولا شك أنه لم يحمل له من الإمام عليه السلام نهي صريح عن الخروج كما ينبئ عن ذلك مدحهم له وإظهار الرضا عنه وهو لم يخرج إلا لما ناله من الضيم من عتات بني أمية ولا ريب أن قصده ونيته إن استقام له الأمر إرجاع الحق إلى أهله ويدل على ذلك رضاهم عنه إلى آخر كلامه.

مفاخرته مع هشام بن عبد الملك

عن أخطب خوارزم في مقتله ص 37 أنه روى عن معمر بن خيثم قال لي زيد بن علي كنت أباري هشام ابن عبد الملك وأكايده في الكلام فدخلت عليه يوما فذكر بني أمية فقال والله هم أشد قريش أركانا وأشيد قريش مكانا وأشد قريش سلطانا وأكثر قريش أعوانا كانوا رؤوس قريش في جاهليتها وملوكهم في إسلامها فقلت له على من تفخر أعلى بني هاشم أول من أطعم الطعام وضرب الهام وخضعت له قريش بإرغام أم على بني المطلب سيد مضر جميعا وإن قلت معد كلها صدقت إذا ركب مشوا وإذا انتعل احتفوا وإذا تكلم سكتوا وكان يطعم الوحوش في رؤوس الجبال والطير والسباع والإنس في السهل حافر زمزم وساقي الحجيج أم على بنيه أشرف رجال أم على سيد ولد آدم حمله الله على البراق وجعل الجنة بيمينه والنار بشماله فمن تبعه دخل الجنة ومن تأخر عنه دخل النار أم على أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام أخي رسول الله وابن عمه المفرج الكرب محنه وأول من قال لا إله إلا الله بعد رسول الله لم يبارزه فارس قط إلا قتله وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله في أحد من أصحابه ولا لأحد من أحل بيته قال فاحمر وجهه.

تهالكه في حب الإصلاح بين الأمة

في المقاتل بسنده عن البابكي واسمه عبد الله بن مسلم ابن بابك خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل واستوت الثريا قال يا بابكي أما ترى هذه الثريا أترى أحدا ينالها قلت لا قال والله لوددت أن يدي ملصقة بها أقع إلى الأرض أو حيث أقع فأتقطع قطعة قطعة وأن الله أصلح بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم هذا حرص زيد على الإصلاح بين أمة جده التي خذلته وأسلمته إلى بني أمية أعداء الله وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يكتفوا بقتله حتى صلبوه أربع سنين على أشنع صورة ثم أحرقوه عداوة لدين الإسلام الذي دخلوا فيه كارهين مرغمين ولم يوجد في هذه الأمة من يغير بيد ولا لسان نعم وجد فيها حتى اليوم من يدافع عنهم ويلتمس لهم الأعذار.

هل كان زيد يفتي الناس

سأل المتوكل بن هارون يحيى بن زيد فيما رواه الخزاز في كفاية الأثر هل كان أبوك يفتي الناس في معالم دينهم قال ما أذكر ذلك عنه.

فساد بعض النسب إليه

من السخافة بمكان ما في فوات الوفيات عن ابن أبي الدم أن زيدا وأصحابه كانوا معتزلة وأنه أخذ الاعتزال عن واصل بن عطاء وأن أخاه الباقر كان يعيب عليه قراءته على واصل مع كونه يجوز الخطأ على جده علي بن أبي طالب في حرب الجمل والنهروان ولأن واصلا كان يتكلم في القضاء والقدر على خلاف مذهب أهل البيت إلى آخر ما تكلم به من هذا الهذيان فإنه لم يرد شيء من هذا عن أئمة أهل البيت في حق زيد بل ورد عنهم مدحه والثناء عليه ولو كان لشيء من ذلك أثر لحكاه عنهم أصحابهم وأتباعهم ولما خفي ذلك عنهم وظهر لابن أبي الدم وإنما تكلم فيه من تكلم من حيف احتمال دعواه الإمامة والأكثر بل الجمع على أنه لم يدعها فلو كان فيه مغمز غير ذلك لما سكتوا عنه لكن واضع هذا الكلام عن لسانه له غرض غير خفي على المتأمل.

ما نسب إليه فيمن لقبوا الرافضة

ذكر كثير ممن تكلم على هذا اللقب من أخصام الشيعة وتلقفه الآخر عن الأول أن زيدا سئل لما كان يحارب جيش هشام عن الشيخين فقال هما صاحبا جدي وضجيعاه في قبره فرفضه جماعة فسموا الرافضة وذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب أنه يجوز أن يكون قال ذلك استصلاحا لعسكره ومن الذي يشك أن لهما هاتين الصفتين وأن المروي أنه لما أصابه السهم طلب السائل فأراه السهم وقال هما أوقفاني هذا الموقف.

ما نسب إليه في أمر فدك

روى ابن عساكر عن زيد أنه قال لو كنت مكان أبي بكر لحكمت بمثل ما حكم به في فدك "اه" والناظر بإنصاف في قصة فدك يعلم أن هذا الحديث موضوع على زيد على ذلل ما في شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 94 قال المرتضى أخبرنا أبو عبد الله المرزباني حدثني علي ابن هارون أخبرني عبيد الله بن أحمد ابن أبي طاهر عن أبيه قال ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كلام فاطمة عند منع أبي بكر إياها فدكا وقلت له إن هؤلاء يزعمون أنه مصنوع وأنه من كلام أبي العيناء لأن الكلام منسوق البلاغة فقال لي رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أولادهم وقد حدثني به أبي عن جدي يبلغ به فاطمة على هذه الحكاية وقد رواه مشايخ الشيعة وتدارسوه قبل أن يوجد جد أبي العيناء وقد حدث الحسين بن علوان عن عطية العوفي أنه سمع عبد الله ابن الحسن بن الحسن يذكر عن أبيه هذا الكلام ثم قال أبو الحسين زيد وكيف ينكرون هذا من كلام فاطمة وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة ويحفظونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت "اه".

حديث سد الأبواب

في تاريخ دمشق لابن عساكر بسنده عن شعبة سمعت سيد الهاشميين زيد بن بالمدينة في الروضة يقول حدثني أخي محمد أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سدوا الأبواب كلها إلا باب علي وأومأ بيده إلى باب علي.

قال مهذب في تاريخ ابن عساكر: هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ورواه بمعناه الإمام أحمد في مسنده عن سعد بن مالك وعن ابن عمرو ورواه النسائي في مناقب علي عن الحارث بن مالك وعن زيد بن أرقم ورواه أبو نعيم عن أبي عباس ورواه الحافظ ابن حجر في كتابه القول المسدد في الرد على ابن الجوزي في جعله هذا الحديث موضوعا وأطال الكلام ثم قال هذا الحديث مشهور وله طرق متعددة كل طريق منها على انفراده لا يقصر عن رتبة الحسن ومجموعها ما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث "اه" قال وذكر الحافظ السيوطي أسانيده في كتابه اللآلئ المصنوعة وأطال في دفع الوضع عنه "اه" فظهر أن زعم الوضع فيه كبوة من ابن الجوزي.

حديث المعراج

في تاريخ دمشق لابن عساكر عن أبيه عن جده عن علي صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر ذات يوم بغلس ثم التفت إلينا فقال أفيكم من رأى الليلة شيئا فقلنا لا يا رسول الله قال ولكني رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا وذكر حديثا طويلا فيه عقاب من ينام عن صلاة العشاء والنمام وآكل الربا والزناة ومن يعملون عمل قوم لوط ثم قال فمضيت فإذا أنا بروضة فيها شيخ جليل لا أجمل منه وحوله الولدان وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء فقالا تلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهذه منازلك وأهل بيتك الحديث بطوله.

ما قاله في البترية

مر في البترية ما رواه الكشي في ترجمة سلمة بن كهيل بسنده عن سدير دخلت على أبي جعفر عليه السلام ومعي سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم ابن أبي حفصة وكثير النوا وجماعة معهم وعند أبي جعفر أخوه زيد ابن علي فقالوا لأبي جعفر نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم ونتولى غيرهم ونتبرأ من أعدائهم فالتفت إليهم زيد بن علي وقال لهم أتتبرأون من فاطمة بترتم أمرنا بتركم الله فيومئذ سموا البترية.

دلالته على قبر أمير المؤمنين عليه السلام

عن فرحة الغري عن أبي حمزة الثمالي في حديث قال لما كانت ليلة النصف من شعبان أتيت إلى زيد بن علي وسلمت عليه وكان قد انتقل من دار معاوية بن إسحاق إلى دور بارق وبني هلال فلما جلست عنده قال يا أبا حمزة تقوم حتى نزور قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت نعم جعلت فداك (إلى أن قال أبو حمزة) فأتينا الذكوات البيض فقال هذا قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبعد أن زرناه رجعنا "اه" وكان قبره عليه السلام قد خفي خوفا من بني أمية ولم يكن يعرفه إلا ولده وخواص شيعتهم إلى أن أظهر أيام الرشيد.

خروجه والسبب فيه ومقتله

في مروج الذهب ج 2 ص 181 في أيام هشام بن عبد الملك استشهد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سنة 121 وقيل 122 وقد كان زيد بن علي شاور أخاه أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي فأشار عليه بأن لا يركن إلى أهل الكوفة إذ كانوا أهل غدر ومكر وقال له بها قتل جدك علي وبها طعن عمك الحسن وبها قتل أبوك الحسين وفيها وفي أعمالها شتمنا أهل البيت وأخبره بما كان عنده من العلم في مدة ملك بني مروان وما يتعقبهم من الدولة العباسية فأبى إلا ما عزم عليه من المطالبة بالحق فقال له إني أخاف عليك يا أخي أن تكون غدا المصلوب بكناسة الكوفة وودعه أبو جعفر وأعلمه أنهما لا يلتقيان "اه" وكان هذا مما أخذه الباقر عن آبائه عليه السلام عن جدهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أبو بكر الخوارزمي في رسالته إلى شيعة نيسابور لما قصدهم واليها: واتصل البلاء مدة ملك المروانية إلى الأيام العباسية حتى إذا أراد الله أن يختم مدتهم بأكبر آثامهم ويجعل عظيم ذنوبهم في آخر أيامهم بعث عظيم ذنوبهم في آخر أيامهم بعث على بقية الحق المهمل والدين المعطل زيد بن علي فخذله منافقو أهل العراق وقتله أحزاب أهل الشام فلما انتهكوا ذلك الحريم واقترفوا ذلك الإثم العظيم غضب الله عليهم وانتزع الملك منهم.

سبب خروجه

اختلفت الروايات والأقوال في سبب خروجه على وجوه (أحدها) ما عامله به هشام من الجفاء المفرط.

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق وفد على هشام بن عبد الملك فرأى منه جفوة فكان ذلك سبب خروجه وقال المفيد في الإرشاد كان سبب خروج أبي الحسين زيد بن علي رضي أنه عنه بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين عليه السلام أنه دخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه فقال له زيد إنه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصى بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه فقال له هشام أنت المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها وما أنت وذاك لا أم لك وإنما أنت ابن أمة فقال له زيد إني لا أعلم أحدا أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن علي ابن أبي طالب فوثب هشام عن مجلسه (وزيد في عمدة الطالب ووثب الشاميون) ودعا قهرمانه فقال لا يبيتن هذا في عسكري (الليلة) فخرج زيد وهو يقول إنه لم يكره قط أحد حد السيوف إلا ذلوا فلما وصل إلى الكوفة اجتمع إليه أهلها فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه فقتل وصلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم ولا يغير بيد ولا بلسان "اه".

وفي المناقب لما رأى هشام معرفته وقوة حجته وشاهد مه ما لم يكن في حسانه داخله الخوف منه إذ يفتتن به أهل الشام وقال لقهرمانه لا يبيتن هذا في عسكري الليلة. وفي كتاب مختار البيان والتبيين للجاحظ عند تعداد الخطباء: ومنهم زيد بن علي بن الحسين قال وكان قد وشي به إلى هشام فسأله عن ذلك فقال أحلف لك قال هشام وإذا حلفت أفأصدقك قال اتق الله قال أو مثلك يا زيد يأمر مثلي بتقوى الله قال لا أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ولا أحد دون أن يوصي بتقوى الله قال هشام بلغني أنك تريد الخلافة وأنت لا تصلح لها لأنك ابن أمة قال قد كان إسماعيل بن إبراهيم ابن أمة وإسحاق بن حرة فأخرج الله من صلب إسماعيل النبي الكريم فعندها قال له هشام قم قال إذا لا تراني إلا حيث تكره إلى أن قال ومن أخبار زيد بعد ذلك أنه لما رأى الأرض طبقت جورا ورأى قلة الأعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة أحب الميتات إليه "اه".

وفي عمدة الطالب أنه لما قال ما كره قوم حد السيوف إلا ذلوا حملت كلمته إلى هشام فعرف أنه يخرج عليه ثم قال هشام ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا ولعمري ما انقرض من مثل هذا خلفهم.

وفي المناقب عن عيون الأخبار وفي الرياض أن هشاما قال له ما فعل أو ما يصنع أخوك البقرة فغضب زيد حتى كاد يخرج من أهابه ثم قال سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الباقر وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار.

وفي الرياض فقال هشام خذوا بيد هذا الأحمق المنافق فأخرجوه فأخرج زيد وأشخص إلى المدينة ومعه نفر يسير حتى طردوه عن حدود الشام فلما فارقوه عدل إلى العراق.

وفي تاريخ دمشق قال عبد الأعلى الشامي لما قدم زيد الشام كان حسن الخلق حلو اللسان فبلغ ذلك هشاما فاشتد عليه فشكا ذلك إلى مولى له فقال ائذن للناس إذنا عاما واحجب زيدا وائذن له في آخر الناس فدخل فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فلم يرد عليه فقال السلام عليك يا أحول فإنك ترى نفسك أهلا لهذا الاسم فقال له هشام أنت الطامع في الخلافة وأمك أمة فقال إن لكلامك جوابا فإن شئت أجبت قال وما جوابك فقال لو كان في أم الولد تقصير لما بعث الله إسماعيل نبيا وأمه هاجر فالخلافة أعظم أم النبوة فأفحم هشام فلما خرج قال لجلسائه أنتم القائلون إن رجالات بني هاشم هلكت والله ما هلك قوم هذا منهم فرده وقال يا زيد ما كانت أمك تصنع بالزوج ولها ابن مثلك قال أرادت آخر مثلي قال ارفع إلي حوائجك فقال أما وأنت الناظر في أمور المسلمين فلا حاجة لي ثم قام فخرج فأتبعه رسولا وقال اسمع ما يقول فتبعه فسمعه يقول من أحب الحياة ذل ثم أنشأ يقول:

ثم حلف أن لا يلقى هشاما ولا يسأله صفراء ولا بيضاء الحديث وفي مروج الذهب قد كان زيد دخل على هشام فلم ير موضعا يجلس فيه فجلس حيث انتهى به مجلسه وقال يا أمير المؤمنين ليس أحد يكبر عن تقوى الله ولا يصغر دون توقى الله فقال هشام اسكت لا أم لك أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة وأنت ابن أمة قال يا أمير المؤمنين إن لك جوابا إذا أحببت أجبتك به وإن أحببت أمسكت عنه فقال بل أجب فقال إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات وقد كانت أم إسماعيل أمة لا أم إسحاق عليهما السلام فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيا وجعله للعرب أبا فخرج من صلبه خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم فتقول لي هذا وأنا ابن فاطمة وابن علي وقام وهو يقول: (منخرق النعلين يشكو الوجى) الأبيات الأربعة الآتية فمضى عنها إلى الكوفة وخرج فيها ومعه القراء والأشراف فحاربه يوسف بن عمر الثقفي فلما قامت الحرب انهزم أصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة فقاتلهم أشد قتال وهو يقول متمثلا:

أذل الحياة وعز الممات=وكلا أراه طعاما وبيلا

وروى ابن عساكر أن زيدا دخل على هشام فقال له يا زيد بلغني أن نفسك لتسمو بك إلى الإمامة والإمامة لا تصلح لأولاد الإماء فأجابه زيد بما مر فقال هشام يا زيد إن الله لا يجمع النبوة والملك لأحد فقال زيد قال الله تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما}.

وقال ابن عساكر قال عبد الله بن جعفر قال لي سالم مولى هشام دخل زيد على هشام فرفع دينا كثيرا وحوائح فلم يقض له هشام حاجة وتجهمه وأسمعه كلاما شديدا فخرج من عنده وهو يأخذ شاربه ويفتله ويقول ما أحب الحياة أحد إلا ذل ثم مضى فكان وجهه إلى الكوفة فخرج بها ثم قتل وصلب فأخبرت هشاما بعد ذلك بما قاله زيد لما خرج من عنده فقال ثكلتك أمك ألا كنت أخبرتني بذلك قبل اليوم وما كان يرضيه إنما كانت خمسمائة ألف فكان ذلك أهون علينا مما صار إليه. وهذا من الأعذار التي هي أقبح من الذنب. ورواه الطبري في ذيل المذيل بسنده عن عبد الله بن جعفر مثله.

وقال ابن الأثير وغيره إن زيدا تنازع مع ابن عمه جعفر ابن حسن بن حسن بن علي في صدقات (وقوف) علي بن أبي طالب زيد من طرف أولاد الحسين بن علي طرف أولاد الحسن بن على فكانا يتبالغان كل غاية ويقومان فلا يعيدان مما كان بينهما حرفا فلما توفي جعفر قام مقامه عبد الله المحض ابن الحسن المثنى فتخاصم مع زيد يوما في مجلس خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم والي المدينة فأسمع عبد الله زيدا كلاما فيه غلظة وخشونة وعرض بأن أمه أم ولد وقال له يا ابن السندية فتبسم زيد وقال لا عيب في كون أمي أمة فإن أم إسماعيل أيضا أمة وقد صبرت أمي بعد وفاة سيدها ولم تتزوج كما فعل غيرها يعرض بأم عبد الله المحض فاطمة بنت الحسين بن علي عمة زيد فإنها بعد وفاة الحسن بن الحسن تزوجت وندم زيد على هذا الكلام وبقي مدة لا يدخل دار فاطمة حياء منها فأرسلت إليه يا ابن أخي إني لأعلم أن قدر أمك ومنزلتها عندك مثل منزلة أم عبد الله وقالت لعبد الله بئسما قلت لأم زيد أما والله لنعم دخيلة القوم كانت. وقال لهما خالد في ذلك اليوم أغدوا علي غدا فلست لعبد الملك إن لم أفصل بينكما فباتت المدينة تغلي كالمرجل يقول قائل قال زيد كذا ويقول قائل قال عبد الله كذا فلما كان الغد جلس خالد في المسجد واجتمع الناس فمن بين شامت ومهموم فدعا بهم خالد وهو يحب أن يتشاتما فذهب عبد الله يتكلم فقال له زيد لا تعجل يا أبا محمد اعتق زيد ما يملك إن خاصمك إلى خالد أبدا ثم أقبل على خالد وقال جمعت ذرية رسول الله لأمر لم يكن أبو بكر وعمر يجمعانهم له فقال خالد أما لهذا السفيه أحد فقام رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزم وقال يا ابن أبي تراب أما ترى لوال عليك حقا قال زيد اسكت أيها القحطاني فإنا لا نجيب مثلك قال فلماذا ترغب عني فوافه إني لخير منك وأبي خير من أبيك وأمي خير من أمك فتضاحك زيد وقال يا معشر قريش هذا الدين قد ذهب أفذهبت الأحساب إنه ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم فتكلم عبد الله ابن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال كذبت والله أيها القحطاني لهو خير منك نفسا وأبا وأما ومحتدا وتناوله بكلام كثير وأخذ كفا من حصباء فضرب بها الأرض ثم قال إنه والله ما لنا على هذا من صبر ثم خرج من المسجد وشخص زيد إلي هشام بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له فيرفع إليه القصص فكلما رفع إليه قصة كتب هشام في أسفلها ارجع إلى منزلك فيقول زيد والله لا أرجع إلى خالد أبدا ثم أذن له بعد طول حبس فرقى علية عالية وأمر هشام خادما أن يتبعه بحيف لا يراه زيد ويسمع ما يقول فصعد زيد وكان بادنا فوقف في بعض الدرجة فسمعه الخادم يقول ما أحب أحد الحياة إلا وذل فأبلغ الخادم هشاما ذلك فعلم هشام أن في نفسه الخروج ثم دخل على هشام إلى أن قال: فقال هشام لقد بلغني يا زيد أنك تذكر الخلافة وتتمناها ولست هناك وأنت ابن أمة إلى آخر ما مر فقال له هشام أخرج قال أخرج ثم لا أكون إلا بحيث تكره فقال له سالم يا أبا الحسين لا يظهرن هذا منك فخرج من عنده وسار إلى الكوفة ولما خرج من مجلس هشام أنشد:

وفي رواية أنه نهض من عند هشام وهو يقول:

وأخرج ابن عساكر عن الزهري كنت على باب هشام ابن عبد الملك فخرج من عنده زيد بن علي وهو يقول والله ما كره قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله تعالى بالذل وقال ابن الأثير قال له هشام أخرج قال أخرج ثم لا أكون إلا بحيث تكره فقال له سالم (مولى هشام) يا أبا الحسين لا يظهرن هذا منك فخرج من عنده وسار إلى الكوفة.

(ثانيها) أنه كان سبب خروجه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث شاعت المحرمات والفسق والفجور في عصر بني أمية. روى الخوارزمي في كتاب المقتل عن جابر الجعفي أنه قال: قال لي محمد بن علي الباقر عليهما السلام إن أخي زيد بن علي خارج مقتول وهو على الحق فالويل لمن خذله والويل لمن حاربه والويل لم يقتله قال جابر فلما أزمع زيد بن علي على الخروج قلت له إني سمعت أخاك يقول كذا وكذا فقال لي يا جابر لا يسعني أن أسكت وقد خولف كتاب الله وتحوكم إلى الجبت والطاغوت وذلك أني شهدت هشاما ورجل عنده يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت للساب ويلك يا كافر أما أني لو تمكنت منك لاختطفت روحك وعجلتك إلى النار فقال لي هشام مه عن جليسنا يا زيد فوالله إن لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى أفنى. وقال ابن عساكر. قال محمد ابن عمير إلى أبا الحسين لما رأى الأرض قد طوقت جورا ورأى قلة الأعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة أحب الميتات إليه فخرج وهو يتمثل بهذين البيتين:

(ثالثها) أنه كان السبب في خروجه أن خالد بن عبد الله القسري وابنه يزيد ادعيا مالا قبل زيد وغيره لما سأله يوسف ابن عمر عن ودائعهم فكتب يوسف بذلك إلى هشام فأرسل هشام زيدا إلى الكوفة ليجمع يوسف بينه وبين خالد فلما انقضى أمر هذه الدعوى وخرج زيد من الكوفة لحقه الشيعة وحملوه على الخروج وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق قال حمزة بن ربيعة كان سبب خروج زيد بالعراق أن يوسف ابن عم سأل القسري وابنه عن ودائعهم فقالوا لنا عند داود ابن علي وديعة وعند زيد بن علي وديعة فكتب بذلك إلى هشام فكتب هشام إلى صاحب المدينة في إشخاص زيد وكتب إلى صاحب البلقاء في إشخاص داود إليه فأما داود فحلف لهشام إن لاوديعة له عندي فصدقه وأذن له بالرجوع إلى أهله وأما زيد فأبى أن يقبل منه وأنكر زيد أن يكون له عنده شيء فقال أقدم على يوسف فقدم عليه فجمع بينه وبين يزيد وخالد القسرين فقال خالد إنما هو شيء تبردت به "اه" ليس لي عنده شيء وإنما قلت هذا لتخفيف العذاب عني فصدقه وأجازه يوسف وخرج يريد المدينة فلحقه رجال من الشيعة وقالوا له ارجع فإن لك عندنا الرجال والأموال فرجع.

وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين بأسانيده عن رواة حديثه قالوا كان أول أمر زيد بن علي صلوات الله عليه أن خالد بن عبد الله القسري ادعى مالا قبل زيد بن علي محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن عباس وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وأيوب بن سلمة المخزومي وكتب فيهم يوسف بن عمر عامل هشام إلى العراق إلى هشام وزيد بن علي ومحمد بن عمر يومئذ بالرصافة (الظاهر أنها رصافة الشام بناها هشام بن عبد الملك) وزيد يخاصم الحسن بن الحسن في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إليهم هشام فأنكروا فقال لهم هشام فإنا باعثون بكم إليه يجمع بينكم وبينه فقال له زيد أنشدك الله والرحم أن لا تبعث بنا إلى يوسف قال وما الذي تخاف من يوسف قال أخاف أن يتعدى علينا فكتب هشام إلى يوسف إذا قدم عليك زيد وفلان وفلان فاجمع بينهم وبينه فإن أقروا فسرح بهم إلي وإن أنكروا ولم يقم بينة فاستحلفهم بعد صلاة العصر ثم خل سبيلهم فقالوا إنا نخاف أن يتعدى كتابك قال كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرغ ويعجل قالوا جزاك الله عن الرحم خيرا. فسرح بهم إلى يوسف وهو يومئذ بالحيرة واحتبس أيوب ابن سلمة لخؤلته ولم يؤخذ بشيء من ذلك فلما قدموا على يوسف أجلس زيدا قريبا منه ولاطفه في المسألة ثم سألهم عن المال فأنكروا فأخرجه يوسف إليهم وقال هذا زيد ابن علي ومحمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما ادعيت قال مالي قبلهما قليل ولا كثير قال أفبي كنت تهزأ أم بأمير المؤمنين فعذبه عذابا ظن أنه قد قتله ثم أخرج زيدا وأصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفهم فحلفوا فخلى سبيلهم (كان خالد القسري واليا على العراق قبل يوسف فلما ولي يوسف عذبه بأمر هشام ليستخرج منه الأموال فادعى أن له مالا أودعه عند هؤلاء ليرفع عنه العذاب ولم يكن له عندعم شيء فلما جمعه بهم تكلم بالحقيقة).

وقال ابن الأثير إن هشاما أحضرهم من المدينة وسيرهم إلى يوسف ليجمع بينهم وبين خالد فقال يوسف لزيد إن خالدا زعم أنه أودعك مالا قال كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره فأرسل إلى خالد فأحضره في عباءة فقال هذا زيد قد أنكر أنك أودعته شيئا فقال خالد ليوسف أتريد مع إثمك في إثما في هذا كيف أودعه وأنا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر فقالوا لخالد ما دعاك إلى ما صنعت قال شدد علي العذاب فادعيت ذلك وأملت أن يأتي الله بفرج قبل قدومكم فرجعوا وأقام زيد وداود بالكوفة وقيل إن يزيد ابن خالد القسري هو الذي ادعى المال وديعة عند زيد "اه".

قال ابن عساكر: قال مصعب بن عبد الله: كان هشام بعث إلى زيد وإلى داود بن علي واتهمهما أن يكون عندهما مال لخالد بن عبد الله القسري حين عزله فقال كثير بن كثير ابن المطلب بن وداعة السهمي حين أخذ داود وزيد بمكة:

قال ويقال إن زيدا بينما كان بباب هشام في خصومة عبد الله بن حسن في الصدقة ورد كتابه يوسف بن عمر في زيد وداود بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالبه وأيوب بن سلمة فحبس زيدا وبعث إلى أولئك فقدم بهم ثم حملهم إلى يوسف بن عمر غير أيوب فإنه أطلقه لأنه من أخواله وبعث بزيد إلى يوسف بن عمر بالكوفة فاستحلفه ما عنده لخالد مال وخلى سبيله حتى إذا كان بالقادسية لحقته الشيعة فسألوه الرجوع معهم والخروج ففعل وقتل وانهزم أصحابه وفي ذلك يقول سلمة بن الحر بن يوسف ابن الحكيم:

والاختلاف بين هذه الأخبار ظاهر فالخبر الأول دل على أن زيدا كان بالمدينة وداود بالبلقاء والخبر الفاني دل على أن زيدا ومحمد بن عمر كانا بالرصافة بالشام والخبر الثالث دل على أن الجميع كانوا بمكة والخبر الرابع دل على أن هشاما هو الذي اتهم زيدا وداود بالمال وأنهما كانا بمكة وأنه حبس زيدا.

وقال ابن الأثير في الكامل إن المال الذي ادعاه خالد على زيد كان ثمن أرض ابتاعها خالد من زيد ثم ردها عليه فذكر في حوادث سنة 121 قيل إذ زيدا قتل فيها وقيل في سنة 122 وقيل في سبب خلافه أن زيدا وداود بن علي ابن عبد الله بن عباس ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قدموا على خالد بن عبد الله القسري بالعراق فأجازهم ورجعوا إلى المدية فلما ولي يوسف بن عمر كتب إلى هشام بذلك وذكر أن خالد بن عبد الله ابتاع من زيد أرضا بالمدينة بعشرة آلاف دينار ثم رد الأرض عليه فكتب هشام إلى عامل المدينة أن يسيرهم إليه ففعل فسألهم هشام عن ذلك فأقروا بالجائزة وأنكروا ما سوى ذلك وحلفوا فصدقهم وأمرهم بالمسير إلى العراق ليقابلوا خالدا فساروا على كره وقابلوا خالدا فصدقهم فعادوا نحو المدينة فلما نزلوا القادسية راسل أهل الكوفة زيدا فعاد إليهم.

قال أبو الفرج في روايته فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما وجعل يوسف يتحفه حتى خرج وأتى القادسية ثم أن الشيعة لقوه فقالوا أين تخرج عنا رحمك الله ومعك مائة ألف سيف من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بني أمية بها دونك وليس قبلنا من أهل الشام إلا عدة يسيرة فأبى عليهم فقال له محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب أذكرك الله يا أبا الحسين لما لحقت بأهلك ولم تقبل قول أحد من هؤلاء فإنهم لا يفون ذلك أليسوا أصحاب جدك الحسين بن علي عليهما السلام فأبى أن يرجع فما زالوا يناشدونه حتى رجع بعد أن أعطوه العهود والمواثيق. وقال ابن الأثير فقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أذكرك أنه يا زيد لما لحقت بأهلك ولا ترجع إليهم فإنهم لا يفون لك فلم يقبل وقال له خرج بنا أسراء على غير ذنب من الحجاز إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق إلى تيس ثقيف يلعب بنا ثم قال:

استودعك الله واني أعطي الله عهدا إذ دخلت يدي في طاعة هؤلاء ما عشت وفارقه وأقبل إلى الكوفة فأقام بها مستخفيا ينتقل في المنازل وأقبلت الشيعة إليه تبايعه فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل ونصر بن خزيمة ومعاوية ابن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وأناس من وجوه أهل الكوفة.

وفي عمدة الطالب كان هشام بن عبد الملك قد بعث إلى مكة فأخذوا زيدا وداود بن علي بن عباس ومحمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب لأنهم اتهموا أن لخالد بن عبد الله القسري عندهم مالا مودعا وكان خالد قد زعم ذلك فبعث بهم إلى يوسف بن عمر الثقفي بالكوفة فحلفهم أن ليس لخالد عندهم مال فحلفوا جميعا فتركهم يوسف فخرجت الشيعة خلف زيد إلى القادسية فردوه وبايعوه.

(رابعها) إن السبب في ذلك وشاية ابن لخالد إلى هشام بأن زيدا وجماعة يريدون خلعه فأغلظ له هشام ني القول وأحرجه فخرج. روى ابن عساكر في تاريخ دمشق أن ابنا لخالد بن عبد الله القسري أقر على زيد وعلى داود بن علي بن عبد الله بن عباس وأيوب بن سلمة المخزومي ومحمد بن عمر بن علي وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنهم قد أزمعوا على خلع هشام بن عبد الملك فقال هشام لزيد قد بلغني كذا وكذا فقال ليس كما بلغك يا أمير المؤمنين قال بلى قد صح عندي ذلك قال أحلف لك وإن حلفت فأنت غير مصدق قال زيد إن الله لم يرفع من قدر أحد أن يحلف له بالله فلا يصدق فقال له هشام أخرج عني فقال له لا تراني إلا حيث تكره فلما خرج من بين يدي هشام قال: من أحب الحياة ذل فقال له الحاجب أيا أبا الحسين لا يسمعن هذا منك أحد.

(خامسها) إن السبب في خروجه أن أهل الكوفة كتبوا إليه فقدم عليهم. وفي تاريخ دمشق قال زكريا ابن أبي زائدة لما حججت مررت بالمدينة فدخلت على زيد فسلمت عليه فسمعته يتمثل بهذه الأبيات:

فخرجت من عنده فمضيت فقضيت حجتي ثم انصرفت إلى الكوفة فبلغني قدومه فأتيته فسلمت عليه وسألته عما قدم له فأخبرني عمن كتب إليه يسأله القدوم عليهم فأشرت عليه بالانصراف فلحقه القوم فردوه.

ورواه أبو الفرج في المقاتل بسنده عن زكريا الهمذاني نحوه إلى آخر الأبيات ثم قال فخرجت من عنده وظننت أن في نفسه شيئا وكان من أمره ما كان ويعلم مما مر ويأتي أن الذي دعا زيدا إلى الخروج إنما هو إباء الضيم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا طلب ملك وإمارة وأنه خرج موطنا نفسه على القتل مع غلبة ظنه بأنه يقتل فاختار المنية على الدنية وقتل العز على عيش الذل كما فعل جده الحسين عليه السلام الذي سن الإباء لكل أبي.

ما جرى لزيد حين أراده أهل الكوفة على الخروج وبايعوه

قال أبو مخنف: وأقبلت الشيعة وغيرهم من المحكمة يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة "اه" وقيل أحصى ديوانه أربعين ألفا. وفي الشذرات كان ممن بايعه منصور بن المعتمر ومحمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى وهلال بن خباب بن الحارث قاضي المدائن وابن شبرمة ومسعر بن كدام وغيرهم وأرسل إليه أبو حنيفة بثلاثين ألف درهم وحث الناس على نصره وكان مريضا وحضر معه من أهله محمد بن عبد الله النفس الزكية وعبد الله بن علي ابن الحسين "اه". ويأتي بعد ذكر مقتله ما ذكره أبو الفرج من أسماء من عرف ممن خرج معه من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء وفيهم بعض هؤلاء.

صورة البيعة

قال ابن الأثير وكانت بيعته إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسم هذا الفيىء بين أهله بالسواء ورد المظالم ونصرة أهل البيت أتبايعون على ذلك فإذا قالوا نعم رفع يده على أيديهم ويقول عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتفين ببيعتي ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي في السر والعلانية فإذا قال نعم مسح يده على يده ثم قال اللهم اشهد قال أبو الفرج وأقام بالكوفة بضعة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا منها شهران بالبصرة والباقي بالكوفة ثم خرج وأرسل دعاته إلى الآفاق والكور يدعون الناس إلى بيعته قال ابن الأثير فشاع أمره في الناس على قول من زعم أنه أتى الكوفة من الشام واختفى بها يبايع الناس وأما على قول من زعم أنه أتى إلى يوسف بن عمر لموافقة خالد ابن عبد الله القسري أو ابنه يزيد بن خالد فإن زيدا أقام بالكوفة ظاهرا ومعه داود بن علي وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد وتأمره بالخروج ويقولون إنا لنرجو أن تكون أنت المنصور وأن هذا الزمان هو الذي يهلك فيه بنو أمية فأقام بالكوفة وجعل يوسف بن عمر يسأل عنه فيقال هو ها هنا ويبعث إليه ليسير فيقول نعم ويعتل بالوجع فمكث ما شاء الله ثم أرسل إليه يوسف ليسير فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبد الله لملك بينهما بالمدية فأرسل إليه ليوكل وكيلا فلما رأى جد يوسف في أمره سار حتى أتى القادسية وقيل الثعلبية فتبعه أهل الكوفة وقالوا نحن أربعون ألفا لم يتخلف عنك أحد نضرب بأسيافنا وليس ها هنا من أهل الشام إلا عدة يسيرة بعض قبائلنا يكفيكهم بإذن الله تعالى وحلفوا بالأيمان المغلظة وجعل يقول إني أخاف أن تخذلوني وتسلموني كما فعلتم بأبي وجدي فيحلفون له فقال له داود بن علي يا ابن عم إن هؤلاء يغرونك من نفسك أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك جدك علي بن أبي طالب حتى قتل والحسن من بعده بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوا رداءه وجرحوه أو ليس قد أخرجوا جدك الحسين وبايعوه ثم خذلوه وأسلموه ولم يرضوا بذلك حتى قتلوه فلا ترجع معهم فقالوا إن هذا لا يريد أن تظهر ويزعم أنه وأهل بيته أولى منكم فقال زيد لداود إن عليا عليه السلام كان يقاتله معاوية بذهبه (بدهائه) وإن الحسين قاتله يزيد والأمر مقبل عليهم (ولداود أن يقول له وأنت يقاتلك هشام وليس بدون يزيد) فقال داود إني خائف إن رجعت معهم أن لا يكون أحد أشد عليك منهم وأنت أعلم ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة فلما رجع أتاه سلمة بن كهيل فذكر له قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقه فأحسن ثم قال له نشدتك الله كم بايعك قال أربعون ألفا قال فكم بايع جدك قال ثمانون ألفا قال فكم حصل معه قال ثلثمائة قال نشدتك الله أنت خير أم جدك قال جدي قال فهذا القرن خير أم ذلك القرن قال ذلك القرن قال أفتطمع أن يفي لك هؤلاء وقد غدر أولئك بجدك قال قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم قال أفتأذن لي أن أخرج من هذا البلد فلا آمن أن يحدث حدث فلا أملك نفسي فأذن له فخرج إلى اليمامة وكتب عبد الله بن الحسن الحسني إلى زيد أما بعد فإن أهل الكوفة قبح العلانية جود السريرة هرج في الرخاء جزع في اللقاء يقدمهم ألسنتهم ولا يشايعهم قلوبهم ولقد تواترت إلي كتبهم بدعوتهم فصممت عن ندائهم وألبست فلبي غشاء عن ذكرهم يأسا منهم واطراحا لهم وما لهم مثل إلا ما قال علي بن أبي طالب عليه السلام إن أهملتم خضتم وإن جوريتم خرتم وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم وإن أجبتم إلى مشاقة نكصتم فلم يصغ زيد إلى شيء من ذلك فأقام على حاله يبايع الناس ويتجهز للخروج وتزوج بالكوفة ابنة ليعقوب السلمي وتزوج أيضا ابنة عبد الله ابن أبي القيس الأزدي وكان سبب تزوجه إياها أن أمها أم عمرو بنت الصلت كانت تتشيع فأتت زيدا تسلم عليه وكانت جميلة حسنة قد دخلت في السن فلم يظهر عليها فخطبها زيد إلى نفسها فاعتذرت بالسن وقالت إن لي بنتا هي أجمل مني وأبيض وأحسن دلا وشكلا فضحك زيد ثم تزوجها وكان ينتقل بالكوفة تارة عندها وتارة عند زوجته الأخرى وتارة في بني عبيس وتارة في بني نهد وتارة في بني تغلب وغيرهم إلى أن ظهر. انتهى كلام ابن الأثير.

وكان خروجه بالكوفة في ولاية يوسف بن عمر ابن أبي عقيل الثقفي العراق لهشام بن عبد الملك في الشذرات ويوسف هذا هو ابن عمر أبوه عم الحجاج بن يوسف.

خروجه ومقتله

قال أبو الفرج وابن الأثير فلما دنا خروجه أمر أصحابه بالاستعداد والتهيؤ فجعل من يريد أن يفي له يستعد وشاع ذلك قال أبو الفرج فانطلق سليمان بن سراقة البارقة فأخبر يوسف بن عمر خبره فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين اللذين سعي إليه أنه عندهما فأتى بهما يوسف فلما كلمهما استبان أمر زيد وأصحابه وأمر بهما يوسف فضربت أعناقهما وبلغ الخبر زيدا فتخوف أن يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه وبين أهل الأمصار وكان قد وعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 فخرج قبل الأجل فلما خفقت الراية على رأسه قال الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله إني كنت أستحيي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرد عليه الحوض ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فأمر الحكم بن الصلت أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم فيحصرهم فيه فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فأدخلوهم المسجد ثم نادى مناديه أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحلة فقد برئت منه الذمة ائتوا المسجد الأعظم فأتى الناس

المسجد يوم الثلثاء قبل خروج زيد.

وقال ابن عساكر في حديث عن ضمرة بن ربيعة أن يوسف بن عمر لما علم بخروج زيد أمر بالصلاة جامعة وبأن من لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الأمر ثم نرجع فلما اجتمع الناس أمر بالأبواب فأخذ بها وبنى عليهم وأمر الخيل فجالت في أزقة الكوفة فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام يتناوبهم الشرط والحرس فخرج زيد على تلك الحال.

وقال أبو الفرج في حديث وطلبوا زيدا في دار معاوية ابن إسحاق فخرج ليلا وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن إسحاق فرفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا بشعارهم شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم يا منصور أمت فما زالوا كذلك حتى أصبحوا فبعث زيد القاسم بن عمر التبعي ورجلا آخر اسمه صدام وسعيد ابن خيثم ينادون بشعارهم ورفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمذاني هرديا من مئذنتهم ونادى بشعار زيد فلما كلنوا في صحارى عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكندي فشد على القاسم وعلى أصحابه فقتل صدام وارتث القاسم فأتي به الحكم بن الصلت فقتله على باب القصر. قال أبو مخنف وقال يوسف بن عمر وهو بالحيرة من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم فقال عبد الله بن العباس المنتوف الهمداني أنا أتيك بخبرهم فركب في خمسين فارسا ثم أقبل حتى أتى جبانة سالم فاستخبر ثم رجع إلى يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل معه قريش وأشراف الناس وأمير شرطته يومئذ العباس بن سعد المرادي وبعث الريان بن سلمة البلوي في نحو من ألفي فارس وثلثمائة من القيقانية رجال نشابة وأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة 218 رجالة ناشبة فقال زيد سبحان الله فأين الناس قيل هم محصورون في المسجد فقال لا والله ما هذا بايعنا فتلقى عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم ابن الصلت عند بعض دور الكوفة فقال يا منصور أمت فلم يرد عليه عمر شيئا فشد نصر عليه وعلى أصحابه فقتله وانهزم من كان معه وأقبل زيد حتى انتهى إلى جبانة الصائديين وبها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد في أصحابه فهزمهم ثم مضى حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام فهزمهم ثم شلهم حتى ظهر إلى المقبرة ويوسف بن عمر على التل ينظر إلى زيد وأصحابه وهم يكرون ولو شاء زيد أن يقل يوسف لقتله. ثم إن زيدا أخذ ذات اليمين حتى دخل الكوفة فطلع أهل الشام عليهم فدخلوا زقاقا ضيقا ومضوا فيه فقال زيد لنصر بن خزيمة أتخاف على أهل الكوفة أن يكونوا فعلوها حسينية فقال جعلني الله فداك أما أنا فوالله لأضربن بسيفي هذا معك حتى أموت ثم خرج بهم زيد نحو المسجد فخرج إليه عبيد الله بن العباس الكندي في أهل الشام واقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه وتبعهم زيد حتى انتهوا إلى باب الفيل (وهو أحد أبواب المسجد. وجعل أصحاب زيد يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون يا أهل المسجد اخرجوا وجعل نصر ابن خزيمة يناديهم يا أهل الكوفة اخرجوا من الذل إلى العز إلى الدين والدنيا وجعل أهل الشام يرمونهم من فوق المسجد بالحجارة. وبعث يوسف بن عمر الريان بن سلمة في خيل إلى دار الرزق فقاتلوا زيدا قتالا شديدا وجرح من أهل الشام جرحى كثيرة وشلهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى انتهوا إلى المسجد الأعظم فرجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء وهم أسوأ شيء ظنا فلما كان غداة يوم الخميس دعا يوسف ابن عمر الريان بن سلمة فأفف به وقال له أف لك من صاحب خيل ودعا العباس بن سعد المري (المرادي) صاحب شرطته فبعثه إلى أهل الشام فسار بهم حتى انتهوا إلى زيد في دار الرزق وخرج إليه وعلى مجنبته نصر بن خزيمة ومعاوية ابن إسحاق فلما رآهم العباس نادى يا أهل الشام الأرض فنزل ناس كثير واقتتلوا قتالا شديدا وكان رجل من أهل الشام اسمه نائل بن مرة العبسي قال ليوسف والله لئن ملأت عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنه أو ليقتلني فأعطاه يوسف سيفا لا يمر بشيء إلا قطعه فلما التقى أصحاب العباس وأصحاب زيد ضرب نائل نصرا فقطع فخذه وضربه نصر فقتله ومات نصر ثم إن زيدا هزمهم وانصرفوا بأسوأ حال فلما كان العشاء عبأهم يوسف ثم سرحهم نحو زيد فحمل عليهم زيد فكشفهم ثم اتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم شد عليهم حتى أخرجهم من بني سليم ثم ظهر له زيد فيما بين بارق وبني دوس فقاتلهم قتالا شديدا وصاحب لوائه رجل من بني سعد بن بكر يقال له عبد الصمد قال سعيد ابن خثيم وكنا مع زيد في خمسمائة وأهل الشام اثنا عشر ألفا وكان بايع زيدا أكثر من اثني عشر ألفا فغدروا به إذ فصل رجل من أهل الشام من كلب على فرس له رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته وجعل يقول أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول الله أما أحد يغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أما أحد يغضب لله ثم تحول الشامي عن فرسه فركب بغلة وكان الناس فرقتين نظارة ومقاتلة قال سعيد فجئت إلى مولى لي فأخذت منه مشملا كان معه ثم استترت من خلف النظارة حتى إذا صرت من ورائه ضربت عنقه وأنا متمكن منه بالمشمل فوقع رأسه بين يدي بغلته ثم رميت جيفته عن السرج وشد أصحابه علي حتى كادوا يرهقونى وكبر أصحاب زيد وحملوا عليهم واستنقذوني فركبت وأتيت زيدا فجعل يقبل بين عيني ويقول أدركت والله ثأرنا أدركت والله شرف الدنيا والآخرة وذخرهما ونفلني البغلة. وجعلت خيل أهل الشام لا تثبت لخيل زيد فبعث العباس بن سعد إلى يوسف بن معمر يعلمه ما يلقى من الزيدية وسأله أن يبعث إليه الناشبة فبعث إليه سليمان ابن كيسان في القيقانية وهم بخارية وكانوا رماة فجعلوا يرمون أصحاب زيد وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا فقتل بين يدي زيد وثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمي زيد بهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ فرجع ورجح أصحابه ولا يظن أهل الشام أنهم رجعوا إلا للمساء والليل فدخل دارا من دور أرحب وشاكر وجاؤوا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دوس فقال له إذ نزعته من رأسك مت قال الموت أيسر علي مما أنا فيه فأخذ الكلبين فانتزعه فساعة انتزاعه مات.

وفي عمدة الطالب قال سعيد بن خثيم تفرق أصحاب زيد عنه حتى بقي في ثلثمائة رجل وقيل جاء يوسف بن عمر الثقفي في عشرة آلاف فصف أصحابه صفا بعد صف حتى لا يستطع أحدهم أن يلوي عنقه فجعلنا نضرب فلا نرى إلا النار تخرج من الحديد فجاء سهم فأصاب جبين زيد ابن علي يقال رماه مملوك ليوسف بن عمر الثقفي يقال له راشد فأصاب بين عينيه فأنزلناه وكان رأسه في حجر محمد ابن مسلم الخياط فجاء يحيى بن زيد فأكب عليه فقال يا أبتاه أبشر ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وعلى الحسن والحسين فقال أجل يا بني ولكن أي شيء تريد أن تصنع قال أقاتلهم والله ولو لم أجد إلا نفسي فقال إفعل يا بني فإنك على الحق وإنهم على الباطل وإن قتلاك في الجنة وإن قتلاهم في النار ثم نزع السهم فكانت نفسه معه.

وقال المسعودي حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فأتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه أمره فاستخرج النصل فمات من ساعته فدفنوه في سقيفة ماء وجعلوا على قبره المتراب والحشيش وأجري الماء على ذلك وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحا فدله على موقع قبره فاستخرجه يوسف وبعث رأسه إلى هشام فكتب إليه هشام أن اصلبه عريانا فصلبه يوسف كذلك وبنى تحت خشبته عمودا ثم كتب هشام إلى يوسف بإحراقه وذروه في الرياح "اه".

وقال أبو الفرج قال القوم أين ندفنه وأين نواريه (خوفا من بني أمية وعمالهم أن يمثلوا به لما يعلمون من خبيث سرائرهم وعادتهم في التمثيل التي ابتدأت من يوم أحد) فقال بعضهم نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم لا بل نحتز رأسه ثم نلقيه ين القتلى فقال يحيى بن زيد لا والله لا يأكل لحم أبي السباع وقال بعضهم نحمله إلى العباسية فندعه فيها (وهي على ما في القاموس بلدة بنهر الملك).

وقال سلمة بن ثابت فأشرت عليهم أن ينطلقوا إلى الحفرة التي يؤخذ منها الطين فندفنه فيها فقبلوا رأيي فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير حتى إذا نحن مكنا له دفناه ثم أجريناه عليه الماء ومعنا عبد سندي وقيل حبشي كان مولى لعبد الحميد الرواسي وكان معمر بن خثم قد أخذ صفقته لزيد وقيل هو مملوك سندي لزيد وكان حضرهم وقيل كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس فرآهم حيث دفنوه فلما أصبح أتى الحكم بن الصلت فدلهم على موضع قبره وقال ابن عساكر أخذه رجل فدفنه في بستان له وصرف الماء عن الساقية وحفر له تحتها ودفنه وأجرى عليه يسف فأخبره. وقال ابن الأثير: رآهم قصار فدل عليه فبعث إليه الماء وكان غلام له سندي في بستان له ينظر فذهب إلى يوسف فأخبره. وقال ابن الأثير: رآهم قصار فدل عليه فبعث يوسف إليه بن عمر الثقفي فاستخرجوه. وحملوه على بعير قال أبو الفرج قال نمر بن قابوس فنظرت والله إليه حين أقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص أصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر كأنه جبل وقطع الحكم ابن الصلت رأسه وسيره إلى يوسف بن عمر بالحيرة فأمر يوسف أن يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية ابن إسحاق وزياد النهدي وأمر بحراستهم وبعث بالرأس إلى الشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم أرسل إلى المدينة. ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحي في الدور قال المسعودي ففي ذلك (أي صلب زيد) يقول بعض شعراء بني أمية (وهو الحكم "الحكيم" بن عباس الكلبي) يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات:

اه وبعد البيت:

وفي البحار أن الصادق عليه السلام لما بلغه قول الحكم رفع يديه إلى السماء وهما يرعشان فقال اللهم إن كان عبدك كاذبا فسلط عليه كلبك فبعثه بنو أمية إلى الكوفة فبينما هو يدور في سككها إذ افترسه الأسد واتصل خبره بجعفر فخر لله ساجدا ثم قال الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا. ورواه ابن حجر أيضا في صواعقه وقد نظم المؤلف قصيدة في الرد على الحكيم الكلبي وتوجد في القسم الأول من الرحيق المختوم ونورد هنا شيئا منها أولها:

وفي أمالي الصدوق في الحديث الثاني من المجلس 62 حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد ابن أبي عمير عن حمزة بن حمران دخلت إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي: يا حمزة من أين أقبلت قلت من الكوفة فبكى حتى بلت دموعه لحيته فقلت له يا ابن رسول الله ما لك أكثرت البكاء قال ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت فقلت له وما الذي ذكرت منه فقال ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاء ابنه يحيى فانكب عليه وقال له ابشر يا أبتاه فإنك ترد على رسول الله وعلى فاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم قال أجل يا بني ثم دعي بحداد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه فجيء به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة فحفر له فيها ودفن وأجري عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ثم أمر به فأحرق بالنار وذري في الرياح فلعن الله قاتله وخاذله والى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان.

قال المفيد في الإرشاد ولما قتل زيد بلغ ذلك من أبي عبد الله عليه السلام كل مبلغ وحزن له حزنا شديدا عظيما حتى بان عليه وفرق من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار. وفي أمالي الصدوق في الحديث 13 من المجلس 54 حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن هاشم عن محمد ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد ألف دينار وأمرني أن أقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي فقسمتها فأصاب عبد الله بن الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير وفي عمدة الطالب روى الشيخ أبو نصر البخاري عن محمد بن عمير عن عبد الرحمن ابن سيابة قال أعطاني جعفر بن محمد الصادق ألف دينار وأمرني أن أفرقها في عيال من أصيب مع زيد فأصاب كل رجل أربعة دنانير.

قال أبو الفرج: ووجه يوسف برأسه إلى هشام مع زهرة ابن سليم فلما كان بمضيعة ابن أم الحكم ضربه الفالج فانصرف وآتته جائزته من عند هشام.

وفي معجم البلدان ج 8 ص 77 عند الكلام على مصر: وعلى باب الكورتين مشهد فيه مدفن رأس زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتل بالكوفة وأحرق وحمل رأسه فطيف به الشام ثم حمل إلى مصر فدفن هناك وفي عمدة الطالب قال الناصر الكبير الطبرستاني لما قتل زيد بعثوا برأسه إلى المدينة ونصب عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يوما وليلة "اه". هذا رأس ولدك الذي قتلناه بمن قتل منا يوم بدر نصبناه عند قبرك. وروى أبو الفرج بإسناده عن الوليد ابن محمد الموقري كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعابين فقال لي انظر ما هذا فأشرفت من كوة في بيته فقلت هذا رأس زيد بن علي فاستوى جالسا ثم قال أهلك أهل هذا البيت العجلة فقلت له أو يملكون قال حدثني علي بن حسين عن أبيه عن فاطمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها المهدي من ولدك.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن الوليد ابن محمد الموقري قال كنا على باب الزهري إذ سمع جلبة فقال ما هذا يا وليد فنظرت فإذا برأس زيد يطاف به بيد اللعابين فأخبرته فبكى وقال أهلك أهل هذا البيت العجلة قلت ويملكون قال نعم حدثني علي بن الحسين عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة أبشري المهدي منك "اه" (وأقول) ما أهلك أهل هذا البيت العجلة ولا نفعهم الإبطاء وإنما أهلكهم يوم معلوم مشهور كان السبب الأول لغصب حقوقهم وسفك دمائهم وأن يحكم فيهم من لهم الحكم فيه ومن أجله دفنت الزهراء سرا وفيه قتل علي بن أبي طالب لا في التاسع عشر من شهر رمضان وفيه سم الحسن وفيه أصيب الحسين كما قال القاضي ابن أبي قريعة لا في يوم عاشورا وفيه قتل زيد وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأهل بيته والحسين صاحب فخ وسائر آل أبي طالب. قال أبو الفرج: وأمر يوسف بن عمر بزيد فصلب بالكناسة عاريا وصلب معه من أصحابه معاوية بن إسحاق وزياد النهدي ونصر بن خزيمة العبسي ومكث مصلوبا أربع سنين إلى أيام الوليد بن يزيد سنة 126 (وفي رواية أن الفاختة عششت في جوفه) فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد إلى يوسف (أما بعد) فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه وانسفه في اليم نسفا والسلام فأمر يوسف عند ذلك خراش ابن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله في قواصر ثم حمله في سفينة ثم ذراه في الفرات "اه".

وقال المسعودي: ذكر أبو بكر بن عياش وجماعة أن زيدا مكث مصلوبا خسمين شهرا عريانا فلم ير له أحد عورة سترا من الله له وذلك بالكناسة بالكوفة فلما كان في أيام الوليد بن يزيد بن عبد الملك وظهر ابنه يحيى بن زيد بخراسان كتب الوليد إلى عامله بالكوفة أن أحرق زيدا بخشبته ففعل به ذلك وأذرى في الرياح على شاطئ الفرات قال أبن عساكر صلب عاريا فنسجت العنكبوت على عورته "اه". وقيل تدلت قطعة لحم منه فسترت عورته.

ورأى جرير بن حازم كما في مقاتل الطالبيين وتهذيب التهذيب النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو متساند إلى جذع زيد ابن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس أهكذا تفعلون بولدي. وقال ابن عساكر إن الموكل بخشبته رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وقد وقف على الخشبة وقال هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله صلبوك صلبهم الله فخرج هذا في الناس فكتب يوسف بن عمر إلى هشام أن عجل إلى العراق فقد فتنوا فكتب إليه هشام أن احرقه بالنار. وجازى الله يوسف بن عمر على سوء فعلته في دار الدنيا والعذاب الآخرة أشد وأبقى فإنه لما ولي يزيد بن الوليد استعمل على العراق منصور بن جهور فلما كان بعين التمر كتب إلى من بالحيرة من قواد أهل الشام يأمرهم يأخذ يوسف وعماله فعلم بذلك يوسف فتحير في أمره ثم اختفى عند محمد بن سعيد ابن العاص فلم ير رجل كان مثل عتوه خاف خوفه ثم هرب إلى الشام فنزل البلقاء فلما بلغ خبره يزيد بن الوليد وجه إليه خمسين فارسا فوجدوه بين نسوة قد ألقين عليه قطيفة خز وجلسن على حواشيها حاسرات فجروا برجله وأخذوه إلى يزيد فوثب عليه بعض الحرس فأخذ بلحيته ونتف بعضها وكانت تبلغ إلى سرته فحبسه يزيد وبقي محبوسا ولاية يزيد وشهرين وعشرة أيام من ولاية إبراهيم ثم قتل في الحبس هذا مختصر ما في كامل ابن الأثير.

والتمثيل بالقتيل بعد الموت يدل على خسة النفوس وخبثها والرجل الشريف النبيل يكتفي عند الظفر بخصمه بقتله إن لم يكن للعفو موضع وتأنف نفسه ويأبى له كرم طباعه التمثيل بعدوه ولو كان من أعدى الأعداء بل لا يسلبه ثيابه ولا درعه كما فعل أمير المؤمنين علي عليه السلام حين قتل عمرو بن عبدود واستدلت أخته بذلك على أن قاتل أخيها وجل كريم وقال له بعض الأصحاب هلا سلبته درعه فإنها داوودية فقال كلا إن عمرا رجل جليل وافتخر بذلك فقال:

ونهى وسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ولو بالكلبه العقور وكانت بسيرة بني أمية رجالهم ونسائهم وسيرة عمالهم المقتدين بهم والمتبعين لأوامرهم التمثيل بالقتلى من أخصامهم فمثلت هند ابنة عتبة أم معاوية وزوجة أبي سفيان بقتلى أحد واتخذت من آذان الرجال وآنافهم خدما وقلائد وبقرت عن كبد حمزة وأخذت منها قطعة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها وسميت آكلة الأكباد وعير بنوها بذلك إلى آخر الدهر وسموا بني آكلة الأكباد وأمر أمير المؤمنين علي عليه السلام ولده أن يدفنوه ليلا ويخفوا قبره خوفا من بني أمية أن ينبشوه ويمثلوا به لما علمه بما سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم من دولتهم ومثل دعي بني أمية وابن دعيهم بمسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ومثل ابن سعد بأمر الدعي ابن الدعي بالحسين سبط وسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته يوم كربلاء وباهله وأصحابه ومثلوا بزيد بن علي أفظع المثلة كما سمعت فدلوا بذلك على خبث سرائرهم وخسة نفوسهم ودنائتها وبعدهم عن الشهامة ومكارم الأخلاق وسمو الصفات.

ولثن أحرق هشام عظام زيد بنار الدنيا فقد سلط الله عليه وعلى أهل بيته من بني العباس من نبشهم وأحرقهم بنار الدنيا وأحرق الله هشاما وأهل بيته لظلمهم وإلحادهم بنار الآخرة التي لا أمد لها.

قال المسعودي: حكى الهيثم بن عدي الطائي عن عمر ابن هانئ قال خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح فانتهينا إلى قبر هشام فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه إلا حثمة أنفه فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه واستخرجنا سليمان من أرض دابق فلم نجد منه شيئا إلا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرقناه وفعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية وكانت قبورهم بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فاستخرجنا وليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلا ولا كثيرا واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا إلا شؤون رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا فيه إلا عظما واحدا ووجدنا مع لحده خطا أسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم. قال المسعودي: وإنما ذكرنا هذا الخبر في هذا الموضح لقتل هشام زيد بن علي وما نال هشاما من المثلة وما فعل بسلفه من الإحراق كفعله بزيد ابن علي "اه". لكنه لم يذكر مؤسس ملكهم العضوض باسمه وإن دخل في عموم قوله ولا شك أنه فعل به ما فعل بهم وعدم التصريح به لأمر ما. قال أبي الحديد في شرح النهج ج 2 ص 205 قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر يحيى ابن أبي زيد العلوي ابن عبد الله في سنة 605 وقلت له أما إحراق هشام بإحراق زيد فمفهوم فما معنى جلده ثمانين سوطا فقال رحمه الله أظن عبد الله بن علي ذهب في ذلك إلى حد القذف لأنه يقال إنه قال لزيد يا ابن الزانية لما سب أخاه محمد الباقر عليه السلام فسبه زيد وقال له سماه رسول الله الباقر وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار وهذا استنباط لطيف "اه".

قال ابن الأثير ثم إن يوسف بن عمر خطب الناس بعد قتل زيد وذمهم وتهددهم.

جماعة ممن تابع زيد بن علي من أهل الفضل والعلم.

في مقاتل الطالبيين: تسمية من عرف ممن خرج مع زيد ابن على عليه السلام من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء ثم عد من جملتهم:

الإمام أبا حنيفة إمام المذهب

فروى بسنده عمن سمع محمد بن محمد في دار الإمارة يقول رحم الله أبا حنيفة لقد تحقق مودته لنا في نصرته زيد ابن علي وفعل بابن المبارك في كتمانه فضائلنا ودعا عليه. وبسنده عن الفضيل بن الزبير ص 59 قال أبو حنيفة من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس قلت سلمة بن كهيل وعد معه جماعة من الفقهاء فقال لي قل لزيد لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع والسلاح ثم بعث ذلك معي إلى زيد فأخذه زيد ومر في ترجمة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ما فعله الإمام أبو حنيفة من الدعاء إليه ومعونته بالمال وما قاله للمرأة التي قتل ابنها مع إبراهيم وغير ذلك إذن فأبو حنيفة زيدي ولهذا كانت فرقة من الزيدية على مذهب الإمام أبي حنيفة ويأتي عند الكلام على الزيدية زيادة في ذلك، ومنهم منصور ابن المعتمر ومحمد ابن أبي ليلى جاء منصور يدعو إلى الخروج مع زيد بن علي وبيعته وأبطأ عن زيد لما بعثه يدعو إليه فقتل زيد ومنصور غائب فصام سنة يرجو أن يكفر ذلك عن تأخره.

ومنهم يزيد ابن أبي زياد مولى بني هاشم صاحب عبد الرحن ابن أبي ليلى قال عبدة دن كثير السراج الجرمي قدم يزيد الرقة يدعو الناس إلى بيعة زيد بن علي وكان من دعاته وأجابه ناس من أهل الرقة وكنت فيمن أجابه.

وروى أبر الفرج بسنده إلى عبدة بن كثير الجرمي كتب زيد بن علي إلى هلال بن حباب وهو يومئذ قاضي المدائن فأجابه وبايع له.

وبسنده عن سالم ابن أبي الجعد أرسلني زيد بن علي إلى زبيد اليامي أدعوه إلى الجهاد معه.

وبسنده عن أبي عوانة فارقني سفيان على أنه زيدي.

وبسنده كان رسول زيد إلى خراسان عبدة بن كثير الجرمي والحسن بن سعد الفقيه.

وبسنده عن شريك قال إني لجالس عند الأعمش أنا وعمرو بن سعيد أخو سفيان بن سعيد الثوري إذ جاءنا عثمان ابن عمير أبو اليقظان الفقيه فجلس إلى الأعمش فقال أخلنا فإن لنا إليك حاجة فقال وما خطبكم هذا شريك وهذا عمرو ابن سعيد (أي إنهما ليس دونهما سر) اذكر حاجتك فقال أرسلني إليك زيد بن على أدعوك إلى نصرته والجهاد معه وهو من عرفت قال أجار ما أعرفني بفضله اقرئاه مني السلام وقولا له يقول لك الأعمش لست أثق لك جعلت فداك بالناس ولو أنا وجدنا لك ثلثماثة رجل أثق بهم لغيرنا لك جوانبها وقال ابن عساكر قيل للأعمش أيام زيد لو خرجت فقال ويلكم والله ما أعرف أحدا أجعل عرضي دونه فكيف أجعل ديني دونه. قال وكان سلمة بن كميل من أشد الناس قولا لزيد ينهاه عن الخروج وكان أبو كثير يضرب بغله ويقول الحمد لله الذي سار بي تحت رايات الهدى يعني رايات زيد وقال مغيرة كنت أكث الضحك فما قطعه إلا قتل زيد "اه".

وفي هذه الأخبار دلالة على أن أكثر الخاصة كانت ناقمة على بني أمية أما العامة فهم أتباع الدنيا في كل عصر وأن زيدا رضوان الله عليه لم يأل جهدا في بث الدعاية.

الذين روى عنهم والذين رووا عنه

في تهذيب التهذيب روى عن أبيه وأخيه أبي جعفر وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وعبيد الله ابن أبي رافع وعنه ابناه حسين وعيسى وابن أخيه جعفر بن محمد والزهري والأعمش وشعبة (ابن الححاج) وسعيد بن خثيم وإسماعيل السدي وزبيد اليامي وزكريا ابن أبي زائدة وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش ابن أبي ربيعة وأبو خالد عمر وابن خالد الواسطي وابن أبي الزناد وعدة "اه" وفي الشذرات أخذ عنه أبو حنيفة كثيرا (أقول) وذكر رواية جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عنه أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق فإن أرادا روايته عنه في أحكام الدين فالصادق عليه السلام لم يكن يأخذها عن غير آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبرائيل عن الله تعالى وإن أرادا غيرها فيمكن.

ما أثر عنه

من المواعظ والحكم والآداب ونحوها

عن أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي الملقب بأخطب خوارزم أنه ذكر في مقتله أنه قيل لزيد بن علي الصمت خير أم الكلام فقال قبح الله المساكتة ما أفسدها للبيان وأجلبها للعي والحصر والله للمماراة أسرع في هدم الفتى من النار في يبس العرفج ودن السيل إلى الحدور "اه". فضل الكلام على السكوت وذم المماراة فالكلام أفضل بشرط أن لا يكون مماراة ونقل أن زيد بن علي كان إذا تلا هذه الآية: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} يقول إن كلام الله هذا تهديد وتخويف ثم يقول اللهم لا تجعلنا ممن تولى عنك فاستبدلت به بدلا. وروي عن زيد بن علي أنه قال صرفت مدة ثلاث عشرة سنة من عمري في قراءة القرآن فما وجدت آية من كتاب الله يفهم منها الرخصة في طلب الرزق "اه".

(أقول) كأنه رضي الله عنه نظر إلى الآيات المتضمنة أن الله تعالى تكفل بالرزق وهي أكثر الآيات كقوله وما من دابة إلا على الله رزقها. الله الذي خلقكم ثم رزقكم. إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فرأى أنه ليس فيها أمر بطلب الرزق وغفل عن الآيات التي أمر فيها بذلك وإن كانت أقل كقوله تعالى: { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} وغير ذلك.

وقال بعض المعاصرين: ليس معنى هذا الكلام أن الإنسان غير مأمور بطلب الرزق حتى ينافي الأخبار الآمرة بطلب الرزق وعدم استجابة دعاء من يقول رب ارزقني ولا يسعي في طلب الرزق بل المقصود أنه ليس من المناسب للسلطة الإلهية أن يقول الله تعالى أنا خلقتكم فاذهبوا فتكفلوا تحصيل رزقكم بأنفسكم لذلك نسب الرزق إليه تعالى في الآيات المتقدمة ولكن زيدا رضي الله عنه إنما قال لم يجد في القرآن لا في الروايات. وأما دعوى انه ليس من المناسب للسلطنة الإلهية أن يقول الله ذلك فدعوى غير صحيحة فقوله تعالى اذهبوا فتكفلوا تحصيل الرزق بأنفسكم لم يكن مؤيدا للسلطنة الإلهيه فليس منافيا على أنه قد أمرهم بذلك في الآيتين السالفتين أما الآيات التي أسندت الرزق إليه تعالى فالمراد بها أن كل شيء بتسبيبه وإراداته وتوفيقه فلا منافاة بينها وبين الآمر بطلب الرزق.

في كفاية الأثر ص 86 عن محمد بن بكير أنه قال دخلت على زيد بن علي وعنده صالح بن بشر فسلمت عليه وهو يريد الخروج إلى العراق فقلت له يا ابن رسول الله حدثني بشيء سمعته عن أبيك فقال حدثني أبي عن جده عن رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين أنه قال من أنعم الله عليه بنعمة فليحمد الله ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله ومن أحزنه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله قال محمد بن بكير قلت يا ابن رسول الله زدني قال حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أربعة أنا لهم الشفيع يوم القيامة المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه قال ابن بكير يا ابن رسول الله حدثني عن هذه الفضائل التي أنعم الله بها عليكم فقال حدثني أبي عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أحبنا أهل البيت في الله حشر معنا وأدخلناه معنا الجنة يا ابن بكير من تمسك بنا فهو معنا في الدرجات العلى يا ابن بكير إن الله تبارك وتعالى اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم واختارنا له ذرية فلولانا لم يخلق الله الدنيا والآخرة يا ابن بكير بنا عرف الله وبنا عبد الله ونحن السبيل إلى الله وعن الأمالي عن زيد ابن علي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال سادة الناس في الدنيا الأسخياء. وعنه عن زيد بن علي عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تعالى بعث مائة وأربعة وعشرين ألف نبي وأنا أكرمهم عند الله ولا فخر وجعل الله عز وجل مائة وأربعة وعشرين ألف وصي وعلي أكرمهم وأفضلهم عند الله تعالى. وعن الأمالي عن زيد بن علي أنه سئل عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه فقال نصبه علما ليعلم به حزب الله عند الفرقة. وفي تاريخ ابن عساكر قال له مطلب بن زياد يا زيد أنت الذي تزعم أن الله أراد أن يعصى فقال له زيد أفعصي عنوة فأقبل يخطر من بين يديه "اه" ومعنى ذلك أن الإرادة بمعنى عدم المنع لا بمعنى المحبة قال وقال في قوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} إن من رضائه صلى الله عليه وسلم أن يدخل أهل بيته الجنة وقال المروءة إنصاف من دونك والسمع إلى من فوقك والرضى بما أتى إليك من خير أو شر وقال لابنه يحيى إن الله لم يرضيك لي فأوصاك بي ورضيني لك فلم يوصني بك يا بني خير الآباء من لم تدعه المودة إلى الإفراط وخير الأبناء من لم يدعه التقصير إلى العقوق.

وفي كتاب لباب الآداب تأليف الأمير أسامة بن مرشد ابن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني صاحب قلعة شيزر ما الفظه: قال المدائني قال زيد بن علي لأصحابه أوصيكم بتقوى اللهفان الموصي بها لم يدخر نصيحة ولم يقصر في الإبلاغ فاتقوا الله في الأمر الذي لا يفوتكم منه شيء وإن جهلتموه وأجملوا في الطلب ولا تستعينوا بنعم الله على معاصيه وتفكروا وأبصروا هل لكم قبل خالقكم من عمل صالح قدمتموه فشكره لكم فبذلك جعلكم الله تعالى من أهل الكتاب والسنة وفضلكم على أديان آبائكم ألم يستخرجكم نطفا من أصلاب قوم كانوا كافرين حتى بثكم في حجور أهل التوحيد وبث من سواكم ي حجور أهل الشرك فبأي سوابق أعمالكم طهركم إلا بمنه وفضله الذي يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم "اه".

ما روي عنه من الشعر

قال المرتضى في كتاب الفصول المختارة من المجالس والعيون والمجلس للمفيد: الفصل الخامس حدثني الشيخ قال وجدت عن الحسين بن زيد بن علي عليه السلام بواسط فذكر قوم الشيخين وعليا فقدموهما عليه فلما قاموا قال لي زيد قد سمعت كلام هؤلاء وقد قلت أبياتا فادفعها إليهم وهي:

ورواه الخزاعي في كتاب الأربعين عن الأربعين بسنده عن سلام مولى زيد بن علي كما ذكرناه في ترجمة محمد ابن أحمد بن الحسين النيسابوري ومن قوله: (ثوى باقر العلم في ملحد) الخ وقوله: (نحن سادات قريش) الخ وقوله: (مهلا بني عمنا) وقوله: (شرده الخوف) ومما نسب إليه قوله:

وفي نسمة السحر من شعر الإمام زيد قوله:

مراثيه

في عمدة الطالب رثي زيد بمراث كثيرة:

وفي مقاتل الطالبيين قال فضل بن العباس بن عبد الرحمن بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب يرثي زيد ابن علي عليه السلام:

فظلوا ينبشون أبا حسين=خضيبا بينهم بدم جسيد

وأبو الفرج ينقل مثل هذا الشعر في ذم أجداده لأنه زيدي المذهب وإن كان مرواني النسب قال أبو الفرج وقال أبو ثميلة الأبار يرثي زيدا عليه السلام:

وريطة هي بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية أم يحيى وزوجة زيد.

وقال ابن الأثير قيل كان خراش بن حوشب بن يزيد ابن مزيد الشيباني على شرطة يوسف وهو الذي نبش زيدا وصلبه فقال السيد الحميري:

وفي نسمة السحر رأيت في بعض التواريخ أن بعض الخوارج قال يرثي الإمام زيدا عليه السلام:

وقال قيل ذلك في ترجمة درويش بن محمد الطالوي أن أبناء درزة هم الخياطون وأن زيدا لما خرج كان معه خياطون من الكوفة.

أولاده

في عمدة الطالب كان له أربعة بنين ولم يكن له أنثى وهم يحيى والحسين ذو الدمعة وعيسى ومؤتم الأشبال ومحمد "اه". والحسين ذو الدمعة هو جدنا.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 107

زيد ابن زيد العابدين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، روى عن أبيه وأخيه محمد بن علي وأبان بن عثمان، وروى عنه جعفر الصادق والزهري وشعبة وسالم مولى زيد بن علي وغيرهم. وفد على هشام بن عبد الملك، فرأى منه جفوة، فكان ذلك سبب خروجه وطلبه للخلافة، وسار إلى الكوفة. فقام إليه منها شيعة فخرجوا معه، فظفر به يوسف بن عمر الثقفي، فقتله وصلبه وحرقه. وعده ابن سعد في الطبقة الثالثة، أمه أم ولد، وقال: فولد علي الأصغر ابن حسين وزيد المقتول بالكوفة وعلي بن علي وخديجة. وعن خديجة أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر يوما إلى زيد بن حارثة وبكى وقال: ’’المظلوم من أهل بيتي سمي هذا والمقتول في الله والمصلوب من أمتي سمي هذا’’. وذكره جعفر يوما فقال: رحم الله عمي كان والله سيدا ولا والله ما ترك فينا لدنيا ولا آخرة مثله. وسأل زيد بن علي بعض أصحابه، عن قوله {والسابقون السابقون، أولئك المقربون} قال: أبو بكر وعمر، ثم قال: لا أنالني الله شفاعة جدي إن لم أوالهما! وقال: البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان البراءة من علي، والبراءة من علي البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان. وانطلقت الخوارج فبرئت ممن دون أبي بكر وعمر ولم يستطيعوا أن يقولوا فيهما شيئا، وانطلقتم أنتم فظفرتم فوق ذلك فبرئتم منهما، فمن بقي فوالله، ما بقي أحد إلا برئتم منه. وقال: أما أنا فلو كنت مكان أبي بكر لحكمت بمثل ما حكم به أبو بكر في فدك.
وقال أيضا: الرافضة حربي وحرب أبي مرقت الرافضة علينا كما مرقت الخوارج علي علي. وسئل عيسى بن يونس عن الرافضة والزيدية، فقال: أما الرافضة: فأول ما ترفضت جاءوا إلى زيد بن علي حين خرج وقالوا: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك! قال: بل أتولاهما وأبرأ ممن يبرأ منهما! فقالوا: فإذن نرفضك! فسميت الرافضة، وأما الزيدية: فقالوا: نتولاهما وبرأ ممن يبرأ منهما فخرجوا مع زيد فسميت الزيدية. وقال الزبير بن بكار: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال: دخل زيد بن علي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من باب السوق، فرأى سعد بن إبراهيم في جماعة من القرشيين قد حان قيامهم، فقاموا فأشار إليهم فقال: يا قوم أنتم أضعف من أهل الحرة! قالوا: لا! قال: وأنا أشهد أن يزيد ليس شرا من هشام، فما لكم؟ فقال سعد لأصحابه: مدة هذا قصيرة، فلم ينشب أن خرج فقتل. وقال الوليد بن محمد: كنا على باب الزهري إذ سمع جلبة، فقال: ما هذا يا وليد؟ فنظرت، فإذا رأس زيد بن علي يطاف به بيد اللعانين، فأخبرته فبكى، ثم قال: أهلك أهل هذا البيت العجلة! قلت: ويملكون؟ قال: نعم، وكانوا قد صلبوه بالكناسة سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وعشرين ومائة، وله اثنتان أو أربع وأربعون سنة، ثم أحرقوه بالنار فسمي زيد النار. ولم يزل مصلوبا إلى سنة ست وعشرين، ثم أنزل بعد أربع سنين من صلبه. وقيل: كان يوجه وجهه ناحية الفراب فيصيح، وقد دارت خشبته ناحية القبلة مرارا ونسجت العنكبوت على عورته وكان قد صلب عريانا. وقال الموكل بخشبته: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وقد وقف على الخشبة وقال: هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني يا زيد! قتلوك قتلهم الله! صلبوك صلبهم الله! فخرج هذا في الناس. فكتب يوسف بن عمر إلى هشام أن عجل إلى العراق فقد فتنتهم! فكتب إليه: أحرقه بالنار! وقال جرير بن حازم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى خشبة زيد بن علي وهو يبكي ويقول: هكذا يفعلون بولدي، ذكر ذلك كله الحافظ بن عساكر في تأريخ دمشق.
وقال ابن أبي الدم في الفرق الإسلامية: الزيدية أصحاب زيد بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان زيد قد آثر تحصيل علم الأصول، فتتلمذ لواصل بن عطاء رئيس المعتزلة ورأسهم وأولهم، فقرأ عليه واقتبس منه علم الاعتزال وصار زيد وجميع أصحابه معتزلة في المذهب والاعتقاد، وكان أخوه الباقر محمد بن علي يعيب عليه كونه قرأ على واصل بن عطاء وتتلمذ له واقتبس منه مع كونه يجوز الخطأ على جده علي بن أبي طالب لسبب خروجه إلى حرب الجمل والنهروان ولأن واصلا كان يتكلم في القضاء والقدر على خلاف مذهب أهل البيت. وكانت زيد يقول: علي أفضل من أبي بكر الصديق ومن بقية الصحابة إلا أن أبا بكر فوضت إليه الخلافة لمصلحة رآها الصحابة وقاعدة دينية راعوها من تسكين ثائرة الفتنة وتطييب قلوب الرعية. وكان يجوز إمامة المفضول مع قيام الأفضل للمصلحة. فلما قتل زيد في خلافة هشام قام بالأمر بعده ولده يحيى ومضى إلى خراسان، فاجتمع عليه بها خلق كثير وبايعوه ووعدوه بالقيام معه ومقاتلة أعدائه وبذلوا له الطاعة، فبلغ ذلك أخاه جعفر بن محمد الصادق، فكتب إليه جعفر ينهاه عن ذلك وعرفه أنه مقتول كما قتل أبوه، وكان كما أخبره الصادق فإن أمير خراسان قتله بجوزجان، ثم تفرقت الزيدية ثلاث فرق: جارودية سليمانية وبترية. الفرقة الأولى الجارودية أصحاب أبي الجارود، وكان الجارود من أصحاب زيد بن علي، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بن أبي طالب بالوصف دون التسمية وأن الناس كفروا بنصب أبي بكر إماما، فخالفوا إمامهم زيدا في ذلك، ثم ساقوا الإمامة بعد علي إلى الحسن ثم الحسين ثم إلى علي بن الحسين، ثم إلى بني علي، ثم إلى آل محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن علي.
وكان أبو حنيفة - رحمه الله - على بيعة محمد بن عبد الله هذا ومن جملة شيعته، فرفع أمره إلى المنصور فجرى عليه ما هو مذكور في كتب التأريخ، وكان محمد الباقر يسمي أبا الجارود سرخوب، قال محمد: هو شيطان أعمى يسكن البحر، قلت: وأما السليمانية فيأتي ذكرهم في ترجمة سليمان بن جرير، وأما البترية فيأتي ذكرهم - إن شاء الله تعالى - في ترجمة كثير الأبتر. وروى لزيد بن علي - رضي الله عنهما - أبو داود والترمذي وابن ماجة، وأورد له ابن المرزبان في معجمه، قال: له في رواية دعبل:

وسيأتي ذكر ولده يحيى وخروجه ومقتله في حرف الياء- إن شاء الله تعالى- ولله الحمد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0

زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، أبو الحسين الهاشمي، العلوي، المدني.
أخو: أبي جعفر الباقر، وعبد الله، وعمر، وعلي، وحسين.
وأمه: أم ولد.
روى عن: أبيه؛ زين العابدين، وأخيه؛ الباقر، وعروة بن الزبير.
وعنه: ابن أخيه؛ جعفر بن محمد، وشعبة، وفضيل بن مرزوق، والمطلب بن زياد، وسعيد بن خثيم، وابن أبي الزناد.
وكان ذا علم وجلالة وصلاح، هفا، وخرج، فاستشهد.
وفد على متولي العراق يوسف بن عمر، فأحسن جائزته، ثم رد، فأتاه قوم من الكوفة، فقالوا: ارجع نبايعك، فما يوسف بشيء.
فأصغى إليهم، وعسكر، فبرز لحربه عسكر يوسف، فقتل في المعركة، ثم صلب أربع سنين.
وقال الفسوي: كلم هشاما في دين، فأبى عليه، وأغلظ له.
قال عيسى بن يونس: جاءت الرافضة زيدا، فقالوا: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى ننصرك.
قال: بل أتولاهما.
قالوا: إذا نرفضك، فمن ثم قيل لهم: الرافضة.
وأما الزيدية، فقالوا بقوله، وحاربوا معه.
وذكر: إسماعيل السدي، عنه، قال: الرافضة حزبنا مرقوا علينا.
وقيل: لما انتهره هشام وكذبه، قال: من أحب الحياة، ذل.
وقال:

عاش: نيفا وأربعين سنة، وقتل يوم ثاني صفر، سنة اثنتين وعشرين ومائة -رحمه الله-.
وروى: عبد الله بن أبي بكر العتكي، عن جرير بن حازم، قال:
رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- كأنه متساند إلى خشبة زيد بن علي، وهو يقول: هكذا تفعلون بولدي؟!
قال عباد الرواجني: أنبأنا عمرو بن القاسم، قال:
دخلت على جعفر الصادق، وعنده ناس من الرافضة، فقلت: إنهم يبرؤون من عمك زيد.
فقال: برأ الله ممن تبرأ منه، كان -والله- أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم، ما تركنا وفينا مثله.
وروى: هاشم بن البريد، عن زيد بن علي، قال:
كان أبو بكر -رضي الله عنه- إمام الشاكرين، ثم تلا: {وسيجزي الله الشاكرين}، ثم قال: البراءة من أبي بكر هي البراءة من علي.
وعن معاذ بن أسد، قال:
ظهر ابن لخالد القسري على زيد بن علي
وجماعة، أنهم عزموا على خلع هشام، فقال هشام لزيد بن علي: بلغني عنك كذا؟!
قال: ليس بصحيح.
قال: قد صح عندي.
قال: أحلف لك؟
قال: لا أصدقك.
قال: إن الله لن يرفع من قدر من حلف له بالله، فلم يصدق.
قال: اخرج عني.
قال: إذا لا تراني إلا حيث تكره.
قلت: خرج متأولا، وقتل شهيدا، وليته لم يخرج، وكان يحيى ولده لما قتل بخراسان، فقال يحيى:
قلت: ثار يحيى بخراسان، وكاد أن يملك.
قال ابن سعد: قتله سلم بن أحوز.
وأمه: هي ريطة بنت عبد الله بن محمد ابن الحنفية.
وقال الهيثم: لم يعقب يحيى.
وكان نصر بن سيار عامل خراسان قد بعث سلما إلى يحيى، فظفر به، فقتله بعد حروب شديدة وزحوف، ثم أصاب يحيى بن زيد سهم في صدغه، فقتله، فاحتزوا رأسه، وبعثوا به إلى هشام بن عبد الملك إلى الشام، وصلبت جثته بجوزجان، ثم أنزلها أبو مسلم الخراساني، وواراه، وكتب بإقامة النياحة عليه ببلخ أسبوعا، وبمرو، وما ولد إذ ذاك ولد بخراسان من العرب والأعيان إلا سمي يحيى.
ودعا أبو مسلم بديوان بني أمية، فجعل يتصفح أسماء قتلة يحيى، ومن سار في ذلك البعث لقتاله، فمن كان حيا، قتله.
وقال الليث بن سعد: قتل يحيى سنة خمس وعشرين ومائة -رحمه الله-.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 118

زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب. وأمه أم ولد. فولد زيد بن علي يحيى بن زيد المقتول بخراسان. قتله سلم بن أحوز بعثه إليه نصر بن سيار. وأمه ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب. وعيسى بن زيد وحسين بن زيد المكفوف ومحمد بن زيد وهم لأم ولد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: دخل زيد بن علي على هشام بن عبد الملك فرفع دينا كثيرا وحوائج فلم يقض له هشام حاجة وتجهمه وأسمعه كلاما شديدا.
قال عبد الله بن جعفر: فأخبرني سالم مولى هشام وحاجبه أن زيد بن علي خرج من عند هشام وهو يأخذ شاربه بيده ويفتله ويقول: ما أحب الحياة أحد قط إلا ذل. ثم مضى فكان وجهه إلى الكوفة فخرج بها ويوسف بن عمر الثقفي عامل لهشام بن عبد الملك على العراق. فوجه إلى زيد بن علي من يقاتله. فاقتتلوا وتفرق عن زيد من خرج معه. ثم قتل وصلب.
قال سالم: فأخبرت هشاما بعد ذلك بما كان قال زيد يوم خرج من عنده فقال: ثكلتك أمك ألا كنت أخبرتني بذلك قبل اليوم! وما كان يرضيه إنما كانت خمسمائة ألف فكان ذلك أهون علينا مما صار إليه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا سحبل بن محمد قال: ما رأيت أحدا من الخلفاء أكره إليه الدماء ولا أشد عليه من هشام بن عبد الملك ولقد دخله من مقتل زيد بن علي ويحيى بن زيد أمر شديد وقال: وددت أني كنت افتديتهما.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي الزناد يذكر عن أبيه قال: ما كان فيهم أحد أكره إليه الدماء من هشام بن عبد الملك ولقد ثقل عليه خروج زيد بن علي فما كان شيء حتى أتي برأسه وصلب بدنه بالكوفة وولي ذلك يوسف بن عمر في خلافة هشام بن عبد الملك.
قال محمد بن عمر: فلما ظهر ولد العباس عمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس إلى هشام بن عبد الملك فأمر به فأخرج من قبره وصلبه وقال:
هذا بما فعل بزيد بن علي. وقتل زيد بن علي. رحمه الله. يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين ومائة. ويقال اثنتين وعشرين ومائة. وكان له يوم قتل اثنتان وأربعون سنة. وسمع زيد بن علي من أبيه. وروى عن زيد عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة. وروى عنه بسام الصيرفي وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهما.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 250

زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أخو محمد وحسين أبناء علي بن الحسين أبو محمد كانت الشيعة تنتحله وكان من أفاضل أهل البيت وعبادهم قتل بالكوفة سنة ثنتين وعشرين ومائة وصلب على خشبة فكان العباد يأوون إلى خشبته بالليل يتعبدون عندها وبقى ذلك الرسم عندهم بعد أن حدر عنها حتى قل من قصدها لحاجة فدعا الله عند موضع الخشبة الا استجيب له

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 104

زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالبٍ، الهاشمي.
عن أبيه.
روى عنه: عبد الرحمن بن الحارث.
ويقال: كنيته أبو الحسين، أخو محمد بن علي، وحسين بن علي، قتل سنة ثنتين وعشرين ومئة.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 3- ص: 1

زيد بن علي بن الحسين العلوي
عن أبيه وأبان بن عثمان وعنه شعبة والمطلب بن زياد استشهد في صفر 121 د ت ق

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

(د ت ق عس) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسين الهاشمي المدني أخو محمد، وعبد الله، وعمر، وعلي، والحسين.
قال الزبير: حدثني عمي مصعب قال: كان هشام بن عبد الملك بعث إلى زيد فأخذ بمكة هو وداود بن علي، واتهمهما أن يكون عندهما مال مخلد بن عبد الله القري حين عزل مخلدا، فقال كثير بن كثير السهمي في ذلك:

قال: ويقال: إن زيدا بينما هو على باب هشام في خصومة عبد الله بن حسن في الصدقة ورد كتاب يوسف بن عمر في زيد وداود بن علي بن عبد الله بن عباس وغيرهما، فبعث زيد إلى يوسف فاستحلفه ما عنده لمخلد مال، وخلا
سبيله حتى إذا كان بالقادسية لحقته الشيعة فسألوه الرجوع معهم، والخروج ففعل، ثم تفرقوا عنه إلا نفر فنسبوا إلى الزيدية ونسبت بمن تفرق عنه إلى الرافضة، فلما قتل قال مسلمة بن الحر بن يوسف بن الحكم:
قال الزبير: وحدثني عبد الرحمن الزهري قال: دخل زيد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النهار في يوم حار، فرأى سعيد بن إبراهيم في جماعة من القرشيين فقال لهم أي قوم أنتم أضعف من أهل الحرة؟ قالوا: لا. قال: وأنا أشهد أن زيدا ليس شرا من هشام فما بالكم؟ فقال سعيد لأصحابه: مدة هذا قصيرة، فلم يلبث أن خرج فقتل.
وفي «تاريخ» ابن أبي عاصم: قتل سنة إحدى وعشرين ومائة، وفي كتاب الصريفيني: سنة خمس وعشرين.
وفي كتاب المنتجيلي: أدخل زيد بن علي، ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس على هشام بن عبد الملك قال: فالتفت إلينا هشام بوجه كريه. وقال لزيد: أنت الذي تدعوك نفسك إلى الخلافة وأمك أم ولد؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن الأمهات لا يقعدن بالرجال دون بلوغ الغايات، وقد كانت أمك من أمي كأم إسماعيل من أم إسحاق صلى الله عليهما وسلم، فلم يمنعه ذلك أن ابتعثه الله نبيا، وجعله للعرب إماما، وأخرج من صلبه محمدا صلى الله عليه وسلم قال: فقال هشام: يقولون: إن أهل هذا البيت بادوا، والله ما باد قوم هذا خلفهم، ثم خرجا، فقال للحاجب: أرسل خلفهما من يسمع قولهما، قال: فالتفت زيد إلى محمد بن علي فقال: من أحب الحياة ذل، وخرج إلى الكوفة فكان من أمره ما كان، وفي ذلك يقول الخشنى شاعر بني أمية:
وفي «الكامل» لأبي العباس: كان بين يوسف بن عمر ورجل إحنة فكان يطلب عليه علة فلما ظفر بزيد وأصحابه أحسوا بالصلب واستحدوا وأصلحوا
من أبدانهم فصلبوا عراة وأخذ يوسف عدوه فنحله أنه كان من أصحاب زيد فصلبه، ولم يكن استحد؛ لأنه كان عند نفسه آمنا وكان بالكوفة رجل معتوه يتشيع فكان يجيء إلى الكناسة فيقف على زيد ويترحم عليه وعلى أصحابه واحدا واحدا حتى يقف على عدو يوسف فيقول: وأما أنت يا فلان فوفور عانتك يدل على براءتك مما فرقته. وقال الحبيب بن خدرة- ويقال: ابن جدرة- الخارجي، يعني زيد بن علي [ق 56 / ب]:
ونظر بعد زمين إلى رأس زيد ملقى في دار يوسف وديك ينقره فقال قائل من الشيعة:
وفي كتاب عباس بن محمد عن يحيى قال: وسمعته يقول: أبو القموص هو زيد بن علي. انتهى، كذا ذكر المنتجلي قول يحيى هذا في ترجمة زيد بن علي بن حسين ويشبه أن يكون وهما، وذلك أن أبا القموص عبدي بصري كوفي معروف لا مدخل للهاشمي معه بحال.
وذكر الهاشمي ابن خلفون في كتاب «الثقات» وقال: كان صالحا فاضلا.
وفي كتاب «الزهد» لأحمد بن حنبل: عن خالد بن صفوان قال: رأيت زيد بن علي يبكي حتى تختلط دموعه بمخاطه. وعن مغيرة قال: كنت أكثر الضحك فما قطعه إلا قتل زيد بن علي.
وفي كتاب «الملل والنحل» للشهرستاني تلمذ زيد في الأصول لواصل بن عطاء رأس المعتزلة فاقتبس منه الاعتزال، وصارت أصحابه كلها معتزلة، وكان من مذهبه جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل، وجرت بينه وبين محمد الباقر أخيه مناظرات لكونه تلميذا لعطاء، وكان قتل زيد بكناسة الكوفة.
وفي كتاب «التبصير» للإمام أبي مظفر الإسفرائيني: بايع زيدا خمسة آلاف من أهل الكوفة فأخذ يقاتل بهم يوسف بن عمر، فلما اشتد بهم القتال قالوا له: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فلما تولاهما رفضوه، فسموا رافضة بذلك السبب، ولم يبق معه إلا نصر بن خزيمة العبسي، ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة في مقدار مائتي فارس، فأتى القتل على جميعهم وقتل زيد ودفن، ثم أخرج بعد من القبر، وأحرق.
وفي كتاب «الطبقات» للقاضي عبد الجبار الهمداني المتكلم: «وقد حكى أبو الحسين أن زيدا لما خرج على هشام بالكوفة جاءه أبو الخطاب فقال: عرفنا ما تذهب إليه حتى نبايعك. فقال: اسمع مني إني أبرأ إلى الله تعالى من القدرية الذين حملوا ذنوبهم على الله، ومن المرجئة الذين أطمعوا الفساق في عفو الله مع الإصرار، ومن الرافضة الذين رفضوا أبا بكر وعمر، ومن المارقة الذين كفروا أمير المؤمنين.
قال الرشاطي: أتباعه أول خوارج غلوا، غير أنهم يرون الخروج مع كل من خرج.
وأنشد له المرزباني في المعجم، يوصي ولده:
وفي «تاريخ الطبري»: قال الواقدي: قتل زيد سنة إحدى وعشرين في صفر قال: وأما هشام فزعم أنه قتل سنة اثنتين وعشرين ومائة، وذكر أنه بايعه أربعون ألفا، ولما ظفر المنصور بعبد الله بن حسن بن حسن قام خطيبا فقال من جملة كلامه: لم تأمر زيد بن علي بن حسين، وقد كان أتى محمد بن علي فناشده في الخروج، وقال له: إنا نجد في بعض علمنا أن بعض أهل بيتنا يصلب بالكوفة، وأنا أخاف أن تكون إياه.
وقول المزي: قال ابن حبان في «الثقات»: رأى جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقد حرصت على وجدانه في كتاب «الثقات» فلم أجده فينظر، وإنما فيه أنه ذكره في أتباع التابعين، وقال: روى عنه ابنه حسين بن زيد وأهل الكوفة.
وذكر ابن دحية أن بني العباس لما ظهروا تتبعوا قبور الأمويين يجلدونهم ويحرقونهم جزاء بما فعلوا بزيد بن علي.
وفي كتاب «التعريف بصحيح التاريخ» لأبي جعفر بن أبي خالد: كانت أم زيد سندية، ولما سمعه الحاجب يقول: ما أحب أحد الحياة إلا ذل قال له: لا يسمع هذا الكلام منك أحد.
وفي كتاب القراب: أمرت بنو أمية من قال على وجهه لما تبين.
وفي «تاريخ عبيد الله بن عبد المجيد بن شيران»: وفيها- يعني سنة خمس عشرة، وثلاثمائة- ورد كتاب من الكوفة فيه أن رجلا رأى في منامه قائلا يقول: امض على الموضع المعروف بالحوارين فأخرج رأس زيد بن علي بن حسين، فأنفذ إليه فوجدوا رأسا فيه مسمار مسمور فغسله ودفنه بالعرى.
وفي كتاب «الشورى» للكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن أبا ذر لما خطب خطبته التي ذكر فيها أن النبي عليه السلام أعلمه بالكائنات بعده، فذكر أمورا منها: وبأبي وأمي المظلوم بظهر الكوفة يباح الحين ويمر به ويفرح بصلبه.
قال أبو صالح: يعني زيد بن علي بن حسين.
وفيه يقول ابنه لما قتل:

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 5- ص: 1

زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب
أخو محمد وحسين ابنا على ورأى جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم روى عنه ولده قتل سنة ثنتين وعشرين ومائة

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 4- ص: 1

زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب
يروي عن أبيه روى عنه ابنه حسين بن زيد وأهل الكوفة

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 6- ص: 1

زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام بن أبي طالب
روى عن أبيه روى عنه عبد الحميد بن الحارث سمعت أبي يقول ذلك قال أبو محمد روى عنه جعفر بن محمد.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 3- ص: 1