أبو اليمن الكندي زيد بن الحسن بن زيد بن سعيد الحميري من ذي رعين أبو اليمن تاج الدين الكندي اديب من الكتاب الشعراء العظماء ولد ونشأ ببغداد وسافر إلى حلب سنة 563 مـ وسكن دمشق وقصده الناس يقرأون عليه وكان مختصا بفرخ شاه ابن اخي صلاح الدين وبولده الملك الامجد صاحب بعلبك وهو شيخ المؤرخ سبط ابن الجوزي وكان الملك المعظم عيسى يقرأ عليه دائما كتاب سيبويه متنا وشرحا والايضاح والحماسة وغيرهما قال أبو شامة كان المعظم يمشي من القلعة راجلا إلى دار تاج الدين والكتاب تحت ابطه واقتنى مكتبة نفيسة وتوفي في دمشق له تصانيف منها كتاب شيوخه على حروف المعجم كبير وشرح ديوان المتنبي وديوان شعر.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 57
تاج الدين الكندي زيد بن الحسن.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0
تاج الدين الكندي زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن - ثلاثة - ابن سعيد ابن عصمة بن حمير بن الحارث الأصغر، تاج الدين أبو اليمن الكندي النحوي اللغوي الحافظ المحدث، ولد ببغداد سنة عشرين وخمس مائة، وتوفي سنة ثلاث عشرة وست مائة، حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وأكمل القرآات العشر وهو ابن عشر، وكان أعلى أهل الأرض إسنادا في القرآات، قال الشيخ شمس الدين: فإني لا أعلم أحدا من الأمة عاش بعد ما قرأ القرآن ثلاثا وثمانين سنة غيره، هذا مع أنه قرأ على أسند شيوخ العصر بالعراق، ولم يبق أحد ممن قرأ عليه بقاءه. قرأ القرآات المشهورة على شيخه ومعلمه وأستاذه الإمام أبي محمد سبط أبي منصور الخياط، أفاده وحرص عليه في صغره، وسمع الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي وأبي القاسم هبة الله بن البطر وأبي منصور القزار ومحمد بن أحمد بن توبة وأخيه عبد الجبار وأبي القاسم ابن السمرقندي وأبي الفتح ابن البيضاوي وطلحة بن عبد السلام الروماني ويحيى بن علي بن الطراح وأبي الحسن بن عبد السلام وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف والحسين بن علي سبط الخياط والمبارك بن نعوبا وعلي بن عبد السيد بن الصباغ وعبد الملك بن أبي القاسم الكروخي وسعد الخير الأنصاري وطائفة سواهم. وله مشيخة في أربعة أجزاء خرجها له أبو القاسم ابن عساكر، وقرأ النحو على ابن الشجري وابن الخشاب وشيخه أبي محمد سبط الخياط، وأخذ اللغة عن موهوب الجواليقي. وقدم دمشق في شبيبته وسمع بها من المشائخ وبمصره، وسكن دمشق ونال بها الحشمة الوافرة والتقدم، وازدحم الطلبة عليه، وكان حنبليا فصار حنفيا، تقدم في مذهب أبي خنيفة، وأفتى، ودرس، وصنف، وأقرأ القرآات والنحو واللغة الشعر، وكان صحيح السماع، ثقة في النقل، ظريفا في العشرة، طيب المزاج، قرأ عليه جماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو حفص ابن القواس، ثم أبو حفص عمر بن إبراهيم العقيمي الأديب. واستوزره فرخشاه، ثم بعد ذلك اتصل بأخيه تقي الدين عمر صاحب حماة، واختص به وكثرت أمواله، وكان المعظم عيسى يقرأ عليه دائما، قرأ عليه سيبويه فصا وشرحه والحماسة والإيضاح وشيئا كثيرا، كان يأتي من القلعة ماشيا إلى درب العجم والمجلد تحت إبطه واشتمل عليه فرخشاه وابنه الملك الأمجد، ثم تردد إليه بدمشق الملك الأفضل وأخوه الملك المحسن. ولما مات خامس ساعة يوم الاثنين سادس شوال في التأريخ المقدم صلى عليه العصر بجامع دمشق، ودفن بتربته بسفح قاسيون، وعقد العزاء له تحت النسر يومين، وانقطع بموته إسناد عظيم.
وفيه يقول الشيخ علم الدين السخاوي:
لم يكن في عصر عمر مثله | وكذا الكندي في آخر عصر |
فهما زيد وعمرو إنما | بني النحو على زيد وعمرو |
يا زيد زادك زبي من مواهبه | نعمى يقصر عن إدراكها الأمل |
لا غير الله حالا قد حباك بها | ما دار بين النحاة الحال والبدل |
النحو أنت أحق العالمين به | لأن باسمك فيه يضرب المثل |
إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن | لقاؤك إلا من وراء وراء |
لامني في اختصار كتبي حبيب | فرقت بينه الليالي وبيني |
كيف لي لو أطلت لكن عذري | فيه أن المداد إنسان عيني. |
إن علقت بمحيي الدين معتضدا | فعاد تقبيح دهري وهو إحسان |
وكم رأيت لغيري غيره عضدا | لكن أولئك مرعى وهو سعدان |
علقت بسحار اللواحظ فاتن | كأن بعينيه بقايا خماره |
يكسر أغراضي تكسر طرفه | إذا ظل طرفي حائرا في احواراره |
أقام على قلبي قيامة حبه | وقام بعذري فيه حسن عذاره |
وأعجبني في خده جلناره | فأهدى إلى طي الحشاجل ناره |
يرنحني وجدي إليه كأنني | نزيف أنالته كؤوس عقاره |
وهيهات أن أنسى لذيذ عناقه | وقد زارني من بعد طول ازوراره |
أمنت عليه اللوم من كل ناصح | فكل يرى أن النهى في اختياره |
هل أنت راحم عبرة وتوله | ومجير صب عند ما منه دهي |
هيهات يرحم قاتل مقتوله | وسنانه في القلب غير منهنه |
من بل من داء الغرام فإنني | مذحل بي مرض الهوى لم أنته |
إني بليت بحب أغيد ساحر | بلحاظه رخص البنان بزهره |
أبغي شفاء تدلهي من دله | ومتى يرق مدلل لمدله |
كم آهة لي في هواه وأنة | لو كان ينفعني عليه تأوهي |
ومآرب في وصله لو أنها | تقضى لكانت عند مبسمه الشهي |
يا مفردا بالحسن إنك منته | فيه كما أنا في الصبابة منته |
قد لام فيك معاشر أفأنتهي | باللوم عن حب الحياة وأنت هي |
أبكي لديه فإن أحس بلوعة | وتشهق أوما بطرف مقهقه |
أنا من محاسنه وحالي عنده | حيران بين تفكري وتفكهي |
ضدان قد جمعا بلفظ واحد | لي في هواه بمعنيين موجه |
لأجردن من اصطباري عزمة | ما ربها في محفل بمسفه |
أو لست رب فضائل لو حاز أد | ناها وما أزهى بها غيري زهي |
شهدت لها الأعداء واستشفت بها | عينا حسود بالغباوة أكمه |
أنا عبد من علم الزمان بعجزه | عن أن يجيء له بند مشبه |
عبد لعز الدين ذي الشرف الذي | دل الملوك لعزه فرخشه |
يا طالب الرزق بالتقويم تصنعه | جداولا ذات تقسيم وتوجيه |
وتدعي سفها أن النجوم لها | فعل بتأثيرها في الخلق تقضيه |
خفض عليك فما عند المنجم في | تقويمه غير تخييل وتمويه |
لولا حساب وتأريخ وضعتهما | فيه لكان هراء كل ما فيه |
يهذي المنجم في أحكامه أبدا | ومن يصدقه في الحكم يشبهه |
لكن رموز حساب يستدل بها | ما ينبغي أننا فيها نسفهه |
وناجم في علم تقويمه | بالحل والتسيير نجامه |
يزعم جهلا أنه بارع | محرر أحكام أحكامه |
يهدي لأقوام تقاويمه | ليجتدي من رفد أقوامه |
النصف من آذار ميقاته | عند انتهاء الدور من عامه |
حسابه الرمز وتأريخه | مختصر في حسن إتمامه |
لكنه أصدق أحكامه | أكذب من أضغاث أحلامه |
من شك في صحة تكذيبه | فالشك في صحة إسلامه |
لبست من الأعمار تسعين حجة | وعندي رجاء بالزيادة مولع |
وقد أقبلت إحدى وتسعون بعدها | ونفسي إلى خمس وست تطلع |
ولا غرو إن آتى هنيدة سالما | فقد يدرك الإنسان ما يتوقع |
وقد كان في عصري رجال عرفتهم | حبوها وبالآمال فيها تمتعوا |
وما عاف قبلي عاقل طول عمره | ولا لامه في ذاك للعقل موضع |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0
التاج الكندي اسمه زيد بن الحسن.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عضيهة ابن عمير بن الحارث الأصغر: ذي رعين، تاج الدين أبو اليمن الكندي البغدادي ثم الدمشقي النحوي اللغوي المقرئ الحافظ المحدث الجامع لأسباب الفضائل، محط الركبان، حسنة الزمان: ولد ببغداد في شعبان سنة عشرين وخمسمائة، وتوفي بدمشق
سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وكان أبوه من كبار التجار وذوي الجدة واليسار، فاتفق له الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ المعروف بابن بنت الشيخ سبط أبي منصور الخياط فألقى الله محبته في قلبه فلقنه القرآن وهو طفل صغير، وأقرأه القراءات العشر، وله من العمر عشر سنين وأربعة أشهر، وشاهده خط الشيخ له بذلك. فلما رأى الشيخ ذكاءه وحسن تقبله للعلم ازداد له حبا، ورباه تربية الولد البار، ونصحه وحمله إلى مشايخ وقته وعلماء أوانه، فقرأ عليهم القرآن، وصنف له كتبا في قراءاتهم، وأسمعه الحديث من نفسه ومن أهله في وقته، ووهب له جملة من كتبه، واستجاز له من المشايخ ببغداد واستدعى له من مشايخ الأقطار، وكان ذلك سرا اطلع عليه الشيخ أبو محمد ظهر به نبأه بعد حين. وكان كلما قرأ عليه القراءات برواية دعا له تارة بطول العمر وتارة بحسن القبول، وتارة بالإفادة، وتارة بالتوفيق والسعادة، إلى غير ذلك من الدعوات، فما منها شيء إلا وقد استجيب له فيه. وبلغ عدد من قرأ عليه من الشيوخ الذين لقيهم وسمع منهم، وأجازوا له من الأقطار سبعمائة ونيفا وستين شيخا من رجل وامرأة.
ومن عجائب ما وقع له من الأسانيد ما أخبرنا به- أيده الله- قال: أخبرنا القاضي أبو بكر ابن محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله الأنصاري العدل قاضي البيمارستان قراءة عليه وأنا أسمع في صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه الحنبلي الرملي قراءة عليه، وأنا أسمع، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ناس البزار قراءة عليه في المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة، قال: أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري اللخمي قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن ابن عون عن الشعبي قال:
سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وإن بين ذلك أمورا مشتبهات، وربما قال مشتبهة، وسأضرب لكم في ذلك مثلا: إن لله حمى، وإن حمى الله ما حرم الله، وإن من يرع حول الحمى
يوشك أن يخالط الحمى، وربما قال: يخالط الريبة، يوشك أن يحشر. وهذا حديث مجمع على صحته، وهو أحد الأحاديث التي اتفق أئمة الحديث على أن مدار السنة عليها، وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبو داود والنسائي في سننه، وغيرهم من الأئمة في كتبهم من عدة طرق. وأخرجه مسلم بن الحجاج في العدد إلى الشعبي. وقد مات مسلم سنة إحدى وستين ومائتين، فيكون من سمعه من تاج الدين أبو اليمن كمن سمعه من مسلم.
وله عوال كثيرة يعجز عن تعدادها. وتفرد برواية كثير من الكتب لا يشركه فيها أحد، وفي كثرة ما صحبته وحضرت مجلسه ما رأيت القارئ قرأ عليه كتابا من مروياته وعلى الخصوص الأدبية واللغوية والنحوية ونحوها إلا وهو يسابق القارئ إلى ما يقرأه بالإشارة إلى المعنى أو إيراد اللفظ. وقلما سئل عن مسألة إلا وأجاب فيها، ثم استدعى الكتاب في الحال وأخرج المسألة منه توافق ما أجاب به، فقيل له: أي حاجة إلى إحضار الكتاب وقولك حجة بالغة؟ فقال كلاما معناه يزيد تثبت السائل وتحقق المسؤول.
وتفرد بالسماع والرواية من جماعة مشايخ، وخرج من بغداد وقصد همذان، وتفقه على سعد الراوي. واتفق أن والده حج وتوفي، فلما بلغه خبر والده عاد إلى بغداد، وأقام بها مدة، ثم أصعد إلى الشام، واتصل بعز الدين فروخ شاه وصحبه عشر سنين ما فارقه ساعة واحدة ثم التحق بأخيه من بعده تقي الدين.
وقد قرأ النحو على أبي محمد سبط أبي منصور الخياط وعلى أبي السعادات هبة الله ابن الشجري وابن الخشاب، واللغة على أبي منصور موهوب الجواليقي وسمع الحديث من ابن عبد الباقي وآخرين.
ولما قدم دمشق تقدم فيها وتصدر وازدحم عليه الطلاب، وانتقل من مذهب الحنابلة إلى مذهب الحنفية فتوغل فيه وأفتى، واستوزره فروخ شاه، ثم اتصل بأخيه صاحب حماة واختص به. وقرأ عليه الملك المعظم عيسى العربية فأقرأه «كتاب سيبويه» و «الإيضاح» لأبي علي الفارسي و «شرح سيبويه» لابن درستويه وقرأ عليه جماعة القراءة والنحو واللغة، وكتب الخط المنسوب، وكانت له خزانة كتب جليلة في
جامع بني أمية. وله تعليقات على ديوان المتنبي وأخرى على خطب ابن نباتة. وكتاب نتف اللحية من ابن دحية رد فيه على ابن دحية الكلبي في كتابه الذي سماه «الصارم الهندي في الرد على الكندي» وكتاب في الفرق بين قول القائل طلقتك إن دخلت الدار وبين إن دخلت الدار طلقتك، ألفه جوابا لسؤال ورد عليه، وله غير ذلك.
وقال لي تاج الدين: كنت في صغري وقت اشتغالي بالعلم أبغض إخوتي إلى أبي لأنه كان يريدني أشتغل بالمتجر، وكنت أنا أشتغل بالعلم، وكان ذلك سعادة منحني الله تعالى بها، فإنني اكتسبت بالعلم مقدار أربعين ألف دينار وهبتها جميعها لمن يلوذ بي حتى إن الدار التي أنا مقيم فيها كتبتها لهم.
وكان لتاج الدين غلامان أحدهما اسمه ياقوت، وسمي فيما بعد يعقوب، والآخر يحيى، وهو ابن غلام له فخولهما جميع ما يملك.
وأقول: ما أظن أن أحدا نال من العلم، وبلغ منه ما بلغ تاج الدين، فإني رأيت الملك المعظم ابن الملك العادل، وهو صاحب الشام، والمتملك عليها، وهو يقصد منزله راجلا ليقرأ عليه النحو، ولا يكلفه مشقة المجيء إلى خدمته. ورأيت على بابه من المماليك الأتراك وغيرهم ما لا يكون إلا على باب ملك، ومن الآدر والبساتين ما لا يحصى.
وكان الكندي يكثر الجلوس في دكان رجل عطار يتطبب، فجاءته امرأة تستوصفه شيئا فطلبت منه حاجة فأعطاها، وأخرى وأخرى إلى أن ضجر، فقال لها في كلام دار بينهما: يا امرأة، أخذتي والله مخي، فقال الكندي مسرعا: لا تلمها، فإنها محتاجة إليه تريد تطعمه لزوجها (جعله حمارا) .
ومدح الشيخ أبا اليمن شجاع بن الدهان البغدادي، فقال:
يا زيد زادك ربي من مواهبه | نعماء يقصر عن إدراكها الأمل |
لا غير الله حالا قد حباك بها | ما دار بين النحاة الحال والبدل |
النحو أنت أحق العالمين به | لأن باسمك فيه يضرب المثل |
لامني في اختصار كتبي حبيب | فرقت بينه الليالي وبيني |
كيف لي لو أطلت لكن عذري | فيه أن المداد إنسان عيني |
إني علقت بمحيي الدين معتضدا | فعاد تقبيح دهري وهو إحسان |
وكم رأيت لغيري غيره عضدا | لكن أولئك مرعى وهو سعدان |
لم يكن في عصر عمرو مثله | وكذا الكندي في آخر عصر |
فهما زيد وعمرو إنما | بني النحو على زيد وعمرو |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1330
الكندي الشيخ الإمام العلامة المفتي، شيخ الحنفية، وشيخ العربية، وشيخ القراءات، ومسند الشام، تاج الدين، أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير الكندي، البغدادي، المقرئ، النحوي، اللغوي، الحنفي.
ولد في شعبان، سنة عشرين وخمس مائة.
وحفظ القرآن وهو صغير مميز، وقرأه بالروايات العشر، وله عشرة أعوام، وهذا شيء ما تهيأ لأحد قبله، ثم عاش حتى انتهى إليه علو الإسناد في القراءات والحديث؛ فتلا على أستاذه ومعلمه أبي محمد سبط الخياط، ثم قرأ على أقوام، فصار في درجة سبط الخياط في بعض الطرق، فتلا بـ ’’الكفاية في القراءات الست’’ على المعمر هبة الله بن أحمد بن الطبر من تلامذة أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط، وتلا بـ ’’المفتاح’’ على مؤلفه ابن خيرون، وتلا بالسبع على خطيب المحول محمد بن إبراهيم، وأبي الفضل بن المهتدي بالله. وسمع من القاضي أبي بكر الأنصاري، وابن الطبر، وأبي منصور القزاز، وأبي الحسن بن توبة، وأخيه عبد الجبار، وإسماعيل ابن السمرقندي، وطلحة بن عبد السلام، والحسين بن علي سبط الخياط وعلي بن عبد السيد ابن الصباغ، وعبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، والمبارك بن نغوبا، وأبي القاسم عبد الله بن أحمد اليوسفي، ويحيى ابن الطراح، وأبي الفتح ابن البيضاوي، وعدة. خرج له عنهم مشيخة المحدث أبو القاسم علي حفيد ابن عساكر.
وقرأ النحو على أبي السعادات ابن الشجري، وسبط الخياط، وابن الخشاب. وأخذ اللغة عن: أبي منصور بن الجواليقي. وسمع بدمشق من: عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحديد، وتفرد بالرواية عن غالب شيوخه، وأجاز له عدد كثير، وتردد إلى البلاد، وإلى مصر والشام،
يتجر، ثم استوطن دمشق، ورأى عزا وجاها، وكثرت أمواله، وازدحم عليه الفضلاء، وعمر دهرا. وكان حنبليا، فانتقل حنفيا، وبرع في الفقه، وفي النحو، وأفتى ودرس وصنف، وله النظم والنثر، وكان صحيح السماع، ثقة في نقله، ظريفا، كيسا، ذا دعابة، وانطباع.
قرأ عليه بالروايات علم الدين السخاوي، ولم يسندها عنه، وعلم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، وكمال الدين ابن فارس، وعدة.
وحدث عنه: الحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن نقطة، وابن الأنماطي، والضياء، والبرزالي، والمنذري، والزين خالد، والتقي بن أبي اليسر، والجمال ابن الصيرفي، وأحمد بن أبي الخير، والقاضي شمس الدين ابن العماد، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر، وأبو الغنائم بن علان ومؤمل البالسي، والصاحب كمال الدين العديمي، ومحيي الدين عمر بن عصرون، والفخر علي، والشمس ابن الكمال، ومحمد بن مؤمن، ويوسف ابن المجاور، وست العرب بنت يحيى مولاه، ومحمد بن عبد المنعم ابن القواس.
وروى عنه بالإجازة أبوا حفص: ابن القواس، وابن العقيمي.
قال ابن النجار: أسلمه أبوه في صغره إلى سبط الخياط، فلقنه القرآن، وجود عليه، ثم حفظه القراءات وله عشر سنين، قال: وسافر عن بغداد سنة ثلاث وأربعين، فأقام بهمذان سنين يتفقه على مذهب أبي حنيفة على سعد الرازي بمدرسة السلطان طغرل، ثم إن أباه حج سنة أربع وأربعين، فمات في الطريق، فعاد أبو اليمن إلى بغداد، ثم توجه إلى الشام، واستوزره فروخشاه ثم بعده اتصل بأخيه تقي الدين عمر، واختص به، وكثرت أمواله، وكان الملك المعظم يقرأ عليه الأدب، ويقصده في منزله ويعظمه. قرأت عليه كثيرا، وكان يصلني بالنفقة، ما رأيت شيخا أكمل منه عقلا ونبلا وثقة وصدقا وتحقيقا ورزانة مع دماثة أخلاقه، وكان بهيا وقورا، أشبه بالوزراء من العلماء؛ لجلالته وعلو منزلته، وكان أعلم أهل زمانه بالنحو، أظنه يحفظ ’’كتاب سيبويه’’، ما دخلت عليه قط إلا وهو في يده يطالعه، وكان في مجلد واحد رفيع يقرؤه بلا كلفة، وقد بلغ التسعين، وكان قد متع بسمعه وبصره قوته، وكان مليح الصورة، ظريفا، إذا تكلم ازداد حلاوة، وله النظم والنثر والبلاغة الكاملة. إلى أن قال: توفي وحضرت الصلاة عليه.
قلت: كان يروي كتبا كبارا من كتب العلم. وروى عنه ’’كتاب سيبويه’’: علم الدين القاسم.
قال أبو شامة: ورد مصر، وكان أوحد الدهر، فريد العصر، فاشتمل عليه عز الدين
فروخشاه، ثم ابنه الأمجد، وتردد إليه بدمشق الملك الأفضل، وأخوه المحسن وابن عمه المعظم.
قال ضياء الدين ابن أبي الحجاج الكاتب عن الكندي، قال: كنت في مجلس القاضي الفاضل، فدخل عليه فروخشاه فجرى ذكر شرح بيت من ديوان المتنبي، فذكرت شيئا فأعجبه، فسأل القاضي عني، فقال: هذا العلامة تاج الدين الكندي، فنهض وأخذني معه، ودام اتصالي به. قال: وكان المعظم يقرأ عليه دائما، قرأ عليه: ’’كتاب سيبويه’’، فصا وشرحا، وكتاب ’’الحماسة’’ وكتاب ’’الإيضاح’’ وشيئا كثيرا، وكان يأتيه ماشيا من القلعة إلى درب العجم، والمجلد تحت إبطه.
ونقل ابن خلكان أن الكندي قال: كنت قاعدا على باب ابن الخشاب، وقد خرج من عنده الزمخشري، وهو يمشي في جاون خشب، سقطت رجله من الثلج.
قال ابن نقطة: كان الكندي مكرما للغرباء، حسن الأخلاق، وكان من أبناء الدنيا المشتغلين بها، وبإيثار مجالسة أهلها، وكان ثقة في الحديث والقراءات، سامحه الله.
وقال الشيخ الموفق: كان الكندي إماما في القراءة والعربية، وانتهى إليه علو الإسناد، وانتقل إلى مذهبه لأجل الدنيا، إلا أنه كان على السنة وصى إلي بالصلاة عليه، والوقوف على دفنه، ففعلت.
وقال القفطي: آخر ما كان الكندي ببغداد في سنة ثلاث وستين، وسكن حلب مدة، وصحب بها الأمير حسن ابن الداية النوري واليها. وكان يبتاع الخلي من الملبوس ويتجر به إلى الروم. ثم نزل دمشق، وسافر مع فروخشاه إلى مصر، واقتنى من كتب خزائنها عندما أبيعت...، إلى أن قال: وكان لينا في الرواية، معجبا بنفسه فيما يذكره ويرويه، وإذا نوظر جبه بالقبيح، ولم يكن موفق القلم، رأيت له أشياء باردة، واشتهر عنه أنه لم يكن صحيح العقيدة.
قلت: مت علمنا إلا خيرا، وكان يحب الله ورسوله وأهل الخير، وشاهدت له فتيا في القرآن على خير وتقرير جيد، لكنها تخالف طريقة أبي الحسن، فلعل القفطي قصد أنه حنبلي العقد، وهذا شيء قد سمج القول فيه، فكل من قصد الحق من هذه الأمة فالله يغفر له، أعاذنا الله من الهوى والنفس.
وقال الموفق عبد اللطيف: اجتمعت بالكندي، وجرى بيننا مباحثات، وكان شيخا بهيا ذكيا مثريا، له جانب من السلطان، لكنه كان معجبا بنفسه، مؤذيا لجليسه.
قلت: أذاه لهذا القائل أنه لقبه بالمطحن.
قال: وجرت بيننا مباحثات، فأظهرني الله عليه في مسائل كثيرة، ثم إني أهملت جانبه.
ومن شعر السخاوي فيه:
لم يكن في عصر عمرو مثله | وكذا الكندي في آخر عصر |
فهما زيد وعمرو إنما | بني النحو على زيد وعمرو |
يا زيد زادك ربي من مواهبه | نعمى يقصر عن إدراكها الأمل |
لا بدل الله حالا قد حباك بها | ما دار بين النحاة الحال والبدل |
النحو أنت أحق العالمين به | أليس باسمك فيه يضرب المثل؟ |
دع المنجم يكبو في ضلالته | إن ادعى علم ما يجري به الفلك |
تفرد الله بالعلم القديم فلا الـ | إنسان يشركه فيه ولا الملك |
أعد للرزق من أشراكه شركا | وبئست العدتان: الشرك والشرك |
أرى المرء يهوى أن تطول حياته | وفي طولها إرهاق ذل وإزهاق |
تمنيت في عصر الشبيبة أنني | أعمر والأعمار لا شك أرزاق |
فلما أتى ما قد تمنيت ساءني | من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق |
يخيل في فكري إذا كنت خاليا | ركوبي على الأعناق والسير إعناق |
ويذكرني مر النسيم وروحه | حفائر تعلوها من الترب أطباق |
وها أنا في إحدى وتسعين حجة | لها في إرعاد مخوف وإبراق |
يقولون ترياق لمثلك نافع | ومالي إلا رحمة الله ترياق |
لبست من الأعمار تسعين حجة | وعندي رجاء بالزيادة مولع |
وقد أقبلت إحدى وتسعون بعدها | ونفسي إلى خمس وست تطلع |
ولا غرو أن آتي هنيدة سالما | فقد يدرك الإنسان ما يتوقع |
وقد كان في عصري رجال عرفتهم | حبوها وبالآمال فيها تمتعوا |
وما عاف قبلي عاقل طول عمره | ولا لامه من فيه للعقل موضع |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 74
زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن ين سعيد بن عصمة ابن حمير بن الحارث ذي رعين الأصغر
الإمام، العلامة، المفنن الفهامة
تاج الدين، أبو اليمن، الكندي
النحوي، اللغوي، المقري، المحدث، الحافظ.
ولد ببغداد سنة عشرين وخمسمائة.
وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وأكمل القراءات العشر وهو ابن عشر، وكان أعلىأهل الأرض إسنادا في القراءات.
قال الذهبي: لا أعلم أحدا من الأئمة عاش بعد ما قرأ القرآن ثلاثا وثمانين سنة غيره.
وقرأ العربية على أبي محمد سبط أبي منصور الخياط، وابن الشجري، وابن الخشاب، واللغة على موهوب الجواليقي.
وسمع من أبي بكر بن عبد الباقي، وخلائق.
وخرج له أبو القاسم ابن عساكر ’’ مشيخة ’’ في أربعة أجزاء.
وقدم دمشق، ونال الحشمة الوافرة والتقدم، وازدحمت عليه الطلبة.
وكان حنبليا فصار حنفيا، وتقدم في مذهب أبي حنيفة، وأفتى ودرس، وأقرأ القراءات والنحو واللغة والشعر.
وكان صحيح السماع، ثقة في النقل، ظريفا في العشرة، طيب المزاج.
قرأ عليه جماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو حفص ابن القواس، ثم أبو حفص العقيمي.
واستوزره فروخ شاه.
ثم اتصل بأخيه تقي الدين صاحب حماة، واختص به، وكثرت أمواله، وكتب الخط المنسوب.
وقرأ عليه المعظم عيسى شيئا كثيرا من النحو ك ’’ كتاب سيبويه ’’، و ’’ شرحه ’’ و ’’ الإيضاح ’’.
وله خزانة كتب بالجامع الأموي فيها كل نفيس.
وله ’’ حواش ’’ على ’’ ديوان المتنبي ’’ و ’’ حواش ’’ على ’’ خطب ابن نباتة ’’، أجاب عنها الموفق البغدادي.
وحضر التاج الكندي مرة عند الوزير، وحضر ابن دحية، فأورد ابن دحية حديث الشفاعة، فلما وصل إلى قول الخليل عليه الصلاة والسلام: ’’ إنما كنت خليلا من وراء وراء ’’، فتح ابن دحية الهمزتين، فقال الكندي: ’’ وراء وراء ’’ بضم الهمزتين، فعسر ذلك على ابن دحية، وصنف في المسألة كتابا سماه ’’ الصارم الهندي، في الرد على الكندي ’’، وبلغ ذلك الكندي، فعمل مصنفا سماه ’’ نتف اللحية، من ابن دحية ’’.
ورد على الكندي سؤال في الفرق بين: طلقتك إن دخلت الدار، وبين: إن دخلت الدار طلقتك. فألف في الجواب عنه ’’ مؤلفا ’’، فرد عليه محمد بن علي بن غالب الجزري، وسماه ’’ الاعتراض المبدى، لوهم التاج الكندي ’’.
وتوفي يوم الإثنين، سادس شوال، سنة عشر وستمائة، وانقطع بموته إسناد عظيم.
وفيه يقول تلميذه الشيخ علم الدين السخاوي وكان يبالغ في وصفه:
لم يكن في عصر عمرو مثله | وكذا الكندي في آخر عصر |
وهما زيءد وعمرو إنما | بني النحو على زيد وعمرو |
يا زيد زادك ريي من مواهبه | نعمى يقصر عن إدراكها الأمل |
لا بدل الله حالا قد حباك بها | ما دار بين النحاة الحال والبدل |
النحو أنت أحق العالمين به | أليس باسمك فيه يضرب المثل |
لامنيفي اختصار كتبي حبيب | فرقت بينه الليالي وبيني |
كيف لي لو أطلت لكن عذري | فيه أن المداد إنسان عيني |
أرى المرء يهوى أن تطول حياته | وفي طولها إرهاق ذل وإزهاق |
تمنيت في عصر الشبيبة أنني | أعمر والأعمار لا شك أرزاق |
فلما أتاني ما تمنيت ساءني | من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق |
عرتني أعراض شديد مراسها | على وهم ليس لي فيه إفراق |
وها أنا في إحدى وتسعين حجة | لها في إرعاد مخوف وإبراق |
يخيل لي فكري إذا كنت خاليا | ركوبي على الأعناق والسير إعناق |
ويذكرني مر النسيم وروحه | حفائر يعلوها من الترب أطباق |
يقولون درياق لمثلك نافع | ومالي إلا رحمة الله درياق |
عجبت لمن ينتابه الموت غيلة | يروح به أو يغتدي كيف يبخل |
وهب أنه من فجأة الموت آمن | مسرته بالعيش لا تتبدل |
أليس يرى أن الذي خلق الورى | بأرزاقهم ما عمروا متكفل |
دع المنجم يكبو في ضلالته | إذا ادعى علم ما يجري به الفلك |
تفرد الله بالعلم القديم فلا ال | إنسان يشركه فيه ولا الملك |
أعد للرزق من أشراكه شركا | فبست العدتان الشرك والشرك |
أنحلت جسمي السنون إلى أن | صرت أخفى من نقطة في كتاب |
عرقت أعظمي فليس عليها | بين جلدي وبينها من حجاب |
من رآني يقول هذا قناة | كسرت ثم جمعت في جراب |
يتناسى الجهول غائلة الشي | ب زمان اغتراره بالشباب |
دار الرفاعي - الرياض-ط 0( 1983) , ج: 1- ص: 287
زيد بن الحسن، أبو اليمن الكندي.
سمع وحدث.
قال ابن النجار: قرأت عليه كثيراً، وما رأيت أكمل منه فضلاً، ولا أتم منه عقلاً، ونبلاً، وثقةً، وصدقاً، وتحقيقاً، وتثبيتاً، وذكر من فضله.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 4- ص: 1
والعلامة أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي مسند الشام
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 188
زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة، أبو اليمن الكندي البغدادي
من ساكني دار الخلافة. لازم الشريف أبا السعادات بن الشجري وابن الجواليقي فبرع في النحو واللغة. وكان مستحضرا لكتاب سيبويه، ذا خط جيد وتقدم إلى عبد العزيز بن فرخشاه بن أيوب، ثم انتقل إلى تقي الدين عمر صاحب حماة، وكان حسن الصورة والكلام في قالب الوزارة. وكان الملك المعظم عيسى يتردد إليه.
توفي بدمشق سنة ثلاث عشرة وستمائة.
له حواشي على ’’ديوان أبي الطيب المتنبي’’. مدحه ابن الدهان بأبيات ذكرناها في ترجمته قريبا وقد مدحه على بن محمد السخاوي ببيتين، ذكرناهما في ترجمته
جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 22
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 140
زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير بن الحارث الأصغر، شيخنا أبو اليمن.
العلاّمة الإمام في معرفة علوم العربية نحوا ولغة، الحافظ الجامع لأسباب الفضائل، محطّ الرّكبان، وحسنة الزمان. ولد ببغداد في شعبان من سنة عشرين وخمس مائة وكان أبوه تاجرا موسرا.
تلقّن القرآن المجيد وقرأه بالعشر وهو ابن عشر، فاشتغل بعلم الأدب وعني بسماع الحديث بمساعدة شيخه أبي محمد عبد الله بن عليّ بن أحمد المقرئ، فأسمعه جميع ما عنده، وأحضر له المشايخ واستجاز له من مشايخ الأقطار، وربّاه تربية الأب البارّ، وكان يدعو له بالتوفيق والزّيادة، وحسن القبول والسعادة، وطول العمر والإفادة، وكلّ ذلك استجيب، وبلغ عدد من قرأ عليه من الشيوخ الذين سمع منهم وأجازوا له سبع مائة ونيّفا وستين شيخا.
وحجّ وجاور، ثم سافر إلى الشام، فألزمه صاحب دمشق المعظّم عيسى بن العادل بالمقام عنده وأنفق عليه، وحظي لديه، واتّخذه شيخا له، وعظّمه واحترمه بحيث يقصده في داره معظّما له.
حدّثني الحافظ محمد بن النجّار قال: حدّثني شيخنا تاج الدّين أبو اليمن الكنديّ، أنه اكتسب بالعلم ثلاثين ألف دينار، وكان من الحشمة والتحمّل الظاهر، وكثرة المماليك التّرك والخدم، على قاعدة الملوك، وكانت داره أشبه بدور الملوك من دور العلماء.
وله أشعار لطيفة، وأخبار طريفة قد ذكرتها في كتاب بغية الألبّاء من أخبار الأدباء.
وله من الكتب: كتاب الصّفوة في شرح شعر المتنبي، وكتاب جامع الفوائد ودرر القلائد، وكتاب النّحو المعظّمي، إلى غير ذلك من المختصرات.
وكان حيّا في سنة اثنتي عشرة وستّ مائة، وكتب إليّ بالإجازة بعد هذا التاريخ رحمه الله.
دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 372