زيد بن حارثة زيد بن حارثة بن شراحيل (او شرحبيل) الكلبي الصحابي اختطف في الجاهلية صغيرا واشترته خديجة بنت خويلد فوهبته إلى النبي (ص) حين تزوجها فتبناه النبي قبل الاسلام واعتقه وزوجه بنت عمته واستمر الناس يسمونه زيد بن محمد حتى نزلت آية ’’ادعوهم لآبائهم’’ وهو من اقدم الصحابة اسلاما وكان النبي لا يبعثه في سرية الا امره عليها وكان يحبه ويقدمه وجعل له الامارة في غزوة مؤتة فأستشهد فيها ولهشام الكلبي كتاب (زيد بن حارثة) في أخباره.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 57

زيد بن حارثة وليس بأبي أسامة بن زيد ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب علي عليه السلام.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 94

زيد بن حارثة بن شراحيل (ب د ع) زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن لحاف بن قضاعة.
هكذا نسبه ابن الكلبي وغيره، وربما اختلفوا في الأسماء وتقديم بعضها على بعض، وزيادة شيء ونقص شيء، قال الكلبي: وأمه سعدي بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بنى معن من طيئ.
وقال ابن إسحاق: حارثة بن شرحبيل. ولم يتابع عليه، وإنما هو شراحيل، ويكنى أبا أسامة.
وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهر مواليه، وهو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصابه سباء في الجاهلية لأن أمه خرجت به تزور قومها بني معن، فأغارت عليهم خيل بني القين بن جسر، فأخذوا زيدا، فقدموا به سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، وقيل: اشتراه من سوق حباشة فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة وهو ابن ثماني سنين، وقيل: بل رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء بمكة ينادي عليه ليباع، فأتى خديجة فذكره لها، فاشتراه من مالها، فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه.
وقال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى أنزل الله تعالى: {ادعوهم لآبائهم} وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما، وكان أبوه شراحيل قد وجد لفقده وجدا شديدا، فقال فيه:

يعني جبلة بن حارثة، أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني بقوله: يزيد: أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل، ثم إن ناسا من كلب حجوا فرأوا زيدا، فعرفهم وعرفوه، فقال لهم:
أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات، فإني أعلم أنهم جزعوا علي، فقال:
فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه ووصفوا له موضعه، وعند من هو، فخرج حارثة وأخوه كعب ابنا شراحيل لفدائه، فقدما مكة، فدخلا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه: فقال: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا غير ذلك. قالوا: ما هو؟ قال: ادعوه وخيروه، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا. قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي، قال: فأنا من قد عرفت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما. قال: ما أريدهما، وما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك؟! قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: يا من حضر، اشهدوا أن زيدا ابني، يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا. وروى معمر، عن الزهري قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة، قال عبد الرزاق: لم يذكره غير الزهري.
قال أبو عمر: وقد روي عن الزهري من وجوه أن أول من أسلم خديجة.
وقال ابن إسحاق: إن عليا بعد خديجة، ثم أسلم بعده زيد، ثم أبو بكر.
وقال غيره: أبو بكر، ثم علي، ثم زيد رضي الله عنهم.
وشهد زيد بن حارثة بدرا، وهو الذي كان البشير إلى المدينة بالظفر والنصر، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن فولدت له: أسامة بن زيد، وكان زوج زينب بنت جحش، وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زيد.
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن مهران، وغير واحد، بإسنادهم إلى محمد بن عيسى السلمي قال: حدثنا على ابن حجر، أخبرنا داود بن الزبرقان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عائشة قالت، لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} إلى قوله تعالى: {وكان أمر الله مفعولا} فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها، يعني زينب، قالوا: إنه تزوج حليلة ابنه، فأنزل الله تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}. وكان زيد يقال له: زيد بن محمد، فأنزل الله عز وجل: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} الآية. وقد روي هذا الحديث عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد الله المخزومي بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، أخبرنا يونس بن بكير، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن البراء بن عازب أن زيد بن حارثة قال: يا رسول الله، آخيت بيني وبين حمزة.
وأخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا الحسن، أخبرنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد بن حارثة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام أتاه فعلمه، الوضوء والصلاة، فلما فرغ الوضوء أخذ غرفة فنضح بها فرجه. وأخبرنا يحيى بن محمود بن سعد بإسناده إلى أبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبيد، عن وائل بن داود قال: سمعت البهي يحدث أن عائشة كانت تقول: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سرية إلا أمره عليهم، ولو بقي لاستخلفه بعده.
ولما سير رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش إلى الشام جعل أميرا عليهم زيد بن حارثة، وقال: فإن قتل فجعفر ابن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، فقتل زيد في مؤتة من أرض الشام في جمادى من سنة ثمان من الهجرة، وقد استقصينا الحادثة في عبد الله بن رواحة، وجعفر، فلا نطول يذكرها هاهنا.
ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر قتل جعفر، وزيد بكى، وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهادة، ولم يسم الله، سبحانه وتعالى، أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب غيره من الأنبياء إلا زيد بن حارثة. وكان زيد أبيض أحمر، وكان ابنه أسامة آدم شديد الآدمة.
أخرجه الثلاثة.
حارثة: بالحاء المهملة، والتاء المثلثة، وعقيل بضم العين، وفتح القاف.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 426

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 350

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 2- ص: 129

زيد بن حارثة بن شراحيل الكعبي.
تقدم نسبه في ترجمة ولده أسامة بن زيد قال ابن سعد: أمه سعدى بنت ثعلبة بن عامر، من بني معن من طيئ وقال ابن عمر ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت: {ادعوهم لآبائهم} الحديث أخرجه البخاري.
وحدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، وعن جميل بن مرثد الطائي وغيرهما، قالوا: زارت سعدى أم زيد بن حارثة قومها وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية على أبيات بني معن، فاحتملوا زيدا وهو غلام يفعة، فأتوا به في سوق عكاظ فعرضوه للبيع، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربعمائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهبته له، وكان أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده قال:

في أبيات يقول فيها:
يعني بعمرو وقيس أخويه، وبيزيد أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل، وبجبل ولده الأكبر، قال: فحج ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فقال: أبلغوا أهلي هذه الأبيات:
في أبيات.
فانطلقوا فأعلموا أباه، ووصفوا له موضعا
فخرج حارثة وكعب أخوه بفدائه، فقدما مكة، فسألا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يا بن عبد المطلب، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله تفكون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا، وأحسن في فدائه، فإنا سنرفع لك. قال وما ذاك؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال: أو غير ذلك؟ أدعوه فخيروه، فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء. وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء قالوا: زدتنا على النصف، فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي، قال: فأنا من قد
علمت، وقد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما.
فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والعم.
فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: «اشهدوا أن زيدا ابني، يرثني وأرثه»، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما، وانصرفا، فدعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام.
وقد ذكر ابن إسحاق قصة مجيء حارثة والد زيد في طلبه بنحوه.
وقال ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس: لما تبنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم زيدا زوجه زينب بنت جحش، وهي بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب، وزوجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة، ثم لما طلق زينب زوجه أم كلثوم بنت عقبة، وأمها أروى بنت كريز، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب، فولدت له زيد بن زيد، ورقية، ثم طلق أم كلثوم، وتزوج درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب، ثم طلقها وتزوج هند بنت العوام أخت الزبير.
وقال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت: {ادعوهم لآبائهم}.. الحديث. أخرجه البخاري.
ويقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سماه زيدا لمحبة قريش في هذا الاسم، وهو اسم قصي وقد تقدم ذكر مجيء أبيه إلى مكة في طلب فدائه في ترجمته.
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: ما نعلم أن أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبد الرزاق: لم يذكره غير الزهري.
قلت: قد ذكر الواقدي بإسناد له عن سليمان بن يسار جازما بذلك. وقاله زائدة أيضا.
وشهد زيد بن حارثة بدرا وما بعدها، وقتل في غزوة مؤتة، وهو أمير، واستخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره إلى المدينة.
وعن البراء بن عازب أن زيد بن حارثة قال: يا رسول الله، آخيت بيني وبين حمزة.
أخرجه أبو يعلى.
وعن عائشة: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة في سرية إلا أمره عليهم، ولو بقي لاستخلفه. أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد قوي عنها.
وعن سلمة بن الأكوع، قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبع غزوات، ومع زيد بن حارثة سبع غزوات، يؤمره علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أخرجه البخاري.
قال الواقدي: أول سرايا زيد إلى القردة ثم إلى الجموم ثم إلى العيص ثم إلى الطرف، ثم إلى حسمى ثم إلى أم قرفة، ثم تأميره على غزوة مؤتة، واستشهد فيها وهو ابن خمس وخمسين سنة، ولم يقع في القرآن تسمية أحد باسمه إلا هو باتفاق ثم السجل إن ثبت.
وعن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزيد بن حارثة: «يا زيد، أنت مولاي، ومني وإلي وأحب الناس إلي»
أخرجه ابن سعد بإسناد حسن، وهو عند أحمد مطول.
وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وايم الله إن كان لخليقا للإمارة- يعني زيد بن حارثة- وإن كان لمن أحب الناس إلي.»
أخرجه البخاري.
وروى الترمذي وغيره من حديث عائشة، قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه حتى اعتنقه وقبله.
وعن ابن عمر: فرض عمر لأسامة أكثر مما فرض لي، فسألته، فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك، وإن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أبيك. صحيح.
وعن زيد بن حارثة رواية في الصحيح عن أنس عنه في قصة زينب بنت جحش. روى عنه أنس، والبراء بن عازب، وابن عباس، وابنه أسامة بن زيد، وأرسل عنه جماعة من التابعين.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 494

حب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة أبو أسامة الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه، وأول من أسلم بعد خديجة في قول، وشهد بدرا وما بعدها واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة المريسيع وأمره على سبع سرايا، وكان مقدم الأمراء في جيش مؤتة وبها استشهد، وكانت أمه سعدى بنت ثعلبة من طي. زارت قومها فأغير عليهم فسبوا زيدا صغيرا فبيع بمكة فاشترته خديجة فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه، فصار يدعى زيد بن محمد حتى نزلت {ادعوهم لآبائهم} وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة، وزوجه حاضنته أم أيمن فولدت له أسامة بن زيد، ثم زوجه بنت عمته زينب بنت جحش، وزيد هذا هو المذكور في سورة الأحزاب. وقال الزهري: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز لم يعط سلاحه إلا عليا وزيدا، وفي زيد يقول أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده:

يعني بذلك جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني يزيد أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل، فحج ناس من كلب فرأوا زيدا، فعرفهم وعرفوه، فقال لهم: أبلغوا أهلي هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي، فقال:
فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه فقال: ابني! ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فقالا: يا ابن عبد المطلب: يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه! تفكون العاني وتطعمون الأسير جئناك في ابننا عندك فامنن عنيا وأحسن إلينا في فدائه! قال: من هو؟ قالا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا غير ذلك؟ قالا: ما هو؟ قال: أدعوه فخيروه، فإن أختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا! قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت، فدعاه، فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، قال: من هذا؟ قال: أبي وهذا عمي، قال: فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما، قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا أنت مني مكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك؟ قال: نعم! قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا! فلما رأى رسول الله ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: يا من حضر! اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا.
ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام، فنزلت {ادعوهم لآبائهم} فدعي يوم ذاك زيد بن حارثة، ودعي الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن عمرو، وكان يقال له قبل ذلك ابن الأسود لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة على قوم، فطعن الناس في إمارته، فقال: إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن ابنه هذا لأحب الناس إلي بعده فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم. وقتل زيد طعنا بالرماح شهيدا. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: استغفروا له، وقد دخل الجنة وهو يسعى، وذلك سنة ثمان. وعن خالد بن سمير قال: لما أصيب زيد بن حارثة أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحب، فقال له سعد بن عبادة: يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذا شوق الحبيب إلى حبيبه.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0

زيد بن حارثة بن شراحيل أو شرحبيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان.
الأمير الشهيد النبوي المسمى في سورة الأحزاب أبو أسامة الكلبي ثم المحمدي سيد الموالي وأسبقهم إلى الإسلام وحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو حبه وما أحب -صلى الله عليه وسلم- إلا
إلا طيبا ولم يسم الله تعالى في كتابه صحابيا باسمه إلا زيد بن حارثة وعيسى بن مريم عليه السلام الذي ينزل حكما مقسطا ويلتحق بهذه الأمة المرحومة في صلاته وصيامه وحجه ونكاحه وأحكام الدين الحنيف جميعها فكما أن أبا القاسم سيد الأنبياء وأفضلهم وخاتمهم فكذلك عيسى بعد نزوله أفضل هذه الأمة مطلقا ويكون ختامهم ولا يجيء بعده من فيه خير بل تطلع الشمس من مغربها ويأذن الله بدنو الساعة.
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا بندار، حدثنا
عبد الوهاب الثقفي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن أبيه قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما حارا من أيام مكة وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها. فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’يا زيد ما لي أرى قومك قد شنفوا لك’’؟ قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فدك فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به. فقدمت على أحبار خيبر فوجدتهم كذلك فقدمت على أحبار الشام فوجدت كذلك فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي. فقال شيخ منهم: إنك لتسأل، عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله به إلا شيخ بالحيرة. فخرجت حتى أقدم عليه فلما رآني قال: ممن أنت؟ قلت من أهل بيت الله. قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك قد بعث نبي طلع نجمه وجميع من رأيتهم في ضلال. قال: فلم أحس بشيء. قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا يا محمد؟ قال: شاة ذبحناها لنصب. قال: فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه. وتفرقنا فأتى رسول الله البيت فطاف به وأنا معه وبالصفا والمروة وكان عندهما صنمان من نحاس: إساف ونائلة. وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما فقال النبي: ’’لا تمسحهما فإنهما رجس’’ فقلت في نفسي: لأمسنهما حتى أنظر ما يقول. فمسستهما فقال: ’’يا زيد ألم تنه’’.
قال ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لزيد: ’’إنه يبعث أمة وحده’’.
في إسناده محمد لا يحتج به وفي بعضه نكارة بينة.
عن الحسن بن أسامة بن زيد، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكبر من زيد بعشر سنين. قال: وكان قصيرا شديد الأدمة أفطس.
رواه ابن سعد، عن الواقدي، حدثنا محمد بن الحسن بن أسامة، عن أبيه، ثم قال ابن
سعد: كذا صفته في هذه الرواية وجاءت من وجه آخر أنه كان شديد البياض. وكان ابنه أسامة أسود ولذلك أعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقول مجزز القائف حيث يقول: ’’إن هذه الأقدام بعضها من بعض’’.
لوين: حدثنا حديج، عن أبي إسحاق قال: كان جبلة بن حارثة في الحي. فقالوا له: أنت أكبر أم زيد؟ قال: زيد أكبر مني وأنا ولدت قبله. وسأخبركم: إن أمنا كانت من طيئ فماتت فبقينا في حجر جدنا فقال عماي لجدنا: نحن أحق بابني أخينا. فقال: خذا جبلة ودعا زيدا فأخذاني فانطلقا بي فجاءت خيل من تهامة فأخذت زيدا فوقع إلى خديجة فوهبته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم.
عبد الملك بن أبي سليمان:، حدثنا أبو فزارة قال: أبصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة غلاما ذا ذؤابة قد أوقفه قومه بالبطحاء للبيع فأتى خديجة فقالت: كم ثمنه؟ قال: ’’سبع مائة’’ قالت: خذ سبع مائة. فاشتراه وجاء به إليها فقال: ’’أما إنه لو كان لي لأعتقته’’ قالت: فهو لك. فأعتقه.
وعن سليمان بن يسار وغيره قالوا: أول من أسلم زيد بن حارثة.
موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد. فنزلت {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله}.
إسماعيل بن أبي خالد:، عن أبي عمرو الشيباني قال أخبرني جبلة بن حارثة قال: قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله! ابعث معي أخي زيدا قال: ’’هو ذا فإن انطلق لم أمنعه’’ فقال زيد: لا والله لا أختار عليك أحدا أبدا. قال: فرأيت رأي أخي أفضل من رأيي. سمعه علي بن مسهر منه.
ذكره ابن إسحاق وغيره فيمن شهد بدرا.
وقال سلمة بن الأكوع: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغزوت مع زيد بن حارثة - كان يؤمره علينا
الواقدي: حدثنا محمد بن الحسن بن أسامة، عن أبي الحويرث قال: خرج زيد بن حارثة أميرا سبع سرايا.
الواقدي، حدثنا ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك -تعني من سرية أم قرفة- ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي فقرع زيد الباب فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجر ثوبه عريانا ما رأيته عريانا قبلها -صلى الله عليه وسلم- حتى اعتنقه وقبله ثم ساءله فأخبره بما ظفره الله.
ابن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن أسامة، عن أبيه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لزيد بن حارثة: ’’يا زيد! أنت مولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي’’.
رواه أحمد في ’’المسند’’.
إسماعيل بن جعفر، وابن عيينة، عن عبد الله بن دينار سمع ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أسامة على قوم فطعن الناس في إمارته فقال: ’’إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وايم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن ابنه هذا لأحب الناس إلي بعده’’.
لفظ إسماعيل ’’وإن ابنه لمن أحب’’.
إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه فذكر نحوه.
وفيه: ’’وإن كان أبوه لخليقا للإمارة وإن كان لأحب الناس كلهم إلي’’.
قال سالم: ما سمعت أبي يحدث بهذا الحديث قط إلا قال: والله ما حاشا فاطمة.
إبراهيم بن يحيى بن هانئ الشجري: حدثني أبي، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: أتانا زيد ابن حارثة فقام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجر ثوبه فقبل وجهه وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقاتلوه فأرسل إليهم زيدا فقتلهم وقتلها وأرسل بدرعها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فنصبه بالمدينة بين رمحين.
رواه المحامي، عن عبد الله بن شبيب عنه وروى منه الترمذي، عن البخاري، عن إبراهيم هذا وحسنه.
مجالد، عن الشعبي، عن عائشة قالت: لو أن زيدا كان حيا لاستخلفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وائل بن داود، عن البهي، عن عائشة ما بعث رسول الله زيدا في جيش قط إلا أمره عليهم ولو بقي بعده استخلفه. أخرجه النسائي.
قال ابن عمر: فرض عمر لأسامة بن زيد أكثر مما فرض لي فكلمته في ذلك فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله منك وإن أباه كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبيك.
قال الواقدي: عقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لزيد على الناس في غزوة مؤتة وقدمه على الأمراء فلما التقى الجمعان كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم فأخذ زيد اللواء فقاتل وقاتل معه الناس حتى قتل طعنا بالرماح -رضي الله عنه.
قال: فصلى عليه رسول الله أي دعا له وقال: استغفروا لأخيكم قد دخل الجنة وهو يسعى.
وكانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان وهو ابن خمس وخمسين سنة.
جماعة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال لما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتل زيد وجعفر وابن رواحة قام -صلى الله عليه وسلم- فذكر شأنهم فبدأ بزيد فقال: ’’اللهم اغفر لزيد اللهم اغفر لزيد ثلاثا اللهم اغفر لجعفر وعبد الله بن رواحة’’.
حماد بن زيد، عن خالد بن سلمة المخزومي قال: لما جاء مصاب زيد وأصحابه، أتى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزله بعد ذلك فلقيته بنت زيد فأجهشت بالبكاء في وجهه فلما رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكى حتى انتحب فقيل ما هذا يا رسول الله؟ قال: ’’شوق الحبيب إلى الحبيب’’ رواه مسدد وسليمان بن حرب عنه.
حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة فقلت: لمن أنت؟ قالت: أنا لزيد بن حارثة’’ إسناد حسن.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 140

زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي أبو أسامة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن امرئ القيس بن النعمان بن عمران بن عبد عوف ابن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان، هكذا نسبه ابن الكلبي وغيره، وربما اختلفوا في الأسماء وتقديم بعضها على بعض، وزيادة شيء فيها.
قال ابن الكلبي: وأم زيد سعدي بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بني معن من طي.
وكان ابن إسحاق يقول: زيد بن حارثة بن شرحبيل، ولم يتابع على قوله شرحبيل، وإنما هو شراحيل.
كان زيد هذا قد أصابه سباء في الجاهلية، فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعا للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم لخديجة بنت خويلد، فوهبته خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين، وقد قيل بعشرين سنة، وطاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابني وارثا وموروثا، يشهدهم على ذلك، هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار وابن الكلبي وغيرهم.
قال عبد الله بن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزلت: {ادعوهم لآبائهم}.
ذكر الزبير، عن المدائني، عن ابن الكلبي، عن جميل بن يزيد الكلبي، وعن أبي صالح، عن ابن عباس- وقول جميل أتم- قال خرجت سعدى بنت ثعلبة أم زيد بن حارثة، وهي امرأة من بنى طى تزور قومها، وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية، فمروا على أبيات معن- رهط أم زيد، فاحتملوا زيدا وهو يومئذ غلام يفعة، فوافوا به سوق عكاظ، فعرضوه للبيع، فاشتراه منهم حكيم بن حزام بن خويلد لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، فقبضه. وقال أبوه حارثة بن شراحيل- حين فقده:

يعني جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني يزيد أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل. فحج ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فقال لهم: أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات، فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي فقال:
فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه فقال: ابني ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه، وعند من هو. فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يابن عبد المطلب، يا بن هاشم، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه. قال: ومن هو؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا غير ذلك! قالوا: وما هو؟ قال: أدعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا.
قالا: قد زدتنا على النصف، وأحسنت. فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم.
قال: من هذا؟ قال: هذا أبي. وهذا عمي. قال: فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما. قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك، وعلى أهل بيتك! قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا.
ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: يأمن حضر. اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه. فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا. ودعي زيد بن محمد، حتى جاء الإسلام فنزلت: {ادعوهم لآبائهم}. فدعي يومئذ زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن عمرو، وكان يقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود، لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه.
وذكر معمر في جامعه، عن الزهري قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبد الرزاق: وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري.
قال أبو عمر: قد روي عن الزهري من وجوه أن أول من أسلم خديجة، وشهد زيد بن حارثة بدرا، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة بن زيد، وبه كان يكنى، وكان يقال لزيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحب الناس إلي من أنعم الله عليه وأنعمت عليه- يعني زيد بن حارثة- أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتق.
وقتل زيد بن حارثة بمؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة، وهو كان كالأمير على تلك الغزوة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، فقتلوا ثلاثتهم في تلك الغزوة. لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي جعفر بن أبي طالب وزيد ابن حارثة بكى وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي. حدثنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جيرون، حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ، حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، حدثنا ابن معين، حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير المصري، حدثنا الليث بن سعد، قال: بلغني أن زيد ابن حارثة اكترى من رجل بغلا من الطائف اشترط عليه الكري أن ينزله حيث شاء. قال: فمال به إلى خربة، فقال له: انزل. فنزل، فإذا في الخربة
قتلى كثيرة. فلما أراد أن يقتله قال له: دعني أصلي ركعتين، قال: صل.
فقد صلى قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا. قال: فلما صليت أتاني ليقتلني. قال: فقلت: يا أرحم الراحمين. قال: فسمع صوتا لا تقتله. قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب فلم ير شيئا، فرجع إلي، فناديت: يا أرحم الراحمين، ففعل ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة حديد، في رأسها شعلة من نار، فطعنه بها. فأنفذه من ظهره، فوقع ميتا، ثم قال لي: لما دعوت المرة الأولى يا أرحم الراحمين كنت في السماء السابعة، فلما دعوت في المرة الثانية يا أرحم الراحمين كنت في السماء الدنيا، فلما دعوت في المرة الثالثة يا أرحم الراحمين أتيتك.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 542

زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى.
مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: أنه من كلب من اليمن.
قتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال معلى: عن عبد العزيز بن مختار، عن موسى، عن سالم، عن ابن عمر: ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمدٍ، حتى نزل: {ادعوهم لآبائهم}.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 3- ص: 1

زيد بن حارثة الكلبي
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأوليين عنه ابنه وابن عباس والبراء استشهد يوم مؤتة سنة ثمان س ق

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

(س ق) زيد بن حارثة بن شراحيل أبو أسامة الكلبي، وأخو جبلة.
قال المزي: وفضائله كثيرة لم يذكر منها شيئا سوى خمسة وأربعين سطرا أطرق بها حديثا رواه عنه، فكان ينبغي إذ جنح للاختصار أن يدع هذا الإكثار.

ذكر عمرو بن بحر في كتاب «فضل الإنزال»: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل زيدا أمير كل بلدة يطؤها.
وقال أبو زكريا بن منده: كان من الأرداف.
وفي كتاب «الطبقات» لأبي عروبة الحراني: أمه سعدى ابنة ثعلبة بن طيء.
وعن عائشة: ما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش إلا أمره عليهم؛ وإن بقى بعده استخلفه.
وقال الجاحظ في كتابه المعروف «بالهاشميات» قال أبو عبيد: كانت قريش تشحي أولادها زيدا لمحبتها في قصي، فلما وهبت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مولاها ابن حارثة سماه زيدا لذلك انتهى كلامهما، وكما ذكره عمرو عن أبي عبيد ألفيته في كتاب «الأنساب» تأليفه، وفيه نظر لما أنشده ابن إسحاق وغيره لأبيه قبل أن يعلم أين مقره من أبيات [51 / ب].
قال ابن إسحاق: وسمي جده شرحبيل وتعقب الناس عليه قوله، وقالوا: الصواب شراحيل، فكان أول ذكر آمن وصلى بعد علي زيد بن حارثة.
وفي كتاب ابن السكن: قيل وهو ابن خمس وخمسين سنة، وكان قصيرا شديد الأدمة، في أنفه فطس.
وفي كتاب أبي عمر ابن عبد البر: لما وهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم كان عمره ثمان سنين.
ولما مر به ركب من كلب عرفهم وعرفوه حملهم هذه الأبيات لأبويه وقومه.
وفي «تاريخ المزة»: رآه رجل من صه فعرفه فقال: أنت زيد بن حارثة؟ قال: لا أنا زيد بن محمد، إن أباك وعمومتك وإخوتك قد أتعبوا الإبل، وأنفقوا الأموال في سببك.
فقال زيد:
وقال أبو نعيم الحافظ: رآه النبي صلى الله عليه وسلم واقفا بالبطحاء ينادى عليه بسبعمائة درهم، فأخبرته خديجة فاشتراه من مالها فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، وقيل: بل قلع به حكيم بن حزام من الشام فاستوهبته منه عمته خديجة وهي يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبه لها فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين.
وفي كتاب أبي أحمد العسكري: بعثه النبي صلى الله عليه وسلم سرية خمس مرات، منها مرة نحو ذي قرد، ومرة إلى وادي القرى ومرة أخرى إلى وادي القرى- أيضا- ومر به، ومرة إلى الجموم. انتهى كلامه.
وأرسله- أيضا- فيما ذكره ابن سعد، وغيره أميرا على سرية إلى العيص وأيضا إلى الطرر إلى حمى وإلى أم قرى.
وقال ابن عساكر في «تاريخ المزة»: لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في عكاظ، قال لخديجة: رأيت في السوق غلاما من صفته كيت وكيت يصف عقلا وأدبا وجمالا، ولو أن لي مالا لاشتريته، فأمرت خديجة ورقة بن نوفل فاشتراه من مالها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: هبي لي هذا الغلام لطيبة من نفسك. فقالت: إني لدي غلاما رضيا وأحب أن أتبناه وأخاف أن تهبه، فقال: يا موفقة ما أردت إلا أتبناه.
قال: ولما قدم أهله وأبوه كان النبي صلى الله عليه وسلم () الكعبة، فلما نظروا إلى زيد عرفوه وعرفهم، فنادوه، فلم يجبهم؛ إجلالا منه للنبي صلى الله عليه وسلم وانتظارا منه لأمره، فقال له صلى الله عليه وسلم من هؤلاء يا زيد؟ قال: يا رسول الله هذا أبي وهذان عماي وهذا أخي، وهؤلاء عشيرتي. فقال: قم فسلم عليهم. فقام فسلم
عليهم وأسلم أبوه حارثة، وأبى الباقون أن يسلموا.
ثم رجع أخوه جبلة فآمن.
وقال العسكري: وقال صلى الله عليه وسلم: «خير أمراء السرايا زيد بن حارثة أقسمهم بالسوية وأعدلهم في القضية».
وقيل بموته سنة سبع [ق 52 / أ].
ولما نعي جعفر وزيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي، وتزوج نسوة من قريش منهن زينب بنت جحش وأم محمد بن عبد الله بن وهب بن عبد مناف بن زهرة، وهي بنت خال النبي صلى الله عليه وسلم، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، ودرة بنت أبي لهب، وهند بنت العوام أخت الزبير بن العوام.
وذكر البغوي وفاته سنة سبع، ولما قال علي: أنا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال جعفر: بل أنا. وقال زيد: بل أنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جعفر خلقك كخلقي وأنت مني ومن شجرتي، وقال: يا علي أبو ولدي ومني وإلي، وأنت يا زيد فمني وإلي وأحب القوم إلي.
ولما قتل زيد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقيل: يا رسول الله ما هذا؟ قال: شوق الحبيب إلى حبيبه.
وفي الصحابة رجل آخر يسمى:

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 5- ص: 1

زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس
بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب من اليمن قتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بن عمر يقول ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزلت {ادعوهم لآبائهم} توفي ابنه أسامة بن زيد في عقب خلافة عثمان بعد ما قتل عثمان بن عفان وهو بن خمس وخمسين سنة وكنيته أبو أسامة

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم
ونسبه قد مر في باب أبيه
حدثنا محمود بن محمد الواسطي، نا تميم بن المنتصر، نا إسحاق عن شريك، عن جابر، عن عامر، عن هزيل الأزدي، عن زيد بن حارثة قال: تصدقت بفرس فرأيت ابنتها تباع في السوق فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تبتعها»
حدثنا أحمد بن الحسين بن مدرك القصري، نا سليمان بن أحمد، نا الوليد، عن ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن أسامة، عن زيد بن حارثة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بنور يوم القيامة ساطع»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي القضاعى نسبا، الهاشمي بالولاء، أبو أسامة:
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه، كان أصابه سباء فبيع فاشترى لخديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - ثم وهبته للنبى صلى الله عليه وسلم، ثم تبناه بمكة قبل المبعث، وكان يدعى زيد بن محمد، حتى نزل القرآن بترك ذلك.
قال ابن عمر، رضي الله عنهما: ما كنا ندعو زيد بن حارثة، إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} [الأحزاب: 5]. وقول ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا، في صحيح مسلم والترمذي والنسائي.
وفى الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تطعنوا في إمارته، فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان خليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلى، وإن هذا لمن أحب الناس إلى بعده» .
وفى الصحيحين من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزيد: «أنت أخونا ومولانا»، وذلك في قصة ابنة حمزة بن عبد المطلب، لما اختصم فيها زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب وأخوه، على أيهم يأخذها. انتهى.
وقال الذهبي: وقال ابن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي: «يا زيد، أنت منى وإلى، وأحب القوم إلى» .
وقال الذهبي: وأخرج النسائي من حديث البهى، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في جيش قط، إلا أمره عليهم، ولو بقى بعده استخلفه.
وقال الذهبي: قال مجالد، عن الشعبى عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لو كان زيد حيا، لاستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت
الجنة، فاستقبلتنى جارية شابة، فقلت: لمن أنت؟ قالت: لزيد بن حارثة». وروى حماد بن سلمة، عن أبي هارون العبدى عن أبي سعيد مثله. انتهى.
ولعله قال ذلك بالشهادة في سبيل الله، فإنه استشهد في غزوة مؤتة، في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمره على هذه الغزوة، وقال: إن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، فاستشهدا أيضا.
وقال النووي في ترجمة جعفر بن أبي طالب: وقبره وقبر صاحبيه، زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، مشهور بأرض مؤتة من الشام، على نحو مرحلتين من بيت المقدس، رضي الله عنهم.
وقال الذهبي في العبر، سنة ثمان: في جمادى الأولى، وقعة مؤتة بقرب الكرك، فذكر القصة.
وقال ابن عبد البر: ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعى جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة، بكى وقال: «أخواى ومؤنساى ومحدثاى». انتهى.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، في حزنه على زيد وجعفر، غير ما خبر، فلا نطول بذكرها، ولا بذكر ما بقى من مناقبه فإنها مشهورة.
وقال النووي: وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر، وكان هو البشير إلى المدينة بنصر المسلمين يوم بدر، وكان من الرماة المذكورين.
ثم قال النووي: قال العلماء: ولم يذكر الله عزوجل في القرآن باسم العلم، من أصحاب نبينا وغيرهم من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، إلا زيدا، في قوله تعالي: {فلما قضى زيدٌ منها وطراً} [الأحزاب: 37] ولا يرد هنا على هذا، قول من قال: «السجل» في قوله تعالي: {كطي السجل للكتب} [الأنبياء: 104] اسم كاتب، فإنه ضعيف أو غلط.
وقال النووي أيضا: وآخا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما. انتهى.
كذا في نسخة من تهذيب الأسماء واللغات، وأخشى أن يكون وهما من الناسخ، فإن ابن الأثير قال: وآخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، وكذلك قال المزي في التهذيب، ويؤيد قولهما، أن في الصحيحين من حديث البراء بن عازب، أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرج - يعنى من مكة - تبعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عم، فتناولها على
رضي الله عنه فأخذ بيدها، فقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فاحتملتها، فاختصم فيها على وزيد وجعفر، ثم قال: وقال زيد: بنت أخى. انتهى.
وأخوته لحمزة، هي باعتبار مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، وهذا نص صريح فيها، والله أعلم.
وفى هذا الحديث ما سبق ذكره من قول النبي صلى الله عليه وسلم لزيد: «أنت أخونا ومولانا»، والظاهر والله أعلم، أن هذه القصة اتفقت في عمرة القضية. والله أعلم.
وكان زيد بن حارثة رضي الله عنه، من أول الناس إسلاما، حتى قيل إنه أول من أسلم مطلقا، وهذا يروى عن الزهري.
وقال ابن الأثير: روى عن معمر، عن الزهري، قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبد الرزاق: لم يذكره غير الزهري. وقال أبو عمر: وقد روى عن الزهري من وجوه: إن أول من أسلم خديجة، ثم أسلم بعدها زيد، ثم أبو بكر. وقال غيره: أبو بكر ثم على ثم زيد - رضي الله عنهم. انتهى.
ولم أر في الاستيعاب ما نقله ابن الأثير عن أبي عمر، لا في ترجمة زيد، ولا في ترجمة خديجة، والذي رأيته في ترجمة زيد: وقد روى عن الزهري من وجوه: إن أول من أسلم خديجة، رضي الله عنها. انتهى.
وذكر النووي قول الزهري: إن زيدا أول من أسلم، والقول بأن أولهم إسلاما: خديجة ثم أبو بكر ثم على ثم زيد، رضي الله عنهم. ثم قال: وفي المسألة خلاف مشهور، ولكن تقديم زيد على الجميع ضعيف. انتهى.
وقال الذهبي لما عرفه: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد من نادى إلى الإسلام فأسلم في أول يوم. انتهى. وهذا يدل على تقدم إسلامه.
وقد اختلف فيمن اشترى زيد بن حارثة لخديجة، فقيل ابن أخيها حكيم بن حزام بن خويلد، ذكر هذا القول ابن عبد البر، نقلا عن مصعب الزبيرى، وابن أخيه الزبير بن بكار، وابن الكلبي، وغيرهم. حكى ذلك في موضعين في ترجمته، وقيل اشتراه لها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يروى عن أبي نعيم؛ لأن صاحبنا أبا الفضل الحافظ قال في ترجمته: وقال أبو نعيم: رآه النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، ينادى عليه بسبعمائة درهم، فذكره لخديجة، فاشتراه من مالها، فوهبته خديجة له، فتبناه وأعتقه. انتهى.
وذكر ابن الأثير والنووي ما يوافق هذا القول، إلا أنهما قالا: فأعتقه وتبناه.
وفى كلام ابن الأثير: أن النبي صلى الله عليه وسلم، رآه بمكة ينادى عليه، وليس فيما ذكراه مقدار ثمنه.
وقد اختلف في مقدار ما اشترته به خديجة - رضي الله عنها - ففي كلام أبي نعيم السابق، ما يفهم أنه سبعمائة درهم.
وذكر ابن عبد البر عن الزبير بن بكار: أنه أربعمائة درهم، واختلف في الموضع الذي اشترى فيه زيد. ففي كلام أبي نعيم ما يقتضى أنه بالبطحاء، والمراد بذلك بطحاء مكة وهي الأبطح، مكان مشهور بأعلى مكة. وقيل أنه سوق حباشة، وقيل سوق عكاظ. وهذان القولان ذكرهما ابن عبد البر، ونقلهما عن الزبير بن بكار. وقيل اشتراه بحباشة، عن مصعب وغيره، والله أعلم.
واختلف في اسم جده، فقيل شراحيل، وهذا هو المشهور، وقال شرحبيل، قاله أبو إسحاق، ولم يتابع عليه. والله أعلم.
وذكر ابن عبد البر خبرا غريبا في نجاة زيد بن حارثة من هلكة وقعت له؛ لأنه قال: حدثني أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، قال: حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال: حدثني أبو بكر بن أبي خثيمة قال: حدثنا ابن معين قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المصري، قال: حدثنا الليث بن سعد قال: بلغني أن زيد بن حارثة، اكترى من رجل بغلا من الطائف، اشترط عليه الكرى أن ينزله حيث شاء، قال: فمال به إلى خربة، فقال له: انزل، فنزل، فإذا في الخربة قتلى كثيرة، قال: فلما أراد أن يقتله قال له: دعنى أصلي ركعتين، قال: صل، فقد صلاهما قبلك هؤلاء، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، قال: فلما صليت، أتانى ليقتلنى، قال: فقلت: يا أرحم الراحمين، قال: فسمع صوتا: لا ثقتله، قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب، فلم ير شيئا، فرجع، فناديت: يا أرحم الراحمين، ففعلت ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة من حديد، في رأسها شعلة من نار، فطعنه بها، فأنفذها من ظهره، فوقع ميتا، ثم قال: لما دعوت المرة الأولي: يا ارحم الراحمين، كنت في السماء السابعة، فلما دعوت في المرة الثانية: يا أرحم الراحمين، كنت في السماء الدنيا، فلما دعوت في المرة الثالثة: يا أرحم الراحمين، أتيتك. انتهى.
وذكر مغلطاى في سيرته، ما يقتضى أن هذه القصة، اتفقت لأسامة بن زيد؛ لأنه قال بعد أن ذكر صلاة خبيب بن عدي ركعتين، لما أرادوا قتله بمكة: وصلى خبيب قبل قتله ركعتين، فكان أول من سنهما، وقيل بل أسامة بن زيد؛ حين أراد الكرى الغدر به.
انتهى. ولا يعرف لأسامة في هذا الخبر. والله أعلم.
وذكر ابن عبد البر، خبرا في سبى زيد، وما قاله أبوه من الشعر في فقده، وما قاله زيد في جوابه، وقدوم أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في فدائه، وتخييره في البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجوعه مع أبيه، واختياره للبقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتبنيه لزيد، وهو خبر يحسن ذكره لفوائد أخر فيه، فنذكره على نصه:
قال ابن عبد البر: ذكر الزبير، عن المدائنى، عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن جميل بن يزيد الكلبي، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وقول جميل أتم - قال: خرجت سعدي بنت ثعلبة، أم زيد بن حارثة، وهي امرأة من طى، تزور قومها، فأغارت خيل لبنى القين ابن جسر في الجاهلية، فمروا على أبيات بنى معن - رهط أم زيد - فاحتملوا زيدا، وهو يومئذ غلام يفعة، فوافوا به سوق عكاظ، فعرضوه للبيع، فاشتراه منهم حكيم بن حزام بن خويلد، لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهبته له، فقبضه. وقال أبوه حارثة بن شراحيل، حين فقده [من الطويل]:

يعنى جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعنى يزيد، أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل. فحج ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فقال لهم: أبلغوا عني أهلى هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا على، فقال [من الطويل]:
فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه. فقال: ابنى ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه، وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة، فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يابن عبد المطلب، يابن هاشم، يابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العانى، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن في فدائه، قال: «من هو؟ » قالوا: يزيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلا غير ذلك» قالوا: وما هو؟ قال: «أدعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارنى، فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارنى أحدا»، قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت، فدعاه فقال: «هل تعرف هؤلاء؟ » قال: نعم، قال: «من هذا؟ » قال: هذا أبي وهذا عمى، قال: «فأنا من قد علمت ورأيت صحبتى لك، فاخترنى أو اخترهما»، قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت منى مكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد، تختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا، فلما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، أخرجه إلى الحجر فقال: «يا من حضر، اشهدوا أن زيدا ابنى، يرثنى وأرثه، فلما رأي ذلك أبوه وعمه، طابت نفوسهما فانصرفا. ودعي زيد بن محمد، حتى جاء الإسلام فنزلت: {ادعوهم لآبائهم} فدعي يومئذ زيد بن حارثة، ودعي الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن عمرو، وكان أبوه قبل ذلك المقداد بن الأسود؛ لأن الأسود ابن عبد يغوث كان قد تبناه. انتهى.
ونتبع هذا الخبر بفوائد تناسبه، منها: أنه يقتضى أن اسم أم زيد سعدي بنت ثعلبة، وقيل اسمها سعاد، وهذا في تهذيب الكمال للمزي؛ لأن فيه: وأمه سعدي، ويقال سعاد بنت ثعلبة، من بنى معن من طى. انتهى.
ومنها: أن فيه، أن زيدا كان يفعة حين سبى، وليس في هذا بيان سنه حين سبى وبيع، ويظهر ذلك ببيان معنى ذلك.
قال ابن الأثير في نهاية الغريب: أيفع الغلام فهو يافع، إذا شارف الاحتلام ولما يحتلم. انتهى. فيكون اليفعة من قارب خمس عشرة سنة؛ لأن البلوغ يكون فيها أو قربها في الغالب، والله أعلم.
وقد بين بعض العلماء سنه حين بيع؛ لأن ابن عبد البر قال: وكان زيد هذا، قد
أصابه سباء في الجاهلية، فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة، وهي سوق بناحية مكة، كانت مجمعا للعرب، يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فوهبته خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكبر منه بعشر سنين، وطاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابنى وارثا وموروثا، يشهدهم على ذلك. هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار والكلبي وغيرهم. انتهى.
وقوله في هذا الخبر: وهو ابن ثمان سنين، بيان لتاريخ وقت شرائه، لا تاريخ وقت تبنيه وهبته؛ لأنه يلزم في حمله على ذلك، أن يكون للنبى صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر عاما، حين وهب له زيد، وتبناه أكبر من زيد بعشرة سنين، كما في هذا الخبر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من هذا بسنين، حين وهب له زيد وتبناه؛ لأن خديجة إنما وهبت له زيدا بعد أن تزوجها، ولم يتبناه إلا بعد ذلك، ولم يتزوجها إلا بعد أن بلغ إحدى وعشرين سنة، هذا أقل ما قيل في سنه حين تزوجها، والأكثر في سنه لما تزوجها، خمس وعشرون سنة، والله أعلم. وفي حمل قوله: وهو ابن ثمان سنين، على تاريخ شرائه، لا هبته وتبنيه، موافقه للخبر السابق، فإنه يقتضى أن هبة خديجة زيدا للنبى صلى الله عليه وسلم، بعد أن تزوجها، وأن تبنيه بعد ذلك، والتوفيق بين الأخبار، أولى من حملها على الاختلاف، والله أعلم.
وقال النووي: وقد ذكر تمام الرازي في فوائده: أن حارثة والد زيد، أسلم حين جاء في طلب زيد، ثم ذهب إلى قومه مسلما. انتهى. ولم يتعقب ذلك النووي، وهو قابل للتعقب؛ لأن الحافظ أبا زكريا بن مندة، أخرج هذا الحديث في جزء له سماه بـ «من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو وولده وولد ولده». قال: ثم قال الإمام جدي: هذا حديث غريب، لا يعرف إلا من هذا الوجه. انتهى.
وفى إسناده من لا يعرف، ويظهر ذلك بذكر الحديث مسندا، قال فيه يحيى بن مندة: أخبرنا أبى، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مروان بدمشق، قال: حدثنا يحيى بن أيوب ابن أبي عقال - وهو هلال بن زيد بن الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل - حدثنا عمى زيد بن أبي عقال، عن أبيه، عن زيد بن الحسن، عن أبيه الحسن، عن أبيه أسامة بن زيد بن حارثة، عن أبيه زيد بن حارثة، رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أباه حارثة إلى الإسلام، فشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. انتهى.
أخرجه تمام الرازي، وأيضا فإن في الخبر الذي ذكره الزبير عن المدائنى، أن زيدا حين سبى، كان يفعة، وأن خديجة - رضي الله عنها - وهبته للنبى صلى الله عليه وسلم لما تزوجها، ومن تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة إلى المبعث، خمس عشرة سنة على الصحيح. ويبعد أن يخفى خبر
زيد على أبيه هذا المدة، حتى لا يقدم في فدائه إلا بعد الإسلام، والله أعلم.
وقوله في الخبر الذي ذكره ابن عبد البر، عن الزبير وعمه وابن الكلبي، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أكبر من زيد بعشر سنين، يقتضى أن زيدا مات وهو ابن خمسين سنة ونحو ثلاثة أشهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، تأخر بعده نحو ثلاث سنين، وعاش قبله عشرا.
ونقل المزي عن بعضهم ولم يسمه، أن زيدا مات وهو ابن خمس وخمسين سنة.
وقال ابن الأثير في ترجمته: وكان زيد أبيض أحمر. انتهى. وقال ابن السكن: كان قصيرا شديد الأدمة، في أنفه فطس. انتهى.
نقل ذلك الحافظ ابن حجر عن ابن السكن. والمعروف أن ما ذكره من الصفة، صفة لأسامة لا لأبيه، والله أعلم.
قال النووي، رحمه الله بعد أن ذكر حديث عائشة - رضي الله عنها - في سرور النبي صلى الله عليه وسلم بما قاله القائف في أسامة بن زيد وأبيه، من: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
قال العلماء: سبب سروره صلى الله عليه وسلم أن أسامة، كان لونه أسود، وكان طويلا، خرج إلى أمه، وكان أبوه زيد قصيرا أبيض، وقيل بين البياض والسواد، وكان بعض الناس قصد الاختلاف.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1

زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال أنه من كلب من اليمن قتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى عن ابن عمر: إنا كنا ندعوه زيد بن محمد حتى نزلت ’’ادعوهم لآبائهم’’ روى عنه ابنه أسامة بن زيد سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 3- ص: 1