زيادة الله الأغلبي زيادة الله بن ابراهيم بن الاغلب بن سالم، أبو محمد: رابع الاغالبة اصحاب افريقية. ولي بعد وفاة اخيه عبد الله (سنة 201 هـ) وجاءه التقليد من قبل المأمون العباسي، وثبت على دعائه له ايام وثوب ابراهيم بن المهدي على الخلافة، فلما خلصت للمأمون شكر له ذلك. واظطربت البلاد عليه فكثرت الفتن، وضعف امره، حتى لم يبق على طاعته (سنة 209 هـ) من افريقية الا قابس والساحل وطرابلس وقبائل نفزاوة. ثم قوي امره وانجدته نفزاوة، فجهز اسطولا عظيما (سنة 212 هـ) وسيره إلى جزيرة صقلية، فأستولى على معظم حصونها. وتوفي في القيروان. وكان فصيحا اديبا، يعرب في كلامه من غير تقعر. وهو الذي بنى سور سوسة، واول من سمى (زيادة الله) من ولاة بني الاغلب.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 56
زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب أبو محمد
ولى بعد أخيه أبي العباس عبد الله الجميل سنة إحدى ومائتين وكان أبوه إبراهيم بن الأغلب إذا قدم عليه أحد من الأعراب والعلماء بالعربية والشعراء أصحبهم ابنه زيادة الله هذا وأمرهم بملازمته فكان أفضل أهل بيته وأفصحهم لسانا وأكثرهم بيانا وكان يعرب كلامه ولا يلحن دون تشادق ولا تقعر ويصوغ الشعر الجيد ولا يعلم أحد قبله سمى زيادة الله ولا هبة الله قبل ولد إبراهيم بن المهدي
وولد زيادة الله قبل هبة الله هذا بنحو من ثلاثين سنة
وهو الذي بنى جامع القيروان بالصخر والآجر والرخام بعد أن هدمه وبنى المحراب كله بالرخام من أسفله إلى أعلاه وهو منقوش بكتاب وغيره كتاب ويستدير به سوار حسان بعضها مجزعة بأسود ناصعة البياض شديدة السواد ويقابل المحراب عمودان أحمران فيهما توشيه بحمرة صافية دون حمرة سائرهما يقول كل من رآهما من أهل المشرق والمغرب أنه لم ير مثلهما وقد بذل فيهما صاحب القسطنطينية وزنهما ذهبا فلم يجبه الناظر للإسلام في ذلك
وأول من بنى هذا الجامع الأشرف عقبة بن نافع الفهري وهو الذي اختط مدينة القيروان في سنة ثلاث وخمسين من الهجرة، فلما ولى حسان بن النعمان الغساني إفريقية هدمه حاشى المحراب وبناه بالطوب فلما ولى يزيد بن حاتم إفريقية سنة خمس وخمسين ومائة هدمه وبناه فلما ولى زيادة الله هذا هدمه وبناه مع المحراب كما وصف وتم بنيانه سنة اثنتين وعشرين ومائتين وبعد ذلك بعام أو نحوه توفي في رجب سنة ثلاث وعشرين
ولأبي إبراهيم أحمد بن محمد والد إبراهيم بن أحمد السفاك زيادة في هذا الجامع كملت سنة ثمان وأربعين ومائتين وهي عليها إلى اليوم
ومن شعره زيادة الله على أنه كان يصنعه ويكتمه ما يروى أن المأمون كتب إليه أن يدعو على منابره لعبد الله بن طاهر بن الحسين فأنف من ذلك وأمر بإدخال الرسول عليه بعد أن تملأ من الشراب وحل شعره ونار عظيمة بين يديه في كوانين وقد احمرت عيناه فهال الرسول ذلك المنظر ثم قال قد علم أمير المؤمنين طاعتي له وطاعة آبائي لآبائه وتقدم سلفي في دعوتهم ثم يأمرني الآن بالدعاء لعبد خزاعة هذا والله أمر لا يكون أبدا ثم مد يده إلى كيس إلى جانبه فيه ألف دينار فدفعه إلى الرسول ليوصله إلى المأمون وكانت الدنانير مضروبة باسم إدريس الحسنى ليعلمه ما هو عليه من فتنة المغرب ومناضلة العلويين وكتب جواب الكتاب وهو سكران في آخره أبيات منها
أنا النار في أحجارها مستكنة | فإن كنت ممن يقدح الزند فاقدح |
أنا الليث يحمى غيله بزئيره | فإن كنت كلبا حان موتك فانبح |
أنا البحر في أمواجه وعبابه | فإن كنت ممن يسبح البحر فاسبح |
أنا النار في أحجارها مستكنة | متى ما يهجها قادح تتضرم |
أمنت سبيبة كل قرم باسل | ومن العبيد جماجماً أبطالاً |
فإذا ذكرت مصايباً بسبيبة | فأبكى جلاجل واندبي إعوالا |
يا ويح نفسي حين أركب غادياً | بالقيروان تخالني مختالاً |
في فتية مثل النجوم طوالع | ويخالني بين النجوم هلالا |
فاليوم أركب في الزعاع ولا أرى | إلا العبيد ومعشراً أنذالا |
بالله لا تقطعن بالهجر أنفاسي | فأنت تملك إنطاقي وإخراسي |
صدود طرفك عن طرفي إذا التقيا | مجرعي كأس إرغام وإتعاس |
لو لم أبحك حمى قلبي ترود به | لم تستبح مهجتي يا أملح الناس |
ولابسه ثوب اصفرار بلا جسم | تنم بأنفاس الحبيب لمشتم |
تجمع معشوق لديها وعاشق | فذو نظر يرنو إليها وذو شم |
سأفنيك أو أفنى عليك تذكراً | لمن أنت عطر منه في الرشف واللثم |
فقد هجت في قلبي لظى لتذكري | وعنوانه في مقلتي دمعة تهمي |
كأني أدنى حين أدنيك من به | أثرت اشتياقي في عناق وفي ضم |
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1