أبو دلامة زند بن الجون الاسدي، بالولاء، أبو دلامة: شاعر مطبوع، من أهل الظرف والدعابة، اسود اللون. كان ابوه عبدا لرج من بني اسد واعتقه، نشأ في الكوفة واتصل بالخلفاء من بني العباس، فكانوا يستلطفونه وغدقون عليه صلاتهم، وله في بعضهم مدائح، وكان يتهم بالزندقة لتهتكه، واخباره كثيرة متفرقة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 49

أبو دلامة اسمه زند -بالنون- بن الجون.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

زند أبو دلامة زند - بالنون بعد الزاي ساكنة - بن الجون، هو أبو دلامة - بضم الدال. كان صاحب نوادر وأخبار وأدب ونظم وكان عبدا أسود. توفي سنة إحدى وستين ومائة.
توفي للمنصور ابنة عم فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها كئيب عليها. فأقبل أبو دلامة وجلس قريبا منه. فقال له المنصور: ويحك، ما أعددت لهذا المكان؟ وأشار إلى القبر. فقال: ابنة عم أمير المؤمنين. فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال له: ويحك، فضحتنا بين الناس.
وكان روح بن حاتم المهلبي واليا على البصرة. فخرج إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة. فخرج في صف العدو مبارز فخرج إليه جماعة فقتلهم. فتقدم روح إلى أبي دلامة بمبارزته فامتنع فألزمه فاستعفاه فلم يعفه. فأنشده أبو دلامة:

فأقسم عليه ليخرجن وقال: ولم تأخذ رزق السلطان؟ قال: لأقاتل عنه. قال: فما لك لا تبرز إلى عدو الله؟ فقال: أيها الأمير، إن خرجت إليه لحقت بمن مضى وما الشرط أن أقتل عن السلطان بل أقاتل عنه.
فحلف روح ليخرجن إليه فيقتله أو يأسره أو يقتل دون ذلك. فلما رأى أبو دلامة الجد منه قال: أيها الأمير، تعلم أن هذا أول يوم من أيام الآخرة ولا بد فيه من الزوادة. فأمر له بذلك. فأخذ رغيفا مطويا على دجاجة ولحم وسطيحة شراب وشيئا من نقل.
وشهر سيفه وحمل وكان تحته فرس جواد فأقبل يجول ويلعب بالرمح. وكان مليحا في الميدان والفارس يلاحظه ويطلب منه غرة حتى إذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل..
فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل: لا تعجل واسمع مني- عافاك الله - كلمات ألقيهن إليك فإنما أتيتك في مهم. فوقف مقابله وقال: ما هو المهم؟ قال: أتعرفني؟ قال: لا. قال: أنا أبو دلامة. قال: قد سمعت بك
-حياك الله- فكيف برزت إلي وطمعت في بعد من قتلت من أصحابك؟ قال: ما خرجت لأقتلك ولا لأقاتلك ولكني رأيت لباقتك وشهامتك فاشتهيت أن تكون لي صديقا وإن لأدلك على ما هو أحسن من قتالنا. قال: قل على بركة الله. قال: أراك قد تعبت وأنت بغير شك جوعان ظمآن. قال: كذلك هو. قال: فما علينا من خراسان والعراق إن معي لحما وخبزا وشرابا ونقلا كما يتمنى المتمني، وهذا غدير ماء نمير بالقرب منا، فهلم بنا إليه نصطبح وأترنم لك بشيء من حداء الأعراب. فقال: هذا غاية أملي. فقال: فها أنا أستطرد لك فاتبعني حتى نخرج من حلق الطعان. ففعلا وروح يتطلب أبا دلامة فلا يجده والخراسانية تتطلب فارسها فلا تجده. فلما طابت نفس الخراساني قال له أبو دلامة: إن روحا كما علمت من أبناء الكرم وحسبك بابن المهلب جوادا، وإنه ليبذل لك خلعة فاخرة وفرسا جوادا ومركبا مفضضا وسيفا محلى ورمحا طويلا وجارية بربرية. وإنه ينزلك في أكثر العطاء وهذا خاتمة معي لك بذلك. فقال: ويحك، ما أصنع بأهلي وعيالي؟ فقال: استخر الله تعالى وسر معي ودع أهلك فالكل يخلف عليك. فقال: سر بنا على بركة الله فسارا حتى قدما من وراء العسكر فهجما على روح فقال: يا أبا دلامة، أين كنت؟ قال: في حاجتك أما قتل الرجل فما أطقته، وأما سفك دمي فما طبت به نفسا وأما الرجوع خائبا فلم أقدم عليه وقد تلطفت به وأتيتك به وهو أسير كرمك وقد بذلت له عنك كيت وكيت. فقال: يمضى إذا وثق لي. قال: بم ذا؟ قال: بنقل أهله. قال الرجل: أهلي على بعد ولا يمكنني نقلهم الآن ولكن امدد يدك أصافحك وأحلف لك متبرعا بطلاق الزوجة أني لا أخونك فإن لم أف إذا حلفت بطلاقها فلا ينفعك نقلها.
فقال: صدقت. فحلف له وعاهده ووفى له بما ضمنه أبو دلامة وزاد عليه. وانقلب الخراساني يقاتل الخراسانية وينكي فيهم أشد نكاية. وكان ذلك أكبر أسباب الظفر لروح.
وكان المنصور قد أمر بهدم دور كثيرة منها دار أبي دلامة. فكتب إلى المنصور:
ولما قدم المهدي من الري إلى بغداد دخل عليه أبو دلامة للسلام والهناء بقدومه. فأقبل عليه المهدي فقال: كيف أنت أبا دلامة؟ قال: يا أمير المؤمنين:
قال المهدي: أما الأولى فنعم وأما الثانية فلا. فقال: جعلني الله فداك، إنهما كلمتان لا يفرق بينهما. فقال: يملأ حجر أبي دلامة دراهم.
فقعد وبسط حجره فملئ دراهم. فقال: قم الآن يا أبا دلامة. فقال: يتخرق قميصي يا أمير المؤمنين حتى أشيل الدراهم وأقوم. فردها إلى الأكياس وقام.
ومرض ولده فاستدعى طبيبا ليداويه وجعل له جعلا. فلما برئ قال له: والله، ما عندنا ما نعطيك ولكن ادع على فلان اليهودي وكان ذا مال بمقدار الجعل وأنا وولدي نشهد لك.
فمضى الطبيب إلى قاضي الكوفة يومئذ -وكان محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وقيل عبد الله بن شبرمة- وحمل إليه اليهودي المذكور وادعى عليه فأنكر اليهودي.
فقال: لي بينة. وخرج لإحضارها فأحضر أبا دلامة وابنه فدخلا إلى المجلس وخاف أبو دلامة أن يطالبه القاضي بالتزكية فأنشد في الدهليز قبل دخوله بحيث يسمع القاضي:
ثم حضرا بين يدي القاضي وأديا الشهادة فقال: كلامك مسموع وشهادتك مقبولة. ثم غرم المبلغ من عنده وأطلق اليهودي وما أمكنه أن يرد شهادتهما خوفا من لسان أبي دلامة. وقول الحريري في المقامة الأربعين: وأنت تعلم أنك أحقر من قلامة، وأعيب من بغلة أبي دلامة.
كانت لأبي دلامة بغلة يركبها في مواكب الخلفاء والكبراء، ويضحكهم بشماسها وحرانها وقماصها، وقد جمعت جميع المعايب، فذكر بعض عيوبها في قصيدة وهي:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

زند بن الجون المعروف بأبي دلامة الكوفي: أسود من موالي بني أسد، أدرك آخر أيام بني أمية ونبغ في أيام بني العباس، وانقطع إلى السفاح والمنصور والمهدي، ومات في خلافة المهدي سنة إحدى وستين ومائة. وله مع الخلفاء والأمراء أخبار كثيرة ونوادر جمة، فمن ذلك ان أبا جعفر المنصور أمر اصحابه بلبس السواد وقلانس طوال ودراريع كتب عليها {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} وأن يعلقوا السيوف في المناطق، فدخل عليه أبو دلامة في هذا الزي، فقال له المنصور: كيف أصبحت يا أبا دلامة قال: بشر حال يا أمير المؤمنين، قال: كيف ذلك ويلك؟ قال: وما ظنك يا أمير المؤمنين بمن أصبح وجهه في وسطه، وسيفه على استه، ونبذ كتاب الله وراء ظهره، وصبغ بالسواد ثيابه!! فضحك المنصور ووصله وأمر بتغيير ذلك الزي، وفي ذلك يقول أبو دلامة:

وخرج أبو دلامة مع روح بن حاتم المهلبي في بعث لقتال الشراة، فلما نشبت الحرب أمره روح بمبارزة فارس من الشراة يدعو إلى البراز، فقال أبو دلامة:
فضحك منه روح وأعفاه.
ولأبي دلامة شعر كثير كله جيد، وفيما أوردناه منه كفاية.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1327

أبو دلامة الشاعر، النديم، صاحب النوادر، زند بن الجون، وكان أسود، من الموالي. حضر جنازة حمادة زوجة المنصور، فقال له المنصور: ما أعددت لهذه الحفرة؟ قال: حمادة يا أمير المؤمنين! فأضحكه.
توفي أبو دلامة سنة إحدى وستين ومائة. ويقال: عاش إلى أوائل دولة الرشيد.
وقيل: إنه دخل على المهدي -إذ قدم من الري- يهنئه، فقال:

فقال: أما الأولى، فنعم. قال: إنهما كلمتان، فلا يفرق بينهما. فضحك، وملأ حجره دراهم.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 7- ص: 61