الزرقاء بنت عدي الزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الهدانية: خطيبة، من ذوات الشجاعة. من أهل الكوفة. شهدت مع قومها واقعة ’’صفين’’ وخطبت فيها مرات تحرض الناس على قتال معاوية. ولما تم الأمر لمعاوية استدعاها، فأحضرت اليه، وحاورته طويلا، ثم عادت، وقد أعجب بفصاحتها فبعث اليها بمال.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 44
الزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الكوفية في كتاب بلاغات النساء: قال عيسى بن مهران حدثني العباس بن بكار، حدثني محمد بن عبد الله عن الشعبي. قال وحدثني أبو بكر الهذلي عن الزهري قال حدثني جماعة من بني أمية ممن يسمر مع معاوية. وذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد ربه بن القاسم بن يحيى بن مقدم أخبرني محمد بن فضل الضبي أخبرنا إبراهيم بن محمد الشافعي صاحب الري عن أبيه محمد بن إبراهيم عن خالد بن الوليد المخزومي عن سعد بن حذافة الجمحي، قال: سمر معاوية ليلة فذكر الزرقاء بنت عدي بن غالب، امرأة كانت من أهل الكوفة وكانت ممن يعين عليا عليه السلام يوم صفين، فقال لأصحابه: أيكم يحفظ كلام الزرقاء فقال القوم كلنا نحفظه يا أمير المؤمنين قال: فما تشيرون علي فيها قالوا نشير عليك بقتلها قال: بئس ما أشرتم علي به أيحسن بمثلي أن يتحدث الناس أني قتلت امرأة بعدما ملكت وصار الأمر لي ثم دعا كاتبه في الليل فكتب إلى عامله في الكوفة أن أوفد إلي الزرقاء ابنة عدي مع ثقة من محرمها وعدة من فرسان قومها ومهد لها وطاء بست حصيف فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فأقرأها الكتاب فقالت: أما أنا فغير زائغة عن طاعة وإن كان أمير المؤمنين جعل المشيئة إلي لم أرم من بلدي هذا وإن كان أحكم الأمر فالطاعة له أولى بي فحملها في هودج وجعل غشاءه حبرا مبطنا بعصب اليمن ثم أحسن صحبتها وفي حيث المقدمي فحملها في عمارية جعل غشاءها خزا أدكن مبطنا بقوهي فلما قدمت على معاوية قال لها: مرحبا وأهلا قدمت خير مقدم قدمه وافد كيف حالك يا خالة وكيف رأيت مسيرك قالت خير مسير كأني كنت ربيبة بيت أو طفلا ممهدا له قال بذلك أمرتهم فهل تعلمين لم بعثت إليك قال: سبحان الله أنى لي بعلم ما لم أعلم وهل يعلم ما في القلوب إلا الله قال: بعثت إليك أن أسألك ألست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين بين الصفين توقدين الحرب وتحضين على القتال فما حملك على ذلك قالت يا أمير المؤمنين إنه قد مات الرأس وبتر الذنب (وبقي الذنب خ) والدهر ذو غير ومن تفكر أبصر والأمر يحدث بعده الأمر قال لها صدقت فهل تحفظين كلامك يوم صفين قال ما أحفظه قال ولكني أحفظه لله أبوك لقد سمعتك تقولين: أيها الناس إنكم في فتنة غشيتكم جلابيب الظلم وجرت بكم عن قصد المحجة فيا لها من فتنة عمياء صماء يسمع لقائلها ولا ينظر لسائقها أيها الناس إن المصباح لا يضيء في الشمس وأن الكوكب لا يقد في القمر وأن البغل لا يسبق الفرس وأن الزف لا يوازن الحجر ولا يقطع الحديد إلا الحديد ألا من استرشدنا أرشدناه ومن استخبرنا أخبرناه إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها فصبرا يا معشر المهاجرين والأنصار فكأن قد اندمل شعث الشتات والتأمت كلمة العدل وغلب الحق باطله فلا يعجلن أحد فيقول كيف وأنى ليقضى الله أمرا كان مفعولا ألا أن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء والصبر خير في الأمور عواقبا. أيها إلى الحرب قدما غير ناكصين فهذا يوم له ما بعده ثم قال معاوية: والله يا زرقاء لقد شاركت عليا في كل دم سفكه فقالت أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين وأدام سلامتك مثلك من بشر بخي وسر جليسه قال لها وقد سرك ذلك قال نعم والله لقد سرني قولك لي بتصديق الفعل فقال معاوية والله لوفؤكم له بعد موته أعجب إلي من حبكم له في حياته أذكري حاجتك قالت ي أمير المؤمنين إني قد آليت على نفسي أن لا اسأل أميرا أعنت عليه شيئا أبدا ومثلك من أعطى من غير مسألة وجاد عن غير طلب قال صدقت فاقطعها أرضا أغلتها في أول سنة عشرة آلاف درهم وأحسن صفدها وردها ومن معها مكرمين اه. وأورد خبر الزرقاء هذه صاحب كتاب المستطرف مرسلا مع بعض التفاوت عما هنا وما هنا أصح وأثبت ويستفاد من هذا الخبر أن الزرقاء من أشد الناس ولاء لأمير المؤمنين عليه السلام ويدل فعل معاوية معها أنها من بيت جلالة ورياسة ولذلك كان خطابه معها غير خطابه مع درامة الحجوجية وأمثالها الذي لا يخرج عن كلام السفلة فإنه كان يظهر الحلم حيث يخشى عاقبة الانتقام في الدنيا أو يريد أن يتخذ يدا عند من يخافون ويرجون وينتقم حيث يأمن مغبة الانتقام في الدنيا والزرقاء كانت ذات عشرة تخاف وترجى.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 60