الزبير بن العوام الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي، أبو عبد الله: الصحابي الشجاع، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من سل سيفه في الاسلام. وهو ابن عمة النبي (ص) أسلم وله 12 سنة. وشهد بدرا وأحدا وغيرهما. وكان على بعض الكراديس في اليرموك. وشهد الجابية مع عمر بن الخطاب. قالوا: كان في صدر ابن الزبير أمثال العيون من الطعن والرمي. وجعله عمر في من يصلح للخلافة بعده. وكان موسرا، كثير المتاجر، خلف أملاكا بيعت بنحو أربعين مليون درهم. وكان طويلا جدا اذا ركب تخط رجلاه الأرض. قتله ابن جرموذ غيلة يوم الجمل، بوادي السباع (على فراسخ من البصرة) وكان خفيف اللحية أسمر اللون، كثير الشعر. له 38 حديثا.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 43

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي
القرشي الأسدي يكنى أبا عبد الله
قتل بوادي السباع منصرفا من حرب الجمل يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة 36 وعمره 66 أو 67 سنة.
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم وفي أسد الغابة هو ابن عمة النبي صلى الله عليه سلم أمه صفية بنت عبد المطلب وابن أخي خديجة بنت خويلد أم المؤمنين وكان رابعا أو خامسا في الإسلام وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة وشهد بدرا وأحدا والخندق وخيبر والفتح وحنينا والطائف وفتح مصر وهو أحد أصحاب الشورى علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأحد العشرة بيعة الشجرة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد بن زيد و أبو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف الذين نزل فيهم {لقد رضي الله على المؤمنين إذ بايعوك تحت الشجرة} إلى قوله: {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} ومدحه حسان بأبيات منها:

وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي فدعاه علي وذكره قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له لتقاتلن عليا وأنت له ظالم فانصرف عن فنزل بوادي السباع وقام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله وجاء بسيفه إلى علي فقال إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بشر قاتل ابن صفية بالنار وقيل إن الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان أتى إلى الأحنف بن قيس فقال هذا الزبير قد لقي بسفوان فقال الأحنف ما شاء الله كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ثم بيته وأهله فسمعه ابن جرموز ورجلان معه من تميم فأتوه فقتلوه اه وصار ابن جرموز بعد ذلك من الخوارج والزبير بعدما ذكره علي بما ذكره لم يرجع إلى علي فلذلك قال فيه الأحنف مل قال ولهذا قال بعضهم لم يقتله ابن جرموز وإنما قتله الأحنف والزبير لم يزل مشايعا لعلي ومنحازا إلى جانبه حتى كانت وقعة الجمل فكان منه ما كان لابنه عبد الله الذي كان منطويا على عداوة أهل البيت عمره كله الأثر في ذلك وكانت أم المؤمنين خالته ولهذا قال أمير المؤمنين عليعليه السلام ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه عبد الله فالزبير كان يوم السقيفة في جانب علي وكان مع بني هاشم في بيت فاطمة ولم جاء القوم إلى هناك خرج إليهم مسلطا سيفه فأخذوه وضربوا به الحجر وكان من شهود وصية فاطمة ولما دفنت الزهراء سرا كان الزبير في جملة بني هاشم الذين حضروا دفنها وفي يوم الشورى وهب حقه من الخلافة لعلي ثن ختم بها بما ختم.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 44

الزبير بن العوام (ب د ع) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي القرشي الأسدي، يكنى أبا عبد الله، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عمة رسول الله، وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي، وكانت أمه تكنيه أبا الطاهر، بكنية أخيها الزبير بن عبد المطلب، واكتنى هو بأبي عبد الله، بابنه عبد الله، فغلبت عليه.
وأسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، قاله هشام بن عروة، وقال عروة: أسلم الزبير وهو ابن اثنتي عشرة سنة، رواه أبو الأسود عن عروة، وروى هشام بن عروة عن أبيه: أن الزبير أسلم وهو ابن ست عشرة سنة. وقيل: أسلم وهو ابن ثماني سنين، وكان إسلامه بعد أبي بكر رضي الله عنه بيسير، كان رابعا أو خامسا في الإسلام.
وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، وآخى رسول الله بينه وبين عبد الله بن مسعود، لما آخى بين المهاجرين بمكة، فلما قدم المدينة وآخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار آخى بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش.
أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، أخبرنا زكريا بن عدي، أخبرنا علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، ولا إخالة يتهم علينا، قال: أصاب عثمان الرعاف سنة الرعاف، حتى تخلف عن الحج، وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش فقال: استخلف، قال: وقالوه؟ قال: نعم. قال: من هو؟ قال: فسكت. ثم دخل عليه رجل آخر فقال مثل ما قال الأول، ورد عليه نحو ذلك، قال: فقال عثمان: الزبير بن العوام؟ قال: نعم، قال: أما والذي نفسي بيده إن كان لأخيرهم- ما علمت- وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبيد الله وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة قال: حدثنا هناد، أخبرنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم قريظة فقال: بأبي وأمي.
قال: وأخبرنا أبو عيسى، أخبرنا أحمد بن منيع، أخبرنا معاوية بن عمر، وأخبرنا زائدة، عن عاصم، عن زر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير بن العوام.
وروى عن جابر نحوه، وقال أبو نعيم: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، لما قال: من يأتينا بخبر القوم، قال الزبير: أنا، قالها ثلاثا، والزبير يقول: أنا. قال: وأخبرنا أبو عيسى، أخبرنا قتيبة، أخبرنا حماد بن زيد، عن صخر بن جويرية، عن هشام بن عروة قال: أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل، فقال: ما مني عضو إلا قد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ذلك إلى فرجه.
وكان الزبير أول من سل سيفا في الله عز وجل، وكان سبب ذلك أن المسلمين لما كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وقع الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذه الكفار، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة فقال له: مالك يا زبير؟ قال: أخبرت أنك أخذت، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له ولسيفه.
وسمع ابن عمر رجلا يقول: أنا ابن الحواري، قال: إن كنت ابن الزبير وإلا فلا.
وشهد الزبير بدرا وكان عليه عمامة صفراء معتجرا بها فيقال: إن الملائكة نزلت يومئذ على سيماء الزبير، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحدا والخندق والحديبية وخيبر والفتح وحنينا والطائف، وشهد فتح مصر، وجعله عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة: أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، قال أخبرنا أبو العشائر محمد ابن خليل بن فارس القيسي، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أخبرنا أبو خيثمة خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أخبرنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، أخبرنا محمد بن الصباح، أخبرنا إسماعيل بن زكريا، عن النضر أبي عمر الخزاز، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتفض حراء قال: اسكن حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد، وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وسعيد بن زيد. أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب بإسناده عن عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، أخبرنا سفيان، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير ابن العوام، عن أبيه، قال: لما نزلت: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قال الزبير: يا رسول الله، وأي النعيم نسأل عنه، وإنما هما الأسودان: التمر والماء؟ قال: أما إنه سيكون. قيل: كان للزبير ألف مملوك، يؤدون إليه الخراج، فما يدخل إلى بيته منها درهما واحدا، كان يتصدق بذلك كله، ومدحه حسان ففضله على الجميع، فقال:

وقال هشام بن عروة: أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: عثمان، وعبد الرحمن ابن عوف، والمقداد، وابن مسعود، وغيرهم. وكان يحفظ على أولادهم مالهم، وينفق عليهم من ماله.
وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي، فناداه علي ودعاه، فانفرد به وقال له: أتذكر إذ كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلي وضحك وضحكت فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه فقال: ليس بمزه، ولتقاتلنه وأنت له ظالم، فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال، فنزل بوادي السباع! وقام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله؟ وجاء بسيفه إلى علي فقال: إن هذا سيف طالما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار.
وكان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين، وقيل: إن ابن جرموز استأذن على علي، فلم يأذن له، وقال للآذن: بشره بالنار: فقال:
وقيل: إن الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان أتى إنسان إلى الأحنف بن قيس فقال: هذا الزبير قد لقي بسفوان. فقال الأحنف: ما شاء الله؟ كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعص بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله! فسمعه ابن جرموز، وفضالة بن حابس ونفيع، في غواة بني، تميم، فركبوا، فأتاه ابن جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير، وهو على فرس له يقال له: ذو الخمار، حتى إذا ظن أنه قاتله، نادى صاحبيه، فحملوا عليه فقتلوه.
وكان عمره لما قتل سبعا وستين سنة، وقيل: ست وستون، وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية.
وكثير من الناس يقولون: إن ابن جرموز قتل نفسه لما قال له علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار وليس كذلك، وإنما عاش بعد ذلك حتى ولي مصعب بن الزبير البصرة فاختفى ابن جرموز، فقال مصعب: ليخرج فهو آمن، أيظن أني أقيده بأبي عبد الله- يعني أباه الزبير- ليسا سواء. فظهرت المعجزة بأنه من أهل النار، لأنه قتل الزبير، رضي الله عنه، وقد فارق المعركة، وهذه معجزة ظاهرة.
أخرجه الثلاثة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 407

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 307

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 2- ص: 97

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، أبو عبد الله، حواري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمته.
أمه صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، كانت أمه تكنيه أبا الطاهر بكنية أخيها الزبير بن عبد المطلب، واكتنى هو بابنه عبد الله فغلبت عليه، وأسلم وله اثنتا عشرة سنة وقيل ثمان سنين.
وقال الليث: حدثني أبو الأسود، قال: كان عم الزبير يعلقه في حصير ويدخن عليه ليرجع إلى الكفر، فيقول: لا أكفر أبدا.
وقال الزبير بن بكار في كتاب النسب: حدثني عمي مصعب، عن جدي عبد الله بن مصعب أن العوام لما مات كان نوفل بن خويلد يلي ابن أخيه الزبير، وكانت صفية تضربه وهو صغير وتغلظ عليه، فعاتبها نوفل وقال: ما هكذا يضرب الولد، إنك لتضربينه ضرب مبغضة فرجزت به صفية:

#يأكل في البيت من تمر وحب تعرض نوفل فقال: يا بني هاشم، ألا تزجرونها عني؟ وهاجر الزبير الهجرتين.
وقال عروة: كان الزبير طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب. أخرجه الزبير بن بكار.
وقال عثمان بن عفان لما قيل له استخلف الزبير: أما إنه لأخيرهم وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أخرجه أحمد والبخاري، وفيه يقول حسان بن ثابت فيما رواه الزبير بن بكار:
إلى أن قال:
روى الزبير بن بكار، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: سألت الزبير عن قلة حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: كان بيني وبينه من الرحم والقرابة ما قد علمت، ولكني سمعته يقول: «من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار».
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن عروة قال: قاتل الزبير وهو غلام بمكة رجلا فكسر
يده، فمر بالرجل محمولا على صفية فسألته عنه، فقيل لها. فقالت: كيف رأيت زبرا؟ أقطا وتمرا؟ أو مشمعلا صقرا.
أخرجه ابن سعد، وعن عروة وابن المسيب قال: أول رجل سل سيفه في الله الزبير، وذلك أن الشيطان نفخ نفخة فقال. أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلى مكة.
أخرجه الزبير بن بكار من الوجهين.
وفي رواية ابن المسيب: فقيل: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج الزبير متجردا بالسيف صلتا.
وروى ابن سعد بإسناد صحيح عن هشام عن أبيه، قال: كانت على الزبير عمامة صفراء معتجرا بها يوم بدر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير».
وروى الطبراني من طريق أبي المليح، عن أبيه نحوه.
ومن حديث عروة، عن ابن الزبير، قال: قال لي الزبير قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. «فداك أبي وأمي».
وعن عروة: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف كنت أدخل أصابعي فيها: ثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك.
وروى البخاري عن عائشة أنها قالت لعروة: كان أبوك من الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح، تريد أبا بكر والزبير.
وروى أيضا عن جابر قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بني قريظة: «من يأتيني بخبر القوم»؟ فانتدب الزبير، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير».
وروى أحمد، من طريق عاصم عن زر، قال: قيل لعلي: إن قاتل الزبير بالباب. قال: ليدخل قاتل ابن صفية النار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن لكل نبي حواريا، وإن حواريي الزبير».
وروى هذا المتن ابن عدي من حديث أبي موسى الأشعري.
وروى أبو يعلى أن ابن عمر سمع رجلا يقول: أنا ابن الحواري. فقال: إن كنت من ولد الزبير وإلا فلا.
وروى يعقوب بن سفيان، عن مطيع بن الأسود أنه أوصى إلى الزبير فأبى، فقال: أسألك بالله والرحم إلا ما قبلت، فإني سمعت عمر يقول: إن الزبير ركن من أركان الدين.
وروى الحميدي في «النوادر» أنه أوصى إليه عثمان، والمقداد، وابن مسعود، وابن عوف، وغيرهم، فكان يحفظ أموالهم وينفق على أولادهم من ماله، وزاد الزبير بن بكار، ومطيع بن الأسود، وأبو العاص بن الربيع.
وروى يعقوب بن سفيان أن الزبير كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فكان لا يدخل بيته منها شيئا، يتصدق به كله.
وقصته في وفاء دينه وفيما وقع في تركته من البركة مذكور في كتاب الخمس من صحيح البخاري بطولها.
وكان قتل الزبير بعد أن انصرف يوم الجمل بعد أن ذكره علي، فروى أبو يعلى من طريق أبي جرو المازني، قال: شهدت عليا والزبير توافيا يوم الجمل، فقال له علي: أنشدك الله، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنك تقاتل عليا، وأنت ظالم له؟» قال: نعم. ولم أذكر ذلك إلى الآن. فانصرف.
وروى ابن سعد بإسناد صحيح، عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل: أجئت تقاتل ابن عبد المطلب؟ قال: فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله. قال: فجاء ابن عباس إلى علي، فقال: إلى أين يدخل قاتل ابن صفية؟ قال: النار.
وكان قتله في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وله ست أو سبع وستون سنة، وكان الذي قتله رجل من بني تميم يقال له عمرو بن جرموز قتله غدرا بمكان يقال له وادي السباع: رواه خليفة بن خياط وغيره.
وروى يعقوب بن سفيان في «تاريخه» من طريق حصين، عن عمرو بن جاوان، قال: لما التقوا قام كعب بن سور ومعه المصحف ينشدهم الله والإسلام، فلم ينشب أن قتل، فلما التقى الفريقان كان طلحة أول قتيل، فانطلق الزبير على فرس له فبلغ الأحنف، فقال: حمل مع المسلمين حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف أراد أن يلحق ببنيه، فسمعها عمرو بن جرموز، فانطلق فأتاه من خلفه فطعنه وأعانه فضالة بن حابس ونفيع، فقتلوه.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 457

الزبير بن العوام أحد العشرة رضي الله عنهم
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصي بن كلاب وهو الأب الخامس، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هاجر الهجرتين وصلى إلى القبلتين وهو أول من سل سيفه في سبيل الله تعالى وهو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وله من الولد: عبد الله وهو أول مولود في الإسلام بعد الهجرة، والمنذر، وعروة، وعاصم، والمهاجر، وخديجة الكبرى، وأم الحسن، وعائشة، أمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وخالد، وعمرو، وحبيبة، وسودة، وهند أمهم أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص، ومصعب، وحمزة، ورملة أمهم أم الرباب بنت أنيف الكلبية، وعبيدة، وجعفر، وحفصة أمهم زينب بنت بشر من بني قيس بن ثعلبة، وزينب بنت الزبير أمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وخديجة الصغرى أمها أم الحلال بنت قيس من بني أسد بن خزيمة. فأولاد الزبير واحد وعشرون رجلا وامرأة.
وهو رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى. شهد بدرا والمشاهد كلها. وعمته خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم. روى له الجماعة كلهم.
وقتل يوم الجمل سنة ست وثلاثين وله سبع وستون سنة أو ست وستون. وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية كذا قال ابن عبد البر. وبعضهم قال: طويل
قال لابنه عبد الله وهو يرقصه:
#أزهر من آل أبي عتيق #مبارك من ولد الصديق #ألذه كما ألذ ريقي وقال لما انصرف عن الجمل في رواية ابن دريد عن الرياشي بإسناد له:

شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الجبل أنه شهيد. وقال له يوم الخندق: ارم فداك أبي وأمي. وكان أحد الفارسين يوم بدر وكان يوم الفتح معه راية النبي صلى الله عليه وسلم وركزها بالحجون. وكان على الرجال يوم أحد وقيل المقداد.
وثبت يوم أحد وبايع على الموت. وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث في غزوة الفتح. وولد هو وعلي وسعد وطلحة في عام واحد وأسلم الزبير وهو ابن اثنتي عشرة سنة أو ثمان أو ست عشرة سنة وكان عمه يعلقه في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول: ارجع إلى الكفر! فيقول: لا أكفر أبدا. وكان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة. ولم يهاجر أحد ومعه أمه إلا الزبير، وعن ابن الزبير أن الزبير كانت عليه ملاءة صفراء يوم بدر فاعتم بها فنزلت الملائكة معتمين بعمائم صفر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’لكل نبي حواري وحواريي من أمتي الزبير. قال ابن أبي الزناد: ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره فقطعه إلى القربوس فقالوا: ما أجود سيفك! فغضب يريد أن العمل لليد لا لسيفه. وبارزه ياسر اليهودي يوم خيبر فضربه على عاتقه ضربة هدر منها سحره.
وقال رجل لعلي: من أشجع الناس؟ قال: ذاك الذي يغضب غضب النمر ويثب وثوب الأسد، وأشار إلى الزبير.
وكان في صدره أمثال العيون من الطعن والرمي. وقال عمر بن الخطاب: لو تركت تركة أو عهدت عهدا لعهدت إلى الزبير، إنه ركن من أركان الدين. وقال: من عهد منكم إلى الزبير فإنه عمود من عمد الإسلام. وأوصى له سبعة من الصحابة منهم عثمان وعبد الرحمن وابن مسعود وأبو العاص بن الربيع. وكان ينفق على أبنائهم من ماله ويحفظ عليهم أموالهم. وكان له ألف غلام يؤدون إليه الخراج فلا يدخل إلى بيته شيئا من ذلك ويتصدق به كله. ولما قتل عمر محا نفسه من الديوان وكذلك ابنه محا نفسه لما قتل عثمان.
وخرج يطلب بدم عثمان مع عائشة ثم ندم على خروجه لما ذكره علي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه يقاتل عليا وهو ظالم له فحلف أن لا يقاتله.
وانصرف راجعا إلى المدينة فأدركه ابن جرموز التميمي مع جماعة بوادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة. فقتله نائما وأخذ رأسه وسيفه وأتى بهما عليا. فأخذ علي السيف وقال: سيف والله طالما جلى به عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرب.
ولما استأذن ابن جرموز على علي قال: ائذنوا له وبشروه بالنار. وقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قاتل الزبير في النار.
فيقال إن ابن جرموز وضع السيف في بطنه فخرج من ظهره. ولما قال علي للآذن على ابن جرموز بقتل الزبير: بشره بالنار، قال ابن جرموز:
وقال حسان يمدح الزبير:
وترك الزبير عليه من الدين ألفي ألف ومائتي ألف درهم. وكانت له أربع زوجات فورثت كل واحدة ألف ألف وماءتي ألف وذلك ربع الثمن وكان جميع ماله خمسين ألف ألف ومائتي ألف.
وكان يضرب في المغنم بأربعة أسهم سهم له وسهمين لفرسه وسهم لذي القربى أي لأمه.
وكان له بمصر والإسكندرية والكوفة والبصرة خطط ودور.
وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجا. ويقال إن الذي تركه دينا عليه لم يكن دينا وإنما كان ذلك مواعيد يعدها للناس فكتب مواعيده مثل ما كتب دينه.
وقال حكيم بن حزام: إن الزبير كان يباري الريح.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

ابن صفية هو الزبير رضي الله عنه.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0

الزبير بن العوام ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.
حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن عمته صفية بنت عد المطلب وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى وأول من سل سيفه في سبيل الله أبو عبد الله -رضي الله عنه- أسلم وهو حدث له ست عشرة سنة.
وروى الليث، عن أبي الأسود، عن عروة قال أسلم الزبير ابن ثمان سنين ونفحت نفحة من الشيطان أن رسول الله أخذ بأعلى مكة فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة بيده السيف فمن رآه عجب وقال: الغلام معه السيف حتى أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’ما لك يا زبير’’؟ فأخبره وقال أتيت أضرب بسيفي من أخذك.
وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض وكان خفيف اللحية والعارضين. روى أحاديث يسيرة.
حدث عنه بنوه: عبد الله ومصعب، وعروة، وجعفر، ومالك بن أوس بن الحدثان، والأحنف بن قيس وعبد الله بن عامر بن كريز ومسلم بن جندب وأبو حكيم مولاه وآخرون.
اتفقا له على حديثين وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث ومسلم بحديث.
أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة -إذنا- قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي وأنبأنا محمد بن عبد السلام، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد الطبيب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى حدثنا زهير قالا حدثنا عبد الرحمن حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر ولفظ أبي يعلى سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال قلت لأبي مالك لا تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يحدث عنه فلان وفلان قال ما فارقته منذ أسلمت ولكن سمعت منه كلمة سمعته يقول: ’’من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار’’ لم يقل أبو يعلى متعمدا.
أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف، أنبأنا عبد الحق اليوسفي، أنبأنا علي بن محمد، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ حدثنا عبد الباقي بن قانع حدثنا أحمد بن علي بن مسلم حدثنا أبو الوليد وحدثنا بشر حدثنا عمرو بن حكام قالا حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه قال قلت لأبي ما لك لا تحدث، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يحدث بن مسعود؟ قال أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكن سمعته يقول: ’’من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار’’.
رواه خالد بن عبد الله الطحان، عن بيان بن بشر، عن وبرة، عن عامر بن عبد الله نحوه أخرج طريق شعبة البخاري وأبو داود والنسائي والقزويني.
قال إسحاق بن يحيى: عن موسى بن طلحة قال كان علي والزبير وطلحة وسعد عذار عام واحد يعني ولدوا في سنة.
وقال المدائني كان طلحة والزبير وعلي أترابا.
وقال يتيم عروة هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عمه يعلقه ويدخن عليه وهو يقول لا أرجع إلى الكفر أبدا.
قال عروة: جاء الزبير بسيفه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ’’ما لك’’؟ قال أخبرت أنك أخذت قال: ’’فكنت صانعا ماذا’’؟ قال كنت أضرب به من أخذك فدعا له ولسيفه.
وروى: هشام، عن أبيه عروة أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة أشعر وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم فقيل لها قتلته أهلكته قالت:

قال: وكسر يد غلام ذات يوم فجيء بالغلام إلى صفية فقيل لها ذلك فقالت:
#أم مشمعلا صقرا قال ابن إسحاق وأسلم على ما بلغني على يد أبي بكر الزبير وعثمان وطلحة وعبد الرحمن وسعد.
وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال قاتل الزبير مع نبي الله وله سبع عشرة.
أسد بن موسى، حدثنا جامع أبو سلمة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن البهي قال كان يوم بدر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فارسان الزبير على فرس على الميمنة والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة.
وقال هشام بن عروة: عن أبيه قال كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزل جبريل على سيماء الزبير.
الزبير بن بكار، عن عقبة بن مكرم حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر قال كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزلت الملائكة كذلك.
وفيه يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير:
وهو ممن هاجر إلى الحبشة فيما نقله موسى بن عقبة وابن إسحاق ولم يطل الإقامة بها.
أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه قالت عائشة يابن أختي كان أبواك -يعني الزبير وأبا بكر- من {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم}.
لما انصرف المشركون من أحد وأصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه ما أصابهم خاف أن يرجعوا فقال: ’’من ينتدب لهؤلاء في آثارهم حتى يعلموا أن بنا قوة’’؟ فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين فخرجوا في آثار المشركين فسمعوا بهم فانصرفوا قال تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} لم يلقوا عدوا.
وقال البخاري ومسلم: جابر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق: ’’من يأتينا بخبر بني قريظة’’؟ فقال الزبير: أنا فذهب على فرس فجاء بخبرهم ثم قال الثانية فقال الزبير أنا فذهب ثم الثالثة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’لكل نبي حواري وحواري الزبير’’ رواه جماعة، عن ابن المنكدر عنه.
وروى جماعة، عن هشام، عن أبيه، عن ابن الزبير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير’’.
أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، عن جابر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي’’.
يونس بن بكير، عن هشام، عن أبيه، عن الزبير قال أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فقال: ’’لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي’’.
وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة، عن عاصم، عن زر قال: استأذن بن جرموز على علي وأنا عنده فقال علي: بشر قاتل بن صفية بالنار سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ’’لكل نبي حواري وحواري الزبير’’ تابعه شيبان وحماد بن سلمة.
وروى جرير الضبي، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: استأذن قاتل الزبير فذكره.
وروى يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’وحواري من الرجال الزبير ومن النساء عائشة’’.
ابن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه سمع رجلا يقول: يابن حواري رسول الله! فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير وإلا فلا.
رواه ثقتان عنه والحواري: الناصر، وقال مصعب الزبيري: الحواري: الخالص من كل شيء وقال الكلبي الحواري الخليل.
هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزبير، عن أبيه قال: جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه.
أخبرنا ابن أبي عصرون، أنبأنا أبو روح، أنبأنا تميم المقرئ، أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن ابن الزبير قال له: يا أبة! قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق قال يا بني رأيتني؟ قال نعم قال فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ ليجمع لأبيك أبويه يقول: ’’ارم فداك أبي وأمي’’.
أحمد في ’’مسنده’’: حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أطم حسان فكان عمر يرفعني وأرفعه فإذا رفعني عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة فيقاتلهم.
الرياشي حدثنا الأصمعي حدثنا بن أبي الزناد قال ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره فقطعه إلى القربوس فقالوا ما أجود سيفك! فغضب الزبير يريد أن العمل ليده لا للسيف.
أبو خيثمة: حدثنا محمد بن الحسن المديني حدثتني أم عروة بنت جعفر، عن أختها عائشة، عن أبيها، عن جدها الزبير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة فدخل الزبير مكة بلواءين.
وعن أسماء قالت: عندي للزبير ساعدان من ديباج، كان النبي صلى الله عليه وسلم، أعطاهما إياه، فقاتل فيهما. رواه أحمد في ’’مسند’’ من طريق ابن لهيعة.
علي بن حرب: حدثنا بن وهب، عن ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزبير يلمق حرير محشو بالقز يقاتل فيه.
وروى يحيى بن يحيى الغساني، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال قال الزبير ما تخلفت، عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون.
وعن الثوري قال: هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة وعلي والزبير.
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد أخبرني من رأى الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي.
معمر، عن هشام، عن عروة قال كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف إحداهن في عاتقه إن كنت لأدخل أصابعي فيها ضرب اثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك.
قال عروة قال عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير يا عروة! هل تعرف سيف الزبير؟ قلت نعم قال فما فيه؟ قلت فلة فلها يوم بدر فاستله فرآها فيه فقال:
بهن فلول من قراع الكتائب
ثم أغمده ورده علي فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف فأخذه بعضنا ولوددت أني كنت أخذته.
يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان على حراء فتحرك فقال: ’’اسكن حراء! فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد’’ وكان عليه أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير. الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا وذكر منهم عليا.
وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة ومر في ترجمة طلحة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’طلحة والزبير جاراي في الجنة’’.
أبو جعفر الرازي، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر: إنهم يقولون استخلف علينا فإن حدث بي حدث فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض ثم سماهم.
أحمد في مسنده حدثنا زكريا بن عدي حدثنا علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن مروان ولا إخاله متهما علينا قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف حتى تخلف، عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش فقال: استخلف قال: وقالوه؟ قال: نعم قال: من هو؟ فسكت قال: ثم دخل عليه رجل آخر فقال له مثل ذلك ورد عليه نحو ذلك. قال: فقال عثمان قالوا الزبير؟ قالوا: نعم قال: أما والذي نفسي بيده إن كان لأخيرهم ما علمت وأحبهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
رواه أبو مروان الغساني، عن هشام نحوه.
وقال هشام، عن أبيه قال عمر: لو عهدت أو تركت تركة كان أحبهم إلي الزبير إنه ركن من أركان الدين.
ابن عيينة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة منهم عثمان وابن مسعود وعبد الرحمن فكان ينفق على الورثة من ماله ويحفظ أموالهم.
ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه أن الزبير خرج غازيا نحو مصر فكتب إليه أمير مصر: إن الأرض قد وقع بها الطاعون فلا تدخلها فقال إنما خرجت للطعن والطاعون فدخلها فلقي طعنة في جبهته فأفرق.
عوف: عن أبي رجاء العطاردي قال شهدت الزبير يوما وأتاه رجل فقال: ما شأنكم أصحاب رسول الله؟ أراكم أخف الناس صلاة؟ قال: نبادر الوسواس.
الأوزاعي: حدثني نهيك بن مريم، حدثنا مغيث بن سمي قال: كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فلا يدخل بيته من خراجهم شيئا.
رواه: سعيد بن عبد العزيز نحوه وزاد بل يتصدق بها كلها.
وقال الزبير بن بكار: حدثني أبو غزية محمد بن موسى، حدثنا عبد الله بن مصعب، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: مر الزبير بمجلس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحسان ينشدهم من شعره وهم غير نشاط لما يسمعون منه فجلس معهم الزبير ثم قال: ما لي أراكم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة! فلقد كان يعرض به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيحسن استماعه ويجزل عليه ثوابه ولا يشتغل عنه فقال حسان يمدح الزبير:
قال جويرية بن أسماء: باع الزبير دارا له بست مائة ألف فقيل له يا أبا عبد الله غبنت! قال: كلا هي في سبيل الله.
الليث، عن هشام بن عروة أن الزبير لما قتل عمر محا نفسه من الديوان وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان محا نفسه من الديوان.
أحمد في ’’المسند’’: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف قلت للزبير ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه؟ قال إنا قرأنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان:
{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}، لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت.
مبارك بن فضالة، عن الحسن أن رجلا أتى الزبير وهو بالبصرة فقال: ألا أقتل عليا؟ قال: كيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به فأكون معك ثم أفتك به قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن’’ هذا في ’’المسند’’ وفي ’’الجعديات’’.
الدولابي في ’’الذرية الطاهرة’’ حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد سمعت شريكا، عن الأسود بن قيس، حدثني من رأى الزبير يقتفي آثار الخيل قعصا بالرمح فناداه علي يا أبا عبد الله! فأقبل عليه حتى التقت أعناق دوابهما فقال: أنشدك بالله أتذكر يوم كنت أناجيك فأتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’تناجيه! فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم’’؟ قال: فلم يعد أن سمع الحديث فضرب وجه دابته وذهب.
قال أبو شهاب الحناط وغيره، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل يابن صفية! هذه عائشة تملك الملك طلحة فأنت علام تقاتل قريبك عليا؟ زاد فيه غير أبي شهاب: فرجع الزبير فلقيه ابن جرموز فقتله.
قتيبة: حدثنا الليث، عن ابن أبي فروة أخي إسحاق قال: قال علي: حاربني خمسة: أطوع الناس في الناس: عائشة وأشجع الناس: الزبير وأمكر الناس: طلحة لم يدركه مكر قط وأعطى الناس: يعلى بن منية وأعبد الناس: محمد بن طلحة كان محمودا حتى استزله أبوه وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني.
قال عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي، عن جده، عن أبي جرو المازني قال شهدت عليا والزبير حين تواقفا فقال علي يا زبير! أنشدك الله أسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إنك تقاتلني وأنت لي ظالم؟ قال: نعم ولم أذكره إلا في موقفي هذا ثم انصرف.
رواه أبو يعلى في مسنده وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرا منها في كتاب ’’فتح المطال’’.
قال يزيد بن أبي زياد: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: انصرف الزبير يوم الجمل، عن علي فلقيه ابنه عبد الله فقال جبنا جبنا! قال قد علم الناس أني لست بجبان ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلفت أن لا أقاتله ثم قال:
وقيل إنه أنشد:
فلم ينشب أن قتله بن جرموز.
وروى حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن جاوان قال قتل طلحة وانهزموا فأتى الزبير سفوان فلقيه النعر المجاشعي فقال يا حواري رسول الله! أين تذهب؟ تعال فأنت في ذمتي فسار معه وجاء رجل إلى الأحنف فقال إن الزبير بسفوان فما تأمر إن كان جاء فحمل بين المسلمين حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف أراد أن يلحق ببنيه؟ قال فسمعها عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ورجل يقال له نفيع فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر وهم في طلبه فأتاه عمير من خلفه وطعنه طعنة ضعيفة فحمل عليه الزبير فلما استلحمه وظن أنه قاتله قال: يا فضالة! يا نفيع! قال فحملوا على الزبير حتى قتلوه.
عبيد الله بن موسى، حدثنا فضيل بن مرزوق، حدثني شقيق بن عقبة، عن قرة بن الحارث، عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير يوم الجمل وكانوا يسلمون عليه بالإمارة إلى أن قال: فطعنه بن جرموز ثانيا فأثبته فوقع ودفن بوادي السباع وجلس علي -رضي الله عنه- يبكي عليه هو وأصحابه.
قرة بن حبيب: حدثنا الفضل بن أبي الحكم، عن أبي نضرة قال جيء برأس الزبير إلى علي فقال علي تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار، حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قاتل الزبير في النار.
شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن: سمعت الشعبي يقول أدركت خمس مئة أو أكثر من الصحابة يقولون علي وعثمان وطلحة والزبير في الجنة.
قلت لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ومن البدريين ومن أهل بيعة الرضوان ومن السابقين الأولين الذين أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه ولأن الأربعة قتلوا ورزقوا الشهادة فنحن محبون لهم باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة.
أبو أسامة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى إلا عيناه وكان يكنى أبا ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات فأخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطيت فكان الجهد أن نزعتها -يعني الحربة- فلقد انثنى طرفها.
قال عروة: فسأله إياها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعطاه إياها فلما قبض أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه إياها فلما قبض أبو بكر سألها عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قبض وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل.
غريب، تفرد به: البخاري.
ابن المبارك: أنبأنا هشام، عن أبيه أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا للزبير إلا تشد فنشد معك؟ قال إني إن شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلا فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير قال وكان معه عبد الله بن الزبير وهو بن عشر سنين فحمله على فرس ووكل به رجلا.
قلت: هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله فإن عبد الله كان إذ ذاك بن عشر سنين.
أبو بكر بن عياش، حدثنا سليمان، عن الحسن قال لما ظفر علي بالجمل دخل الدار والناس معه فقال علي: إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة وأتباعه إلى النار فقال الأحنف من هو؟ قال الزبير.
في إسناده إرسال وفي لفظه نكارة فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار بل نفوض أمرهم إلى الله ونستغفر لهم بلى: الخوارج كلاب النار وشر قتلى تحت أديم السماء لأنهم مرقوا من الإسلام ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا ولا نحكم عليهم بخلود النار بل نقف.
ولبعضهم:
قال البخاري وغيره قتل في رجب سنة ست وثلاثين.
وادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة.
قال الواقدي وابن نمير: قتل وله أربع وستون سنة وقال غيرهما قيل وله بضع وخمسون سنة وهو أشبه.
قال القحذمي: كانت تحته أسماء بنت أبي بكر وعاتكة أخت سعيد بن زيد وأم خالد بنت خالد بن سعيد وأم مصعب الكلبية.
قال بن المديني: سمعت سفيان يقول جاء بن جرموز إلى مصعب بن الزبير - يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال: أقدني بالزبير فكتب في ذلك يشاور بن الزبير فجاءه الخبر أنا أقتل بن جرموز بالزبير؟ ولا بشسع نعله.
قلت: أكل المعثر يديه ندما على قتله واستغفر لا كقاتل طلحة وقاتل عثمان وقاتل علي.
الزبير: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن مسالم بن عبد الله بن عروة، عن أبيه أن عمير بن جرموز أتى حتى وضع يده في يد مصعب فسجنه وكتب إلى أخيه في أمره فكتب إليه أن بئس ما صنعت أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير؟ خل سبيله فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه أزج ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه فطرحه عليه فقتله وكان قد كره الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه.
قال ابن قتيبة: حدثنا محمد بن عتبة، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف درهم ومن العين خمسين ألف ألف درهم كذا هذه الرواية وقال ابن عيينة، عن هشام، عن أبيه قال اقتسم مال الزبير على أربعين ألف ألف.
أبو أسامة: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزبير قال لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما وإن من أكبر همي لديني أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا؟ يا بني! بع ما لنا فاقض ديني فأوصي بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء فثلث لولدك.
قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد وله يومئذ تسع بنات قال عبد الله فجعل يوصيني بدينه ويقول يا بني! إن عجزت، عن شيء منه فاستعن بمولاي قال فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت يا أبة! من مولاك؟ قال الله -عز وجل- قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه فيقضيه.
قال: وقتل الزبير، ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين بالغابة ودارا بالمدينة، ودارا بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. قال: وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال فيستودعه فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارة قط، ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أو مع أبي بكر وعمر وعثمان فحسبت دينه فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله فقال: يابن أخي! كم على أخي من الدين؟ فكتمه وقال: مائة ألف فقال حكيم: ما أرى أموالكم تتسع لهذه! فقال عبد الله أفرأيت إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم، عن شيء فاستعينوا بي وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف وقال من كان له على الزبير دين فليأتنا بالغابة فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربع مائة ألف فقال لابن الزبير: إن شئت تركتها لكم قال: لا قال: فاقطعوا لي قطعة قال: لك من ههنا إلى ههنا قال: فباعه بقضاء دينه قال: وبقي منها أربعة أسهم ونصف فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف وقال ابن ربيعة: قد أخذت سهما بمائة ألف فقال معاوية: كم بقي؟ قال: سهم ونصف قال: قد أخذت بمائة وخمسين ألفا قال: وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا قال: لا والله حتى أنادي بالموسم أربع سنين إلا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه فجعل كل سنة ينادي بالموسم فلما مضت أربع سنين قسم بينهم فكان للزبير أربع نسوة قال: فرفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.
للزبير في مسند بقي بن مخلد ثمانية وثلاثون حديثا، منها في الصحيحين حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث.
قال هشام: عن أبيه، قال: بلغ حصة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم.
وقالت ترثيه:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 31

الزبير بن العوام قال أبو نعيم: وقرينه الزبير بن العوام، الثابت القوام، صاحب السيف الصارم، والرأي الحازم، كان لمولاه مستكينا، وبه مستعينا، قاتل الأبطال، وباذل الأموال، وقد قيل: «إن التصوف الوفاء والثبات، والتسامح بالمال والجدات»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو يزيد القراطيسي، ثنا أسد بن موسى، ثنا عبد الله بن وهب، ثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود، قال: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثماني سنين، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة، كان عم الزبير يعلق الزبير في حصير، ويدخن عليه بالنار، وهو يقول: ارجع إلى الكفر، فيقول الزبير: «لا أكفر أبدا»
حدثنا أبو علي بن الصواف، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبي، وعمي أبو بكر، قالا: ثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: «أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة، ولم يتخلف عن غزوة، غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا حماد بن أسامة، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: ’’إن أول رجل سل سيفه الزبير بن العوام، سمع نفحة نفحها الشيطان: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج الزبير يشق الناس بسيفه، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فلقيه فقال: «ما لك يا زبير؟»، قال: أخبرت أنك أخذت، قال: فصلي عليه، ودعا له ولسيفه’’
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا يوسف بن يزيد القراطيسي، ثنا أسد بن موسى، ثنا سكين بن عبد العزيز، ثنا حفص بن خالد، حدثني شيخ، قدم علينا من الموصل قال: صحبت الزبير بن العوام في بعض أسفاره، فأصابته جنابة بأرض قفر، فقال: استرني، فسترته، فحانت مني إليه التفاتة فرأيته مجذعا بالسيوف، قلت: والله لقد رأيت بك آثارا ما رأيتها بأحد قط، قال: وقد رأيت ذلك؟ قلت: نعم، قال: «أما والله ما منها جراحة إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله» حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبو عامر العدوي، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، أخبرني من، رأى الزبير: وإن في صدره لأمثال العيون من الطعن والرمي’’
حدثنا القاضي عبد الله بن محمد بن عمر، ثنا نوح بن منصور، ثنا الزبير بن بكار، ثنا أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري، ثنا عبد الله بن مصعب بن ثابت، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير، عن جدتها، أسماء ابنة أبي بكر قالت: مر الزبير بن العوام بمجلس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحسان بن ثابت ينشدهم، فمدح حسان بن ثابت، الزبير فقال في مديحه للزبير:
[البحر الطويل]

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني من، سمع الوليد بن مسلم، يقول: سمعت سعيد بن عبد العزيز، يقول: «كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فكان يقسمه كل ليلة، ثم يقوم إلى منزله وليس معه منه شيء»
حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا السراج، ثنا الحسن بن الصباح، ثنا الحارث بن عطية، عن الأوزاعي، عن نهيك بن مريم، عن مغيث بن سمي، قال: «كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، ما يدخل بيته من خراجهم درهما»
حدثنا أبو أحمد الغطريفي، ثنا عبد الله بن شيرويه، ثنا إسحاق بن راهويه، قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم الجمل جعل الزبير يوصي بدينه ويقول : ’’يا بني إن عجزت عن شيء فاستعن عليه بمولاي، قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه فيقضيه، فقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها بالغابة ودورا، وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة، فحسبت ما عليه فوجدته ألفي ألف فقضيته، وكان ينادي عبد الله بن الزبير بالموسم أربع سنين: من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، فلما مضى أربع سنين قسمت بين الورثة الباقي، وكان له أربع نسوة فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف؟ ’’ فقال أبو أسامة: نعم
حدثنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن الوليد التستري، ثنا أحمد بن يحيى بن زهير، ثنا علي بن حرب، ثنا إسحاق بن إبراهيم الكوفي، قال: وحدثني أبو سهل، عن الحسن، وزائدة، وشريك، وجعفر الأحمر، عن يزيد يعني ابن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: انصرف الزبير يوم الجمل عن علي، فلقيه ابنه عبد الله فقال: جبنا جبنا، قال: يا بني قد علم الناس أني لست بجبان، ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلفت أن لا أقاتله، فقال: دونك غلامك فلانا فقد أعطيت به عشرين ألفا كفارة عن يمينك، قال: فولى الزبير وهو يقول: [البحر البسيط]
حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا سعيد بن عامر، ثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، قال: ’’لما نزلت: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} [الزمر: 31] قال الزبير: يا رسول الله أيردد علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال: «نعم»، قال: والله إني لأرى الأمر شديدا ’’ حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا الحسين بن جعفر، ثنا ضرار بن صرد، ثنا عبد العزيز الدراوردي، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} [الزمر: 31] قلت : يا رسول الله أيكرر علينا ما كان في الدنيا؟ فذكر نحوه

  • دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 1- ص: 89

  • السعادة -ط 1( 1974) , ج: 1- ص: 89

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي يكنى أبا عبد الله. أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى وكيع وغيره، عن هشام بن عروة، قال: أسلم الزبير وهو ابن خمس عشر سنة. وروى أبو أسامة عن هشام بن عروة، عن أبيه مثله سواء إلى آخره.
وذكر السراج، عن أبي حاتم الرازي، عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن طلحة التيمي، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، قال: كان علي، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، ولدوا في عام واحد، وروى قتيبة بن سعد، عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة، قال: أسلم الزبير وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
وروى عبد الله بن صالح، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام أسلما، وهما ابنا ثماني سنين. وروى أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة. وقول عروة أصح من قول أبي الأسود والله أعلم.
قال أبو عمر: لم يتخلف الزبير عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود حين آخى بين المهاجرين بمكة. فلما قدم المدينة، وآخى بين المهاجرين والأنصار آخى بين الزبير وبين سلمة بن سلامة بن وقش، وكان له من الولد فيما ذكر بعضهم عشرة: عبد الله، وعروة، ومصعب، والمنذر، وعمر، وعبيدة، وجعفر، وعامر، وعمير، وحمزة.
وكان الزبير أول من سل سيفا في سبيل الله عز وجل، رواه حماد ابن سلمة، عن علي بن يزيد، عن سعيد بن المسيب. قال سعيد: ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ بخير، والله لا يضيع دعاءه. وقال الزبير ابن بكار: قال حدثني أبو حمزة بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن أول رجل سل سيفه في سبيل الله الزبير، وذلك أنه نفحت نفحة من الشيطان أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مالك يا زبير؟ قال: أخبرت أنك أخذت، فصلى عليه، ودعا له، ولسيفه. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي. وأنه صلى الله عليه وسلم قال: لكل نبي حواري، وحوارييي الزبير. وسمع ابن عمر رجلا يقول: أنا ابن الحواري. فقال له: إن كنت ابن الزبير، وإلا فلا.
وقال محمد بن سلام: سألت يونس بن حبيب عن قوله صلى الله عليه وسلم: حوارييى الزبير. فقال: من خلصائه. وذكر علي بن المغيرة أبو الحسن الأثرم، عن الكلبي، عن أبيه محمد بن السائب، أنه كان يقول: الحواري الخليل، وذكر قول جرير:

وقال غيره: الحواري الناصر، وذكر قول الأعور الكلابي:
وقال غيره: الحواري الصاحب المستخلص. وقال معمر، عن قتادة: الحواريون كلهم من قريش، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة الجراح، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وطلحة، والزبير.
وقال روح بن القاسم، عن قتادة أنه ذكر يوما الحواريين فقيل له: وما الحواريون؟ قال: الذين تصلح لهم الخلافة.
شهد الزبير بدرا، وكانت عليه يومئذ عمامة صفراء كان معتجرا بها، فيقال: إنها نزلت الملائكة يوم بدر على سيماء الزبير.
وروى أبو إسحاق الفزاري، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة ابن الزبير قال: كانت على الزبير عمامة صفراء معتجرا بها يوم بدر، ونزلت الملائكة عليها عمائم صفر.
وشهد الحديبية والمشاهد كلها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يلج النار أحد شهد بدرا والحديبية. وقال عمر: في الستة أهل الشورى: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو راض عنهم. وهو أيضا من العشرة، الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة. وثبت عن الزبير أنه قال: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه مرتين: يوم أحد، ويوم قريظة، فقال: ارم فداك أبي وأمي.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد بن عبد السلام، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق السبيعي قال: سألت مجلسا فيه أكثر من عشرين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: الزبير، وعلي بن أبي طالب.
قال أبو عمر: كان الزبير تاجرا مجدودا في التجارة، وقيل له يوما: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟ فقال: إني لم أشتر عينا، ولم أرد ربحا، والله يبارك لمن يشاء.
وروى الأوزاعي، عن نهيك بن يريم، عن مغيث بن سمي، عن كعب، قال: كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل بيته منها درهما واحدا، يعني أنه يتصدق بذلك كله، وفضله حسان على جميعهم، كما فضل أبو هريرة على الصحابة أجمعين جعفر بن أبي طالب، فقال يمدحه:
ثم شهد الزبير الجمل، فقاتل فيه ساعة، فناداه علي وانفرد به، فذكر الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا، وأنت له ظالم. فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال فاتبعه ابن جرموز عبد الله، ويقال عمير، ويقال عمرو. وقيل عميرة بن جرموز السعدي، فقتله بموضع يعرف بوادي السباع، وجاء بسيفه إلى علي، فقال له علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكان الزبير قد انصرف عن القتال نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها، منصرفا إلى المدينة، فرآه ابن جرموز، فقال: أتى يؤرش بين الناس، ثم تركهم، والله لا أتركه، ثم اتبعه، فلما لحق بالزبير، ورأى الزبير أنه يريده أقبل عليه، فقال له ابن جرموز: أذكرك الله. فكف عنه الزبير حتى فعل ذلك مرارا، فقال الزبير: قاتله الله، يذكرنا الله وينساه، ثم غافصه ابن جرموز فقتله. وذلك يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وفي ذلك اليوم كانت وقعة الجمل، ولما أتى قاتل الزبير عليا برأسه يستأذن عليه فلم يأذن له، وقال للآذن: بشره بالنار، فقال:
وفي حديث عمرو بن جاوان، عن الأحنف قال: لما بلغ الزبير سفوان موضعا من البصرة، كمكان القادسية من الكوفة، لقيه البكر رجل من بني مجاشع، فقال: أين تذهب يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إلي فأنت في ذمتي لا يوصل إليك، فأقبل معه وأتى إنسان الأحنف بن قيس فقال: هذا الزبير قد لقي بسفوان. فقال الأحنف: ما شاء الله، كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم يلحق ببنيه وأهله، فسمعه عميرة بن جرموز، وفضالة بن حابس، ونفيع في غواة بني تميم، فركبوا في طلبه، فلقوه مع النفر، فأتاه عمير بن جرموز من خلف، وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له ذو الخمار، حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه يا نفيع! يا فضالة! فحملوا عليه حتى قتلوه، وهذا أصح مما تقدم والله أعلم.
وكانت سن الزبير يوم قتل- رحمه الله- سبعا وستين سنة. وقيل ستا وستين، وكان الزبير أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية رضي الله عنه.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 510

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وأمه
صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة عن الفرافصة الحنفي في حديث رواه أن الزبير بن العوام كان يكنى أبا عبد الله.
قالوا: وكان للزبير من الولد أحد عشر ذكرا وتسع نسوة: عبد الله وعروة والمنذر وعاصم والمهاجر درجا. وخديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة. وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق. وخالد وعمرو وحبيبة وسودة وهند. وأمهم أم خالد.
وهي أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. ومصعب وحمزة ورملة. وأمهم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن مصاد بن كعب بن عليم بن جناب من كلب. وعبيدة وجعفر. وأمهما زينب. وهي أم جعفر بنت مرثد بن عمرو بن عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. وزينب وأمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وخديجة الصغرى وأمها الحلال بنت قيس بن نوفل بن جابر بن شجنة بن أسامة بن مالك بن نصر بن قعين من بني أسد.
قال: وأخبرت عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال الزبير بن العوام إن طلحة بن عبيد الله التيمي يسمي بنيه بأسماء الأنبياء. وقد علم أن لا نبي بعد محمد. وإني أسمي بني بأسماء الشهداء لعلهم أن يستشهدوا. فسمى عبد الله بعبد الله بن جحش. والمنذر بالمنذر بن عمرو. وعروة بعروة بن مسعود. وحمزة بحمزة بن عبد المطلب. وجعفرا بجعفر بن أبي طالب. ومصعبا بمصعب بن عمير. وعبيدة بعبيدة بن الحارث. وخالدا بخالد بن سعيد. وعمرا بعمرو بن سعيد بن العاص. قتل يوم اليرموك.
قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه قال: قاتل الزبير بمكة. وهو غلام. رجلا فكسر يده وضربه ضربا شديدا. فمر بالرجل على صفية وهو يحمل فقالت: ما شأنه؟ قالوا: قاتل الزبير. فقالت:

#أم مشمعلا صقرا؟ قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة أن صفية كانت تضرب الزبير ضربا شديدا وهو يتيم. فقيل لها: قتلته.
خلعت فؤاده. أهلكت هذا الغلام. قالت: إنما أضربه كي يلب ويجر الجيش ذا الجلب.
قال وكسر يد غلام ذات يوم فجيء بالغلام إلى صفية. وقيل لها ذلك.
فقالت صفية:
#أم مشمعلا صقرا؟ قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني مصعب بن ثابت قال: حدثني أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل قال: وكان إسلام الزبير بعد أبي بكر. كان رابعا أو خامسا.
قال: وأخبرت عن حماد بن أسامة عن هشام بن عروة أن الزبير أسلم وهو ابن ست عشر سنة. ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قالوا: وهاجر الزبير إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: لما هاجر الزبير بن العوام من مكة إلى المدينة نزل على المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الزبير وبين ابن مسعود.
قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين آخى بين أصحابه آخى بين الزبير وطلحة.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: وأخبرنا محمد بن عمر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة قال: آخى رسول الله ص. بين الزبير بن العوام وكعب بن مالك.
قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن بشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين الزبير وبين كعب بن مالك.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: كان الزبير بن العوام يعلم بعصابة صفراء. وكان يحدث أن الملائكة نزلت يوم بدر على خيل بلق عليها عمائم صفر. فكان على الزبير يومئذ عصابة صفراء.
قال: أخبرنا وكيع عن هشام بن عروة عن رجل من ولد الزبير. قال مرة عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير وقال مرة عن حمزة بن عبد الله. قال: كان على الزبير يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها. وكانت على الملائكة يومئذ عمائم صفر.
[قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: أخبرنا همام عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت على الزبير ريطة صفراء معتجرا بها يوم بدر. فقال النبي.
ص: إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير].
قال: أخبرنا أبو أسامة قال: أخبرنا هشام بن عروة قال: لم يكن مع النبي.
ص. يوم بدر غير فرسين أحدهما عليه الزبير.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا سعيد بن زيد قال: أخبرنا علي بن زيد قال: أخبرنا سعيد بن المسيب قال: رخص للزبير بن العوام في لبس الحرير.
قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: سئل سعيد بن أبي عروبة عن لبس الحرير فأخبرنا عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للزبير في قميص حرير.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خط الدور بالمدينة جعل للزبير بقيعا واسعا.
قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر المديني قال: أخبرنا يحيى بن آدم قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير نخلا.
قال: أخبرنا أنس بن عياض وعبد الله بن نمير الهمداني قالا: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضا فيها نخل كانت من أموال بني النضير. وأن أبا بكر أقطع الزبير الجرف. قال أنس بن عياض في حديثه: أرضا مواتا. وقال لعبد الله بن نمير في حديثه. وأن عمر أقطع الزبير العقيق أجمع.
قالوا: وشهد الزبير بن العوام بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله ص. وثبت معه يوم أحد. وبايعه على الموت. وكانت مع الزبير إحدى رايات المهاجرين الثلاث في غزوة الفتح.
قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: أبواك والله من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح.
[قال: أخبرنا المعلى بن أسد قال: أخبرنا محمد بن حمران. حدثني أبو سعيد عبد الله بن بسر عن أبي كبشة الأنماري قال: لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة كان الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى. وكان المقداد بن الأسود على المجنبة اليمنى. فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وهدأ الناس جاءا بفرسيهما فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الغبار عن وجوههما بثوبه وقال: إني قد جعلت للفرس سهمين وللفارس سهما فمن نقصهما نقصه الله].
ذكر قول النبي. ص: إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير بن العوام:
[قال: أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: لكل أمة حواري وحواريي الزبير ابن عمتي].
[قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن أن النبي.
ص. قال: لكل نبي حواري وإن حواريي الزبير].
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة قال: وأخبرنا الفضل ابن دكين أبو نعيم وهشام أبو الوليد الطيالسي قالا: أخبرنا أبو الأحوص قال: وأخبرنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا سلام بن أبي مطيع قال: وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا زائدة بن قدامة كلهم عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش: هذا
[ابن جرموز يستأذن على علي. رضي الله عنه. فقال له الآذن: هذا ابن جرموز قاتل الزبير على الباب يستأذن. فقال علي. ع: ليدخل قاتل ابن صفية النار].
[سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير. قال سلام بن] أبي مطيع من بينهم عن عاصم عن زر قال: كنت عند علي ولم يقل في حديثه ليدخل قاتل ابن صفية النار. وقالوا جميعا في إسنادهم.
[قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله. ص: من يأتيني بخبر القوم يوم الأحزاب؟ فقال الزبير:
أنا. فقال: من يأتيني بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. فقال: من يأتيني بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. فقال النبي. ص: إن لكل نبي حواريا وإن حواريي الزبير].
[قال: أخبرنا يحيى بن عباد قال: أخبرنا فليح بن سليمان أبو يحيى قال: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: ندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس يوم الخندق من يأتيه بخبر بني قريظة. فانتدب الزبير. ثم ندبهم فانتدب الزبير. ثم ندبهم الثالثة فانتدب الزبير. فأخذ بيده وقال: إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير].
[قال: أخبرنا عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير. حدثني المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير].
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن نافع قال: سمع ابن عمر رجلا يقول أنا ابن حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير وإلا فلا.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: أخبرنا همام بن يحيى عن هشام بن عروة أن غلاما مر بابن عمر فسئل من هو فقال: ابن حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فقال ابن عمر: إن كنت من ولد الزبير وإلا فلا. قال فسئل: هل كان أحد يقال له حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير الزبير؟ قال: لا أعلمه.
[قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لأبي يوم الأحزاب: قد رأيتك يا أبة تحمل على فرس لك أشقر. قال: قد رأيتني أي بني؟ قلت: نعم. قال: فإن رسول الله حينئذ جمع لي أبويه يقول فداك أبي وأمي].
قال: أخبرنا عفان بن مسلم ووهب بن جرير بن حازم وهشام أبو الوليد الطيالسي قالوا: أخبرنا شعبة عن جامع بن شداد قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يحدث عن أبيه قال: قلت للزبير: ما لي لا أسمعك تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما [يحدث فلان وفلان؟؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكني سمعت رسول الله ص. يقول: من كذب علي فليتبوأ مقعدا من النار. قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير: والله ما قال متعمدا وأنتم تقولون متعمدا].
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة أن الزبير بعث إلى مصر فقيل له: إن بها الطاعون. فقال: إنما جئنا للطعن والطاعون.
قال فوضعوا السلاليم فصعدوا عليها.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن أبي حصين أن عثمان بن عفان أجاز الزبير بن العوام بستمائة ألف فنزل على أخواله بني كاهل فقال: أي المال أجود؟ قالوا: مال أصبهان. قال: أعطوني من مال أصبهان.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أفلح بن سعيد المدني قال: أخبرنا محمد بن كعب القرظي أن الزبير كان لا يغير. يعني. الشيب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام ابن عروة عن أبيه قال ربما أخذت بالشعر على منكبي الزبير وأنا غلام فأتعلق به على ظهره.
قال محمد بن عمر: وكان الزبير بن العوام رجلا ليس بالطويل ولا بالقصير.
إلى الخفة ما هو في اللحم. ولحيته خفيفة. أسمر اللون أشعر. رحمه الله.
ذكر وصية الزبير وقضاء دينه وجميع تركته:
قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام جعل دارا له حبيسا على كل مردودة من بناته.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام أوصى بثلثه.
قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما وإن من أكبر همي لديني. أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا؟ ثم قال: يا بني بع مالنا واقض ديني وأوص بالثلث فإن فضل من مالنا من بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك. قال هشام:
وكان بعض ولد عبد الله بن الزبير قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد. قال وله يومئذ تسع بنات. قال عبد الله بن الزبير: فجعل يوصيني بدينه ويقول يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت يا أبه من مولاك؟ قال: الله. قال: فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه. فيقضيه. قال وقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين فيها الغابة.
وإحدى عشرة دار بالمدينة. ودارين بالبصرة. ودارا بالكوفة. ودارا بمصر. قال وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال ليستودعه إياه فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف. إني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر وعثمان.
قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف. فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟ قال فكتمه وقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تتسع لهذه.
فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بن الزبير بألف ألف وستمائة ألف. ثم قام فقال: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة. قال فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف. فقال لعبد الله ابن الزبير: إن شئتم تركتها وإن شئتم فأخروها فيما تؤخرون. إن أخرتم شيئا. فقال عبد الله بن الزبير: لا. قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال له عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا.
قال فباعه منها بقضاء دينه فأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف. قال فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة. قال فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. قال فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: فكم بقي؟ قال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف. فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي في الموسم أربع سنين ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه. قال فجعل كل سنة ينادي بالموسم. فلما مضت أربع سنين قسم بينهم. قال وكان لزبير أربع نسوة. قال وربع الثمن فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف. قال فجميع ماله خمسة وثلاثون ألف ألف ومائتا ألف.
قال: أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: وحدثنا سفيان بن عيينة قال:
اقتسم ميراث الزبير على أربعين ألف ألف.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت قيمة ما ترك الزبير أحدا وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو حمزة عبد الواحد بن ميمون عن عروة قال: كان للزبير بمصر خطط وبالإسكندرية خطط وبالإسكندرية خطط وبالكوفة خطط وبالبصرة دور.
وكانت له غلات تقدم عليه من أعراض المدينة.
ذكر قتل الزبير ومن قتله وأين قبره. وكم عاش. رحمه الله تعالى:
[قال: أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب قال: أخبرنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أنه أتى الزبير فقال: أين صفية بنت عبد المطلب حيث تقاتل بسيفك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب؟ قال فرجع الزبير فلقيه ابن جرموز فقتله. فأتى ابن عباس عليا فقال: إلى أين قاتل ابن صفية؟ قال علي: إلى النار].
قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد. يعني الوالبي. قال: دعا الأحنف بني تميم فلم يجيبوه. ثم دعا بني سعد فلم يجيبوه. فاعتزل في رهط فمر الزبير على فرس له يقال له ذو النعال. فقال الأحنف: هذا الذي كان يفسد بين الناس. قال فاتبعه رجلان ممن كان معه فحمل عليه أحدهما فطعنه. وحمل عليه الآخر فقتله. وجاء برأسه إلى الباب فقال: ائذنوا لقاتل الزبير. فسمعه علي [فقال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. فألقاه وذهب].
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا فضيل بن مرزوق قال: حدثني سفيان بن عقبة عن قرة بن الحارث عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير بن العوام يوم الجمل وكانوا يسلمون عليه بالإمرة. فجاء فارس يسير فقال: السلام عليك أيها الأمير. ثم أخبره بشيء. ثم جاء آخر ففعل مثل ذلك. ثم جاء آخر ففعل مثل ذلك.
فلما التقى القوم ورأى الزبير ما رأى قال: وا جدع أنفياه. أو يا قطع ظهرياه. قال فضيل لا أدري أيهما قال. ثم أخذه أفكل. قال فجعل السلاح ينتقض. قال جون فقلت: ثكلتني أمي. أهذا الذي كنت أريد أن أموت معه؟ والذي نفسي بيده ما أرى هذا إلا من شيء قد سمعه أو رآه وهو فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما تشاغل الناس انصرف فقعد على دابته ثم ذهب وانصرف جون فجلس على دابته فلحق بالأحنف. قال فأتى الأحنف فارسان فنزلا وأكبا عليه يناجيانه. فرفع الأحنف رأسه فقال: يا عمرو. يعني ابن جرموز. يا فلان. فأتياه فأكبا عليه فناجاهما ساعة ثم انصرف. ثم جاء عمرو بن جرموز بعد ذلك إلى الأحنف فقال: أدركته في وادي السباع فقتلته. فكان قرة بن الحارث بن الجون يقول: والذي نفسي بيده إن كان صاحب الزبير إلا الأحنف.
قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي قال: أخبرنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير أنه ذكر الزبير في حديث رواه قال: فركب الزبير فأصابه أخو بني تميم بوادي السباع. قالوا خرج الزبير بن العوام يوم الجمل وهو يوم الخميس لعشر ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين بعد القتال على فرس له يقال له ذو الخمار منطلقا يريد الرجوع إلى المدينة. فلقيه رجل من بني تميم يقال له النعر بن زمام المجاشعي بسفوان فقال له: يا حواري رسول الله إلي إلي فأنت في ذمتي لا يصل إليك أحد من الناس. فأقبل معه وأقبل رجل من بني تميم آخر إلى الأحنف بن قيس فقال له فيما بينه وبينه: هذا الزبير في وادي السباع. فرفع الأحنف صوته وقال:
ما أصنع وما تأمروني إن كان الزبير لف بين غارين من المسلمين قتل أحدهما الآخر ثم هو يريد اللحاق بأهله. فسمعه عمير بن جرموز التميمي وفضالة بن حابس التميمي ونفيع أو نفيل بن حابس التميمي فركبوا أفراسهم في طلبه فلحقوه فحمل عليه عمير بن جرموز فطعنه طعنة خفيفة. فحمل عليه الزبير فلما ظن أن الزبير قاتله دعا: يا فضالة. يا نفيع. ثم قال: الله الله يا زبير! فكف عنه ثم سار فحمل عليه القوم جميعا
فقتلوه. رحمه الله. فطعنه عمير بن جرموز طعنة أثبتته فوقع. فاعتوروه وأخذوا سيفه وأخذ ابن جرموز رأسه فحمله حتى أتى [به وبسيفه عليا فأخذه علي وقال: سيف والله طال ما جلا به عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكرب ولكن الحين ومصارع السوء. ودفن الزبير. رحمه الله. بوادي السباع. وجلس علي يبكي عليه هو وأصحابه].
وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. وكانت تحت الزبير بن العوام. وكان أهل المدينة يقولون: من أراد الشهادة فليتزوج عاتكة بنت زيد. كانت عند عبد الله بن أبي بكر فقتل عنها. ثم كانت عند عمر بن الخطاب فقتل عنها. ثم كانت عند الزبير فقتل عنها. فقالت:
وقال جرير بن الخطفى:
قال: أخبرنا أحمد بن عمر قال: أخبرنا عبيد الله بن عروة بن الزبير عن أخيه عبد الله بن عروة عن عروة قال: قتل أبي يوم الجمل وقد زاد على الستين أربع سنين.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: سمعت مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير يقول: شهد الزبير بن العوام بدرا وهو ابن تسع وعشرين سنة. وقتل وهو ابن أربع وستين سنة.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثني جرير بن حازم قال: سمعت الحسن ذكر الزبير فقال: يا عجبا للزبير. أخذ بحقوي أعرابي من بني مجاشع.
أجرني أجرني. حتى قتل. والله ما كان له بقرن. أما والله لقد كنت في ذمة منيعة!.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان بن منصور عن إبراهيم قال: جاء ابن جرموز يستأذن على علي فاستجفاه فقال: أما أصحاب البلاء. [فقال علي: بفيك التراب. إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقهم:
{ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين} الحجر: 47.]
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: [قال علي إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقهم:
{ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين} ] الحجر: 47.
ومن حلفاء بني أسد بن عبد العزى بن قصي وهم حلفاء الزبير بن العوام

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 3- ص: 73

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب كنيته أبو عبد الله كان حواري المصطفى صلى الله عليه وسلم قتله عمرو بن جرموز يوم الجمل في شهر رجب سنة ست وثلاثين وذاك انه أوصى إلى ابنه عبد الله صبحة يوم الجمل وقال يا بني ما في بدني عضو إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ذلك إلى فرجى فقتل من آخر يومه وقبره بوادي السباع على أميال من البصرة مشهور يعرف

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 25

الزبير بن العوام، أبو عبد الله القرشي، الأسدي.
قتل في رجب، سنة ست وثلاثين، شهد بدرا.
قال أبو نعيم: عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابرٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل نبي حواري، وحواري الزبير.
وقال إبراهيم بن موسى: حدثنا عائذ بن حبيب، قال: حدثنا هشام بن عروة: ولدت صفية الزبير والسائب، وقتل السائب يوم اليمامة.
وقال أبو أسامة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال الزبير بن العوام: لقيت يوم بدرٍ عبيد بن سعيد بن العاص، وهو مدججٌ لا يرى إلا عيناه، وهو يكنى أبو ذات الكرش، فقال: أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة، فطعنته في عينه فمات.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 3- ص: 1

الزبير بن العوام الأسدي
حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية وابن أخي خديجة وأول من سل سيفا في سبيل الله عنه ابناه عبد الله وعروة ونافع بن جبير استشهد يوم الجمل في جمادى الأولى سنة 36 ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي
حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته كنيته أبو عبد الله وأمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة استشهد بسفران من ناحية البصرة سنة ست وثلاثين وقتله عمرو بن جرمون وكان له يوم مات أربع وستون سنة وقبره بوادي السباع في أرض بني تميم رحمه الله ورضوانه عليه
قال عمرو بن علي قتل بوادي السباع سنة ست وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة يكنى أبا عبد الله
روى عنه مالك بن أنس في الجهاد وابنه عبد الله في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 1

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته وابن أخي السيدة خديجة بنت خويلد وابن خال فاطمة الزهراء

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 17

(ع) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، أبو عبد الله المدني، حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر إبراهيم بن المنذر الحزامي في كتاب «طبقات الصحابة» - رضي الله عنهم أجمعين-: كان الزبير مخفف، خفيف العارضين واللحية، أخضع أشعر، ليس بالطويل ولا بالقصير، إلى الخفة ما هو في اللحم، أسمر اللون لا يغير شيبه، قتل، وله ستون وأربع سنين.
وفي كتاب «الصحابة» لأبي علي بن السكن: كان أزرق.
وفي كتاب «الصحابة» للحربي: أسلم وله ثمان سنين، وهاجر هو وعلي ولهما ثماني عشرة سنة، وكان عمه يعلقه في حصير ويدخل عليه ويقول له: ارجع إلى الكفر. فيقول الزبير: لا أكفر أبدا.
وفي كتاب «الزهد» لأحمد: لما وجه عمر بن الخطاب الزبير إلى مصر مددا لعمرو، قيل له: إنك تقدم أرض الطاعون، فقال الزبير: اللهم طعنا وطاعونا. فقدمها فطعن فيها فأفرق.
وفي «كتاب الكلبي»: وفيه يقول يحيى بن عروة:

فارس معروف الزبير، ومعروف اسم فرسه، وأبي الخسف خويلد بن أسد.
وفي كتاب «المرزباني»: قتل العوام في يوم الفجار.
وفي «كتاب العسكري»: قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «إن لكل نبي حواري وحواري الزبير». يوم أحد.
وذكر الجاحظ في كتاب «البرصان»: أن الزبير قال لبعض الناس- وقاوله في ابنه عبد الله-: إني والله ما ألد العوران والعرجان والبرصان والحولان.
وفي «كتاب ابن حبان»: قتل في رجب، وأوصى إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل، فقال: يا بني ما من عضو إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ذلك إلى فرجي. وأولاده: عبد الله، وعاصم، وعروة، والمنذر، ومصعب، وحمزة، وخالد، وعمرو، وعبيدة، وجعفر، ورملة، وخديجة.
وفي «كتاب العسكري»: كانت أمه صفية كنته: أبا الطاهر بكنية أخيها الزبير، فاكتنى هو بأبي عبد الله، فغلبت عليه.
أسلم بعد أبي بكر، فكان رابعا، أو خامسا في الإسلام.
وقال حماد بن سلمة: جاء رياح بن المغترف إلى صفية، فقال أين الزبير حتى أقاتله؟ قالت: أخذ أسفل بلوح، فذهب، فما نشب أن جيء به محمولا على باب، قد دق الزبير فخذه، فقالت لرياح:
قتل بسفوان، وهو أخو السائب، أمهما صفية شهد أحدا، وكان طلب منها
السائب حاجة فمنعته، فاختبأها وراء جدار، ثم سبها فقالت:
تعني الزبير رضي الله عنهم.
وفي «كتاب ابن قانع»: روى عنه أبو سلام.
وفي «كتاب البغوي» [ق 35 / ب]: أسلم وله ثمان سنين، وكذا قاله غيره.
وقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وأوصى بثلث ماله عند وفاته، ولم يدع دينارا ولا درهما، وله يوم مات ثنتان أو إحدى وستون سنة.
وفي «طبقات» ابن سعد: جمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه يوم الأحزاب.
ولما قتل عمر محي اسمه من الديوان.
ومن ولده: المهاجر، وعائشة، وحبيبة، وسودة، وهند، وزينب، وخديجة الصغرى.
وكانت صفية تضربه، وهو يتيم، فقيل لها في ذلك فقالت:
وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين طلحة، وقيل: بينه وبين كعب بن مالك، وشهد بدرا، وله تسع وعشرون سنة.
وفي «الاستيعاب»: (ولد) هو وعلي وطلحة وسعد ابن أبي وقاص في عام واحد وأسلم الزبير وله خمس عشرة سنة وقيل ابن اثنتي عشرة، وآخى بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقشي، وهو أول من سل سيفا في الله عز وجل.
قال الزبير: وفي ذلك يقول الأسدي:
وقال عمر بن الخطاب: سماه النبي الجواد، وقال عمر: هو عمود من عمد الإسلام.
قال الزبير: وله أخ يقال له: مالك، وبه كان العوام يكنى، لا بقية له، وعبد الرحمن، وعبد الله، والحرب، وصفوان، وبعكك، وتملك، وأصرم، وأسد الله، وبحير، لا بقية لأحد منهم، والأسود، ومرة، وبلاد أولاد العوام بن أسد.
وفي «معجم الطبراني الكبير»: قتل وهو ابن سبع وخمسين، وقيل: أربع وخمسين.
وفي صحيح الحافظ أيضا: لا أحسب أن ميمون بن مهران أدرك الزبير، قال: وروى عنه: ابن عباس، ومطرف، وجون ابن قتادة، وأبو سليط، ويعيش بن الوليد، وقيل يعيش عن مولى للزبير عنه وجعفر بن الزبير.
وفي «أوائل العسكري»: كان ابن جرموز يدعو لدنياه، فقيل له: هلا دعوت لآخرتك؟ قال: أيست من الجنة حين قتلت الزبير.
وقال معمر عن قتادة: الحواريون كلهم من قريش: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة، وعثمان بن مظعون، وابن عوف، وابن أبي وقاص، وطلحة، فقيل لقتادة: وما الحواريون؟ قال: الذين تصلح لهم الخلافة.
وكان تاجرا محدودا في التجارة، قيل له: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟.
قال: لأني لم أستر عيبا ولم أزد ربحا.
والذي قتله اسمه عبد الله، وقيل عمير، وقيل عميرة بن جرموز، وذلك يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى، وكانت سنه يومئذ سبعا وقيل ستا وستين وسمته عاتكة في شعرها عمرا بقولها: يا عمرو لو شبهته لوجته.
وفي «أنباء النحاة» لابن ظفر: لما حضر عبد المطلب زمزم قال خويلد بن أسد بن عبد العزى:
[ق 36 / أ].
فقال عبد المطلب: ما وجدت أحدا ورث العلم إلا قدم بخير خويلد بن أسد.
وفي كتاب «الصحابة» للطبري: كانت سنه يومئذ بضعا وخمسين.
روى عنه أبو البختري الطائي في «كتاب أبي داود» و «الشمائل» للترمذي.
وقحافة بن ربيعة في «كتاب الطبراني».

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 5- ص: 1

الزبير بن العوام بن خويلد
رضي الله عنه وخديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم عمته رضوان الله عليهما وأمه صفية بنت عبد المطلب وهو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل يوم الجمل وقد تنحى عن القتال فتبعه بن جرموز فقتله رحم الله الزبير

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي
أخبرنا الشيخ الصالح الثقة أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد رضي الله عنه قال: أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ المعروف بابن الحمامي قراءةً عليه قال: أنا القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قراءةً عليه في شهر جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا بشر بن موسى، نا معلى بن عباد بن يعلى، نا بحر بن كنيز، وعثمان بن مقسم، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبي سلام، عن الزبير بن العوام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ألا إن البغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» حدثنا إبراهيم بن عبد الله، نا عبد الله بن رجاء، نا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني يعيش بن الوليد بن هشام، أن مولًى لابن الزبير حدثه أن الزبير حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء» وذكر نحوه
حدثنا بشرٌ، نا عمرو بن حكام، وحدثنا أحمد بن علي بن مسلم، نا أبو الوليد قالا: نا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه قال: قلت لأبي مالك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث ابن مسعود، قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكم سمعته يقول: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشي الأسدي، أبو عبد الله:
هذا هو المشهور في كنيته، وذلك أنه كنى بابنه عبد الله بن الزبير، وكنى أيضا بأبى
الطاهر. قال ابن الأثير: كانت أمه تكنيه أبا الطاهر، بكنية أخيها الزبير بن عبد المطلب. انتهى.
وأمه صفية بنت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وحواريه، ومعنى الحوارى الخليل، وقيل الصاحب المستخلص، وقيل الحوارى الناصر، وقيل غير ذلك. وهو أحد العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، وأحد الستة أصحاب الشورى، الذين جعل عمر - رضي الله عنه - الخلافة في أحدهم، وهم على ما ذكر النووي: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة ابن عبيد الله التيمى، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهم.
قال ابن الأثير: وكان إسلامه بعد أبي بكر - رضي الله عنه - بيسير، قيل: كان رابعا أو خامسا في الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، وإلى المدينة. انتهى.
ذكر ذلك النووي، وقال: شهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر، وفتح مكة، وحصار الطائف، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد اليرموك، وفتح مصر. انتهى.
وذكر ذلك ابن الأثير، إلا أنه لم يذكر اليرموك، ولم يقل: والمشاهد كلها، وليس تركه لذلك لعدم وقوعه، وإنما هو لعدم حضوره بالبال وقت التأليف، وزاد: وحنينا، وهو صحيح.
وكان الزبير في فتح مكة، على المجنبة اليسرى، ومعه راية النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يدخل مكة من أعلاها.
واختلف في سنه حين أسلم، فقيل: ابن ثمان سنين، وقيل: ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل: ابن خمس عشرة سنة، وقيل: ابن ست عشرة سنة.
حكى هذه الأقوال ابن عبد البر، عن عروة بن الزبير، إلا القول الأول، فعن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، يتيم عروة. وقال بعد أن ذكر القول الأخير: وقول عروة أصح من قول أبي الأسود. ونقل غيره عن أبي الأسود، زيادة في خبر إسلامه؛ لأن المزي قال: وقال عبد الله بن وهب، عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود: أسلم الزبير وهو ابن ثمانى سنين، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة. وكان عم الزبير يعلق الزبير في حصير، ويدخن عليه بالنار، ويقول: ارجع. فيقول الزبير: لا أكفر أبدا. انتهى.
والزبير - رضي الله عنه - أول من سل سيفا في سبيل الله عزوجل، على ما روى
عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، فيما نقله عنهما ابن عبد البر؛ وذلك أنه نفحت نفحة من الشيطان، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلا مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالك يا زبير؟ » قال: أخبرت أنك أخذت، قال: فصلى عليه ودعا له ولسيفه. انتهى. وهذا الخبر نقله ابن عبد البر عن الزبير.
وقال ابن عبد البر: لم يتخلف الزبير عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وشهد الزبير بدرا، وكانت عليه يومئذ عمامة صفراء، وكان معتجرا بها، فيقال: إنها نزلت الملائكة يوم بدر على سيماء الزبير. وروى بمعنى ذلك، عن ابن إسحاق الفزارى، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة بن الزبير. قال ابن عبد البر: وثبت عن الزبير أنه قال: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه مرتين، يوم أحد، ويوم قريظة، فقال: ارم فداك أبي وأمي، انتهى.
وفى الترمذي، حديث جمع النبي صلى الله عليه وسلم أبويه للزبير يوم قريظة، وهو في الصحيحين أيضا، وفيهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل نبى حواريا، وحواريى الزبير، وذلك في يوم الأحزاب، بعد أن ندب أصحابه للإتيان بخبر القوم، فانتدب الزبير ثلاث مرات، وذلك من حديث جابر - رضي الله عنه .
وفى البخاري أيضا، عن عروة بن الزبير: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد فنشد معك، فحمل عليهم، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر، قال عروة: فكنت أدخل يدي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير .
وفى رواية البخاري: أن الزبير حمل عليهم حتى شق صفوفهم، وجاوزهم وما معه أحد .
وفى الترمذي عن هشام بن عروة بن الزبير قال: أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل، فقال: وما بقى عضو إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى فرجه. قال الترمذي: حديث حسن، قال النووي: وفيما قاله نظر؛ لأنه منقطع بين هشام والزبير.
وفى البخاري: أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قيل له: استخلف، قال: فلعلهم قالوا الزبير، قال: نعم، قال: أما والذي نفسى بيده إنه لخيرهم، ما علمت، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفى البخاري عن عبد الله بن الزبير: وما ولى - يعنى الزبير - إمارة ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا، إلا أن يكون غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم .
وروى ابن عبد البر بسنده إلى أبي إسحاق السبيعى، قال: سألت مجلسا فيه أكثر من عشرين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالوا: الزبير وعلي بن أبي طالب. قال ابن عبد البر: وفضله حسان على جميعهم، كما فضل أبو هريرة على الصحابة أجمعين، جعفر بن أبي طالب، فقال يمدحه، فذكر أبياتا منها [من الطويل]:

ومنها:
وقال فيه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: نعم ولى تركة المرء المسلم. ذكر هذا الخبر الزبير بن بكار؛ لأنه قال: وحدثني علي بن صالح عن جدي عبد الله بن مصعب قال: قال مطيع بن الأسود، حين أوصى إلى الزبير، فأبى أن يلى تركته، وقال: في قومك من ترضى. فقال: إنك دخلت على عمرو أنا عنده، فلما خرجت، قال: نعم ولى تركة المرء المسلم، فقبل الزبير وصيته. انتهى.
وقد أوصى إلى الزبير من الصحابة: عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أوصى إليه بصدقته، حتى يدرك ابنه عمرو بن عثمان، وأوصى إليه عبد الرحمن بن عوف، وأبو العاص بن الربيع بابنته أمامة، فزوجها من على، وأوصى إليه عبد الله بن مسعود، والمقداد بن عمرو. ذكر هذا الخبر الزبير عن عمه عن جده عن هشام بن عروة، وفيه أيضا، مطيع إلى الزبير تركناه للاستغناء عنه بما سبق.
وذكر هذين الخبرين ابن الأثير، وأفاد فيه مكرمة للزبير؛ لأنه قال: وقال هشام بن عروة: أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم عثمان، وعبد الرحمن ابن عوف والمقداد، وابن مسعود وغيرهم، وكان يحفظ على أولادهم مالهم وينفق عليهم من ماله. انتهى.
وكان الزبير - رضي الله عنه - كثير أفعال الخير والرزق؛ لأن ابن عبد البر، قال: وروى الأوزاعى عن نهيك بن يريم، عن مغيث بن سمى، عن كعب، قال: كان للزبير ألف مملوك، يؤدون إليه الخراج، فما يدخل بيته منها درهما واحدا، قال: يعنى أنه كان يتصدق بذلك كله.
قال ابن عبد البر: كان الزبير تاجرا مجدودا في التجارة، وقيل له يوما: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟ قال: لأني لم أشتر عيبا ولم أرد ربحا، والله يبارك لمن يشاء. انتهى.
وبارك الله تعالى في تركة الزبير، حتى قامت بدينه، وفضل منها فضل كثير لورثته
ولوصيته، وكان يظن أنها لا تفى بدينه. وخبر ذلك مشهور في صحيح البخاري؛ لأن فيه عن عبد الله بن الزبير، أن أباه دعاه يوم الجمل فقال: يا بنى، إنى لا أرانى إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همى لديني، أفترى ديننا يبقى مالنا شيئا؟ ثم قال: يا بنى، بع مالنا، واقض ديننا، وأوصى بالثلث، ثم قال: فقتل الزبير - رضي الله عنه - ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أربعين سهما بالغابة، وأحد عشر دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. وقال: وإنما كان دينه، أن الرجل كان يأتيه بالمال يستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، إنى أخشى عليه الضيعة.
قال عبد الله: فحسبت ما كان عليه من الدين، فكان ألفى ألف ومائتى ألف. وكان الزبير - رضي الله عنه - اشترى الغابة بسبعين ألفا ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، وقضى دين أبيه، وأقام أربع سنين ينادى في الموسم: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، ثم قسم بعد الأربع سنين، بقية تركة الزبير بين ورثته، ودفع الثلث. وكان للزبير - رضي الله عنه - أربع نسوة، فأصاب كل امرأة، ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.
هذا معنى ما في البخاري، وبعضه بلفظه، وذلك من قوله: وكان للزبير أربع نسوة إلى آخره.
وفى البخاري، عن هشام بن عروة بن الزبير قال: أقمنا سيف الزبير بيننا بثلاثة آلاف. انتهى.
وشهد الزبير - رضي الله عنه - يوم الجمل، ثم انفصل عن المعركة بعد قليل، إلى موضع يعرف بوادى السباع، قريبا من البصرة، فقتل به.
وذكر ابن عبد البر: أنه قتل يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. قال: وفي ذلك اليوم كانت وقعة الجمل. انتهى.
وذكر ابن عبد البر: في تاريخ وقعة الجمل، ما يخالف هذا، وهو أنها في عاشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين؛ لأنه قال في ترجمة طلحة بن عبيد الله التيمي: وكانت وقعة الجمل، لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين. انتهى.
وذكر غيره مثل ما ذكره في وقعة الجمل، في عاشر جمادى الأولى، وفي عاشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، والله أعلم بالصواب.
وذكر ابن عبد البر سبب رجوعه وصفة قتله، فنذكر ذلك على ما ذكره، قال: ثم شهد الزبير الجمل، فقاتل فيه ساعة، فناداه على - رضي الله عنهما - وانفرد به، وذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم، فذكر الزبير - رضي الله عنه - ذلك، فانصرف عن القتال، فاتبعه ابن جرموز عبد الله، ويقال عمير، ويقال عمرو، وقيل عميرة بن جرموز السعدي، فقتله بموضع يعرف بوادى السبع، وجاء بسيفه إلى على - رضي الله عنه - فقال على - رضي الله عنه: بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكان الزبير - رضي الله عنه - قد انصرف عن القتال نادما، مفارقا للجماعة التي خرج فيها منصرفا إلى المدينة، فرآه ابن جرموز، فقال: أتى يؤرش بين الناس، ثم تركهم، والله لا تركته، ثم اتبعه، فلما لحق بالزبير، ورأي الزبير أنه يريده أقبل عليه، فقال له ابن جرموز: أذكرك الله. فكف عنه الزبير، حتى فعل ذلك مرارا، فقال الزبير: قاتله الله، يذكرنا الله وينساه، ثم عافصه ابن جرموز فقتله.
وذكر ابن عبد البر من تاريخ قتله، ووقعة الجمل ما سبق، ثم قال: ولما أتى قاتل الزبير عليا برأسه، استأذن عليه، فلم يأذن له. وقال: بشره بالنار، فقال [من المتقارب]:
قال: وفي حديث عمرو بن جاذان، عن الأحنف، قال: لما بلغ الزبير سفوان - موضعا من البصرة - كمكان القادسية من الكوفة، لقيه النضر - رجل من بنى مجاشع - فقال: أين تذهب يا حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إلى، فأنت في ذمتى ولا يوصل إليك، فأقبل معه، وأتى إنسان الأحنف بن قيس، فقال: هذا الزبير، قد لقى بسفوان، فقال الأحنف: ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله، فسمعه عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع، في غواة من غواة بنى تميم، فركبوا في طلبه، فلقوه معه النفر، فأتاه عمير بن جرموز من خلفه، وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير، وهو على فرس له، يقال له ذو الخمار، حتى إذا كان ظن أنه قاتله، نادى صاحبيه: يا نفيع، يا فضالة، فحملوا عليه حتى قتلوه، وهذا أصح مما تقدم، والله أعلم.
وذكر ابن الأثير، القول الأخير في قتل الزبير مختصرا، وذكر أن الزبير لما انصرف، بعد أن ذكره على - رضي الله عنه - بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزل بوادى السباع وقام يصلى، فأتاه ابن جرموز فقتله، وجاء بسيفه إلى علي بن أبي طالب، وقال: إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر، في صفة قتله، والله أعلم.
وقال ابن الأثير: وكثير من الناس يقولون: إن ابن جرموز قتل نفسه، لما قال له علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار، وليس كذلك، وإنما هو عاش بعد ذلك، حتى ولى مصعب ابن الزبير البصرة، فاختفى ابن جرموز، فقال مصعب: ليخرج، فهو آمن، أيظن أنى أقيده بأبى عبد الله؟ يعنى أباه الزبير، ليسا سواء. فظهرت المعجزة بأنه من أهل النار؛ لأنه قتل الزبير - رضي الله عنه - وقد فارق المعركة، وهذه معجزة ظاهرة؛ انتهى.
وذكر الزبير بسنده خبرا يقضى أن ابن جرموز، أتى مصعب بن الزبير فسجنه، وكتب إلى أخيه عبد الله بن الزبير يخبره بذلك، فلامه على سجنه وأمره بإطلاقه، وقال: أظننت أنى قاتل أعرابيا من بنى تميم بالزبير؟ فخلى مصعب سبيله، حتى إذا كان ببعض السواد، لحق بقصر من قصوره عليه رحا، ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه، فطرحه فقتله، وكان قد كره الحياة، لما كان يهول عليه ويرى في منامه، وذلك دعاه إلى ما فعل، وهو حزين متألم، والله أعلم.
واختلف في سن الزبير - رضي الله عنه - حين قتل، فقيل: كان ابن سبع وستين سنة، وقيل ابن ست وستين، حكى هذين القولين: ابن عبد البر وابن الأثير والنووي، وزاد ثالثا، وهو: أنه كان ابن أربع وستين سنة، وما عرفت من ذكر ذلك قبله. وأما القولان الأولان، فذكرهما الزبير، ولكنه حكاهما على الشك؛ لأنه قال: قتل وهو ابن سبع وستين أوست وستين سنة. انتهى.
واختلف في صفة الزبير، فقال ابن عبد البر: كان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية. انتهى. وذكر ذلك ابن الأثير والنووي. وقال الزبير: إنه سمع عبد الله بن محمد ابن يحيى بن عروة يقول: كان الزبير بن العوام، أبيض طويلا نحيفا خفيف العارضين. انتهى. وقال الزبير أيضا، فيما رواه بسنده عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: كان الزبير ابن العوام طويلا، تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، ربما أخذت بشعر كتفيه، متوذف الخلقة. انتهى. والله أعلم بالصواب.
ووجدت في حاشية من أسد الغابة لابن الأثير، تتعلق بالزبير بن العوام بن خويلد الأسدي - رضي الله عنه - قال فيها: وعنه - يعنى عروة بن الزبير - قال: كان الزبير طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، وكذلك عدي بن حاتم، وقيس بن سعد بن عبادة، وعيينة بن حصن، وزيد الخيل، وأبو زبيد الشاعر، ومالك بن الحارث الأشتر، وعامر بن الطفيل، وقيس بن شر حبيل، كانوا إذا ركبوا، خطت أرجلهم الأرض. انتهى.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد أبو عبد الله القرشي الأسدي مديني
له صحبة روى عنه عبد الله بن الزبير سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 3- ص: 1