راجح بن قتادة راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن: شريف، ممن تولوا إمارة مكة. انتزعها من عمال مصر سنة 627 هـ واستعادوها منه. وتوالى ذلك مرارا حتى وليها ثماني مرات. وكان مواليا لبني رسول أصحاب اليمن، وساعده أحدهم (عمر بن علي) في امتلاكها أول مرة. وحفلت أيامه بالفتن بينه وبين ملوك مصر واليمن وبعض الأشراف. ووثب عليه ابنه (غانم) بجمع من العبيد فقيده وزعم أنه مجنون وحجر عليه. فسأله راجح أن يخلي سبيله وعاهده على أن لا يعارضه في مكة.
فأعطاه جملا، فخرج من مكة هاربا. واستقر غانم بها، وكاتب الخليفة المستعصم بذلك فأقره عليها (سنة 652 هـ وقيل: عاد راجح بعد ذلك وتوفي وهو في الإمارة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 10

راجح بن قتادة راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن سليمان بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب صاحب مكة. سوف يأتي ذكر أخيه الحسن وذكر أبيه قتادة في مكانيهما إن شاء الله تعالى.
لما طرد أخوه الحسن عن مكة تولى هو مكة بعد الملك المسعود ابن الكامل.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسني المكي:
أمير مكة، ولى إمرتها أوقاتا كثيرة كما سيأتي بيانه، وجرى له في ذلك أمور نشير إليها؛ لأنه لما مات أبوه، رام الإمرة بمكة، فلم تتهيا له لغلبة أخيه حسن بن قتادة على ذلك.
وذكر ابن الأثير، أنه لما ملك أخوه حسن مكة، كان مقيما في العرب بظاهر مكة، يفسد وينازع أخاه حسنا في ملك مكة. فلما سار حجاج العراق، كان الأمير عليهم، مملوك من مماليك الخليفة الناصر لدين الله اسمه آقباش، فقصده راجح بن قتادة، وبذل له وللخليفة مالا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك. ووصلوا إلى مكة، ونزلوا بالزاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلا لصاحبها حسن، وكان قد جمع جموعا كثيرة من العرب
وغيرهم، فخرج إليه من مكة وقاتله. وذكر ما سبق في ترجمة حسن بن قتادة، من قتل أصحابه لآقباش. وسبق ذلك أيضا في ترجمة آقباش.
وذكر ابن محفوظ: أن راجح بن قتادة باين أخاه حسن بن قتادة، لما ملك مكة بعد موت أبيه. فلما كان الموسم الذي مات فيه أبوه، تعرض راجح لقطع الطريق بين مكة وعرفة، فمسكه أمير الحاج، وكان أمير الحاج اسمه أبا آقباش، يعنى آقباش السابق ذكره، وكأنه تصحف عليه، وأقام معه الحوطة، فأرسل إليه صاحب مكة - يعنى حسن بن قتادة - يقول له: سلمه إلى وأسلم إليك مالا جزيلا، فاتفقا على ذلك. فقال راجح للأمير: أنا أدفع إليك أكثر مما يدفع، فأجابه إلى ذلك، وعزم على دخول مكة وتسليمها لراجح، فقتل الأمير آقباش على جبل الحبشي، وهرب راجح إلى جهة اليمن، ثم توجه راجح إلى الملك المسعود ملك اليمن. انتهى.
وذكر أيضا: أن الملك المسعود، لما ملك مكة، ولى راجحا حلى ونصف المخلاف. انتهى.
وولى راجح بن قتادة مكة غير مرة، في زمن الملك المنصور صاحب اليمن، مع عسكر الملك المنصور، وجرى بينهم وبين عسكر صاحب مصر الملك الكامل، وابنه الملك الصالح أيوب، في ذلك أمور، ذكرها جماعة من المؤرخين، منهم ابن البزورى؛ لأنه قال في ذيل المنتظم لابن الجوزي في أخبار سنة تسع وعشرين وسبعمائة: في ربيع الآخر، تغلب راجح بن قتادة العلوي الحسني على مكة، وأخرج عنها المتولى عليها من قبل الملك الكامل زعيم مصر. فبلغ ذلك مستنيبه، فنفذ له عسكرا نجدة له، فعرف ذلك راجح فخرج عنها.
وقال في أخبار سنة ثلاثين وستمائة: في محرم منها، جمع راجح بن قتادة جمعا عظيما، وقدم مكة شرفها الله تعالى، فدخلها واستولى عليها، وطرد عنها من كان بها من عسكر الملك الكامل زعيم مصر، وأمده الملك المنصور عمر بن علي بن رسول زعيم اليمن بعساكره، وأخرج عنها متوليها ألطغتكين، من قبل الكامل.
وفى هذه السنة، وصل عسكر مصر إلى مكة واستولى عليها، وأخرج عنها أميرها راجح بن قتادة، وعدلوا في أهلها وأحسنوا السيرة.
وفى أوائل صفر سنة ثلاث وثلاثين، وصل الحاج، وأخبروا بطيب حجهم، وأن الملك الكامل نفذ بعض زعمائه في ألف فارس إلى مكة، فأخرجوا عنها راجح بن قتادة واستولى عليها.
وذكر النويري في كتابه نهاية الأرب، بعض ما ذكره ابن البزورى من خبر راجح بن قتادة، وأفاد في ذلك ما لم يفده البزورى؛ لأنه ذكر أن في صفر سنة ثلاثين وستمائة، تسلم راجح بن قتادة مكة، وكان قصدها في سنة تسع وعشرين، وصحبته عسكر صاحب اليمن الملك المنصور، وكان الأمير فخر الدين ابن الشيخ بمكة، ففارقها.
وذكر أن في سنة اثنتين وثلاثين، توجه الأمير أسد الدين جفريل إلى مكة، وصحبته سبعمائة فارس، فتسلمها في شهر رمضان، وهرب منها راجح بن قتادة، ومن كان بها من عسكر اليمن. انتهى.
فاستفدنا من هذا، تعيين مقدار عسكر الكامل الذي أنفذه إلى مكة، في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وتعيين أميره، وتعيين استيلائهم على مكة، ووقت خروج راجح منها، وكل ذلك لا يفهم مما ذكره ابن البزورى. واستفدنا مما ذكره في أخبار سنة ثلاثين، أن استيلاء راجح بن قتادة على مكة فيها، كان في صفر من هذه السنة، وهو يخالف ما ذكره ابن البزورى في تاريخ استيلاء راجح على مكة في هذه السنة، وأن الأمير فخر الدين ابن الشيخ، كان بمكة في هذه السنة.
وذكر ابن محفوظ هذه الأخبار، وأفاد فيها ما لم يفده غيره؛ لأنه قال: سنة تسع وعشرين وستمائة، جهز الملك المنصور في أولها جيشا إلى مكة وراجح معه، فأخذها، وكان فيها أمير الملك الكامل، يسمى شجاع الدين الدغدكينى، فخرج هاربا إلى نخلة، وتوجه منها إلى ينبع، وكان الملك الكامل وجه إليه بجيش، ثم جاء إلى مكة في رمضان، فأخذها من نواب الملك المنصور، وقتل من أهل مكة ناسا كثيرا على الدرب، وكانت الكسرة على من بمكة.
وقال أيضا في سنة ثلاثين وستمائة: ثم جاء الشريف راجح بعسكر من اليمن، فأخرج من كان بمكة من المصريين بالإرجاف بلا قتال، وفي آخرها حج أمير من مصر، يقال له الزاهد، في سبعمائة فرس، فتسلم مكة وحج بالناس، وترك في مكة أميرا يقال له ابن المحلى، في خمسين فارسا، أقام بمكة سنة إحدى وثلاثين.
وذكر بعض العصريين في بعض تواليفه، شيئا من خبر ولاية الأمير راجح بن قتادة لمكة، في زمن الملك المنصور صاحب اليمن، وما جرى لراجح وعسكر المنصور، مع
عسكر الملك الكامل، وابنه الملك الصالح؛ لأنه ذكر أن الملك المنصور، لما تسلطن باليمن بعد الملك المسعود، بعث راجح بن قتادة، وابن عبدان، في جيش إلى مكة، فنزلوا الأبطح، وراسل راجح أهل مكة، وذكرهم إحسان المنصور إليهم، أيام نيابته بمكة عن المسعود، فمال رؤساؤهم إليه، وكانوا حالفوا طغتكين، متولى مكة من قبل الملك الكامل صاحب مصر، بعد أن أنفق عليهم، فلما عرف طغتكين ذلك، هرب إلى ينبع، فاستولى راجح وأصحابه على مكة المشرفة، وذلك في ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين وستمائة، ولما عرف بذلك صاحب مصر الملك الكامل، بعث إلى مكة عسكرا كثيفا، مقدمهم الأمير فخر الدين بن الشيخ، فتسلموا مكة، وقتل ابن عبدان وجماعة من أهل مكة، ثم إن راجحا جمع جمعا، وأمده صاحب اليمن بعساكر، وقصد مكة فتسلمها في صفر سنة ثلاثين، وخرج منها فخر الدين ابن الشيخ.
فلما كان في آخر هذه السنة، وصل من مصر أمير يقال له الزاهد، في سبعمائة فارس، فتسلم مكة وحج بالناس.
فلما كانت سنة إحدى وثلاثين، جهز الملك المنصور عسكرا جرارا وخزانة إلى راجح، فنهض الشريف راجح في العسكر المنصوري، وأخرجوا العسكر المصري، ثم إن راجحا هرب من مكة، لما قدمها المنصور حاجا في هذه السنة، ثم رجع إليها بعد توجهه إلى اليمن، وأرسل المنصور إلى راجح في سنة اثنتين وثلاثين، بخزانة كبيرة على يد بن النصيرى، وأمره باستخدام الجند، فلم يتمكن راجح من ذلك، لوصول العسكر المصري، الذي أنفذه الكامل مع الأمير جفريل المقدم ذكره، وتوجه راجح وابن عبدان إلى اليمن.
فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين، بعث المنصور عسكرا من اليمن، مقدمهم الأمير الشهاب بن عبدان، وبعث بخزانة إلى راجح، وأمره باستخدام العسكر، ففعل.
فلما صاروا قريبا من مكة، خرج إليهم العسكر المصري، والتقوا بمكان يقال له الخريقين، بين مكة والسرين، فانهزمت العرب أصحاب راجح، وأسر ابن عبدان، وبعث به إلى مصر مقيدا، ثم انهزم العسكر المصري من مكة، لما توجه راجح إلى مكة في صحبة المنصور، وذلك في سنة خمس وثلاثين، وأقام عسكر المنصور بمكة سنة ست
وثلاثين، ولا أدري هل كان راجح معهم أم لا، ثم خرج العسكر المنصوري في سنة سبع وثلاثين من مكة، لما وصل إليها الشريف شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا الحسيني أمير المدينة، في ألف فارس من مصر، فجهز المنصور راجحا وابن النصيرى في عسكر جرار.
فلما سمع به شيحة وأصحابه هربوا من مكة، ثم أخذها العسكر المصري في سنة ثمان وثلاثين.
فلما كانت سنة تسع وثلاثين، جهز المنصور جيشا كثيفا إلى مكة مع راجح، فبلغه أن صاحب مصر الصالح أيوب بن الكامل، أنجد العسكر المصري الذي بمكة بمائة وخمسين فارسا. فأقام راجح بالسرين، وعرف المنصور الخبر، فتوجه المنصور في جيش كثيف، فدخل مكة في رمضان في سنة تسع وثلاثين، بعد هرب المصريين، واستناب بمكة مملوكه فخر الدين الشلاح، ولا أدري هل استناب معه راجحا أم لا، والظاهر أنه لم يستنبه، ثم عاد راجح لإمرة مكة؛ لأن ابن محفوظ ذكر أنه تسلم مكة في آخر يوم ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وستمائة، لما انتزعها من جماز بن حسن بن قتادة بلا قتال.
وذكر أن راجحا أقام بمكة متوليا، حتى أخرجه منها ولده غانم بن راجح، في ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين.
وذكر شيخنا ابن خلدون: أن راجحا عاد إلى مكة في سنة خمس وثلاثين مع الملك المنصور، وخطب له بعد المستنصر الخليفة العباسي، واستمر إلى سنة سبع وأربعين، فتوجه إلى اليمن هاربا لما استولى عليها ابن أخيه أبو سعد بن علي بن قتادة، وسكن السرين، يعنى الموضع المعروف اليوم بالواديين، ثم قصد مكة في سنة ثلاث وخمسين، وانتزعها من جماز بن حسن. انتهى.
قلت: هذا فيه نظر من وجوه: منها: أن راجحا لم يستمر على مكة من سنة خمس وثلاثين، إلى سنة سبع وأربعين؛ لأنه وليها في هذه المدة جماعة، كما تقدم بيانه.
ومنها: أن راجحا لم ينتزع مكة من جماز في سنة ثلاث وخمسين، وإنما انتزعها قبل ذلك، كما تقدم بيانه في هذه الترجمة، وترجمة جماز.
وكانت وفاة راجح في سنة أربع وخمسين وستمائة، على ما ذكر الميورقي فيما وجدت بخطه، ولم أستفد ذلك إلا منه. وبلغني أنه كان مفرطا في الطول، بحيث تصل يده وهو قائم إلى ركبته.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1