وجيه الدولة ذو القرنيين بن حمدان بن ناصر الدولة التغلبي، أبو المطاع، وجيه الدولة: امير، شاعر، من أهل دمشق، ولي امرتها سنة 401 هـ ، وعزل غفرحل إلى مصر فولاه الظاهر العبيدي الاسكندرية واعمالها سنة 414 فاقام بها عاما وعاد الة دمشق فأستقر فيها اميرا إلى سنة 419 هـ. وتوفي بمصر.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 8
الأمير وجيه الدولة أبو المطاع ذو القرنين ابن ناصر الدولة أبي المظفر حمدان بن ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي الحمداني.
توفي بمصر في صفر سنة 428.
ذكرناه في باب الكنى في أبو المطاع لاحتمال كون ذو القرنين لقبه لا اسمه ثم وجدنا المترجمين كابن عساكر وابن خلكان وغيرهما ترجموه في حرف الذال فعلمنا أن أسمه ذو القرنين فأعدنا ذكره هنا وذكرنا ما لم يذكر هناك. هو حفيد ناصر الدولة المشهور صاحب الموصل أخي سيف الدولة صاحب حلب. عن الأمير المختار المعروف بالمسبحي أنه قال في تاريخ مصر: ورد من دمشق إلى مصر في خلافة الظاهر ابن الحاكم فولاه الإسكندرية وعملها وذلك في رجب سنة 414 فلبث بها سنة ثم عاد إلى دمشق وكان فاضلا شاعرا أديبا.
وقال ابن خلكان كان شاعرا ظريفا حسن السبك جميل المقاصد ولعبد العزيز بن نباتة الشاعر المشهور في أبيه مدائح جمة وكان أبو المطاع قد وصل إلى مصر في أيام الظاهر.
وقال ابن عساكر في تاريخه: ذو القرنين بن ناصر الدولة أبي محمد المحسن بن عبد الله بن حمدان أبو المطاع التغلبي المعروف بوجيه الدولة الشاعر. وكان أديبا فاضلا شاعرا سائسا مدبرا ولي أمرة دمشق سنة إحدى أو اثنتين وأربعمائة ثم وليها وجيه الدولة بن حمدان سنة 12 ثم وليها بعده أبو المطاع ثم عزل منها ثم وليها مرة ثالثة سنة 15 وبقي إلى سنة 19.
وفي تاريخ ابن عساكر أيضا ج 6 ص 66 في ترجمة سحتكين المكي المعروف بشهاب الدولة قال ولي أمرة دمشق في أيام الملقب بالظاهر بعد أبي المطاع بن حمدان في أمرته الثانية وكان ذلك سنة 413 فمات سنة 414 بعدما وليها سنتين وأربعة أشهر ويومين ثم ولي بعده أبو المطاع ولايته الثالثة اه.
وفي معجم الأدباء ذو القرنين بن ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله أبو المطاع بن حمدان التغلبي المعروف بوجيه الدولة كان أديبا فاضلا شاعرا ولي أمرة دمشق سنة 12 أ ثم عزل ثم وليها سنة 415 وبقي إلى سنة 419 اه ولا يخفى ما في كلامهم من الخلل (أولا) أن وجيه الدولة هو ابن ناصر الدولة الثاني واسمه حمدان لا ابن ناصر الدولة الحسن أخي سيف الدولة بل حفيده وقد جعله ابن عساكر وتبعه ياقوت ابنه وكأن الاشتباه حصل من تلقيب كل منهما بناصر الدولة (ثانيا) إن ما في تاريخ دمشق في أمر ولايته دمشق وقع فيه اختلال وتشويش من الطابع ولعله لاختلال النسخة المنقول عنها ويدل على ذلك كلام ياقوت وكلام ابن عساكر نفسه المتقدم المذكور في ج 2 عن تاريخ دمشق ويستفاد من مجموع ذلك أن الصواب أنه ولي أمرة دمشق سنة 401 أو 402 ثم عزل عنها ووليها غيره ثم وليها وجيه الدولة الولاية الثانية ثم عزل فوليها شهاب الدولة سنة 412 ثم مات في أثناء سنة 415 فوليها أبو المطاع الولاية الثالثة سنة 415 إلى سنة 419 ومن ذلك يظهر النظر في قول ياقوت أن أبا المطاع ولي دمشق سنة 412 بل المفهوم من كلام ابن عساكر أن الذي وليها تلك السنة هو سحتكين لا أبو المطاع ويظهر النظر أيضا في قول ابن عساكر أن سحتكين مات سنة 414 بل الصواب سنة 415. وفي شذرات الذهب في حوادث سنة 428 فيها في صفر توفي ذو القرنين أبو المطاع ابن الحسن بن عبد الله بن حمدان وجيه الدولة بن ناصر الدولة الموصلي الأديب الشاعر الأمير ولي أمرة دمشق سنة 401 وعزل بعد أشهر من جهة الحاكم ثم وليها لابنه الظاهر سنة 412 وعزل ثم وليها ثالثا سنة 15 فبقي إلى سنة 19 وله شعر فائق اه وليس هو ابن الحسن كما مر.
وفي مرآة الجنان في حوادث سنة 428 فيها توفي وجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي كان شاعرا ظريفا حسن السبك جميل المقاصد له أشعار كثيرة حسنة شهيرة وكان قد وصل إلى مصر في أيام الظاهر بن الحاكم العبيدي صاحبها فقلده ولاية الإسكندرية وأعمالها فأقام بها سنة ثم رجع إلى دمشق اه.
أشعاره
غير ما ذكرناه في الكنى قال ابن عساكر ومن كلامه (وكأنها تتمة البيتين المذكورين في الكنى):
لو كنت أملك صبرا أنت تملكه | عني لجازيت منك التيه بالصلف |
وبت تضمر وجدا بت أضمره | جازيتني كلفا عن شدة الكلف |
تعمد الرفق بي يا حب محتسبا | فليس يبعد ما تهواه من تلفي |
يا غنيا عن خلتي | أنا عنك إن فكرت أغنى |
إن التقاطع والعقو | ق هما أزالا الملك عنا |
وأظن أن لن يتركا | في الأرض مؤتلفين منا |
يفنى الذي وقع التنا | رع بيننا فيه ونفنى |
يا من أقام على الصدو | د لغير جرم كان منا |
أخطر بقلبك عند ذكـ | ـرك كيف نحن وكيف كنا |
لم يغن عني صاحب | إلا وعنه كنت أغنى |
وإذا أساء فلست أحـ | ـمل في الضمير عليه ضغنا |
بابي من هويته فافترقنا | وقضى الله بعد ذاك اجتماعا |
وافترقنا حولا فلما التقينا | كان تسليمه علي وداعا |
من كان يرضى بذل في ولايته | خوف الزوال فأني لست بالراضي |
قالوا فتركب أحيانا فقلت لهم | تحت الصليب ولا في موكب القاضي |
موعدي بالبين ظنا | إنني بالبين أشقى |
ما أرى بين مماتي | وفراقي لك فرقا |
لا تهددني ببين | لست منه أتوقى |
إنما يشقى ببين | منك من بعدك يبقى |
إني حننت حنين مكتئب | مترادف الأحزان والكرب |
متذكر في دار شقوته | دار النعيم ومنزل الطرب |
جمعت مآرب كل ذي أرب | فيها ونخبة كل منتخب |
فهواؤها تحيا النفوس به | وترابها كالمسك في الترب |
تجري بها الأمواه فوق حصى | كرضاب ثغر بارد شنب |
من كل عين كالمراة صفا | أو جدول كمهند القضب |
يشتق أخضر كالسماء له | زهر كمثل الأنجم الشهب |
هذا ومن شجر تعطفه | يحكي انعطاف الخرد العرب |
عشنا به زمنا بلذته | في غفلة من حادث النوب |
في فتية فطنوا لدهرهم | فتناولوا اللذات من كثب |
ما شئت من جود ومن كرم | فيهم ومن ظرف ومن أدب |
متواصلين على مناسبة | بالفضل تغنيهم عن النسب |
كم روحة بدمشق رحت بهم | والشمس قد كادت ولم تغب |
فكأنما صاغ الأصيل بها | لقصورها شرفا من الذهب |
دعاني من أطلال برقة ثهمد | ولا تذكر عيشا بصحراء أربد |
فمالي من وجد بنجد وأهلها | ولا بي من شوق إلى أم معبد |
محلة بؤس لا الحياة لذيذة | لديها ولا عيش الكريم بأرغد |
عدتني عنها من دمشق وأرضها | مرابع ليس العيش فيها بأنكد |
أناجي نسيم الغوطتين معطرا | بأنفاس زهر في الرياض مبدد |
يمر على أذكى من المسك نفحة | ويجري على ماء من الثلج أبرد |
أمن ازديارك في الدجى الرقباء | إذ حيث كنت من الظلام ضياء |
قلق المليحة وهي مسك هتكها | ومسيرها في الليل وهي ذكاء |
بابي من زارني مكتتما | حذرا من كل واش فزعا |
طارقا نم عليه نوره | كيف يخفي الليل بدرا طلعا |
رصد الخلوة حتى أمكنت | ورعى السامر حتى هجعا |
كابد الأهوال في زورته | ثم ما سلم حتى ودعا |
وتوقى الطيب ليلتنا | أنه واش إذا سطعا |
وحاولن كتمان الترحل في الدجى | فنم بهن المسك حين تضوعا |
وكالعبير بها واشيا | وجرس الحلي عليها رقيبا |
ثلاثة منعتها من زيارتنا | وقد دجا الليل خوف الكاشح الحنق |
ضوء الجبين ووسواس الحلي وما | يفوح من عرق كالعنبر العبق |
هب الجبين بفضل الكم تستره | والحلي تنزعه - الشأن في العرق |
أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا | ولحظ عينيه أمضى من مضاربه |
فما خلعت نجادي في العناق له | حتى لبت نجادا من ذوائبه |
فكان أنعمنا عينا بصاحبه | من كان في الحب أشقانا بصاحبه |
قالت لطيف خيال زارها ومضى | بالله صفه ولا تنقص ولا تزد |
فقال خلفته لو مات من ظمأ | وقلت قف عن ورود الماء لم يرد |
قالت صدقت الوفا في الحب عادته | يا برد ذاك الذي قالت على كبدي |
قال لطيف خيال زارني ومضى | صف لي هواه ولا تنقص ولا تزد |
فقال أبصرته لو مات من ظمأ | وقلت قف عن ورود الماء لم يرد |
قالت صدقت وفاء الحب عادته | يا برد ذاك الذي قالت على كبدي |
أرى الثياب من الكتان يلمحها | ضوء من البدر أحيانا فيبليها |
فكيف تنكر أن تبلى معاجرها | والبدر في كل حين طالع فيها |
لا تعجبوا من بلى غلالته | إذ زر كتانها على القمر |
كيف لا تبلى غلائله | وهو بدر وهي كتان |
لا تعجبوا من بلى غلالته | قد زر أزرارها على قمر |
كيف لا تبلى غلائله | وهو بدر وهي كتان |
لو أراد الأديب أن يهجو البد | ر رماه بالخطة الشنعاء |
قال يا بدر أنت تغدر بالسا | ري وتغري بزورة الحسناء |
كلف في شحوب وجهك يحكي | نكتا فوق وجنة برصاء |
ويريك السرار في آخر الشهـ | ـر شبيه القلامة الحجناء |
وإذا البدر نيل بالهجو فليخـ | ـش أولو العقل ألسن الشعراء |
رب عرض مبرء عن خفاء | دنست منه حادثات الهجاء |
نمش في بياض وجهك يحكي | كلفا فوق وجنة برصاء |
يعتريك المحاق في كل شهر | فترى كالقلامة الحجناء |
لا لأجل المديح بل خيفة الهجـ | ـو أخذنا جوائز الأمراء |
في زخرف القول تزيين لصاحبه | والحق قد يعتريه بعض تغيير |
تقول هذا مجاج النحل تمدحه | وان تعب قلت ذا قيء الزنانير |
مدح وذم وما جاوزت حدهما | سعر البيان يري الظلماء كالنور |
لا كانت الشمس فكم أصدأت | صفحة خد كالحسام الصقيل |
وكم وكم صدت بوادي الكرى | طيف خيال جاءني من خليل |
يا بصقة المشرق وقت الضحى | وسلحة المغرب وقت الأصيل |
أنت عجوز لم تبرحت لي | وقد بدا منك لعاب يسيل |
وأنت بالشيطان مقرونة | فكيف تهدينا سواء السبيل |
خذوا بدمي ذاك الغزال فإنه | رماني بسهمي مقلتيه على عمد |
ولا تقتلوه إنني أنا عبده | وفي مذهبي لا يقتل الحر بالعبد |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 434