أبو سليمان داود بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي المعروف بالمزرفن أو المجفجف
قتل سنة 320 في وقعة كانت بين مؤنس الخادم وبني حمدان عند دير سعيد غريب الموصل.
هو عم سيف الدولة ابن حمدان كان مع أخيه الحسين ابن حمدان لما ذهب إلى مصر لحرب الطولونية في خلافة المقتدر فأحس الأثر وقال ابن الأثير: كان من أشجع الناس وقال ابن خالويه وكان أبو سليمان مع أخيه أبي الهيجاء يوم العقبة ومر ذكرها في ترجمة أبي الهيجاء وكان يخترق الرماح وتشرع إليه فلا تعلقه فسمي يومئذ المزرفن ووجد في صدره أربع وعشرون طعنة وطعن عبد الله بن مزروع الضيابي طعنة في صدره كادت تقتله وسألت بعض من شهد الوقعة من شيوخ العرب عن موقف أبي الهيجاء وأبي سليمان فقال لأبي سليمان داود بن حمدان المزرفن أول النهار ولأبي الهيجاء آخره وكانت تحت أبي سليمان فرس برشاء صبرت على الطراد والجراح كصبره فطلبها المقتدر فقادها إليه فبلغني أنه كان يركبها ويكر على الخدم ويقول: أنا المزرفن وهكذا كانت حالة خلفاء الإسلام في آخر أمرهم بمثل هذه السخرية - فقال بعض الشعراء يهجو بعض الناس:
لو كنت في مائتي ألف جميعهم | مثل المزرفن داود بن حمدان |
وتحتك الريح تمضي حين تأمرها | وفي يمينك ماض غير خوان |
لكنت أول فرار إلى عدن | إذا تحرك سيف في خراسان |
وقال ابن الأثير إنه كان يلقب بالمجفجف ولم يقل بالمزرفن وأورد هذه الأبيات وجعل المجفجف بدل المزرفن في البيت الأول وابن أخيه أبو فراس سماه المزرفن فقال في رائيته الطويلة المشهورة التي يفتخر فيها بآبائه وعشيرته:
وعمي الذي سمته قيس مزرفنا | وقد شجرت فيه الرماح الشواجر |
ورد ابن مزروع ينوء بصدره | وفي صدره ما لا تنال تنال المسابر |
وقال ابن الأثير في حوادث سنة 293 فيها ولى المكتفي الموصل وأعمالها أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون فجرد معه جماعة لحرب الأكراد الهذبانية لما أفسدوا ومعه إخوته سليمان وداود وسعيد وفي حوادث سنة 309 فيها قلد دواد بن حمدان ديار ربيعة وفي حوادث سنة 320 فيها سار مؤنس المظفري إلى الموصل مغاضبا للمقتدر فلما سمع الوزير الحسين بن القاسم بمسيره كتب إلى سعيد وداود ابني حمدان وإلى ابن أخيهما ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان بمحاربة مؤنس وصده عن الموصل فاجتمع بنو حمدان على محاربته إلا داود بن حمدان فإنه امتنع من ذلك لإحسان مؤنس إليه إحسانا عظيما فلم يزل به إخوته حتى وافقهم على محاربته وذكروا له إساءة الحسين وأبي الهيجاء ابني حمدان إلى المقتدر مرة بعد مرة وإنهم يريدون غسل تلك السيئة فلما أجابهم قال لهم: والله إنكم لتحملونني على البغي وكفران الإحسان وما آمن أن يجيئني سهم عاثر فيقع في نحري فيقتلني فلما التقوا أتاه سهم كما وصف فقتله وكان مؤنس إذا قيل له: إن داود عازم على قتالك ينكره ويقول: كيف يقاتلني وقد أخذته طفلا وربيته في حجري وفي صلة عريب أن مؤنسا لم يجد في نفسه أوثق من بني حمدان فسار إلى الموصل في الماء يريد بني حمدان فلم يسمع لهم خبرا إلى أن وافاه بشرى النصراني كاتب أبي سليمان داود بن حمدان فأدى إليه رسالة صاحبه ورسالة الحسين بن حمدان وأبي العلاء وأبي السرايا بأنهم على شكره ومعرفة حقه ولكنهم لا يدرون الخلاص مما وقعوا فيه فإن أطاعوا سلطانهم كفروا نعمة مؤنس وإن أطاعوا مؤنسا نسبوا إلى الخلع وسألوه أن يعدل عن بلدهم لئلا يمتحنوا بحربه فقال له مؤنس: قل لهم قد كنت ظننت بكم غير هذا فإذا خالفتم الظن فليس إلى العدول عنكم سبيل وأرجو أن إحساني إليكم سيكون من أنصاري عليكم وخذلانكم لي غير صارف لفضل الله عني وكان الأمر كذلك فقتل داود وانهزم بنو حمدان وقال ابن الأثير في حوادث سنة 351 فيها استولى الروم على مدينة حلب دون قلعتها لأن الدمستق سار إليها جريدة في مائتي ألف رجل ولم يشعر به المسلمون ولم يعلم به سيف الدولة فلما علم به أعجله الأمر عن الجمع و الاحتشاد فخرج إليه بمن معه فلم يكن له بهم قوة لقلة من معه فقتل أكثرهم ولم يبق من أولاد داود بن حمدان أحد.
ما قيل فيه من الشعر
في معجم الأدباء في ترجمة جعفر بن محمد الموصلي قال ابن عبد الرحيم: نقلت من خط جعفر بن محمد الموصلي من قصيدة في أبي سليمان داود بن حمدان.
أعيجي بنا قبل أنبتات حبالك | جمالك إن الشوق شوق جمالك |
قفي وقفة تبلل عليك أوامها | جوانح لا تروي بغير نوالك |
فقد طلعت شمس الندى بأوارها | على مستظلات بفيء ظلالك |
منها:
بأبناء حمدان الذين كأنهم | مصابيح لاحت في ليال حوالك |
لهم نعم لا أستقل بشكرها | وإن كنت قد سيرته في المسالك |
وخلفت فيه من قريض بدائعا | ترى خلفا من كل باق وهالك |
(تنبيه) ذكر المجلسي في الجزء الثاني من المجلد 19 من البحار ص 68 - 70 خبر أبي العباس أحمد بن كشمرد الذي أسره القرامطة ثم تخلص منهم بسبب رؤيا رآها رئيسهم أبو طاهر سليمان بن الحسن الهجري حين استغاث ابن كشمرد الله تعالى وتشفع إليه بأمير المؤمنين وبالأئمة عليه وعليهم السلام ورواها عن أبي المفضل الشيباني عن أحمد ابن كشمرد ثم قال: قال أبو الفضل فذكرت هذا الحديث في مجلس أبي وائل داود بن حمدان بنصيبين سنة 322 إلى أن قال: فعجب أبو وائل من ذلك وقال: يا أبا المفضل أنت صادق في حديثك الخ والظاهر أنه وقع خلل في هذه العبارة وصوابها في مجلس أبي وائل بن داود بن حمدان فسقطت منها كلمة ابن واسم أبي وائل تغلب بن داود بن حمدان ومرت ترجمته في محلها أما داود بن حمدان فكنيته أبو سليمان لا أبو وائل وأبو سليمان قتل سنة 320 وأبو وائل كان حيا سنة 322 كما سمعت.