الفتال خليل بن محمد بن إبراهيم بن منصور الفتال الدمشقي: فاضل، له حاشية على الدر المختار سماها (دلائل الأسرار) و (شرح لامية ابن الوردي) وألف (رحلة إلى الديار الرومية) وله نظم. توفى في دمشق
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 322
خليل الفتال خليل بن محمد بن إبراهيم بن منصور الشهير بالفتال الدمشقي الحنفي الشيخ الفاضل الفقيه الأديب كان له يد في الفقه أصولا وفروعا وغيره حمولا طارحا للتكلف وجده الشيخ إبراهيم كان في عصره علامة فهامة محققا تحريرا أنتقع به جملة أجلاء وكأنت وفاته في دمشق سنة ثمان وتسعين وألف وهذا المترجم ولد بدمشق في سنة سبع عشرة ومائة وألف وقرأ واشتغل على جماعة في العلوم منهم الشيخ أحمد المنيني الدمشقي قرأ عليه الفقه وغيره والنحو والصرف ومنهم الشيخ صالح الجينيني الدمشقي قرأ عليه شرح التنوير للحصكفي والهداية بالفقه وغير ذلك والشيخ محمد الحبال قرأ عليه النحو والمعاني والبيان وغيره والشيخ محمود الكردي نزيل دمشق قرأ عليه الاصول وغيره والشيخ عبد الله البصروي الدمشقي قرأ عليه أيضا الاصول والطب وبعض آلات والشيخ حسن المصري نزيل دمشق قرأ عليه في بعض الآلات والشيخ السيد علي بن كوله الدمشقي والشيخ إسماعيل العجلوني والشيخ محمد قولقسز ولا مهم وقرأ عليهم في العلوم وصار يقرئ بالجامع الاموي وفي حجرته الكائنة في مدرسة الكلاسة التي هو متوليها واصل من جعلها حجرة وكأنت من مشاهد الجامع الاموي وكان المترجم ذهب إلى دار الخلافة بالروم وقطن بها مدة وعاد منها ثم رحل في تلك السنة للحج قاضيا بالركب الشامي ثم بعد مجيئه عاد إلى الروم مرة ثانية ومن ثمة رحل إلى مصر القاهرة ثم عاد إلى دمشق ورحل للروم ثالثا ثم عاد لدمشق واستقام بها وكان في هذه المدة صارت له رتبة الخارج المتعارفة بين الموالي وقضاء عكة على طريقة التأبيد واشتهر حاشية بالفقه على شرح التنوير للشيخ علاء الدين الحصكفي ونسبها إليه وهي حاشية جليلة مفيدة وأخبرت ان له شرحا على لامية ابن الوردي وألف رحلة حين سفره للروم وكان ينظم الشعر وآخرا صار صاحب الترجمة أحد كتاب أسئلة الفتوى عند سيدي الوالد وبعده عند عمي وقد ترجمه الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه هو من الزمرة الذين ألفتهم وبصدق الوفاء جاريتهم وعرفتهم حمدت في الأدب مساعيه وتوفرت فيه دواعيه فاعتنق منه غصنا يانع الثمر ورمق افقا نيرا طالع القمر وركب من كل أمر صعبا وسلك من كل تخيل شعبا حتى استوى عنده الأمران السعة والضنك ولم تحركه نغمة الناي مؤتلفة بألحان العود والجنك لا يفتر عن مخبرة يسيرها أو أشياء تؤدي إلى مقاصده يتدبرها ينقض ويبرم ويوصل ويصرم وله مطارحات لمحاضرات الراغب تنسيك وعبارات يحار منها الماهر النسيك وشعر يثلج الأوار وتختلف في أساليبه الأطوار فمما سمعت من فيه وكشف لي عن ظواهره وخوافيه قوله تاريخ عذار
طرز الحسن عارضا من عذار | في شقيق الوجنات بالاخضرار |
فانجلى للعيان روض جمال | متحل بحسن عقد الوقار |
لوحيد من فرع دوح المعالي | من تسامي حسنا على الأقمار |
أحمد الاسم والصفات ومن قد | حاز للفضل والعلى والفخار |
لم يزل يألف الكمالات حتى | عاد في افقها كبدر النهار |
لو حوى البدر منه بعض جمال | ما اعتراه الخسوف في الأسحار |
يا وحيدا أعيذ ذاتك دهرا | بالمثاني وأمنا في القرار |
وتهنى بخط عارض خد | وبعيد يضحى من الذنب عاري |
قام فيه الهنا ينادي فأرخ | أحمد زاد حسنه بعذار |
أسر القلب أهيف بدلاله | وسبا القلب قده باعتداله |
رشأ يفضح البدور جمالا | والهوى طوع لفظه ومقاله |
غنج اللحظ أهيف ذو محيا | هو للصب منتهى آماله |
حين لاقيته تعشقت منه | حسن لحظ يرمي الحشا بنباله |
فتمنيت منه وصلا لأطفي | جمر نار الجوى بماء زلاله |
قال وصلى من المحال لأني | قمر في الجمال عند اكتماله |
لكن املأ كؤس عينيك مني | فهي تطفي اللهيب عند اشتعاله |
اغصن النقا رفقا بمن شفه النوى | مروع فؤاد في الدجى ساهر الجفن |
أهل لا وصالا برهة يشتفي به | لواعج أشواق أرى لوعة تضني |
وحق الهوى لولاك ما ذاقت الحشا | تباريح أشجان ووجد لها يفنى |
فقال وجفني فاض منهل غربه | بموقف اذلالي لديه من المزن |
أنا البدر بل لم يحص بعض محاسني | ومن يرتجي بدر السماء له يدني |
فوصلي محال فاطف نيران مهجة | باملاء كأسي جفنك الآن من حسني |
يا مودعا قلب المتيم حرقة | بفتور جفن للبرية فاتن |
هل منك وصل مطفئ نار الحشا | ولهيب وجد في الأضالع ساكن |
فأجابني ولجفني يذري دمعه | وصلى محال للشجي الواهن |
فاملأ كؤس العين مني نظرة | يطفي بها حر الغرام الكامن |
علق القلب غادة أسرته | بجفون تقرب الآجالا |
من مهاة الصريم تفترس الاسـ | ـد وتزري غصن الرياض اعتدالا |
أودعت مهجتي لهيب غرام | حينما شمت قدها الميالا |
سمت منها الوصال كي تبرد القا | ب فقالت أردت مني محالا |
لكن املأ بنظرة من جمالي | كأس عينيك تطفئ الاشتعالا |
أفديه ظبيا باللواحظ فاتكا | لما طلبت الوصل منه أجابني |
وصلى محال لكن املأ يا فتى | كأسي جفونك من بديع محاسني |
ان ساعدتك الأماني واستفدت غنى | فكن حديثا إذا طال المدا حسنا |
ولا تباهي بملك من مشيد بنا | الملك لله من يظفر بذيل منى |
ان كنت ذا رتبة في الأفق نازلة | أو ثروة لاجتنا العلياء سامية |
فلا تقل لي شيء ضمن منزلة | لو كان لي أو لغيري قدر انملة |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 2- ص: 99