صلاح الدين الصفدي خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، صلاح الدين: أديب، مؤرخ، كثير التصانيف الممتعة. ولد في صفد (بفلسطين) وإليها نسبته. وتعلم في دمشق فعانى صناعة الرسم فمهر بها، ثم ولع بالأدب وتراجم الأعيان. وتولى ديوان الإنشاء في صفد ومصر وحلب، ثم وكالة بيت المال في دمشق، فتوفى فيها. له زهاء مئتي مصنف، منها (الوافي بالوفيات - خ) كبير جدا في التراجم، طبع منه ثلاثة أجزاء، و (الشعور بالعور - خ) في تراجم العور وأخبارهم، و (نكت الهميان - ط) ترجم به فضلاء العميان، و (ألحان السواجع - خ) رسائله لبعض معاصريه، و (التذكرة - خ) مجموع شعر وأدب وتراجم وأخبار، كبير جدا، و (الغيث المسجم في شرح لامية العجم - ط) مجلدان، و (جنان الجناس - ط) في ألدب، و (نصرةالثائر - خ) في نقد المثل السائر، و (تشنيف السمع في أنسكاب الدمع - ط) و (دمعة الباكي - ط) و (أعيان العصر - خ) في التراجم كبير، و (منشآته - خ) جزء، و (ديوان الفصحاء - خ) مجموع في الأدب، و (تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون - ط) وهي غير الرسالة التهكمية التي شرحها ابن نباتة، و (جلوة المذاكرة - خ) في الأدب، و (المجاراة والمجازاة - خ) و (فض الختم في التورية والأستخدام - خ) و (تحفة ذوي الألباب فيمن حكم دمشق من الخلفاء والملوك والنواب - ط) ورسائل، منها: (الروض الناسم - خ) و (الحسن الصريح في مئة مليح - خ) و (قهر الوجوه العابسة بذكر نسب الجراكسة - ط) و (الوصف والتشبيه - خ) و (وصف الهلال - ط) و (وصف الحريق - خ) وغير ذلك. وله شعر فيه رقة وصنعة

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 315

خليل بن أيبك بن عبد الله الأديب صلاح الدين الصفدي أبو الصفاء خليل بن أيبك بن عبد الله الأديب صلاح الدين الصفدي أبو الصفاء ولد سنة ست أو سبع وتسعين وستمائة تقريبا وتعانى صناعة الرسم فمهر فيها ثم حبب إليه الأدب فولع به وكتب الخط الجيد وذكر عن نفسه أن أباه لم يمكنه من الإشتغال حتى استوفى عشرين سنة فطلب بنفسه وقال الشعر الحسن ثم أكثر جدا من النظم والنثر والترسل والتواقيع وأخذ عن الشهاب محمود وابن سيد الناس وابن نباتة وأبي حيان ونحوهم وسمع بمصر من يونس الدبوسي ومن معه وبدمشق من المزي وجماعة وطاف مع الطلبة وكتب الطباق ثم أخذ في التأليف فجمع تاريخه الكبير الذي سماه الوافي بالوفيات في نحو ثلاثين مجلدة على حروف المعجم وأفرد منه أهل عصره في كتاب سماه أعوان النصر في أعيان العصر في ست مجلدات وله شرح لامية العجم كثير الفوائد والحان السواجع بين المبادي والمراجع مجلدان ومن تصانيفه اللطاف التنبيه على التشبيه وجر الذيل في وصف الخيل وتوشيح الترشيح وكشف الحال في وصف الخال وجنان الجناس وغير ذلك وأول ما ولي كتابة الدرج بصفد ثم بالقاهرة وباشر كتابة السر بحلب وقتا وبالرحبة وقتا والتوقيع بدمشق ووكالة بيت المال وكان محببا إلى الناس حسن المعاشرة جميل المودة وكان في الآخر قد ثقل سمعه وكان قد تصدى للإفادة بالجامع وقد سمع منه من أشياخه الذهبي وابن كثير والحسيني وغيرهم قال الذهبي في حقه الأديب البارع الكاتب شارك في الفنون وتقدم في الإنشاء وجمع وصنف وقال أيضا سمع مني وسمعت منه وله تواليف وكتب وبلاغة وقال في المعجم المختص الإمام العالم الأديب البليغ الكامل طلب العلم وشارك في الفضائل وساد في الرسائل وقرأ الحديث وجمع وصنف وله تواليف وكتب وبلاغة وقد ترجم له السبكي في الطبقات ومات سنة 764 وقال الحسيني كان إليه المنتهى في مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وقال ابن كثير كتب ما يقارب مئين من المجلدات وقال ابن سعد كان من بقايا الرؤساء الأخيار ووجد بخطه كتبت بيدي ما يقارب خمسمائة مجلدة قال ولعل الذي كتبه في ديوان الإنشاء ضعف ذلك وقال ابن رافع قرأ بنفسه شيئا من الحديث وكتب بعض الطباق وقرأ الأدب على شيخنا الشهاب محمود ولازمه مدة ومن تصانيفه فض الختام عن التورية والاستخدام وجلوة المذاكرة في خلوة المحاضرة والروض الباسم وشرح لامية العجم وغير ذلك وكتب عنه الذهبي من شعره وذكره في معجمه وأنشد عنه ابن رافع عدة مقاطيع من نظمه منها

ومات بدمشق في ليلة عاشر شوال سنة 764

  • مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 1- ص: 0

خليل بن أيبك الشيخ صلاح الدين الصفدي الإمام الأديب الناظم الناثر أديب العصر
ولد سنة ست وتسعين وستمائة
وقرأ يسيرا من الفقه والأصلين وبرع في الأدب نظما ونثرا وكتابة وجمعا وعني بالحديث
سمع بالآخرة من جماع وقرأ على الشيخ الإمام رحمه الله جميع كتاب شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه أفضل صلى الله عليه وسلم ولازم الحافظ فتح الدين بن سيد الناس وبه تمهر في الأدب
وصنف الكثير في التاريخ والأدب قال لي إنه كتب أزيد من ستمائة مجلد تصنيفا وكانت بيني وبينه صداقة منذ كنت صغيرا فإنه كان يتردد إلى والدي فصحبته ولم يزل مصاحبا لي إلى أن قضى نحبه وكنت قد ساعتده آخر عمره فولي كتابة الدست بدمشق
ثم ساعدته فولي كتابة السر بحلب ثم ساعدته فحضر إلى دمشق على وكالة بيت المال وكتابة الدست واستمر بهما إلى أن مات بالطاعون ليلة عاشر شوال سنة أربع وستين وسبعمائة
وكانت له همة عالية في التحصيل فما صنف كتابا إلا وسألني فيه عما يحتاج إليه من فقه وحديث وأصول ونحو لا سيما أعيان العصر فأنا أشرت عليه بعمله ثم استعان بي في أكثره ولما أخرجت مختصري في الأصلين المسمى جمع الجوامع كتبه بخطه وصار يحضر الحلقة وهو يقرأ علي ويلذ له التقرير وسمعه كله علي وربما شارك في فهم بعضه رحمه الله تعالى
نبذ مما دار بيني وبين هذا الرجل
كنت أصحبه منذ كنت دون سن البلوغ وكان يكاتبني وأكاتبه وبه رغبت في الأدب فربما وقع لي شعر ركيك من نظم الصبيان فكتبه هو عني إذ ذاك وأنا ذاكر بعض ما بيننا مما كان في صغري ثم لما كان بعد ذلك كتب إلي مرة وقد سافر إلى مصر ولم يودعني

في أبيات أخر فكتبت الجواب
في أبيات أخر أنسيتها
كتب إلي مرة وقد ولد له ولد يدعوني إلى حضور عقيقته
فكتبت إليه
أعارني مرة من تذكرته مجلدا وكان يصنف كتابا في الوصف والتشبيه وينظر عليه التذكرة ويكتب على كل مجلد إذا نجز نجز التشبيه منه فلما وجدت ذلك عليه بخطه قلت هذا نصف بيت فكتبت إلى جانبه
ولا يحضرني الآن ما كتبه هو جوابا عن هذا
كتب هو إلي مرة يسألني عن تثنية لفظ عين وعين في بيت الحريري فانثنى بلا عينين فأجبته بجواب يطول قد حكاه هو في كتابه المسمى صرف العين وقلت في آخره
وكتبت إليه من القاهرة في سنة ثلاث وستين وسبعمائة
يقبل الأرض لا يبعد الله دارها ولا يجاوز إلا بالجوزاء مقدارها ولا يسمعها من أنباء من أعلن لها أو سارها إلا سارها تقبيلا يقوم بسنة الفرض ويعرب عن مبني ود
مديد كامل الطول والعرض ويفصح عن خضوع لفضه فإذا أنشد منشده بين يديه بلغنا السماء تلا هو {فلن أبرح الأرض} وأنشد
وينهي بعد وصف حب اعتده دينا فتسلم كتابه باليمين ثابت يزيد حلاوة إيمانه في القلب مر السين باق لا يبدل إذا ما غير النأي المحبين
أن موجب تأخير كتبه محض الاقتداء والسير على سنتكم في قلة الكتب
مع كثرة الوفاء وكيف لا وقد رفع أبو رافع مولى القوم منهم إلى سيد الأنبياء وعند ذلك ينقلب معتذرا عن تهجمه بهذه الضراعة مبتدرا إلى ذكر الفار حيث أطال لسانه وباعه مزدجرا عما لعله ذنب إذا علم به مولاه سامه البعد وباعه فيقول قيد الحب أطلق لساني فأعرب عن المبني على السكون وسرح يدي فخطت ما هو في لوحها المحفوظ مصون وأذن لي فتصرفت في الكتابة وكيف لا يتصرف العبد المأذون فأصدرت هذه الواردة مدى بأني منهم وهم مني وهذا المنى
وقلت اسألي عنهم وخبري عني حاشاك من عنا وبادري مولاك ولا تخشي أن يقال ما أتى بك هاهنا وخذي من شرح الحال في كل فن وكوني ممن إذا سمع صالحا أذاعه وإن سمع طالحا أو يرى ريبة دفن وأطلقي الدمع ولا تخافي أن يقال ما هاج العيون الذرفن واعتمدي على المسامحة فهم أهلوها واتخذي إخلاص الولاء ذريعة أن
لا يفتقدوها وثقي بهم فهم أحسن الناس وجوها وأنضر هموها
المملوك ينهي أنه منذ سافر من دمشق مستبشرا وباع الأسفل بالأعلى وتلا {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم} فحمد المشترى ووصل إلى مصر فرحا مسرورا وما شكى غليه جمله طول السرى بل حمد سيره وخيل البريد وبهيم الليل وساحة البيدا وقدم فنزل جوار البحر فقالوا نزل ماء السما وكاد ينشد
ولم ينشد
لكثرة ما لقي من التعظيم الذي لو شعر به العدو لا نظم أسبابه خيم المملوك على كرم الله وسار متوكلا عليه يحسب كل حمد فمد سبحانه وتعالى أطنابه وورد حيث قصد فوجد الله عند فوفاه حسابه ولم يخش بحسن ظنه من ذي العرش إقلالا ولم يصادف إلا من قال له أهابك إجلالا
ولم يناده كل محب إلا بكذا هكذا وإلا فلا لا وقال كل أمير أنت الحكم الترضى حكومته هناك هناك وأنشد
#الله أعطاك فضلا من عطيته وأولاك وبالغ في البشر وما كل من يبدي البشاشة كائنا أخاك بل ربما حسبته أباك
وأما زمر الأعداء فكل منهم عبس وتولى وتبين لولي الأمر أن لمثله يقال {نوله ما تولى}
وناديت كلا من زاجري عن حضور هذه المعركة
#ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى أولى لك فأولى لقد استولى الحق على عرشه واستوى ولم يكن غير الإحراجات الأهوية وللأعراض قائلة {لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى}
فلما طلع صبح الحق على من أمرضت قلبه بان وبدا له من بعد ما اندمل الهوى قوم أشربوا في قلوبهم المنصب فقطع أمعاءهم وأعجبوا بألسنة حداد فضلعت أعضاءهم واستكلبوا على اصطياد جارحة فطرحهم قتلى ورد أهواءهم لم يرجعوا حتى وقف الهوى وأهلكهم كل نزاعة للشوى وقوبل كل أفاك منهم بما نوى لعب بهم شيطان الحسد وشد وثاقهم الذي لا يوثق به بحبل من مسد وطبع على قلبه واغتاله فقلت له غالتك إذا الغول بل اغتالك الأسد
فلما سمعت قوله
#أجد الملامة في هواك لذيذة ورأيت من قلبه المعاني ما يحمله على أن يجعل ضالة المؤمن منبوذة ويطبع على قلبه والأفئدة بدون هذا مأخوذة عرفت أن العذل لا يرجعه وأن الحق ختم على قلبه فلا ينجده العدل ولا ينجعه وأنه لا يزال يحاول سقوط من كان فوق محل الشمس موضعه وأنه لزم إطلاق اللسان فيما لا يعنيه لزوم الخطيب للمنابر وكتابة الباطل لزوم الأقلام للمحابر والاشتغال لمن يترفع قدره عنه لزوم الأعراض للجواهر عدلت عن عذله واكتفيت بالحكم العدل وعدله ورفت قصتي على يدي إحسانه وفضله وجئت فشاهدت من الأمير الكبير والسلطان ما رغم به أنف الشيطان
وقد علمت بكنه ذلك عدنان وقحطان وصرت المسؤول فيما حسبوا أني أحاوله استقرارا والمتضرع إليه في العود مرارا والمعرض عما حسدوا عليه استصغارا لقوم {ومكروا مكرا كبارا}
وحفتين من الله ألطافه ونعمه وأطلق في الثناء علي بفضل من هو كل يوم في شأن لسانه وقلمه وبان ووضح أن العدو ظمآن وفي بحر الغواية فمه
وكل ذلك ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد النبيين فلست والله قدر واحدة من هذه النعم التي تقلدت عقدها الثمين ولا أنا ممن يفتخر بعلم ولا دين ولا نسب ولو شئت لأنشدت
ثم لما كان قد امتلأ من ماء دمشق بطني ونادى حوض الآمال قطني
وسئمت نفسي صداع الشام وماذا يدري الشعراء وغيرهم مني ورأيت هذا الإكرام الذي ملأ عنان السما وذكرت دمشق وما وما وما أقول وكل دمشق ما قلت لمن لامني فيها
#خليلي ما واف بعهدي أنتما ومعاذ الله أن ألوم أهل الشام وقد أحسنوا وأنعموا
وإنما ألوم فرقة قلبوا الحق وبدلوا القرآن فصموا وعموا
فصل
وأما السادة الأصحاب فالمخصوص من بينهم بعموم التحية والمقبل كفه مئة وقال السجع ميه من يحسن سلامي كل يوم إليه سيدنا الشيخ عز الدين
شيخ السلامية والثاني لهذا المقدم في الأقطار من تحققت مودته بعد البحث مع الأشباه والأنظار وعرف بقوله في التقوية واهتمامه في المعروف وإن لم يصلح العطار ثم سائر المخاديم يقبل المملوك يدهم سيدا سيدا ويخص السادة الأولاد الأعزة فلا يجد إلا محمدا ويلتفت متهما منجدا فينادي أصحابي أين من لا أعدل به أحدا كأن صارمه فل فأتبعه قوما بورا أو نبا فوجد قصورا أسكنه قبورا أتراه في جهة أم لا تحويه الجهات ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا
فأجابه
يقبل الأرض حيث تضع الملائكة بها الأجنحة ويتخذ الأنام من الدعاء في مواطنها مواضي الأسلحة ويفعل الله بها ما أحب فإنه لا يجب عليه شيء وإن راعى المصلحة ويعمل طلاب العلم إليها الركاب بكل يعملة
#كأن راكبها غصن بمروحة
تقبيلا يثبت به الجوهر الفرد فإن كل جزء منه للقبل يتجزأ ويحط به أثقال خطوب أقعدته عن اللحاق بها عجزا ويتشرف بمشافهة تربها فإن ناله منها أقل الأجزاء أجزا
وينهي بعد وصف ولاء حكم بتصديقه لما تصوره كل منطقي ومنطيق ودل بالمطابقة والتضمن والالتزام على أنه في الوفاء عريق عري من تلف التلفيق وأصبح وحده جامع مانع لأن جنسه القريب هو الإخلاص وفصله التحقيق
ورفع أدعية ما أخل بأداء فرضها إن بعد أو دنا ولا أخذها إلا من النابغة حيث قال
#بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ولا أنكرتها ملائكة القبول إلا مرة ثم اعترفت بها فصارت ديدنا
وبث أثنية ما أمسك المسك معها رمقه ولا ثبت لها البدر حتى خسف لما لمح محياها ورمقه ولا طالبت دهاليز الأنهار بين قصور الروض إلا وأنفاس الأزهار منها مسترقة
ورود المثل العالي الذي ما ناله نظير ولا مثال ولا جود ابن العديم في الوجود إلا على سطوره فإنها له مثال ولا مضى له حسن حتى تدخل سين السرور على حاله فتميزه وتخلصه للاستقبال ولا تلقاه شاكي سلاح من البلاغة إلا وراح كما قال امرؤ القيس
#ولي بذي رمح وليس بنبال
كم أهدى ألطافا وهز بالطرب أعطافا وجعل القلوب أغراضا لسهام محاسنه وأهدافا وجلب الفرح وسلب الترح فأخذ تاء من الثاني وأهدى فا تروق درر أصدافه وتفوق داري أسدافه
وكيف لا يهول وكل حرف منه جاء لمعنى وكيف لا يطول وكل لفظ منه قد استقر من البديع بمعنى وكيف لا يعرب والأبصار تلفت إليه بأعنة الإعجاب وتثنى وكيف لا يطرب وما فيه سطر واحد إلا ويسمع منه مثلث ومثنى
فما أحسن من نظم وما نثر وما أجود ما جرى في ميدان الإنشاء وما غبر لما عبر وما عثر وما أعف كلامه فإنه لم يلتمس من كلام غيره شيئا وهو يعلم أنه لا قطع في ثمر ولا كثر وما أتقن ما رتب ورتل لما ساق المثل والشاهد والأثر
#وما كل من ألقى القلائد نظما
وقال المملوك الله أكبر وهي كلمة لا تقال إلا في الصلاة أو الأذان أو عند عجب ماله عن العين حاجب أو عند خبر لا يأخذها إذنا على الآذان أو عند خطب يطرق فيصبح ملتئم الحصى منه وهو شذان
وحق لي أن أقول الله أكبر فإن هذا أمر خرق العادة واستعبد السادة واستقرب
ما استبعد من مدى المادة وأخرج الأدباء عما سلكوه من الجادة وأحرج الكتاب حتى كلت ظبي أقلامهم الحادة
ولقد عالجت ببديعه جراحات الفراق فإنه لها كالمرهم وأنفقت لعجزي أنفة جبل عليها جبلة بن الأيهم وأفلست في جوابي فلو وجدت سطرا مثله يباع كنت كما قال بعض العرب اشتريته بوالله ألف درهم لأنه تلعب بي تلعب الأفعال بالأسماء والبطر بأهل الصحة والنعماء وخلبني سجع هذه الحمامة وسلبني زهر هذه الكمامة وغلبني سكر هذه المدامة
وقد عولت على الفكر في أن يلم شعث قريحتي ويضم وقلت للقلم هلم إلى المساعدة على الجواب فقال لا أهلم
ولما ثقل على راسي هذا الجبل الراسي ولم يفد فيه إيناسي قبل إبساسي
وأفضت
بي الحال إلى نسيان ما كنت أعلمه ولا غرو فقد قرأ سعيد بن جبير {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} وقال أبو الفتح البستي
#واعذر فأول ناس أول الناس رجعت إلى ما عندي من فوائد مولانا أعز الله نوافذ أحكامه وما زينت بزهره من مروج تعليقي وأكمامه فلم أدع بقعة ولا سبسبا إلا أثرت فيه أثرا وأثرت نفعه ولفقت هذا الجواب وهو كما يقال من كل زوق رقعة حتى شملتني سعادتك وحملتني بل جملتني إفادتك
وقد أثبت الحصى على المرجان وضاق بي وادي الإنشاء كما اتسع لمولانا من نظمه ونثره المرجان
وأما بيت أبي الحسن علي فإنه أحكم تأسيس بنيته ورفع بكم نون قافيته وحرم
سكناه على غيركم ولو حرك مولانا نون وريه لعام في بحر فضلكم وما كأن الله تعالى أوجد هذا البيت إلا لهذا البيت وللدلالة على فضل الحي منه والميت
وأما قول مولانا وما وما وما أقول وكل دمشق ما فهذه نكتة يأخذ الفاضل حسنها مبرهما والغبي مسلما
وأما ما وصفه من حال مصر المحروسة وإقبالها عليه وإدلالها لديه فما يقول المملوك إلا
لا بل يقول
وأما ما وصفه من حال الحسدة الباغين والمردة الطاغين فقد رد الله كيدهم في نحرهم وزخر تيار بحر مولانا فأغرق وشل نهرهم
ولو لم يكن مولانا في هذا الكمال ما حسد على ما حازه من غنائم المعالي ولا ودت النفوس الظالمة أن تسلبه ما وهبه الله هو أبهى وأبهر من عقود اللآلي ولا تمالئوا على اهتضام قدره وكم هذا التمادي في التمالي
فالحمد لله على النصرة وضعف أقوال أهل الكوفة وترجيح أقوال أهل البصرة وما يغلق باب إلا ويفتح دونه من الخيرات أبواب وعلى كل حال أبو نصر أبو نصر وعبد الوهاب عبد الوهاب وما يقول المملوك في مولانا إلا كما قال الأول
وما بقي غير الخروج من هذا الجواب وثبا وأن نقول لركابه الشريف إذا ورد أهلا وسهلا ورحبا

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 10- ص: 5

خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، الإمام الأوحد الأديب البارع المؤرخ المتقن، صلاح الدين أبو الصفاء. ولد سنة ست وتسعين وست مئة تقريبا، ومات ليلة الأحد عاشر شوال سنة أربع وستين وسبع مئة، ودفن بمقابر الصوفية.

  • دار الغرب الإسلامي-ط 1( 2004) , ج: 1- ص: 178

خليل بن أيبك بن عبد الله المعروف بصلاح الدين الصفدي الأديب المشهور
ولد سنة 697 سبع وتسعين وستمائة وكتب الخط الجيد وذكر عن نفسه أن أباه لم يمكنه من الاشتغال حتى استوفى عشرين سنة وطلب بنفسه فأخذ عن الشهاب محمود وابن سيد الناس وابن نباته وأبي حيان وسمع من المزي والدبوسي وطاف مع الطلبة وكتب الطباق وقال الشعر الحسن وأكثر منه جداً وترسل وألف كتباً منها التاريخ الكبير الذي سماه الوافي بالوفيات في نحو ثلاثين مجلداً على حروف المعجم وأفرد منه أهل عصره في كتاب سماه أعوان النصر وأعيان العصر في ست مجلدات وشرح لامية العجم بمجلدين وله الحان السواجع بين المبادئ والمراجع مجلدان وجر الذيل في وصف الخيل وكشف الحال في وصف الخال وأول ما ولى كتابة الدرج بصفد ثم بالقاهرة كتابة السر وغير ذلك من الأعمال وكان حسن المعاشرة جميل المروءة وكان إليه المنتهى في مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم قال ابن كثير مصنفاته بلغت المئين من المجلدات قال ولعل الذي كتبه في ديوان الإنشاء ضعف ذلك ومن تصانيفه فض الختام عن التورية والاستخدام ونظمه مشهور قد أودع منه في شرح لامية العجم وغيرها مما يعرف به مقداره ولكثرة ملاحظته للمعاني البديعية صار الغث من شعره كثيراً وينضم إلى ذلك ما يطريه به من المبالغة في حسنه فيزداد ثقلاً وقد يأتي له ما هو من الحسن بمكان كقوله

وكان يختلس معاني شعر شيخه ابن نباته وينظمها لنفسه وقد صنف ابن نباته في ذلك مصنفاً سماه خبز الشعير المأكول المذموم وبين سرقانه لشعره ومات بدمشق ليلة عاشر شوال سنة 764 أربع وستين وسبعمائة

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 243