أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، من قريش: زوجة رسول الله (ص) الأولى، وكانت أسن منه بخمسة عشرة سنة. ولدت بمكة، ونشأت في بيت شرف ويسار، ومات أبوها يوم الفجار وتوزوجت بأبي هالة بن زرارة التميمي فمات عنها. وكانت ذات مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام، تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة. فلما بلغ رسول الله (ص) الخامسة والعشرين خرج في تجارة لها إلى سوق بصرى (بحوران) وعاد رابحا، فدست له من عرض عليه الزواج بها، فأجاب، فأرسلت إلى عمها (عمرو بن أسعد بن عبد العزى) فحضر وتزوجها رسول الله (قبل النبوة) فولدت له القاسم (وكان يكن به) وعبد الله (وهو الطاهر والطيب) وزينب ورقية وام كلثوم وفاطمة. وكان بين كل ولدين سنة. وكات تسترضع لهموتهيء ذلك قبل ان تلد. ولما بعث رسول الله (ص) دعاها إلى الأسلام، فكانت أول من أسلم من الرجال والنساء. ومكثا يصليان سرا إلى ان ظهرت الدعوة. وكانت تكنى بأم هند (وهند من زوجها الأول) وأولاد النبي (ص) كلهم منها، غير إبراهيم ابن مارية. ولعبد الحميد الزهراوي كتاب في أخبارها سماه (خديجة أم المؤمنين - ط) ومثله لبثينة توفيق. وكانت وفاة خديجة بمكة
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 302
خديجة بنت خويلد بن أسد ابن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية أم المؤمنين صلوات الله وسلامه ورضوانه عليها.
مولدها ووفاتها ومدفنها ومدة عمرها.
روى في تاريخ دمشق إنها ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وتوفيت في شهر رمضان سنة عشر من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنين أو أربع أو خمس وفي المستدرك للحاكم عن أبي معشر أنها توفيت قبل الهجرة بسنة قال ابن الأثير في أسد الغابة والأول هو الصواب بعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير وقيل بسنتين وعمرها 65 سنة وفي المستدرك للحاكم أنه قول شاذ والذي عندي إنها لم تبلغ ستين سنة وفي الاستيعاب توفيت وهي بنت 64 سنة وستة أشهر ودفنت بالحجون ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها ولم تكن يومئذ سنت صلاة الجنازة وتوفيت هي وأبو طالب في عام واحد توفي أبو طالب ثم توفيت خديجة بعده بثلاثة أيام وقال ابن الأثير في الكامل: توفي أبو طالب في شوال أو ذي القعدة وكانت خديجة ماتت قبله بخمسة وثلاثين يوما وقيل: كان بينهما خمسة وخمسون يوما وقيل: ثلاثة أيام فعظمت المصيبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهلاكهما اه وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك العام عام الحزن وقال ابن إسحاق فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب من موت خديجة وأبي طالب كان يسكن إليهما اه وإذا صح أن موتها في شهر رمضان وموت أبي طالب في شوال أو ذي القعدة كان الصواب تقدم موتها على موته والله أعلم.
أمها
في الاستيعاب ومقاتل الطالبيين وغيرهما: أمها فاطمة بن زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي وفي الاستيعاب: الأصم اسمه جندب وفي الاستيعاب عن ابن إسحاق أمها فاطمة بنت زائدة وأمها هالة بنت عبد مناف.
كنيتها
قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: تكنى أم هند وفي ذيل المذيل ص (2) كانت تكنى أم هند وهند ابن لها من أبي هالة بن النباش ابن زرارة زوج كان لها قبل النبي صلى الله عليه وسلم كنيت به وفيه أيضا ص 65 كانت تكنى أم هند بابنة لها ولدتها من عتيق بن عائذ بن عبد الله بن مخزوم يقال لها هند وبابن لها ولدته من أبي هالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب ابن سلامة بن غوي بن جذوة بن أسيد بن عمر بن تميم يقال له هند.
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بها
في ذيل المذيل وغيره هي أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاده كلهم منها غير إبراهيم ابن مارية اه ولم يتزوج غيرها حتى ماتت.
في تاريخ دمشق روى محمد بن عباس أن مهرها كان (12) أوقية وكذلك كان مهر نسائه.
مقدار عمرها وعمر النبي
صلى الله عليه وسلم يوم تزوجه بها وإقامتها معه
في الاستيعاب كانت عند تزوجه بها بنت أربعين سنة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن إحدى وعشرين وقيل خمس وعشرين وهو الأكثر وقيل ثلاثين فأقامت معه 24 سنة وتوفيت اه وعن مجمع البحرين كانت عند تزوجها به بنت أربعين سنة وستة أشهر وفي المستدرك للحاكم عن محمد بن إسحاق كان لها يوم تزوجها 28 سنة وفي تاريخ دمشق روي من طريق الزبير ابن بكار أن عمرها كان يوم زواجها ثلاثين سنة قال: وروى محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس أن عمرها كان يومئذ 28 سنة.
هل تزوجت قبل النبي صلى الله عليه وسلم
المعروف بين المؤرخين أنها تزوجت أولا وثانيا وولد لها ثم تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر صاحب كتاب الاستغاثة تزوجها قبله صلى الله عليه وسلم وقال: إن ما نسب إليها من الأولاد هم أولاد أختها وحكي مثل ذلك عن المرتضى في الشافي وأحمد البلاذري في كتابه وأبي جعفر في التلخيص، حكي عن صاحب البحار حكاية ذلك عنهم والله أعلم.
القائلون بتزوجها قبله
في مقاتل الطالبيين: تزوجت خديجة صلوات الله عليها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين يقال لأحدهما عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وولدت له بنتا يقال لها هند ثم توفي عنها فخلف عليها أبو هالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بنسلامة بن عدي بن حرزة بن أسيد بن عمرو بن تميم وولدت له ابنا يقال له هند روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه الحسن بن علي عليهما السلام حديث صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهورة وقال فيه: سألت خالي هند بن أبي هالة عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له وصافا اه. وفي الاستيعاب كانت خديجة تحت أبي هالة بن زرارة بن نباش ابن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي هكذا نسبه الزبير وقال الجرجاني النسابة: كانت عند أبي هالة هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن جروة بن أيد بن عمرو بن تميم اه فقد وقع اختلاف بين المقاتل وذيل المذيل وكلام الزبير بن بكار والجرجاني في أسماء آباء من تزوجها كما ترى وبعضه سببه التصحيف - قال: ثم اتفقا أي الزبير والجرجاني - فقالا: ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق ابن عائد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ثم خلف عليها بعد عتيق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قتادة: كانت أولا تحت عتيق ثم خلف عليها أبو هالة والقول الأول أصح إن شاء الله تعالى.
القول بأنها لم تتزوج قبله صلى الله عليه وسلم
في تكملة نقد الرجال عن كتاب الإغاثة أو الاستغاثة تأليف الشريف أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي المتوفى سنة 352 وإن نسبه هو في ترجمة علي بن الحسين الأكبر إلى كمال الدين ميثم البحراني تبعا لغيره. وأنه أنكر فيه كون خديجة تزوجت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بغيره وقال: قد صحت الرواية عندنا بأنه كان لها أخت من أمها تسمى هالة قد تزوجها رجل من بني تميم يقال له أبو هند فأولدها ابنا اسمه هند بن أبي هند وابنتين زينب ورقية ومات أبو هند وقد بلغ ابنه مبالغ الرجال والابنتان طفلتان وكانتا موجودتين حين تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج بها وماتت هالة بعد ذلك بمدة يسيرة وخلفت الطفلتين زينب ورقية في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجر خديجة وكان من سنة العرب في الجاهلية أن من يربي يتيما ينسب ذلك اليتيم إليه ولا يستحل التزوج بمن يربيها لأنها كانت عندهم بزعمهم بينا لمربيها فلما ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخديجة هاتين البنتين نسبتها إليهما وهما بنتا أبي هند زوج هالة أخت خديجة ولم تزل العرب على هذه الحالة إلى أن ربي بعض الصحابة يتيمة بعد الهجرة فقالوا: لو سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: : هل يجوز في الإسلام تزويج اليتيمة بمن رباها فأنزل الله جل ذكره: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنحكوهن} الآية فأطلق الله سبحانه في الإسلام تزويج اليتيمة لمن يربيها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسب ابنتي أبي هند كما وصفناه في سنة العرب في الجاهلية فدرج نسبهما عند العامة كذلك ثم نسب أخوهما هند إلى خديجة وكان اسم خديجة نابها معروفا وكان اسم أختها خاملا مجهولا فظنوا لما غلب اسم خديجة على اسم هالة أختها ثم نسب هند إليها أن أبا هند كان متزوجا بخديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن هندا كان قد عمر حتى لحق أيام الحسين عليه السلام فقتل بين يديه وهو شيخ فذكر أنه قتل قبل الحسين هند التميمي وأنه كان هند ابن خالة فاطمة بنت الحسين قال: ولما وقع بيني وبين من نسب إلى هند من ولده مجاوبات ومناظرات فيما ينسبون إليه من خديجة وما يجهلون من جدتهم هالة ولما عرفتهم الصحيح اشتد عليهم وجادلوني أشد مجادلة إنهم من ولد خديجة فأعلمتهم أن ذلك جهل منهم بنسبهم وأن خديجة لم تتزوج غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن الإجماع من الخاص والعام ومن أهل الآثار ونقلة الأخبار على أنه لم يبق من أشراف قريش ومن ساداتهم وذوي الجدة منهم أحد إلا خطب خديجة ورام تزويجها فامتنعت على جميعهم فلما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب عليها نساء قريش وهجرنها وقلن لها خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحدا منهم وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم وتمتنع من سائر قريش وأشرافها. قال: ثم قلت لمن يجادلني منهم ليس ما ذهب عنكم وجهلتموه من معرفة جدتكم أهي خديجة أم أختها هالة بأعجب مما لحق ولد الحسين من الاختلاف في نسبهم الذي هو أشرف الأنساب في الدنيا وأرجاها سعادة في الآخرة فلم يمنعهم شرفهم وعظم قدرهم من اختلافهم فيه على فرقتين وذلك أنه كان للحسين عليه السلام ابنان كل منهما يسمى بعلي أحدهما أكبر من الآخر قتل أحدهما بكربلاء وبقي الآخر والعقب كله من الباقي بغير خلاف ثم اختلف فيه ما بين الأصغر والأكبر فمن كان ولد الحسين قائلا بالإمامة بالنصوص يقول: إنه من ولد علي بن الحسين وأنه الباقي بعد أبيه والمقتول هو الأصغر منهما وهذا هو قولنا وبه نأخذ وعليه نعول وأن علي بن الحسين الباقي كان يوم قتل أبيه الحسين من أبناء ثلاثين سنة وأن ابنه محمد بن علي بن الحسين الباقر كان يومئذ من أبناء خمسة عشرة سنة وكان المقتول هو علي بن الحسين الأصغر من أبناء اثنتي عشرة سنة والفرقة الأخرى وهم جميع من يقول بمذهب الزيدية منهم من يقول إن العقب من الأصغر وإنه في اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام من أبناء سبع سنين ومنهم من يقول: أربع سنين وعلى هذا النسابون من العوام وهو عندنا قول فاسد ومشايخنا كلهم من أهل العلم من الإمامية نم العلوية وغيرهم من الشيعة على خلاف هذه الأقوال فلينظر ذوو الفهم إلى الاختلاف الذي وصفناه من ولد الحسين عليه السلام مع جلالة نسبهم وعظم قدرهم في جميع ولد آدم وقربه من عدد الآباء فلم يكن فيهم من الحفظ لهذا النسب العالي الشريف الذي يتمنى جميع الناس أن يكونوا منه ولا يتمنى أهله أن يكونوا من أحد من البريات ما يحيطون بمعرفته على حقيقته حتى لا يجهلوا جدهم الذي ينتسبون إليه في الأخوين من الأكبر إلى الأصغر وإنما الأكثر ما بينهم الآباء إلى عصرنا هذا من ستة آباء أو سبعة فذهب عنهم أو عن أكثرهم معرفة من ولده من الأخوين مع ما وصفناه من قربه وشرفه أتعجب أن يذهب على ولد أبي هند معرفة جدتهم حين جهلوها من أختين ولا يعرفوها أهي خديجة أم هالة هذا مع ما كان من سلفهم فيه من الرغبة في الافتخار والشرف على قومهم وغيرهم بمناسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتساب منتسبهم إلى خديجة لتثبت له خولة ولدا لرسول صلى الله عليه وسلم قصدا منه وتعمدا طلبا للافتخار أو جهلا من المنتسب الأول منهم بنسبته على ما وصفناه ليس بأعجب من جهل أكثر ولد الحسين عليه السلام معرفة نسبهم في علي بن الحسين وهذا غير منكر عند ذوي الفهم لغلبة الجهل على عوام الناس وقلة معرفة كثير منهم بالأنساب حتى أن اليمن كلها مجتمعة في نسبها إلى قحطان بن عابر لا يدرون من ولد عابر، حتى قالوا: إن عابر هو هود النبي وزعمت اليمن والنسابون من العوام أن إسماعيل بن إبراهيم تعلم العربية من جرهم قبيلة من اليمن كانت نازلة بمكة وحولها وقد ألف في ذلك كتاب المبتدأ فخرجوا بهذا القول الفاسد بينهم إسماعيل بن إبراهيم وولده من العرب وهم لا يعلمون وكان قائل هذا موجبا لإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب وفي هذا الكفر بالله وبرسوله فقد بطل قول القائل بذلك وثبت قول علماء أهل البيت أن أول من تكلم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وأن قحطان بن عابر تفسيره بلسان قوم هود في زمن عاد هود فقدر من وقف على ذلك أن هذا عابر ولد قحطان وهو هود النبي فأخطأ وليس أحد من اليمن اليوم ينتسب إلى إسماعيل بن إبراهيم ولو قيل لهم أنكروه أشد نكر وهذا من اشتباهات العامة وأن العامة لتروي جميعا أن الرسول انتسب إلى معد ثم قال عند ذلك كذب النسابون لأنها إذا جاوزت في النسب الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحل حالكم من أن يكون ما قاله الرسول من تكذيب النسابين حقا أو باطلا والأول شهادة على من تجاوز في النسب باستعمال الكذب والثاني كفر وقد روينا من طريق علماء أهل البيت عليهم السلام أن قوما ينسبون إلى قريش وليسوا من قريش وذلك أن العرب في الجاهلية إذا كان لأحد عبد فأراد أن يلحقه بنسبه فعل ذلك وجاز عندهم وزجه كريمة من العرب فيلحقه بنسبها فكان هذا من سنن العرب وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيد بن حارثة الكلبي فلما أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة سارعت خديجة إلى الإسلام فسارع زيد إليه فاستوهبه الرسول صلى الله عليه وسلم من خديجة ليعتقه ففعلت فبلغ أباه خبره فأتى مكة في طلبه وكان أبوه من وجوه بني كلب فصار إلى أبي طالب في جماعة من العرب فحمل بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يرد عليه ابنه زيدا ببيع أو عتق فقال: هو حر فليذهب حيث شاء فقال له أبوه: يا بني الحق بقومك ونسبك فأبى وقال: يا معاشر قريش والعرب إني قد تبرأت من زيد فليس هو ابني ولا أنا أبوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’يا معاشر قريش زبد ابني وأنا أبوه’’ فدعي زيد بن محمد على رسمهم الذي كان في الجاهلية فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة زيد أنكر ذلك جماعة من الجهال فخاضوا فيه فنزلت {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} (الآية) {وما جعل أدعياءكم أبناءكم} (الآية) ثم ذكر العلة: {}فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا} انتهى ما أردنا نقله من كلام صاحب الاستغاثة وهو كلام يدل على تبحره ومهارته في إقامة الحجج سواء أسلمنا له ما قاله أم لم نسلم وإن صلح ما قاله كان قول الحسن عليه السلام المتقدم سألت خالي هند بن أبي هالة مبينا على الظاهر.
سبب اتصالها برسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها به
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن جابر قال: استأجرت خديجة رضوان الله عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرتين إلى جرش كل سفرة بقلوص. هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وفي أسد الغابة كان سبب تزوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس عن ابن إسحاق قال: كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام يقال لها ميسرة فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام فنزل في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال: هذا رجل من قريش أهل الحرم فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها اشترى ما أراد ثم أقبل قافلا إلى مكة فباغت خديجة ما جاء به فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك وأمانتك عندهم وحسن خلقك وصدق حديثك وكانت أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعمامه فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الرواية تدل على أن أباها هو الذي زوجه إياها وقال ابن الأثير في أسد الغابة قبل ذلك زوجه إياها عمها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصي وأن أباها قد مات وحكى ذلك عن الزبير بن بكاء وغيره وإن عمها عمرا قال حين أراد تزويجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة بنت خويلد هذا الفحل لا يقذع أنفه وفي المستدرك بسنده عن الزهري أنكحها أبوها خويلد بن أسد.
أولادها
قد عرفت أنه ولد لها من أبي هالة ابن يقال له هند كانت تكنى به وبنت من عتيق اسمها هند أيضا كانت تكنى بها أيضا فإن هندا من أسماء الرجال والنساء وفي أسد الغابة عن ابن إسحاق أنه ولد لها من عتيق بن عائذ بنت اسمها هند ومن أبي هالة مالك بن النباش ابن يقال له هند وبنت يقال لها هالة اه وهذا كله بناء على المشهور المعروف من أنها كانت متزوجة قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعتيق ثم بمالك أبو بالعكس.
أما أولادها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الاستيعاب: لم يختلفوا في أن ولد النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من خديجة حاشا إبراهيم وقال: اجمعوا على أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرت زينب (وهي أكبرهن تزوجها أبو العاص بن الربيع ابن أخت خديجة) وفاطمة (الزهراء وهي أصغرهن تزوجها علي بن أبي طالب وانحصرت ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم في ولدها) ورقية وأم كلثوم (تزوجها عثمان واحدة بعد الأخرى) وأجمعوا على أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم به كان يكنى قال الزبير بن بكار: وهو أكبر ولده مات بمكة وهو أول من مات من ولده وعاش حتى مشى وولدت بعده زينب واختلفوا في سواه فعن بعض العلماء ما نعلمها ولدت له من الذكور إلا القاسم وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر وقيل: ولدت له عبد الله مات صغيرا وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر ولد بعد النبوة وقيل ولد له القاسم والطاهر والطيب ماتوا بمكة وقال مصعب الزبيري إن عبد الله هو الطيب والطاهر لأنه ولد بعد الوحي له ثلاثة أسماء وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني النسابة القاسم أكبر أولاده ثم زينب وقال الكلبي: زينب ثم القاسم ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبد الله يقال اله الطيب والطاهر قال: هذا هو الصحيح وغيره تخليط اه وفي المستدرك للحاكم بسنده عن ابن عباس قال: ولدت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين وأربع نسوة القاسم وعبد الله وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق: روى الزبير بن بكار عن ابن عباس في سبب نزول: {إنا أعطيناك الكوثر} إن خديجة ولدت عبد الله بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أبطأ عليها الولد من بعد فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم رجلا والعاص بن وائل (والد عمرو بن العاص) ينظر إليه إذ قال له رجل: من هذا قال: هذا الأبتر فأنزل الله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر} أي مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير ثم ولدت له زينب فرقية فالقاسم فالطاهر فالطيب فالمطيب فأم كلثوم ففاطمة وكانت أصغرهم وكانت خديجة إذا ولدت ولدا دفعته لمن يرضعه فلما ولدت فاطمة لم ترضعها أحدا غيرها وجميع أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة إلا إبراهيم ويقال: إن الطاهر هو الطبي وهو عبد الله ويقال: إن الطيب والمطيب ولدا في بطن والطاهر والمطهر في بطن اه فتحصل من ذلك أقوال خمسة:
(1) إنه لم يولد لها من النبي صلى الله عليه وسلم ذكر إلا القاسم.
(2) إنها ولدت له القاسم والطاهر.
(3) إنها ولدت القاسم وعبد الله والثاني يلقب بالطيب والطاهر.
(4) إنها ولدت القاسم والطيب والطاهر.
(5) إنها ولدت عبد الله ثم زينب فرقية فالقاسم فالطاهر فالمطر فالطيب فالمطيب ولا يبعد كون الطيب والمطيب والطاهر والمطهر ألقابا فظن البعض أنهما أسماء فعداهما من الأسماء.
إسلامها
في الاستيعاب مسندا عن جماعة أنها أول من آمن بالله ورسوله من الرجال والنساء صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلت خديجة آخر يوم الاثنين وذكر أنه روي مسندا عن ابن عباس: كان علي بن أبي طالب أول من آمن بالله من الناس بعد خديجة اه. والذي ترويه الشيعة أن عليا عليه السلام أسلم قبل خديجة ثم أسلمت خديجة لكنهم رووا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء فإن صح الخبر المتقدم أن خديجة أسلمت آخر يوم الاثنين كان إسلامها متقدما على إسلامه بليلة والاعتبار يقضي بأن لا يتقدم إسلامها لأنها وإن كانت زوجته لم تكن أشد خلطة به من علي ولا أطوع له منه ولم يكن ليؤخر رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته لعلي إلى الإسلام ولم يكن علي ليتأخر عن إجابته إلى ذلك ولعل رواية تقدم إسلامها كانت ممن لم يتركوا وسيلة للغض من علي إلا توسلوا بها وكيف كان فخديجة أول من أسلم من النساء وعلي أول من أسلم من الرجال ولم يسبق عليا وخديجة أحد إلى الإسلام فلم يكن في الأرض من يعبد الله إلا ثلاثة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي عليه السلام وخديجة رضوان الله عليها فكان يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي عن يمينه متأخرا عنه وخديجة عن يمين علي متأخرة عنه. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عفيف بن عمرو أو ابن قيس كنت امرأ تاجرا وكنت صديقا للعباس بن عبد المطلب في الجاهلية فقدمت لتجارة فنزلت على العباس بمنى فجاء رجل فنظر إلى الشمس حين مالت فقام يصلي ثم جاءت امرأة فقامت تصلي ثم جاء غلام حين راهق الحلم فقام يصلي فقلت للعباس: من هذا فقال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي يزعم أنه نبي ولم يتابعه على أمره غير هذه المرأة وهذا الغلام وهذه المرأة خديجة بنت خويلد امرأته وهذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب قال عفيف الكندي - وأسلم وحسن إسلامه -: لوددت أني كنت أسلمت يومئذ فيكون لي ربع الإسلام. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولا شاهد معتبر من أولاد عفيف بن عمرو. وروى الحاكم في المستدرك وابن إسحاق واللفظ للثاني بسنده عن عروة عن عائشة أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤية الصادقة لا يرى من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح. ثم روى ابن إسحاق بسنده عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء (وهو جبل) من كل سنة شهرا وكان ذلك مما تنحنث به قريش في الجاهلية. والتحنث والتبر وقال الحاكم: التحنث التعبد حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله فيه ما أراد من كرامته خرج إلى حراء كما كان يخرج ومعه أهله حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله تعالى فيها برسالته جاءه جبريل بأمر الله تعالى (إلى أن قال) : {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق} (الآية) فقرأتها وهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل، فرفعت رأسي فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل (إلى أن قال) فما زلت واقفا حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فقالت: يا أبا القاسم أين كنت فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي ثم حدثتها بالذي رأيت فقال: أبشر يا ابن عم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عمها وكان ورقة يد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع فقال ورقة بن نوفل: قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي فله فليثبت فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة. في أسد الغابة ومستدرك الحاكم عند ذكر هذا الحديث: قال: يعني جبريلعليه السلام {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق} فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده (وفي رواية الحاكم ترجف بوادره) فدخل على خديجة فقال: ’’زملوني’’ فزملوه حتى ذهب عنه الروع وقال لخديجة وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي فقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق في الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقريب الضيف وتعين على نوائب الحق وانطلقت به إلى عمها ورقة بن نوفل بن أسد وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب العربية ويكتب الكتاب العبراني ويكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقال له خديجة: أي عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة: ماذا ترى فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك وفي رواية المستدرك هذا الناموس الذي أنزل على موسى. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
أقوال العلماء في حقها
في سيرة ابن هشام ج 2 ص 19 كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزير صدق على الإسلام وفي الاستيعاب: كانت تدعى الجاهلية الطاهرة وفي الإصابة عن الزبير بن بكار كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة. وفي السيرة الهشامية عن ابن إسحاق: آمنت خديجة برسول اللهصلى الله عليه وسلم وصدقت بما جاء به من الله ووازرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله وصدقت بما جاء فيه فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس اه وخديجة هي التي قامت تنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استطاعت وتحملت الأذى في سبيل نصره ولما أنزل عليه فأصدع بما تؤمر وأعلن بالدعوة وآذه قومه وأخرجوه وذهبت خديجة وعلي بن أبي طالب يطلبانه ’’الخبر’’ وقال ابن إسحاق: كانت وزيرة صدق على الإسلام اه وقام الإسلام بأموال خديجة وسيف علي بن أبي طالب وكانت خديجة من أهل الثروة والغنى فورثها رسول الله صلى الله عليه وسلم وولدها فكان ينفق من ذلك ما أراد في سبيل نشر الدعوة ولما أراد الهجرة من مكة إلى المدينة أوصى من يشتري ناقتين له ولصاحبه فقال صاحبه: عندي ناقتان يا رسول الله فأبى أن يأخذهما إلا بثمنهما وأمر عليا فنقده الثمن فسئل الراوي: من أين كان له المال فقال: وأين ذهبت أموال خديجة وهو ورثها هو وولده كما مر في السيرة النبوية وكان يذبح الشاه فيفرقها على صديقات خديجة ولما قالت له عائشة غيرة منها على خديجة بعد موتها. والغيرة والحسد تنطفي جمرتها بعد الموت: والله ما كانت إلا عجوزا حمراء الشدقين وقد أبدلك الله خيرا منها، غضب وقال: ’’والله ما أبدلني الله خيرا منها’’. وذلك حينما سمعته يطريها مرارا ويكثر الثناء عليها فغاظها ذلك منها وهي ميتة وقد أبان هذا القول من الرسول صلى الله عليه وسلم إنها أفضل نسائه. أما أم سلمة فكانت على العكس من ذلك لم تأخذها غيرة ولا حسد لخديجة حين جعل النبي صلى الله عليه وسلم يثني على خديجة في خبر زفاف فاطمة بل قالت: هنأها الله ما أعطاها وأكثرت من الثناء عليها كما مر هناك.
مناقبها وفضائلها
كفاها فضلا إنها أسبق نساء الأمة إلى الإسلام والإيمان وفي أسد الغابة بسنده عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’خير نساء العالم مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم’’ (وبسنده) عن ابن عباس خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط قال: ’’أتدرون ما هذا’’ قالوا: الله ورسوله أعلم فقال: ’’أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون’’ ورواه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة: وفي أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن جعفر سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ’’خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران’’ اتفق الشيخان على إخراجه. وبسنده عن عروة قالت عائشة لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أبشرك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ’’سيدات نساء أهل الجنة أربع مريم بنت عمران وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخديجة بنت خويلد وآسية’’. ولا ينافي هذه الروايات ما ورد من أن فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين فإن الذي في هذه الرواية أن هذه النساء أفضل نساء أهل الجنة أما إن أيهن أفضل من الأخرى فلم يذكر فيها وأما الرواية الأخيرة فيحمل ما فيها على إرادة نساء أهل زمانهما كما ذكر في بعض الروايات فلا منافاة أيضا. وفي أسد الغابة عن عائشة: ما غرت على أحد من أزواج النبي ما غرت على خديجة وما بي أن أكون أدركتها (أي والحال إني لم أكن أدركتها) وما ذاك لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان ربما يذبح الشاه يتبع بها صدائق خديجة فيهديها لهن. (وبسنده) عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء على ذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا فقد أبدلك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: والله ما أبدلني خيرا منها آمنت إذ كفر الناس وصدقتني وكذبني الناس وواستني في مالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها أولا إذ حرمني أولاد النساء الحديث. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من الثناء عليها والاستغفار لها فذكرها ذات يوم فأحمتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا (إلى أن قال) ’’كيف قلت والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس وأوتني إذ رفضني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس ورزقت منها الولد إذ حرمتهن مني’’ فغدا وراح بها علي شهرا (أي بقي شهرا يذكر ذلك غدوة ورواحا) وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عروة عن عائشة: ما حسدت امرأة ما حسدت خديجة وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعدما ماتت - وبالموت تنطفي جمرة الحسد - وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ’’وبسنده’’ عن عروة عن عائشة: ما رأيت خديجة قط ولا غرت على امرأة من نسائه صلى الله عليه وسلم أشد من غيرتي على خديجة وذلك من كثرة ما كان يذكرها. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وفي أسد الغابة بسنده: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه فقال بالكره مني ما أتى عليك يا خديجة وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا ’’الحديث’’.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 308
خديجة بنت خويلد (ب د ع) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية أم المؤمنين، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أول امرأة تزوجها، وأول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولا امرأة.
قال الزبير: كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة. وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، واسمه جندب بن هدم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لوى. وكانت خديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبي هالة بن زرارة بن نباش بن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة أسيد ابن عمر بن تميم التميمي. كذا نسبه الزبير.
وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني: كانت خديجة عند أبي هالة: هند بن النباش بن زرارة ابن وقدان بن حبيب بن سلامة بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم.
ثم اتفقا فقالا: ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي. ثم خلف عليها بعد عتيق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال قتادة: كانت خديجة تحت عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ثم خلف عليها بعده أبو هالة هند بن زرارة بن النباش.
قال قتادة: والقول الأول أصح إن شاء الله تعالى، قاله أبو عمر وروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: وتزوج خديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي بكر: عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ثم هلك عنها فتزوجها بعده أبو هالة النباش بن زرارة. قال: وكانت خديجة قبل أن ينحكها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت عتيق بن عابد ابن عبد الله، فولدت له هند بنت عتيق، ثم خلف عليها بعد عتيق أبو هالة مالك بن النباش ابن زرارة التميمي الأسدي، حليف بني عبد الدار بن قصي، فولدت له هند بنت أبي هالة، وهالة بن أبي هالة، فهند بنت عتيق، وهند وهالة ابنا أبي هالة كلهم إخوة أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة.
كل ذلك ذكره الزبير، وهذا عكس ما نقله أبو عمر عن الزبير، فإن أبا عمر نقل عن الزبير أنها كانت عند أبي هالة أولا ثم بعده عند عتيق.
ونقل أبو نعيم عن الزبير فقدم عتيقا على أبي هالة، وأما الذي رويناه في «نسب قريش للزبير» قال: وكانت- يعني خديجة- قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له جارية، وهلك عنها عتيق، فتزوجها أبو هالة بن مالك، أحد بني عمرو بن تميم، ثم أحد بني أسيد.
قال الزبير: وبعض الناس يقول: أبو هالة قبل عتيق.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة- رضي الله عنها- قبل الوحي وعمره حينئذ خمس وعشرون سنة وقيل: إحدى وعشرون سنة، زوجها منه عمها عمرو بن أسد. ولما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمها: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة بنت خويلد، هذا الفحل لا يقدع أنفه.
وكان عمرها حينئذ أربعين سنة وأقامت معه أربعا وعشرين سنة.
وكان سبب تزوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه. فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط. إلا نبي. ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلا إلى مكة، فلما قدم على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبا، وحدثها ميسرة عن قول الراهب. وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: «إني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك» ثم عرضت عليه نفسها، وكانت أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا.
فلما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالت، ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم قبل أن ينزل عليه الوحي: زينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ورقية، والقاسم، والطاهر والطيب. فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا قبل الإسلام، وبالقاسم كان يكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما بناته فأدركن الإسلام، فهاجرن معه واتبعنه وآمن به.
وقيل: إن الطاهر والطيب ولدا في الإسلام.
وقد تقدم أن عمها عمرا زوجها، وأن أباها كان قد مات، قاله الزبير وغيره.
واختلف العلماء في أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فروى معمر عن الزهري قال: زعم بعض العلماء أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر، وقال: قال بعضهم: ما نعلمها ولدت له إلا القاسم وبناته الأربع.
وقال عقيل، عن ابن شهاب- وذكر بناته- وقال: والقاسم والطاهر.
وقال قتادة: ولدت له خديجة غلامين، وأربع بنات: القاسم- وبه كان يكنى، وعاش حتى مشى- وعبد الله مات صغيرا.
وقال الزبير: ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبد الله وكان، يقال له الطيب، ويقال له الطاهر، ثم مات القاسم بمكة، وهو أول ميت مات من ولده، ثم عبد الله مات أيضا بمكة.
وقال الزبير أيضا: حدثني إبراهيم بن المنذر، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن: أن خديجة بنت خويلد ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم، والطاهر، والطيب، وعبد الله، وزينب ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني: أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم: القاسم- وهو أكبر ولده- ثم زينب قال: وقال الكلبي: زينب والقاسم، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، ثم عبد الله- وكان يقال له: الطيب- والطاهر. قال: وهذا هو الصحيح، وغيره تخليط.
وقال الكلبي: ولد عبد الله في الإسلام، وكل ولده منها ولد قبل الإسلام.
وأما إسلامها فأخبرنا محمد بن محمد سرايا بن علي وغير واحد بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت: «أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، النوم، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح»... وذكر الحديث، قال- يعني جبريل، عليه السلام-: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة رضي الله عنها فقال زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، وقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي: فقالت خديجة: كلا، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، ويكتب الكتاب العبراني، ويكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ياليتنى فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس، عن ابن إسحاق قال: وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله، وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس، رضي الله عنها.
قال ابن إسحاق: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير: أنه حدث، عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن عم، هل تسطيع أن تخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك؟
قال: نعم. فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها إذ جاءه جبريل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل قد جاءني. فقالت: أتراه الآن؟ قال: نعم. قالت: اجلس على شقي الأيسر. فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم. قالت: فاجلس على شقي الأيمن. فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم. قالت فتحول فاجلس في حجري. فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس، فقالت: هل تراه؟ قال: نعم. قال: فتحسرت وألقت خمارها، فقالت: هل تراه؟ قال: لا قالت: ما هذا شيطان، إن هذا لملك يا ابن عم، اثبت وأبشر ثم آمنت به وشهدت أن الذي جاء به الحق أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي، أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، أخبرنا الحسين بن فاذشاه، أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا القاسم بن زكريا المطرز، حدثنا يوسف بن موسى القطان، حدثنا تميم بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نساء العالمين مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. قال: وأخبرنا أبو صالح، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي الواعظ، أخبرنا أحمد بن جعفر، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي، حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا داود، عن علباء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربع خطوط، قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. قال: في اصل الشيخ: داود مصلح، ورواه عارم: داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمر.
أخبرنا إبراهيم وإسماعيل وغيرهما بإسنادهم عن محمد بن عيسى: أخبرنا الحسين ابن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. أخبرنا يحيى بن محمود وعبد الوهاب بن أبي حبة بإسنادهما إلى مسلم: حدثنا أبو كريب، أخبرنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران- قال أبو كريب: وأشار وكيع إلى السماء والأرض. أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، أخبرنا جعفر بن أحمد السراج، حدثنا أبو علي بن شاذان، حدثنا أبو عمر وعثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا ابن أبي العوام، حدثنا الوليد بن القاسم، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا نصب فيه ولا صخب. أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن بدران الحلواني قال: قرئ على أبي الحسين محمد بن أحمد بن محمد الأبنوسي وأنا أسمع، أخبركم أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن ابن جعفر الدينوري فأقر به، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن غيلان الخزاز، حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما غرت على أحد من أزواج النبي ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، وإن كان مما تذبح الشاة يتبع بها صدائق خديجة، فيهديها لهن.
أخبرنا يحيى بن محمود وأبو ياسر بإسنادهما عن مسلم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وابن نمير قالوا: حدثنا ابن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة قال: سمعت أبا هريرة قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام- أو طعام أو شراب- فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. قال أبو بكر في روايته: عن أبي هريرة ولم يقل «سمعت»، ولم يقل في الحديث: «ومني».
وروى مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحس الثناء عليها. فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزا، فقد أبدلك الله خيرا منها! فغضب حتى أهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا، والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء. قالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بسيئة أبدا.
وروى الزبير بن بكار، عن محمد بن الحسن، عن يعلى بن المغيرة عن ابن أبي رواد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال لها: بالكره مني ما أثني عليك يا خديجة، وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا، أما علمت أن الله تعالى زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون. فقالت: وقد فعل ذلك يا رسول؟
قال: نعم. قالت: بالرفاء والبنين. أخبرنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: ثم إن خديجة توفيت بعد أبي طالب وكانا ماتا في عام واحد، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك خديجة وأبي طالب، وكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام كان يسكن إليها وقال أبو عبيدة معمر بن المثني: «توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين. وقيل: بأربع سنين. وقال عروة وقتادة: توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. وهذا هو الصواب. وقالت عائشة: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة. قيل: إن وفاة خديجة كانت بعد أبي طالب بثلاثة أيام وكان موتها في رمضان، ودفنت بالحجون. قيل: كان عمرها خمسا وستين سنة.
أخرجها الثلاثة.
دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 1502
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 7- ص: 80
دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 6- ص: 78
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية.
زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من صدقت ببعثته مطلقا.
قال الزبير بن بكار: كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة، وأمها فاطمة بنت زائدة، قرشية من بني عامر بن لؤي، وكانت عند أبي هالة بن زرارة بن النباش بن عدي التميمي أولا، ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ثم خلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول ابن عبد البر، ونسبه للأكثر.
وعن قتادة عكس هذا: إن أول أزواجها عتيق، ثم أبو هالة، ووافقه ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير عنه، وهكذا في كتاب النسب للزبير بن بكار، لكن حكى القول الأخير أيضا عن بعض الناس، وكان تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة. وقيل: أكثر من ذلك، وكانت موسرة، وكان سبب رغبتها فيه ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهده من علامات النبوة قبل البعثة، ومما سمعته من بحيرا الراهب في حقه لما سافر معه ميسرة في تجارة خديجة، وولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاده كلهم إلا إبراهيم.
وقد ذكرت في ترجمة كل منهم ما يليق به.
وقد ذكرت عائشة في حديث بدء الوحي
ما صنعته خديجة من تقوية قلب النبي صلى الله عليه وسلم لتلقي ما أنزل الله عليه، فقال لها: «لقد خشيت على نفسي».
فقالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبدا، وذكرت خصاله الحميدة، وتوجهت به إلى ورقة. وهو في الصحيح.
وقد ذكره ابن إسحاق، فقال: وكانت خديجة أول من آمن بالله، ورسوله وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه، فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس.
وعند أبي نعيم في «الدلائل» بسند ضعيف عن عائشة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا معها إذ رأى شخصا بين السماء والأرض، فقالت له خديجة: ادن مني، فدنا منها، فقالت: تراه: قال: «نعم». قالت: أدخل رأسك تحت درعي، ففعل، فقالت: تراه؟ قال: «لا».
قالت: أبشر، هذا ملك، إذا لو كان شيطانا لما استحيا، ثم رآه بأجياد، فنزل إليه وبسط له بساطا، وبحث في الأرض فنبع الماء، فعلمه جبرئيل كيف يتوضأ، فتوضأ وصلى ركعتين نحو الكعبة وبشره بنبوته وعلمه: {اقرأ باسم ربك}، ثم انصرف، فلم يمر على شجر ولا حجر إلا قال: سلام عليك يا رسول الله، فجاء إلى خديجة فأخبرها، فقالت: أرني كيف أراك، فأراها فتوضأت كما توضأ ثم صلت معه، وقالت: أشهد أنك رسول الله. قلت: وهذا أصرح ما وقفت عليه في نسبتها إلى الإسلام.
قال ابن سعد: كانت ذكرت لورقة ابن عمها، فلم يقدر، فتزوجها أبو هالة، ثم عتيق بن عائذ، ثم أسند عن الواقدي بسند له عن عائشة، قال: كانت خديجة تكنى أم هند.
وعن حكيم بن حزام أنها كانت أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بخمس عشرة سنة.
وروى عن المدائني بسند له عن ابن عباس- أن نساء أهل مكة اجتمعن في عيد لهن في الجاهلية، فتمثل فهن رجل، فلما قرب نادى بأعلى صوته: يا نساء مكة، إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد، فمن استطاع منكن أن تكون زوجا له فلتفعل، فحصبنه إلا خديجة، فإنها عضت على قوله، ولم تعرض له.
وأسند أيضا عن الواقدي، من حديث نفيسة أخت يعلى بن أمية، قالت: كانت خديجة ذات شرف وجمال. فذكر قصة إرسالها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه في التجارة لها إلى سوق بصرى، بربح ضعف ما كان غيره يربح، قالت نفيسة: فأرسلتني خديجة إليه دسيسا أعرض عليه نكاحها، فقبل، وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، فولدت له القاسم، وعبد الله، وهو الطيب، وهو الطاهر، سمي بذلك لأنها ولدته في الإسلام وبناته الأربع، وكان من ولدته ستة. وكانت قابلتها سلمى، مولاة صفية، وكانت تسترضع لولدها وتعد ذلك قبل أن تلد.
ثم أسند عن عائشة أن الذي زوجها عمها عمرو، لأن أباها كان مات في الجاهلية.
قال الواقدي: هذا المجمع عليه عندنا، وأسند من طرق أنها حين تزويجها به كانت بنت أربعين سنة.
وقد أسند الواقدي قصة تزويج خديجة من طريق أم سعد بنت سعد بن الربيع، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى، قال: كانت خديجة امرأة شريفة جلدة كثيرة المال، ولما تأيمت كان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها، فلما أن سافر النبي صلى الله عليه وسلم في تجارتها، ورجع بربح وافر رغبت فيه، فأرسلتني دسيسا إليه، فقلت له: ما يمنعك أن تزوج؟ فقال: «ما في يدي شيء». فقلت: فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة، قال: «ومن»؟ قلت: خديجة، فأجاب.
وفي الصحيحين، عن عائشة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب.
وعند مسلم، من رواية عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن علي- أنه سمعه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران».
وعنده من حديث أبي زرعة: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة أتتك ومعها إناء فيه طعام وشراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها من ربها السلام ومني..» الحديث.
قال ابن سعد: حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قالا: جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله، كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة. قال: «أجل، كانت أم العيال وربة البيت....» الحديث.
وسنده قوي مع إرساله.
وقال أيضا: أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، عن عبد الله بن عمير، قال: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة.
ومن مزايا خديجة أنها ما زالت تعظم النبي صلى الله عليه وسلم، وتصدق حديثه قبل البعثة وبعدها، وقالت له لما أرادت أن يتوجه في تجارتها: إنه دعاني إلى البعث إليك ما بلغني من صدق حديثك، وعظم أمانتك، وكرم أخلاقك، ذكره ابن إسحاق.
وذكر أيضا أنها قالت لما خطبها: إني قد رغبت فيك لحسن خلقك، وصدق حديثك.
ومن طواعيتها له قبل البعثة أنها رأت ميله إلى زيد بن حارثة بعد أن صار في ملكها، فوهبته له صلى الله عليه وسلم، فكانت هي السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام، حتى قيل: إنه أول من أسلم مطلقا.
وأخرج ابن السني بسند له عن خديجة- أنها خرجت تلتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة ومعها غذاؤه، فلقيها جبريل في صورة رجل، فسألها عن النبي صلى الله عليه وسلم فهابته، وخشيت أن يكون بعض من يريد أن يغتاله، فلما ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «هو جبريل، وقد أمرني أن أقرأ عليك السلام، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
وأخرجه النسائي، والحاكم، من حديث أنس: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إن الله يقرأ على خديجة السلام»، فقالت: إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك، السلام ورحمة الله.
وفي «صحيح البخاري» عن علي- رفعه: خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة.
ويفسر المراد به
ما أخرجه ابن عبد البر في ترجمة فاطمة عن عمران بن حصين- أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد فاطمة، وهي وجعة، فقال: «كيف تجدينك يا بنية؟» قالت: إني لوجعة، وإنه ليزيد ما بي ما لي طعام آكله. فقال: «يا بنية، ألا ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟» قالت: يا أبت، فأين مريم بنت عمران؟ قال: «تلك سيدة نساء عالمها».
فعلى هذا مريم خير نساء الأمة الماضية، وخديجة خير نساء الأمة الكائنة.
ويحمل قصة فاطمة إن ثبتت على أحد أمرين: إما التفرقة بين السيادة والخيرية، وإما أن يكون ذلك بالنسبة إلى من وجد من النساء حين ذكر قصة فاطمة.
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة ما لم يثن على غيرها، وذلك في حديث عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام، فأخذتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب. ثم قال: «لا، والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء.»
قالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبة أبدا.
أخرجه أبو عمر أيضا، رويناه في كتاب الذرية الطاهرة للدولابي من طريق وائل بن أبي داود، عن عبد الله البهي، عن عائشة.
وفي الصحيح عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول: «أرسلوا إلى أصدقاء خديجة». فقال: فذكرت له يوما، فقال: «إني لأحب حبيبها».
قال ابن إسحاق: كانت وفاة خديجة وأبي طالب في عام واحد، وكانت خديجة وزيد صدقا على الإسلام، وكان يسكن إليها. وقال غيره: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح، وقيل بأربع، وقيل بخمس.
وقالت عائشة: ماتت قبل أن تفرض الصلاة، يعني قبل أن يعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: كان موتها في رمضان.
وقال الواقدي: توفيت لعشر خلون من رمضان، وهي بنت خمس وستين سنة، ثم أسند من حديث حكيم بن حزام أنها توفيت سنة عشر من البعثة بعد خروج بني هاشم من الشعب، ودفنت بالحجون، ونزل النبي الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها، ولم تكن شرعت الصلاة على الجنائز.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 8- ص: 99
خديجة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، زوج النبي صلى الله عليه وسلم. تزوجها قبل البعثة وعمره خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيام، وقيل غير ذلك. وهي أول الناس إيمانا به، ثم أبو بكر. وكانت قبل عند أبي هالة هند بن النباش بن زرارة التيمي، فولدت له هندا. ثم خلف عليها عتيق بن عائذ المخزومي، ثم أنه خلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يختلف العلماء أنه ولد له منها ولده كلهم خلا إبراهيم، زوجه بها عمرو بن أسد بن عبد العزى وقال: هذا الفحل لا يقذع أنفه. وكانت إذ ذاك بنت أربعين سنة، وأقامت معه أربعا وعشرين سنة، توفيت وهي بنت أربع وستين وستة أشهر. وكان لما تزوج بها صلى الله عليه وسلم عمره إحدى وعشرين سنة، وقيل ابن خمس وعشرين سنة - وهو الأكثر- وقيل ابن ثلاثين. وأجمعوا أنها ولدت أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرن وهن: زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم. وولدت القاسم، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم، وقيل: ولدت الطاهر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسمع من المشركين شيئا يكرهه إلا فرج الله عنه بها، تثبته وتصدقه وتخفف عنه وتهون عليه ما يلقى من قومه. قالت له: يا بن عم. أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك؟ -تعني جبريل- فلما جاءه قال: يا خديجة، هذا جبريل جاءني. فقالت له: قم يا ابن عم فاقعد على فخذي اليمنى، ففعل. قالت: هل تراه؟ قال: نعم، قالت: فتحول إلى اليسرى ففعل. قالت: هل تراه؟ قال: نعم، قالت: فاجلس في حجري ففعل. قالت: هل تراه؟ قال: نعم، فألقت خمارها وحسرت عن صدرها، فقالت: هل تراه؟ قالت: لا، قالت: أبشر فإنه والله ملك وليس بشيطان. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. وقالت عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، ولكن ذلك لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها. وإن كان ليذبح الشاة فيتتبع بذلك صدائق خديجة يهديها لهن. وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لايكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن عليها الثناء. فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا، فقد أبدلك الله خيرا منها. فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله، ما أبدلني خيرا، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقني إذ كذبني الناس، وواستني فيمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا. قالت عائشة فقلت في نفسي: لا اذكرها بسبة أبدا. وفي رواية: وحرمني ولد غيرها. فقلت: والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم. وتوفيت رضي الله عنها، قال قتادة: قبل الهجرة بثلاث سنين، وقال غيره بأربع سنين، وقيل بخمس سنين. وكانت وفاتها في شهر رمضان، ودفنت في الحجون.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
خديجة أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين في زمانها. أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية الأسدية. أم أولاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد وثبتت جأشه ومضت به إلى ابن عمها ورقة.
ومناقبها جمة. وهي ممن كمل من النساء. كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويبالغ في تعظيمها بحيث إن عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- لها.
ومن كرامتها عليه -صلى الله عليه وسلم- أنها لم يتزوج امرأة قبلها وجاءه منها عدة أولاد ولم يتزوج عليها قط ولا تسرى إلى أن قضت نحبها فوجد لفقدها فإنها كانت نعم القرين. وكانت تنفق عليه من مالها ويتجر هو -صلى الله عليه وسلم- لها.
وقد أمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
الواقدي: حدثنا ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس وابن أبي الزناد، عن هشام وروي، عن جبير بن مطعم أن عم خديجة عمرو بن أسد زوجها بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأن أباها مات قبل الفجار. ثم قال الواقدي هذا المجتمع عليه عند أصحابنا ليس بينهم اختلاف. الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها بنت ثمان وعشرين سنة. قال الزبير بن بكار: كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية.
كانت خديجة أولا تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم بعده النبي -صلى الله عليه وسلم- فبنى بها وله خمس وعشرون سنة. وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة.
عن عائشة: أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة وقيل: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون، عن خمس وستين سنة.
وقال مروان بن معاوية، عن وائل بن داود، عن عبد الله البهي قال: قالت عائشة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها فذكرها يوما فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن قال: فرأيته غضب غضبا أسقطت في خلدي وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء. فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لقيت قال: ’’كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس وآوتني إذ رفضني الناس ورزقت منها الولد وحرمتموه مني’’ قالت: فغدا وراح علي بها شهرا.
قال الواقدي: خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي أبو طالب وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام. وقال الحاكم: ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام.
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة مما كنت أسمع من ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين. ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب.
أبو يعلى في ’’مسنده’’ سماعنا: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا سهل بن زياد ثقة:، حدثني الأزرق بن قيس، عن عبد الله بن نوفل أو ابن بريدة، عن خديجة بنت خويلد قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أين أطفالي منك؟ قال: ’’في الجنة’’ قالت: فأين أطفالي من أزواجي من المشركين؟ قال: ’’في النار’’. فقلت: بغير عمل قال: ’’الله أعلم بما كانوا عاملين’’ فيه انقطاع.
محمد بن فضيل: عن عمارة، عن أبي زرعة سمع أبا هريرة يقول: أتى جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. متفق على صحته.
عبد الله بن جعفر: سمعت عليا: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ’’خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران’’.
أحمد: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو: حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن قالا: لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله إلا تزوج؟ قال: ’’ومن’’ قالت: سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك....، الحديث بطوله وهو مرسل.
قال ابن إسحاق: تتابعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة. وكانت خديجة وزيرة صدق. وهي أقرب إلى قصي من النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل. وكانت متمولة فعرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخرج في مالها إلى الشام فخرج مع مولاها ميسرة. فلما قدم باعت خديجة ما جاء به فأضعف فرغبت فيه فعرضت نفسها عليه فتزوجها وأصدقها عشرين بكرة.
فأولادها منه: القاسم والطيب والطاهر ماتوا رضعا ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة.
قالت عائشة: أول ما بدى به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة.... إلى أن قالت: فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} قالت: فرجع بها ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة فقال: ’’زملوني’’.... فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: ’’ما لي يا خديجة’’؟. وأخبرها الخبر وقال: ’’قد خشيت على نفسي’’. فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الخط العربي وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا قد عمي. فقالت: اسمع من ابن أخيك ما يقول. فقال: يابن أخي ما ترى فأخبره. فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى.... الحديث.
قال الشيخ عز الدين بن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم لإجماع المسلمين.
وقال الزهري، وقتادة وموسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي وسعيد ين يحيى: أول من آمن بالله ورسوله خديجة وأبو بكر وعلي -رضي الله عنهم.
قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه، عن خديجة أنها قالت: يابن عم، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك فلما جاءه قال: يا خديجة هذا جبريل فقالت: اقعد على فخذي ففعل فقالت: هل تراه قال: نعم قالت: فتحول إلى الفخذ اليسرى ففعل: قالت: هل تراه قال: نعم فألقت خمارها وحسرت، عن صدرها. فقالت: هل تراه قال: لا قالت: أبشر فإنه والله ملك وليس بشيطان.
قال ابن عبد البر: روي من وجوه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’يا خديجة جبريل يقرئك السلام’’ وفي بعضها: يا محمد اقرأ على خديجة من ربها السلام.
عن حذيفة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد -صلى الله عليه وسلم’’. في إسناده لين.
حماد بن سلمة، عن حميد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة.
معمر، عن قتادة. وأبو جعفر الرازي، عن ثابت واللفظ لقتادة، عن أنس مرفوعا: ’’حسبك من نساء العالمين أربع’’.
وقال ثابت، عن أنس: ’’خير نساء العالمين مريم وآسية وخديجة بنت خويلد وفاطمة’’.
الدراوردي، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة وامرأة فرعون آسية’’.
مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خديجة فتناولتها فقلت: عجوز كذا وكذا قد أبدلك الله بها خيرا منها. قال: ’’ما أبدلني الله خيرا منها لقد آمنت بي حين كفر الناس وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها’’. قلت: والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم.
وروى عروة، عن عائشة قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة.
قال الواقدي: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون.
وقال قتادة: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وكذا قال عروة.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 408
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قال الزبير: كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة، أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، والأصم. اسمه جندب بن هرم بن رواحة ابن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي كانت خديجة تحت أبي هالة بن زرارة بن نباش بن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي، هكذا نسبه الزبير.
وأما الجرجاني النسابة فقال: كانت خديجة قبل عند أبي هالة هند بن النباش ابن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، فولدت له هند، ثم اتفقا فقالا: ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق ابن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ثم خلف عليها بعد عتيق المخزومي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: كانت خديجة تحت عتيق ابن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ثم خلف عليها بعده أبو هالة هند بن زرارة بن النباش، هكذا قال قتادة. والقول الأول الأصح إن شاء الله تعالى.
ولم يختلفوا أنه ولد له صلى الله عليه وسلم منها ولده كلهم حاشا إبراهيم.
زوجه إياها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وقال عمرو بن أسد: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة بنت خويلد، هذا الفحل لا يقدع أنفه وكانت إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة، فأقامت معه صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين سنة، وتوفيت وهي بنت أربع وستين سنة وستة أشهر.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تزوج خديجة ابن إحدى وعشرين سنة. وقيل: ابن خمس وعشرين سنة، وهو الأكثر وقيل: ابن ثلاثين سنة. وأجمعوا أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام، وهاجرن، فهن: زينب، وفاطمة، ورقية، وأم كلثوم.
وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم، هذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم وقال معمر، عن ابن شهاب: زعم بعض العلماء أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر. وقال بعضهم: ما نعلمها ولدت له إلا القاسم، وولدت له بناته الأربع وقال عقيل، بن ابن شهاب: ولدت له خديجة: فاطمة، وزينب، وأم كلثوم، ورقية، والقاسم، والطاهر. وكانت زينب أكبر بنات النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: ولدت له خديجة غلامين وأربع بنات: القاسم وبه كان يكنى، وعاش حتى مشى. وعبد الله مات صغيرا. ومن النساء: فاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم وقال الزبير: ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: القاسم، وهو أكبر ولده، ثم زينب، ثم عبد الله، وكان يقال له الطيب، ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة. ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، هكذا الأول فالأول، ثم مات القاسم بمكة، وهو أول ميت مات من ولده، ثم مات عبد الله أيضا بمكة.
وقال ابن إسحاق: ولدت له خديجة: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وقاسما، وبه كان يكنى، والطاهر. والطيب، فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا بمكة في الجاهلية. وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن، وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم. وقال مصعب الزبيري: ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم. وبه كان يكنى. وعبد الله، وهو الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد الوحي. وزينب، وأم كلثوم، ورقية، وفاطمة، أمهم كلهم خديجة ففي قول مصعب- وهو قول الزبير وأكثر أهل النسب- أن عبد الله بن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطيب وهو الطاهر، له ثلاثة أسماء.
وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني النسابة: أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم: القاسم وهو أكبر أولاده، ثم زينب، قال: وقال ابن الكلبي.
زينب، ثم القاسم، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، ثم عبد الله وكان يقال له الطيب والطاهر. قال: وهذا وهو الصحيح، وغيره تخليط.
وقال أبو عمر: لا يختلفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج في الجاهلية غير خديجة، ولا تزوج عليها أحدا من نسائه حتى ماتت، ولم تلد له من المهارى غيرها، وهي أول من آمن بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا قول قتادة والزهري وعبد الله بن محمد بن عقيل وابن إسحاق وجماعة، قالوا: خديجة أول من آمن بالله من الرجال والنساء ولم يستثنوا أحدا.
وذكر ابن أبي خيثمة في أول كتاب المكيين قال: وكان أول من آمن بالله ورسوله فيما قال محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومحمد بن إسحاق، وأبو رافع، وابن عباس- فذكر الأسانيد عن الزهري وابن عقيل وقتادة وابن إسحاق خديجة بنت خويلد. ثم قال: حدثنا الحسن بن حماد، حدثنا علي بن هاشم ابن البريد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وصلت خديجة آخر يوم الاثنين، وكذا يقول ابن عباس.
حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: كان علي بن أبي طالب أول من آمن بالله من الناس بعد خديجة. وقال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد أول من آمن بالله ورسوله وصدق محمدا صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن ربه وآزره على أمره، فكان لا يسمع من المشركين شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له إلا فرج الله عنه بها، تثبته وتصدقه، وتخفف عنه، وتهون عليه ما يلقى من قومه.
قال: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بن عم، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك- تعني جبرائيل عليه السلام- فلما جاءه جبرائيل عليه السلام قال: يا خديجة، هذا جبرائيل قد جاءني، فقالت له: قم يا بن عم فاقعد على فخذي اليمنى، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: نعم. قالت: فتحول إلى اليسرى، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: نعم. قالت: فاجلس في حجري، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: نعم، فألقت خمارها وحسرت عن صدرها، فقالت: هل تراه؟ فقال: لا، قالت: أبشر، فإنه والله ملك، وليس بشيطان.
وروى من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا خديجة، إن جبرئيل عليه السلام يقرئك السلام. وبعضهم يروي هذا الخبر أن جبرئيل قال: يا محمد، اقرأ على خديجة من ربها السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا خديجة، هذا جبرئيل يقرئك السلام من ربك. فقالت خديجة: الله هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبرئيل السلام. أخبرنا خلف بن قاسم، حدثنا علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، قال: حدثنا زهير بن العلاء العبدي، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: أول من آمن بالله ورسوله خديجة بنت خويلد زوجته.
قال زهير: وأنبأنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء خديجة بنت خويلد.
قرأت على أبي القاسم عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أبو قلابة عبد الله بن محمد الرقاشي، حدثنا بدل بن المحبر، حدثنا عبد السلام، قال: سمعت أبا يزيد المدني يحدث عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. وذكر أبو داود، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا داود- يعني ابن الفرات، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون
قال أبو داود: حدثنا يوسف بن موسى القطان، حدثنا تميم بن الجعد، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نساء العالمين مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. وأخبرنا قاسم بن محمد، حدثنا خالد بن سعد، حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا ابن إسحاق، حدثنا عارم، حدثنا داود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط، ثم قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وروى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، فآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد. وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. هكذا ذكره أبو داود، عن محمد بن يحيى بن فارس، عن عبد الرزاق. وقال فيه غيره، عن عبد الرزاق، عن معمر بإسناده: أفضل نساء العالمين أربع، وذكره مثله.
وذكر الزبير عن محمد بن حسين، عن الدراوردي، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيدة نساء العالمين: مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية، هكذا رواه الزبير.
وذكر أبو داود، قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة بنت محمد وخديجة، وآسية امرأة فرعون. وهذا هو الصواب في إسناد هذا الحديث ومتنه، وإنما رواية الدراوردي، عن إبراهيم بن عقبة لا عن موسى بن عقبة.
حدثني عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن خازم أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، ولكن ذلك لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وإن كان ليذبح الشاة فيتنبع بذلك صدائق خديجة يهديها لهن.
قال: وحدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير نسائها خديجة وخير نسائها مريم. أنبأنا أبو عبد الله محمد بن خليفة بن عبد الجبار، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين البغدادي بمكة، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد، قال: حدثنا أبي عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزا، فقد أبدلك الله خيرا منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا والله، ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء. قالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بسيئة أبدا. وروى علي بن المديني، قال: أخبرني حماد بن أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة ذات يوم، فتناولتها، فقلت: عجوز كذا وكذا، قد أبدلك الله بها خيرا منها. قال: ما أبدلني الله خيرا منها، لقد آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها. فقلت: والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم. أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، حدثنا محمد بن عثمان الصيدلاني ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن المديني، فذكره.
حدثنا سعيد بن نصر، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن أبي طالب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد. ورواه عن هشام بهذا الإسناد جماعة منهم ابن جريج وأبو معاوية.
واختلف في وقت وفاتها، فقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين. وقيل بأربع سنين. وكانت وفاتها قبل تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة. وقال قتادة: توفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين.
قال أبو عمر: قول قتادة عندنا أصح لما حدثنا أحمد بن فتح، قال: حدثنا محمد ابن عبد الله بن زكريا النيسابوري بمصر، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا الميموني، قال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، قال: توفيت خديجة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين أو نحو ذلك. وروى يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة. قال ابن شهاب: وذلك بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة أعوام.
قال ابن إسحاق: وتوفي أبو طالب وخديجة قبل مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين، قال: فلما توفي أبو طالب خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف المنعة، ثم رجع من الطائف إلى مكة.
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: حدثنا عبد الله بن معاوية، عن هشام ابن عروة- أن عروة بن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان: أما بعد، فإنك كتبت إلي تسألني عن خديجة بنت خويلد متى توفيت. وإنها توفيت قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بثلاث سنين.
قال أبو عمر: يقال إنها كانت وفاتها بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام.
وقيل: إنها كانت يوم توفيت بنت خمس وستين سنة، توفيت في شهر رمضان، ودفنت في الحجون، ذكره محمد بن عمر وغيره.
دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 4- ص: 1817
ذكر خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي. ونسبها وتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وإسلامها.
أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن الهرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهم بن مالك. وأمها هالة بنت عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي. وأمها العرقة وهي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. وأمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمها الخطيا وهي ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمها نائلة بنت حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك. وكانت خديجة بنت خويلد قبل أن يتزوجها أحد قد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي فلم يقض بينهما نكاح فتزوجها أبو هالة واسمه هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن غوي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم. وكان أبوها ذا شرف في قومه ونزل مكة وحالف بها بني عبد الدار بن قصي. وكانت قريش تزوج حليفهم. فولدت خديجة لأبي هالة رجلا يقال له هند وهالة رجل أيضا. ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له جارية يقال لها هند فتزوجها
صيفي بن أمية بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وهو ابن عمها. فولدت له محمدا. ويقال لبني محمد هذا بنو الطاهرة لمكان خديجة. وكان له بقية بالمدينة وعقب فانقرضوا. وكانت خديجة تدعى أم هند.
أخبرنا محمد بن عمر. حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة أن خديجة كانت تكنى أم هند.
أخبرنا محمد بن عمر. أخبرنا مغيرة بن عبد الرحمن الأسدي عن أهله قالوا: سألنا حكيم بن حزام أيهما كان أسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو خديجة. فقال: كانت خديجة أسن منه بخمس عشرة سنة. لقد حرمت على عمتي الصلاة قبل أن يولد رسول الله. قال أبو عبد الله: قول حكيم حرمت عليها الصلاة يعني حاضت. ولكنه تكلم بما يتكلم به أهل الإسلام.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله القرشي عن أبي عمرو المديني قال: أخبرنا طلحة بن عبد الله التيمي عن أبي البحتري الخزاعي وعن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب فلم يتركن شيئا من إكبار ذلك العيد إلا أتينه. فبينا هن عكوف عند وثن مثل لهن كرجل في هيئة رجل حتى صار منهن قريبا ثم نادى بأعلى صوته: يا نساء تيماء إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا فلتفعل.
فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء.
أخبرنا محمد بن عمر عن موسى بن شيبة عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك عن أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت أمية أخت يعلى بن أمية سمعتها تقول: كانت خديجة ذات شرف ومال كثير وتجارة تبعث إلى الشام فيكون عيرها كعامة عير قريش. وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة. فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
خمسا وعشرين سنة وليس له اسم بمكة إلا الأمين أرسلت إليه خديجة بنت خويلد تسأله الخروج إلى الشام في تجارتها مع غلامها ميسرة وقالت: أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك. ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج إلى سوق بصرى فباع سلعته التي أخرج واشترى غيرها وقدم بها فربحت ضعف ما كانت تربح. فأضعفت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ضعف ما سمت له. قالت نفيسة: فأرسلتني إليه دسيسا أعرض عليه نكاحها ففعل.
وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصي فحضر. ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمومته فزوجه أحدهم. وقال عمرو بن أسد في هذا: البضع لا يقرع أنفه. فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من الشام وهو ابن خمس وعشرين سنة فولدت القاسم وعبد الله. وهو الطاهر. والطيب. سمي بذلك لأنه ولد في الإسلام.
وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. وكانت سلمى مولاة عقبة تقبلها. وكان بين كل ولدين سنة. وكانت تسترضع لهم وتعد ذلك قبل ولادها.
أخبرنا محمد بن عمر. أخبرنا محمد بن عبد الله بن مسلم عن أبيه عن محمد عن جبير بن مطعم قال: وحدثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عائشة قال:
وحدثنا ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن عم خديجة عمرو بن أسد زوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن أباها مات يوم الفجار. قال محمد بن عمر: وهذا المجمع عليه عند أصحابنا ليس بينهم فيه اختلاف.
أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنة ثمان وعشرين سنة ومهرها اثنتي عشرة أوقية. وكذلك كانت مهور نسائه.
قال محمد بن عمر: ونحن نقول ومن عندنا من أهل العلم إن خديجة ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة. وإنها كانت يوم تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنت أربعين سنة.
أخبرنا محمد بن عمر. أخبرنا المنذر بن عبد الله الحزامي عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال: سمعت حكيم بن حزام يقول: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خديجة وهي ابنة أربعين سنة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن خمس وعشرين سنة. وكانت خديجة أسن مني بسنتين. وولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وولدت أنا قبل الفيل بثلاث عشرة سنة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن أول من أسلم خديجة.
أخبرنا محمد بن عمر عن ابن وهب عن نافع بن جبير بن مطعم قال: أول من أسلم خديجة.
أخبرنا محمد بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال: مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخديجة يصليان سرا ما شاء الله.
أخبرنا يحيى بن الفرات القزاز. حدثنا سعيد بن خثيم الهلالي عن أسد بن عبيدة البجلي عن ابن يحيى بن عفيف عن جده عفيف الكندي قال: جئت في الجاهلية إلى مكة وأنا أريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها. فنزلت على العباس بن عبد المطلب. قال: فأنا عنده وأنا أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس فارتفعت إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة فرفع رأسه إلى السماء فنظر ثم استقبل الكعبة قائما مستقبلها. إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه. ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما. ثم ركع الشاب فركع الغلام وركعت المرأة. ثم رفع الشاب رأسه ورفع الغلام رأسه ورفعت المرأة رأسها. ثم خر الشاب ساجدا وخر الغلام ساجدا وخرت المرأة. قال فقلت: يا عباس إني أرى أمرا عظيما. فقال العباس: أمر عظيم. هل تدري من هذا الشاب؟ قلت: لا. ما أدري. قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. هل تدري من هذا الغلام؟ قلت: لا. ما أدري.
قال: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي. هل تدري من هذه المرأة؟ قلت:
لا. ما أدري. قال: هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي هذا. إن ابن أخي هذا الذي ترى حدثنا أن ربه رب السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه.
فهو عليه. ولا والله ما علمت على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة. قال عفيف: فتمنيت بعد أني كنت رابعهم.
أخبرنا محمد بن عمر عن محمد بن صالح وعبد الرحمن بن عبد العزيز قالا:
توفيت خديجة لعشر خلون من شهر رمضان وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وهي يومئذ بنت خمس وستين سنة.
أخبرنا محمد بن عمر. حدثني معمر بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة. وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.
أخبرنا محمد بن عمر. أخبرنا المنذر بن عبد الله الحزامي عن موسى بن عقبة
عن أبي حبيبة مولى الزبير قال: سمعت حكيم بن حزام يقول: توفيت خديجة بنت خويلد في شهر رمضان سنة عشر من النبوة وهي يومئذ بنت خمس وستين سنة.
فخرجنا بها من منزلها حتى دفناها بالحجون. ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حفرتها. ولم تكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها. قيل: ومتى ذلك يا أبا خالد؟ قال: قبل الهجرة بسنوات ثلاث أو نحوها وبعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير. قال: وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأولاده كلهم منها غير إبراهيم ابن مارية. وكانت تكنى أم هند بولدها من زوجها أبي هالة التميمي.
ذكر بنات رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 8- ص: 11
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وهي أول امرأة تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حكينا أمرها وكتبنا نسبها وخبرها وتزويج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها قبل النبوة وإسلامها وولدها ووفاتها في أول الكتاب.
وتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدها:
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 8- ص: 42
خديجة بنت خويلد سيدة النساء
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 29
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى
زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت بمكة قبل الهجرة تقدم ذكرنا لها ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام وأولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم منها كلهم إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1
خديجة بنت خويلد
زوج النبي صلى الله عليه وسلم عمة حكيم بن حزام
دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشية الأسدية:
زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال الزبير: كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة.
ولم يختلفوا أنه صلى الله عليه وسلم ولد له منها ولده كلهم حاشى ولده إبراهيم.
زوجه إياها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصى.
وكانت إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة، وأقامت معه صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين سنة.
وتوفيت وهي بنت أربع وستين سنة وستة أشهر.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تزوج خديجة ابن إحدى وعشرين سنة، وقيل: ابن خمس وعشرين، وهو الأكثر، وقيل: ابن ثلاثين.
وأجمعوا أنها ولدت له أربع بنات، كلهن أدركن الإسلام، وهاجرن، وهن: زينب، وفاطمة، ورقية، وأم كلثوم.
وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم، هذا ما لا خلاف فيه بين أهل العلم.
قال أبو عمر: لا يختلفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج في الجاهلية غير خديجة، ولا تزوج عليها أحدا من نسائه حتى ماتت، ولم يلد له من المهارى غيرها.
وهي أول من آمن بالله عزوجل ورسوله.
هذا قول قتادة، والزهري، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وابن إسحاق وجماعة، قالوا: خديجة أول من آمن بالله، وصدق محمدا، من الرجال والنساء، ولم يستثنوا أحدا.
وروى من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا خديجة إن جبريل يقرئك السلام».
بعضهم يروى هذا الخبر: أن جبريل قال: يا محمد، أقرئ خديجة من ربها السلام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا خديجة هذا جبريل يقرئك من ربك السلام» فقالت خديجة: الله السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد بن أسد، وفاطمة بنت محمد».
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل نساء أهل الجنة، خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
واختلف في وقت وفاتها، فقال أبو عبيدة معمر بن المثني: توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين، قال: وقيل بأربع سنين، وكان وفاتها قبل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها.
وقال قتادة: توفيت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين.
قال أبو عمر: قول قتادة عندنا أصح.
قال أبو عمر يقال: إنها كانت وفاتها بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام، وقيل: إنها كانت يوم توفيت بنت خمس وستين سنة.
توفيت في شهر رمضان، ودفنت في الحجون. ذكره محمد بن عمر وغيره.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 6- ص: 1