ابن القيسراني خالد بن محمد بن نصر بن صقر القرشي المخزومي، أبو البقاء، موفق الدين، أبن القيسراني: وزير من أعيان الكتاب. أصله من قيسارية الشام، ومولده حلب. استوزره نورالدين الشهيد بدمشق، ومات بها في أيام صلاح الدين. وهو جد ابن القيسراني عبد الله ابن محمد
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 298
موفق الدين القيسراني خالد بن محمد بن نصر بن صغير، الرئيس موفق الدين أبو البقاء الكاتب البارع المخزومي الخالدي الحلبي ابن القيسراني وزير السلطان نور الدين محمود بن زنكي. كان صدرا نبيلا وافر الجلالة، بارع الكتابة. كتب المحقق وتفرد به في زمانه. سمع من عبد الله بن رفاعة والسلفي، وسمع بدمشق من ابن عساكر. وحدث بحلب، وروى عنه الموفق بن يعيش النحوي وغيره، وتوفي بحلب في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وحمس مائة. وهو أصل سعادة بني القيسراني، ومنه تفرع البيت. يقال أن والده مهذب الدين بن القيسراني الشاعر المقدم ذكره في المحمدين، كان قد عمل له مولدا رصديا، ورأى فيه لخالد هذا سعادة. فكان يقول: أبطأت علي سعادة خالد، ومات ولم يرها. فاتفق أن نور الدين الشهيد أراد كتابة ربعه محققا، فوصف له. فأحضره فكتب بين يديه، فأعجبه فأحضر له الورق والحبر والأقلام، وأفرد له مكانا يكتب فيه. فأقام عنده سنة، إلى أن فرغت. ولم يقل للسلطان لا أهلي ولا ولدي إلى أن فرغت الربعة، فانصرف إلى داره، فوجد الخدم على بابها. ودخلها فوجد البيت وفيه كل ما يحتاج إليه، وعلى أهله كسوة وبزة فاخرة. فسأل عن ذلك فقالوا: يوما طلبت إلى السلطان، جاءتنا هذه الخدم والجواري والقماش، ورتب لنا ما نحتاج إليه من اللحم والخبز والأدم وغير ذلك. ثم تقلب الزمان فجعله السلطان مستوفيا، ثم إنه جعله يكتب له الإنشاء والرسالة الذهبية التي للقاضي الفاضل، كتبها لموفق الدين هذا. وقد وقف له على خط بسطور ذهب وهي مشهورة وسوف يأتي شيء منها في ترجمة القاضي الفاضل. وتقدم عند نور الدين إلى أن سيره إلى مصر ليسترفع الحساب من صلاح الدين بن أيوب. فلما وصل إليه، أقبل عليه إقبالا عظيما، وتلقاه أكرم تلق وبالغ في تعظيمه. ثم قال له: السمع والطاعة، الحساب والمال حاصلان ولكن، توجه إلى إسكندرية واسترفع حسابها وخراجها وعد تجد الذي هنا حاصلا. فلما توجه وعاد، جاء الخبر بوفاة نور الدين. فلما وصل موفق الدين إلى السلطان صلاح الدين، لم ير منه ذلك الاحتفال فقال له: يا خوند، أحسن الله عزاك في مخدوم المملوك. فقال له صلاح الدين: من أعلمك بذلك؟ قال له: أنت، لأنك عاملتني تلك المرة باحتفال لم أره الآن. فسأله الإقامة عنده فأبى وقال: ما أخرج عن أولاد أستاذي.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0