خالد بن سنان خالد بن سنان العبسي: حكيم، من أبنياء العرب في الجاهلية. وكان في أرض بني عبس، يدعو الناس إلى دين عيسى. قال ابن الأثير: من معجزاته أن نارا ظهرت بأرض العرب فافتتنوا بها وكادوا يدينون بالمجوسية، فأخذ خالد عصاه ودخلها ففرقها وهو يقول (بدا بدا كل هدى مؤدى لأدخلنها وهي تلظى، ولأخرجن منها وثيابي تندى!) وطفئت وهو في وسطها. أقول: هي النفط لاريب، والرواة مجمعون على ان خالدا دخل نارا فانطفئت. واختلفوا في مكانها، قيل: بأرض عبس، بنجد؛ وقيل: بين مكة والمدينة؛و قيل: في ناحية خيبر؛ وقيل:في حرة أشجع. وهناك روايات بأن النار كانت تخرج من بئر. وقالوا: يم يكن في بني إسماعيل نبي غيره قبل محمد (ص) ووفدت ابنته على رسول الله (ص) فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وقال: (ابنة نبي ضيعه أهله) وفي حديث قال لها: (مرحبا بأبنة أخي)
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 296
خالد بن سنان العبسي ذكره أبو موسى عن عبدان، وقال: ليست له صحبة ولا أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «نبي ضيعه قومه.»
ووفدت ابنته على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت، وقد سمعته يقرأ: قل هو الله أحد كان أبي يقول هذا.
قال ابن الأثير: لا أدري لم ذكره مع اعترافه بأن لا صحبة له؟ قلت: ولو كان كل من يذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكون صحابيا لاستدركنا عليه خلقا كثيرا.
وقد نسب ابن الكلبي خالدا هذا فقال خالدا بن سنان بن غيث بن مريطة بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس العبسي.
وذكر المسعودي في «مروج الذهب» من طريق سعيد بن كثير بن عفير المصري، عن أبيه، عن جده، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله خلق طائرا في الزمن الأول يقال له العنقاء. فكثر نسله في بلاد الحجاز، فكانت تخطف الصبيان، فشكوا ذلك لخالد بن سنان وهو نبي ظهر بعد عيسى من بني عبس، فدعا عليها أن يقطع نسلها، فبقيت صورتها في البسط.»
وبه قال ابن عباس: وكان خالد بن سنان بعث مبشرا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلما حضرته الوفاة قال: إذا أنا مت فادفنوني في حقف من هذه الأحقاف، فذكر نحو ما تقدم.
وبه إلى ابن عباس، قال: ووردت ابنة له عجوز على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتلقاها بخير وأكرمها، وقال لها: «مرحبا بابنة نبي ضيعه قومه»، فأسلمت وفي ذلك يقول شاعر من بني عبس فذكر شعرا.
وأصح ما وقفت عليه في ذلك مع إرساله ما قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت أحمد المقدسية، عن إبراهيم بن محمود، قال: قرأ على خديجة بنت النهرواني ونحن نسمع عن الحسين بن أحمد بن طلحة سماعا، أنبأنا أبو الحسين بن بشران في الجزء الثاني من الرابع من أمالي عبد الرزاق، عن إسماعيل الصفار سماعا، أنبأنا عبد الرزاق، إملاء، حدثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: جاءت ابنة خالد بن سنان العبسي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «مرحبا بابنة نبي ضيعه قومه.»
ورجاله ثقات إلا أنه مرسل.
وقال الكلبي في تفسيره، عن أبي صالح، عن ابن عباس: دخلت ابنة خالد بن سنان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «مرحبا بابنة نبي ضيعه قومه.»
قال الفضل بن موسى الشيباني: دخلت على أبي حمزة السكري. فحدثته بهذا عن الكلبي، فقال: أستغفر الله، أستغفر الله، أخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور.
ورواه أبو محمد بن زبر، عن الخضر بن أبان، عن عمرو بن محمد، عن سفيان الثوري، عن سالم نحوه.
وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب «الأرجاء والجماجم»، خالد بن سنان أحد بني مخزوم بن مالك العبسي لم يكن في بني إسماعيل نبي غيره قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي أطفأ نار الحرة. وكانت حرة ببلاد بني عبس يستضاء بنارها من مسيرة ثلاثة أيام، وربما سطعت منها عنق فاشتعلت في البلاد، فلا تمر على شيء إلا أهلكته، فإذا
كان النهار فإنما هي دخان يفور، فبعث الله خالد بن سنان العبسي فاحتفر لها سربا ثم أدخلها فيه، والناس ينظرون، ثم اقتحم فيها حتى غيبها، فسمع بعض القوم وهو يقول: هلك الرجل. فقال خالد بن سنان: كذب ابن راعية المعزى وخرج يرشح جبينه عرقا وهو يقول عودي بدا، كل شيء يؤدى، لأخرجن منها وجسدي يندى. فلما حضرته الوفاة قال لقومه: إذا أنا مت فاحفروا قبري بعد ثلاث فإنكم ترون عيرا يطوف بقبري، وإذا رأيتم ذلك فإني أخبركم بما هو كائن إلى يوم القيامة.
فاجتمعوا، فلما رأوا العير أرادوا نبشه فقال ابنه عبد الله بن خالد بن سنان: لا تنبشوه، ولا أدعى ابن المنبوش أبدا، فافترقوا فرقتين، فتركوه.
وقدمت ابنته على النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه وأجلسها عليه، وقال: «ابنة نبي ضيعه قومه.»
وقال القاضي عياض في الشفاء في سياق من اختلف في نبوته: وخالد بن سنان المذكور يقال إنه نبي أهل الرس.
وقد روى الحاكم وأبو يعلى والطبراني، من طريق معلى بن مهدي، عن أبي عوانة، عن أبي يونس، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفئ عنكم نار الحدثان، فقال له عمارة بن زياد- رجل من قومه: والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا، فما شأنك وشأن نار الحدثان، تزعم أنك تطفئها؟ قال: انطلق، فانطلق معه عمارة في ثلاثين من قومه حتى أتوها، وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع، فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها، وقال: إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي، قال: فخرجت كأنها جبل سعر يتبع بعضها بعضا، واستقبلها خالد، فضربها بعصاه حتى دخل معها الشق، وهو يقول بدا بدا بدا، كل هدي يؤدى، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي تندى، حتى دخل معها الشق. قال: فأبطأ عليهم، فقال عمارة بن زياد: والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج منها فقالوا: إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه قال: فدعوه باسمه، فخرج إليهم وقد أخذ برأسه، فقال: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي؟ قد والله قتلتموني فإذا مت فادفنوني، فإذا مرت بكم عانة حمر فانبشوني، فإنكم ستجدونني حيا فأخبركم بما يكون.
فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر، فقالوا: انبشوه، فإنه قد أمرنا أن ننبشه، فقال لهم عمارة بن زياد تحدث مضر أنا ننبش موتانا، والله لا تنبشوه أبدا، وقد كان خالد أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين، فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما، فإنكم سترون ما تسألون عنه، وقال: لا تمسهما حائض.
فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض. فذهب ما كان فيهما من علم.
قال أبو يونس: قال سماك بن حرب: سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ذاك نبي ضيعه قومه»، وإن ابنته أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «مرحبا بابنة أخي».
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، فإن أبا يونس هو حاتم بن أبي صغيرة.
قلت: لكن معلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم الرازي، قال الحاكم: قد سمعت أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر وغيره يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحرا في وسط جبل لا يصعده أحد، وأن طريقها في البحر على الجبل وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض، وهو محتب في صوف أبيض، ورأسه على يديه، كأنه نائم لم يتغير منه شيء، وإن جماعة أهل تلك الناجية يشهدون أنه خالد بن سنان.
قلت: وشهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة، فأين بلاد بني عبس من جبال المغرب.
وأخرجه البزار والطبراني من طريق قيس بن الربيع، عن سالم موصولا بذكر ابن عباس، قال: ذكر خالد بن سنان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «ذاك نبي ضيعه قومه.»
وزاد الطبراني: وجاءت بنت خالد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألها قومه....» الحديث.
وقيس ضعيف من قبل حفظه، وسيأتي له ذكر في ترجمة سباع بن زيد العبسي.
وذكر المسعودي في «مروج الذهب» من طريق محمد بن عمر: حدثني علي بن مسلم الليثي، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قدم ثلاثة نفر من بني عبس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: إنه قدم علينا قراؤنا وأخبرونا أنه لا إسلام لمن لا هجرة له، ولنا أموال ومواش هي معاشنا، فإن كان لا إسلام لمن لا هجرة له بعناها وهاجرنا، فقال: «اتقوا الله، حيث كنتم، فلن يلتكم من أعمالكم شيئا، ولو كنتم بصدر جازان.» وسألهم عن خالد بن سنان فقالوا: لا عقب له فقال: «نبي ضيعه قومه» ثم أنشأ يحدث أصحابه حديث خالد بن سنان.
وأخرج ابن شاهين في الصحابة، من طريق الحسين بن محمد، حدثنا عائذ بن حبيب، عن أبيه، حدثني مشيخة من بني عبس، عن سباع بن زيد أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له قصة خالد بن سنان فقال: «ذاك نبي ضيعه قومه.»
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 309