خالد بن سعيد خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس: صحابي، من الولاة الغزاة. قثثديم الأسلام، أسلم ورسول الله يبث الدعوة للدين سرا، فكان الثالث أو الرابع من الداخلين في الأسلام بعد البعثة، ولزم رسول الله (ص) يصلي معه نواحي مكة خاليا، فبلغ ذلك أبا أحيحة (وكان من خصوم الأسلام الأشداء) فدعاه فكلمه في ان يدع ماهو عليه، فأبى، فضربه أبو احيحة بعصا كانت في يده حتى كسرها على رأسه، ثم حبسه (بمكة) وضيق عليه وأجاعه وقطع عنه الماء ثلاثة أيام، وهو صابر. ثم هاجر إلى الحبشة فأقام بضع عشرة سنة، وعاد سنة 7هـ ، فغزا مع النبي (ص) وحضر فتح مكة ثم وقعة تبوك. وكان يكتب للنبي (ص) بمكة والمدينة. وهو الذي خط طتاب أهل الطائف لودف ثقيف ومشى بالصلح بينهم وبين النبي. ثم بعثه رسول الله عاملا على اليمن، فأقام إلى ان أستخلف أبو بكر فعزله عن اليمن ودعاه إليه، فجاءه. وخرج مجاهدا فشهد فتح أجنادين (قرب الرملة في فلسطين) سنة 13هـ ، ثم شهد وقعة مرج الصفر (قرب دمشق فقتل فيها. ولعمرو بن معدي كرب قصيدة يمدحه بها

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 296

خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي أبو سعيد القرشي الأموي.
استشهد باجنادين 28 جمادى الأول يوم السبت نصف النهار سنة 13 للهجرة وقيل بل قتل بمرج الصفر في المحرم سنة 13 أو 14 للهجرة وهو ابن خمسين أو أكثر على أن أهل التاريخ اختلفوا في وقعة اجنادين ومرج الصفر أيهما كان قبل قاله في أسد الغابة وغيره.
(واجنادين) بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح النون وبعدها ألف وكسر الدال المهملة وسكون المثناة التحتية بعدها نون بلفظ الجمع وبلفظ المثنى موضع بفلسطين كانت فيه الوقعة ومرج الصفر بضم الصاد وتشديد ألف المفتوحة بعدها راء بنواحي دمشق وحوران وقيل هز المعروف اليوم بأرض المرج بجهة مرج عذرا.
أبوه
سعيد بن العاص يكنى أبا أحيحة مات على كفره وكان أعز من بمكة وكان شديدا عليه وعلى المسلمين ولكن الله تعالى يخرج الحي من الميت.
أمه
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن خليفة بن خياط قال: أم خالد بن سعيد العاص لبينة المعروفة بأم خالد بنت خباب (أو حباب) ابن عبد باليل بن ناشد بن غيرة بن معذ بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. وقال ابن سعد أمه أم خالد بنت خباب بن عبد باليل إلى آخر ما مر إلا أنه قال ابن عبد مناة بن كنانة وساق ابن الأثير في أسد الغابة نسبها إلى غيره وقال من ثقيف.
أخوته
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أحمد بن سيار أن خالد بن سعيد بن العاص كان لأبيه عشرون ابنا وعشرون ابنة اه. والمعروف أن له ثمانية أولاد ذكور مات ثلاثة على الكفر أحيحة قتل في الجاهلية والعاص وعبيدة قتلا ببدر كافرين وأسلم خمسة خالد وعمرو وسعيد وأبان والحكم. قتل مع سعيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف وقتل خالد وعمرو وأبان بالشام ومرت ترجمة أبان في بابه وفي الاستيعاب: كان الحكم تعلم الحكمة اه.
أولاده
قال ابن سعيد في الطبقات كان لخالد بن سعيد من الولد سعيد ولد بأرض الحبشة درج - أي لم يعقب – وليس لخالد بن سعيد اليوم عقب اه. وسيأتي أن ابنه سعيدا هذا قتل في حرب الروم وقتله باهان من أمراء الروم، ثم روى ابن سعيد كما يأتي أنه ولد بالحبشة أم خالد – واسمها أمة – تزوجها الزبير بن العوام وولدت له.
أقوال العلماء فيه
سيأتي عن ابن سعد في الطبقات عن الواقدي أن إسلامه كان قديما وأنه أول إخوته إسلاما.
وفي الاستيعاب: أسلم قديما يقال بعد أبي بكر فكاد ثالثا أو رابعا وقيل كان خامسا وقال حمزة بن ربيعة أسلم مع أبي بكر. أقول وفي رواية للحاكم في المستدرك أنه أسلم قبل أبي بكر. وبسنده عن أم خالد بنته كان أبي خامسا في الإسلام تقدمه علي بن أبي طالب وابن أبي قحافة وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته الخزاعية وولد لها بها ابنه سعيد وابنته أم خالد واسمها أمة وهاجر معه أخزه عمرو. وروى الواقدي بسنده عن أم خالد هاجر أبي إلى أرض الحبشة المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة وولدت أنا بها ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر فكلم المسلمين فأسهموا لنا ثم رجع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقمنا بها وشهد أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي باليمن.
وفي الطبقات بسنده: أقام خالد بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكان يكتب له وهو كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف وهو الذي مشى في الصلح بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم اه.
وفي الاستيعاب: روى إبراهيم بن عقبة عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم وكان قدومه من أرض الحبشة مع جعفر بن أبي طالب واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات مذحج واستعمله على صنعاء اليمن فلم يزل عليها إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما هاجر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية كان خالد أول من هاجر إليها. وقال خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد أخبرني أبي أن أعمامه خالدا وأبان وعمر وابني سعيد بن العاص رجعوا من عمالتهم حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: مالكم رجعتم عم عمالتكم ما كان أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجعوا إلى أعمالكم عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا: نحن بني أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا وكان خالد على اليمن وأبان على البحرين وعمرو على تيماء وخيبر قرى عربي وكان الحكم تعلم الحكمة ويقال: ما فتحت بالشام كورة إلا وجد عندها رجل من بني سعيد بن العاص ميتا وكان سعيد بن سعيد بن العاص قد قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف. الواقدي بسنده كلن إسلام خالد ابن سعيد قديما وكان أول إخوته إسلاما اه. الاستيعاب ببعض اختصار.
وفي أسد الغابة قدم خالد وأخوه من أرض الحبشة في السفينتين وقال: قال الغساني قرى عربية كذا هو غير منون لهذه التي بالحجاز كذا قيده غير واحد من أهل العلم. وفي الإصابة من السابقين الأولين قيل: كان رابعا أو خامسا. وروى يعقوب بن سفيان من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وغيره أن الهجرة الأولى إلى الحبشة هاجر فيها جعفر بن أبي طالب بامرأته أسماء بنت عميس وعثمان بن عفان برقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص بامرأته وكذا ابن إسحاق وسماها أمية بنت خالد بن أسعد بن عامر من خزاعة وسيأتي لخالد ذكر في ترجمة فروة بن مسيك وذكر سيف في الفتوح أن أبا بكرا أمره على مشارف الشام بالردة.
وقال بحر العلوم الطباطبائي في رجاله أنه نجيب بني أمية وإنه من السابقين الأولين ومن المتمسكين بولاء أمير المؤمنين عليه السلام .
إسلامه والسبب فيه
روى ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك واللفظ للأول عن الواقدي بإسناده كان إسلام خالد بن سعيد قديما وكان أول إخوته أسلم وكان سبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحقويه لا يقع ففزع من نومه فقال: أحلف الله أن هذه لرؤيا حق فذكر ذلك لأبي بكر فقال: أريد بك خير هذا رسول الله فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها وأبوك واقع فيها فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى ما تدعو قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسوله فسر رسول الله بإسلامه وتغيب خالد وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعا مولاه فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنبه وبكته وضربه بقرعة (بصريمة) في يده حتى كسرها على رأسه ثم قال: اتبعت محمدا وأنت ترى خلافه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم فقال خالد: قد صدق والله واتبعته فغضب أبو أحيحة ونال من ولده وشتمه ثم قال: اذهب يا لكع حيث شئت فوالله لأمنعنك القوت فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه. وروى ابن سعد عن الواقدي بسنده عن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص قال كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص ثالثا أو رابعا وكان ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو سرا وكان يلزم رسول الله ويصلي معه في نواحي مكة خاليا فبلغ ذلك أبا أحيحة فدعاه فكلمه أن يدع ما هو عليه فقال خالد: لا أدع دين محمد حتى أموت عليه فضربه أبو أحيحة بقراعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم أمر به إلى الحبس وضيق عليه وأجاعه وأعطشه حتى لقد مكث في حر مكة ثلاثا ما يذوق ماء فرأى خالد فرجة فخرج فتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى حضر خروج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة في الهجرة الثانية فهو أول من خرج إليها. وروى ابن عساكر في تاريخه سببا آخر في إسلامه شبيها بهذا.
هجرته إلى بلاد الحبشة ورجوعه منها
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن محمد بن إسحاق قال: وممن خرج من أهل مكة مهاجرا إلى أرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني أمية عبد شمس خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ومعه امرأته فولت له بأرض الحبشة ابنه سعيد بن خالد اه. ومر أن ذلك في الهجرة الثانية. وفي رواية في الإصابة أن هجرته إلى الحبشة كانت في الهجرة الأولى. لكن الأول أشهر.
وروى ابن سعد عن الواقدي بسنده عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بنت العاص قالت: كان أبي خامسا في الإسلام أسلم قبل الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وهاجر في المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة وولدت أنا بها وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فأسهموا لنا ثم رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقمنا بها وخرج أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية وغزا معه الفتح هو وعمي – تعني عمرا - وخرجا معه إلى تبوك وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي عاملا على صدقات اليمن فتوفي صلى الله عليه وسلم وأبي باليمن. وبسنده عن أم خالد هذه قالت: خرج خالد بن سعيد إلى أرض الحبشة ومع امرأته همينة أو أمينة بنت خلف بن أسعد الخزاعية فولت له هناك سعيدا وأم خالد. وبسنده عن خالد بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في رهط من قريش إلى ملك الحبشة فقدموا عليه ومع خالد امرأة له جارية وتحركت وتكلمت هناك ثم إن خالدا أقبل هو وأصحابه وقد غرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقعة بدر فأقبل يمشي ومعه ابنته فقال: أو ما ترضى يا خالد أن يكون للناس هجرة ولكم هجرتان اثنتان قال: بلى يا رسول الله قال: فذاك لكم ثم إن خالدا قال لابنته اذهبي إلى رسول اله فسلمي عليه فذهبت الجويرية حتى أتته من خلفه فأكبت عليه وعليها قميص أصفر فأشارت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تريه إياه (فقال لها) (سنه سنه سنه) يعني حسن يعني بالحبشية (ثم قال) أبلي واخلقي ثم أبلي واخلقي اه.
وهذه أم خالد صحبت بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روت عنه اه. وفي ذلك من الدلالة على كلام أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بساطة أحوال العرب وأخلاقهم مالا يخفى. وفي أسد الغابة هاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد وقدما على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين فكلم النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين فأسهموا لهم. وفي رجال بحر العلوم: وشهد خالد مع النبي صلى الله عليه وسلم الفتح وحنين والطائف وتبوك ثم ولاه صدقات اليمن فكان في عمله ذلك حتى بلغه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فترك ما في يده وأتى بالمدينة ولزم عليا عليه السلام اه.
بقية أخباره في عصر النبوة
وروى ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك بالإسناد عن الوافدي بسنده عن خالد بن سعيد أن أباه سعيد ابن العاص بن أمية مرض، زاد صاحب أسد الغابة وكان أبوه شديدا على المسلمين وكان أعز من بمكة فقال: لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكة أبدا فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه، زاد صاحبا المستدرك والاستيعاب فتوفي في مرضه ذلك. وفي الاستيعاب فيما أخرجه البغوي بسنده عن خالد بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم فضة مكتوب عليه محمد رسول الله قال: فأخذه مني فلبسه وهو الذي كان في يده. وروى الحاكم في المستدرك بسنده أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده خاتم فقال له النبي: ’’ما هذا الخاتم’’ قال: خاتم اتخذته قال: ’’فاطرحه’’ فطرحته إليه فإذا هو خاتم من حديد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ’’ما نقشه’’ قلت: محمد رسول الله فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتختم به حتى مات فهو الخاتم الذي كان في يده. صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال ابن عساكر: أخرج الخطيب قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبر أبي أحيحة الفاسق، فقال خالد بن سعيد: والله ما يسرني إنه في أعلى عليين وإنه مثل أبي قحافة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ’’لا تسبوا الموتى فتغضبوا الأحياء’’.
من أخباره باليمن
في الاستيعاب قال الزبير- ابن بكار- لخالد بن سعيد بن العاص وهب عمرو بن معد يكرب الصمصامة وذكر شعره في ذلك. ثبت في ديوان عمرو بن معد يكرب مدح خالد بن سعيد بن العاص لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا عليهم مصدقا يقول فيها:

وفي تاريخ دمشق وهب له عمرو بن معد يكرب الصمصامة وقال حين وهبها له:
أخباره بعد عصر النبوة ورجوعه من اليمن
حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الزبير بن بكار في الموفقيات خبرا يتضمن كلاما وشعرا لعمرو بن العاص ضد الأنصار بعد بيعة أبي بكر وكلاما وشعرا للنعمان بن عجلان في الرد عليه وذكرنا ذلك كله في ترجمة النعمان وإن شعر عمرو وكلامه لما انتهى إلى قريش غضب كثير منها. قال وألقى ذلك قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله عليها وكان له ولأخيه أثر قديم في الإسلام وهما من أول من أسلم من قريش ولهما عبادة وفضل فغضب خالد للأنصار وشتم عمرو بن العاص وقال: يا معشر قريش إن عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه فلما لم يستطع أن يكيده بيده كاده بلسانه وإن من كيده الإسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار والله ما جازيناهم للدين ولا للدنيا لقد بذلوا دمائهم لله تعالى فينا وما بذلنا دمائنا لله فيهم وقاسمونا ديارهم وأموالهم وما فعلنا مثل ذلك بهم وأثرونا على الفقر وحرمناهم على الغنى ولقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وعزاهم عن جفوة السلطان وأعوذ بالله أن أكون أنا وإياكم الخلف المضيع والسلطان الجاني اه. قال ابن أبي الحديد قوله: وعزاهم عن جفوة السلطان إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ’’ستلقون بعدي إثرة فاصبروا حتى تقدموا علي الحوض’’. وجاء النعمان بن البشير في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا إليه فقرهم وقالوا: لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لنا: ’’ستلقون بعدي إثرة’’ فقد لقيناها فقال معاوية: فماذا قال لكم فقالوا: قال لنا فاصبروا حتى تردوا علي الحوض، قال معاوية: فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبر. وحرمهم ولم يعطهم شيئا اه. ومر في ترجمة أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد أنه قال له نحوا من ذلك وإن ذلك استهزاء بالشرع وصاحبه قال الزبير و قال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك:
امتناعه وأخويه عن العمل
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
قد عرفت أنه كان عاملا للنبي صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن وعلى صنعاء وأنه بقي عاملا عليه إلى حين وفاته صلى الله عليه وسلم وأنه بعد وفاته عاد وإخوته إلى المدينة ولم يريدوا أن يعملوا لغيره. روى الحاكم في المستدرك بسنده وصاحب الاستيعاب، عن خالد بن سعيد بت عمرو بن سعيد واللفظ للثاني قال: أخبرني أبي أن أعمامه خالدا وأبانا وعمرا بني سعيد بن العاص رجعوا عن عمالتهم حين بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: مالكم رجعتم عن عمالتكم ما أحدا أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا: نحن بني أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا.
امتناعه وأخوه عن البيعة
في أسد الغابة: تأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبي بكر فقال لبني هاشم إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر ونحن تبع لكم فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد وأبان اه وقال ابن عساكر: روى ابن إسحق أن خالدا حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربص ببيعته شهرين وفي رواية ابن البنا ثلاثة أشهر. وحكى ابن حديد في شرح النهج عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة أن خالد بن سعيد هذا كان قد تخلف عن بيعة أبي بكر وقال: لا أبايع إلا عليا وفي شرح النهج أيضا قال أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة ثنا يعقوب عن أبي النصر عن محمد بن راشد عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل فقدم بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلى البيعة فأبى فقال عمر: دعني وإياه فمنعه أبو بكر حتى مضت عليه سنة ثم مر به أبو بكر وهو جالس على بابه فناداه خالد أبا بكر هل لك بالبيعة قال: نعم قال: فاذن قدنا منه فبايعه خالد وهو قاعد على بابه اه ويأتي في خبر آخر أنه جاء إليه فبايعه على المنبر.
توليه إمارة الجيش الموجه إلى الشام ثم عزله
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة: أبو زيد عن هارون بن عمر عن محمد بن سعيد بن الفضل عن أبيه عن الحارث بن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الجزاعي قال: كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى المدينة وقد بايع الناس أبا بكر فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما وقد بايع الناس وأتى بني هاشم فقال: أنتم الظهر والبطن والشعار دون الدثار والعصا دون اللحا فإذا رضيتم رضينا وإذا سخطتم سخطنا حدثوني إن كنتم بايعتم هذا الرجل قالوا: نعم قال: على برد ورضا من جماعتكم قالوا: نعم قال: فأنا أرضى وأبايع أما والله يا بني هاشم أنكم لطوال الشجر الطيب الثمر ثم إنه بايع لأبا بكر وبلغت أبا بكر فلم يحفل بها واضطعنها عليه عمر فلما ولاه أبو بكر الجند الذي استقر إلى الشام قال له: أتولي خالدا وقد حبس عنك بيعته وقال لبني هاشم ما قال وقد جاء بورق من اليمن وعبيد وحبشان ودروع ورماح ما أرى أن توليه وما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر وولى أبا عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة اه. وروى ابن سعيد في الطبقات بسنده عن أم خالد بنت خالد بنت سعيد بن العاص قالت قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر فقال لعلي وعثمان: أرضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد وحملها عمر عليه وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع ثم مر عليه أبو بكر بعد ذلك مظهرا وهو في داره فسلم فقال له خالد: أتحب أن أبايعك فقال أبو بكر: أحب أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون قال: موعدك العشية أبايعك فجاء وأبو بكر على المنبر فبايعه وكان رأي أبي بكر فيه حسنا وكان معظما لع فلما بعث أبو بكر الجنود على الشام عقد له على المسلمين وجاء باللواء إلى بيته فكلم عمر أبا بكر وقال: تولي خالد وهو القائل ما قال فلم يزل به حتى أرسل أبا أروى الدوسي فقال: إن خليفة رسول الله يقول لك: أردد إلينا لوائنا فأخرجه فدفعه إليه وقال: والله ما سرتنا ولايتكم ولا ساءنا عزلكم وإن المليم لغيرك (وهذا يدل على علو الهمة وكبر النفس) قال: فما شعرت إلا بأبي بكر دخل على أبي يعتذر إليه ويعزم عليه أن لا يذكر عمر بحرف (الحديث) ثم روى بسنده أنه لما عزل أبو بكر خالدا ولى يزيد بن أبي سفيان جنده ودفع لواءه إلى يزيد وروى الطبري وتبعه ابن الأثير أن أول لواء عقده أبو بكر لحرب الروم لواء خالد بن سعيد بن العاص ثم عزله قبل أن يسير وولى يزيد بن أبي سفيان وكان سبب عزله أن خالد بن سعيد حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربص ببيعته شهرين يقول: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم يعزلني حتى قبضه الله ويبعد أن يكون قال ذلك فإنه لا يصلح حجة للتأخر عن البيعة بل الظاهر أنه قال: لا أبايع إلا علي بن أبي طالب كما مر- قال الطبري: وقد لقي علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان فقال يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم فأما أبو بكر فلم يحقدها وأما عمر فأضطعنها عليه ثم بعث أبو بكر الجنود إلى الشام وكان أول من استعمل على ربع منها خالد بن سعيد فأخذ عمر يقول: أتؤمره وقد صنع ما صنع وقال ما قال فلم يزل بأبي بكر حتى عزله وأمر يزيد بن أبي سفيان ورواه الحاكم في المستدرك بسنده عن خالد بن سعيد مثله إلا أنه قال فلم يحملها بدل فلم يحقدها وحملها بد فاضطعنها وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وفي تاريخ دمشق فلم يحفلها. والذي ذكره المؤرخون أن أبا سفيان لما شاغب بعد بيعة أبي بكر وجاء إلى علي بن أبي طالب يستفزه ورد عليه علي أقبح رد قيل له: قد أمر أبو بكر ابنك يزيد قال وصلته رحم وسكت. وروى الطبري بسنده أن عمر بن الخطاب لم يزل يكلم أبا بكر في خالد بن الوليد وخالد بن سعيد أن لا يوليهما فأبى أن يطيعه في خالد بن الوليد وأطاعه في خالد بن سعيد بعد ما فعل فعلته. وروى أيضا بسنده قال كان خالد بن سعيد بن العاص باليمن زمن النبي صلى الله عليه وسلم وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بها وقدم بعد وفاته بشهر وعليه جبة ديباج فلقي عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فصاح عمر بمن يليه مزقوا عليه جبته أيلبس الحرير وهو في رحالنا في السلم فمزقوا جبته فقال خالد: يا أبا حسن يا بني عبد مناف أغلبتم عليها. فقال علي عليه السلام : أمغالبة ترى أم خلافة؟ قال: لا يغالب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف. وقال عمر لخالد: فض الله فاك والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلت ثم لا يضر إلا نفسه فأبلغ عمر أبا بكر مقالته فلما عقد أبا بكر الألوية لقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد فنهاه عنه عمر وقال: إنه لمخذول وإنه لضعيف التروئة ولقد كذب كذبة لا يفارق الأرض مدل بها وخائض فيها فلا تستنصر به فلم يحتمل أبو بكر عليه وجعله رداء بتيماء بين الشام ووادي القرى أطاع عمر في بعض أمره وعصاه في بعض ففصل حتى أنزل بتيماء وقد أمره أبو بكر أن لا يبرحها (فإما أن يبقى بعيدا بتيماء أو يقتل فتؤمن غائلته على الحالتين) وأن يدعو من حوله بالانضمام إليه وأن لا يقبل إلا من لم يرتد ولا يقاتل إلا من قاتله فاجتمع إليه جموع كثيرة وبلغ الروم عظم ذلك العسكر فضربوا على العرب الضاحية البعوث بالشام من بهراء وكلب وسليح وتنوخ ولخم وجذام وغسان فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك فكتب إليه أبو بكر أقدم ولا تحجم واستنصر الله فسار إليهم خالد فلما دنا منهم تفرقوا فنزل منزلهم ودخل عامة من كان تجمع له في الإسلام وكتب خالد إلى أبي بكر أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك فسار فيمن كان قد خرج معه من تيماء وفيمن لحق به فسار إليه بطريق من بطارقة الروم يدعى باهان فهزمه وقتل من جنده فكتب خالد إلى أبي بكر يستمده وكان قد قدم على أبي بكر أوائل مستفزي اليمن ومن بين مكة واليمن وفيهم ذو الكلاع وقد عليه عكرمة بن أبي جهل قافلا وغازيا فيمن كان معه من تهامة وعمان والبحرين والسرو فقدموا على خالد بن سعيد وأرسل أبو بكر عمرو بن العاص وأمره على فلسطين وأرسل الوليد بن عقبة وأمره بالأردن ودعا يزيد بن أبي سفيان فأمره على جند عظيم وأمر أبا عبيدة بن الجراح على حمص. ولما قدم الوليد على خالد بن سعيد فسانده وقمت جيوش المسلمين الذين كان أبو بكر أمده بهم مع عكرمة وبلغه عن الأمراء وتوجههم إليه اقتحم على الروم طلب الخطوة وأعرى ظهره وبادر الأمراء بقتال الروم واستطرد له باهان واقتحم خالد في الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل مرج الصفر فاجتمعت عليه مسالح باهان وأخذوا عليه الطرق وزحف إليه باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر في الناس فقتله ومن معه وأتى الخبر خالدا فهرب في جريدة فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل والإبل وقد أجهضوا عن عسكرهم فوصل في هزيمته إلى ذوي المروءة بقرب المدينة وأقام عكرمة في الناس ردءا لهم فرد عنهم باهان وجنوده أن يطلبوه وأقام قريبا من الشام. وقدم شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد فاستعمله أبو بكر عمل الوليد بن عقبة فأتى شرحبيل على خالد بن سعيد ففصل عنه جماعة من أصحابه وأرسل أبو بكر معاوية بن أبي سفيان وأمره باللحاق بأخيه يزيد فلما مر بخالد بن سعيد فصل ببقية أصحابه وكتب أبو بكر إلى خالد بن سعيد لما قدم ذا المروة أن أقم مكانك ثم أذن له بالدخول إلى المدين فدخلها اه. هكذا ذكر المؤرخون هذه القصة وفيها ما يستدعي التأمل من وجوه (أولا) خبر تمزيق الجبة ينافيه ما رواه ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أشياخه أن خالد بن سعيد بن العاص وهو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمر فقال عمر: ما تنظرون من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يلبس لباس خالد. فإن هذا كان من خالد في السلم لا في الحرب وإلا لم ينظر الناس إله نظر إنكار لأنه كان من المعلوم جواز لبس الحرير في لحرب ولذلك قال عمر في الرواية الأولى أيلبس الحرير وهو في رحالنا في السلم وإذا كان لبس الحرير في الرواية الثانية من خالد في السلم فسبق قتله المشرك لا يسوغ له لبس الحرير (ثانيا) إذا كان أمر بتمزيق جبته لأنها حرير والحرير لا يجوز لبسه في السلم فما معنى قول خالد يا أبا الحسن يا بني عبد مناف أغلبتم عليها فهذا ليس جوابا لتمزيق الجبة بل كان عليه أن يسكت أو يجيب بحجة مقبولة وكيف يقره على هذا الجواب (ثالثا) ما حكي في هذه القصة عن علي أنه قال: أمغالبة ترى أم خلافة ما نراه ألا ملحقا إلحاقا وإذا كان علي قال ذلك فكيف يقول له لا يغالب على هذا الأمر أولى منكم أي انتم أولى من يغالب عليه فإنه يدل على أنه مغالبة وقد قال له علي إنه خلافة لا مغالبة (رابعا) إذا كان هؤلاء الثلاثة ذو الكلاع وعكرمة والوليد مع خالد بن سعيد فأين ذهبوا حين اجتمعت عليه مسالح باهان وهزمته وقتل باهان ابنه سيدا ولماذا لم يصبهم ما أصابه فإن قلنا إنهم كانوا بعيدين عنه فالطبري يقول: إنهم كانوا معه يلوح لنا أنهم قصدوا خذلانه وهلاكه فالوليد بن عقبة عدو علي الألد لم يكن لينصر وليه كذلك ذو الكلاع عضد معاوية اليمن بصفين وقد لا يكون أقل منهما عكرمة. (خامسا) كلام الطبري يدل على أن أبا بكر أمره مرتين وعقد له لوائين مرة في قتال الروم ومرة في قتال أهل الردة وأن عمر عارضه في المرتين ومنعه من توليه فأطاعه في المرة الأولى وعزله وولى مكانه يزيد بن أبي سفيان وأطاعه في المرة الثانية في بعض أمره فلم يوله قتال أهل الردة وعصاه في البعض وهو عدم الاستنصار به أصلا فجعله ردءا بتيماء ولم يعارض بذلك عمر إذ فيه التخلص منه بإبعاد أو قتل. وكلام ابن سعد يدل على أن أبا بكر لم يؤمره إلا مرة واحدة على غزو الروم ثم عزله بإصرار عمر وإنه سار في ذلك الجيش تحت راية شرحبيل بن حسنة فقتل ولم يتعرض لجعله ردءا بتيماء ولا ذكر هذه القصة أصلا فروى بسنده أنه لما عزل أبو بكر خالد بن سعيد أوصى به شرحبيل بن حسنة وكان أحد الأمراء فقال: انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحق عليك مثلما كنت تحب أن يعرفه لك من الحق عليه لو خرج واليا عليك وقد عرفت مكانه من الإسلام وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو له وال وقد كنت وليته ثم رأيت عزله وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ما أغبط أحدا بالإمارة وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على غيرك على ابن عمه يعني يزيد بن أبي سفيان ثم أوصاه أن يستشيره بعد أبي عبيدة ومعاذ بن جبل. ثم حكى عن الواقدي أنه سأله موسى بن محمد عن قول أبي بكر قد اختارك على غيرك فروى له عن أبيه أن خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه أي الأمراء أحب إليك فقال ابن عمي في قرابته وهذا في دينه فاستحب أن يكون مع شرحبيل بن حسنة اه. وذلك لما يعلمه من عداوة يزيد له وأن شرحبيل أخف وطأة عليه منه. (سادسا) أن الطبري بعدما ذكر قتله ابنه وأهزمه حتى بلغ ذا المروة بقرب المدينة ثم دخوله المدينة لم يذكر ما جرى له بعد ذلك ولكنه ذكر إرسال أبو بكر يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل وأبا عبيدة وعمرو بن العاص ووصولهم إلى الشام ونزول الروم (بثنية جلق) في سبعين ألفا قال: فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له أمر الروم ويستمده وخرج خالد بن سعيد بن العاص وهو بمرج الصفر من أرض الشام في يوم مطير يستمطر فتعاوى عليه أعلاج الروم فقتلوه اه. وهو يدل على أنه كان مع الجيش الموجه لحرب الروم وفتح الشام وقال أيضا كان شرحبيل على كردوس ومعه خالد بن سعيد وهو يدل أيضا على وجوده في فتح الشام لكن لم يسبق في كلامه ذكر لذلك. ثم قال: ثم كانت مرج الصفر استشهد فيه خالد بن سعيد بن العاص أتاهم أربعة غارات وهم غارون فاستشهد خالد وعدة من المسلمين فكلامه الأول يدل على أنه تعاوى عليه أعلاج الروم فقتلوه وكلامه الثاني يدل على أنه استشهد بهجوم أربعة آلاف عليهم وهم غارون ثم قال وقيل إن المقتول في هذه الغزوة ابنه وأن خالدا انحاز حين قتل ابنه وذكر نحوه ابن الأثير على عادته.
ومما مر يعلم وقوع تشويش في كلامه في هذه القصة والذي ينبغي أن يكون هو الصواب إن أبا بكر أمره في حرب الروم فمنعه عمر فعزله بعدما أمره وأمره في حروب الردة فمنعه عمر أيضا فبعثه في جيش إلى تيماء وأمره بالمقام هناك ليكون ردءا ويكون بمنزلة تبعيده ولذلك لم يعارض فيه عمر وتخاذل عنه من ذهبوا لنجدته فقتل ابنه ورجع هو إلى المدينة وفرق جيشه بين شرحبيل ومعاوية ثم أرسل إلى الجيش الموجه لغزو الروم تحت راية شرحبيل فقتل. بعدما قتل ابنه فلم يبقى له نسل.
مقتله
مر الخلاف في قتله أنه كان بأجنادي أو بمرج صفر وقال ابن عساكر: هذا صحيح ما قيل في موضع شهادته وكان يقول وهو يقاتل:
وروى ابن سعد في الطبقات عن الواقدي بسنده: شهد خالد بن سعيد فتح أجنادين وفحل ومرج الصفر وقتل باجنادين وكانت أم الحكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها باجنادين فاعتدت أربعة أشهر وعشرا وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها وكان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدتها يتعرض للخطبة فحطت إلى خالد بن سعيد فتزوجها على أربعمائة دينار فلما نزل المسلمون مرج الصفر أراد خالد أن يعرس بأم حكيم فقالت: لو أخرت حتى يفض الله هذه الجموع فقال: إن نفسي تحدثني أني أصاب في جموعهم فأعرس بها عند قنطرة فيها سميت قنطرة أم حكيم وأولم عليها في صبح مدخله فدعى أصحابه على طعام فما فرغوا حتى صفت الروم صفوفها وبرز رجل منهم معلم فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عبيدة فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب وبرز خالد بن سعيد فقاتل فقتل وشدت أم حبيب بنت الحارث عليها ثيابها وعدت وإن عليها الردع الخلوق في وجهها فقتلت سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها وكانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة 14 اه.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 288

خالد بن سعيد بن العاص (ب د ع) خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، القرشي الأموي. يكنى أبا سعيد، أمه أم خالد بن حباب بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيره بن ثقيف.
أسلم قديما، يقال: إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فكان ثالثا أو رابعا، وقيل: كان خامسا. وقال ضمرة بن ربيعة: كان إسلام خالد مع إسلام أبي بكر، وقالت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص: كان أبي خامسا في الإسلام. قلت: من تقدمه؟ قالت: علي بن أبي طالب، وأبو بكر، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم.
وكان سبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله أعلم به، وكأن أباه يدفعه فيها، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحقويه لا يقع فيها، ففزع وقال: أحلف إنها لرؤيا حق، ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له، فقال له أبو بكر: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه، فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار، وأبوك واقع فيها.
فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد فقال: يا محمد، إلى من تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع، ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وتغيب خالد، وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده، ولم يكونوا أسلموا، فوجدوه، فأتوا به أباه أبا أحيحة سعيدا، فسبه وبكته وضربه بعصا في يده حتى كسرها على رأسه، وقال: اتبعت محمدا وأنت ترى خلافه قومه، وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم! قال: قد- والله- تبعته على ما جاء به. فغضب أبوه ونال منه، وقال: اذهب يا لكع حيث شئت، والله لأمنعنك القوت، فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به.
فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت بخالد. فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يلزمه، ويعيش معه.
وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج المسلمون إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فخرج معهم، وكان أبوه شديدا على المسلمين، وكان أعز من بمكة، فمرض فقال: لئن الله رفعني من مرضى هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة. فقال ابنه خالد عند ذلك: اللهم لا ترفعه. فتوفي في مرضه ذلك.
وهاجر خالد إلى الحبشة ومعه امرأته أميمة بنت خالد الخزاعية، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد، وابنته أم خالد، واسمها أمة، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد، وقدما على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين، فأسهموا لهم، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم القضية وفتح مكة، وحنينا، والطائف، وتبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملا على صدقات اليمن، وقيل: على صدقات مذحج وعلى صنعاء، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها.
ولم يزل خالد وأخواه عمرو بن أبان على أعمالهم التي استعملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما توفي رجعوا عن أعمالهم، فقال لهم أبو بكر: ما لكم رجعتم؟ ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ارجعوا إلى أعمالكم، فقالوا: نحن بنو أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا. وكان خالد على اليمن كما ذكرناه، وأبان على البحرين، وعمرو على تيماء وخيبر، وقرى عربية، وتأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه. فقال لبني هاشم: إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر، ونحن تبع لكم، فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد وأبان.
ثم استعمل أبو بكر خالدا على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام، فقتل بمرج الصفر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وقيل: كانت وقعة مرج الصفر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر. وقيل: بل كان قتله في وقعة أجنادين بالشام قبل وفاة أبي بكر بأربع وعشرين ليلة، وقد اختلف أصحاب السير في وقعة أجنادين، ووقعة الصفر، ووقعة اليرموك، أيها قبل الأخرى، والله أعلم.
أخرجه الثلاثة.
قال الغساني: قرى عربية، كذا هو غير منون لهذه التي بالحجاز، كذا قيده غير واحد من أهل العلم.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 324

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 124

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 574

خالد بن سعيد ابن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
السيد الكبير أبو سعيد القرشي الأموي أحد السابقين الأولين.
روي، عن أم خالد بنت خالد قالت: كان أبي خامسا في الإسلام وهاجر إلى أرض الحبشة وأقام بها بضع عشرة سنة وولدت أنا بها.
وروى إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد قالت: أبي أول من كتب: بسم الله الرحمن الرحيم.
وروي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمله على صنعاء وأن أبا بكر أمره على بعض الجيش في غزو الشام.
قال موسى بن عقبة: أخبرنا أشياخنا أن خالدا قتل مشركا ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمرو. فقال: ما لكم تنظرون؟ من شاء فليفعل مثل عمل خالد ثم يلبس لباسه.
ويروى أن خالدا -رضي الله عنه- استشهد فقال الذي قتله بعد أن أسلم: من هذا الرجل؟ فإني رأيت نورا له ساطعا إلى السماء.
وقيل: كان خالد بن سعيد وسيما جميلا قتل يوم أجنادين وهاجر مع جعفر بن أبي طالب إلى المدينة زمن خيبر. وبنته المذكورة عمرت! وتأخرت إلى قريب عام تسعين.
وكان أبوه أبو أحيحة من كبراء الجاهلية مات قبل غزوة بدر مشركا. وله عدة أولاد منهم:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 160

خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي يكنى أبا سعيد. أسلم قديما، يقال: إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق فكان ثالثا أو رابعا. وقيل: كان خامسا. وقال ضمرة بن ربيعة: كان إسلام
خالد مع إسلام أبي بكر الصديق، وذكر الواقدي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام عن إبراهيم بن عقبة قال: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد ابن العاص تقول: كان أبي خامسا في الإسلام. قلت: من تقدمه؟ قالت: علي بن أبي طالب، وابن أبي قحافة، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص.
قال أبو عمر: هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته الخزاعية، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد وابنته أم خالد، واسمها أمة بنت خالد، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد بن العاص.
وذكر الواقدي، حدثنا جعفر، عن إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد، قالت: وهاجر إلى أرض الحبشة المرة الثانية، وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنابها، ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، فكلم المسلمين فأسهوا لنا، ثم رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأقمنا بها، وشهد أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي باليمن.
وروى إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، قالت: أبي أول من كتب {بسم الله الرحمن الرحيم}، وكان قدومه من أرض الحبشة مع جعفر بن أبي طالب، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات مذحج، واستعمله على صنعاء اليمن، فلم يزل عليها إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: قتل خالد بن سعيد بن العاص يوم أجنادين. وذكر الدولابي، عن ابن سعدان، عن الحسن بن عثمان، قال: قتل بأجنادين ثلاثة عشر رجلا، منهم خالد وعمرو ابنا سعيد بن العاص. قال: وقال محمد بن يوسف: كانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى لليلتين بقيتا منه يوم السبت نصف النهار سنة ثلاث عشرة قبل وفاة أبي بكر بأربع وعشرين ليلة. وقيل: بل قتل خالد بن سعيد بن العاص بمرج الصفر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر.
قال الزبير لخالد بن سعيد بن العاص: وهب عمرو بن معديكرب الصمصامة، وذكر شعره في ذلك.
وذكر البغوي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه عن خالد بن سعيد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه خاتم من فضة مكتوب عليه «محمد رسول الله». قال: فأخذه مني فلبسه، وهو الذي كان في يده.
وقال خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد: أخبرني أبي أن أعمامه: خالدا، وأبانا، وعمرا، بني سعيد بن العاص رجعوا عن عمالتهم حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: ما لكم رجعتم عن عمالتكم؟ ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ارجعوا إلى أعمالكم. فقالوا: نحن بنو أبي أحيحة، لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا.
ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا.
وكان خالد على اليمن، وأبان على البحرين، وعمرو على تيماء وخيبر وقرى عربية، وكان الحكم يعلم الحكمة. ويقال: ما فتحت بالشام كورة إلا وجد فيها رجل من بني سعيد بن العاص ميتا.
وكان سعيد بن سعيد بن العاص قد قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف.
قال الواقدي: وحدثنا جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، قال: كان إسلام خالد بن سعيد قديما، وكان أول إخوته إسلاما، وكان بدء إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف به على شفير النار، فذكر من سعتهما ما الله أعلم به، وكأن أباه يدفعه فيها، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحقويه لا بقع فيها، ففزع، وقال: أحلف بالله إنها لرؤيا حق، ولقي أبا بكر بن أبي قحافة فذكر ذلك له، فقال أبو بكر: أريد بك خيرا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه، وإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها، وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد، فقال: يا محمد، إلى من تدعو؟ فقال: أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع، ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وتغيب خالد، وعلم أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه من بقي من ولده،
ولم يكونوا أسلموا، فوجدوه فأتوا به أباه أبا أحيحة، فسبه وبكته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال له: اتبعت محمدا وأصحابه، وأنت ترى خلافه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم. فقال: قد والله تبعته على ما جاء به. فغضب أبو أحيحة ونال منه وشتمه، وقال: اذهب يا لكع حيث شئت. والله لأمنعنك القوت. فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به، فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به. فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يلزمه ويعيش معه، وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فكان خالد أول من خرج إليها.
وقال محمد بن سعد: حدثنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكي، وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، قالا: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي، عن جده، عن عمه خالد بن سعيد أن سعيد بن العاص بن أمية مرض فقال.
لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة أبدا. فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه، فتوفي في مرضه ذلك.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 420

خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. وأمه أم خالد بنت خباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وكان لخالد بن سعيد من الولد سعيد. ولد بأرض الحبشة. درج وأمه بنت خالد ولدت بأرض الحبشة تزوجها الزبير بن العوام فولدت له عمرا وخالدا ثم خلف عليها سعيد بن العاص. وأمهما همينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة.
وليس لخالد بن سعيد اليوم عقب.
قال محمد بن عمر قال: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: كان إسلام خالد بن سعيد قديما وكان أول إخوته. أسلم وكان بدء إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم. ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها ويرى رسول الله آخذا بحقويه لئلا يقع. ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق. فلقي أبا بكر بن أبي قحافة فذكر ذلك له فقال أبو بكر: أريد بك خير. هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها. وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد:
فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. فسر رسول الله بإسلامه. وتغيب خالد. وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعا مولاه. فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنبه وبكته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم قال: أتبعت محمدا وأنت ترى خلافه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله واتبعته. فغضب أبو أحيحة ونال من ابنه وشتمه. ثم قال اذهب يا لكع حيث شئت فو الله لأمنعنك القوت.
فقال خالد: إن منعتني وإن الله يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به. فانصرف خالد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يلزمه ويكون معه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص يحدث عمرو بن شعيب قال: كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص ثالثا أو رابعا. وكان ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو سرا. وكان يلزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويصلي في نواحي مكة خاليا فبلغ ذلك أبا أحيحة فدعاه فكلمه أن يدع ما هو عليه فقال خالد: لا أدع دين محمد حتى أموت عليه.
فضربه أبو أحيحة بقراعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم أمر به إلى الحبس وضيق عليه وأجاعه وأعطشه حتى لقد مكث في حر مكة ثلاثا ما يذوق ماء. فرأى خالد فرجة فخرج فتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى حضر خروج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إلى الحبشة في الهجرة الثانية. فلهو أول من خرج إليها.
قال: أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأعز المكي وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قالا: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده عن عمه خالد بن سعيد أن سعيد بن العاص بن أمية مرض فقال: لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكة. فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام عن إبراهيم بن عقبة قال: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: كان أبي خامسا في الإسلام. قلت: فمن تقدمه؟ قالت: ابن أبي طالب وابن أبي قحافة وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص. وأسلم أبي قبل الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة. وهاجر في المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة. وولدت أنا بها.
وقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر سنة سبع فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين فأسهموا لنا. ثم رجعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وأقمنا. وخرج أبي مع رسول الله في عمرة القضية وغزا معه إلى الفتح هو وعمي. يعني عمرا. وخرجا معه إلى تبوك.
وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي عاملا على صدقات اليمن فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي باليمن.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني جعفر بن محمد بن خالد عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال: أقام خالد بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. وكان يكتب له. وهو الذي كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف. وهو الذي مشى في الصلح بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال:
سمعت عمر بن عبد العزيز في خلافته يقول: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالد بن سعيد عامله على اليمن. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن صالح قال:
حدثني موسى بن عمران بن مناح قال: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالد بن سعيد عامله على صدقات مذحج.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني جعفر بن محمد عن خالد بن الزبير بن العوام عن إبراهيم بن عقبة عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: خرج خالد بن سعيد إلى أرض الحبشة ومعه امرأته همينة بنت خلف بن أسعد الخزاعية
فولدت له هناك سعيدا وأم خالد وهي أمة امرأة الزبير بن العوام. وهكذا كان أبو معشر يقول: همينة بنت خلف. وأما في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق فقالا: أمينة بنت خلف.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام عن إبراهيم بن عقبة قال: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر فقال لعلي وعثمان:
أرضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم؟ فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد وحملها عمر عليه. وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر ثم مر عليه أبو بكر بعد ذلك مظهرا وهو في داره فسلم فقال له خالد: أتحب أن أبايعك؟ فقال أبو بكر: أحب أن تدخل في صلح ما دخل فيه المسلمون. قال:
موعدك العشية أبايعك. فجاء وأبو بكر على المنبر فبايعه. وكان رأي أبي بكر فيه حسنا. وكان معظما له. فلما بعث أبو بكر الجنود على الشام عقد له على المسلمين وجاء باللواء إلى بيته. فكلم عمر أبا بكر وقال: تولي خالدا وهو القائل ما قال؟ فلم يزل به حتى أرسل أبا أروى الدوسي فقال: إن خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك اردد إلينا لواءنا. فأخرجه فدفعه إليه وقال: والله ما سرتنا ولايتكم ولا ساءنا عزلكم وإن المليم لغيرك. فما شعرت إلا بأبي بكر داخل على أبي يعتذر إليه ويعزم عليه ألا يذكر عمر بحرف. فو الله ما زال أبي يترحم على عمر حتى مات.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: لما عزل أبو بكر خالدا ولى يزيد بن أبي سفيان جنده ودفع لواءه إلى يزيد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبيه قال: لما عزل أبو بكر خالد بن سعيد أوصى به شرحبيل بن حسنة.
وكان أحد الأمراء. فقال: انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحق عليك مثل ما كنت تحب أن يعرفه لك من الحق عليه لو خرج واليا عليك. وقد عرفت مكانه من الإسلام. وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو له وال. وقد كنت وليته ثم رأيت عزله.
وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه. ما أغبط أحدا بالإمارة. وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على غيرك على ابن عمه. فإذا نزل بك أمر تحتاج فيه إلى رأي التقى
الناصح فليكن أول من تبدأ به أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل. وليك خالد بن سعيد ثالثا. فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا. وإياك واستبداد الرأي عنهم أو تطوي عنهم بعض الخبر. قال محمد بن عمر: فقلت لموسى بن محمد أرأيت قول أبي بكر قد اختارك على غيرك؟ قال: أخبرني أبي أن خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه: أي الأمراء أحب إليك؟ فقال: ابن عمي أحب إلي في قرابته وهذا أحب إلي في ديني فإن هذا أخي في ديني على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وناصري على ابن عمي. فاستحب أن يكون مع شرحبيل بن حسنة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال:
شهد خالد بن سعيد فتح أجنادين وفحل ومرج الصفر. وكانت أم الحكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها بأجنادين فأعدت أربعة أشهر وعشرا. وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها. وكان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدتها يتعرض للخطبة. فحطت إلى خالد بن سعيد فتزوجها على أربعمائة دينار. فلما نزل المسلمون مرج الصفر أراد خالد أن يعرس بأم حكيم فجعلت تقول: لو أخرت الدخول حتى يفض الله هذه الجموع. فقال خالد: إن نفسي تحدثني أني أصاب في جموعهم. قالت: فدونك. فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر فبها سميت قنطرة أم حكيم. وأولم عليها في صبح مدخله فدعا أصحابه على طعام فما فرغوا من الطعام حتى صفت الروم صفوفها صفوفا خلف صفوف وبرز رجل منهم معلم يدعو إلى البراز فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عبيدة. فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب ورجع إلى موضعه. وبرز خالد بن سعيد فقاتل فقتل.
وشدت أم حكيم بنت الحارث عليها ثيابها وعدت وإن عليها لدرع الحلوق في وجهها. فاقتتلوا أشد القتال على النهر وصبر الفريقان جميعا وأخذت السيوف بعضها بعضا فلا يرمى بسهم ولا يطعن برمح ولا يرمى بحجر ولا يسمع إلا وقع السيوف على الحديد وهام الرجال وأبدانهم. وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها. وكانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرنا
أشياخنا أن خالد بن سعيد بن العاص وهو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمر فقال عمر: ما تنظرون؟ من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يتلبس لباس خالد.
قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال: حدثنا عمرو بن يحيى عن جده عن عمه عن خالد بن سعيد بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه في رهط من قريش إلى ملك الحبشة فقدموا عليه. ومع خالد امرأة له. قال فولدت له جارية.
وتحركت وتكلمت هناك. ثم إن خالدا أقبل هو وأصحابه وقد فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
من وقعة بدر. فأقبل يمشي ومعه ابنته. فقال: يا رسول الله لم نشهد معك بدرا.
[فقال: أوما ترضى يا خالد أن يكون للناس هجرة ولكم هجرتان ثنتان؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فذاك لكم]. ثم إن خالدا قال لابنته: اذهبي إلى عمك. اذهبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمي عليه. فذهبت الجويرية حتى أتته من خلفه فأكبت عليه. وعليها قميص أصفر. فأشارت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تريه فقال: سنه سنه سنه. يعني حسن يعني بالحبشية أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 4- ص: 70

خالد بن سعيد بن العاص الأموي القرشي أصيب بمرج الصفر في خلافة عمر، وكان إسلامه متقدما، وكان خامسا فيما قبل، وأسلم أخوه عمرو، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة،
وأبان بن سعيد أخوهما تأخر إسلامه، وأبوهما سعيد بن العاص، يكنى أبا أحيحة رضي الله عنهم.
أخبرنا بذلك الهيثم بن كليب، عن ابن أبي خيثمة، عن مصعب بن عبد الله الزبيري.
أخبرنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس، عن ابن إسحاق: في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من بني أمية بن عبد شمس، خالد بن سعيد بن العاص، معه امرأته أمينة.
وقيل: أميمة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة، من بني سبيع بن خثعمة بن خزاعة، ولدت له بأرض الحبشة سعيد بن خالد، وأمة بنت خالد، فتزوج أمة الزبير بن العوام، وولدت له عمرو بن الزبير وخالد بن الزبير وقتل خالد يوم مرج الصفر بأرض الشام.
أخبرنا علي بن أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، قال: وممن هاجر إلى أرض الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة: خالد بن سعيد، وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية، وولدت له ثم خالد بن سعيد، وقتل خالد يوم بمرج الصفر.
وقيل: يوم أجنادين سنة ثلاث عشرة وهو ابن خمسين سنة.
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى بن مندة، ومحمد بن محمد بن يونس، قالا: حدثنا إبراهيم بن فهد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح الكوفي، قال: حدثنا خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص.
عن خالد بن سعيد بن العاص، وكان من مهاجره الحبشة هو وأخوه عمرو، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقاهم حين دنوا منه وذلك بعد بدر بعام فحزنوا أن لا يكونوا شهدوا بدرا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما تحزنون! إن للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان، هاجرتم حين خرجتم إلى صاحب الحبشة، ثم جئتم من عند صاحب الحبشة مهاجرين إلي.
ورواه جماعة، عن عمرو بن يحيى، عن جده، عن عمه خالد بن سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في رهط من قريش فقدموا عليه ومع خالد امرأته، فولدت له جارية، وتحركت وتكلمت هناك، ثم ذكر الحديث بطوله.
وفيه: أنه أهدى إليه خاتمه الذي كان في يد النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، وفي يد أبي بكر وفي يد عمر ثم وقع من عثمان.
وروى قصة الخاتم: إسحاق بن سعيد بن عمرو عن أبيه عن خالد بن سعيد بن العاص نحوه.

  • مطبوعات جامعة الإمارات العربية المتحدة-ط 1( 2005) , ج: 1- ص: 460

خالد بن سعيد بن العاص الأموي القرشي كنيته أبو سعيد ولاه أبو بكر الشام طرفا من الجند وقد قتل يوم أجنادين

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 59

خالد بن سعيد بن العاص، الأموي، القرشي.
أصيب في خلافة أبي بكر، أو عمر، بمرج الصفر.
قاله يوسف بن بهلول، عن ابن إدريس، عن ابن إسحاق.
وقال محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة: قتل يوم أجنادين.
له صحبةٌ.
ولم يصح حديثه.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 3- ص: 1

خالد بن سعيد بن العاص خامس خمسة في الإسلام

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 20

خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي
كنيته أبو سعيد ولاه أبو بكر الشام قتل يوم أجنادين وقيل إنه قتل بمرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني زبيد وقد قيل إنه أسلم قبل أبي بكر الصديق لرؤيا رآها في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه أم خالد بنت حباب الثقفية من خزيمة

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشي الأموي، أبو سعيد:
قال الزبير بن بكار: وكان إسلام خالد متقدما، يقولون: كان خامسا، وأسلم أخوه عمرو، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة. وكانا ممن قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفينتين. قال: ولعمرو وخالد، يقول أبان أخوهما - وكان إسلامه تأخر، يعاتبهما على إسلامهما، فذكر بيتين لأبان، وثلاثة أبيات لعمرو بن سعيد، قد سبق ذلك في ترجمة أبان. وقال: حدثني رجل عن الأصمعى، عن ابن أبي الزناد، عن إبراهيم بن
عقبة، عن أم خالد بنت خالد، عن أبيها قالت: أبي أول من كتب: (بسم الله الرحمن الرحيم).
قال الزبير: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عامله على اليمن. وقال: قتل يوم مرج الصفر شهيدا. وقال: ووهب له عمرو بن معدي كرب الصمصامة. وقال حين وهبه أبياتا، منها قوله [من الوافر]:

وأمه أم خالد بنت خباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر. انتهى.
وذكره ابن عبد البر، فقال: أسلم قديما بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيما قيل، فكان ثالثا أو رابعا. وقيل: أسلم مع إسلام الصديق رضي الله عنه، قاله ضمرة بن ربيعة. وقيل: كان خامسا. وهذا يروى عن أم خالد بنت خالد بن سعيد المذكور. وسئلت عمن تقدمه، فقالت: علي بن أبي طالب وابن أبي قحافة، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وذكرت ابنته أيضا، أنه هاجر في الهجرة الثانية إلى الحبشة، وأقام بها بضع عشرة سنة، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم، مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في السفينتين إلى خيبر، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين، فأسهموا لهم، ورجع خالد رضي الله عنه إلى المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهد معه عمرة القضية، وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، كذا في رواية عن أم خالد.
وفى رواية أخرى، أن النبي صلى الله عليه وسلم، استعمل خالد بن سعيد على صدقات مذحج، واستعمله على صنعاء اليمن، فلم يزل عليها، إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم. ويروى أنه وأخويه أبان وعمرا، رجعوا عن عمالتهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فسألهم الصديق رضي الله عنه البقاء عليها. فقالوا: لا نعمل لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مضوا إلى الشام، فقتلوا جميعا. وكان قتل خالد بأجنادين على ما قاله ابن عقبة عن ابن شهاب، وقيل يوم مرج الصفر.
وسبب إسلامه، قضية رآها في النوم، وهي أنه رأي أنه وقف على شفير النار، وأن أباه يدفعه فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم آخذ بحقويه لا يقع، فذكرها لأبي بكر رضي الله عنه، فأشار عليه بالإسلام، فأسلم. فغضب عليه أبوه وضربه وامتنع من بره، ثم دعا خالد على أبيه بالهلاك، فاستجيب له، وذلك أن أباه مرض فقال: لئن رفعنى الله من مرضى هذا، لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة أبدا، فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه، فتوفى في مرضه ذلك.
ذكر هذا الخبر ابن سعد مسندا. وذكره ابن عبد البر، ومن كتابه الاستيعاب لخصنا بالمعنى ما نقلناه عنه من حال خالد بن سعيد. وقد ذكر ما ذكرناه من حاله ابن الأثير بالمعنى، وزاد على ذلك؛ لأنه قال: وتأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: لبنى هاشم: «إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر، ونحن تبع لكم». فلما بايع بنو هاشم أبا بكر، بايعه خالد وأبان، ثم استعمل أبو بكر رضي الله عنه خالدا على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام. انتهى.
وفى خبر إسلامه الذي ذكره ابن الأثير، وابن عبد البر، أن النبي صلى الله عليه وسلم سر بإسلامه.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1