الحمزة حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عمارة، من قريش: عم النبي (ص) وأحد صناديد قريش وساداتهم في الجاهلية والأسلام. ولد ونشأ بمكة. وكان أعز قريش وأشدها شكيمة. ولما ظهر الإسلام تردد في اعتناقه ثم علم ان أبا جهل تعرض للنبي (ص) ونال منه، فقصده الحمزة وضربه وأظهر أسلامه، فقالت العرب: اليوم عز محمد وإن حمزة سيمنعه. وكفوا عن بعض ما كانوا يسيئون به إلى المسلمين. وهاجر حمزة مع النبي (ص) إلى المدينة، حضر وقعة بدر وغيرها. وقال المدائني: أ,ل لواء عقده رسول الله (ص) كان لحمزة. وكان شعار حمزة في الحرب ريشة نعامة يضعها على صدره. ولما كان يوم بدر قاتل بسيفين، وفعل الأفاعيل. وقتل يوم أحد فدفنه المسلومن في المدينة، وانقرض عقبه

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 278

أبو عمارة كنية حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 388

أبو يعلى كنية حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 447

حمزة بن عبد المطلب (ب د ع) حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو يعلى، وقيل: أبو عمارة، كنى بابنيه: يعلى، وعمارة. وأمه: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، وأرضعت أبا سلمة بن عبد الأسد، وكان حمزة، رضي الله عنه وأرضاه، أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: بأربع سنين، والأول أصح.
وهو سيد الشهداء، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة.
أسلم في السنة الثانية من المبعث، وكان سبب إسلامه ما أخبرنا به أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: إن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم فآذاه وشتمه، ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إلى ناد لقريش عند الكعبة، فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة، وكان يومئذ مشركا على دين قومه، فلما مر بالمولاة، وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى بيته، فقالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفا، وجده هاهنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد.
فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله تعالى به من كرامته، فخرج سريعا لا يقف على أحد، كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت، معدا لأبي جهل أن يقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس، فضربه بها ضربة شجه شجة منكرة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت، فقال حمزة: وما يمنعني، وقد استبان لي منه ذلك؟ أنا أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الذي يقول الحق، فو الله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين، قال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا. وتم حمزة على إسلامه، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه.
ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وأبلى فيها بلاء عظيما مشهورا، فمن شيبة بن ربيعة بن عبد شمس مبارزة، وشرك في قتل عتبة بن ربيعة، اشترك هو وعلي رضي الله عنهما في قتله، وقتل أيضا طعيمة ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف، أخا المطعم بن عدي.
قال أبو الحسن المدائني: أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، بعثه في سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة، وخالفه ابن إسحاق، فقال: أول لواء عقده لعبيدة بن الحارث بن المطلب.
وكان حمزة يعلم في الحرب بريشة نعامة. وقاتل يوم بدر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين، وقال بعض أساري الكفار: من الرجل المعلم بريشة نعامة؟ قالوا: حمزة رضي الله عنه. قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل.
وشهد أحدا، فقتل بها يوم السبت النصف من شوال، وكان قتل من المشركين قبل أن يقتل واحدا وثلاثين نفسا، منهم: سباع الخزاعي، قال له حمزة: هلم إلي يا ابن مقطعة البظور، وكانت أمه ختانة، فقتله.
قال ابن إسحاق: كان حمزة يقاتل يومئذ بسيفين، فقال قائل: أي أسد هو حمزة! فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره، فانكشف الدرع عن بطنه، فزرقه وحشي الحبشي، مولى جبير بن مطعم، بحربة فقتله.
ومثل به المشركون، وبجميع قتلى المسلمين إلا حنظلة بن أبي عامر الراهب، فإن أباه كان مع المشركين فتركوه لأجله، وجعل نساء المشركين: هند وصواحباتها يجد عن أنف المسلمين وآذانهم ويبقرون بطونهم، وبقرت هند بطن حمزة رضي الله عنه فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو دخل بطنها لم تمسها النار. فلما شهده النبي صلى الله عليه وسلم اشتد وجده عليه، وقال: لئن ظفرت لأمثلن بسبعين منهم، فأنزل الله سبحانه {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، واصبر وما صبرك إلا بالله}. وروى أبو هريرة قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة، وقد مثل به، فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه، فقال: «رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات». وروى جابر قال: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة قتيلا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق، وقال: «لولا أن تجد صفية لتركته حتى يحشر من بطون الطير والسباع». وصفية هي أم الزبير وهي أخته. وروى محمد بن عقيل، عن جابر قال: «لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل بحمزة شهق، فلما رأى ما فعل به صعق.
ولما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سمع النوح على قتلى الأنصار، قال: لكن حمزة لا بواكي له. فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم، ففعلن ذلك، قال الواقدي: فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة حتى الآن. وقال كعب بن مالك يرثي حمزة، وقيل هي لعبد الله بن رواحة:

وكان مقتل حمزة للنصف من شوال من سنة ثلاث، وكان عمره سبعا وخمسين سنة، على قول من يقول: إنه كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: كان عمره تسعا وخمسين سنة، على قول من يقول: كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعا وخمسين سنة، وهذا يقوله من جعل مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحي عشر سنين، فيكون للنبي صلى الله عليه وسلم اثنتان وخمسون سنة، ويكون لحمزة أربع وخمسون سنة، فإنهم لا يختلفون في أن حمزة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني رجل من أصحابي، عن مقسم، وقد أدركه، عن ابن عباس، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة فكبر سبع تكبيرات، ثم لم يؤت بقتيل إلا صلى عليه معه، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة. وأخبرنا فتيان بن محمود بن سودان، أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن الجراح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، أخبرنا سعيد بن ميسرة البكري، عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر على جنازة كبر عليها أربعا، وأنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة.
وقال أبو أحمد العسكري: وكان حمزة أول شهيد صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا محمد بن محمد بن سرايا بن علي الشاهد، ومسمار بن أبي بكر بن العويس، وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل الجعفي الإمام، حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا الليث، حدثني ابن شهاب، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في قبر واحد، يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة. وأمر بدفنهم في دمائهم، فلم يغسلوا، ودفن حمزة وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد، وكفن حمزة في نمرة فكان إذا تركت على رأسه بدت رجلاه، وإذا غطى بها رجلاه بدا رأسه، فجعلت على رأسه، وجعل على رجليه شيء من الإذخر». وروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: «كان ناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم إلى المدينة ليدفنوهم بها، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: ادفنوهم حيث صرعوا». وقد روى عن حمزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان البزاز، أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: وفي كتابي عن عبد الله بن محمد بن ناجية، حدثنا عمر بن شبة، أخبرنا سري بن عياض بن منقذ بن سلمى بن مالك، ومالك بن فاطمة بنت أبي مرثد كناز بن الحصين حدثني منقذ بن سلمى، عن حديث جده أبي مرثد، عن حديث حليفه حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه، حديثا مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: الزموا هذا الدعاء: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر. أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي في كتابه، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن قالا: أخبرنا سهل بن بشر، أخبرنا علي بن منير، أخبرنا أبو طاهر الذهلي، أخبرنا محمد بن علي بن شعيب، أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا حماد بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: استصرخنا على قتلانا يوم أحد، يوم حفر معاوية العين، فوجدناهم رطابا يتثثنون، زاد عبد الرحمن:، وذلك على رأس أربعين سنة، قالا: وقال حماد بن زيد: وزادني جرير بن حازم عن أيوب «فأصاب المر رجل حمزة، فطار منها الدم».
أخرجه الثلاثة.
سلمى. بضم السين والإمالة، وحازم: بالحاء المهملة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 298

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 67

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 528

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبو عمارة عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة. أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب كما ثبت في الصحيحين وقريبه من أمه أيضا، لأن أم حمزة هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أم النبي صلى الله عليه وسلم.
ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. وقيل: بأربع. وأسلم في السنة الثانية من البعثة، ولازم نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر معه.
وقد ذكر ابن إسحاق قصة إسلامه مطولة: وآخى بينه وبين زيد بن حارثة، وشهد بدرا، وأبلى في ذلك. وقتل شيبة بن ربيعة، وشارك في قتل عتبة بن ربيعة أو بالعكس، وقتل طعيمة بن عدي، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء وأرسله في سرية، فكان ذلك أول لواء عقد في الإسلام في قول المدائني. واستشهد بأحد.
وقصة قتل وحشي له أخرجها البخاري من حديث وحشي، وكان ذلك في النصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة. فعاش دون الستين، ولقبه النبي صلى الله عليه وسلم أسد الله، وسماه سيد الشهداء، ويقال: إنه قتل بأحد- قبل أن يقتل- أكثر من ثلاثين نفسا.
وروى البخاري عن جابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في قبر... الحديث.
وفيه: ودفن حمزة وعبد الله بن جحش في قبر واحد.
وروينا في الغيلانيات من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به، فجعل ينظر إليه منظرا ما كان أوجع قلبه منه، فقال: «رحمك الله أي عم! كنت وصولا للرحم، فعولا للخيرات.»
وفي الغيلانيات أيضا من رواية عمر بن شبة. عن سري بن عياش بن منقذ حدثني جدي منقذ بن سلمى بن مالك، عن جده لأمه أبي مرثد، عن خليفة، عن حمزة بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الزموا هذا الدعاء: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر....» الحديث. ورثاه كعب بن مالك بأبيات منها:

وفي فوائد أبي الطاهر- من طريق حمزة بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: استصرخنا على قتلانا بأحد يوم حفر معاوية العين، فوجدناهم رطابا يتثنون. قال حماد: وزاد محمد بن جرير بن حازم عن أيوب: فأصاب المر رجل حمزة، فطار منها الدم.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 105

ليث الله هو حمزة بن عبد المطلب.
وقع ذلك في شعر أبي سنان بن حريث كما سيأتي في الكنى، والمشهور أنه أسد الله.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 5- ص: 512

أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب، عم النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبو يعلى شداد بن أوس الأنصاري- تقدما في الأسماء.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 7- ص: 381

حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، وأخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. أرضعتهما ثويبة الأسلمية. يكنى أبا عمارة وأبا يعلى. أسلم في السنة الثانية من النبوة، وقيل في السادسة. كان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، وقيل بسنتين. شهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا، قيل أنه قتل عتبة بن ربيعة مبارزة يوم بدر. كذا قال موسى بن عقبة، وقيل بل قتل شيبة بن ربيعة، كذا قال ابن إسحق. وقتل يومئذ طعيمة بن عدي أخا المطعم بن عدي. وقتل يومئذ سباعا الخزاعي، وقيل قتله يوم أحد، وشهد أحدا فقتله وحشي بن حرب الحبشي مولى جبير بن مطعم. وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنة. ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حمزة سيد الشهداء - وروي: خير الشهداء، ولولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع. ولم يمثل بأحد ما مثل به، قطعت هند كبده، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، وبقرت بطنه. فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل به فقال: لإن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم. وما برح حتى أنزل الله تعالى قوله:
{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به..} الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نصبر. وكفر عن يمينه. ولما أسلم حمزة قال أبياتا، منها:

وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة سبعين مرة، كلما قدمت له جنازة صلى عليها معها. وقال كعب بن مالك يرثي حمزة رضي الله عنه، وقيل عبد الله بن رواحة:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن قصي بن كلاب الإمام، البطل، الضرغام، أسد الله أبو عمارة، وأبو يعلى القرشي الهاشمي المكي ثم المدني البدري الشهيد عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة.
قال بن إسحاق: لما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد امتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا، عن بعض ما كانوا ينالون منه.
قال أبو إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’ناد حمزة’’ فقلت من هو صاحب الجمل الأحمر؟ فقال حمزة هو عتبة بن ربيعة فبارز يومئذ حمزة عتبة فقتله.
وروى أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر قال سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساء الأنصار يبكين على هلكاهن، فقال: ’’لكن حمزة لا بواكي له’’ فجئن فبكين على حمزة عنده، إلى أن قال: ’’مروهن لا يبكين على هالك بعد اليوم’’.
وفي كتاب ’’المستدرك’’ للحاكم: عن جابر مرفوعا: ’’سيد الشهداء: حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره، ونهاه، فقتله’’.
قلت: سنده ضعيف.
الدغولي، حدثنا أحمد بن سيار، حدثنا رافع بن أشرس، حدثنا خليد الصفار، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب’’. هذا غريب.
أسامة بن زيد، عن نافع، عن بن عمر قال رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد فسمع نساء بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهن فقال: ’’لكن حمزة لا بواكي له’’ فجئن نساء الأنصار فبكين على حمزة عنده فرقد فاستيقظ وهن يبكين فقال: ’’يا ويحهن! أهن ههنا حتى الآن مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم’’.
ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار في زمن معاوية غازيين فمررنا بحمص وكان وحشي بها فقال بن عدي هل لك أن نسأل وحشيا كيف قتل حمزة. فخرجنا نريده فسألنا عنه، فقيل لنا: إنكما ستجدانه بفناء داره، على
طنفسة له وهو رجل قد غلب عليه الخمر فإن تجداه صاحيا تجدا رجلا عربيا فأتيناه فإذا نحن بشيخ كبير أسود مثل البغاث على طنفسة له وهو صاح فسلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي فقال: بن لعدي والله ابن الخيار أنت؟ قال: نعم.... فقال: والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى وهي على بعيرها فلمعت لي قدماك قلنا إنا أتينا لتحدثنا كيف قتلت حمزة؟ قال سأحدثكما بما حدثت به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنت عبد جبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قتل يوم بدر فقال لي إن قتلت حمزة فأنت حر وكنت صاحب حربة أرمي قلما أخطئ بها فخرجت مع الناس فلما التقوا أخذت حربتي وخرجت أنظر حمزة حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ما يليق شيئا فوالله إني لأتهيأ له إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى الخزاعي فلما رآه حمزة قال هلم إلي يابن مقطعة البظور ثم ضربه حمزة فوالله لكأن ما أخطأ رأسه ما رأيت شيئا قط كان أسرع من سقوط رأسه فهززت حربتي حتى إذا رضيت عنها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت بين رجليه فوقع فذهب لينوء فغلب فتركته وإياها حتى إذا مات قمت إليه فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي حاجة بغيره فلما افتتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة هربت إلى الطائف فلما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت علي الأرض بما رحبت وقلت ألحق بالشام أو اليمن أو بعض البلاد فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال رجل والله إن يقتل محمد أحدا دخل في دينه فخرجت حتى قدمت المدينة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’وحشي’’؟ قلت: نعم قال: ’’اجلس فحدثني كيف قتلت حمزة’’ فحدثته كما أحدثكما فقال: ’’ويحك! غيب عني وجهك فلا أرينك’’ فكنت أتنكب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان حتى قبض.
فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة، خرجت معهم بحربتي التي قتلت بها حمزة فلما التقى الناس نظرت إلى مسيلمة وفي يده السيف فوالله ما أعرفه وإذا رجل من الأنصار يريده من ناحية أخرى فكلانا يتهيأ له حتى إذا أمكنني دفعت عليه حربتي فوقعت فيه وشد الأنصاري عليه فضربه بالسيف فربك أعلم أينا قتله فإن أنا قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقتلت شر الناس.
وبه، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رجلا يقول قتله العبد الأسود يعني مسيلمة.
أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أنس قال: لما كان يوم أحد وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حمزة وقد جدع ومثل به فقال: ’’لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى يحشره الله من بطون السباع والطير’’. وكفن في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه وإذا خمرت رجلاه بدا رأسه ولم يصل على أحد من الشهداء وقال: ’’أنا شهيد عليكم’’ وكان يجمع الثلاثة في قبر والاثنين فيسأل أيهما أكثر قرآنا فيقدمه في اللحد وكفن الرجلين والثلاثة في ثوب.
ابن عون، عن عمير بن إسحاق، عن سعد بن أبي وقاص قال كان حمزة يقاتل يوم أحد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسيفين ويقول أنا أسد الله.
رواه يونس بن بكير، عن بن عون، عن عمير مرسلا وزاد فعثر فصرع مستلقيا وانكشفت الدرع، عن بطنه فزرقه العبد الحبشي فبقره.
عبد العزيز بن الماجشون: عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو الضمري قال خرجت مع ابن الخيار إلى الشام فسألنا، عن وحشي فقيل هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت فجئنا فسلمنا ووقفنا يسيرا وكان ابن الخيار معتجرا بعمامته ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه فقال يا وحشي! تعرفني؟ قال لا والله إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص فولدت غلاما بمكة فاسترضعته فحملته مع أمه فناولتها إياه لكأني أنظر إلى قدميك قال فكشف عبيد الله، عن وجهه ثم قال إلا تخبرنا، عن قتل حمزة قال نعم إنه قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر فقال لي مولاي جبير إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر فلما خرج الناس، عن عينين - وعينون جبل تحت أحد بينه وبين أحد واد - قال سباع هل من مبارز؟ فقال حمزة يابن مقطعة البظور! تحاد الله ورسوله؟ ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب. فكمنت لحمزة تحت صخرة حتى مر علي فرميته في ثنته حتى خرجت الحربة من وركه.
إلى أن قال: فكنت بالطائف فبعثوا رسلا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل إنه لا يهيج الرسل. فخرجت معهم فلما رآني قال: ’’أنت وحشي’’؟ قلت: نعم. قال: ’’الذي قتل حمزة’’؟ قلت: نعم. قد كان الأمر الذي بلغك. قال: ’’ما تستطيع أن تغيب عني وجهك’’ قال فرجعت.
فلما توفي، وخرج مسيلمة قلت: لأخرجن إليه لعلي أقتله فأكافي به حمزة فخرجت مع الناس وكان من أمرهم ما كان فإذا رجل قائم في ثملة جدار كأنه جمل أورق ثائر رأسه فأرميه بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.
قال سليمان بن يسار: فسمعت بن عمر يقول: قالت جارية على ظهر بيت: أمير المؤمنين قتله العبد الأسود.
قال موسى بن عقبة: ثم انتشر المسلمون يبتغون قتلاهم فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثلوا به إلا حنظلة بن أبي عامر وكان أبوه أبو عامر مع المشركين فترك لأجله وزعموا أن أباه وقف عليه قتيلا فدفع صدره برجله ثم قال دينان قد أصبتهما قد تقدمت إليك في مصرعك هذا يا دنيس ولعمر الله إن كنت لواصلا للرحم برا بالوالد.
ووجدوا حمزة قد بقر بطنه واحتمل وحشي كبده إلى هند في نذر نذرته حين قتل أباها
يوم بدر فدفن في نمرة كانت عليه إذا رفعت إلى رأسه بدت قدماه فغطوا قدميه بشيء من الشجر.
ابن إسحاق: حدثني بريدة، عن محمد بن كعب القرظي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم فلما رأى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما به من الجزع قالوا لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد فأنزل الله: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}، إلى آخر السورة فعفا رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن بن عباس قال لما قتل حمزة أقبلت صفية أخته فلقيت عليا والزبير فأرياها أنهما لا يدريان فجاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’فإني أخاف على عقلها’’ فوضع يده على صدرها ودعا لها فاسترجعت وبكت ثم جاء فقام عليه وقد مثل به فقال: ’’لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع’’ ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم بسبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة ثم يجاء بسبعة فيكبر عليهم سبعا حتى فرغ منهم.
يزيد ليس بحجة وقول جابر لم يصل عليهم أصح.
وفي الصحيحين من حديث عقبة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على قتلى أحد صلاته على الميت فهذا كان قبل موته بأيام.
ويروى من حديث بن عباس وأبي هريرة قوله عليه السلام: ’’لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين منهم’’ فنزلت {وإن عاقبتم} الآية.
عبدان، أخبرنا عيسى بن عبيد الكندي، حدثني ربيع بن أنس، حدثني أبو العالية، عن أبي بن كعب أنه أصيب من الأنصار يوم أحد سبعون. قال فمثلوا بقتلاهم فقالت الأنصار لئن أصبنا منهم يوما من الدهر لنربين عليهم فلما كان يوم فتح مكة نادى رجل لا يعرف لا قريش بعد اليوم! مرتين فأنزل الله على نبيه {وإن عاقبتم} الآية. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’كفوا، عن القوم’’.
يونس بن بكير، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال جاءت صفية يوم أحد معها ثوبان لحمزة فلما رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كره أن ترى حمزة على حاله فبعث إليها الزبير يحبسها وأخذ الثوبين وكان إلى جنب حمزة قتيل من الأنصار فكرهوا أن يتخيروا لحمزة فقال: ’’أسهموا بينهما فأيهما طار له أجود الثوبين فهو له’’ فأسهموا بينهما فكفن حمزة في ثوب والأنصاري في ثوب.
ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن بن عباس قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أننا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عند الحرب ولا يزهدوا في الجهاد قال الله: أنا أبلغهم عنكم’’. فأنزلت {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا}.
ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا ذكر أصحاب أحد: ’’أما والله لوددت أني غودرت مع أصحاب فحص الجبل’’. يقول قتلت معهم.
وجاء بإسناد فيه ضعف، عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى حمزة قتيلا بكى فلما رأى ما مثل به شهق.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 3- ص: 111

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم عم النبي صلى الله عليه وسلم. وكان يقال له أسد الله، وأسد رسوله، يكنى أبا عمارة وأبا يعلى أيضا بابنيه عمارة ويعلى.
أسلم في السنة الثانية من المبعث، وقيل: بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم في السنة السادسة من مبعثه صلى الله عليه وسلم، كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، وهذا لا يصح عندي، لأن الحديث الثابت أن حمزة، وعبد الله بن عبد الأسد، أرضعتهما ثويبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن تكون أرضعتهما في زمانين.
وذكر البكائي، عن ابن إسحاق، قال: كان حمزة أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين. وقال المدائني: أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع حمزة بن عبد المطلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف البحر من أرض جهينة، وخالفة ابن إسحاق فجعلها لعبيدة بن الحارث قال ابن إسحاق: وبعض الناس يزعمون أن راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وكان حمزة أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة ولم تدرك الإسلام، فما أسلم من أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حمزة والعباس.
واختلف في أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل عشرة.
وقيل اثنا عشر، ومن جعلهم اثني عشر جعل عبد الله أباه ثالث عشر من بني عبد المطلب، وقال: هم أبو طالب، واسمه عبد مناف، والحارث، وكان أكبر ولد عبد المطلب. والزبير، وعبد الكعبة. وحمزة. والعباس، والمقوم.
وحجل، واسمه المغيرة. وضرار. وقثم، وأبو لهب وأسمه عبد العزى.
والغيداق، فهؤلاء اثنا عشر رجلا، كلهم بنو عبد المطلب، وعبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم ثالث عشر، هكذا ذكرهم جماعة من أهل العلم بالنسب، ومنهم ابن كيسان وغيره.
ومن جعلهم عشرة أسقط عبد الكعبة، وقال: هو المقوم، وجعل الغيداق وحجلا واحدا. ومن جعلهم تسعة أسقط قثم، ولم يختلفوا أنه لم يسلم منهم إلا حمزة والعباس.
قال أبو عمر: للزبير بن عبد المطلب ابن يسمى حجلا، وقد قال: بعضهم: إن اسمه المغيرة أيضا، وأما أبو لهب وأبو طالب فأدركا الإسلام ولم يسلما. وكان عبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة، وأم حكيم، وأمية، وأروى، وبرة، وعاتكة بنات عبد المطلب لأب وأم، أمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
وكان حمزة وصفية والمقوم وحجل لأب وأم، أمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة.
وكان العباس وضرار وقثم لأب وأم، أمهم نتيلة بنت جناب، بن كليب، من النمر بن قاسط. وقيل: بل هي نتيلة بنت جندب بن عمرو ابن عامر، من النمر بن قاسط. وأم الحارث صفية بنت جنيدب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، لا شقيق له منهم.
وقيل: أم الحارث سمراء بنت جنيدب بن جندب بن حرثان بن سواءة ابن عامر بن صعصعة. وأم أبي لهب لبى بنت هاجر، من خزاعة.
شهد حمزة، بدرا، وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا، قيل: إنه قتل عتبة ابن ربيعة مبارزة يوم بدر، كذا قال موسى بن عقبة. وقيل: بل قتل شيبة ابن ربيعة مبارزة، قاله ابن إسحاق وغيره، وقتل يومئذ طعيمة بن عدي أخا المطعم بن عدي، وقتل يومئذ أيضا سباعا الخزاعي. وقيل: بل قتله يوم أحد قبل أن يقتل، وشهد أحدا بعد بدر، فقتل يومئذ شهيدا، قتله وحشي ابن حرب الحبشي، مولى جبير بن عدي على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة، وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنه، ودفن هو وابن أخته عبد الله ابن جحش في قبر واحد.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: حمزة سيد الشهداء. وروى خير الشهداء، ولولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر في بطون الطير والسباع، وكان قد مثل به وبأصحابه يومئذ. قال ابن جريج: مثل الكفار يوم أحد بقتلى المسلمين كلهم إلا حنظلة ابن الراهب، لأن أبا عامر الراهب كان يومئذ مع أبي سفيان، فتركوا حنظلة لذلك.
وقال كثير بن زيد عن المطلب: عن حنطب: لما كان يوم أحد جعلت هند بنت عتبة والنساء معها يجد عن أنوف المسلمين، ويبقرن بطونهم، ويقطعن
الآذان إلا حنظلة، فان أباه كان من المشركين. وبقرت هند عن بطن حمزة فأخرجت كبدة، وجعلت تلوك كبده، ثم لفظته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو دخل بطنها لم تدخل النار. قال: لم يمثل بأحد ما مثل بحمزة، قطعت هند كبده، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، وبقرت بطنه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع بحمزة قال: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم، فأنزل الله عز وجل: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. واصبر وما صبرك إلا بالله}.. الآية. قال معمر عن قتادة: مثل بالمسلمين يوم أحد فأنزل الله تعالى: {وإن عاقبتم}. {ولئن صبرتم}. ثم قال: {واصبر وما صبرك إلا بالله}.
حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان، حدثنا محمد بن محمد بن بدر، حدثنا الحسن بن حماد سجادة، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن ابن عوف، عن عمير بن إسحاق، قال: كان حمزة يقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بسيفين، فقال قائل: أي أسد! فبينا هو كذلك إذ عثر عثرة فوقع منها على ظهره، فانكشف الدرع عن بطنه، فطعنه وحشي الحبشي بحربة. أو قال برمح، فأنفذه.
وروى عبد الله بن نمير، عن أبي حماد الحنفي، عن عبد الله بن محمد عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: لما رأى النبي صلى الله عليه حمزة قتيلا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق.
وروى صالح المري، عن سليمان التميمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة، وقد قتل ومثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه، فقال: رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولا للرحم، فعولا للخيرات، فو الله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلن بسبعين منهم. قال: فما برح حتى نزلت: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نصبر، وكفر عن يمينه. وذكر الواقدي قال: لم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكن حمزة لا بواكي له إلى اليوم- إلا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت ميتها. وأنشد أبو زيد عن عمر بن شبه لكعب بن مالك يرثي حمزة- وقال ابن إسحاق هي لعبد الله بن رواحة:

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 369

حمزة بن عبد المطلب. أسد الله وأسد رسوله وعمه. رضي الله عنه. ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة. وكان يكنى أبا عمارة. وكان له من الولد يعلى وكان يكنى به حمزة أبا يعلى. وعامر درج. وأمهما بنت الملة بن مالك بن عباده بن حجر ابن فائد بن الحارث بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف من الأنصار. من الأوس. وعمارة بن حمزة. وقد كان يكنى به أيضا. وأمه خولة بنت قيس ابن قهد الأنصارية من بني ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وأمامة بنت حمزة وأمها سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس الخثعمية. وأمامة التي اختصم فيها علي وجعفر وزيد بن حارثة. وأراد كل واحد منهم أن تكون عنده فقضى بها رسول الله ص. لجعفر من أجل أن خالتها أسماء بنت عميس كانت عنده. وزوجها رسول الله ص. سلمة بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي. وقال: [هل جزيت سلمة فهلك قبل أن يجمعها إليه.] وقد كان ليعلى بن حمزة أولاد. عمارة والفضل والزبير وعقيل ومحمد. درجوا فلم يبق لحمزة بن عبد المطلب ولد ولا عقب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب.
قال: سمعت محمد بن كعب القرظي. قال: نال أبو جهل وعدي بن الحمراء وابن الأصداء من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما وشتموه وآذوه. فبلغ ذلك حمزة بن عبد المطلب.
فدخل المسجد مغضبا فضرب رأس أبي جهل بالقوس ضربة أوضحت في رأسه. وأسلم حمزة فعز به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون وذلك بعد دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار أرقم في السنة السادسة من النبوة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: أخبرنا محمد بن صالح عن عمران بن مناح. قال: لما هاجر حمزة بن عبد المطلب إلى المدينة نزل على كلثوم بن الهدم.
قال محمد بن صالح. وقال عاصم بن عمر بن قتادة: نزل على سعد بن خيثمة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر قال: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة. وإليه أوصى حمزة بن عبد المطلب يوم أحد حين حضر القتال.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني شعيب بن عبادة عن يزيد بن رومان قال: أول لواء عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة لحمزة بن عبد المطلب. بعثه سرية في ثلاثين راكبا حتى بلغوا قريبا من سيف البحر. يعترض لعير قريش وهي منحدرة إلى مكة قد جاءت من الشام وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب.
فانصرف ولم يكن بينهم قتال.
قال محمد بن عمر. وهو الخبر المجمع عليه عندنا. إن أول لواء عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمزة بن عبد المطلب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه. قال: كان حمزة معلما يوم بدر بريشة نعامة. قال محمد بن عمر: وحمل حمزة لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني قينقاع ولم يكن الرايات يومئذ.
وقتل. رحمه الله. يوم أحد على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة وهو يومئذ ابن تسع وخمسين سنة. كان أسن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع سنين. وكان رجلا ليس بالطويل ولا بالقصير. قتله وحشي بن حرب وشق بطنه. وأخذ كبده فجاء بها إلى هند بنت عتبة بن ربيعة. فمضغتها. ثم لفظتها. ثم جاءت فمثلت بحمزة. وجعلت من ذلك مسكتين ومعضدين وخدمتين حتى قدمت بذلك وبكبده مكة.
وكفن حمزة في بردة. فجعلوا إذا خمروا بها رأسه بدت قدماه. وإذا خمروا بها رجليه تنكشف عن وجهه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غطوا وجهه. وجعل على رجليه الحرمل.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح. قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أن حمزة بن عبد المطلب كفن في ثوب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. حدثني عمر بن عثمان الجحشي عن آبائه. قالوا: دفن حمزة بن عبد المطلب وعبد الله بن جحش في قبر واحد. وحمزة خال عبد الله بن جحش.
[قال: قال محمد بن عمر: ونزل في قبر حمزة أبو بكر وعمر وعلي والزبير.
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على حفرته. وقال رسول الله. ص: رأيت الملائكة تغسل حمزة لأنه كان جنبا ذلك اليوم. وكان حمزة أول من صلى رسول الله عليه ذلك اليوم من الشهداء. وكبر عليه أربعا. ثم جمع إليه الشهداء فكلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهيد. حتى صلى عليه سبعين مرة].
[وسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البكاء في بني عبد الأشهل على قتلاهم. فقال رسول الله. ص: لكن حمزة لا بواكي له. فسمع ذلك سعد بن معاذ فرجع إلى نساء بني عبد الأشهل فساقهن إلى باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكين على حمزة. فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا لهن وردهن. فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك إلى اليوم على ميت إلا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها].
قال: أخبرنا شهاب بن عباد العبدي. قال: أخبرنا عبد الجبار بن ورد عن الزبير عن جابر بن عبد الله. قال: لما أراد معاوية أن يجري عينه التي بأحد كتبوا إليه: إنا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء. قال فكتب: انبشوهم. قال: فرأيتهم يحملون على أعناق الرجال كأنهم قوم نيام. وأصابت المسحاة طرف رجل حمزة بن عبد المطلب فانبعثت دما.
[قال: أخبرنا سفيان بن عيينة وإسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن علي بن زيد بن جدعان. عن سعيد بن المسيب قال: قال علي لرسول الله. ص: ألا تتزوج ابنة عمك ابنة حمزة فإنها. قال سفيان. أجمل. وقال إسماعيل: أحسن فتاة في قريش.
فقال: يا علي أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة وأن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب؟].
قال: أخبرنا عبد الله بن نمير ومحمد بن عبيد. قالا: أخبرنا الأعمش عن سعد ابن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: قلت: يا رسول الله ما لي أراك تتوق في نساء قريش وتدعنا؟ قال: عندك شيء؟ قال قلت: نعم ابنة حمزة. قال: تلك ابنة أخي من الرضاعة.
[قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري. قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. عن جابر بن يزيد. عن ابن عباس قال: أريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنة حمزة فقال: إنها ابنة أخي من الرضاعة وإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب].
[قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل. قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار أن حمزة بن عبد المطلب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يريه جبريل في صورته. فقال: إنك لا تستطيع أن تراه. قال: بلى. قال: فاقعد مكانك. قال: فنزل جبريل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت فقال: ارفع طرفك فانظر. فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر فخر مغشيا عليه].
[قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق. عن حارثة بن مضرب. عن علي قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: يا علي ناد لي حمزة. وكان أقربهم إلى المشركين].
قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة وإسحاق بن يوسف الأزرق عن ابن عون. عن عمير بن إسحاق. قال: كان حمزة بن عبد المطلب يقاتل بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد بسيفين. ويقول: أنا أسد الله. وجعل يقبل ويدبر. قال: فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة فوقع على ظهره. وبصر به الأسود. قال أبو أسامة: فزرقه بحربة فقتله. وقال إسحاق بن يوسف: فطعنه الحبشي بحربة أو رمح فبقره.
[قال: أخبرنا هوذة بن خليفة. قال: أخبرنا عوف عن محمد. قال: بلغني أن هند بنت عتبة بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد وكانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده. قال: فلما كان حيث أصيب حمزة. ومثلوا بالقتلى وجاؤوا بحزة من كبد حمزة فأخذتها تمضغها لتأكلها فلم تستطع أن تبتلعها.
فلفظتها. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا. ثم قال محمد: وهذه شدائد على هند المسكينة].
[قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: أخبرنا حماد بن سلمة. قال: أخبرنا عطاء ابن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال: قال أبو سفيان يوم أحد: قد كانت في القوم مثلة وإن كانت لعن غير ملإ مني. ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت.
ساءني ولا سرني. قال: ونظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع هند أن تأكلها. فقال رسول الله. ص: أكلت منها شيئا؟ قالوا: لا. قال: ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار].
[قال: أخبرنا خالد بن مخلد. قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز. قال: حدثني الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد: من رأى مقتل حمزة؟ فقال رجل: أعزك الله. أنا رأيت مقتله. قال: فانطلق فأرناه. فخرج حتى وقف على حمزة. فرآه قد شق بطنه. وقد مثل به.
فقال: يا رسول الله مثل به والله. فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينظر إليه. ووقف بين ظهراني القتلى فقال: أنا شهيد على هؤلاء. لفوهم في دمائهم فإنه ليس من جريح يجرح في الله إلا جاء جرحه يوم القيامة يدمي. لونه لون الدم. وريحه ريح المسك.
قدموا أكثرهم قرآنا فاجعلوه في اللحد].
[قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي. قال: أخبرنا صالح المري. قال: أخبرنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي. عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف على حمزة بن عبد المطلب حيث استشهد. فنظر إلى منظر لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه. ونظر إليه قد مثل به فقال: رحمة الله عليك. فإنك كنت. ما علمت. وصولا للرحم فعولا للخيرات. ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى. أما والله علي ذلك لأمثلن بسبعين منهم مكانك! فنزل جبريل. ع. والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف بخواتيم النحل: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} النحل: 126. إلى آخر الآية. فكفر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه وأمسك عن الذي أراد. وصبر].
[قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن يزيد. عن مقسم. عن ابن عباس. قال: لما قتل حمزة يوم أحد أقبلت صفية تطلبه لا تدري ما صنع. قال: فلقيت عليا والزبير. فقال علي للزبير: اذكر لأمك. قال الزبير:
لا بل اذكر أنت لعمتك. قالت: ما فعل حمزة؟ قال: فأرياها أنهما لا يدريان. قال:
فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أخاف على عقلها. قال: فوضع يده على صدرها ودعا لها فاسترجعت وبكت. ثم جاء فقام عليه وقد مثل به. فقال: لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع. قال: ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم. قال: فيضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبعا ثم يرفعون ويترك حمزة.
ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم حتى فرغ منهم.] [قال: أخبرنا روح بن عبادة وعثمان بن عمر وزيد بن الحباب عن أسامة بن زيد.
عن الزهري. عن أنس بن مالك. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بعمه حمزة يوم أحد وقد جدع ومثل به. فقال: لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية. حتى يحشر من بطون الطير والسباع. قال: فكفن في نمرة إذا خمر برأسه بدت رجلاه.
وإذا مدت على رجليه بدا رأسه. قال: وقلت الثياب وكثرت القتلى. فكفن الرجل والرجلان والثلاثة في ثوب واحد. وكان يجمع الثلاثة والاثنين في قبر ثم يسأل أيهم أكثر قرآنا فيقدمه في اللحد].
قال: أخبرنا وكيع وعبد الله بن نمير عن هاشم بن عروة عن أبيه: أن حمزة بن عبد المطلب كفن في ثوب واحد.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: أخبرنا شريك عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم. قال: قال خباب: كفن حمزة في بردة. إذا غطي رأسه خرجت رجلاه وإذا غطيت رجلاه خرج رأسه. فغطي رأسه وجعل على رجليه إذخر.
قال: أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب. قال: أخبرنا محمد بن صالح عن يزيد بن زيد. عن أبي أسيد الساعدي. قال: أنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبر حمزة. فجعلوا يجرون النمرة فتنكشف قدماه ويجرونها على قدميه فينكشف وجهه.
[فقال رسول الله. ص: اجعلوها على وجهه واجعلوا على قدميه من هذا الشجر.
قال: فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه فإذا أصحابه يبكون. فقال: ما يبكيكم؟ قيل: يا رسول الله لا نجد لعمك اليوم ثوبا واحدا يسعه. فقال: إنه يأتي على الناس زمان يخرجون إلى الأرياف فيصيبون فيها مطعما وملبسا ومركبا. أو قال: مراكب.
فيكتبون إلى أهلهم: هلموا إلينا فإنكم بأرض جردية. والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة].
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي. قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة. قال: أخبرنا هشام بن عروة. قال: أقبلت صفية بنت عبد المطلب ومعها ثوبان تريد أن تكفن أخاها حمزة بن عبد المطلب فيهما. قال: [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير بن العوام وهي أمه وهو ابنها: عليك المرأة. قال فاستقبلها ليردها. قالت: هكذا لا أرض لك ولا أم لك. فانتهت إليه فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار صريع فكفن حمزة في أوسع الثوبين وكفن الأنصاري في الآخر].
[قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري. قال حدثني أشعث قال: سئل الحسن أيغسل الشهداء؟ قال: نعم. قال وقال رسول الله. ص: لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة].
قال: أخبرنا وكيع والفضل بن دكين عن شريك عن حصين عن أبي مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قتلى أحد عشرة عشرة. يصلي على حمزة مع كل عشرة.
قال: أخبرنا محمد بن الفضيل بن غزوان عن يزيد بن أبي زياد. عن عبد الله بن الحارث. قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمزة فكبر عليه تسعا. ثم جيء بأخرى فكبر عليها سبعا. ثم جيء بأخرى فكبر عليها خمسا. حتى فرغ من جميعهم غير أنه وتر.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال أخبرنا حماد بن سلمة. قال أخبرنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال: وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمزة فصلى عليه وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه. فرفع الأنصاري وترك حمزة.
ثم جيء بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه. فرفع الأنصاري وترك حمزة. حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي. قال أخبرنا همام عن عطاء بن السائب عن الشعبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على حمزة بن عبد المطلب ثم جيء برجل فوضع فصلى عليهما جميعا. ثم رفع الرجل وجيء بآخر. فما زال يفعل ذلك حتى صلى يومئذ على حمزة سبعين صلاة.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال أخبرنا أبو الأحوص. قال أخبرنا سعيد بن مسروق عن أبي الضحى. قال في قول الله جل ثناؤه: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} آل عمران: 169. قال: نزلت في قتلى أحد. ونزل فيهم: {ويتخذ منكم شهداء} آل عمران: 140. قال: قتل يومئذ سبعون من المسلمين أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب.
ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار. والشماس بن عثمان المخزومي. وعبد الله بن جحش الأسدي. وسائرهم من الأنصار.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس ابن عباد قال: سمعت أبا ذر يقسم أنزلت هذه الآيات: {هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا} الحج: 19. إلى قوله: {إن الله يفعل ما يريد} الحج: 14. في هؤلاء الرهط الستة يوم بدر: حمزة بن عبد المطلب. وعلي بن أبي طالب. وعبيدة بن الحارث. وعتبة بن ربيعة. وشيبة بن ربيعة. والوليد بن عتبة.
[قال: أخبرنا عثمان بن عمر وعبيد الله بن موسى وروح بن عبادة قالوا: أخبرنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر قال: لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحد سمع نساء بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهن. فقال: لكن حمزة لا بواكي له. قال فاجتمع نساء الأنصار عنده فبكين على حمزة ورقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستيقظ وهن يبكين فقال: يا ويحهن إنهن هاهنا حتى الآن. مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم].
[قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي قال: أخبرنا زهير بن محمد. وأخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي جميعا عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار: أن رسول الله ص. مر على نساء بني عبد الأشهل لما فرغ من أحد فسمعهن يبكين على من استشهد منهم بأحد. فقال رسول الله. ص: لكن حمزة لا بواكي له. فسمعها سعد ابن معاذ. فذهب إلى نساء بني عبد الأشهل فأمرهن أن يذهبن إلى باب رسول الله ص. فيبكين على حمزة. فذهبن فبكين فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكاءهن. فقال: من هؤلاء؟ فقيل: نساء الأنصار. فخرج إليهن فقال: ارجعن. لا بكاء بعد اليوم].
[وقال عبد الملك بن عمرو في حديثه عن زهير بن محمد: وقال بارك الله عليكن وعلى أولادكن وعلى أولادكن. وقال عبد الله بن مسلمة في حديثه عن عبد العزيز ابن محمد: رحمكن الله ورحم أولادكن وأولاد أولادكن.]
[قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا محمد بن عمرو قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف من أحد. وبنو عبد الأشهل نساؤهم يبكين على قتلاهم. فقال رسول الله. ص: لكن حمزة لا بواكي له. فبلغ ذلك سعد بن معاذ. فساق نساءه حتى جاء بهن إلى باب المسجد يبكين على حمزة. قالت عائشة: فخرجنا إليهن نبكي معهن. فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نبكي ثم استيقظ فصلى صلاة العشاء الآخرة. ثم نام ونحن نبكي. ثم استيقظ فسمع الصوت فقال: ألا أراهن هاهنا إلى الآن؟ قولوا لهن فليرجعن. ثم دعا لهن ولأزواجهن ولأولادهن. ثم أصبح فنهى عن البكاء كأشد ما نهى عن شيء].
[قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال: قال أخبرنا محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر قال: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحد. فمر على بني عبد الأشهل. ونساء الأنصار يبكين على هلكاهن يندبنهم. فقال رسول الله. ص: لكن حمزة لا بواكي له. قال فدخل رجال من الأنصار على نسائهم فقالوا: حولن بكاءكن وندبكن على حمزة. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطال قيامه يستمع. ثم انصرف فقام على المنبر من الغد فنهى عن النياحة كأشد ما نهى عن شيء قط. وقال: كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة].
[قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: أخبرنا حكيم بن سلمان قال: سمعت محارب ابن دثار يذكر. قال: لما قتل حمزة بن عبد المطلب جعل الناس يبكون على قتلاهم.
فقال النبي. ص: لكن حمزة لا بواكي له. قال فسمعت ذلك الأنصار فأمروا نساءهم فبكين عليه. فجاءت امرأة واضعة يدها على رأسها ترن. فقال رسول الله ص: فعلت فعل الشيطان حين أهبط إلى الأرض وضع يده على رأسه يرن. وإنه ليس منا من حلق ولا من خرق ولا من سلق].
[قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا زياد بن المنذر عن أبي جعفر قال: كانت فاطمة تأتي قبر حمزة ترمه وتصلحه.]

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 3- ص: 5

حمزة الشهيد عم النبي صلى الله عليه وسلم

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 20

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كنيته أبو يعلى قتله وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم يوم أحد في شهر شوال سنة ثلاث تقدم ذكر كيف قتل يوم أحد وكان أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وأمه حمزة هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

حمزة بن عبد المطلب يكنى أبا عمارة
ويقال أبو يعلى قتل يوم أحد

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
حدثنا عبد الله بن أحمد بن سعيد الثوري، نا محمد بن خلاد الباهلي، نا سلم بن عياض بن منقذ بن سلم بن مالك الغنوي قال: حدثني منقذٌ، عن أبيه سلم، عن أبيه مالك وكانت أم مالك ابنة أبي مرثد الغنوي كنانيةً وكان حليف حمزة بن عبد المطلب فحدث أبو مرثد، عن حمزة بن عبد المطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء «أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي، أبو يعلى، وأبو عمارة:
عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاع، أسد الإسلام، ويقال أسد الله وأسد رسوله. أسلم في الثانية من المبعث، وقيل في السادسة، وعز رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وانكف عنه بعض الأذى، ثم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة، وهي أول سراياه في قول المدائنى، وشهد بدرا، وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا، وقتل بعض رءوس قريش، وشهد أحدا وقاتل فيها بسيفين، ثم استشهد رضي الله عنه بحربة رمى بها استغفالا، رماه بها وحشى بن حرب مولى جبير بن مطعم؛ لأنه كان قتل عمه طعيمة بن عدي يوم بدر، وبقرت هند بنت عتبة بن ربيعة بطنه، وأخرجت كبده ولاكتها، فلم تسغها؛ لأنه كان قتل أباها يوم بدر.
فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قتيلا بكى، فلما رأي ما مثل به شهق.
وفى رواية: فلم ير - يعنى النبي صلى الله عليه وسلم - منظرا كان أوجع لقلبه منه. فقال: «رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولا للرحم، فعولا للخيرات».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حمزة سيد الشهداء». وروي: «خير الشهداء».
ودفن مع ابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد، ورثاه عبد الله بن رواحة، وقيل كعب بن مالك، بأبيات أولها [من الوافر]:

ذكر هذا كله من حال حمزة رضي الله عنه: ابن عبد البر بالمعنى، وابن الأثير، وزاد: كان حمزة يعلم في الحرب بريشة نعامة، وقاتل يوم بدر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين.
وذكر أنه قتل بأحد من المشركين قبل أن يقتل، أحدا وثلاثين نفسا. قال: وكان مقتل حمزة رضي الله عنه، للنصف من شوال سنة ثلاث. وكان عمره رضي الله عنه سبعا وخمسين سنة على قول من يقول: إنه كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعا وخمسين سنة وهذا يقوله من جعل مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحى عشر سنين. انتهى.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 3- ص: 1

حمزة بن عبد المطلب
عم النبي صلى الله عليه وسلم يكنى بأبي عمارة ويقال أبو يعلى سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 3- ص: 1