نصير بن أحمد بن علي المناوي المصري الحمامي المعروف بالنصير الحمامي
ولد سنة 669 ومات في المحرم 708.
في الدرر الكامنة: تعانى نظم الشعر ففاق فيه مع عاميته وكان يرتزق بضمان الحمامات قال أبو حيان: كان أديبا كيس الأخلاق أنشدني لنفسه:
إن الغزال الذي هام الفؤاد به | استأنس اليوم عندي بعد ما نفرا |
أظهرتها ظاهريات وقد ربضت | بها الأسود رآها الظبي فانكسرا |
لي منزل معروفه | ينهل غيثا كالسحب |
أقبل ذا القدر به | وأكرم الجار الجنب |
ومذ لزمت الحمام صرت به | خلا يداري من لا يداريه |
أعرف حر الأسى وبارده | وآخذ الماء من مجاريه |
رب راو عن النبي حديثا | مسندا ثابتا كلاما فصيحا |
قال قال النبي قولا صحيحا | قلت قال النبي قولا صحيحا |
ففهمت الذي أشار إليه | وسمعت الذي رواه صريحا |
قال لي يا أديب أنت فقيه | قلت لا قال حزت ذهنا مليحا |
إن فعلا جعلته أنت قولا | ليس فيه يحتاج منك وضوحا |
فابن منه مضارعا يظهر الخا | في ويبدو الذي كتبت صريحا |
وتراه يبدو لعينيك معتلا | وقد قلت فيه قولا صحيحا |
وهو فعل لم تأته أنت يا شيـ | ـطان فافهم مقالتي تلويحا |
من الرأي عندي أن تواصل خلة | لها كبد حرى وفيض عيون |
تراعي نجوما فيك من حر قلبها | وتبكي بدمعي فارح وحزين |
غدا قلبها صبا عليك وأنت إن | تأخرت أضحت في حياض منون |
رأيت شخصا آكلا كرشة | وهو أخو ذوق وفيه فطن |
وقال ما زلت محبا لها | قلت من الإيمان حب الوطن |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 221
الحمامي المصري الشاعر اسمه نصير.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
الحمامي النصير بفتح النون بن أحمد بن علي المناوي الحمامي، أخبرني الحافظ العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: كان المذكور أديبا بمصر، كيس الأخلاق، يتحرف باكتراء الحمامات وأسن وضعف عن ذلك، وكان يستجدي بالشعر، وكتبت عنه قديما وحديثا، وأنشدني أثير الدين من لفظه، قال: أنشدني النصير المذكور لنفسه:
لا تفه ما حييت إلا بخير | ليكون الجواب خيرا لديكا |
قد سمعت الصدى وذاك جماد | كل شيء تقول رد عليكا |
بان عليها الذل من بعدهم | وزاد حتى كاد أن لا يبين |
فإن تقل أين الذين اغتدوا | يقل صداها لك أين الذين |
سأل الصدى عنه وأصغى للصدى | كيما يجيب فقال مثل مقاله |
ناداه أين ترى محط رحاله | فأجاب أين ترى محط رحاله |
أقول للكأس إذ تبدت | في كف أحوى أغن أحور |
خربت بيتي وبيت غيري | وأصل ذا كعبك المدور |
إن الغزال الذي هام الفؤاد به | استأنس اليوم عندي بعدما نفرا |
أظهرتها ظاهريات وقد ربضت | فيها الأسود رآها الظبي فانكسرا |
قالوا افتضحت بحبه | فأجبت: لي في ذا اعتذار |
من لي بكتمان الهوى | وبخده نم العذار |
ما زال يسقيني زلال رضابه | لما خفيت ضنى وذبت توقدا |
ويظنني حيا رويت بريقه | فإذا دعا قلبي يجاوبه الصدا |
ماذا يضرك لو سمحت بزورة | وشفعتها بمكارم الأخلاق |
وردعت نفسك حين تمنعك اللقا | وتقول هذا آخر العشاق |
لي منزل معروفه | ينهل غيثا كالسحب |
أقبل ذا العذر به | وأكرم الجار الجنب |
رأيت فتى يقول بشط مصر | على درج بدت والبعض غارق |
متى غطى لنا الدرج استقمنا | فقلت نعم وتنصلح الدقائق |
ومذ لزمت الحمام صرت فتى | خلا يداري من لا يداريه |
أعرف حر الأشيا وباردها | وآخذ الماء من مجاريه |
حسن التأتي مما يعين على | رزق الفتى والحظوظ تختلف |
والعبد مذ كان في جزارته | يعرف من أين توكل الكتف |
رأيت شخصا آكل كرشة | وهو أخو ذوق وفيه فطن |
وقال ما زلت محبا لها | قلت من الإيمان حب الوطن |
شاقني للنصير شعر بديع | ولمثلي في الشعر نقد بصير |
ثم لما سمعت باسمك فيه | قلت نعم المولى ونعم النصير |
وكدرت حمامي بغيبتك التي | تكدر من لذاتها صفو مشربي |
فما كان صدر الحوض منشرحا بها | ولا كان قلب الماء فيها بطيب |
من الرأي عندي أن تواصل خلوة | لها كبد حرى وفيض عيون |
تراعي نجوما فيك من حر قلبها | وتبكي بدمعي فارح وحزين |
غدا قلبها صبا عليك وأنت إن | تأخرت أضحى في حياض منون |
يقولون لي عين النصير تألمت | ولازمه في جفنه الحك والأكل |
فقلت أعين الرأس أم عين غيره | فللعلو شيء لا يداوى به السفل |
فقالوا بل العين التي تحت صلبه | فقلت لها التشييف عندي والكحل |
وميل بماء الريق يبتل سفله | فيدخل سهلا غير صعب وينسل |
وأغسلها بالبيض واللبن الذي | علي بتقطيري له يجب الغسل |
فإن شاء وافيت الأديب مداويا | ولم أشتغل عنه وإن كان لي شغل |
أيا من له في الطب علم مباشر | وما كل ذي قول له القول والفعل |
أتيت بطب قد حوى البيع والشرى | يبين لي في ذلك الخرج والدخل |
وإن كان ذا سهلا بطبك إنه | بسقمي صعب ليس هذا به سهل |
فلا عدم المملوك منك مداويا | وما زال للمولى على عبده الفضل |
رغبت في كسب أجر | وفي اغتنام مثوبه |
وهان ما كان فيه | من السراح صعوبه |
ولست في أرض شام | ولست في أرض نوبه |
وبيننا رمي سهم | غلطت بل رجم طوبه |
رحماك يا خير مولى | ففي العتاب عقوبه |
وأنت إن زدت عتبا | يغدو غلامك قوبه |
والعبد ما زال يهوى | لا بل يحب الرطوبه |
تموز فكرك والعبد | فكره فيك طوبه |
في وجهك للجمال والحسن فنون | في طرفك للسحر فتور وفتون |
إني أسلو هواك يا من باتت | عيناه تقول للهوى كن فيكون |
إن عجل النوروز قبل الوفا | عجل للعالم صفع القفا |
فقد كفى من دمعهم ما جرى | وما جرى من نيلهم ما كفى |
إني لأكره في الأنام ثلاثة | ما إن لها في عدها من زائد |
قرب البخيل وجاهلا متعاقلا | لا يستحي وتوددا من حاسد |
ومن البلية والرزية أن ترى | هذي الثلاثة جمعت في واحد |
كنت مثل الغزال والله يكفي | صرت في وجهه إذا جئت كلبا |
ولعمري لا ذنب لي غير أني | تبت لله ظن ذلك ذنبا |
وهو لو جاءني وقد تبت حتى | يبتغي حاجة فلن أتأبى |
وأتى الطبي مرسلا منك فاستغـ | ـربت لما دعوت نفسك كلبا |
ولكم جئت عاديا خلفه تلهث | عدوا للصيد بعدا وقربا |
غير أني نظرت عين صفي الدين | كادت أن تشرب الظبي شربا |
فاترك التوبة التي قد رآها | لك وزرا كما زعمت وذنبا |
واجتهد في رضاه عنك وقرب | كل نأي المدى تنل منه قربا |
فلكم رضت جامحا في تراضيه | وذللت بالسفارة صعبا |
ما اسم ثلاثي يرى واحدا | وقد يعد اثنين مكتوبه |
يظهر لي من بعضه كله | إذ كل حرف منه مقلوبه |
أضف ثمانين إلى ستة | إن شئت لا يعدوك محسوبه |
اطلبه في البر وفي البحر | لا فات حجى مولاي مطلوبه |
يا سالب الألباب من سحره | بمعجز أعجز أسلوبه |
ألغزت اسم وهو حرف وقد | يخفى علينا منك محجوبه |
وهو اسم أنثى مرضع طفلها | غير لبان الناس مشروبه |
مطرد منعكس شكله | سيان في العين ومقلوبه |
أيا من له ذهن لدى الفكر لا يخبو | ومن لم يزل يحنو ومن لم يزل يحبو |
قصدت سراج الدين في ليل فكرة | يكاد جواد العقل في سبلها يكبو |
أرشدني شيئا به يدرك المنى | له قلب صب كم فؤاد به صب |
إذا ركب البيداء يخشى ويتقى | ولم يثنه طعن ولم يثنه ضرب |
بقلب يهد الصخر يوم لقائه | ومن أعجب الأشياء ليس له قلب |
أراك نصير الدين عذبت خاطري | وقد راق لي من لغزك المنهل العذب |
وأثبت قلبا منه ثم نفيته | وأعرفه صبا وهام له قلب |
وأعرف منه أعينا لا يحفها | جفون كعادات الجفون ولا هدب |
ومن وصفه صب كما أنت واصف | صدقت ولولاه لما عرف الحب |
فدونك ما ألغزته لي مبينا | وذلك ما يحتاجه العجم والعرب |
أتى فصل الخريف علي جدا | بأمراض لواعجها شداد |
وأعذر عائدي إن لم يعدني | ورب مريض قوم لا يعاد |
خلائقك الربيع فليس تخشى | خريفا في الجسوم له اعتياد |
ولا والله لم أعلمك إلا | صحيحا والصحيح فما يعاد |
أيها المحسن الذي وهب اللـ | ـه تعالى الحسنى له وزياده |
ضاع ما كان من وصولات وصلي | فتصدق بكتبها لي معاده |
اين تلك الطروس نظما ونثرا | منك تأتي على سبيل الإفاده |
كل طرس يجلى عروسا بدر الـ | ـ قول كم من عقد وكم من قلاده |
كان عيشي إذا أتاني رسول | منك يحيي خلا أمت وداده |
شهد الله ليس لي غير ذكرا | ك وإلا خرست عند الشهاده |
لم يغب عن سواد عيني حبيب | حل من قلبي المشوق سواده |
فكأني ولا أذوق له رز | ءا جرير وذاك عندي سواده |
ذو بيان أدنى بلاغته تنـ | ـ سيك قسا وعصره واياده |
جوهري الألفاظ كم قلد الأجـ | ـ ياد عقدا من نظمه وقلاده |
فعبيد أدنى العبيد لديه | ولبيد عن نظمه ذو بلاده |
ولأزجاله ابن قزمان يعنو | ولتوشيحه يقر عباده |
فات دار الطراز منه خلال | لو بها السعيد تمت سعاده |
يا صديقي الذي غدا راغبا فـ | ـ ي وللأصدقاء في زهاده |
هجروني كأنني مصحف أو | مسجد قد أقيم أو سجاده |
دمت نعم النصير لي ما تغنت | ساجعات على ذرى مياده |
يا أيها المولى السرا | ج وماجدا أعلى مناره |
يا من تجاوز فضله | حد القياس أعلى مناره |
يا من يلوح بوجهه | حسن لناظره نضاره |
يا بدر تم كم عليـ | ـه غدت من الفضلاء داره |
كم في الورى معنى | تثير ولم أقل طورا وتاره |
وإذا مدحناه فما | فيه صفات مستعاره |
لمبشري إن زرتني | بشرى ويحظى بالبشاره |
يا واعدي في السبت هـ | ـ ذا السبت جاء وشن غاره |
متصدقا زرني فذا | يوم التصدق والزياره |
مولاي يا حلو الخلا | ئق والعبارة والإشاره |
ومنمقا في الطرس رو | ضا كاد أن يجري غضاره |
قد كنت يوم السبت ذا | عزم على قصد الزياره |
لو لم تشن علي آ | لامي كفاك الله غاره |
وما اسم ثلاثي به النفع والضرر | له طلعة تغني عن الشمس والقمر |
وليس له وجه وليس له قفا | وليس له سمع وليس له بصر |
يمد لسانا يختشي الرمح بأسه | ويسخر يوم الضرب بالصارم الذكر |
يموت إذا ما قمت تسقيه قاصدا | وأعجب من ذا أن ذاك من الشجر |
أيا سامع الأبيات دونك شرحها | وإلا فنم عنها ونبه لها عمر |
أراك نصير الدين ألغزت في الذي | يعيد لمسك الليل كافورة السحر |
رأى معشر أن يعشقوها ديانة | وتالله لا تبقي عليهم ولا تذر |
وكل على قلب لهم ران اسمها | فمسكنهم منها ومأواهم سقر |
وقد وصفوا الحسناء في بهجة بها | كما وصفوا الحسناء بالشمس والقمر |
ولو لم تكن ما طاب خبز لآكل | ولا لذ ماء في حماك لمن عبر |
أيا من لديه غامض الشعر يكشف | ومن بدره بادي السنا ليس يكسف |
عساك هدى لي إنني اليوم ذاهل | عن الرشد فيما قد أرى متوقف |
أرى اسما له في الخافقين ترفع | أخا يقظة ذكرا ولا يتعفف |
رأيت به الأشياء تبدو وضدها | فكاد لهذا الأمر لا يتكيف |
فعرفه ذو السمع وهو منكر | ونكره ذو اللب وهو معرف |
فجاوب لأحظى بالجواب فإنه | إذا جاوب المولى العبيد يشرف |
إليك نصير الدين مني إجابة | بها أوضح المعنى الخفي وأكشف |
رأيتك قد ألغزت لي في متوج | بتذكاره أسماعنا تتشنف |
ينبه قوما للصلاة ومعشر | عبادتهم أس وكأس وقرقف |
له كرم قد سار عنه وغيرة | وعرف به من غيره ظل يعرف |
حظي تراه وادعا في ضرائر | يزينه تاج وبرد مفوف |
وفي قلبه كيد ولكن صدره | غدا ضيقا مثلي بذلك يوصف |
ومفرد جمعا يرى | بحذف بعض الأحرف |
اسم نعى أكثره | فقال باقيه اكفف |
تراه يعدو مسرعا | في برده المفوف |
لو قلت في من قد نعي | مات لصدقتك في |
وكل باغ كالذي | يبغي رهين التلف |
ألغزت في اسم طائر | في الأرض عنا ما خفي |
يفحص فافحص عنه يا | رب الفنون تعرف |
وهو لعمري في السما | ء يقتفى ويقتفي |
عندنا من غدا بحبك مغرى | وله فيك عشقة وغرام |
موصلي يهوى الملاح إذا ما | جاء صبح اللحى وولى الظلام |
فهو لا ينتهي عن الشيب بالشيـ | ـ ب فماذا تقول يجدي الملام |
لا يسلى منه الفؤاد ندام | عن حبيب ولو تغنى الحمام |
لو تبدى لعينه ابن ثمانيـ | ـ ن غدا وهو عاشق مستهام |
يستبينه من العيون بياض | ومن الألعس الشفاه ابتسام |
قر عينا وطب فديتك نفسا | عنده أنت أنت بدر تمام |
حبذا من بنات فكرك عذرا | ء لها من فتيق مسك ختام |
خلت ميم الروي فاها وقد ضاق | ومن ذاق قال فيه مدام |
ولها من عقود لفظك | حلي لم يجز مثل دره النظام |
أذكرت بالشباب عيشا خليعا | نبت فوديه بعد آس ثمام |
كيف لا كيف لا ولم أر صعبا | قط يأبى إلا وأنت زمام |
وبما فيك من تأت ولطف | أنا شيخ للموصلي غلام |
فهو نعم المولى ونعم النصير الـ | ـ مرتضى أنت صاحبا والسلام |
يا واحدا في عصره بمصره | ومن له حسن السناء والسنا |
تعرف لي اسما فيه ذوق وذكا | حلو المحيا والجنان والجنى |
والحل والعقد له في دسته | ويجلس الصدر وفي الصدر المنى |
إن قيل يوما لذاك كنية | فقل لهم لم يخل ذاك من كنى |
لبيك يا نعم النصير والذي | أدنت به المنية لي كل المنى |
عرفتني الاسم الذي عرفته | وكاد يخفى سره لولا الكنى |
له من الحور الحسان طلعة | تقابل المرآة منها الأحسنا |
وخدنه بعض اسمه طير غدا | أصدق شيء إن بلوت الألسنا |
وهو لسان كله وبعد ذا | تنظره عند الكلام ألكنا |
وفي خوان المجد كان مألفي | عند الصيام رب فاجمع بيننا |
يا من لدفع الردى غدا جنه | ومن له في قبولها المنه |
هدية في الإناء يتبعها | خير نبي وهكذا السنه |
وإذا بدا ظرفها بغلظته | يود فتح الأديب لو أنه |
يا من غدا لي من العدى جنه | ومن بحمامه لنا جنه |
جاء بها الفرد وهو ممتلىء | ملء فؤاد الحماة بالكنه |
وكل ظرف منها بنوه على الـ | ـ فتح فحقق في حبه ظنه |
رب راو عن النبي حديثا | مسندا شافيا كلاما فصيحا |
قال قال النبي قولا صحيحا | قلت قال النبي قولا صحيحا |
وفهمت الذي أشار إليه | وسمعت الذي رواه صريحا |
قال لي يا أديب أنت فقيه | قلت لا قال حزت ذهنا مليحا |
إن فعلا جعلته أنت قولا | ليس فيه يحتاج منك وضوحا |
فابن منه مضارعا يظهر الخا | في ويبد الذي كتبت صريحا |
وتراه يبدو لعينيك معتلـ | ـ ا وقد قلت فيه قولا صحيحا |
وهو فعل لم تأته أنت يا شيـ | ـ طان فافهم مقالتي تلويحا |
حمام الأديب العارف | ما يجري وحال واقف بها |
والعمال رأيتو بطال | والإسكندراني ناشف |
والزبال يعر القوسان | قال والخاتمة يصالف |
والما في المجاري مخزون | والأنبوب معوج تالف |
خذوا من نصير الديه | وإلا انثنينا نتناصف |
أهوى رشا في مهجتي مرتعه | أفديه ربيب |
لا بل قمرا في ناظري مطلعه | لم يدر مغيب |
حقف وهلال وغزال وغصن | إن قام وإن رنا وإن لاح وإن |
والمؤمن كيس كما قيل فطن | قلبي أبدا إلى محياه يحن |
ما أبعده وفي الحشا موضعه | نائي وقريب |
قد راق به شعري لمن يسمعه | إذ كان حبيب |
يا خجلة غصن البان لما خطرا | يا حيرة بدر التم لما سفرا |
يا غيرة ظبي الرمل لما نظرا | يا رخص عوالي فتيق المسك لما نثرا |
من لؤلؤ نثره لمن يجمعه | زاه ورطيب |
ما أسعد ما أعيى في تصنعه | عقدا لتريب |
دعني فحديث العشق إفك ومرا | عندي إفك الزمان والحق أرا |
مدحي لسراج الدين نور الشعرا | والكاتب عند الأمرا والوزرا |
كم فيه فضيلة غدت ترفعه | عن قدر أديب |
الله بما قد حازه ينفعه | والله مجيب |
معنى شعر وفاق مغنى كرما | تلقاه إذا نحوته في العلما |
المفرد في زمانه والعلما | كن ممتثلا مرسومه إن رسما |
فالفضل إليه كله مرجعه | والرأي مصيب |
لولا عمر الفضل عفت أربعه | أو كان غريب |
بالفرع غدت في شفق الخدين | كالبدر يلوح نوره للعين |
لمياء رماها هاجري بالبين | عنته وقد فارقها يومين |
قد غاب ولي يومين ما أقشعه | خلوه يغيب |
لو راح إلى نجد أنا أتبعه | حتى لو أصيب |
البدر على غصن النقا مطلعه | من فوق كثيب |
من طرفي والقلب له موضعه | يبدو ويغيب |
إنسان جفوني ظل في الدمع غريق | والقلب بنار البعد والصد حريق |
من يطفيها من بسكر الرح بريق | والدر بثغر راق لمعا وبريق |
من يمنحه المسواك لا يمنعه | ظمآن كئيب |
أبلاه بما يخفى به موضعه | عن جس طبيب |
من فترة جفنه أثار الفتنا | واستل بها من الجفون الوسنا |
إن ماس وإن أسفر أو عن لنا | كالغصن وكالبدر وكالظبي رنا |
دع وصفي فالحسن له أجمعه | من غير ضريب |
وانظر ملحا أضعاف ما تسمعه | من كل لبيب |
لم أنس وسكري بين كاس ورضاب | من فيه وشكي بين ثغر وحباب |
والليل كما شاب على أثر شباب | والجو لنا رق كما رق عتاب |
لا بل غزل النصير إذ موقعه | من كل لبيب |
كالماء من الظمأن إذ يكرعه | في قيظ أبيب |
شيخ الأدباء شرقها والغرب | من كل عروض يمتطى أو ضرب |
أو وصف مقام لذة أو حرب | كم هز معاطف القنا والقضب |
بالجزل من اللفظ الذي يبدعه | من كل غريب |
قد سلم في الشعر له أشجعه | والشيخ حبيب |
هذا وإذا جدد خلعا لعذار | في وصف رشيق القد أو ذات سوار |
أذكى لك منه الشجر الأخضر نار | كم قد فتنت وجدا به ذات سوار |
ألقته وقالت أنى تراها معه | تأخذ بنصيب |
مني وإذا زوجي أتى نصفعه | لو كان شبيب |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0
نصير بن أحمد بن علي المناوي الحمامي.
كان عاميا إلا في النظم الذي يأتي بسحره، ويدير على الألباب كؤوس خمره، وكان في تلك الحلبة في جيادها المعدودة، وسوابقها التي تذر الرياح الهوج وأنفاسها مكدوده، قعدت معه التورية وجادت، ورأست على كلام غيره وسادت، معانيه بليغة وألفاظه فصيحة، وأبكاره برزت حاسرة ولم تخش فضيحة، وتراكيب كلماته في كل ما يأتي به في غاية الانسجام، ومقاصده مليحة تطوف على النفوس منها بالأنس جام، جاراه فحول عصره وجاراهم، وكتبوا إليه فأجابهم وباراهم وما ماراهم، وربما أربى في اللطف على مجاريه، ولو لم يكن حماميا لما عرف حر الأشياء وباردها وأخذ الماء من مجاريه، كم ألغز فألغى ذكر من تقدم، وأوجز فأوجب أن الذي أداره على الأسماع كأس السلاف المقدم، وأعجز من أعجب السامعين، فقالوا ما غادر هذا الشاعر بعده من متردم، يقول من يسمع مقاطيعه الرائعة، أو يفكر في مقاصده اللائقة:
أحروف لفظ أم كؤوس مدامة | وافت ونشوة سامع أو شارب |
مما يضم السلك في جيد المها | ة الرود، لا ما ضم حبل الحاطب |
تحلو شمائل حسنها مجلوة | كالروض تحت شمائل وجنائب |
لا تفه ما حييت إلا بخير | ليكون الجواب خيرا لديكا |
قد سمعت الصدى وذاك جماد | كل شيء تقول، رد عليكا |
بان عليها الذل من بعدهم | ونراه حتى كاد أن لا يبين |
فإن تقل أين الذين اغتدوا | يقل صداها لك أين الذين |
سأل الصدى عنه وأصغى للصدى | كيما يجيب، فقال مثل مقاله |
ناداه أين ترى محط رحاله | فأجاب أين ترى محط رحاله |
أقول للكزس إذ تبدت | في كف أحوى أغن أحور |
خربت بيتي، وبيت غيري | وأصل ذا كعبك المدور |
إن الغزال الذي هام الفؤاد به | استأنس اليوم عندي بعدما نفرا |
أظهرتها ظاهريات وقد ربضت | فيها الأسود رآها الظبي فانكسرا |
قالوا افتضحت بحبه | فأجبت لي في ذا اعتذار |
من لي بكتمان الهوى | وبخده نم العذار |
لافتضاحي في عوارضه | سبب والناس لوام |
كيف يخفى ما أكابده | والذي أهواه نمام |
ما زال يسقيني زلال رضابه | لما خفيت ضنى وذبت توقدا |
ويظنني حيا، رويت ريقه | فإذا دعا قلبي، يجاوبه الصدى |
ماذا يضرك لو سمحت بزورة | وشفعتها بمكارم الأخلاق |
وردعت نفسك حين تمنعك اللقا | وتقول هذا آخر العشاق |
إني لأكره في الأنام ثلاثة | ما إن لهم في عدها من زائد |
قرب البخيل، وجاهلا متعاقلا | لا يستحي، وتوددا من حاسد |
ومن البلية والرزية أن ترى | هذي الثلاثة جمعت في واحد |
لي منزل معروفه | ينهل غيثا كالسحب |
أقبل ذا العذر به | وأكرم الجار الجنب |
رأيت فتى يقول بشط مصر | على درج بدت والبعض غارق |
متى غطى لنا الدرج استقينا | فقلت: نعم وتنصلح الدقائق |
ومذ لزمت الحمام صرت فتى | خلا يداري من لا يداريه |
أعرف حر الأشيا وباردها | وآخذ الماء من مجاريه |
حسن التأني مما يعين على | رزق الفتى والحظوظ تختلف |
والعبد مذ كان في جزارته | يعرف من أين تؤكل الكتف |
شاقني للنصير شعر بديع | ولمثلي في الشعر نقد بصير |
ثم لما سمعت باسمك فيه | قلت: نعم المولى ونعم المصير |
وكدرت حمامي بغيبتك التي | تكدر من لذاتها صفو مشربي |
فما كان صدر الحوض منشرحا بها | ولا كان قلب الماء فيها بطيب |
من الرأي عندي أن تواصل خلوة | لها كبد حرى وفيض عيون |
تراعي نجوما فيك من حر قلبها | وتبكي بدمع فارح وحزين |
غدا قلبها صبا عليك، وأنت إن | تأخرت أضحى في حياض منون |
يقولون لي عين النصير تألمت | ولازمه في جفنه الحك والأكل |
فقلت: أعين الرأس أم عين غيره | فلعلو شيء لا يداوى به السفل |
فقالوا: به العين التي تحت صلبه | فقلت: لها التشيف عندي والكحل |
وميل بماء الريق يبتل سفله | فيدخل سهلا غير صعب وينسل |
وأغسلها بالبيض واللبن الذي | علي بتقطيري له تجب الغسل |
فإن شاء وافيت الأديب مدانيا | ولم أشتغل عنه وإن كان لي شغل |
أيا من له في الطب علم مباشر | وما كل ذي قول له القول والفعل |
أتيت بطب قد حوى البيع والشرا | تبين لي في ذلك الخرج والدخل |
وإن كان لي بطبك إنه | بسقمي صعب ليس هذا به سهل |
فلا عدم المملوك منك مداويا | وما زال للمولى على عبده الفضل |
رغبت في كسر أجر | وفي اغتنام مثوبه |
وهان ما كان فيه | من السراج صعوبه |
ولست في أرض شام | ولست في أرض نوبه |
وبيننا رمي سهم | غلطت بل رجم طوبه |
رحماك يا خير مولى | ففي العتاب عقوبه |
وأنت إن زدت عتبا | يغدو غلامك قوبه |
والعبد مازال يهوى | لا بل يحب الرطوبه |
تموز فكرك والعبـ | ـد فكره فيك طوبه |
كنت مثل الغزال والله يكفي | صرت في وجهه إذا جئت كلبا |
ولعمري لا ذنب لي غير أني | تبت لله ظن ذلك ذنبا |
وهو لو جاءني وقد تبت حتى | يبتغي حاجة فلن أتأبى |
وأتى الظبي مرسلا منك فاستغـ | ـربت لما دعوت نفسك كلبا |
ولكم جئت عاديا خلفه تلـ | ـهث عدوا للصيد بعدا وقربا |
غير أني نظرت عين صفي الد | ين كادت أن تشرب الظبي شربا |
فاترك التوبة التي قد رآها | لك وزرا كما زعمت وذنبا |
واجتهد في رضاك عنه وقرب | كل نائي المدى تنل منه قربا |
فلكم رضت جامحا في تراضيـ | ـه وذللت بالسفارة صعبا |
ما اسم ثلاثي يرى واحدا | وقد يعد اثنين مكتوبه |
يظهر لي من بعضه كله | إذ كل حرف منه مقلوبه |
أضف ثمانين الى ستة | إن شئت لا يعدوك محسوبه |
اطلبه في البر وفي البحر لا | فات حجى مولى مطلوبه |
يا سالب الألباب عن سحره | بمعجز أعجز أسلوبه |
ألغزت في اسم وهو حرف وقد | يخفى علينا فيك محجوبه |
وهو اسم أنثى مرضع، طفلها | غير لبان الناس مشروبه |
مطرد منعكس شكله | سيان في العين مقلوبه |
أيا من له ذهن لدى الفكر لا يخبو | ومن لم يزل يحنو ولم يزل يحبو |
قصدت سراج الدين في ليل فكرة | يكاد جواد العقل في سيلها يكبو |
ليرشد في شيئا به يدرك المنى | له قلب صب كم فؤاد به صب |
إذا ركب البيدا يخشى ويتقى | ولم يثنه طعن ولم يثنه ضرب |
بقلب يهد الصخر يوم لقائه | ومن أعجب الأشياء ليس له قلب |
أراك نصير الدين عذبت خاطري | وقد راق لي من لغزك المنهل العذب |
وأثبت قلبا منه ثم نفيته | وأعرفه صبا وهام له قلب |
وأعرف منه أعينا لا تحفها | جفون كعادات الجفون ولا هدب |
ومن وصفه صب كما أنت واصف | صدقت ولولاه لما عرف الحب |
فدونك ما ألغزته لي مبينا | وذلك ما يحتاجه العجم والعرب |
أتى فصل الخريف علي جدا | بأمراض لواعجها شداد |
وأعذر عائي إن لم يعدني | ورب مريض قوم لا يعاد |
خلائقك الربيع فليس تخشى | خريفا في الجسوم له اعتياد |
ولا والله لم أعلمه إلا | صحيحا والصحيح فما يعاد |
أيها المحسن الذي وهب الله | تعالى الحسنى له وزياده |
ضاع ما كان من وصولات وصلي | فتصدق بكتبها لي معاده |
أين تلك الطروس نظما ونثرا | منك تأتي على سبيل الإفاده |
كل طرس يحلى عروسا بدر الـ | ـقول كم من عقد وكم من قلاده |
كان عيشي إذا أتاني رسول | منك يحيي خلا أمت وداده |
شهد الله ليس لي غير ذكرا | ك وإلا خرست عند الشهاده |
لم يغب عن سواد عيني حبيب | حل من قلبي المشوق سواده |
فكأني ولا أذوق له رز | ءا جرير وذاك عند سواده |
ذو بيان أدنى بلاغته تنـ | ـسيك قسا وعصره وإياده |
جوهري الألفاظ كم قلد الأجـ | ـياد عقدا من نظمه وقلاده |
فعبيد أدنى العبيد لديه | ولبيد عن نظمه ذو بلاده |
ولأزجاله ابن قزمان يعنو | فلتوشيحه يقر عباده |
فات دار الطراز منه خلال | لوبها للسعيد تمت سعاده |
يا صديقي الذي غدا راغبا فـ | ـي وللأصدقاء في زهاده |
هجروني كأنني مصحف أو | مسجد قد أقيم أو سجاده |
دمت نعم النصير لي ما تغنت | ساجعات على ذرا مياده |
يا أيها المولى السرا | ج وماجدا أعلى مناره |
يا من تجاوز فضله | حد القياس مع العباره |
يا من يلوح بوجهه | حسن لناظره نضاره |
يا بدر تم كم عليـ | ـه غدت من الفضلاء داره |
كم في الورى معنى تنيـ | ـر ولم أقل طورا وتاره |
وإذا مدحناه فما | فيه صفات مستعاره |
لمبشري إن زرتني | بشرى ويحظى بالبشاره |
يا واعدي في السبت هـ | ـذا السبت جاء وشن غاره |
متصدقا زرني فذا | يوم التصدق والزياره |
مولاي يا حول الخلا | ئق والعبارة والإشاره |
ومنمقا في الطرس رو | ضا كاد أن يجري غضاره |
قد كنت يوم السبت ذا | عزم على قصد الزياره |
لو لم تشن علي آ | لامي - كفاك الله - غاره |
وما اسم ثلاثي به النفع والضرر | له طلعة تغني عن الشمس والقمر |
وليس له وجه وليس له قفا | وليس له سمع وليس له بصر |
يمد لسانا يختشي الرمح بأسه | ويسخر يوم الضرب بالصارم الذكر |
يموت إذا ما قمت تسقيه قاصدا | وأعجب من ذا أن ذاك من الشجر |
أيا سامع الأبيات دونك شرحها | وإلا فنم عنها ونبه لها عمر |
أراك نصير الدين ألغزت في الذي | يعيد لمسك الليل كافور في السحر |
رأى معشر أن يعشقوها ديانة | وتالله لا تبقي عليهم ولا تذر |
وكل على قلب لهم ران اسمها | فمسكنهم فيها ومأواهم سقر |
وقد وصفوا الحسناء في لهجة لها | كما وصفوا الحسناء بالشمس والقمر |
ولو لم تكن ما طاب خبز لآكل | ولا لذ ماء في حماك لمن عبر |
أيا من لديه غامض الشعر يكشف | ومن بدره بادي السنا ليس يكسف |
عساك هدى لي إنني اليوم ذاهل | عن الرشد فيما قد أرى متوقف |
أرى اسما له في الخافقين ترفع | أخا يقظة ذكرا ولا يتعفف |
رأيت به الأشياء تبدو وضدها | فكان لهذا الأمرلا يتكيف |
فعرفه ذو السمع وهو منكر | ونكره ذو اللب وهو معرف |
فجاوب لأحظى بالجواب فإنه | إذا جاوب المولى العبيد يشرف |
إليك نصير الدين مني إجابة | بها أوضح المعنى الحفي وأكشف |
رأيتك قد ألغزت لي في متوج | بتذكاره أسماعنا تتشنف |
ينبه قوما للصلاة ومعشرا | عبادتهم آس وكاس وقرقف |
له كرم قد سار عنه وغيرة | وعرف به من غيره ظل يعرف |
حظيا تراه وادعا في ضرائر | يزينه تاج وبرد مفوف |
وفي قلبه كيد ولكن صدره | غدا ضيقا مثلي بذلك يوصف |
ومفرد جمعا يرى | بحذف بعض الأحرف |
اسم نعى أكثره | فقال باقيه أكفف |
تراه يعدو مسرعا | في برده المفوف |
لو قلت فيمن قد نعى | مات لصدقتك في |
وكل باغ كالذي | يبغي رهين التلف |
ألغزت في اسم طائر | في الأرض عنا ما خفي |
يفحص فافحص عنه يا | رب الفنون تعرف |
وهو لعمري في السما | ء يقتفى ويقتفي |
عندنا من غدا بحبك مغرى | وله فيك عشقة وغرام |
موصلي يهوى الملاح إذا ما | جاء صبح اللحى وولى الظلام |
فهو لا ينتهي عن الشيب بالشـ | ـيب فماذا تقول يجدي الملام |
لا تسلي منه الفؤاد مدام | عن حبيب ولو تغنى الحمام |
لو تبدى لعينه ابن ثمانيـ | ـن غدا وهو عاشق مستهام |
يستبيه من العيون بياض | ومن الألعس الشفاه ابتسام |
قر عينا وطب فديتك نفسا | عنده أنت أنت بدر تمام |
حبذا من بنات فكرك عذرا | ء لها من فتيق مسك ختام |
خلت ميم الروي وقد ضا | ق ومن ذاق، قال فيه مدام |
ولها من عقود لفظك حلي | لم يحز مثل دره النظام |
أذكرت بالشباب عيشا خليعا | نبت فوديه بعد آس ثمام |
كيف لا كيف لا ولم أر صعبا | قط يأتي إلا وأنت زمام |
وبما فيك من تأت ولطف | أنا شيخ للموصلي غلام |
فهو نعم المولى ونعم النصير الـ | ـمرتضى أنت صاحبا وإمام |
يا واحدا في عصره بمصره | ومن له حسن الثناء والسنا |
تعرف لي اسما فيه ذوق وذكا | حلو المحيا والجنان والجنى |
والحل والعقد له في دسته | ويجلس الصدر وفي الصدر المنى |
إن قيل يوما: هل لذاك كنية | فقل لهم: لم يخل ذاك من كنا |
لبيك يا نعم النصير والذي | أدنت به المنية لي كل المنى |
عرفتني الاسم الذي عرفته | وكاد يخفى سره لولا الكنى |
له من الحور الحسان طلعة | تقابل المرآة منها الأحسنا |
وخدنه بعض اسمه طير غدا | أصدق شيء إن بلوت الألينا |
وهو لسان كله وبعد ذا | منظره عند الكلام ألكنا |
وفي خوان المجد كان مألفي | عند الصيام رب فاجمع بيننا |
يا من لدفع الردى غدا جنه | ومن له في قبولها المنه |
هدية في الإناء يتبعها | خير نبي وهكذا السنه |
إذا بدا ظرفها بغلطته | يود فتح الأديب لو أنه |
يا من غدا لي من العدا جنه | ومن بحمامه لنا جنه |
جاء بها الفرد وهو ممتلئ | مثل فؤاد الحماة بالكنه |
وكل ظرف منها بنوه على الـ | ـفتح فحقق في حبه ظنه |
رب راو عن النبي حديثا | مسندا شافيا كلاما فصيحا |
قال: قال النبي قولا صحيحا | قلت: قال النبي قولا صحيحا |
وفهمت الذي أشار إليه | وسمعت الذي رواه صريحا |
قال لي: يا أديب أنت فقيه | قلت: لا، قال: حزت ذهنا مليحا |
إن فعلا جعلته أنت قولا | ليس فيه يحتاج منكم وضوحا |
فابن منه مضارعا يظهر الخا | في ويبدو الذي كنيت صريحا |
وتراه يبدو لعينيك معتـ | ـلا وقد قلت فيه قولا صحيحا |
وهو فعل لم تأته أنت يا شيـ | ـطان فافهم مقاتلي تلويحا |
حمام الأديب العارف | ما يجري، وحالو واقف |
بها اسطول وما فيها أسطال | والماء يتزن بالقسطال |
والعمال رأيتو بطال | والاسكندراني ناشف |
وماريت فيها بلان | يسرح لهد بالإحسان |
والزبال يعر القوسان | قال والخاتمه يصالف |
ذي دونه وقيمها دون | مبنية على مئة مجنون |
والماء في المجاري مخزون | والأنبوب معوج تالف |
وتابوت على فسقية قلت | مت بالكلية |
خذوا من نصير الدية | وإلا اثنينا متناسف |
لئن فخرت بالمكرمات بنو مصر | فإنك بين الناس أجدر بالفخر |
فما زلت ذا النادي الندي لقاصد | كثير رماد القدر مرتفع القدر |
ونارك للعافين دائمة اللظى | لها لهب يبدو كألوية حمر |
وبيتك بيت لم يزره مدنس | فيذهب إلا وهو معه على طهر |
وكم سقت ياقوتا إليه وجوهرا | لزينته حتى نسبت الى أمر |
فلا زلت ذا الرمح الطويل تهزه | يمينك عند النقع للبيض والسمر |
وتسلب أسلاب الرجال وإنه | لسلب فتى لم يأت ذاك على عذر |
وكم لك من مشمولة قد عصرتها | معتقة للشرب طيبة النشر |
وكم تائب وفاك يكشف رأسه | فحققت منه أنه جاء عن عذر |
ومشمولة راقت ورقت فأصبحت | على الشرب تزهى حين تهدى الى الكاس |
وما عصرت يوما برجل وكم لها | إذا ما أديرت من صعود الى الراس |
معتقة ما شمست بعد عصرها | لإثم وكم فيها منافع للناس |
نصير بن أحمد بن علي المناوي المصري الحمامي نصير بن أحمد بن علي المناوي المصري الحمامي ولد سنة 669 وتعانى نظم الشعر ففاق فيه مع عاميته وكان يرتزق بضمان الحمامات قال أبو حيان كان أديبا كيس الأخلاق أنشدني لنفسه
إن الغزال الذي هام الفؤاد به | استأنس اليوم عندي بعدما نفرا |
أظهرتها ظاهريات وقد ربضت | بها الأسود رآها الظبي فانكسرا |
لي منزل معروفة | ينهل غيثا كالسحب |
أقبل ذا العذر به | وأكرم الجار الجنب |
ومذ لزمت الحمام صرت في | خلا يداري من لا يداريه |
أعرف حر الأشياء وباردها | وآخذ الماء من مجاريه |
رب راو عن النبي حديثا | مسندا ثابتا كلاما فصيحا |
قال قال النبي قولا صحيحا | قلت قال النبي قولا صحيحا |
ففهمت الذي أشار إليه | وسمعت الذي رواه صريحا |
قال لي يا أديب أنت فقيه | قلت لا قال حزت ذهنا مليحا |
إن فعلا جعلته أنت قولا | ليس فيه يحتاج منك وضوحا |
فابن منه مضارعا يظهر الخا | في ويبدو الذي كتبت صريحا |
وتراه يبدو لعينك مقب | لا وقد قلت فيه قولا صحيحا |
وهو فعل لم تأته أنت يا شي | طان فافهم مقالتي تلويحا |
من الرأي عندي أن تواصل خلوة | لها كبد حرى وفيض عيون |
تراعي نجوما فيك من حر قلبها | وتبكي بدمع قارح وحزين |
غدا قلبها صبا عليك وأنت إن | تأخرت أضحى في حياض منون |